إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار

إدريس الجعيدي السلوي

إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار

المؤلف:

إدريس الجعيدي السلوي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 9953-36-640-3
الصفحات: ٤٧٩

١
٢

٣

٤

«... واستنبطوا عقوبة للسارق ، وذلك أنهم اتخذوا صندوقا مقسوما نصفين ، مقبوضا من غاربه بقريقيات ، وفتح لوحته العليا دائرتين نصفهما في كل نصفي اللوحة الفوقية ، يفتح هذا الصندوق ويدخل إليه السارق ويسد على ما فوق ركبتيه ، وتغل يداه بين خشبتين منصوبتين فوق الصندوق ، ثم يضرب بسياط خمسين سوطا بين كتفيه ، وقد نزعت ثيابه ، وصاحب السوط يضرب به بغاية جهده ، وصفة السوط قضيب رقيق ، طوله يزيد على ذراع يسيرا في رأسه جلدة ركب فيها تسعة خيوط من القنب الرقيق فيها ، عقد طول هذه الخيوط كطول القضيب ، قيل كل ضربة به يتفجر منها الدم ، وأن من ضرب به خمسين سوطا يموت لا محالة.»

نص الرحلة ص ٢٧٧

«ورأينا في نسائهم حياء كبيرا لأنهن يرفعن إلينا من بعد ، فإذا قربن ووقع بصرنا على إحداهن نكست بصرها إلى الأرض.»

نص الرحلة ص ٢٨٢

«... فبينما نحن مارون بتأن ومهلة إذ رأينا شعاعا عظيما خارجا من كوة عالية في جدار مرتفع ، جرم تلك الكوة مستدير فيما يظهر كجرم الشمس والشعاع كشعاعها ، إلا أنه أبيض يميل إلى الخضرة ، ويمكن للإنسان إمعان النظر فيه ، وبانتشار ذلك الشعاع انتشر الضوء على جميع تلك الخلائق الذين كانوا هناك حتى كأنه النهار ، ويرى البعيد منهم كما يرى القريب ، ويرى ظلال المارين على الأرض وبالجدران كما ترى الظلال بالنهار ، وتعجبنا من عقول هؤلاء الشطار كيف تخيلوا وصيروا الليل كالنهار، وليس ذلك من قبيل قلب الأبصار والأعيان ، بل هو محقق الوجود ظاهرة للعيان ...».

نص الرحلة ص ٣٥٥

٥
٦

استهلال

تهدف هذه السّلسلة بعث واحد من أعرق ألوان الكتابة في ثقافتنا العربية ، من خلال تقديم كلاسيكيّات أدب الرّحلة ، إلى جانب الكشف عن نصوص مجهولة لكتاب ورحّالة عرب ومسلمين جابوا العالم ودوّنوا يوميّاتهم وانطباعاتهم ، ونقلوا صورا لما شاهدوه وخبروه في أقاليمه ، قريبة وبعيدة ، لا سيما في القرنين الماضيين اللذين شهدا ولادة الاهتمام بالتجربة الغربية لدى النّخب العربية المثقفة ، ومحاولة التعرّف على المجتمعات والنّاس في الغرب ، والواقع أنه لا يمكن عزل هذا الاهتمام العربي بالآخر عن ظاهرة الاستشراق والمستشرقين الذين ملأوا دروب الشّرق ، ورسموا له صورا ستملأ مجلدات لا تحصى عددا ، خصوصا في اللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية ، وذلك من موقعهم القوي على خارطة العالم والعلم ، ومن منطق المستأثر بالأشياء ، والمتهيء لترويج صور عن «شرق ألف ليلة وليلة» تغذّي أذهان الغربيين ومخيّلاتهم ، وتمهّد الرأي العام ، تاليا ، للغزو الفكري والعسكري لهذا الشرق. ولعل حمله نابليون على مصر، بكل تداعياتها العسكرية والفكرية في ثقافتنا العربية ، هي النموذج الأتمّ لذلك.

فقد دخلت المطبعة العربية إلى مصر مقطورة وراء عربة المدفع الفرنسي

٧

لتؤسس للظاهرة الإستعمارية بوجهيها العسكري والفكري.

على أن الظّاهرة الغربية في قراءة الآخر وتأويله ، كانت دافعا ومحرضا بالنسبة إلى النخب العربية المثقفة التي وجدت نفسها في مواجهة صور غربيّة لمجتمعاتها جديدة عليها ، وهو ما استفز فيها العصب الحضاري ، لتجد نفسها تملك ، بدورها ، الدوافع والأسباب لتشدّ الرحال نحو الآخر ، بحثا واستكشافا ، وتعود ومعها ما تنقله وتعرضه وتقوله في حضارته ، ونمط عيشه وأوضاعه ، ضاربة بذلك الأمثال للناس ، ولينبعث في المجتمعات العربية ، وللمرة الأولى ، صراع فكري حاد تستقطب إليه القوى الحيّة في المجتمع بين مؤيد للغرب موال له ومتحمّس لأفكاره وصياغاته ، وبين معاد للغرب ، رافض له ، ومستعدّ لمقاتلته.

وإذا كان أدب الرحلة الغربي قد تمكن من تنميط الشرق والشرقيين ، عبر رسم صور دنيا لهم ، بواسطة مخيّلة جائعة إلى السّحري والأيروسيّ والعجائبيّ ، فإن أدب الرحلة العربي إلى الغرب والعالم ، كما سيتّضح من خلال نصوص هذه السلسلة ، ركّز ، أساسا ، على تتبع ملامح النهضة العلميّة والصناعيّة ، وتطوّر العمران ، ومظاهر العصرنة ممثلة في التطور الحادث في نمط العيش والبناء والاجتماع والحقوق. لقد انصرف الرّحالة العرب إلى تكحيل عيونهم بصور النهضة الحديثة في تلك المجتمعات ، مدفوعين ، غالبا ، بشغف البحث عن الجديد ، وبالرغبة العميقة الجارفة لا في الاستكشاف فقط ، من باب الفضول المعرفي ، وإنما ، أساسا ، من باب طلب العلم ، واستلهام التجارب ، ومحاولة الأخذ بمعطيات التطور الحديث ، واقتفاء أثر الآخر للخروج من حالة الشّلل الحضاريّ التي وجد العرب أنفسهم فريسة لها. هنا ، على هذا المنقلب ، نجد أحد المصادر الأساسية المؤسّسة للنظرة الشرقية المندهشة بالغرب وحضارته ، وهي نظرة التطلّع إلى المدنيّة وحداثتها

٨

من موقعه الأدنى على هامش الحضارة الحديثة ، المتحسّر على ماضيه التليد ، والتّائق إلى العودة إلى قلب الفاعلية الحضارية.

إن أحد أهداف هذه السّلسلة من كتب الرحلات العربية إلى العالم ، هو الكشف عن طبيعة الوعي بالآخر الذي تشكّل عن طريق الرحلة ، والأفكار التي تسرّبت عبر سطور الرّحالة ، والانتباهات التي ميّزت نظرتهم إلى الدول والناس والأفكار. فأدب الرحلة ، على هذا الصعيد ، يشكّل ثروة معرفيّة كبيرة ، ومخزنا للقصص والظواهر والأفكار ، فضلا عن كونه مادة سرديّة مشوّقة تحتوي على الطريف والغريب والمدهش مما التقطته عيون تتجوّل وأنفس تنفعل بما ترى ، ووعي يلمّ بالأشياء ويحلّلها ويراقب الظواهر ويتفكّر بها.

أخيرا ، لا بد من الإشارة إلى أن هذه السّلسلة التي قد تبلغ المائة كتاب من شأنها أن تؤسس ، وللمرة الأولى ، لمكتبة عربية مستقلّة مؤلّفة من نصوص ثريّة تكشف عن همّة العربيّ في ارتياد الآفاق ، واستعداده للمغامرة من باب نيل المعرفة مقرونة بالمتعة ، وهي إلى هذا وذاك تغطي المعمور في أربع جهات الأرض وفي قارّاته الخمس ، وتجمع إلى نشدان معرفة الآخر وعالمه ، البحث عن مكونات الذات الحضارية للعرب والمسلمين من خلال تلك الرحلات التي قام بها الأدباء والمفكرون والمتصوفة والحجاج والعلماء ، وغيرهم من الرّحالة العرب في أرجاء ديارهم العربية والإسلامية.

محمد أحمد السويدي

٩
١٠

المقدّمة

الفصل الأول :

رحلة الجعيدي (١) نموذج للرحلات المغربية لأوربا خلال ق ١٩ م

إن حقبة القرن ١٩ على الصعيد المغربي ، تبدو إلى حد ما غنية بالتصورات المبدعة من قبل النخبة المثقفة ، اتجاه النهضة الأوربية الحديثة ، فطبيعة الظروف الدولية التي كانت قد أحاطت بالمغرب خلال هذه الحقبة والتي تتجلى في تزايد الأطماع الأوربية وتراجع مركز المغرب الدولي ، نشطت الديبلوماسية المغربية بشكل مكثف صوب أوربا ، محاولة التأثير في هذا الواقع ، فكانت لها مردودية سياسية كما أنها أسهمت في بلورة العديد من الإنتاجات الفكرية (٢) التي اهتمت بتصوير المدنية الأوربية الحديثة ،

__________________

(١) تكتب اليوم حسب سجلات الحالة المدنية بالجعيدي بدون ألف وهي التي اعتمدتها في الدراسة والتحقيق.

(٢) وهي رحلة الصفار التطواني إلى فرنسا سنة ١٨٤٥ م ، ورحلة الفاسي إلى أنجلترا سنة ١٨٦٠ م ، ورحلة العمروي إلى فرنسا سنة ١٨٦٠ م. ورحلة بنسعيد السلاوي إلى فرنسا سنة ١٨٦٦ م ، ورحلة الكردودي إلى إسبانيا سنة ١٨٨٥ م ، ورحلة الغسال إلى أنجلترا سنة ١٩٠٢ م ، وقد استمر هذا الإنتاج الفكري حتى في عهد الحماية.

١١

ويؤرخ هذا الانتاج الفكري لأولى انطباعات المغاربة عن أوربا. وتندرج رحلة الجعيدي (١) في هذا الإطار كأكبر رحلة سفارية إلى أوربا ، بقيت مخطوطة أكثر من قرن من الزمن قابعة داخل إحدى الخزانات العائلية السلاوية لا نجد ذكرا (٢) لها في كل الدراسات التي تعالج فترة حكم السلطان الحسن الأول. حتى تفضل حفيد صاحب «الرحلة» سيدي محمد الجعيدي مشكورا فزودنا بها ، كما أننا لم نعثر على نسخة أخرى للمخطوط ، إن وجدت رغم قيامنا بالتفتيش الجدي في مظان وجود المخطوطات المغربية ، لذلك اعتمدنا على هذه النسخة الأصلية التي هي بين أيدينا ، وواصلنا البحث داخل خزانة (٣) ولده سيدي عبد القادر الجعيدي الكائنة بباب حساين بسلا.

التعريف بالمخطوط (٤)

إن المخطوط الذي نحن بصدد تحقيقه ودراسته هو رحلة سفارية من تأليف إدريس الجعيدي كاتب سفارة الحاج محمد الزبيدي الرباطي إلى أوربا سنة ١٨٧٦ م ، وتبلغ عدد ورقات هذه النسخة ١٧٨ ورقة. وبكل ورقة صفحتان واحدة عن اليمين والثانية عن اليسار ، ما عدا الأوراق التالية ، ٣ و١٠ والأخيرتين ١٧٧ و١٧٨ ، بها صفحة واحدة فقط. إذن عدد الصفحات الموجودة بهذه النسخة ٢٥٦ صفحة ، ومقياس كل ورقة ١٨* ٢٦ سم وفي كل صفحة ما بين ١١ و١٨ سطرا ، وفي كل سطر ما بين ١٠ إلى ١٨

__________________

(١) يسمي هذه الرحلة ـ خطأ ـ أحمد الناصري بالاستقصاء ج ٩ : ١٥١ ؛ وعبد الله الجراري بأعلام الفكر ، ج ٢ : ٢٧٥ ؛ وأحمد الصبيحي في كناشته الفالودج ـ تحفة الأخيار بغرائب الأخبار ـ.

(٢) لم يذكر هذه الرحلة المؤرخ بن سودة في دليله ، وإنما ذكر رحلة إدريس بن محمد بن ادريس الجعيدي السلاوي المتوفى سنة ١٩٤١ م ، وهي رحلة حجازية نشرت بجريدة «السعادة» مع ترجمته بالعدد ٥١٠٨.

(٣) تفضل سيدي محمد الجعيدي ، ووهب هذه الخزانة بكاملها ، إلى الخزانة العلمية الصبيحية بسلا.

(٤) انظر الصفحة الأولى والصفحة الأخيرة من المخطوط في ملحق الرسوم والصور صفحة ٣٠ و٣١).

١٢

كلمة ، وهي نسخة سليمة من الخروم ، كتبت بخط مغربي رقيق عدلي بيد صاحبها بالحبر الأسود فقط ، إضافة إلى هذا لاحظنا أن المؤلف قد لجأ في البداية إلى كتابة فهرس عناوين رحلته مع أرقام الصفحات دون أن يوظف هذه العناوين بكاملها في مكانها المناسب أو يكتفي بالإشارة إليها في الهامش مما اضطرنا إلى إعادة توظيفها بكاملها كعناوين بارزة تساعد القارئ على التعرف عن الأحداث التي يتحدث عنها. تتخلل المخطوط أحيانا نقط مثلثة () يبدو أن الجعيدي وضعها بدل الفواصل والنقط دون الرجوع إلى السطر ، وقد حرص على وضع التعقيبة في آخر كل صفحة حتى يطمئن القارئ على تسلسل المضمون. وتتضمن هذه النسخة العديد من الحواشي بعضها من نفس خط المتن وتكون في اتجاهه ، وهي مرتبة بالمتن كتخريجات أو توقيفات أو تصحيحات أو تعليقات ، أدرجتها في مكانها المناسب داخل المتن بين نجمتين ، وبعض هذه الحواشي بخطوط مختلفة تبين لنا أن أحدها خط ابنه عبد القادر الجعيدي ، والثانية خط المؤرخ ابن علي الدكالي السلاوي. فأشرت إلى كل حواشيهما باسم صاحبها.

١٣

المتن (١)

وردت في النص أخطاء لغوية وإملائية كثيرة ، قمنا بتصحيحها وأثبتنا في الهامش العبارة في شكلها غير الصحيح ، وإذا تكرر الخطأ نصححه دون ذكر ذلك على الهامش تلافيا لإثقال النص بالهوامش ، أما بالنسبة لبعض الأخطاء الناتجة عن استعمال الكلام الدارج فإننا آثرنا تركها كما وردت حتى لا يؤدي ذلك إلى تشويه النص ، وقمنا بشرح بعضها في الهامش ، وإذا تكررت كثيرا أحلنا القارئ إلى ملحق خاص لشرح الكلمات العامية المغربية. وقمنا بترك الأشعار الواردة كما هي بدون تصحيح وذكرنا بحورها العروضية فقط.

واستعملنا المزدوجتين للآيات القرآنية والأحاديث ، أما العلامات (//) التي تتخلل النص فقد وضعناها لتشير إلى المكان الذي تنتهي فيه كل صفحة من صفحات المخطوط.

__________________

(١) قسمهم الجعيدي إلى مقدمة وستة أجزاء.

المقدمة كتوطئة للرحلة.

الجزء الأول : من الدخول إلى طنجة إلى الركوب إلى مرسيليا (ستة أبواب).

الجزء الثاني : في أخبار مرسيليا وباريس (اثنان وعشرون بابا).

الجزء الثالث : الخروج إلى جنس البلجيق وما رأينا في بعض مدنهم (ثمانية عشر بابا).

الجزء الرابع : في بعض أخبار بلاد النجليز (ستة عشر بابا).

الجزء الخامس : الرجوع إلى بر الفرنصيص والتوجه منه للطليان. (أربعة أبواب)

الجزء السادس : في أخبار بعض بلاد الطليان (ثلاثة عشر بابا).

الخاتمة : لم يكتبها.

وقاعدته في ذكر الأعلام والمدن أنه يوردها بنطقها الأعجمي.

١٤

الصفحات الفارغة من المتن

ذكر صاحب الرحلة في فهرس رحلته وكذلك في الصفحة / ١٢٥ / «.....» (١). وفي الصفحة / ٢٣ / «هذا الفصل سيقدم ويلحق بموضعه المناسب بحول الله» ، نستنتج من كلامه هذا أن رحلته ما زالت مسودة أي مبيضة وأنه لم ينته بعد من كتابة جميع أجزاءها.

لهذا توجد بعض صفحات هذه الرحلة بيضاء فارغة وهي حسب الجدول التالي :

١_ فهرس العناوين الذي وضع صاحب الرحلة جزءه الأخير غير كامل (٢).

٢ _ مقدمة الجعيدي جزءها الأخير ناقص«... الطالب السيد ...»عند الصفحة/٩/.

٣_ الصفحات الفارغة في المخطوط (٣).

٤_ الصفحة الوحيدة التي يوجد بها بثر في وسطها بواسطة آلة حادة / ٢٠٢ / هي رقم/ ٢٠٢ /.

٥_ الصفحتان / ١٢٣ / و/ ١٢٤ / مكررتان.

٦_ تنفرد رحلة الجعيدي السفارية بوجود بعض الرسوم التوضيحية بحواشي بعض الصفحات ، كما أنني طعمتها ببعض الرسوم الأخرى تقريبا للفهم (انظر جدول الرسوم بالملحق).

__________________

(١) «هذا الفصل يقوم عند الخروج من هذه المبيضة بحول الله». والمبيضة هي مشروع مرسوم أو رسالة أو مقولة وغير ذلك. وأصلها المسودة ودعيت مبيضة تفاؤلا.

(٢) كما أن أحداث الرحلة أحيانا غير متسلسلة كمثال «أثناء إقامتهم بباريس في المرة الأولى يقول : في يوم الخميس ١٥ ـ ٦ ـ ١٨٧٦ م حضروا استعراض الجيش الفرنسي ، ثم يعود بالحديث أنه في يوم الأربعاء ١٤ ـ ٦ ـ ١٨٧٦ م تناولوا طعام العشاء بدار كبير الدولة ، ثم يعود إلى يوم الخميس ١٥ ـ ٦ ـ ١٨٧٦ م ليستمر في مذكراته من جديد حسب التسلسل الزمني ...».

(٣) وهي / ٢٥ / و/ ٢٦ / و/ ١١٠ / و/ ١١١ / و/ ٢٠٣ / و/ ٢٠٤ / و/ ٢٠٥ / و/ ٢١٢ / و/ ٢١٣ / و/ ٢١٤ / و/ ٢١٥ / و/ ٢٤٤ / و/ ٢٤٥ / و/ ٢٤٦ / و/ ٢٤٧ / و/ ٢٤٨ / و/ ٢٤٩ / و/ ٢٧٢ / و/ ٢٧٢ / و/ ٢٧٣ / و/ ٣٠٦ / و/ ٣٠٧ / و/ ٣٠٨ / و/ ٣٠٩ / و/ ٣٤٢ / و/ ٣٤٣/.

١٥

ترجمة صاحب الرحلة :

ترجمة مختصرة لآل الجعيدي

ينتمي إدريس الجعيدي السلاوي إلى أسرة شريفة ، كانت تستوطن مدينة تطوان ، التي يوجد بها ضريح جده الشيخ أبو الحسن علي بن مسعود الجعيدي (١) المتوفى عام ٠٣٢ ه‍. «... ودفن بزاويته الخاصة قرب جامعه الكبير بحومة العيون ، وما زال ضريحه قائما تقام به الصلوات ، ويزوره الناس ويتبركون به ، ومسجده من أعظم مساجد تطوان» (٢) وقد احتفظ أبناء الشيخ بعد وفاته بكل احترام وتوقير ومكانة (٣) هامة.

احتل حفدته مناصب مخزنية هامة في الدولة المغربية أيام السلطان سيدي محمد بن عبد الله ، الذي عين عبد السلام بن الخياط بن علي الجعيدي قائدا بأحواز فاس لحل المشاكل والدعاوي عام ١١٩٨ ه‍. وتولى محمد الجعيدي قيادة مدينة صفرو وأحوازها أيام السلطان مولاي سليمان عام ١٢٣٥ ه‍. وعين عبد القادر بن الخياط الجعيدي كاتب الديوان الجهادي بسلا ، كما جاء ذلك عند ابن زيدان (٤) : «أنه في سنة ١٢٠٣ ه‍ أرسل السلطان سفارة مهمة للسلطان عبد الحميد كما جاء بخط كاتب الديوان الجهادي بسلا في ذلك العهد سيدي عبد القادر الجعيدي أوائل شعبان ١٢٠٣ ه‍ ...».

وبالتالي هو أول من استوطن مدينة سلا من آل الجعيدي بسبب الوظيفة المذكورة،

__________________

(١) انظر ترجمته الكاملة عند محمد داود «تاريخ تطوان» ، القسم ٣ من المجلد الأول : ٣٣٢. وذكر أن هذه العائلة انقرضت من تطوان سنة ١٩٥٧ م. (انظر صورة صاحب الرحلة في ملحق الرسوم والصور صفحة ٣٢).

(٢) عبد الله محمد بن الطيب القادري ، التقاط الدرر ... ، ج ١ : ١٤٠.

(٣) كما تدل على ذلك الظهائر السلطانية الموجودة ضمن وثائق آل الجعيدي بالخزانة العلمية الصبيحية بسلا.

(٤) الإتحاف ، ج ٣ : ٣٠٦.

١٦

واتصل إذ ذاك بالقبطان الشهير الحاج الهاشمي عواد ، وانعقدت بينهم المصاهرة التي ما زالت محكمة بين العائلتين (١) وبعد حوالي نصف قرن من استيطان الجعيديين مدينة سلا ، ولد صاحب الترجمة.

__________________

(١) مما يدل على ذلك عقود الصداق الموجودة ب خ. ع. ص. بسلا.

١٧

__________________

(١) صاحب قعود آل الجعيدي بتاريخ ١١٠٨ ه‍.

(٢) كاتب الديوان بسلا عام ١٢٠٣ ه‍ (أول من استوطن مدينة سلا).

(٣) أولاده من زوجته الأولى خديجة الصابونجي توفيت عام ١٢٩٢ ه‍.

(٤) أولاده من زوجته الثانية فاطمة بنت الأمير الحاج محمد بن أحمد عواد.

(٥) عضو مجلس الاستئناف الأعلى ، ترجمته ب «أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين» ، عبد الله الجراري ، ج ٢، ٢٧٥. وهو صاحب الرحلة الحجازية ذكرها عبد السلام بن سودة ب «دليل مؤرخ المغرب الأقصى» : ٩٩.

١٨

نسبه

سيدي إدريس ابن محمد بن إدريس بن عبد القادر بن الخياط بن علي بن عبد الله بن الوالي الصالح سيدي علي ابن مسعود ، دفين تطوان ، ابن مسعود حسب وثيقة خطية (١).

ويستمر نسب صاحب الترجمة مسترسلا ، حسب قعود آل الجعيدي الموجود ب. خ. ص. بسلا ، والمكتوب في ورقة عدلية من الحجم الكبير بتاريخ أواسط جمادى عام ١١٠٨ ه‍.

__________________

(١) هذه الشجرة التي استنتجتها من وثائق آل الجعيدي ب : خ. ص. بسلا ، تطابق ما جاء بخط سيدي عبد القادر بن إدريس الجعيدي السلاوي في كناشة صغيرة توجد بخزانته العائلية بحي باب حساين بسلا من الحجم الصغير.

إن نسبه هو عبد القادر بن ادريس بن محمد بن ادريس بن عبد القادر بن الخياط بن علي بن عبد الله بن علي بن مسعود الجعيدي الأنجري الأصل التطواني المزار ، وبها ضريحه الأسمى المتصل نسبه بفاتح المغرب مولانا ادريس ـ رضي الله عنه ـ وقد كان انتقال أجداد الشيخ المذكور لفاس صدر الدولة العلوية الشريفة دام عزها ، وأسندت لهم مناصب مخزنية أيام السلطان المقدس سيدي محمد بن عبد الله ... ولا زال محلهم مشهورا بحومة العيون من فاس ... قد كتب بزليجة خضراء بنقش بديع صدر السقاية بجدارها المواجه أبياتا نصها :

شاد حسني وجمالي

نزهة للناظرينا

ماء واد من نداه

به قد زان العيونا

نزه الألحاظ واشرب

واغترف ماء معينا

سيدي عبد السلام

أشرف الحكام فينا

وادع للاسم الجعيدي

وأمير المؤمنينا

نقش تاريخ ويغفر

للذ قال آمينا

.. وقوله ويغفر إشارة لتاريخ ولاية سيدي عبد السلام عام : ي ـ ١٠ ، ع ـ ٩٠٠ ، ف ـ ٨٠ ، ر ـ ٢٠٠.

المجموع ـ ١١٩٦ ه‍.

١٩

مسعود بن تكال بن يجعد بن سليمان بن محمد بن إسماعيل بن عيسى ابن يعلي بن عبد العزيز بن خليفة بن هاشم بن سمرة بن هلال بن عمر بن كثير بن إدريس بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن فاطمة بنت مولانا رسول الله ... حتى نصل إلى بن عدنان. (رقم الوثيقة ٢٢) ومصادق على صحة هذا القعدود اثنا عشر من الشهود من أهل مدينة تطاوين بتاريخ رجب ١٠٨ ه‍.

وقابل هذا القعدود عدلان وشهدا بصحة المقابلة والمماثلة بتاريخ ١٩ جمادى الأولى عام ١٣٢٨ ه‍ ، كما اطلع عليه عدلان من حضرة فاس يوم ١٥ شعبان عام ١٣٢٩ ه‍.

نشأته ودراسته

أما تاريخ ولادة الشريف سيدي إدريس بن محمد بن إدريس

عبد القادر الجعيدي ، إلى حد الآن لم أستطع أن أضبطها أو أعثر عليها ، وإنما أقدرها فقط أوائل الخمسينات من القرن ١٣ ه‍. وهي تصادف الفترة التي ولد فيها المؤرخ أبو العباس أحمد بن خالد الناصري ، المزداد بسلا بتاريخ ٢٢ ذي الحجة ١٢٥٠ ه‍ ، الموافق (٢٢ مارس عام ١٨٣٥ م).

إذن يمكننا أن نستشف ونتلمس من خلال ترجمة سيدي أحمد الناصري ـ المنشورة بالاستقصا (١). الجو الثقافي والعلمي والأدبي الذي كانت تعيشه مدينة سلا ، وبالتالي نتعرف على نشأته ودراسته عن طريق المقارنة والمماثلة ، لأن كلا من الناصري والجعيدي قرينان في العمر ومن أبناء مدينة واحدة.

تقول ترجمة الناصري «... كانت هذه المدينة (سلا) إذ ذاك زاهرة بالعلوم الإسلامية والعربية ، وفيها جماعة وافرة من العلماء والمدرسين والأساتذة القراء الذين يعتمد عليهم في تحقيق الفنون ودرس أصول العلوم والمتون».

__________________

(١) الجزء ١ : ٩ من طرف ولديه جعفر ومحمد الناصري.

٢٠