مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ١

جواد الكاظمي

مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ١

المؤلف:

جواد الكاظمي


المحقق: محمّد الباقر البهبودي
الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٦٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الّذي أنزل الكتاب على عبده بيانا للأحكام ، وجعله مصدّقا لنبوّته ومؤيّدا لرسالته إلى الخاصّ والعامّ فهو النور الساطع برهانه ، والفرقان اللامع تبيانه والمعجز الباقي على مرّ الدهور والأعوام ، والصلاة والسلام على المكنى عنه بالعبوديّة الرسول الأمين ، والنبيّ المكين المبعوث إلى كافّة الأنام ، وعلى آله المعصومين وعترته الطاهرين كنوز العلم ورعاته ، ودعاة الحقّ وولاته الّذين بحبّهم يثاب على الطاعة وتكفّر الآثام صلاة متعاقبة متتالية ما أقبل بدر وأدبر ظلام. وبعد فيقول أقلّ العباد جواد بن سعد بن جواد : لمّا كان من أجلّ النعم وأوفر القسم استفادة الأحكام الشرعيّة من الآيات القرآنيّة ، وقد اعتنى العلماء بالبحث عنها والاستنباط منها وتكثّرت في ذلك مقالاتهم ، واختلفت استفادتهم فبعضهم يحمل القرآن على ما يريد ، ويرتكب فيه التأويل البعيد. فهؤلاء لم يجرّوا على منهاج السداد ولم يسلكوا طريق الرشاد ، والّذي لزم طريق الحقّ في ذلك أصحابنا الإماميّة ـ رضوان الله عليهم ـ فإنّهم بيّنوا جهة الدلالة بما استفادوه من الأئمّة الأطهار الّذين هم مهبط الوحي والتنزيل أو بما اشتملت عليه من الظاهر البعيد عن التأويل فهم العاملون بالقرآن على التحقيق السائرون على جادّة الطريق المتمسّكون بالثقلين (١) اللذين أخبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عنهما بعدم الافتراق ، وبيّن أنّ

__________________

(١) إشارة إلى الحديث المشهور بين الفريقين بألفاظه المختلفة مثل ، إنى أو أنا تارك أو تركت أو خلفت أو مخلف فيكم الثقلين أو ثقلين أو أمرين أو الثقلين خليفتين أو اثنين ما إن تمسكتم به أومأ إن أخذتم به أو ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعدي أو لن تضلوا أبدا أو لن ـ

١

التمسّك بهما لا يجامع الضلال والشقاق. ثمّ إنّ أصحابنا وإن بيّنوا جهة الدلالة في تضاعيف كتبهم إلّا أنّه لم يتّفق منهم بيان جميع ذلك في كتاب مفرد بالتدوين ليكون

__________________

ـ تضلوا إن تبعتموهما أو إنكم لن تضلوا بعدهما ، وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي أحدهما أثقل من الأخر أو كتاب الله حبل ممدود أو كتاب الله فيه الهدى والنور أو الصدق أو كتاب ربي وعترتي وهم أهل بيتي أو وعترتي أهل بيتي وقرابتي أو أهل بيتي ونسبي ، وأنهما لن يتفرقا أو لن يفترقا أو أن لا يفترقا أو أنهما لقرينتان لن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا أو فاتقوا الله وانظروا كيف تخلفوني أو تحفظوني فيهما أو فانظروا كيف تلحقوا بي فيهما أو بم أو بما أو ماذا تخلفوني فيهما ، وغير هذه الألفاظ. إلى آخر الحديث أخرجه أكابر علماء المذاهب قديما وحديثا في كتبهم الصحاح والسنن والتفاسير والتواريخ واللغة فلعله يعد من المتواترات بل صرح بتواتره المرحوم آية الله سيد شرف الدين ـ طاب ثراه ـ في المراجعة ٨ من كتابه المراجعات ، وفي غاية المرام للسيد هاشم البحراني ـ قدس‌سره ـ في باب ٢٨ و ٢٩ من ص ٢١١ إلى ص ٢٣٥ ـ ١٢١ حديثا من طرق الشيعة الإمامية وأهل السنة وسرد في البرهان ج ١ من ص ٩ إلى ص ١٤ ـ ٣٣ حديثا.

وقد خص العلامة آية الله مير سيد حامد حسين ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ المجلد الثاني عشر من المنهج الثاني من كتابه عبقات الأنوار بتحقيق هذا الحديث ، وقد طبع بلكهنو وجدد طبعه بايران في ١١٥٩ صفحة في ستة مجلدات فرواه عن جماعة تقرب من مأتين من أكابر علماء المذاهب من المائة الثانية إلى المائة الثالثة عشرة ، ومن الصحابة والصحابيات أكثر من ثلاثين رجلا وامرأة كلهم رووا هذا الحديث الشريف عن النبي (ص).

قال ابن حجر في صواعقه في الفصل الأول من الباب ١١ ص ١٤٨ طبع دار الطباعة المحمدية ١٣٧٥ في تفسير الآية الرابعة ، ثم اعلم أن لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا ومر له طرق مبسوطة في حادي عشر الشبه ، وفي بعض تلك الطرق أنه قال ذلك بحجة الوداع ، وفي اخرى أنه قاله في المدينة في مرضه وقد امتلأت الهجرة بأصحابه ، وفي اخرى أنه قال ذلك بغدير خم ، وفي اخرى أنه قال لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف كما مر ، ولا تنافي إذ لا مانع من أنه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماما بشأن الكتاب والعترة الطاهرة ، وقال أيضا بعيد ذلك ص ١٤٩ ، ثم أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم على بن أبى طالب ـ كرم الله وجهه ـ لما قدمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته ومن ثم قال أبو بكر ، على عترة رسول الله ، أى الذين حث على التمسك بهم فخصه لما قلنا ، وكذلك خصه صلى‌الله‌عليه‌وسلمبما مر يوم غدير خم. انتهى ما أردنا نقله.

٢

مشتملا على وجوه الدلالة في الآيات المتعلّقة بأحكام الدين فحدانى ذلك على أن أجمع كتابا مشتملا على جميع ما يتعلّق بكلّ آية مبيّنا فيه وجوه الدلالة ، ولعمري أنّ من نظر في كتابي هذا بعين الإنصاف ، وجانب سبيل الغيّ والاعتساف علم أنّه عديم النظير ، وأنّه من تأييدات العلىّ القدير. وسمّيته مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام ، والله اسئل سبيل الرشاد وأن يجعله ذخرا ليوم المعاد.

ولنذكر قبل الشروع في المقصود ما لا بدّ من معرفته :

قال الشيخ الطوسيّ ـ رحمه‌الله ـ (١) في تفسيره الموسوم بالتبيان (٢) فاعلم أنّ الرّواية

__________________

(١) هو شيخ الطائفة على الإطلاق ورئيسها الذي تلوى إليه الأعناق أبو جعفر محمد بن الحسن بن على الطوسي عماد الشيعة الإمامية محقق الأصول والفروع ، ومهذب فنون المعقول والمسموع صاحب التصانيف التي طبقت الآفاق شهرتها أمثال الاستبصار والتهذيب والفهرست والرجال والتبيان في تفسير القرآن وغيرها تنيف على خمسين كتابا في شتى فنون الإسلام. هو أول من أسس الحوزة العلمية بالنجف له فضل تمصير النجف من شتى نواحي حياته بلغت عدة مشايخه أكثر من خمسين شخصا من أعلام الفريقين أجلهم شيخ الأمة الشيخ المفيد والسيد المرتضى وتضافرت عبارات المؤرخين أن تلاميذ شيخ الطائفة الذين كانوا مجتهدين من الخاصة بلغوا أكثر من ثلاثمائة ، ومن العامة مالا يحصى كثرة تهيبت العلماء في زمانه وبعده إلى أكثر من قرن ونصف القرن عن أن يقتحموه بالنقد والمناقشة فكاد أن يسد باب الاجتهاد عند الشيعة. ولد في شهر رمضان سنة ٣٨٥ وتوفي في ليلة الثاني والعشرين من شهر محرم الحرام في النجف الأشرف في ٤٦٠ ودفن في داره هناك واتخذت مسجدا بعد وفاته حسب وصيته بذلك.

انظر ترجمته في الكنى والألقاب ج ٢ ص ٣٦٢ وريحانة الأدب ج ٢ ص ٣٩٩ الرقم ٧٤٨ وروضات الجنات من ص ٥٥٢ إلى ٥٦٣ ، والاعلام ج ٦ ص ٣١٥ ، ومستدرك الوسائل ج ٣ ص ٥٠٥ ، والكتب الرجالية.

(٢) وفي المجلد الثالث من الذريعة ص ٣٢٨ الرقم ١١٩٧ التبيان في تفسير القرآن لشيخ الطائفة بقول مطلق الشيخ أبى جعفر محمد بن الحسن بن على الطوسي المولود ٣٨٥ والمهاجر إلى العراق سنة ٤٠٨ والمتوفى بالنجف سنة ٤٦٠ وصفه في فهرسته عند ذكر تصانيفه بقوله ، وله كتاب تفسير القرآن لم يعمل مثله ، ولكن النجاشي صرح باسمه قال ، وكتاب التبيان في تفسير القرآن ، وقال آية الله بحر العلوم في فوائده الرجالية في وصفه ، إن كتاب التبيان ـ

٣

__________________

ـ الجامع لعلوم القرآن كتاب جليل كبير عديم النظير في التفاسير ، وشيخنا الطبرسي إمام التفسير في كتبه إليه يزدلف ومن بحره يغترف. انتهى ما أردنا نقله من الذريعة.

أقول ، وقد اعترف الطبرسي نفسه في مقدمة المجمع بمكانة هذا الكتاب فقال في ص ١٠ طبع صيدا ج ١ : إنه الكتاب الذي يقتبس منه ضياء الحق ويلوح عليه رداء الصدق قد تضمن من المعاني الاسرار البديعة واحتضن من الألفاظ اللغة الوسيعة ولم يقنع بتدوينها دون تبيينها ولا بتنميقها دون تحقيقها وهو القدوة استضيء بأنواره وأطأ مواقع آثاره ، وقد طبع التبيان في إيران بالطبع الحجري وبعده بالنجف في عشر مجلدات تجد ما نقله المصنف هنا في ص ٣ من ج ١ ط إيران.

ومن عجيب الاشتباه ما وقع للحاج خليفة كاتب چلبي مصطفى بن عبد الله المتوفى سنة ١٠٦٧ في كشف الظنون عند ذكره تفسير الطوسي انظر ص ٣١١ ج ١ ط اسلامبول مطبعة العالم سنة ١٣١٠ ونحن ننقله بعين عبارته قال : تفسير الطوسي هو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي فقيه الشيعة كان ينتمي إلى مذهب الشافعي المتوفى سنة إحدى وستين وخمسمائة سماه مجمع البيان لعلوم القرآن ، واختصر الكشاف وسماه جوامع الجامع ، وابتدء بتأليفه في سنة اثنين وستين وخمسمائة قال السبكى : وقد أحرقت كتبه عدة نوب بمحضر من الناس انتهى ، وفيه من الاشتباهات ما لا يخفى :

فان الشيخ الطوسي لم ينتم إلى مذهب الشافعي قط ، والتناقض بين كونه فقيه الشيعة وكونه ينتمي إلى مذهب الشافعي بين ، وكيف يتصور انضواء الشخصية العملاقة مثل الشيخ تحت أشعة مذهب ربما يتصاغر رائده امام عظمة الشيخ وسعة أفقه وكبريائه العلمي واستقلاله الذاتي في الرأي لم يكن الشيخ مقلدا لأي أحد بل كان مجتهدا مطلقا لا يأبه إلا بما ساعد عليه الدليل واقتضاه البرهان الصادق ، ولقد حاز الثقة التامة من طبقات الشيعة جمعاء في رواية الحديث وتحليله بل نحن نتحدى الحاج خليفة ومن حذا هو حذوه (السبكى في طبقات الشافعية ج ٣ ص ٥١) أن يذكروا للشيخ كلمة أو رأيا أو كتابا يثبت صحة هذه النسبة على كثرة مؤلفاته الأصولية والفقهية ثم إنه كان وفاة الشيخ ـ قدس‌سره ـ في سنة ٤٦٠ ولذلك قالوا في تاريخ وفاته :

محمد بن الحسن الطوسي أبو

جعفر الشيخ الجليل الأنجب.

جل الكمالات إليه ينتسب

تنجز الفيض (٤٦٠) وعمره عجب (٧٥)

ولم تكن سنة ٥٦١ كما ذكره الحاج خليفة ، وكان اسم تفسيره التبيان لا مجمع البيان وإنما كان مجمع البيان لأبي على الفضل بن الحسن الطبرسي المتوفى ٥٤٨ وكذلك جوامع ـ

٤

ظاهرة في أخبار أصحابنا بأنّ تفسير القرآن (١) لا يجوز إلّا بالأثر الصحيح (٢) عن

__________________

ـ الجامع فلم يكن وفاة المؤلف الواقعي لمجمع البيان أيضا سنة ٥٦١ ولذا قالوا في تاريخ وفاته ،

وفضل بن الحسن بن الفضل

أبو على الطبرسي العدل.

شيخ ابن شهرآشوب عنه ينشر

مفسر عام الوفاة محشر (٥٤٨).

ثم إن لازم ما ذكره الحاج خليفة من كون وفاة صاحب المجمع وجوامع الجامع سواء كان الطوسي أو الطبرسي سنة ٥٦١ وكون ابتداء التأليف سواء كان مرجع الضمير المجمع أو الجوامع ٥٦٢ أن يكون ابتداء تأليف الكتاب بعد وفاة المؤلف بسنة ، وهذا من الغرائب يذكرنا هذه الاشتباهات المتتالية للحاج خليفة المثل المعروف بالفارسية [خسن وخسين هر سه دختران مغاويةاند].

(١) قال ابن فارس في مقاييس اللغة ج ٤ ص ٥٠٤ ، الفاء والسين والراء كلمة واحدة تدل على بيان شيء وإيضاحه ، وقال الراغب في مفرداته : الفسر : إظهار المعنى المعقول ، ومنه قيل لما ينبئ عنه البول ، تفسرة. وسمى بها قارورة الماء ، وقال ابن دريد في الجمهرة ج ٢ ص ٣٣٤ العمود الأول : والفسر من قولهم : فسرت الحديث أفسره : إذا بينته وفسرته تفسيرا ، وفي اللسان الفسر : البيان فسر الشيء يفسر بالكسر فسرا : أبانه ، والتفسير مثله ثم قال : الفسر كشف المغطى ، والتفسير : كشف المراد عن اللفظ المشكل وفي البرهان للزركشى ج ٢ ص ١٤٧ وقال آخرون : هو مقلوب سفر من سفرت المرأة : إذا كشفت عن وجهها بنوه على التفعيل للتكثير مثل يذبحون أبناءكم.

وقد تكلف العلماء في حد التفسير وأطالوا الكلام في النقض والإبرام في طرده وعكسه وفي الفرق بينه وبين التأويل لا يهمنا التكلم فيه بعد ما علم معنى التفسير لغة ، ولعل أحسن التعاريف له ما اختاره الفنارى على ما في كشف الظنون ج ١ ص ٢٩٨ ط اسلامبول مطبعة العالم قال بعد عدم ارتضائه التعاريف التي سردها : فالأولى أن يقال : علم التفسير معرفة أحوال كلام الله سبحانه وتعالى من حيث القرآنية ومن حيث دلالته على ما يعلم أو يظن أنه مراد الله تعالى بقدر الطاقة الإنسانية.

(٢) قد يخص الأثر في اصطلاح أهل الدراية بما يضاف إلى الصحابة أو من دونه أو إلى أحد أصحاب الأئمة ، والحديث والخبر بما يضاف إلى المعصوم ، وقد يفرق بين الحديث والخبر أيضا ، والظاهر ترادف الثلاثة فيستعمل كل في ما يضاف إلى المعصوم أو الصحابي أو التابعي أو غيرهم من العلماء والصلحاء فلا يرد إشكال على استعمال الشيخ ـ قدس‌سره ـ الأثر فيما أضيف إلى النبي (ص).

٥

النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أو عن الأئمّة عليهم‌السلام الّذين قولهم حجّة كقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ القول فيه بالرأي لا يجوز ، وروت العامّة ذلك أيضا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : من فسر القرآن برأيه (١) فأصاب الحقّ فقد أخطأ ، وكرّه جماعة من التابعين (٢).

__________________

(١) لم أعثر في الجوامع الحديثية لأهل السنة بهذا اللفظ وإنما اللفظ لهم ، من قال في القرآن أو قال في كتاب الله أو تكلم في القرآن برأيه. إلخ انظر الجامع الصغير الرقم ٨٩٠٠ ص ١٩٠ ج ٦ فيض القدير أخرجه عن أبى داود والترمذي والنسائي ، وأخرجه الطبري أيضا انظر ص ٣٥ ج ١ ، والقرطبي ج ١ ص ٣٢ وفيه : وزاد رزين ومن قال رأيه فأخطأ فقد كفر ، وقد نقل عنهم بهذه الألفاظ أيضا الشهيد الثاني في كتابه منية المريد في الخاتمة انظر ص ٧٦ من المطبوع مع روض الجنان نعم يوجد في كتبهم إرساله بلفظ من فسر انظر البرهان للزركشى ج ٢ ص ١٦٤ ومقدمة المباني ص ١٧٢ المطبوع مع مقدمة ابن عطية. ثم إن الحديث وإن جعل السيوطي عليه رمز الحسن إلا أنه ليس بصحيح عندهم فان في سنده سهل بن أبى حزم ، وتكلم فيه البخاري والنسائي وأحمد والترمذي انظر. ج ٢ ص ٢٤٤ الرقم ٣٦٠٥ من ميزان الاعتدال ، والجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثاني ص ٢٤٧ الرقم ١٠٦٤ ، والتاريخ الكبير للبخاري الجزء الثاني من القسم الثاني ص ١٠٧ الرقم ٢١٢٩ والترمذي ص ١١٩ ج ٢ طبع دهلي نشر أمين كمينى.

نعم لهم حديث بلفظ من قال أو تكلم في القرآن بغير علم أو برأيه فليتبوء مقعده من النار لم يتكلموا في سنده انظر الجامع الصغير الرقم ٨٨٩٩ ، والطبري ج ١ ص ٣٥ والقرطبي ص ٣٢ ج ١ ، وتأوله القرطبي وغيره أيضا بأن المراد أن يكون له في الشيء رأى وإليه ميل من طبعه وهواه فيتأول القرآن وفق رأيه وهواه أو أن يتسارع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية من غير استظهار بالسماع والنقل فيما يتعلق بغرائب القرآن ، وعلى أى فالأخبار بهذا المضمون أو قريب منه ، والناهية عن تفسير القرآن بالرأي أو بغير علم في أحاديث الشيعة كثيرة تكاد تبلغ حد التواتر بل ادعى بعضهم تواترها انظر العياشي طبع قم ج ١ ص ١٧ و ١٨ ، والبرهان ج ١ ص ١٧ إلى ١٩ ، والبحار ج ١٩ ص ٢٨ و ٢٩ ، والوسائل كتاب القضاء الباب ١٣ من أبواب صفات القاضي من ص ٣٩٠ إلى ٣٩٤ ج ٣ طبع أمير بهادر ، وتأولوها بما هو مبسوط في الكتب الأصولية ، ومقدمة التفاسير ولعل أحسن البيان ما ذكره الشيخ ونقله المصنف هنا.

(٢) التابعي يطلق على من رأى صحابيا ، وقيل : من جالس صحابيا ، والصحابي من رأى رسول الله (ص) في حال إسلام الراوي وإن لم تطل صحبته له وإن لم يرو عنه شيئا ، وقد نص ـ

٦

وفقهاء المدينة (١) القول في القرآن بالرأي كسعيد بن المسيّب (٢)

__________________

ـ على أن مجرد الرؤية كاف في إطلاق الصحبة البخاري وأبو زرعة وغير واحد ممن صنف في أسماء الصحابة كابن عبد البر وابن مندة وأبى موسى المديني وابن الأثير ، وقال عدة ، لا بد في إطلاق الصحبة مع الرؤية أن يروى حديثا أو حديثين ، وعن سعيد بن المسيب لا بد أن يصحبه سنة أو سنتين والمخضرمون : هم الذين أسلموا في حياة رسول الله ولم يروه. والخضرمة : القطع فكأنهم قطعوا عن نظرائهم من الصحابة ، وقد عد منهم مسلم نحوا من عشرين نفسا.

(١) فقهاء المدينة من التابعين كثيرة سرد عدة منهم أبو إسحاق الشيرازي في كتابه طبقات الفقهاء من ص ٢٤ إلى ٤٤ والمعروف فيهم الفقهاء السبعة على وتيرة العباد السبعة ، والقراء العشرة ، والزهاد الثمانية والعلماء أو القضاة الستة ، والأئمة الأربعة وأمثال ذلك على اصطلاحهم ، والفقهاء السبعة هم الذين أتوا بعد الصحابة وأخذوا الفقه منهم وانتهى فقه أهل السنة إليهم ودارت رحى أولئك عليهم وقد كانوا بالمدينة الطيبة في عصر واحدة ومنهم انتشر العلم والفتيا في العالم وهم : سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار ، وفي السابع ثلاثة أقوال فقيل : سالم بن عبد الله ، وقيل : أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وقيل : أبو بكر بن عبد الرحمن الحارث بن هشام وجمعهم الشاعر في شعر فقال :

ألا كل من لا يقتدى بأئمة

فقسمته ضيزى عن الحق خارجة.

فخذهم عبيد الله عروة قاسم

سعيد سليمان أبو بكر خارجة.

(٢) هو أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبى وهب المخزومي القرشي التابعي إمام التابعين أحد فقهاء المدينة السعة ، وأبوه المسيب ، وجده حزن صحابيان أسلما يوم فتح مكة ، ويقال : المسيب بفتح الياء وكسرها ، والفتح هو المشهور ، وحكى أنه كان يكرهه ، ومذهب أهل المدينة الكسر ولد سعيد لسنتين مضيا من خلافة عمر بن الخطاب ، وقيل : لأربع وتوفي سنة ثلاث وتسعين ، وقيل : سنة أربع وتسعين رأى عدة من الأصحاب ، وروى عنه جماعة من أعلام التابعين.

وأكثر الثناء عليه كثير من علماء أهل السنة حتى نقل عن أحمد بن حنبل أنه أفضل التابعين ، وعن الشافعي أن مراسيله حجة ، ويقال : إنه فقيه الفقهاء ، وقدحه عدة حتى روى عن مالك أنه كان إباضيا خارجيا.

وأما الشيعة فاختلف أنظارهم في حقه كأخبارهم فسردهم العلامة في الخلاصة : في القسم ـ

٧

وعبيدة السلمانيّ (١) ونافع (٢) ومحمّد بن

__________________

ـ الأول ، وشدد النكير عليه الشهيد الثاني في محكي تعليقه ، ونقل عن المفيد اعتقاد نصبه ، ورجح العلامة المجلسي ذمه في ص ٤٠٠ ج ١ مرآت المعقول عند شرح الحديث الأول من الكافي فيما ورد في مولد أبى عبد الله الامام الصادق حيث روى عنه أنه عليه‌السلام قال : كان سعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد بن أبى بكر ، وأبو خالد الكابلي من ثقات على بن الحسين ، وقوى العلامة البهبهاني في حواشيه الرجالية ص ١٦٣ منهج المقال مدحه ، وأثنى عليه السيد الصدر في تأسيس الشيعة ص ٢٩٨ و ٣٤١ ، وسرده الشيخ محمد طه نجف في إتقان المقال في الضعفاء ص ٢٨٩ ، ومدحه التستري في قاموس الرجال ج ٤ ص ٣٧٤ ومن غرائب ابن المسيب قوله : إن المطلقة ثلاثا تحل للاول بمجرد عقد الثاني من غير وطئ ، وقال جميع العلماء سواه : يشترط الوطء.

(١) عبيدة السلماني بفتح العين وكسر الباء ، والسلماني بإسكان اللام هو أبو مسلم : ويقال : أبو عمرو عبيدة بن قيس ، وقيل ، عبيدة بن عمرو ، وقيل : عبيدة بن قيس بن عمر ، والمرادي الهمداني بإسكان الميم الكوفي التابعي الكبير يقال له السلماني نسبة إلى بني سلمان بطن من مراد أسلم عبيدة قبل وفاة النبي بسنتين ولم يره ولذا قال الذهبي في تذكرة الحفاظ ص ٥٠ : كاد أن يكون صحابيا ، وهو مشهور بصحبة أمير المؤمنين على عليه‌السلام ، وكان أحد أصحاب ابن مسعود وقال أبو إسحاق : كان يقال : ليس بالكوفة أعلم من عبيدة بالفرائض ، وعده في الخلاصة ط النجف ص ١٩٢ في القسم الأول من خواص أمير المؤمنين ، وهو من رجال البخاري ومسلم كما في كتاب الجمع ج ١ ص ٣٣٦ الرقم ١٢٧٤ وذكره الدولابي في ص ١١٢ ج ٢ من الكنى والأسماء ، والبخاري في التاريخ الكبير في القسم الثاني من الجزء الثالث ص ٨٢ الرقم ١٧٧٨ فهو ممدوح الفريقين ، وله رواية في التهذيب في مسئلة العول انظر ص ٢٥٩ ج ٩ ط النجف الرقم ٩٧١.

(٢) الظاهر أن نافع هذا هو نافع مولى ابن عمر ، وهو نافع بن هرمز ، ويقال ابن كاووس : من سبى خراسان ، وقيل : من سبي كابل ، وقيل : من سبي إيران شهر وهي نيسابور ، وقيل : من سبى العرب ، وقيل : من سبى جبال الطالقان تابعي مات بالمدينة سنة ١١٧ ، وقيل سنة ١٢٠ مدحه أهل السنة قال البخاري ، أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر. وقال ابن عيينة : أى حديث أوثق من حديث نافع انظر تهذيب الأسماء واللغات ج ٢ ص ١٢٣ الرقم ١٨٧ والاعلام ج ٨ ص ٣١٩ ، وتذكرة الحفاظ ص ٩٩ ، ووفيات الأعيان ج ٢ ص ٢٧٩ ـ

٨

القاسم (١) وسالم بن عبد الله (٢)

__________________

ـ وأما نافع أحد القراء السبعة فلم يكن من التابعين بل كان أتباع التابعين نعم نافع بن جبير كان من التابعين ، ومن فقهاء المدينة ، ولكن الظاهر أن مرادهم من نافع هنا هو مولى ابن عمر ، ويرشدك إلى ذلك أن الراوي لتحرج نافع عن التفسير هو عبيد الله بن عمر انظر الطبري ج ١ ص ٢٧ ، ومقدمة المباني ص ١٨٣ ، وقد سئل أحمد بن حنبل عن عبيد الله بن عمرو مالك وأيوب أيهم أثبت في نافع فقال : عبيد الله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية : والمراد عمرو مالك وأيوب أيهم أثبت في نافع فقال : عبيد الله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية ، والمراد بنافع هناك مولى ابن عمر قطعا لا نافع بن جبير فكذا هنا بل لم يذكروا عبيد الله من رواة نافع بن جبير.

(١) لا نعرف محمد بن القاسم من التابعين ولا من فقهاء المدينة وهكذا في نسخ الكتاب وكذا في التبيان ص ٣ ج ١ ط إيران ، والظاهر أنه من سهو الناسخ ، والمراد هو القاسم بن محمد بن أبى بكر أحد الفقهاء السبعة التابعي الجليل ، وقد نقل في تفسير الطبري أيضا ج ١ ص ٣٧ تحرج القاسم بن محمد عن التفسير ، وكذا في مقدمة المباني ص ١٨٣ وعلى أى فهو من الأجلاء قال ابن عيينة : كان أفضل أهل زمانه ، وفي قرب الاسناد ص ٢١٠ وذكر عند الرضا عليه‌السلام القاسم بن محمد خال أبيه ، وسعيد بن المسيب فقال : كانا على هذا الأمر ، وروى عنه في التهذيب والاستبصار انظر جامع الرواة ج ٢ ص ١٩ توفي بين مكة ومدينة سنة ١١٢ ، وقيل : سنة ١٠٨ وقيل : سنة ١١١ وابنته أم فروة أم الامام الصادق انظر ترجمة القاسم بن محمد ج ٢ تهذيب الأسماء واللغات ص ٥٥ الرقم ٦٢ والوفيات ج ١ ص ٤١٨ والجرح والتعديل القسم الثاني من الجزء الثالث ص ١١٨ والاعلام ج ٦ ص ١٥ وقاموس الرجال ج ٧ ص ٣٧١ والمعارف لابن قتيبة عند ذكر التابعين والطبقات لابن سعد ج ٥ ص ١٨٧ وتذكرة الحفاظ للذهبى ص ٩٦ ومنهج المقال ص ٢٦٤ وغيرها من المعاجم وكتب الرجال ، وسرده الشيخ محمد طه نجف في إتقان المقال في القسم الثاني في الحسان ص ٢١٧ ، وأما محمد بن القاسم الأسترآبادي الكذاب الواضع للتفسير المنسوب إلى الامام العسكري الراوي فيه من المناكير فهو غير مراد للشيخ ـ قدس‌سره ـ هيهنا كما قد عرفت ، وأن الصحيح هو القاسم بن محمد.

(٢) هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب التابعي روى عن سعيد بن المسيب أنه قال كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به ، وكان سالم أشبه ولد عبد الله به ، وسرده ابن المبارك من الفقهاء السبعة توفي سنة ١٠٦ وقال الأصمعي : سنة ١٠٥ وقال الهيثم : سنة ١٠٨ بالمدينة انظر ـ

٩

وغيرهم ، ورووا عن عائشة (١) أنّها قالت : لم يكن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يفسّر القرآن إلّا بعد أن يأتي به جبرئيل عليه‌السلام (٢) والّذي نقوله في

__________________

ـ ترجمته في تهذيب الأسماء واللغات ج ١ ص ٢٠٧ الرقم ١٩٦ والطبقات لابن سعد ج ٥ ص ١٩٥ وتذكرة الحفاظ ص ٨٨ وغاية النهاية ج ١ ص ٣٠١ وحلية الأولياء ج ٢ ص ١٩٣ وغيرها من المعاجم ورجال أهل السنة ، وليس له في رجال الشيعة ذكر.

(١) عائشة هي أم المؤمنين بنت أبى بكر عبد الله بن أبي قحافة وأمها أم رومان بضم الراء وسكون الواو ، وقال ابن عبد البر ، يقال : بفتح الراء وضمها ، والخلاف في نسبها كثير ولدت عائشة في السنة الرابعة أو الخامسة بعد البعثة تزوجها النبي (ص) بعد خديجة قبل الهجرة بسنتين ، وقيل : بثلاث سنين ، وقيل : بسنة ونصف ، وبنى بها بعد الهجرة بعد منصرفه من بدر في شوال سنة اثنتين بنت تسع سنين ، ولما توفي النبي (ص) كان عمرها ثمان عشرة سنة روى لها عن رسول الله (ص) ألفا حديث ومائتا حديث وعشرة أحاديث. روى عنها خلق كثير من الصحابة والتابعين توفيت ليلة الثلثاء لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة ٥٦ ، وقيل ٥٧ وقيل ٥٨ وقيل : ٥٩ ، وصلى عليها أبو هريرة ، ونزل في قبرها خمسة : عبد الله وعروة ابنا الزبير ، والقاسم بن محمد بن أبى بكر ، وعبد الله بن محمد بن أبى بكر ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر والمشهور في عائشة الذي لم يذكر الأكثرون غيره أنها عائشة بالألف ، وقد حكيت عائشة بلغة فصيحة حكاها على بن حمزة انظر ترجمتها في أسد الغابة ص ٥٠١ ج ٥ ، والإصابة ج ٤ ص ٣٤٨ الرقم ٧٠٤ ، والاستيعاب ذيل الإصابة ج ٤ ص ٣٤٥ ، وتهذيب الأسماء ج ٢ ص ٣٥٠ الرقم ٧٥٣ والطبقات لابن سعد ج ٢ ص ٣٧٤ وج ٨ ص ٥٨ وأعلام النساء تأليف عمر رضا كحالة ج ٣ ص ٩ وكتب السير والتواريخ والمعاجم ، وللعالم الجليل مرتضى العسكري كتاب أحاديث أم المؤمنين عائشة يحق لأهل الفضل المراجعة إليه فإن فيه فوائد جمة نشر منه المجلد الأول في سنة ١٣٨٠ طبع المطبعة الحيدرية ، والمجلد الثاني لما ينتشر.

(٢) هكذا اللفظ الحديث في جميع نسخ الكتاب ، وكذا في التبيان ص ٣ ج ١ ط إيران ولم أعثر على الحديث بهذا اللفظ في أي كتاب من كتب أهل السنة ، وإنما اللفظ في تفسير الطبري ج ١ ص ٣٧ بإسناده عن عائشة ما كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يفسر شيئا من القرآن إلا آيا نعد علمهن إياه جبرئيل ، وفي تفسير القرطبي ج ١ ص ٣١ إلا آيا بعدد علمه إياهن جبرئيل وفي تفسير ابن كثير ج ١ ص ٦ إلا آيا بعدد علمهن إباء جبرئيل ، وكذا في مقدمة المباني ص ١٨٣ وفي مقدمة ابن عطية إلا آيات تعد علمه إياهن جبرئيل.

١٠

ذلك : إنّه لا يجوز أن يكون في كلام الله تعالى وكلام نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله تناقض وتضادّ ، وقد قال تعالى (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (١) وقال (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (٢) وقال (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) (٣) وقال «فيه تبيان لكلّ شيء» وقال (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) (٤) فكيف يجوز أن يصفه بأنّه عربيّ مبين ، وأنّه بلسان قومه ، وأنّه بيان للناس ولا يفهم بظاهره شيء ، وهل ذلك إلّا وصف له باللغز (٥) والمعمّى (٦) الّذي لا يفهم المراد به إلّا بعد تفسيره؟ وذلك منزّه عن القرآن ، وقد مدح الله تعالى أقواما على استخراج معاني القرآن فقال (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (٧) وقال تعالى في قوم يذمّهم حيث لم يتدبّروا القرآن ولم يتفكّروا في معانيه (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (٨) وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّى مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي فبيّن أنّ الكتاب حجّة كما أنّ العترة حجّة ، وكيف يكون حجّة ما لا يفهم

__________________

(١) الزخرف ـ ٣

(٢) الشعراء ـ ١٩٥.

(٣) إبراهيم ـ ٤.

(٤) الأنعام ـ ٣٨.

(٥) في اللسان (ل غ ز) ص ٤٠٥ ج ٥ ط بيروت اللغز واللغز واللغز : ما الغز من كلام فشبه معناه مثل قول الشاعر :

ولما رأيت النسر عن ابن داية

أراد بالنسر الشيب شبهه به لبياضه ، وشبه الشباب بابن داية ، وهو الغراب الأسود لان شعر الشباب أسود ، واللغز من الكلام الملبس ، وقد ألغز في كلامه يلغز إلغازا إذا ورد فيه وعرض ليخفى.

(٦) قال في اللسان ص ١٠٠ ج ١٥ ط بيروت : التعمية ، أن تلبس على الإنسان شيئا فتلبسه عليه تلبيسا ، وعميت معنى البيت تعمية ، ومنه المعمى من الشعر.

(٧) النساء ـ ٨٣.

(٨) محمد ـ ٢٤.

١١

به شيء ، وروى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا جاءكم عنّى حديث فأعرضوه على كتاب الله (١) فما وافق كتاب الله فاقبلوه ، وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط ، وروى مثل ذلك أيضا عن أئمّتنا عليهم‌السلام وكيف يكون العرض على كتاب الله وهو لا يفهم به شيء؟ فكلّ ذلك يدلّ على أنّ ظاهر هذه الأخبار متروك (٢) والّذي نقول : إنّ معاني القرآن على على أربعة أقسام :

أحدها : ما اختصّ الله بالعلم به فلا يجوز لأحد تكلّف القول فيه ولا تعاطى معرفته وذلك مثل قوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) (٣) ومثل قوله تعالى (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) (٤) الآية فتعاطى معرفة ما اختصّ العلم به خطاء.

وثانيها : ما يكون ظاهره مطابقا لمعناه فكلّ من عرف اللغة الّتي خوطب بها عرف معناها مثل قوله (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) (٥) ومثل قوله

__________________

(١) لم أعثر على لفظ هذا الحديث ، ولا على مضمونه في الجوامع الحديث لأهل السنة نعم ذكر الإمام الرازي في ج ١١ ص ١٦٣ من الطبعة الأخيرة عند تفسير آية الوضوء الآية ٦ من سورة المائدة روى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إذا روى لكم عنى حديث فاعرضوه على كتاب إليه فإن وافقه فاقبلوه والا فردوه ، وفي تفسير القرطبي ج ١ ص ٣٨ فأما ما رواه بعضهم انه قال : إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله فان وافقه فخذوه وإن لم يوافقه فاتركوه فإنه حديث باطل لا أصل له نعم مضمون هذا الحديث كثير في أحاديث الشيعة انظر ص ١٤٤ و ١٤٥ من البحار ج ١ طبع كمپانى ، وص ٨ و ٩ ج ١ تفسير العياشي ط قم ، وص ٢٨ و ٢٩ ج ١ من تفسير البرهان ، والباب ٩ من أبواب صفات القاضي من كتاب القضاء من الوسائل ، وأصول الكافي باب الأخذ بالسنة ، وشواهد الكتاب.

(٢) مراد الشيخ ـ قدس‌سره ـ أن ظاهرها متروك وإلا فقد عرفت أنها تكاد تبلغ حد التواتر في أحاديث الشيعة ، وسيصرح نفسه ـ قدس‌سره ـ بعيد ذلك بعدم ردها حيث يقول : متى قسمنا هذه الاقسام يكون قد قبلنا هذه الاخبار ، ولم نردها على وجه يوحش نقلتها.

(٣) الأعراف ـ ١٨٧.

(٤) ـ لقمان ٣٤.

(٥) الانعام ـ ١٥٢.

١٢

تعالى (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (١) وغير ذلك.

وثالثها : ما هو مجمل لا ينبئ ظاهره عن المراد به مفصّلا مثل قوله (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ، وقوله (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (٢) وقوله (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) (٣) وقوله (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) (٤) وما أشبه ذلك فإنّ تفصيل أعداد الصلاة وعدد ركعاتها ، وتفصيل مناسك الحجّ وشروطه ومقادير النصاب في الزكاة لا يمكن استخراجه إلّا ببيان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ووحي من جهة الله تعالى فتكلّف القول في ذلك خطأ ممنوع منه يمكن أن يكون الأخبار متناولة له.

ورابعها : ما كان اللفظ مشتركا بين معنيين فما زاد عليهما ، ويمكن أن يكون كلّ واحد منهما مرادا فإنّه لا ينبغي أن يقدم أحد فيقول : إنّ مراد الله منه بعض ما يحتمله إلّا بقول نبيّ أو إمام معصوم بل ينبغي أن يقول : إنّ الظاهر يحتمل لأمور وكلّ واحد يجوز أن يكون مرادا على التفصيل. والله أعلم بما أراد ، ومتى كان اللفظ مشتركا بين شيئين أو ما زاد عليهما ودلّ الدليل على أنّه لا يجوز أن يريد إلّا وجها واحدا جاز أن يقال : إنّه هو المراد ، ومتى قسّمنا هذه الأقسام يكون قد قبلنا هذه الأخبار ولم نردّها على وجه يوحش نقلتها والمتمسّكين بها ، ولا منعنا بذلك من الكلام في تأويل الآي جملة ، ولا ينبغي لأحد أن ينظر في تفسير آية (٥) لا ينبئ ظاهرها عن

__________________

(١) الإخلاص ـ ١.

(٢) آل عمران ـ ٩٧.

(٣) الانعام ـ ١٤١.

(٤) الذاريات ـ ١٩.

(٥) يظهر من تعبير الشيخ ـ قدس‌سره ـ تارة بالتفسير وتارة بالتأويل أنهما بمعنى واحد ، وهو كذلك ولذلك ترى السيوطي نقل في الإتقان ج ٢ ص ١٧٣ في النوع السابع والسبعين عن أبى عبيدة وطائفة أنهما بمعنى واحد ، ونقل الزركشي في ص ١٤٦ ج ٢ من البرهان عن ابن فارس أنه قال : العبارات التي يعبر بها عن الأشياء ترجع إلى ثلاثة : المعنى والتفسير والتأويل ، وهي وإن اختلفت فالمقاصد متقاربة ، وترى الطبري كثيرا ما يعبر في تفسيره القول في تأويل قوله تعالى : كذا وكذا أو بقوله : اختلف أهل التأويل في هذه الآية ونحو ذلك ـ

١٣

المراد مفصّلا أن يقلّد أحدا من المفسّرين إلّا أن يكون التأويل مجمعا عليه فيجب اتّباعه لمكان الإجماع لأنّ من المفسّرين من حمدت طرايقه ، ومدحت مذاهبه كابن عبّاس (١)

__________________

ـ يريد التفسير ، وأصل التأويل من الأول قال الراغب في مفرداته في ـ أول ـ التأويل من الأول أي الرجوع إلى الأصل ثم قال في معنى هل ينظرون إلا تأويله : أي بيانه الذي هو غاية المقصودة منه ، وقد عرفت في ص ٥ : أن معنى التفسير أيضا البيان ، وقال في القاموس : آل إليه أولا ومآلا رجع وعنه ارتد ثم قال : وأول الكلام تأويله وتأوله دبره وقدره وفسره. وقال في اللسان : الأول الرجوع ثم قال : وأول الكلام وتأوله دبره وقدره وأوله وتأوله ، فسره. وقال ابن فارس في مقاييس اللغة ص ١٥٨ ج ١ : الهمزة والواو واللام أصلان ابتداء الأمر وانتهاؤه ثم قال في ص ١٦٢ : ومن هذا الباب تأويل الكلام وهو عاقبته وما يؤول إليه وذلك قوله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ.

هذا بحسب اللغة وأما بحسب الاصطلاح فلا يهمنا التكلم فيه إذ ما ورد من هاتين الكلمتين في القرآن والأحاديث يحمل على معانيهما اللغوية لا ما اصطلح عليه أهل الفن بعد فما عن ابن حبيب النيسابوري أنه قد نبغ في زماننا مفسرون لو سئلوا عن الفرق بين التفسير والتأويل ما اهتدوا إليه (نقله في الإتقان) في غير محله ، ومن أراد الاطلاع على أقوالهم فليراجع الإتقان ج ٢ ص ١٧٢ والبرهان للزركشى ص ١٤٦ ج ٢ وكشاف اصطلاحات الفنون للفاروقى ج ١ ص ١٢٨ ومناهل العرفان ج ١ ص ٤٧٢ للزرقانى : والتفسير والمفسرون للذهبى ج ١ ص ١٩.

(١) هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم الصحابي ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أكبر أولاد عباس ، وامه لبابة بنت الحارث الهلالية بضم اللام وبباء موحدة مكررة قال الكلبي ومحمد بن سعد : هي أول امرأة أسلمت بعد خديجة وكان يقال لابن عباس : حبر الأمة والبحر لكثرة علمه ، وقال ابن مسعود نعم ترجمان القرآن ، وعاش بعد ابن مسعود نحو خمس وثلاثين سنة تشد إليه الرحال ويقصد من جميع الإفطار مشهور في الصحيحين ، وهو أحد العبادلة الأربعة : ابن عباس وابن الزبير وابن عمر وابن عمرو بن العاص هكذا سماهم أحمد بن حنبل وتبعه بعده سائر المحدثين ، ووهم الجوهري حيث عد ابن مسعود منهم. ولد ابن عباس عام الشعب في الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين فتوخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وقيل ابن عشر ، وهو ضعيف ، وقيل ابن خمس عشر ، وتوفي بالطائف سنة ثمان وستين ، وقيل تسع ، وقيل : سنة سبعين ، وحكى ابن الأثير قولا إنه سنة ثلاث وسبعين كان ابن عباس من أعظم المخلصين لأمير المؤمنين وأولاده ، ولا شك في تشيعه وإيمانه ، وهو الذي روى عن النبي ـ

١٤

__________________

صلى‌الله‌عليه‌وآله أن الأئمة بعده اثنا عشر وأنهم على. ثم الحسن. ثم الحسين. ثم التسعة من ولد الحسين انظر كفاية الأثر المطبوع مع الأربعين للمجلسي بعد الخرائج ص ٢٨٩ إلى ٢٩١ وقد روى الكشي أخبارا ضعيفة تقتضي قدحا أو جرحا ومثل الحبر موضع أن يحسده الناس وينافسوه ويقولوا فيه ويباهتوه.

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا فضله

فالناس أعداء له وخصوم

كضرائر الحسناء قلن لوجهها

حسدا وبغيا إنه لدميم

قال العلامة في الخلاصة ص ١٠٣ ط النجف : عبد الله بن العباس من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان محبا لعلى عليه‌السلام ، وتلميذه حاله في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين عليه‌السلام أشهر من أن يخفى ، وقد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه وهو أجل من ذلك وقد ذكرناها في كتابنا الكبير ، وأجبنا عنها. انتهى ، وإلى الان لم يقف أحد على نسخة من الكتاب المذكور كما ذكره القاضي نور الله في مجالس المؤمنين ، وعن الشهيد الثاني جملة ما ذكره الكشي من الطعن عليه خمسة أحاديث كلها ضعيفة السند ، والله أعلم بحاله انتهى.

وفي نهج البلاغة الكتاب ٤١ من باب الكتب والرسائل : ومن كتاب له عليه‌السلام إلى بعض عماله أما بعد فانى كنت أشركتك في أمانتي. إلى آخر الكتاب يدل على خيانة المكتوب إليه وتقريع الامام عليه‌السلام إياه ، وقد اختلف في المكتوب إليه هذا الكتاب واشتهر أنه عبد الله بن العباس ، وقيل : إنه عبيد الله ، وقال ابن أبى الحديد عند شرح الكتاب : وأنا في هذا الموضع من المتوقفين انظر ص ١٧٢ ج ١٦ الطبعة الأخيرة.

قلت : وأما أنا فلست في ذلك بمتوقف ولا أشك أن المكتوب إليه هذا الكتاب عن الامام عليه‌السلام ليس عبد الله بن العباس ، وما أحسن أن نحكم في ذلك عقولنا ، والعقل هو الحجة الباطنة قل فلله الحجة البالغة يحدثنا التاريخ قطعيا مشافهة ابن عباس لمعاوية بعد وفاة على عليه‌السلام ومحاجته معاوية وخواصه من عمرو بن العاص ونظرائه ممن كانوا يتهالكون على عد عيب له بقوارع الكلام وشديد الخصام ، وكفاك في ذلك مراجعة العقد الفريد فرش كتاب المجنبة والأجوبة جواب ابن عباس لمعاوية وأصحابه ومجاوبة بنى هاشم وغيره من كتب السير والتواريخ أنشدكم بالله هل يعقل صدور مثل هذه القوارع عن الخائن المؤنب عن مولده؟ وهل يفحم مثل هذه الخصوم من الخائن المؤنب؟ حاشا وكلا كلا ثم كلا ، وكان ابن عباس أول من أملى في تفسير القرآن ، وقد تلقاه من مولاه على أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال نفسه ، ما أخذت من ـ

١٥

__________________

ـ تفسير القرآن فمن على بن أبى طالب انظر مناهل العرفان ج ١ ص ٤٨٦ وأما أول من صنف في التفسير فهو على ما ذكره السيد الصدر ـ قدس‌سره ـ في تأسيس الشيعة ص ٣٢٢ سعيد ابن جبير.

وعلى أى فلا يكاد ينكر قيمة ابن عباس في التفسير إنما الشأن كل الشأن ثبوت التفسير عنه فإن أكثر الطرق إليه ضعيفة انظر الإتقان ج ٢ ص ١٨٧ النوع الثمانون ، وفيه في ص ١٧٩ أن الشافعي كان يقول لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث. انتهى ، ولعل السر في كثرة الوضع عليه كونه جد الخلفاء العباسيين يتقرب إليهم بكثرة المروي عن جدهم ولابن عباس تفسير ذكره ابن النديم ص ٥٧ في كتب التفسير قال : وروى التفسير عن ابن عباس مجاهد وهو أبو الحجاج المقري المفسر المكي مجاهد بن جبير المتوفى بالسجدة سنة ١٠٢ أو ١٠٣ وذكر أنه رواه عن مجاهد حميد بن قيس المتوفى في زمن السفاح وأبو نجيح ، ورواه عن أبى نجيح ، ورقاء عيسى بن ميمون. انتهى ، وقد نسب إلى ابن عباس جزء كبير في التفسير باسم تنوير المقياس من تفسير ابن عباس جمعه محمد بن يعقوب الفيروزآبادي صاحب القاموس المحيط طبع في مصر مرارا يسوق الرواية عند الكلام عن البسملة بهذا السند ، أخبرنا عبد الله الثقة ابن المأمون الهروي قال : أخبرنا أبى قال أخبرنا أبو عبد الله محمود بن محمد الرازي قال : أخبرنا عمار بن عبد المجيد الهروي قال : أخبرنا على بن إسحاق السمرقندي عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس ، ويسوق الكلام عند تفسير أول البقرة بإسناده عن عبد الله بن المبارك قال : حدثنا على بن إسحاق السمرقندي عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس ، يبدو لنا جليا أن جميع ما روى عن ابن عباس في هذا الكتاب يدور على محمد بن مروان عن محمد بن السائب الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس ، ومحمد بن مروان هو المعروف بالسدى الصغير قد طعن عليه الفريقان الشيعة والسني فحرى أن يقال في حقه المثل المعروف بالفارسية (چوب هر دو سر طلا).

ففي الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الرابع ص ٨٦ الرقم ٣٦٤ عن يحيى بن معين قال : السدى الصغير صاحب الكلبي اسمه محمد بن مروان مولى الخطابيين وليس بثقة ، وفيه عن عاصم الهسنجانى قال : سمعت جريرا يقول : محمد بن مروان كذاب يعنى صاحب الكلبي وفيه قال عبد الرحمن : سمعت أبى يقول : هو ذاهب الحديث متروك الحديث لا يكتب حديثه البتة ، وفي ميزان الاعتدال ج ٤ ص ٣٢ الرقم ٨١٥٤ قال ابن معين ليس بثقة ، وقال أحمد : ـ

١٦

__________________

ـ أدركته وقد كبر فتركته ، وقال ابن عدا : الضعف على روايته بين ، وفيه في ترجمة السدى الكبير أيضا ، وأما السدى الصغير يروى عن الأعمش واه.

وفي الباب ج ١ ص ٥٣٧ عند ذكره وكان ضعيفا واه الحديث.

وفي معجم الأدباء ج ٧ ص ١٥ وكان يحيى بن معين يقول : السدى الصغير محمد بن مروان صاحب التفسير ليس بثقة ، وقال البخاري : محمد بن مروان الكوفي صاحب الكلبي لا يكتب حديثه البتة وسئل أبو على جهرة عنه فقال : كان ضعيفا ، وكان يضع الحديث ، وكل ضعفه ، وفي تنزيه الشريعة عن الاخبار الشنيعة للكنانى ج ١ ص ١١٣ الرقم ٢٦١ محمد بن مروان السدى قال ابن نمير : كذاب ، وقال صالح بن محمد : كان يضع الحديث ، وفي ذيل الإكمال ج ٤ ص ٥٦٨ عن ابن ناصر ، وأما السدى الصغير فهو محمد بن مروان صاحب الكلبي كذبه أصحاب الحديث وتركوه ونقل نظيره عن الاستدراك ، وفي روضات الجنات ص ١٠٢ بعد ترجمة إسماعيل بن عبد الرحمن هذا هو السدى الكبير في مقابلة السدى الصغير الذي هو محمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل السدى الكوفي وكان متهما بالكذب ، وفي أعيان الشيعة القسم الأول من الجزء الأول الطبعة الثالثة ص ٣٦٤ ، وأما السدى الصغير محمد بن مروان فالظاهر أنه ليس من الشيعة وهو يروى عن السدى الكبير ، وفي تأسيس الشيعة للسيد الصدر ص ٣٢٦ والسدى الصغير ليس من الشيعة ، وهو محمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل ، وإنما ذكرناهما للتمييز ، وحتى لا يقع التوهم فيهما باشتراك اللقب وكذلك ترى في منهج المقال ص ٣٩٩ وكذا منتهى المقال ص ٣٦٢ أنه متهم بالكذب نقلا من التقريب ، وكذا في التقريب ص ٣٣٨.

ثم إن أبا صالح الذي يروى عنه الكلبي إنما هو باذان أو باذام مولى أم هانئ قال البخاري في التاريخ الكبير في الجزء الأول من القسم الثاني ص ١٤٤ الرقم ١٩٨٨ ، باذام أبو صالح مولى أم هانئ الهاشمي كوفي قال محمد بن بشار : ترك ابن مهدي حديث أبى صالح ، وفيه كان مجاهد ينهى عن تفسير أبى صالح ، ويقال باذان ، وفيه عن حبيب بن أبى ثابت قال : كنا نسمي أبا صالح باذام دروغزن ، وفي ميزان الاعتدال ج ١ ص ٢٩٦ الرقم ١١٢١ باذام أبو صالح (عو) تابعي ضعفه البخاري ، وقال النسائي : باذام ليس بثقة ، وفيه كان الشعبي يمر بأبى صالح فيأخذ باذنه فيهزها ويقول : ويلك تفسر القرآن وأنت لا تحفظ القرآن ، وفيه عن سفيان قال : قال ـ

١٧

__________________

ـ الكلبي : قال لي أبو صالح : كلما حدثتك كذب ، وفيه قال ابن معين : إذا روى عنه الكلبي فليس بشيء.

وفي تنزيه الشريعة للكنانى ص ٤١ ج ١ باذام أبو صالح مولى أم هانئ وهو بالكنية أشهر أقر بالكذب فيما رواه الكلبي لكن الكلبي ليس بشيء ، وفي تفسير الطبري ج ١ ص ٤٠ كان الشعبي يمر بأبى صالح بأذان فيأخذ باذنه فيعركها ويقول : تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن وسيأتي منا تتمة كلام عند سرد الشيخ ـ قدس‌سره ـ بعيد ذلك أبا صالح في المفسرين وقال السيوطي في الإتقان ج ٢ ص ١٨٩ عند ذكره طرق التفسير إلى ابن عباس : وأوهى طرقه طريق الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس فان انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدى الصغير إليه فهي سلسلة الكذب.

قلت : وذلك لان الكلبي مقدوح عند كثير من أهل السنة وإلا فهو ممدوح عند الشيعة وستعرف الكلام فيه ، والحاصل أن تطرق الضعف في إسناد تفسير تنوير المقباس بهذا الحد الذي قد عرفته يفقدنا الثقة بكل ما روى فيه فليس له قيمة إسنادية نعم لم يفقد غالبا قيمته العلمية فإن من يضع في التفسير شيئا وينسبه إلى ابن عباس مثلا لا يضعه على أنه مجرد قول يلقيه على عواهنه ، وإنما هو رأى له واجتهاد منه في تفسير الآية أراد لرأيه رواجا وقبولا فنسبه إلى ابن عباس وربما يكون رأيه صحيحا فله قيمة العلمية ، وإن لم يكن لنسبته إلى ابن عباس قيمة إسنادية.

واتهم ابن عباس جولدزيهر في كتابه المذاهب الإسلامية في التفسير من ص ٦٥ إلى ٦٧ بأخذه التفسير من الاسرائيليات : قال ، وقد دخل بعض هؤلاء اليهود في الإسلام فتسرب منهم إلى المسلمين كثير من هذا الاخبار ودخلت في تفسير القرآن يستكملون بها الشرح ولم يتحرج حتى كبار الصحابة مثل ابن عباس عن أخذ قولهم روى أن النبي (ص) قال : إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، ولكن العمل كان على غير ذلك وإنهم كانوا يصدقونهم وينقلون عنهم قلت : أهل مكة أعرف بشعابها وأهل الإسلام أحق بمعرفة رجالهم ولا يجدر بمثل جولدزيهر إظهار النظر في رجال الإسلام سيما مثل ابن عباس حبر الأمة أجل إن ابن عباس وغيره من الصحابة كانوا يسألون علماء اليهود الذين اعتنقوا الإسلام عن بعض القصص والاخبار الماضية ولم ـ

١٨

والحسن (١)

__________________

ـ يكونوا يقبلون كل ما يروى لهم على أنه صواب لا يتطرق إليه شك بل كانوا يحكمون دينهم وعقلهم فما اتفق الدين والعقل صدقوه وما خالف ذلك نبذوه وما سكت عنه القرآن واحتمل الصدق والكذب توقفوا فيه ، وكيف يستبيح ابن عباس لنفسه أن يحدث عن بني إسرائيل وقد كان نفسه من أشد الناس نكيرا على ذلك ، روى البخاري في صحيحه في كتاب الشهادات قبل كتاب الصلح بباب ، وتراه في فتح الباري ج ٦ ص ٢٢٠ الطبعة الأخيرة عن ابن عباس أنه قال : يا معشر المسلمين تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه أحدث الاخبار بالله تقرؤونه لم يشب ، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب فقالوا. هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ولا والله ما رأينا رجلا منهم قط يسألكم عن الذي أنزل إليكم.

وقد كررت هذا البيت في كثير من المجالس :

مرا درديست اندر دل اگر گويم زبان سوزد

وگر پنهان كنم ترسم كه مغز استخوان سوزد

لما نرى من اغترار الشبان بما يذكره المستشرقون وافتتانهم بتوسعهم في الصناعات من اختراع السيارات والطيارات ، ويتوهمون أن توسعهم في الصناعات دليل على صحة ما يذكرونه في أخبار الإسلام أيضا ويمشون ورائهم في ذلك وأين أحدهما من الأخر. انظر ترجمة ابن عباس في أسد الغابة ج ٣ ص ١٩٢ والإصابة ج ٢ ص ٣٢٢ الرقم ٤٧٨١ والاستيعاب ذيل الإصابة ج ٢ ص ٣٤٢ وتهذيب الأسماء واللغات ج ١ ص ٢٧٤ الرقم ٣١٢ والدرجات الرفيعة ص ٩٩ وسفينة البحار ج ٢ ص ١٥٠ (ع ب س) وحلية الأولياء ج ١ ص ٣١٤ ونسب قريش ص ٢٦ والطبقات لابن سعد ج ٢ ص ٣٦٥ وتأسيس الشيعة ص ٣٢٢ و ٣٤١ وقاموس الرجال ج ٦ ص ٢ وكتب التواريخ والسير وشروح نهج البلاغة.

(١) هو أبو سعيد الحسن بن أبى الحسن يسار التابعي البصري بفتح الباء وكسرها الأنصاري مولى زيد بن ثابت ، وقيل : مولى جميل بن قطبة ، وامه اسمها خيرة مولاة لأم سلمة ولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب ونشأ بوادي القرى وبلغ من السن تسعا وثمانين سنة لقي عدة من الصحابة وسمع خلائق من التابعين توفي سنة عشر ومائة كان من الزهاد ـ

١٩

وقتادة (١) وغيرهم ،

__________________

ـ الثمانية ، واختلف أنظار الشيعة في حقه فسرده بعضهم من الخاذلين لعلى بن أبى طالب أمير ـ المؤمنين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وعده بعض من المتلهفين عليه وقال النووي : لم يصح لقائه على بن أبى طالب ، وذكر ابن النديم في الفهرست ص ٥٧ إن له كتاب تفسير ، ولما سئل الحسن البصري عن رأيه في أصحاب الكبائر في الوقت الذي كان الخوارج ينادون بكفرهم والمرجئة ينادون بايمانهم وقف واصل بن عطا في مجلس أستاذه ، وأجاب السائل بأنهم بين المنزلتين الايمان والكفر ويستحقون الخلود في جهنم فطرده الحسن البصري من مجلسه فاعتزله وأصل وجلس في ناحية من نواحي المسجد وانضم إليه جماعة منهم صهره عمرو بن عبيد وغيره ووصفوا لأجل ذلك بالمعتزلة انظر التبصير للاسفرائينى ص ٦٤ ، ويرى بعض المؤرخين أن وصف الاعتزال كان أسبق من تاريخ واصل بن عطا وأنه وصف لجماعة من المسلمين قد لزموا منازلهم عند ما صالح الحسن بن على عليه‌السلام معاوية واعتزلوا الفريقين الحسن ومعاوية ، ويرى بعض المستشرقين أن جماعة من المسلمين كانوا اتقياء للغاية أعرضوا عن ملاذ الحياة وزهدوا في الدنيا فسماهم الناس معتزلة بهذا الاعتبار ومما لا شك فيه أن هذا الوصف قد أطلق على جماعة من المسلمين قد اعتزلوا الفريقين على عليه‌السلام ومعاوية.

والظاهر أن هذا الوصف أصبح علما على الفرقة المعروفة بمبادئها ومناهجها في وقت متأخر عن واصل بن عطا وعمرو بن عبيد.

انظر ترجمة الحسن في ص ١٦١ ج ١ تهذيب الأسماء واللغات والمعارف ص ١٩٤ ط ١٣٥٣ وحلية الأولياء ج ٢ ص ١٣١ ووفيات الأعيان ج ١ ص ١٣٩ وروضات الجنات ص ٢٠٨ وأمالي السيد المرتضى المجلس العاشر ، والتفسير والمفسرون ج ١ ص ١٢٤ ولسان الميزان ج ٢ ص ٢٥٩ وسفينة البحار ج ١ ص ٢٦٢ وقاموس الرجال ج ٣ ص ١٣٤ وغير ذلك.

(١) هو قتادة بفتح القاف ابن دعامة بكسر الدال السدوسي بفتح السين وضم الدال المهملتين وسكون الواو بعدها سين منسوب إلى سدوس بن شيبان أبو الخطاب البصري التابعي وكان أكمه ولد أعمى وكان يدور البصرة أعلاها وأسفلها بغير قائد : وامه سرية (وهي الأمة يخفيها الرجل عن حرته من السر تغيرت إلى الضم في النسبة) أخذ القراءة عن الحسن البصري وابن سيرين سمع عدة من الصحابة ، وروى عنه جماعة من التابعين وتابعي التابعين يقول : بالقدر ، وكان متضلعا في اللغة العربية ، ومن هنا جائت شهرته في التفسير قال في آداب اللغة العربية : ـ

٢٠