معاني القرآن - ج ٣

أبي زكريا يحيى بن زياد الفرّاء

معاني القرآن - ج ٣

المؤلف:

أبي زكريا يحيى بن زياد الفرّاء


المحقق: الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٨٩
الجزء ١ الجزء ٣

١
٢

٣
٤

ومن سورة المؤمن (١)

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله عزوجل : (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ) (٣).

جعلها كالنعت للمعرفة وهى نكرة ؛ ألا ترى أنك تقول : مررت برجل شديد القلب ، إلّا أنه وقع معها قوله : «ذى الطول» ، وهو معرفة فأجرين مجراه. وقد يكون خفظها على التكرير فيكون المعرفة والنكرة سواء. ومثله قوله : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ، فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (٢) فهذا على التكرير ؛ [١٦٣ / ١] لأن فعّال نكرة محضة ، ومثله قوله : «رفيع الدرجات ذو العرش (٣)» ، فرفيع نكرة ، وأجرى (٤) على الاستئناف ، أو على تفسير المسألة الأولى.

وقوله : (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ) (٥).

ذهب إلى الرجال ، وفى حرف عبد الله «برسولها» (٥) ، وكلّ صواب

وقوله : (وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ) (٨).

وبعضهم يقرأ «جنة عدن» واحدة ، وكذلك هى فى قراءة عبد الله : واحدة (٦).

وقوله : (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) (٨).

من نصب من مكانين : إن شئت جعلت (ومن) مردودة على الهاء والميم فى «وأدخلهم» ، وإن شئت على الهاء والميم فى : «وعدتهم».

__________________

(١) وهى سورة غافر ، مكية إلا آيتي ٥٦ ، ٥٧ فمدنيتان ، وآياتها ٨٥ نزلت بعد الزمر.

(٢) سورة البروج الآيات : ١٤ ، ١٥ ، ١٦.

(٣) سورة غافر آية ١٥.

(٤) فى ب ، ح فأجرى.

(٥) قرأ الجمهور «برسولهم». وقرأ عبد الله «برسولها» عاد الضمير إلى لفظ الأمة (البحر المحيط ٧ / ٤٤٩).

(٦) وهى قراءة زيد بن على والأعمش (البحر المحيط ٧ / ٤٥٢) وكذا هى فى مصحف عبد الله (انظر المصاحف للسجستانى).

٥

وقوله : (يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ) (١٠).

المعنى فيه : ينادون أنّ مقت الله إياكم أكبر من مقتكم أنفسكم يوم القيامة ؛ لأنهم مقتوا أنفسهم إذ تركوا الإيمان ، ولكن اللام تكفى من أن تقول فى الكلام : ناديت أن زيدا قائم (١) ، وناديت لزيد قائم ، ومثله : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ) (٢) الآية ، اللام بمنزلة أنّ فى كل كلام ضارع (٣) القول مثل : ينادون ، ويخبرون ، وما أشبه ذلك (٤).

وقوله : (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (١٥).

الروح فى هذا الموضع : النبوة ؛ لينذر من يلقى عليه الروح يوم التلاق. وإنما قيل «التلاق» ؛ لأنه يلتقى فيه أهل السماء وأهل الأرض.

وقوله : (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) (١٦).

هم فى موضع رفع بفعلهم بعده ، و [هو] (٥) مثل قولك : آتيك يوم أنت فارغ لى.

وقوله : (الْآزِفَةِ) (١٨).

وهى : القيامة.

وقوله : (كاظِمِينَ) (١٨).

نصبت على القطع من المعنى الذي يرجع من ذكرهم في القلوب والحناجر ، والمعنى : إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين. وإن شئت جعلت قطعه من الهاء في قوله : «وأنذرهم» ، والأول أجود فى العربية.

ولو كانت «كاظمون» مرفوعة على قولك : إذ القلوب لدى الحناجر إذ هم كاظمون ، أو على الاستئناف كان صوابا.

وقوله : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (١٨).

__________________

(١) فى ح : إن لزيدا قائم.

(٢) سورة يوسف آية : ٣٥.

(٣) في ح : «ضاع» خطأ.

(٤) في ح ، ش : وأشباه ذلك.

(٥) زيادة فى ب ، ح.

٦

تقبل شفاعته ، ثم قال : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) يعنى : الله عزوجل ، يقال : إنّ للرجل نظرتين : فالأولى مباحة له ، والثانية محرمة عليه ، فقوله : «يعلم خائنة» الأعين في النظرة الثانية ، وما تخفى الصدور فى النظرة الأولى. فإن كانت النظرة الأولى تعمّدا كان فيها الإثم أيضا ، وإن لم يكن تعمّدها فهى مغفورة.

وقوله : (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ (١) فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) (٢٦).

رفع (الفساد) الأعمش (٢) ، وعاصم جعلا (٣) له الفعل. وأهل المدينة والسلمى قرءوا : [وأن] (٤) يظهر (٥) فى الأرض الفساد ، نصبوا الفساد ، وجعلوا يظهر لموسى. وأهل المدينة (٦) يلقون (٧) الألف الأولى يقولون : وأن يظهر ، وكذلك [هى] (٨) فى مصاحفهم. وفى مصاحف أهل العراق : «أو أن يظهر» [المعنى (٩)] أنه قال : إنى أخاف التبديل على [١٦٣ / ب] دينكم ، أو أن يتسامع الناس [به] (١٠) ، فيصدقوه فيكون فيه فساد على دينكم.

وقوله : ([وَ] (١١) يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ) (٣٢) قرأها العوام على التناد بالتخفيف ، وأثبت الحسن (١٢) وحده [فيه] (١٣) الياء ، وهى من تنادى القوم. [حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال] (١٤) حدثنا الفراء قال : وحدثنى حبان عن الأجلح

__________________

(١) فى ا ، ب : يظهر.

(٢) وهى كذلك قراءة الأعرج ، وابن وثاب وعيسى (البحر المحيط ٧ / ٤٦٠).

(٣) فى ب : وجعلا.

(٤) سقط فى ب ، ش.

(٥) فى ب : يطهر.

(٦) قرأ نافع وأبو عمرو وأبو جعفر بواو النسق ، ويظهر بضم الياء وكسر الهاء من أظهر معدى ظهر بالهمزة ، وفاعله ضمير موسى عليه الصلاة والسلام. و (الفساد) بالنصب على المفعول به ، ووافقهم اليزيدي (الإتحاف : ٣٧٨)

(٧) فى ب : لا يثبتون.

(٨) زيادة فى ب.

(٩) فى ب : والمعنى.

(١٠) سقط فى ب.

(١١) سقط فى كل من ب ، ش ، وفى ش يا قيوم خطأ.

(١٢) أثبت الياء وصلا فقط ورش وابن وردان ، وفي الحالين ابن كثير ويعقوب (الإتحاف ٣٧٨).

(١٣) فى ب ، ش فيها.

(١٤) زيادة من ح.

٧

عن الضحاك بن مزاحم أنه قال : تنزل (١) الملائكة من السموات ، فتحيط بأقطار الأرض ، ويجاء بجهنم ، فإذا رأوها هالتهم ، فندّوا فى الأرض كما تند الإبل ، فلا يتوجهون قطرا إلا رأوا ملائكة فيرجعون من حيث جاءوا ، وذلك قوله : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا (٢) مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣) وذلك قوله : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ، وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) (٤) وذلك قوله : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) (٥). قال الأجلح ، وقرأها الضحاك : «التنادّ» مشددة الدال (٦). قال حبان : وكذلك فسّرها الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس.

قال الفراء : ومن قرأها «التناد» [خفيفة] (٧) أراد يوم يدعو أهل الجنة أهل النار ، وأهل النار أهل الجنة (٨) ، وأصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم.

وقوله : (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ) (٣٥).

أي : كبر ذلك الجدال مقتا ، ومثله : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) (٩) أضمرت فى كبرت قولهم : (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) ومن رفع الكلمة لم يضمر ، وقرأ الحسن بذلك برفع الكلمة (١٠) (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ).

وقوله : (عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (٣٥).

يضيف القلب إلى المتكبر ، ومن نوّن جعل القلب هو المتكبر الجبار ، وهى فى قراءة عبد الله

__________________

(١) ضبطها فى ب : تنزل خطأ.

(٢) فى ب تنفدوا وهو تصحيف.

(٣) سورة الرحمن الآية ٣٣.

(٤) سورة الفجر الآيتان ٢٢ ، ٢٣.

(٥) سورة الفرقان الآية ٢٥.

(٦) وهى قراءة ابن عباس ، وأبى صالح ، والكلبي ، والزعفراني ، وابن مقسم (انظر المحتسب ٢ / ٢٤٣). (والبحر المحيط ٧ / ٤٦٤).

(٧) زيادة من ب.

(٨) فى (ب) يدعو أهل النار أهل الجنة ، وأهل الجنة أهل النار.

(٩) سورة الكهف آية ٥.

(١٠) فى الإتحاف : ٢٨٨ : قرأ ابن محيصن والحسن : «كبرت كلمة» بالرفع على الفاعلية.

٨

(كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (١) ، فهذا شاهد لمن أضاف ، والمعنى فى تقدم القلب وتأخره واحد والله أعلم.

قال : سمعت بعض العرب يرجّل شعره يوم كل جمعة ، يريد : كل يوم جمعة ، والمعنى واحد.

وقوله : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) (أَسْبابَ السَّماواتِ (٢) فَأَطَّلِعَ) (٣٧).

بالرفع ، يردّه على قوله : «أبلغ». ومن جعله جوابا للعلّى نصبه ، وقد قرأ به (٣) بعض القراء (٤) قال : وأنشدنى بعض العرب :

علّ صروف الدّهر أو دولاتها

يدللنا (٥) اللّمّة من لمّاتها

فتستريح النفس من زفراتها (٦)

فنصب على الجواب بلعلّ.

وقوله : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها) (٤٦).

رفعت (النار) بما عاد من ذكرها في عليها ، ولو رفعتها بما رفعت به (سُوءُ الْعَذابِ) (٤٥) كان صوابا ، ولو نصبت على أنها وقعت [١٦٤ / ١] بين راجع [من] (٧) ذكرها ، وبين كلام يتصل بما قبلها كان صوابا ، ومثله : (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا) (٨).

وقوله : (غُدُوًّا وَعَشِيًّا) (٤٦).

ليس فى الآخرة غدو ولا عشى ، ولكنه مقادير عشيات الدنيا وغدوها.

وقوله : (٩) ([وَ] يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ) (٤٦).

__________________

(١) انظر البحر المحيط ٧ / ٣٧٨ ، وفى المصاحف للسجستانى قراءة عبد الله : «يطبع الله على كل قلب متكبر جبار» (المصاحف : ٧٠)

(٢) ما بين قوسين سقط فى ب ، ح ، ش.

(٣ ، ٩) سقط فى ب.

(٤) قرأ حفص «فأطلع» بنصب العين بتقدير «أن» بعد الأمر فى «ابن لى» ، وقيل : فى جواب الترجّى فى لعلى حملا على التمني على مذهب الكوفيين.

(٥) ورد هذا الشاهد فى شرح شواهد المغني ص ١٥٥ طبعة المطبعة البهية بمصر هكذا :

لعل صروف الدهر أو دولاتها

يدلننا اللمة من لماتها

واللام فى لعل زيادة من الناسخ وفى لسان العرب مادة «علل»

على صروف الدهر أو دولاتها

يدلننا اللمة من لماتها

وفى مادة «لمم» من اللسان : تديلنا اللمة من لماتها [إدارة التراث]

(٦) انظر شرح شواهد المغني ١ / ٤٥٤ ، وقد جاء فيه : أنشده الفراء ولم يعزه إلى أحد ، وعلّ : أصله لعلّ.

(٧) سقط فى ب ، ش.

(٨) سورة الحج الآية : ٧٢.

٩

همز الألف يحيى بن وثاب وأهل الحجاز (١) ، وخففها عاصم والحسن فقرأ (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ) ونصبها هنا آل فرعون (٢) على النداء : ادخلوا يا آل فرعون أشد العذاب ، وفى (٣) المسألة الأولى توقّع عليهم «أدخلوا».

وقوله : (إِنَّا كُلٌّ فِيها) (٤٨).

رفعت (٤) (كلّ) بفيها ، ولم تجعله نعتا لإنّا ، ولو نصبته (٥) على ذلك ، وجعلت خبر إنا [فيها] (٦) ، ومثله : (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) (٧) ترفع (كلّه لله) ، وتنصبها على هذا التفسير.

قوله (٨) : (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٥١).

قرأت القراء بالياء يعنى : يقوم بالتذكير (٩) ، ولو قرأ قارئ : ويوم تقوم (١٠) كان صوابا ؛ لأن الأشهاد جمع ، والجمع من المذكر يؤنث فعله ويذكر إذا تقدم. العرب تقول : ذهبت [الرجال ، وذهب الرجال.

وقوله : (إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ) (٥٦).

يريد : تكبروا] (١١) أن يؤمنوا بما جاء به محمد صلى الله عليه ما هم ببالغي ذلك : بنائلى ما أرادوا.

وقوله : (ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً) (٦٧).

__________________

(١) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ، وابن عامر وأبو بكر بوصل همزة ادخلوا ، وضم الخاء أمرا من دخل الثلاثي ، والواو ضمير آل فرعون ، ونصب آل على النداء ، والابتداء بهمزة مضمومة ، وافقهم ابن محيض واليزيدي والحسن والباقون بقطع الهمزة المفتوحة فى الحالين ، وكسر الخاء أمر للخزنة من أدخل رباعيا معدّى لاثنين ، وهما : آل ، وأشد (الإتحاف : ٣٧٩) وانظر البحر المحيط ٧ / ٤٦٨).

(٢) فى ب ، ش ونصب آل فرعون ها هنا.

(٣) فى ب : وهى.

(٤) فى ح ، ش : ارتفعت.

(٥) فى ب : نصبتها.

(٦) فى ب ، ش : فى فيها وحذف جواب (لو) للعلم به.

(٧) سورة آل عمران آية ١٥٤.

(٨) فى ب : وحدثنا محمد بن الجهم ، قال : حدثنا الفراء : قوله عزوجل.

(٩) فى البحر المحيط ٧ / ٤٧٠ : قرأ الجمهور يقوم بالياء.

(١٠) قرأ ابن هرمز وإسماعيل والمنقري عن أبى عمرو بتاء التأنيث الجماعة (البحر المحيط ٧ / ٤٧٠).

(١١) ما بين المعقوفتين ساقط فى كل من ح ، ش.

١٠

وفى حرف (١) عبد الله «ومنكم من يكون شيوخا» فوحّد فعل من ، ثم رجع إلى الشيوخ فنوى بمن الجمع ، ولو قال : شيخا لتوحيد من فى اللفظ كان صوابا.

وقوله : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ) (٧١).

[ترفع السلاسل والأغلال ، ولو نصبت السلاسل وقلت (٢) : يسحبون (٣) ، تريد (٤)] يسحبون سلاسلهم فى جهنم.

وذكر الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس أنه قال : [وهم] (٥) فى السلاسل يسحبون ، فلا يجوز خفض (٦) السلاسل ، والخافض مضمر ؛ ولكن لو أنّ متوهما قال : إنما المعنى إذ أعناقهم فى الأغلال وفى السلاسل يسحبون جاز الخفض فى السلاسل على هذا المذهب ، ومثله مما ردّ إلى المعنى قول الشاعر :

قد سالم الحيات منه القدما

الأفعوان والشّجاع الشجعما (٧)

فنصب الشجاع ، والحيات قبل ذلك مرفوعة ؛ لأنّ المعنى : قد سالمت رجله الحيات وسالمتها ، فلما احتاج إلى نصب القافية جعل الفعل من القدم واقعا على الحيات.

[١٦٤ / ب] ومن سورة السجدة

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله عزوجل : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (٣).

تنصب [قرآنا] (٨) على الفعل ، أي : فصلت آياته كذلك ، ويكون نصبا على القطع ؛ لأن الكلام

__________________

(١) فى ب : وفى قراءة.

(٢) فى ب : فقلت.

(٣) أي : لكان صوابا ، وانظر فى الاحتجاج لهذه القراءة المحتسب ٢ / ٢٤٤.

(٤) ما بين المعقوفتين ساقط فى كل من ب ، ح ، ش.

(٥) سقط فى ش.

(٦) سقط فى ش لفظ خفض.

(٧) هو من أرجوزة لأبى حيان الفقعسي ، وقيل : لمساور بن هند العبسي. وبه جزم الترمذي والبطليوسي ، وقيل : للعجاج ... (شرح شواهد المغني ٢ / ٩٧٣) ، وانظر تفسير الطبري ٢٤ / ٥٠ ، واللسان مادة شجع :

(٨) زيادة من ح ، ش.

١١

تام عند قوله : (آياته) (١). ولو كان رفعا على أنه من نعت الكتاب كان صوابا. كما قال فى موضع آخر : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ) (٢) ، وكذلك قوله : (بشيراً ونذيراً) (٣) فيه (٤) ما فى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا).

وقوله : (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) (٥).

يقول : بيننا وبينك فرقة فى ديننا ، فاعمل فى هلاكنا إننا عاملون فى ذلك منك ، ويقال : فاعمل بما تعلم من دينك فإننا عاملون بديننا.

وقوله : (لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) (٧).

والزكاة (٥) فى هذا الموضع : أن قريشا كانت تطعم الحاج وتسقيهم ، فحرموا ذلك من آمن بمحمد صلى الله عليه ؛ فنزل هذا فيهم ، ثم قال : وفيهم أعظم من هذا كفرهم بالآخرة.

وقوله : (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) (١٠) وفى قراءة عبد الله : وقسم فيها أقواتها (٦) ، جعل فى هذه (٧) ما ليس فى هذه ليتعايشوا ويتجروا.

وقوله : (سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (١٠) نصبها (٨) عاصم وحمزة ، وخفضها الحسن (٩) ، فجعلها من نعت الأيام ، وإن شئت من نعت

__________________

(١) جاء فى تفسير النسفي : نصب : «قرآنا عربيا. على الاختصاص والمدح ، أي أريد بهذا الكتاب المفصل قرآنا من صفته : كيت وكيت ، أو على الحال أي فصلت آياته فى حال كونه قرآنا عربيا تفسير النسفي ٣ / ٢٦٤ ، وانظر تفسير الطبري ٢٤ / ٥٣.

(٢) سورة ص : آية ٢٩.

(٣) قرأ زيد بن على : «بشير ونذير» برفعهما على الصفة لكتاب ، أو على خبر مبتدأ محذوف (البحر المحيط ٧ / ٤٨٣) وانظر تفسير الطبري ٢٤ / ٥٣.

(٤) سقط (فيه) فى ح ، ش.

(٥) سقط فى ح ، ش لفظ (الزكاة).

(٦) انظر الطبري ٢٤ / ٥٧.

(٧) زاد فى ب بعد هذه الأولى كلمة البلدة بين السطور.

(٨) فى كل من ب ، ح ، ش نصبا العوام عاصم وحمزة.

(٩) قرأ الجمهور «سواء» بالنصب على الحال ، وأبو جعفر بالرفع أي : هو سواء ، وزيد بن على والحسن وابن أبى اسحق وعمرو بن عبيد ، وعيسى ، ويعقوب بالخفض نعتا لأربعة أيام (البحر المحيط ٧ / ٤٨٦ ، وانظر الإتحاف : ٣٨٠)

١٢

الأربعة ، ومن نصبها جعلها متصلة بالأقوات ، وقد ترفع كأنه ابتداء ، كأنه قال : ذلك سواء للسائلين ، يقول لمن أراد علمه.

وقوله : (فَقَضاهُنَ) (١٢).

يقول : خلقهن ، وأحكمهن.

وقوله : (قالَتا أَتَيْنا) (١١).

جعل السموات والأرضين كالثّنتين كقوله : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) (١) ولم يقل : [وما] (٢) بينهن ، ولو كان كان (٣) صوابا.

وقوله : (أَتَيْنا طائِعِينَ) (١١).

ولم يقل : طائعتين ، ولا طائعات. ذهب (٤) به إلى السموات ومن فيهن ، وقد يجوز : أن تقولا ، وإن كانتا اثنتين : أتينا طائعين ، فيكونان كالرجال لمّا تكلمتا.

وقوله : (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) (١٢).

يقول : جعل فى كل سماء ملائكة فذلك أمرها.

وقوله : (إِذْ جاءَتْهُمُ [١٦٥ / ١] الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) (١٤).

أتت الرسل آباءهم ، ومن كان قبلهم ومن خلفهم يقول : وجاءتهم أنفسهم رسل من بعد أولئك الرسل ، فتكون الهاء والميم فى (خلفهم) للرسل ، وتكون لهم تجعل من خلفهم لما معهم.

وقوله : (رِيحاً صَرْصَراً) (١٦).

باردة تحرق [كما تحرق] (٥) النار.

وقوله : (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) (١٦).

__________________

(١) سورة الحجر الآية ٨٥ ، وسورة الأنبياء الآية ١٦.

(٢) زيادة من ب.

(٣) سقط فى ح لفظ كان

(٤) فى ش ذهب.

(٥) ما بين المعقوفتين ساقط فى ح.

١٣

العوام على تثقيلها لكسر الحاء ، وقد خفف بعض أهل المدينة : (نحسات) (١).

قال : [وقد سمعت بعض العرب ينشد :

أبلغ جذاما ولخما أن إخوتهم

طيا وبهراء قوم نصرهم نحس] (٢).

وهذا (٣) لمن ثقّل ، ومن خفّف بناه على قوله : (فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) (٤).

وقوله : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) (١٧).

القراءة برفع ثمود ، قرأ بذلك عاصم ، وأهل المدينة والأعمش. إلا أن الأعمش كان (٥) يجرى ثمود فى كل القرآن إلا قوله : (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ) ، فإنه كان لا ينون ، لأنّ كتابه بغير ألف. ومن أجراها جعلها اسما لرجل أو لجبل ، ومن لم يجرها جعلها اسما للأمة التي هى منها قال : وسمعت بعض العرب يقول : تترك بنى أسد وهم فصحاء ، فلم يجر أسد ، وما أردت به القبيلة من الأسماء التي تجرى فلا تحرها ، وإجراؤها أجود فى العربية مثل قولك : جاءتك تميم بأسرها ، وقيس بأسرها ، فهذا مما يجرى ، ولا يجرى مثل التفسير فى ثمود وأسد.

وكان الحسن يقرأ : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) بنصب (٦) ، وهو وجه ، والرفع أجود منه ، لأنّ أمّا تطلب الأسماء ، وتمتنع من الأفعال ، فهى بمنزلة الصلة للاسم ، ولو كانت أمّا حرفا يلى الاسم إذا شئت ، والفعل إذا شئت كان الرفع والنصب معتدلين مثل قوله : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) (٧) ، ألا ترى أنّ الواو تكون مع الفعل ، ومع الاسم؟ فتقول : عبد الله ضربته وزيدا تركته ؛ لأنك تقول : وتركت زيدا ، فتصلح فى الفعل الواو كما صلحت فى الاسم ، ولا تقول : أمّا ضربت فعبد الله (٨) ، كما تقول : أمّا عبد الله فضربت ، ومن أجاز النصب وهو يرى هذه العلة [١٦٥ / ب] فإنه يقول :

__________________

(١) جاء فى تفسير الطبري : قرأ عامة قراء الأمصار غير نافع وأبى عمر وفى أيام نحسات بكسر الحاء ، وقرأ نافع وأبو عمر ونحسات بسكون الحاء ، وكان أبو عمرو فيما ذكر لنا عنه يحتج لتسكينه الحاء بقبوله «يوم نحس مستمر» تفسير الطبري ٢٤ / ٦٠.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط فى ش. وفى تفسير الطبري ورد البيت : طيا وبهزا (وهو تصحيف) وانظر البحر المحيط ٧ / ٤٨١.

(٣) فى ب ، ش فهذا.

(٤) سورة القمر الآية : ١٩.

(٥) ساقط فى ح : «إلا أن الأعمش كان.

(٦) وهى قراءة ابن اسحق أيضا (انظر تفسير الطبري ح ٢٤ / ٦١).

(٧) سورة يس الآية ٣٩.

(٨) ضبط (ب) أما ضربت فعبد الله.

١٤

خلقة ما نصب الأسماء أن يسبقها لا أن تسبقه (١). وكل صواب.

وقوله : (فَهَدَيْناهُمْ) (١٧).

يقول : دللناهم على مذهب الخير ، ومذهب الشر ، كقوله : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (٢).

الخير ، والشر (٣).

[حدثنا أبو العباس قال ، حدثنا (٤) محمد قال] حدثنا الفراء قال : حدثنى قيس عن زياد بن علاقة عن أبى عمارة عن على بن أبى طالب أنه قال فى قوله : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) : الخير ، والشر.

قال أبو زكريا : وكذلك قوله : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (٥).

والهدى على وجه آخر الذي هو الإرشاد بمنزلة قولك : أسعدناه ، من ذلك.

قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (٦) فى كثير من القرآن.

وقوله : (فَهُمْ يُوزَعُونَ) (١٩).

فهى من وزعت ، ومعنى وزعته : حبسته وكففته ، وجاء فى التفسير : يحبس أولهم على آخرهم حتى يدخلوا النار.

قال : وسمعت بعض العرب يقول : لأبعثن عليكم (٧) من يزعكم ويحكمكم من الحكمة التي للدابة (٨). قال : وأنشدنى أبو ثروان العكلي :

فإنكما (٩) إن تحكمانى وترسلا

علىّ غواة الناس إيب وتضلعا (١٠)

__________________

(١) فى الأصل : لا أن يسبقه ، تحريف وفى (ش) لأن أن تسبقه وهو خطأ.

(٢) سورة البلد الآية ١٠.

(٣) سقط فى ح ، ش : الخير والشر.

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة فى ح ، ش.

(٥) سورة الإنسان الآية ٣.

(٦) سورة الأنعام الآية ٩٠.

(٧) في ب ، ش إليكم.

(٨) حكمة اللجام : ما أحاط بحنكي الدابة ، وفى الصحاح : بالحنك ، سميّت بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد ، وفى الحديث : وأنا آخذ بحكمة فرسه. أي بلجامه (اللسان مادة حكم).

(٩) فى (ح) بحد كما.

(١٠) في (ش) وتضلفها وهو خطأ من الكاتب.

١٥

فهذا من ذلك ، إيب : من أبيت وآبى.

وقوله : (سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ) (٢٠).

الجلد هاهنا ـ والله أعلم ـ الذّكر ، وهو ما كنى عنه (١) كما قال : (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا) (٢) ، يريد : النكاح. وكما قال : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) (٣) ، والغائط : الصحراء ، والمراد من ذلك : أو قضى أحد منكم حاجة.

وقوله : (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) (٢٢).

يقول : لم تكونوا تخافون أن تشهد عليكم جوارحكم فتستتروا منها ، ولم تكونوا لتقدروا على الاستتار (٤) ، ويكون على التعبير : أي لم تكونوا تستترون منها.

وقوله : (وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ) (٢٢).

فى (٥) قراءة عبد الله مكان (ولكن ظننتم) ، ولكن زعمتم (٦) ، والزعم ، والظن فى معنى واحد ، وقد يختلفان.

وقوله : (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ) (٢٣).

«ذلكم» فى موضع رفع (٧) بالظن ، وجعلت «أرداكم» فى موضع نصب ، كأنك قلت : ذلكم ظنكم مرديا لكم. وقد يجوز أن تجعل الإرداء هو الرافع فى قول من قال : هذا عبد الله قائم [١٦٦ / ١] يريد : عبد الله هذا قائم ، وهو مستكره ، ويكون أرداكم مستأنفا لو ظهر اسما لكان رفعا مثل قوله فى لقمان : (الم ، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ ، هُدىً وَرَحْمَةً) (٨) ، قد قرأها حمزة كذلك (٩) ،

__________________

(١) فى ب ، ح ما كنى الله عنه.

(٢) البقرة آية ٢٣٥.

(٣) المائدة آية ٦.

(٤) زاد فى ب ، ح ، ش : منها.

(٥) في ب ، ش : وفى.

(٦) كذا في المصاحف للسجستانى ص : ٨٥.

(٧) في ب ، ح : رفع رفعته.

(٨) الآيات : ١ ، ٢ ، ٣.

(٩) وهى أيضا قراءة : الأعمش ، وطلحة ، وقنبل خبر مبتدأ محذوف ، أو خبر بعد خبر (البحر المحيط ٧ / ١٨٣).

١٦

وفى قراءة عبد الله (١) : «أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخ (٢)» ، وفى ق : (هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) (٣) كل هذا على الاستئناف ؛ ولو نويت الوصل كان نصبا ، قال : وأنشدنى بعضهم :

من يك ذا بتّ فهذا بتّى

مقيّظ مصيّف مشتّى

وقوله : (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) (٢٥).

من أمر الآخرة ، فقالوا : لا جنة ، ولا نار ، ولا بعث ، ولا حساب ، وما خلفهم من أمر الدنيا فزينوا لهم اللذات ، وجمع الأموال ، وترك النفقات فى وجوه البر ، فهذا ما خلفهم ، وبذلك جاء التفسير (٥) ، وقد يكون ما بين أيديهم ما هم فيه من أمر الدنيا ، وما خلفهم من أمر الآخرة.

وقوله : (وَالْغَوْا فِيهِ) (٢٦).

قاله كفّار قريش ، قال لهم أبو جهل : إذا تلا محمد صلى الله عليه القرآن فالغوا فيه الغطوا ، لعله يبدّل أو ينسى فتغلبوه.

وقوله : (ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ) ، ثم قال : (لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ) (٢٨).

وهى النار بعينها ، وذلك صواب لو قلت : لأهل الكوفة منها دار صالحة ، والدار هى الكوفة ، وحسن حين قلت [بالدار] (٦) والكوفة هى (٧) والدار فاختلف لفظاهما ، وهى فى قراءة عبد الله : «ذلك جزاء أعداء الله (٨) النار دار الخلد» (٩) فهذا بيّن لا شىء فيه ، لأن الدار هى النار.

وقوله : (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) (٢٩).

__________________

(١) جاء فى البحر المحيط (٥ / ٢٤٤) : قرأ ابن مسعود ، وهو فى مصحفه ، والأعمش : «شيخ» بالرفع ، وجوزوا فيه ، وفى «بعلى» أن يكونا خبرين ، كقولهم : هذا حلو حامض ، وأن يكون بعلى خبرا ، وشيخ خبر مبتدأ محذوف.

(٢) سورة هود الآية ٧٢.

(٣) الآية ٢٣.

(٤) ينسب لرؤبة بن العجاج ، وهو من شواهد سيبويه ١ / ٢٥٨ وانظر شرح ابن عقيل ١ / ٢٢٣.

(٥) كذا فى تفسير الطبري : ٢٤ / ٦٤.

(٦) زيادة من ب.

(٧) سقط فى ش لفظ (هى).

(٨) لم يثبت فى ح ، ش : (ذلك جزاء أعداء الله النار).

(٩) انظر الطبري ٢٤ / ٦٥.

١٧

يقال : إن الذي أضلهم من الجن إبليس [و] (١) من الإنس قابيل الذي قتل أخاه يقول : هو أول من سنّ الضلالة من الإنس.

وقوله : (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) (٣٠).

عند الممات يبشرونهم بالجنة ، وفى قراءتنا «ألّا تخافوا» (٢) ، وفى قراءة عبد الله : «لا تخافوا» (٣) بغير أن على مذهب الحكاية.

وقوله : (وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) (٣٥).

يريد ما يلقّى دفع السيئة بالحسنة (٤) إلّا من هو صابر ، أو ذو حظ عظيم ، فأنّثها (٥) لتأنيث الكلمة ، ولو أراد الكلام [فذكر] (٦) كان صوابا.

وقوله : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) (٣٦).

يقول : يصدنّك عن أمرنا إياك يدفع بالحسنة السيئة (٧) فاستعذ بالله تعوّذ به.

وقوله : (لا تَسْجُدُوا) (٨) (لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) (٣٧).

خلق الشمس والقمر والليل والنهار ، وتأنيثهن فى قوله : «خلقهن» [١٦٦ / ب] ؛ لأن كل ذكر من غير الناس وشبههم فهو فى جمعه مؤنث تقول : مرّ بي أثواب فابتعتهن ، وكانت لى مساجد فهدمتهن وبنيتهن يبنى (٩) [على] (١٠) هذا.

وقوله : (اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) (٣٩).

زاد ريعها ، وربت ، أي : أنها تنتفخ ، ثم تصدّع عن النبات.

__________________

(١) زيادة من ب ، ح ، ش.

(٢) وهى قراءة الجمهور.

(٣) بمعنى نتنزل عليهم قائلة : لا تخافوا ولا تحزنوا (تفسير الطبري ٢٤ / ٦٧).

(٤) فى ح : دفع السيئة الحسنة.

(٥) فى (ا) فا؟؟؟ ، والتصويب من ب ، ح.

(٦) زيادة من ب ، ح.

(٧) كذا فى ب : وفى الأصل : بدفع الحسنة السيئة.

(٨) فى (ا) ألا تسجدوا وهو خطأ من الناسخ.

(٩) فى ش بيتا وهو خطأ.

(١٠) الزيادة من ب ، ح.

١٨

وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ) (٤١).

يقال : أين جواب إنّ؟ فإن شئت جعلته (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ). وإن شئت كان فى قوله : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) (٤١) (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ) (٤٢)» ، فيكون جوابه معلوما فيترك ، وكأنه أعرب الوجهين [وأشبهه بما جاء فى القرآن.

وقوله : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) (٤٢) ، يقول : التوراة والإنجيل لا تكذبه وهى [من] (١) بين يديه «ولا من خلفه» ، يقول : لا ينزل بعده كتاب بكذبه] (٢).

وقوله : (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) (٤٣).

جزع (صلى الله عليه) من تكذيبهم إياه ، فأنزل الله جل وعز عليه (٣) : ما يقال لك من التكذيب إلا كما كذب الرسل من (٤) قبلك :

قرأ الأعمش وعاصم (٥) : «أأعجمىّ وعربىّ» (٤٤).

استفهما ، وسكنا العين ، وجاء التفسير : أيكون (٦) هذا الرسول عربيا والكتاب أعجمى؟

(٧) وقرأ (٨) الحسن بغير استفهام (٩) : أعجمى وعربى ، كأنه جعله من قيلهم ، يعنى الكفرة (١٠) ، أي : هلّا فصلت آياته منها عربى يعرفه العربي ، وعجمى يفهمه العجمي ، فأنزل الله عزوجل : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ) (٤٤).

وقرأها بعضهم (١١) : «أعجمىّ وعربى» يستفهم وينسبه إلى العجم.

__________________

(١) زيادة من ب.

(٢) ما بين المعقوفتين مطموس فى (ا) ونقل من النسخة ش لوحة ١٧١ وب لوحة ١٧.

(٣) سقط فى ب لفظ عليه.

(٤) سقط في ب لفظ من.

(٥) وهى قراءة قالون وأبى عمرو وأبى جعفر بهمزتين على الاستفهام (انظر الاتحاف ٣٨١).

(٦) فى (ا) ان يكون.

(٧) فى ب ، ح : قال وقرأ.

(٨) فى ش وقال الحسن.

(٩) وهى رواية قنبل وهشام ورويس (انظر النشر ١ / ٣٦٦) وهى أيضا قراءة أبى الأسود وآخرين (انظر المحتسب ٢ / ٢٤٧).

(١٠) العبارة فى ح ، ش من قيل الكفرة.

(١١) هو عمرو بن ميمون (المحتسب ٢ / ٢٤٨).

١٩

وقوله : (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) (٤٤).

حدثنا الفراء (١) قال : وحدثنى غير واحد منهم [أبو الأحوص و] (٢) مندل عن موسى بن أبى عائشة عن سليمان بن قتة عن ابن عباس أنه قرأ : عم (٣).

وقوله : (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (٤٤).

تقول للرجل الذي لا يفهم قولك : أنت تنادى من بعيد ، تقول للفهم : إنك لتأخذ الشيء من قريب. وجاء فى التفسير : كأنما (٤) ينادون [من السماء] (٥) فلا يسمعون (٦).

وقوله : (وَما تَخْرُجُ مِنْ) ثمرة (٧) من أكمامها (٤٧).

قشر الكفرّاة (٨) كمّ ، وقرأها أهل الحجاز (٩) : (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ) (١٠).

وقوله : (قالُوا آذَنَّاكَ) (٤٧).

هذا من قول الآلهة التي كانوا يعبدونها فى الدنيا. قالوا : أعلمناك ما منا من شهيد بما قالوا.

وقوله : (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) (٤٩).

وفى (١١) قراءة عبد الله : «من دعاء بالخير» (١٢).

وقوله : (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) (٥١) يقول : ذو دعاء كثير إن وصفته بالطول والعرض فصواب :

__________________

(١) فى ب : حدثنا محمد قال.

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من ب ، ح ، ش.

(٣) انظر تفسير الطبري ٢٤ / ٧٣ ، وهى أيضا قراءة ابن الزبير ، ومعاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص (البحر المحيط ٧ / ٥٠٢).

(٤) فى (ا) كانوا.

(٥) ما بين المعقوفتين زيادة فى ب.

(٦) انظر اللسان مادة بعد. وانظر تفسير النسفي ٣ / ٢٧٩.

(٧) كذا فى كل النسخ ، وفى قراءة حفص «من ثمرات».

(٨) الكفراة بالضم وتشديد الراء وفتح الفاء وضمها : وعاء الطلع وقشره الأعلى (اللسان مادة كفر).

(٩) أبو جعفر ونافع ، وقرأها كذلك ابن عامر وابن مقسم انظر المحيط ٧ / ٥٠٤.

(١٠) وقرأته قراء الكوفة «من ثمرة» على لفظ الواحدة (تفسير الطبري ٢٥ / ٢).

(١١) كذا فى ب ، ش ، وفى الأصل : فى قراءة.

(١٢) فى البحر المحيط ٧ / ٥٠٤ : قرأ عبد الله : «من دعاء بالخير» بباء داخلة على الخير.

٢٠