غاية الأصول في شرح كفاية الأصول

السيّد علي السيّد آقا ميري الدزفولي

غاية الأصول في شرح كفاية الأصول

المؤلف:

السيّد علي السيّد آقا ميري الدزفولي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: انتشارات وفائي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٦

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

حياة المؤلف

كان سيّد الفقهاء والأعلام المرحوم آية الله العظمى السّيد عليّ آقا ميري ابن الفقيه الطّبيب المرحوم السّيد نعمة الله ابن المرحوم السّيد أسد الله ابن المرحوم آية الله السّيد محمّد حسين آقا ميري ابن علّامة دهره ، ووحيد عصره المرحوم آية الله العظمى السّيد عبد الباقي الموسوي الدّزفولي المعروف بالسّيد آقا مير (١) ابن المرحوم السّيد مرتضى.

وما يظهر من التّحقيق إنّ أوّل العلماء من سكنة مدينة دزفول كان المرحوم آية الله آقا مير السّيد عبد الباقي ، فإنّه علاوة على رئاسته العلميّة كان في زهده وقداسته وورعه وحيد عصره ، كما ظهرت منه كرامات كثيرة لا زالت تتناقل على ألسن النّاس.

سافر في أوان شبابه إلى مدينة اصفهان ليغرف من علوم أهل البيت عليهم‌السلام من منابعها الفياضة عند كبار العلماء والفقهاء ، واستفاد من دروس الحوزات العلميّة لأعاظم العلماء أمثال جمال الدّين الخوانساري (٢) ، ثمّ سافر إلى مشهد الإمام عليّ

__________________

(١) كان هذا اللقب يطلق في تلك الأيّام للشّخصية المرموقة علميا في تلك المدينة.

(٢) تتلمذ العالم العامل ، الحكيم المحقق ، المتكلّم المدفق ، الفقيه والمحدث الجليل الشأن جمال الدّين

٣

الرّضا عليه‌السلام استفاد من درس المولى عبد الرحيم الجامي ، ويعتقد الآخرون أنّه حضر دروس العلّامة محمّد باقر المجلسي «رحمه‌الله» في زمن إقامته في مدينة أصفهان ، وتوفق بأخذ إجازة الرّواية والفتوى منه «رحمه‌الله» ، وبعد نيله المدارج العالية واحرازه المراتب العلميّة السّامية أقفل راجعا إلى مدينته دزفول ، واغتنم طلاب العلم وجوده الشّريف بينهم ، فتقاطروا من الأطراف والأكناف إلى درسه وتخرج جميع العلماء والفضلاء في تلك الأيّام وفي تلك الدّيار من مدرسته وتربوا على يده المباركة وكان لهم افتخار التّلمذة.

كما حضر في درس العلّامة الكبير المرحوم السّيد عبد الله الجزائري حفيد المحدّث الكبير المرحوم السّيد نعمة الله الجزائري «رحمه‌الله» بعد هجرته من مدينة التّوستر ـ الشّوشتر ـ إلى مدينة دزفول ـ وذكر في كتابه «الإجازة الكبيرة» عن فضله وكماله وتقواه وفقاهته.

كان للسّيد عبد الباقي مدرسا كبيرا يحضره الأعلام للاستفادة منه ـ يعرف هذا المحل أو المدرس ب «غرفة السّيد آقا ميري» (١) ولا زال جانبا من هذا البناء باقيا إلى الآن ـ فكان له «ره» مضافا إلى مقامه العلمي الشّامخ إمامة الجمعة ، تولى إمامة الجماعة في المسجد الجامع في دزفول من سنة (١١١٠ ه‍ ق) تقريبا (٢) ، ولا زالت إمامة الجماعة بيد أحد أبناء هذه العائلة الكريمة.

__________________

(١) وللأسف اعتبر بعض الكتّاب الجهلاء ، هذا المحل من الآثار التاريخية يعود إلى قبل الإسلام ، وهذا خطأ ، لأنّ الحوزات العلميّة في دزفول كانت تسمى في السّابق «اطاق» وبهذا الدّليل كانت أكثر البيوتات العلميّة في دزفول لها مثل هذه الغرف ، ويجدر بالذّكر أنّ تاريخ بناء «أطاق» آقا مير يعود إلى العصر الصّفوي.

(٢) أقدم سند موجود للمسجد الجامع في دزفول ، سند الوقف لحمام المسجد ، ويرجع تاريخ كتابته إلى سنة (١٠٥١ ه‍ ، ق) وفيها نسخة محفوظة.

٤

كتب المؤرخ الشّهير الشّيخ محمّد عليّ الحزين اللاهيجي في سفره إلى دزفول في كتابه المشهور «تاريخ الحزين» : «كان من الاعيان السّيد الفاضل مير عبد الباقي «ره» ، والمرحوم مير السّيد عليّ بن مرتضى الدّزفولي «المتوفي ١٢٠٠ ه‍ ، ق» تقريبا».

وورد في كتاب «تذكرة دزفول» ولا يزال مخطوطا وتوجد منه نسخة مصوّرة في مكتبة آية الله العظمى السّيد المرعشي النّجفي «ره» في فصل الماضين : «أمّا من العلماء المعاصرين منهم كان والمرحوم آقامير عبد الباقي ، وقد انتشر إحسانه في كل مكان بما يستغني عن البيان».

وأخيرا أفل كوكب ذلك العالم الفريد المشرق في سنة (١١٤٢ ه‍ ، ق) وعرجت روحه الطّاهرة إلى الملأ الأعلى.

وكان لآية الله العظمى آقا مير عبد الباقي ستة أولاد ، وكان الذّكور من أولاده هم :

١ ـ المرحوم آية الله السّيد محمّد حسين ، كان من العلماء الأعلام والشّخصية المرموقة من بيت السّادات آقا مير بعد وفاة والده ، وحاز في مدينة دزفول الرّئاسة العلميّة في سنة (١١٤٣ ه‍ ، ق) إلى حدود سنة (١٢١٤ ه‍ ، ق) في المسجد الجامع دزفول.

٢ ـ المرحوم السّيد مرتضى.

٣ ـ المرحوم السّيد محمّد باقر.

وكذلك كان للمرحوم آية الله السّيد محمد حسين آقا مير ثمانية أولاد ، والذّكور

٥

منهم :

١ ـ المرحوم السّيد نور الدّين (١). تولّى إمامة الجماعة في مسجد الجامع في دزفول بعد وفاة والده من سنة (١٢١٤ ه‍ ، ق) إلى (١٢٤٥ ه‍ ، ق) تقريبا.

٢ ـ المرحوم السّيد أسد الله الطّبيب.

٣ ـ المرحوم السّيد عليّ.

٤ ـ المرحوم السّيد إسماعيل.

٥ ـ المرحوم السّيد أبو القاسم.

٦ ـ المرحوم السّيد أبو الحسن.

٧ ـ المرحوم السّيد إبراهيم.

وكان للمرحوم السّيد أسد الله الطّبيب أيضا ستة أولاد ، والذّكور من أولاده عبارة عن.

١ ـ المرحوم السّيد نعمة الله ، فانّه علاوة على تلبسه بلباس أهل العلم كان يعمل طبيبا.

٢ ـ المرحوم السّيد نور الله.

٣ ـ السيد محمّد حسين.

__________________

(١) وكان للمرحوم السيد نور الدين أيضا خمسة أولاد الذّكور منهم : الأول المرحوم السّيد عبد الكريم ، كانت له إمامة الجماعة من سنة (١٢٤٥ ه‍ ، ق) إلى حدود (١٣٦٧ ه‍ ، ق) في المسجد الجامع ، الثّاني : المرحوم السّيد محمد حسين ، كانت له إمامة الجماعة أيضا عند غياب أخيه وبعد وفاته إلى سنة (١٣٠٠ ه‍ ، ق) في المسجد الجامع.

وكان للمرحوم السّيد محمّد حسين أيضا ثلاثة أولاد ، والذكور منهم : الأول : المرحوم السّيد عبد السّلام بعد رجوعه فإنّه من سفر طهران تولى إمامة الجماعة في المسجد الجامع من سنة (١٣٢٢ ه‍ ، ق) إلى (١٣٢٦ ، ه ، ق). الثّاني : المرحوم السّيد عبد النّبى الذي تولى إمامة الجماعة في المسجد الجامع من سنة (١٣٠٨ ه‍ ، ق) إلى (١٣٢١ ه‍ ، ق) ، ـ ولا يخفى أنّه جدّ الكاتب عن حياة المؤلف ـ دفن هذان الأخوان الجليلان في مقبرة خاصّة تقع في مقابل «اطاق» آقا مير «ره».

٦

وكان أولاد المرحوم السّيد نعمة الله هم :

١ ـ المرحوم السّيد عبد الكريم.

٢ ـ المرحوم السّيد طاهر.

٣ ـ المرحوم السّيد محمّد حسين.

توفوا جميعا دون أن يحلفوا من بعدهم ذريّة «رحمهم‌الله جميعا».

٤ ـ المرحوم الحاج محمّد حسين السيّد الإمامي.

٥ ـ سيّد الفقهاء والمجتهدين المرحوم آية الله العظمة السّيد عليّ آقا ميري «قدس‌سره» مؤلف الكتاب.

وكان من أعاظم علماء الأعلام ، الفقيه ، الأصولي ، الزّاهد ، الذي وصل إلى الكمالات النّفسية واتصف بالصّفات الحميدة ولد في مدينة دزفول في سنة (١٢٦٧ ه‍ ، ق) وبعد إتمامه المقدّمات والسّطوح شدّ رحله وتوجه إلى النّجف الأشرف ، واستفاد عدّة سنوات من درس المحقق المدقق والفقيه الزّاهد المرحوم الحاج ميرزا حبيب الله الرّشتي «رحمه‌الله» (١) حيث كان من أكابر تلاميذ الشّيخ الأعظم الشّيخ مرتضى الأنصاري «ره».

وورد في إجازة الأستاذ له بالرّواية في سنة (١٣١١ ه‍ ، ق) في خاتمة تقريرات فقهه مدح السّيد «ره» بهذه العبارة.

__________________

(١) يعتبر آية الله ميرزا حبيب الله الرّشتي «ره» من أكابر علماء وأساتذة فقهاء الشّيعة الإمامية ، تتلمذ على يد المولى عبد الكريم الايرواني في مدينة قزوين ، ثمّ رحل إلى النّجف الأشرف واستفاد من درس آية الله الشّيخ محمّد حسن الجواهري صاحب كتاب «الجواهر» وبعده التحق ببحر العلم والمعرفة آية الله الشّيخ الأنصاري «ره» ، وبقي مرافقا له حتّى وفاة الشّيخ الأنصاري «ره» ، وكان محتاطا جدا بحيث انّه كان لا يتصرف في الوجوهات الشّرعيّة ، مع ابتعاده الكامل عن الرّئاسة ، ومن شدّة زهده وتقواه لم يرض أن يقلّده أحد من النّاس ، علاوة على ذلك كان رجلا عابدا دائم الطّهارة والوضوء ، ويقضي بالصّوم أكثر أيّام سنته ، توفي في سنة (١٣١٢ ه‍ ، ق).

٧
٨

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله بارئ النّسم ، ومعلّم الإنسان ما لم يعلم ، واصلّي على نبيّ الرّحمة وآله الأطهار الأئمّة صلى الله عليهم أجمعين.

هذا ، ولمّا كان العامل العالم وذبالة مقباس بني هاشم السّيد التّقي والحبر الصّفي جناب السّيد عليّ الدّزفولي نجل المرحوم من له الفضل والرّفعة امام الجمعة قد تلمّذ علينا برهة من الزّمان ، فرأيناه ذا فكرة نقّادة وبصيرة وقّادة ، وقد أطلعني على هذه الكراريس ، فرأيت فيها نبذة من العلم النّفيس ممّا تلقاه منّا في مجلس التّدريس ، فأردت أن أخطّ بالبراع ، تعريف ما وقع في هذه الرّقاع ، فرأيت أنّ النّظر فيه عن جميع ذلك يغنيه ، وفي العيان كفاية عن البيان ، لذاك طويت عن ذلك كشحا ، وصرفت القلم عن ذلك رشحا ، وحيث أنّ والده المرحوم قد انتقل إلى دار القرار ومحلّ الأبرار ، أذنّا له بالرّجوع إلى وطنه والحلول في مسكنه كي ما يكون بمقام أبيه ، فإنّه والحمد لله قد أحرز الجمّ الكثير والفريد الخطير ، تقيّ ورع نقيّ مهذّب وعليم بالفضل مجرّب.

وقد أذنّا له بأن يتصرّف في جميع الأمور الحسبيّة الرّاجعة إلى حاكم الشّرع من قبض حقّ الإمام روحي فداه وصرفه في مواقعه ، وكذا مجهول المالك ومال اللقطة ، والنّيابة عن الغيّاب وغير ذلك.

وأوصيناه بالمواظبة على الاشتغال واقتناص صالح الأعمال ، وأن يأخذ بالحائطة ، وفي الخبر :

٩

«أخوك دينك ، فاحتط لدينك»

وأن لا ينساني من الدّعاء كما إنّي إنشاء الله لا أنساه ، زاد الله في علمه وتقواه.

الجاني

حبيب الله الغروي الجيلاني

الختم.

ويستفاد من بعض عبارات الإجازة ، أن صاحب التّرجمة بعد وقوفه على وفاة والده يصمم العودة إلى وطنه دزفول ، ثمّ لعلل أخرى رفض البقاء فيها فقفل عائدا إلى النّجف الأشرف ، وحضر درس الفقيه الكبير مولى الشّرابياني المعروف بالفاضل الشّربياني (١).

ومؤلفنا الجليل قد تتلمذ على يد هذا العالم الجليل ومرجع الشّيعة المشهور من أكابر علماء الإماميّة وفقهاء الاثني عشرية ، وقد ورد في إجازته التي منحها للسّيد المؤلف في سنة (١٣٢٠ هق) مادحا ومعظما له.

__________________

(١) ولد آية الله الفاضل الشّربياني في سنة (١٢٤٨ ه‍ ق) بعد إتمامه للمقدّمات رحل إلى مدينة تبريز ، ومنها في السّنة (١٢٧٣ هق) إلى النّجف الأشرف وحضر درس آية الله الشّيخ مرتضى الأنصاري «ره» ، وبعد وفاة الشّيخ الأنصاري «ره» أتمّ دراسته عند السّيد حسين الكوه كمري «ره» وكان السّيد يحبّه ويحترمه ، وبعد وفاة السّيد الكوه كمري «ره» تولى مرجعيّة الشّيعة المجدّد الشّيرازي «ره» وكانت له منزلة عظيمة عند النّاس والدّولة والعثمانيّة ، توفي في سنة (١٣٢٢ ه‍ ق) في النّجف الأشرف.

وبعد «٣٥» سنة من وفاته يعني ـ (١٣٥٧ ه‍ ق) عند ما قامت الحكومة العراقيّة بترميم أطراف الحرم المطهر لأمير المؤمنين (ع) ، في هذا الحين ظهرت أجساد الموتى ، ومن جملته هذا العالم الجليل والفاضل المقدّس ، وكان جسده الطّاهر سالما لم يتغيّر.

١٠
١١

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الّذي رفع درجات العلماء و ... فيهم ... فصاروا شكوة الضّياء وجعلهم ورثة الأنبياء ، والصلاة والسلام على شمس فلك الاصطفاء محمّد المبعوث على الورى وآله الطّيبين الطّاهرين المعصومين الأتقياء الأذكياء.

بعد ، فإنّ أعظم نعم الله سبحانه بعد النبيين والأوصياء المرضيين صلوات الله عليهم أجمعين ما دارت السّماء على الأرضين ، وجود العلماء الأمجاد الذين هم منار الهدى في البلاد وأعلام الاهتداء للعباد ، إذ بهم يعرف صلاح المعاش والمعاد ، ويوضح طريق الصواب والسداد ، فطوبى لمن منّ الله عليه بهذه النعمة العظيمة وأعطاه تلك المنقبة الجسيمة.

ولقد منّ الله بذلك على العالم العامل الفاضل الكامل ، نور حدقة المجد والسيادة ، ونور حديقة الفضل والسعادة ، صاحب القريحة الوقّادة والطبيعة ... سلالة المصطفين المحرز لقصبات السبق في مضمار الفضل من الذهن الّذي علا علاه الفرقدين وفاق نور سناه النيّرين المحقّق الورع التّقي و ... الصفي اللوذي الألمعي السّيد السند الركن المعتمد ، ولدي وقرّة عيني جناب السّيد على الدزفولي دام فضله العالي ، فإنّي قد تشرّفت بخدمته مدّة من الأوان وبرهة من الزّمان حين حضوره عندي مع جملة من الأعيان ملتجئا بالمشهد الغروي والحمي المرتضوي عليه‌السلام ، ووجدته بحرا متلاطم الأمواج يتشعّب منه في علمه الأنهار والفجاج ، صاحب الفضائل الوافرة والفواضل الفاخرة ، حليف التقي ورديف العلي ،

١٢

ذا قوّة قدسية ومنحة ربانية وملكة لاهوتية ، بالغا إلى أقصى مراتب ما يراد بل ما فوق المراد ، مندرجا في الكمّلين الأوتاد.

وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، فليحمد الله على ما وفّقه من الوصول إلى هذه المرتبة السنيّة والموهبة السماوية ، فشكر الله سعيه وعمله ، وأناله أمله ، لا زال موفّقا للصواب ومؤيّدا بفصل الخطاب ، وأوصيه سلّمه الله تعالى بملازمة الورع والتقوى ومخالفة النّفس والهوى ، وأنّ لا ينساني من الدعاء في جميع الأوقات من مظانّ الإجابات ، ما أنّي لا أنساه كذلك إنشاء الله تعالى.

حرّره الأحقر الجاني

محمّد الغروي الشرابياني

ختم.

وبعد وفاة هذا الأستاذ ـ الشّيخ الشرابياني «ره» في سنة (١٣٢٢ هق) ـ حضر درس الأستاذ الشّيخ الآخوند الخراساني «ره» (١) ، وبقي ملازما له حتّى توفي أستاذه الشّيخ الآخوندي «ره».

توفي المرحوم السّيد عليّ بعد عمر من البحث والتّدريس ، كسب الفيوضات العلميّة من أساتذته الكرام في حوزة النّجف الأشرف وذلك في سنة (١٣٣٠ هق) ودفن في وادي السّلام إلى جوار مولاه وجدّه الإمام أمير المؤمنين (ع).

__________________

(١) كان الشيخ الملا كاظم الخراساني «ره» ـ صاحب كتاب كفاية الأصول القيمة ـ من أكابر علماء الإماميّة ، ومن أشهر علماء الأصول ، جامع المعقول والمنقول ، تولد في سنة (١٢٥٥ هق) في طوس ، وبعد إتمام المقدّمات في سنة (١٣٧٧ هق) ذهب إلى طهران وبعد سنة من إقامته في طهران رحل إلى النّجف الأشرف ، وقد تخرج من درسه فقهاء كثيرون ، حتّى وافاه الأجل يوم الثّلاثاء «٢٠» ذي الحجة سنة (١٣٢٩ هق).

١٣

وقد كتب «رحمه‌الله» كثيرا من تقريرات البحوث الفقيه للميرزا حبيب الله الرّشتي «رحمه‌الله» والفاضل الشّرابياني «رحمه‌الله» وكذلك تقريرات الأصول للآخوند الخراساني «ره» ، وهي الكتاب الذي بين يدي القارئ الكريم ، وجميع هذه التّقريرات موجودة.

وقد أشار العلّامة المتتبع والعالم الجليل الشّيخ آقا بزرگ الطّهراني في كتاب القيم «الذّريعة» إلى هذه التّأليفات ..

وكان المؤلف «رحمه‌الله» معاصرا للمرحوم آية الله العظمى الشّيخ محمّد طاهر المعزّي «رضوان الله» من سنة (١٣١٥) إلى (١٣٣٠) ، وتربطه به علاقة حميمة ومن أصدقائه المخلصين ، وعلى هذا الأساس طالب المرحوم آية الله المعزي «رحمه‌الله» من السّيد عليّ آقا ميري «رحمه‌الله» أن يترجم له رسالته العمليّة المعروفة ب (مصباح الهداية) من الفارسي إلى العربية ، ولا زالت النّسخة الخطيّة منها موجودة.

وكان للمرحوم السّيد عليّ آقا ميري «رحمه‌الله» ثمانية أولاد الذّكور منهم :

١ ـ المرحوم حجّة الإسلام الحاج السّيد محمّد ، ولد في (١٧) ربيع الأوّل سنة (١٣١٠ هق) وكان من أهل العلم ابتداء ثمّ عمل تاجرا في ميناء المحمرة (ميناء خرمشهر) وبعدها سافر إلى ميناء بمبئي هندوستان ، ومن أوصافه الحميدة كرمه وعطاه للفقراء والمحتاجين بالأخص الأصدقاء والأرحام. وكان عقيما لم يخلف من بعده ذريّة ، ودفن في جوار جدّه ومولاه أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام في وادي السّلام في النّجف الأشرف.

٢ ـ المرحوم حجّة الإسلام السّيد عبد الله ، المتولد (٤) شعبان المعظم ، توفي في أيّام شبابه ولم يعقب ، ودفن في مقبرة الآيتين المرحوم السّيد عبد السّلام والسّيد

١٤

عبد النّبيّ إماما الجمعة لمدينة دزفول.

٣ ـ المرحوم حجّة الإسلام السّيد نعمة الله الذي ولد في ربيع المولود سنة (١٣١٤ هق) وتوفي (هق) ودفن في البقعة المتبركة لمحمّد بن جعفر الطّيار «رحمه‌الله» الواقع على خمسة كيلومترات جنوب مدينة دزفول.

٤ ـ المرحوم حجّة الإسلام والمسلمين الحاج السّيد عبد الرّزاق الذي ولد في (٢٠) محرم الحرام (١٣٢٣ هق) وكان من العلماء العاملين من أكابر بيت السّادات آقا مير في عصره ، تولى إقامة صلاة الجماعة لسنوات طويلة في المسجد الجامع في دزفول ، ومن شدّة قداسته أنّه كان يتأثر كثيرا عند ما يشاهد مخالفة للشرع تصدر من أحد ، وتوفي في سنة (١٤١٥ هق) ودفن في البقعة المتبركة لمحمّد بن جعفر الطّيار «رحمه‌الله».

٥ ـ المرحوم حجّة الإسلام والمسلمين الحاج السّيد عبد الوهاب الذي ولد في (١٣١٦ هق) وكانت دراسته عموما عند أستاذه المرحوم آية الله العظمى الشّيخ عبد الحسين العاملي (شيخ الإسلام) (١).

وكان «رحمه‌الله» من أكابر بيت السّادات آقا ميري في عصره ، وكانت له يد طولى في الأصول السّياسية ، وقد استفاد من هذه الميزة في إدارة أمور السّادات آقا ميري وكانت له يد طولى أيضا في العلوم الغريبة ، ويقضي أكثر أوقاته في اللّيل لمطالعة الكتب حول هذه العلوم. وافاه الأجل ليلة الحادي عشر من شهر شعبان المعظم سنة (١٣٧٦ هق) وقيل انتقلت جنازته إلى النجف الأشرف ودفن في جوار مولى الكونين أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام في وادي السّلام.

__________________

(١) توفي المرحوم الشيخ عبد الحسين العاملي في سنة (١٣٥٤ هق) ، ودفن في المقبرة العائليّة في البقعة المتبركة محمّد بن جعفر الطّبار «ره» في دزفول.

١٥

وكانت زوجته والدة «كاتب التّرجمة» بنت المرحوم آية الله السّيد عبد النّبيّ آقا ميري إمام الجمعة الأسبق لمدينة دزفول. وكانت «عليها الرّحمة» زاهدة وعابدة ومتقية ، وكانت جميع العلويات من بيت السّادات آقا ميري يجلونها ويحترمونها. ومن أبرز خصائصها أنّها كانت لا تتكلم إلّا بمقدار الضّرورة ، وكانت هذه العلوية الزّاهدة تحبّ جدّها سيّد الشّهداء أبا عبد الله الحسين عليه‌السلام حبّا عظيما ، وذلك عند ما كان ينادي (السيد حسين آقا ميري) أحد من أهل بيته فكانت تتذكر مظلوميّة سيّد الشّهداء عليه‌السلام وتجري دموعها ، وتقيم تمام الشّهر من المحرم والصّفر وأيّام استشهاد سيّدة النّساء فاطمة عليها‌السلام العزاء في منزلها. توفيت «رحمها الله» في الرّابع من ربيع الأوّل سنة (١٤٠٣ هق) في مدينة دزفول ، ودفنوها بصورة مؤقتة ، وبعد عدّة سنوات نقل جثمانها الطّاهر ـ دون أن يطرأ عليه أي تغيير ـ إلى جوار الطّاهر للعلوية فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى الكاظم عليهما‌السلام ودفنت هناك.

كان للمرحوم حجّة الإسلام والمسلمين الحاج السّيد عبد الوهاب «والدي» خمسة أولاد. والذكور منهم.

الأوّل : العالم العامل الرّباني والفاضل الصّمداني المرحوم آية الله الحاج السّيد أسد الله آقاميري الذي ولد في سنة (١٣٠٧ هق) في مدينة دزفول ، وبعد كسبه الفيوضات العلميّة من محضر كبار المراجع في دزفول ، سافر إلى مدينة قم المقدّسة وتتلمذ عند جماعة من العلماء الأكابر ، ثمّ قضى عائدا إلى وطنه ، وبدأ بأداء مسئوليته الدّينيّة من إرشاد النّاس وتوجيههم ، وكانت له محبّة خاصّة في قلوب النّاس ، حتّى توفي في اليوم الخامس والعشرين من شهر محرم سنة (١٤٠٨ هق) لصادف ليوم السّابع عشر من شهر شهريور سنة (١٣٦٧ هق) في دزفول ، ودفن

١٦

إلى جوار جدّه من الأمّ المرحوم السّيد عبد النّبي آقا ميري إمام الجمعة الأسبق لمدينة دزفول. في مقبرة الخاصة لبيت السّادات آقا ميري.

ورد ترجمة حياته مفصلة في مقدّمة كتابه «في ضلال النور» ويعتبر هذا الكتاب من آثار ذلك الفقيد. طبع بعد وفاته.

الثّاني : المرحوم حجّة الإسلام والمسلمين الحاج السّيد عبد الوهاب آقاميري من سلالة السّادات وهو الاخ الكبير للسّيد محمّد رضا آقا ميري. ولد في سنة (١٣٠٦ هش) واشتغل بتحصيل العلوم الدّينيّة عدّة سنوات في مدينة قم المقدّسة.

أمّا اليوم فمع اشتغاله في التّحقيق ومطالعة آثار السّلف وتفحّص مشارق علومهم المنيرة في المسائل المذهبيّة والأخلاقيّة يعمل تاجرا في سوق طهران.

الثّالث : من أولاده ميري ، السّيد حسين آقا ميري المتولد في (١٣١٦ هش) أحمل شهادة بكلوريوس في علوم الأدبيات العربيّة ، ولا زالت مشغولا في أداء الوظائف الدّينيّة ، ومدرسا في إحدى ثانويات مدينة دزفول.

ولا يخفى ، أنّي استفدت بعض مطالب هذه التّرجمة عن حياة المؤلف من كتاب «حياة الشّيخ مرتضى الأنصاري رحمه‌الله» «تاريخ مسجد الجامع في مدينة دزفول» تأليف الحاج السّيد محمّد عليّ الإمام.

وكذلك نشكر مساعي الجليلة للسّيد مهدي «وحيد» آقاميري ابن المرحوم آية الله الحاج السّيد أسد الله آقاميري.

وكذا أرى من وظيفتي في خاتمة الكلام وختامه مسك أن أقدم شكري وامتناني لإرشادات وتوجيهات المرجع الدّيني الكبير آية الله العظمى الحاج السّيد محمّد الوحيدي متّع الله المسلمين بطول بقاءه الشّريف في طبع هذا الكتاب.

١٧

نأمل من الله القدير أن يوفقنا على نشر سائر الآثار القيمة للمرحوم آية الله العظمى السّيد علي آقا ميري إنشاء الله.

وكذلك من وظيفتي أن أقدم جزيل شكري وامتناني على ما بذله سماحة السّيّد أحمد القبانچي وسماحة الشيخ هاشم الصّالحي من تصحيح وتنقيح وإخراج هذا السّفر الجليل بهذا الشكل الجميل وأسأل الله سبحانه أن يوفقهما للعلم والعمل آمين ربّ العالمين.

السّيد حسين آقا ميري

الدّزفولي

١٤ / ٣ / ١٣٧٦

١٨

أمّا المقدّمة

ففي

بيان امور

١٩
٢٠