التّحريفات والتّصرّفات في كتب السنّة

السيّد علي الحسيني الميلاني

التّحريفات والتّصرّفات في كتب السنّة

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-271-7
الصفحات: ٢٥
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

١

٢

دليل الكتاب :

مقدّمة المركز................................................................. ٥

تمهيد........................................................................ ٧

أساليب القوم في التحريف..................................................... ٩

نماذج من التحريفات......................................................... ١٥

كلمة الختام................................................................. ٢٣

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المركز :

لا يخفى أنّنا لازلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والافهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة ، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة ، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.

وانطلاقاً من ذلك ، فقد بادر مركز الأبحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني ـ مدّ ظلّه ـ إلى اتّخاذ منهج ينتظم على عدّة محاور بهدف طرح الفكر الإسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن.

ومن هذه المحاور : عقد الندوات العقائديّة المختصّة ، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين ، التي تقوم نوعاً على الموضوعات الهامّة ، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد

٥

والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها ، ثم يخضع ذلك الموضوع ـ بطبيعة الحال ـ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول على أفضل النتائج.

ولأجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الإنترنت العالمية صوتاً وكتابةً.

كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم.

وأخيراً ، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان « سلسلة الندوات العقائدية » بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.

وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.

سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.

مركز الأبحاث العقائدية

فارس الحسّون

٦

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد :

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين.

وبعد ، فإنّي أحمد الله سبحانه وتعالى على أنْ وفّقني لهذه البحوث في هذه الليالي المباركة ، بطلب من « مركز الأبحاث العقائديّة » ، وكانوا قد طلبوا منّي أن أبحث عن الموضوعات التي عيّنوها هم ، وبطلب منهم ، وعلى أن تكون البحوث على أساس الكتاب والسنّة المعتبرة المتّفق عليها بين المسلمين ، ولذا فقد لاحظتم أنّي أثبتُّ حتّى مسألة تفضيل الأئمّة على الأنبياء على أساس أحاديث الفريقين ، وأثبتُ العصمة كما يقول بها أصحابنا على أساس أحاديث الفريقين.

٧

وحاولت أن تكون الادلّة التي أستند إليها من أقدم كتب أهل السنّة وأتقنها ، حتّى في مسائل مظلوميّة الزهراء عليها‌السلام ، لم أعتمد إلاّ على كتبهم وعلى أقدم المصادر الواصلة إلينا من مؤلّفاتهم ومصنّفاتهم ، ونقلنا عنها ما جاء فيها من تلك القضايا ، وما كنّا نتوقّع منهم أن ينقلوا أكثر من هذا فيما يتعلّق بالزهراء عليها‌السلام.

وأمّا ما في كتبنا ، وما في رواياتنا ، وعن أهل البيت فيما يتعلّق بالعصمة ، وما يتعلّق بمظلوميّة الزهراء ، وما يتعلّق بمسائل تفضيل الأئمّة على الأنبياء ، وكذا ما يتعلّق بمسائل الإمامة وغير ذلك من المسائل ، فلا بدّ وأن نعقد مجالس وبحوثاً أُخرى ، لانْ تكون تلك الروايات محور بحوثنا في تلك الجلسات الاُخرى ، إلاّ أنّ الأخوة في هذا المركز طلبوا منّي أن تكون المصادر سنّيّة فقط ولا أنقل شيئاً عن كتب أصحابنا ، وقد لاحظتم أنّي وبحمد الله على التوفيق وفّقت لما كنّا نرمي إليه في هذه المجالس ، وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه المباحث معينة لمن يريد أن يبحث عن هذه القضايا بإنصاف ، وأن تكون مفيدة له في هذا المجال.

٨

أساليب القوم في التحريف

كما لاحظتم في خلال البحوث أنّي تعرّضت ونبّهت على بعض التحريفات الواقعة منهم في نقل الأحاديث ، وفي رواية الأخبار والقضايا والحوادث ، ونبّهت أيضاً على أنّهم ـ أي أهل السنّة ـ حاولوا قدر الإمكان أن يتكتّموا على حقائق القضايا ولا ينقلوا لنا الحوادث كما وقعت ، ومع ذلك فقد عثرنا على ما كنّا نريده من خلال رواياتهم والنظر في أخبارهم وكتبهم ، ثمّ طلبتم أن أذكر موارد أُخرى من التحريفات في هذه اللّيلة ، فأقول :

إنّ للقوم أساليب عديدة في ردّ ما يتعلّق بأهل البيت وبمسائل الإمامة ، وكلّ ما يستدل به الإماميّة في بحوثهم.

فأوّل شيء نراه في كتبهم أنّهم يغفلون الخبر ، ويحاولون التعتيم عليه وعدم نقله وعدم نشره ، ولذا نرى أنّ كثيراً من الأخبار الصحيحة بأسانيدهم غير مخرّجة في الصحيحين ، أو الصحاح

٩

الستّة من كتبهم ، فأوّل محاولة منهم هي إغفال الأخبار الصحيحة التي يستند إليها الشيعة فلا ينقلونها.

ثمّ إذا نقلوا حديثاً يحاولون أن يحرّفوه ، والتحريف يكون على أشكال في كتبهم.

تارة ينقلون الحديث مبتوراً وينقصون منه محلّ الإستدلال ومورد الحاجة ، وتارة يبهمون في ألفاظه ، فيرفعون الاسماء الصريحة ويضعون في مكانها كلمة فلان إبهاماً للأمر.

وتارة يحذفون من الخبر ويضعون في مكان المقدار المحذوف كلمة كذا وكذا.

وتارة نراهم يصحفون الألفاظ.

فإن لم يمكنهم التلاعب بمتنه ، انبروا للطعن في سنده ، وحاولوا تضعيف الحديث أو تكذيبه.

فإن لم يمكنهم ذلك أيضاً ، وضعوا في مقابله حديثاً آخر وادّعوا المعارضة بين الحديثين.

وهذه أساليبهم.

أمّا المستنسخون ، والناشرون للكتب ، والرواة لتلك الروايات والمؤلفات ، فحدّث عنهم ولا حرج.

١٠

أتذكر أنّي رأيت في أحد المصادر ، عندما يروي خبر مبيت أمير المؤمنين عليه‌السلام على فراش رسول الله في ليلة الهجرة ، الرواية تقول : بات علي على فراش رسول الله ، أتذكّر أنّه في أحد المصادر كلمة التاء بدّلها الناسخ باللام ، التاء من بات بدّلها باللام.

ينقلون عن بعض الصحابة ، وكما قرأنا في الجلسات الماضية ، أنّهم كانوا يعرضون أولادهم على أمير المؤمنين ، يأتون بأبنائهم ويوقفونهم على الطريق ، فإذا مرّ أمير المؤمنين قالوا للولد : أتحبّ هذا ؟ فإنْ قال : نعم ، علم أنّه منه وإلاّ ...

فينقلون عن بعض الصحابة أنّهم كانوا يقولون ـ وهذا موجود في المصادر ـ : كنّا نبور أبناءنا بحبّ علي بن أبي طالب ، نبور أي نختبر ، نختبرهم نمتحنهم ، لنعرف أنّهم من صلبنا أو لا ، كنّا نبور أبناءنا بحبّ علي بن أبي طالب.

لاحظوا التصحيف : كنّا بنور إيماننا نحبّ علي بن أبي طالب.

الباء أصبحت نوناً ، نبور أصبحت بنور ، أبناءنا أصبحت إيماننا ، كنّا بنور إيماننا نحبّ علي بن أبي طالب.

وهكذا يصحّفون الأخبار.

وإمّا أنْ يرفعوا الحديث أو قسماً من الحديث ويتركوا مكانه

١١

بياضاً ، ويكتبون هاهنا بياض في النسخة ، وهذا أيضاً كثير في كتبهم ، هنا بياض في النسخة ، لاحظوا المصادر ، حتّى الكتب الكلاميّة أيضاً.

أتذكّر أنّ موضعاً من شرح المقاصد حذف منه مقدار ، وقد كتب محقّقه أنّ هنا بياضاً في النسخة ، وكذا في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ، وفي تاريخ دمشق لابن عساكر ، وغير هذه الكتب.

فهكذا يفعلون ، وكلّ ذلك لئلاّ يظهر الحق ، وما أكثر هذا.

ويا حبّذا لو انبرى أحد لجمع هذه القضايا وتأليف كتاب في ذلك.

وأمّا أنّكم لو قارنتم الطبعات الجديدة للكتب ، وقابلتموها مع الطبعات السابقة ، حتّى تفسير الكشّاف للزمخشري ، له أبيات ، أربع خمس أبيات في تفسيره ، هي في بعض الطبعات غير موجودة ، لأنّ تلك الأبيات فيها طعن على المذاهب الأربعة.

وهكذا في قضايا أُخرى.

وكثيراً ما ترى أنّ المؤلِّف اللاّحق يلخّص كتاب أحد السابقين ، وليس الغرض من تلخيصه لذلك الكتاب إلاّ طرح ما في

١٢

ذلك الكتاب ممّا يضرّ بأفكاره ومبادئه ، والكتاب الاصلي ربّما يكون مخطوطاً ، أو لربّما لا تعثر على نسخة منه أبداً ، وقد حكموا عليه بالأعدام.

حتّى أنّ كتب أبي الفرج ابن الجوزي في القضايا التافهة طبعوها ونشروها ، له كتاب في أخبار المغفّلين ، له كتاب في أخبار الحمقى ، وأخبار الطفيليين ، وكتبه من هذا القبيل طبعت.

لكنّ لابن الجوزي رسالة كتبها في تكذيب ما رووه من أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد صلّى خلف أبي بكر في تلك الصلاة التي جاء إلى المسجد بأمر من عائشة لا من الرسول ، حتّى إذا ، إطّلع على ذلك خرج معتمداً على رجلين ، ونحّى أبابكر عن المحراب وصلّى تلك الصلاة بنفسه الشريفة ، فيروون أنّ رسول الله اقتدى بأبي بكر في تلك الصلاة وصلّى خلفه.

فلابن الجوزي كتاب في تكذيب ما ورد في هذا الباب ، أي في صلاة النبي خلف أبي بكر ، يكذّب هذه الروايات ابن الجوزي ، هذه الرسالة لم ينشروها ، وحتّى لم يكثّروا نسخها ولم يستنسخوها.

أتذكّر أنّي راجعت كتاباً أُلّف في مؤلّفات ابن الجوزي

١٣

المخطوط منها والمطبوع ، فلم يذكر لهذا الكتاب إلاّ نسخة واحدة ، والحال أنّه يذكر لمؤلّفاته الاُخرى في مكتبات العالم نسخاً كثيرة.

ولماذا ؟

لأنّهم يعلمون بأنّ تكذيب مثل هذا الخبر يضرّ باستدلالهم بصلاة أبي بكر المزعومة على إمامة أبي بكر بعد رسول الله.

وكم لهذه الاُمور من نظائر ، ويا حبّذا لو تجمع في مكان واحد.

١٤

نماذج من التحريفات

وأمّا أنّكم إذا طلبتم أن أذكر لكم بعض الأشياء ، إضافةً إلى ما اطّلعتم عليه في خلال البحوث ، أذكر لكم موارد معدودة فقط ، ولا أُطيل عليكم :

١ ـ هناك حديث يروونه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت ذهبوا ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ».

هذا الحديث موجود في المصادر ، ومن المصادر التي يروى عنها هذا الحديث : مسند أحمد ، وهذا الحديث ليس الآن موجوداً فيه.

٢ ـ قوله : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » ، مصادره كثيرة ، ومن مصادره صحيح الترمذي ، ينقل عن صحيح الترمذي هذا الحديث في جامع الاُصول لابن الاثير ، وأيضاً في تاريخ الخلفاء للسيوطي ،

١٥

وأيضاً في الصواعق لابن حجر ، والفضل ابن روزبهان يعترف بوجود هذا الحديث في صحيح الترمذي ويحكم بصحّته.

وأنتم لا تجدونه الآن في صحيح الترمذي ، وكم لهذا من نظير !

وأمّا في الصحيحين ، فكنت أتذكّر موردين أحببت أن أذكرهما لكم في هذه الليلة بطلب منكم طبعاً واكتفي بهذا المقدار.

٣ ـ لاحظوا هذا الحديث في صحيح مسلم ، يروي هذا الحديث مسلم بن الحجّاج بسنده عن شقيق ، عن أُسامة بن زيد ، قال شقيق : قيل له ـ أي لاُسامة ـ : ألا تدخل على عثمان فتكلّمه ؟ فقال : أترون أنّي لا أُكلّمه إلاّ أُسمعكم ، والله لقد كلّمته فيما بيني وبينه ، مادون أنْ أفتتح أمراً لا أُحبّ أن أكون أوّل من فتحه ، ولا أقول لاحد يكون عليّ أميراً إنّه خير الناس بعدما سمعت رسول الله يقول : يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندرق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى ، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون : يا فلان مالك ؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول : بلى قد كنت آمراً بالمعروف ولا آتيه ، وأنهى عن المنكر وآتيه.

قيل له : ألا تدخل على عثمان فتكلّمه ؟ قال : قد كلّمته مراراً ، وناصحته ، وأمرته بالمعروف ونهيته عن المنكر ، لكن لا أُريد أنْ

١٦

تطّلعوا على ما قلته له ، كلّمته بيني وبينه ... ثمّ ذكر هذا الحديث عن رسول الله.

هذا في الصفحة ٢٢٤ من صحيح مسلم في الجزء الثامن في هذه الطبعة.

ولا بأس أن أقرأ لكم ما في صحيح البخاري ، لتعرفوا كيف يحرّفون الكلم : قال : قيل لاُسامة : ألا تكلّم هذا ؟ قال : قد كلّمته مادون أن أفتح باباً أكون أوّل من يفتحه ، وما أنا بالذي أقول لرجل بعد أن يكون أميراً على رجلين : أنت خير ، بعدما سمعت من رسول الله يقول : يجاء برجل فيطرح في النار فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه ، فيطيف به أهل النار ، فيقولون : أيْ فلان ، ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول : إنّي كنت آمر بالمعروف ولا أفعله.

لاحظوا كم اختصر من الحديث من الأشياء التي قالها أُسامة بالنسبة لعثمان ، وليس في نقل البخاري هنا اسم عثمان ، قيل لاُسامة : ألا تكلّم هذا ، فمن هذا ؟ غير معلوم في هذا الموضع ، ألا تكلّم هذا ؟

أمّا في موضع آخر ، أتذكّر أنّي رأيته يذكره على العادة : فلان ، ألا تكلّم فلان ، مع الإختصار للحديث.

١٧

قال : قيل لاُسامة : لو أتيت فلاناً فكلّمته ؟ قال : إنّكم لترون أنّي لا أُكلّمه إلاّ أسمعكم ، إنّي أُكلّمه في السرّ دون أن أفتح باباً ، لا أكون أوّل من فتحه ، ولا أقول لرجل إن كان عليّ أميراً إنّه خير الناس ، بعد شيء سمعته من رسول الله ، قالوا : وما سمعته يقول ؟ قال : سمعته يقول ... إلى آخره.

أيضاً مع اختصار في اللفظ ، وقد رفع اسم عثمان ووضع كلمة فلان.

وهذا في صحيح البخاري ص ٥٦٦ من المجلد الثاني.

وذلك المورد الذي لم أعطكم عنوانه ، هو في ص ٦٨٧ من المجلد الرابع.

هذا بالنسبة إلى عثمان.

٤ ـ وأمّا بالنسبة إلى الشيخين ، فأقرأ لكم حديثاً آخر في صحيح مسلم ، ثمّ أقرأ ما جاء في صحيح البخاري :

في حديث طويل يقول : ثمّ نشد عبّاساً وعليّاً ـ نشد أي عمر بن الخطّاب ـ بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك ؟ قالا : نعم ، قال : فلمّا توفي رسول الله قال أبوبكر : أنا وليّ رسول الله ، فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ـ يعني علي والعباس ـ فقال أبوبكر : قال رسول الله : ما نورّث ما تركنا

١٨

صدقة ، فرأيتماه ـ عمر يقول لعلي والعباس ـ فرأيتماه ، أي فرأيتما أبابكر كاذباً آثماً غادراً خائناً ، ثمّ يقول عمر : والله يعلم إنّه لصادق بارّ راشد تابع للحقّ ، فليكنْ على بالكم ، فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ، ثمّ توفّي أبوبكر وأنا ولي رسول الله وولي أبي بكر ، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم إنّي لصادق بارّ راشد تابع للحقّ ... فولّيتها ثمّ جئتني أنت وهذا ، وأنتما جميع ، وأمركما واحد ، فقلتما إدفعها إلينا ... إلى آخر الحديث.

ومحلّ الشاهد هذه الجملة : فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً.

هذا في صحيح مسلم ( ٥ / ١٥٢ ) في باب حكم الفيء من كتاب الجهاد.

وللننظر في صحيح البخاري : ثمّ قال لعلي وعباس : أُنشدكما بالله ، هل تعلمان ذلك ؟ قال عمر : ثمّ توفّى الله نبيّه ، فقال أبوبكر : أنا ولي رسول الله فقبضها أبوبكر ، فعمل فيها بما عمل رسول الله ، والله يعلم إنّه فيها لصادق بارّ راشد تابع للحقّ.

فأين صارت الجملة : فرأيتماه ... والله يعلم إنّه فيها لصادق بارّ راشد تابع للحقّ.

ثمّ توفّى الله أبابكر ، فكنت أنا ولي أبي بكر ، فقبضتها سنتين

١٩

من إمارتي ، أعمل فيها بما عمل رسول الله ، وما عمل فيها أبوبكر ، والله يعلم إنّي فيها لصادق بارّ راشد تابع للحق. فرأيتماه إلى آخره ... فرأيتماني إلى آخره.

هذه في الصفحة ٥٠٦ من المجلد الثاني.

أمّا في ص٥٥٢ من المجلّد الرابع يقول : فتوفّى الله نبيّه فقال أبوبكر : أنا ولي رسول الله ، فقبضها فعمل بما عمل به رسول الله ، ثمّ توفّى الله أبابكر فقلت : أنا وليّه وولي رسول الله ، فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول الله وأبوبكر ، ثمّ جئتماني وكلمتكما واحدة ، وأمركما جميع ... إلى آخره.

فلا يوجد : فرأيتماه كذا وكذا ... والله يعلم إنّه بارّ راشد تابع للحق ، فرأيتماني كذا وكذا والله يعلم أنّي بارّ راشد تابع للحق ، فلا هذا موجود ولا ذاك موجود.

أمّا في ص ١٢١ من المجلّد الرابع يقول : أُنشدكما بالله ، هل تعلمان ذلك ؟ قالا : نعم ، ثمّ توفّى الله نبيّه فقال أبوبكر : أنا ولي رسول الله ، فقبضها أبوبكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله ، وأنتما حينئذ ، وأقبل على علي وعباس تزعمان أنّ أبابكر كذا وكذا ، والله يعلم إنّه فيها صادق بارّ راشد تابع للحق.

كذا وكذا بدل تلك الفقرة.

٢٠