تراثنا ـ العدد [ 138 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 138 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1019-4030
الصفحات: ٣١٧

١

تراثنا

صاحب الامتیاز

مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العدد الثالث [١٣٨]

السنـة الخامسة والثلاثون

محتـويات العـدد

* دراسة لكتاب (الرسالة الموضّحة).

........................................................  الشيخ محمّد الكرباسي ٧

* تقييدات الأحسائيّين على المخطوطات

..........................................................  الشيخ محمّد الحرز ٤٨

* دراسة ظاهرة التناص.

............................................  ياسر عبد الهادي عبد الله الجمريّ ٩٨

* نسخ لم تر النور في خزانة الروضة العبَّاسية.

..........................................  مصطفى طارق عبد الأمير الشبلي ١٦٠

٢

ربيع الآخر ـ جمادى الآخر

١٤٤٠ هـ

* ثلاث قضايا لُغوية في مقدِّمة البحراني على نهج البلاغة.

................................................  علي عبد النبي علي حسين ٢٠٣

* بحور الشعر وتفعيلاته (الإعجاز الأدبي في القرآن).

.............................................  السيّد محمّد علي راضي الحكيم ٢٥٣

* من ذخائر التراث :

* منظومة روض الزهر لمحمّد بن مصطفى البرزنجي (ت ١٢٥٤ هـ).

......................................  تحقيق : الشيخ عبد الحليم عوض الحلّي ٢٧٥

* من أنباء التراث.

.............................................................  هيـئة التحرير ٣٠٣

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة منظومة روض الزهر في آل سيّد البشر عليهم‌السلام للشيخ محمّد بن مصطفى البرزنجي (ت ١٢٥٤ هـ).

٣
٤

٥
٦

دراسة لكتاب (الرسالة الموضّحة) ومؤلّفها

 المظفّر بن جعفر بن الحسين

 (من أعلام القرن الرابع الهجري)

الشيخ محمّد الكرباسي

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمدك الله تعالى على ما مننت علينا من نور الهدى محمّد سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله ، وأنعمت علينا اليقين بالتحصين بولاية الأئمّة الميامين وجعلتهم أنواراً نستضيء بها في كلّ حين.

قد عثرنا على نسخة نفيسة من هذه الرسالة فشمّرنا عن ساعدنا لأجل تحقيقها ، وبعد اتمام التحقيق علمنا بطبعها من قبل بعض المحقّقين فتركنا الموضوع ، وبعد أن شاهدنا الكتاب ومقدّمة تحقيقه عزمنا على طبع تحقيقنا لأنّنا شاهدنا أنّ بين التحقيقين نسبة تباين من جهة مقدّمة التحقيق ومن جهة المتن ، فأحببنا أن نشير إلى مقدّمتنا ودراستنا عن هذا الكتاب ونشير إلى الملاحظات التي ترد على التحقيق المطبوع.

وسوف نقوم قريباً بطباعة الكتاب محقّقاً إن شاء الله.

٧

(هوية المخطوط وما يتعلّق بتصنيفها ومصنّفها)

اسم الرسالة :

أمّا اسم الرسالة فهو (الرسالة الموضّحة) كما جاء في آخر المخطوطة من كلام الناسخ حيث قال : «أنجزت الرسالة الموضّحة بحمد الله ومنّه» وأيضاً يمكن استكشاف اسمها ممّا جاء في كتاب اليقين لابن طاووس في عدّة مواضع :

منها قوله(١) : «فيما نذكر من كتاب الرسالة الموضّحة ـ في أمر النبيّ بالتسليم على مولانا علي» والنصّ هذا موجود في الكتاب المخطوط.

ومنها(٢) : قوله : «لمّا سيّر أبو ذر اجتمع محمّد وعلي» نقلاً عن الرسالة الموضّحة وهذا النصّ موجود في الكتاب المخطوط.

وكذا ذكر ابن طاووس في مواضع أخرى من اليقين(٣) نصوصاً نقلها من (الرسالة الموضّحة).

وذكرها الشيخ الطهراني في الذريعة ، بقوله : «الرسالة الموضّحة تأليف

__________________

(١) اليقين : ٣٦٣.

(٢) اليقين : ٣٦٣.

(٣) اليقين : ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٧٢.

٨

المظفّر بن جعفر بن الحسين ....»(١).

موضوع الرسالة :

أمّا ما يتعلّق بموضوعها : فهي تبحث عن أصل من أصول العقيدة وهو (الإمامة) حيث يظهر من الرسالة أنّه سأله شخص عن الموضوع وكان لهذا الشخص صديق هو المستفسر عنه فأجابه المصنّف بهذه الرسالة كما جاء في نهايتها حيث قال : «فذاكر صديقك وفّقه الله ، ووافقه على مقتضيات مختلفاتها لما أذاعه من اعتقاده ، وأشار إليه من طريقته فيه ، وحثّه على اشفاء ناقلها والاعتناء بتصحيح معانيها فلعلّه أن يتذكّر أو يخشى ، ويعدل مثل مقالته ، ويتجنّبها ولا يغوى.

واستعمل اللّطف فيه ، وقل له قولاً ليّناً ، وأدخل عليه مدخلاً رفيقاً لعلّه يرجع عن فظيع مقاله ، ويهدى ، واستعن بالله الكريم في ذلك ، وفي جميع أمورك بتقواه ، فالعاقبة للتقوى».

وسلك المصنّف المسلك العقلي والنقلي في ردّ منكر الإمامة ، وقسّم رسالته إلى فئتين الفئة الأولى وهي المتسنّنة وتكلّم عنها وذكر دليلها وناقشها.

أمّا الفئة الثانية فذكرها في الصفحة (١٢٣) فقال : «واقتدت به طائفة ، وطلبت لأنفسها أحوالاً ، ورغبت أن يصير لها منزلة الإمامة ، وتظهر ادّعائها ،

__________________

(١) الذريعة : ١ / ٢٢٦.

٩

وتوهّم استحقاقها لها ، فطرقت إليها طريق من هو ليس بأهلها ، وصيّرت لأمثاله السبيل إلى المنازعة فيها ، والمنازلة في ولايتها ، والمكافحة في استدعاء حالها ، والتماس مراتبها ، وإظهار الطمع في فوائدها ، حتّى تتسهّل عليها مطالبها ، وتقرب عليها مرامها ، وتستتبّ لها أغراضها فيها ، إذ لم تجد سبيلاً إلى تبليغ منزلتها إلى الدرجة التي تقتضي المساواة بمنزلة الإمام المخصوص بالفضل الذائع ، والموسوم بالشرف البارع ، والمشار إليه بالتنصيص عليه ، والمفرد بالأسباب التي لا يشاركه فيها أحد ، والأحوال التي لا يحوزها ولا يتوسّم بها غيره ، فعمدت إلى حطّ المنزلة وتقريب وتيسير حاله ، وسلكت فيه طرائق المتسنّنة ، وخالفت الإمامية ، وجحدت النصّ على الأعيان المحصورة ، والعدّة المفهومة ، والعصبة المخصوصة ، وأنكرت حالها ، ودفعت حقوقها ، وركبت مناهج المتسنّنة في فساد حال الإمامة ومنزلتها ، واقتدت بها لمساواة حال من يصلح لها بحال غيره ممّن لا يصلح لشيء منها ، ولا يستحقّها ، ولا يستوجبها ، وطرقت لها طرق البَرِّ والفاجر ، وصيّرت منزلة المعصوم المنصوص عليه بالإمامة المشار إليه بها كمنزلة غيره ممّن يدخل نفسه فيها على غير تلك الطريقة ، ورفضت قول الإمامة ، وأبطلت أقاويلها عند من استقرّ تعقّله ، وأفسدت في الدين طريقه ، ورفعت حال الأعيان المنصوص عليها ، وقالت مقالةً ، وبنت أبنيةً عرضت شريف منزلة الإمام المعصوم بمعالي النازل لانحطاطها عن أحكام معاليها ، ولانعدام قواعد مبانيها ولإفساد معالم مناقبها من غير أن وصلت إلى تصيير منزلة لنفسها ،

١٠

ورفع درجة لها ، وتثبيت حال يتوصّل بها إلى شيء منها ، وانتهى أمرها إلى أن ادّعت الإمامة واجبة لكلّ من انتسب إلى ولد الحسن والحسين عليهما‌السلام ، وأنّ كلّ من أدّعى ذلك وشهر سيفه ودعى الناس إليها كانت الدعوة صحيحة ، ووجب الأمر له حقيقة ، ولزم كلّ أحد أجابه دعوته ، والمسارعة إلى متابعته ، والانقياد لطاعته ، والتجرّد لمعاونته ، كائناً من كان ، حتّى [لو] انتسب إليها من لم تكن نسبته صحيحة ، ولم يعرف لها حقيقة ، وانكتم شأنه ، ولم يعلم من أمره إلاّ الظاهر من دعواه ، ثمّ كان مرتكباً كلّ محظور ، ومتعاطياً كلّ مكروه الدهر الأطول والزمان الأكثر من عمره ، ثمّ أظهر الناس الانصراف عنه ، ومفارقة تلك الأسباب والإقلاع عنها تصنّعاً لا اعتماداً ، ثمّ خرج بسيفه يدعو إلى نفسه ، للزمت الخلق طاعته بطاعة الإمام المنصوص عليه المعصوم من كلّ دنس المبرّأ من كلّ عيب ، كانت منزلة إمامته مثل منزلته ، فلزمت هذه المقالة ، وقصدت نحو هذه الطريقة ، ووجدت تقريب أمر الإمام وتسهيله ، وإضعاف قدر الإمامة وتصغيره أقصر المناهج التي يتوصّل منها إلى مساواة منازلها ، وأقرب تناولاً لما ادّعته أنفسها ، وأوجبته لها من أحكامها ، وتحقّقت أنّ المنزلة السامية التي يتفرّد بها الإمام والمختار المنصوص عليه في الروايات والآثار يبعد الوصول إليها والوصول مراتب سموّها ، فاتّبعت إليها السبيل التي يتمكّن بها من تنقيص درجة الإمامة ، وتحطّ من المرتبة العالية المترجّحة عن المساواة والمضارعة ، إلى المنزلة القريبة المقتضية للمساجلة والمشاكلة ... إلى آخره» ، والظاهر أنّه ناقش في هذا الفصل مذهب الزيدية.

١١

سبب التأليف :

أنّه ظهر ممّا قدّمناه أنّ شخصاً سأل مصنّف الرسالة عن المذهب الحقّ وعن دعوى أحد الأشخاص في الإمامة حيث أجابه المصنّف بقوله : «وهذا الشيخ الشريف صديقك وفّقه الله فقد سلك طريقاً مخالفاً لطريق الطائفتين اللّتين تقدّم ذكرهما ، وشرح سبيلهما ، لا أعرف الغرض فيه إلاّ أنّه قد أظهر ما يقدح في حال الإمامة ، وقال فيه قولاً لا يمضيه أسلافنا ، ولا تقول به علماؤنا ، ولا يستجيزه أحد من إخواننا وأهل اعتقاداتنا.

فيا ليت شعري ما الذي قصد بهذه المقالة الشنيعة ، وأيّ طريق سلك وإلى مَ عهد ، وعلى أيّ شيء حمل ما اعتقد ، وكيف تصوّر الأمر فيما فيه غدا ، أتُراه شذَّ عن أحكام التبصرة في خبر متناول فيه فتصوّر ما هو على خلافه ، أم دعاه سبب اشتبه عليه حكم الإصابة فيه فتصوّر منه ما هو على خلافه فأدّاه إلى الخلل والانتقال عن مقتضى الحقّ ، أم وجد في كتاب الله (عزّوجلّ) نسخاً لقوله (أَطِيْعُوا اللهَ وَأَطِيْعُوا الرّسُوْلَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُم)(١) في مكان غيره ، أم وجد في آية أخرى رخصة في ترك طاعته له والعدول عن معرفة حقّه.

ألسنا قد سمعنا شيوخنا رووا عن شيوخهم ما يخالف الطريق الذي سلكه ، ويُفسد الطريق الذي ابتدعه ، ويزيل الشبهة عن قلبه ، ويدلّه على

__________________

(١) النساء : آية ٥٩.

١٢

سبيل الصواب الذي حكمه أن يقتدي به ويعتقده ، ولا يعدل عنه لنا» وقد أغفل المصنّف معتقد هذا الشخص.

تاريخ التصنيف :

الظاهر إنّ المصنّف صنّف الكتاب بعد سنة (٣٩٠ هجرية) لأنّه كان ينقل عن شيوخه الثلاثة ويترحّم عليهم.

وقد توفّي شيخه أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري رحمه‌الله سنة (٣٨٥ هجرية) كما يجيء في ترجمته ، وتوفّي أبو المفضّل محمّد بن عبد الله الشيباني سنة(٣٨٧) هجرية ، وتوفّي أبو الفرج المعافا بن زكريّا سنة (٣٩٠ هجرية) ، فإنّه آخر شيوخ المصنّف وترحّم عليه.

فالرسالة مؤلّفة ما بعد هذه السنة ، والظاهر إنّها كانت في أخريات عمره الشريف إذا صحّ ما نقله السيّد ابن طاووس قدس‌سره بأنّ محمّد بن جرير الطبري(١)يروي عنه وإنّ وفاة محمّد بن جرير الطبري (الشيعي) في حدود سنة (٤٠٠ هجرية) فمن البعيد أن يعمّر الأستاذ مدّة طويلة بعد تلميذه.

مصادر المؤلّف :

عند تتبّع الكتاب وجدنا أنّ المصنّف اعتمد على شيوخه الثلاثة بالنقل

__________________

(١) اليقين: ٣٦٢.

١٣

عنهم ، وهم : أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري ، وأبو المفضّل محمّد بن عبد الله الشيباني ، وأبو الفرج المعافا بن زكريّا ، ولم يذكر المصنّف أي كتاب اعتمد عليه ولكن بعد التأمّل تجد أنّ المصنّف كان ناظراً إلى كتاب الإيضاح للفضل بن شاذان المتوفّى سنة (٢٦٠ هجرية) كما في الطريقة والأسلوب.

والمصنّف في كتابه اعتمد في أغلب الأحيان على روايات أهل السنة لكي يستشهد بها لإثبات آرائه في الإمامة.

كلمات حول الرسالة :

أقول : إنّ هذه الرسالة لم تذكر في كتب المتقدّمين والمتأخّرين سوى ما ذكره السيّد ابن طاووس في كتابه (اليقين) حيث قال : «فيما نذكره من كتاب (الرسالة الواضحة) تأليف المظفّر بن جعفر بن الحسين في أمر النبيّ صلّى الله عليه وآله ننقل ذلك من خطّ مصنّفه من الخزانة العتيقة بالنظامية ببغداد».

وكلّ من ذكر هذه الرسالة فقد اعتمد على نفس هذا المصدر ، فقد ذكرها :

١ ـ الشيخ آقا بزرك الطهراني في كتابه الذريعة(١) ، قال : «(الرسالة الموضّحة) تأليف المظفّر بن جعفر بن الحسين ، ينقل عنها السيّد ابن طاووس».

__________________

(١) الذريعة ١١ / ٢٢٦.

١٤

٢ ـ السيّد محسن الأمين في كتابه الأعيان(١) ، قال : «المظفّر بن جعفر بن الحسين له (الرسالة الموضّحة) يروي فيها عن ابن عقدة سنة٣٣٣ هـ».

٣ ـ عمر رضا كحّالة في كتابه معجم المؤلّفين(٢) ، قال : «المظفّر بن جعفر الحسيني فاضل ، من آثاره (الرسالة الموضّحة)».

٤ ـ الشيخ علي النمازي في كتابه مستدركات علم رجال الحديث(٣) ، قال : «المظفّر بن جعفر بن الحسين لم يذكروه ، وله كتاب الرسالة الموضّحة».

نسخ المخطوطة :

لم أطّلع على أيّة نسخة سوى نسخة واحدة في مؤسّسة كاشف الغطاء مصوّرة ، وقد أجهدت نفسي وسافرت إلى مكتبات إيران ولم أحصل على نسخة غيرها ، وسيأتي بيان النسخة في وصف المخطوطة.

مضمون الرسالة :

تتحدّث المخطوطة عن أصل مهمٍّ من أصول الدين وهو الإمامة ، والمصنّف اتّبع منهج المحاورة بين السنّة والشيعة لإثبات المطلوب ـ أي

__________________

(١) أعيان الشيعة ١٠ / ٢٩.

(٢) معجم المؤلّفين ١٢ / ٢٩٨.

(٣) مستدركات علم رجال الحديث ٧ / ٤٣٣.

١٥

إثبات إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ وكانت أدواته روايات أهل السنّة مع ذكر اعتراضاتهم والإجابة عنها ، ومحصّل الرسالة هو إثبات الإمامة لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

أهمّية الكتاب ومميّزاته :

يمكن تلخيص أهمّية الكتاب ومميّزاته بنقاط هي :

١ ـ إنّ هذه المخطوطة من الأصول القديمة والمجاميع الحديثية المهمّة التي يرجع تأريخها إلى حوالي القرن الرابع الهجري.

٢ ـ يوجد في المخطوط روايات غير مذكورة في الأصول الحديثية وسوف نشير إليها في تحقيقنا للكتاب.

٣ ـ الكثير من الروايات الموجودة في هذه الرسالة موجودة في كتاب الأمالي للشيخ الطوسي بطريق مرسل وأمّا هنا فهي مسندة ، وهو ما يسجّل إلى قائمة حسنات هذه المخطوطة.

٤ ـ يوجد في هذه المخطوطة روايات منقولة بالتفصيل وفيها زيادات مهمّة لو قورنت مع الروايات الموجودة عندنا. ولابدّ أنّ المؤلّف اعتمد على مصادر مفقودة لم تصل إلينا.

٥ ـ يمكن أن تكون بعض الروايات مصدراً لنهج البلاغة الذي جمعه السيّد الرضي قدس‌سره ، ففي هذه الرسالة خطب لأمير المؤمنين لها أهمّية تاريخية.

١٦

النسخة المعتمدة في الدراسة :

لقد بينّا أنّه لا توجد نسخة غير النسخة الموجودة المصوّرة في مؤسّسة كاشف الغطاء العامّة ، وأمّا مواصفات هذه النسخة فتتلخّص بما يلي :

١ ـ تتكوّن النسخة من (١٣٤ صفحة).

٢ ـ يوجد في بعض الصفحات تلف وقد حاولنا أن نقوم بملء هذا الفراغ بقدر الإمكان من مصادر أخرى.

٣ ـ تحتوي صفحة المخطوطة على (٢٥ سطراً) ، وطول الصفحة (٣٠ سم) ، وعرض الصفحة (١٥ سم) ، وطول السطر (١٠ سم).

٤ ـ عند تجليد المخطوطة حصل فيها تقديم وتأخير كبير جدّاً ولا يستطيع أحد التمييز بينها إلاّ بعد جهد مضن في ترتيبها.

٥ ـ توجد ورقة ساقطة في أوّل المخطوطة.

٦ ـ في أوّل المخطوطة تمليك وحيازة الشيخ حسين نجل الشيخ موسى المروي العاملي حيث كتب على المخطوطة «الحمد لله الذي منّ عليَّ بهذا الكتاب وأنا أحقر المشتغلين والطلاّب وأنا الأقلّ الأحقر الأذلّ الأقلّ حسين نجل المرحوم المبرور الشيخ موسى المروي العاملي عافاهما الله بلطفه الخفي وكان ذلك من سنة (١٢١٠ هجرية)».

وبعد هذا التمليك حصلت حيازة أخرى مذكورة على المخطوطة وهي حيازة السيّد عبد الله بن محمّد رضا شبّر وفاته (اعتقد ١٢٤١ هـ) : «ثمّ ساقه التقدير وتداولته المقادير إلى حيازة الحقير كثير القصور والتقصير في خدمة

١٧

مولاه اللّطيف الخبير عبد الله بن السيّد محمّد رضا شبّر».

ثمّ قام هذا الأخير بوقفه على جميع القابلين للانتفاع به من الفرقة المحقّة الإثنى عشرية بشرط عدم الحبس والتعطيل وجعل التولية لصالح ولده ثمّ لأصلح أرحامه وأقاربه ثمّ للفقيه الجامع الشرائط. وهذه الوقفية بخطّ السيّد عبد الله شبّر.

٧ ـ قد ذكر الناسخ سنة النسخ بقوله «نجزت الرسالة الموضّحة بحمد الله ومنّه وصلّى الله على خير خلقه سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين ووافق الفراغ منها في تاسع شهر الله رجب من سنة اثنين وخمسين وستمائة».

٨ ـ أمّا مكان النسخة فهو في المدرسة النظامية ببغداد ، وهو مكان النسخة التي عثر عليها السيّد ابن طاووس والتي بخطّ المصنّف.

٩ ـ يجب التنبيه إنّ هذه النسخة التي بين أيدينا ليست بخطّ المصنّف كما هو المذكور في أوّل المخطوطة لأنّ المصنّف كانت وفاته تقريباً في الأربعمائة وهذه النسخة مكتوبة في (٦٥٢ هجرية).

حياة مؤلّف الرسالة :

١ ـ اسمه ونسبه :

وهو المظفّر بن جعفر بن الحسن ـ أو الحسين كما ذكره في الموضع

١٨

الذي بعده ـ كذا ذكره السيّد رضي الدين بن طاووس قدس‌سره في كتابه اليقين(١) ، ويعتبر هذا الكتاب المصدر الوحيد الذي ذكر اسم المؤلّف ، ولم يرد في أيّ كتاب آخر ، كما لم يرد اسم المؤلّف في الكتب الرجالية والحديثية.

نعم ورد اسم مشابه له وهو (المظفّر بن جعفر) لكن هذا من أساتذة الشيخ الصدوق قدس‌سره المتوفّى سنة (٣٨١ هجرية) كما في خلاصة العلاّمة الحلّي(٢).

فلا يُحتمل مصنّف الرسالة هو أستاذ الشيخ الصدوق لأنّ مصنّف الرسالة كان في هذه الفترة موجوداً وحيّاً حتّى سنة (٤٠٠ هجرية) كما ذكرنا لأنّه آخر شيوخ المصنّف توفّي سنة(٣٩٠ هجرية) وهو أبو الفرج المعافا ومن البعيد أن يبقى الأستاذ بعد تلميذه بعشرين سنة ، بالإضافة إلى أنّ اسم أستاذ الشيخ الصدوق هو (المظفّر بن جعفر) بن المظفّر وليس ابن الحسن ، ولم نعثر رغم التتبّع الكثير على غير هذه المعلومة من اسم ونسب المصنّف.

ولكن وجدنا في المخطوطة قصّة ينقلها ويذكر فيها إنّه سكن بلاد فارس في الصفحة (١٢٦) من المخطوطة فقال : «وما مثل هذه الطائفة إلاّ مثل رجل موسوس كان عندنا بفارس في الجامع بشيراز ، وكان يدّعي النبوّة ويستعمل خفّة الروح في مخاطباته ومحاوراته لمن يتولّع به ، ويستهزئ بعقله ، فكان الأحداث والجان يقصدونه ويتولّعون به ويتطايب معهم في حال

__________________

(١) اليقين : ٣٦٢.

(٢) الخلاصة : ١٤٧.

١٩

تهزّئهم به ، فاجتمع إليه في بعض الأيّام نفر ومعهم صبيّ أمرد ولا شعرة بوجهه ، فقالوا له : إن كانت حالك صحيحة فيما تدّعيه من النبوّة فتصير لهذا الغلام من طريق المعجزة في هذه الساعة لحية مثل لحانا على سبيل معجزات الأنبياء عليهم‌السلام حتّى نؤمن بك ونقرّ بنبوّتك ونصدّق دعواك ، فقال لهم : الذي التمستموه وافترضتموه من تصيّر الغلام بلحية مثلكم في هذه الساعة متعذّر في الحال ، ولكن إن اخترتم صيّرت جماعتكم في أقلّ من ساعة مثله بلا لحية من غير كلفة ولا مشقّة» فيظهر أنّ المصنّف مضى مدّة من الزمان في مدينة شيراز.

٢ ـ أساتذته ومشايخه في الرواية :

للمصنّف ثلاثة مشايخ ذكرهم في الرسالة ونقل عنهم ولا بأس بذكر نبذة من حياتهم.

أ ـ أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري رحمه‌الله :

وهو هارون بن موسى بن أحمد بن سعيد ، أبو محمّد التلعكبري من بني شيبان ، كان وجيهاً من أصحابنا ، ثقة معتمد لا يطعن عليه(١) ، وكان جليل القدر ، عظيم المنزلة ، واسع الرواية ، عديم النظير ، ثقة ، روى جميع الأصول والمصنّفات(٢) ، له مصنّفات منها كتاب الجوامع في علوم الدين ، وكان الشيخ

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٣٩.

(٢) رجال الطوسي : ٤٤٩.

٢٠