موسوعة مصطلحات علم الكلام الإسلامي - ج ١

الدكتور سميح دغيم

موسوعة مصطلحات علم الكلام الإسلامي - ج ١

المؤلف:

الدكتور سميح دغيم


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٢٦
الجزء ١ الجزء ٢

أ

أئمة

ـ ينبغي أن يكون في كل وقت إمام ناطق ، وآخر ساكت ، والأئمة يكونون آلهة ، ويعرفون الغيب ، ويقولون (الخطابيّة) : إنّ عليّا كان في وقت النبي صامتا ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ناطقا ، ثم صار عليّ بعده ناطقا. وهكذا يقولون في الأئمة ، إلى أن انتهى الأمر إلى جعفر ، وكان أبو الخطّاب في وقته إماما صامتا ، وصار بعده ناطقا (ب ، ف ، ٢٤٨ ، ٢)

إباحة

ـ أمّا مثال الإباحة ، فهو كذبح البهائم فإنّ البهائم ، إنّما تستحقّ العوض على الله تعالى إذا ذبحناها ، دوننا ، من حيث أنّه هو المبيح لذلك (ق ، ش ، ٥٠٢ ، ١٥)

ـ الإباحة تتضمّن معنى الإرادة ، وإن لم يجب في الحقيقة ، فيما أباحه أن يكون مريدا ، لكنّه لا فرق بين أن يجب أن لا يكون كارها في أنّه ينافي ما يقتضيه كونه كارها ، وبين أن يجب أن يكون مريدا ، في منافاته لكونه كارها ، فالحال واحدة ، في التناقض ؛ وكذلك القول في الإباحة والإيجاب ، لأن الحظر يتضمّن معنى الكراهة لتركه ، والإباحة بالضدّ من ذلك ، والإيجاب يتضمّن كونه مرادا ، والإباحة تتضمّن نفي ذلك (ق ، غ ١٦ ، ٥٨ ، ١٤)

ـ الإباحة هي تخيير بين الفعل وتركه (ب ، م ، ٨٣ ، ٥)

ـ إذا لم يكن للحسن صفة زائدة على حسنه ، وصف بأنّه" مباح". ويفيد أنّ مبيحا أباحه. ومعنى الإباحة هو إزالة الحظر ، والمنع بالزجر والوعد وغيرهما ممّن يتوقّع منه المنع (ب ، م ، ٣٦٦ ، ١٠)

ـ الإباحة : هي الإذن بإتيان الفعل كيف شاء الفاعل (ج ، ت ، ٢٩ ، ١)

إباحة عقلية

ـ الذي يذهب إليه مشايخنا رحمهم‌الله ، في هذا الباب أنّ كل فعل للمكلّف فيه غرض من نفع أو غيره ، وخرج ذلك الفعل من أن يجري مجرى الحقوق ، ولم يكن إضرارا به ولا بغيره في عاجل ولا آجل فيجب أن يدخل في باب الإباحة العقليّة (ق ، غ ١٧ ، ١٤٥ ، ٦)

إبانة

ـ ذكر شيخنا أبو هاشم رحمه‌الله في التعداديّات : أنّ اللطف والإبانة لا يصحّ كونهما جهة لحسن التكليف ، وما لا يكون جهة لحسنه قد يقع التكليف على شروط حسنة (ق ، غ ١٤ ، ١٨٧ ، ٢)

ابتداء

ـ قال صاحب الكتاب (ابن الروندي) : والمعتزلة تكفره (بشر بن المعتمر) لقوله : إنّ عند الله لطيفة لو أتاها الخلق لآمنوا ، وقوله : إنّ ابتداء الخلق في الجنّة كان أصلح لهم من ابتدائهم في الدنيا ، وإنّ إماتة الله من علم أنّه يكفر خير له من تبقيته (خ ، ن ، ٥٢ ، ١٩)

ـ الابتداء خلق الشيء أوّل مرّة ، والإعادة خلقه مرّة أخرى (ش ، ق ، ٣٦٤ ، ٣)

١

ـ قال" هشام بن عمرو الفوطي" : ابتداء الشيء مما يجوز أن يعاد غيره ، وابتداؤه ممّا لا يجوز أن يعاد ليس بغيره ، والإرادة المراد (ش ، ق ، ٣٦٤ ، ٥)

ـ إنّ الله تعالى حكم في الشيء بحكم مثله وجعل سبيل النظير ومجراه مجرى نظيره وقد قال تعالى : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (الروم : ١١) وقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) (الروم : ٢٧) يريد وهو هيّن عليه فجعل الابتداء كالإعادة (ش ، ل ، ٩ ، ٩)

ـ كان (الأشعري) يقول في الإدراك إنّ الله تعالى هو المخترع له في الأبصار عند وجود الضياء والمقابلة ، ولو أراد أن يخلقه مع عدم الضياء والمقابلة كان على ذلك قادرا وكان كونه صحيحا. وكان يقول إنّ ذلك نظير إحداثه الإنسان عن النطفة عقيب الوطء والزرع عند البذر عقيب الحرث ، وإنّه قادر أن يبتدئ ذلك ابتداء من غير تقدّم بذر ولا حرث (أ ، م ، ١٣٣ ، ١٤)

ـ كان (الأشعري) يقول : " ابتداء الشيء حدوثه وافتتاحه وهو وجوده عن أوّل ، وإنّ الابتداء هو نفس المبتدأ" ، وهذا كقوله في أنّ الفعل هو نفس المفعول والإحداث هو نفس المحدث (أ ، م ، ٢٤٢ ، ١٨)

ـ كان شيخنا أبو علي رحمه‌الله يذهب إلى أنّه تعالى لا يفعل بأسباب ، ولا يصحّ ذلك فيه كما لا يصحّ أن يفعل بالآلة ، ويقول : إنّ القول بذلك يوجب حاجته إلى السبب ، فإذا ثبت أنّه يتعالى عن الحاجة علم أنّ كل ما يفعله إنّما يفعله على جهة الاختراع والابتداء ، وإنّما يقال إنّه بسبب يوجب الفعل ، إنّما يفعل الفعل عنده لا أنّه يفعله به ويفارق حاله حالنا ، لأنّ الواحد منّا لا يمتنع من حيث كان قادرا بقدرة أن يحتاج إلى السبب كما يحتاج إلى الآلة وإلى استعمال محلّ القدرة (ق ، غ ٩ ، ٩٤ ، ٧)

ابتداء بالتكليف

ـ إذا حسن منه تعالى الابتداء بالتكليف ـ وذلك يتضمّن إلزام ما يشقّ ـ فإنّما يحسن ذلك تعريضا للنفع (لا) لأنّه مستحقّ على ذنب قد تقدّم (ق ، غ ١٣ ، ٤١٩ ، ٧)

ابتداء التكليف

ـ قالوا (أهل السنّة) في ابتداء التكليف : إنّ الله تعالى لو لم يكلّف عباده شيئا كان عدلا منه ، وهذا خلاف قول من زعم من القدرية أنّه لو لم يكلّفهم لم يكن حكيما (ب ، ف ، ٢٤١ ، ١٨)

ابتداء الخلق

ـ إنّ ابتداء خلقه (الله) إنّما يكون بالولادة والتربية وقطع السرّة والقماط وخروج الأسنان وغير ذلك من الآيات الموجعة المؤلمة ، وإعادته إنّما تكون دفعة واحدة ليس فيها من ذلك شيء فهي أهون عليه من ابتدائه. فهذا ما احتجّ به على الطائفة المقرّة بالخلق (ش ، ل ، ٩٠ ، ١٧)

ـ اعلم أنّ الذي يجب أن يحصل في هذا الباب أنّ أفعاله يجب كونها حسنة ، ويجب أن تثبت على وجه لو لا كونها عليه لكانت قبيحة ، أو اقتضى كونه غير فاعل لما وجب عليه. وهذه الجملة تقتضي في بعض أفعاله أنّه واجب ، وفي بعضه أنّه يختصّ بكونه حسنا فقط ، وفي بعضه أنّ له صفة زائدة على حسنه. فمثال الوجه الثالث ابتداء الخلق وسائر ما خلقه من

٢

الحياة والعقل والشهوة والمشتهى ، لأنّ جميع ذلك تفضّل منه تعالى ، وإحسان يستحقّ عليه المدح والشكر ، ولا يصحّ كونه مستحقّا لذلك إلّا وله صفة زائدة على كونه حسنا. ولو انتفى عنه كونه إحسانا لوجب كونه عبثا قبيحا ، فيجب فيما حلّ هذا المحلّ أن يختصّ بصفة زائدة على حسنه تجري مجرى الندب منّا. ومثال الوجه الثاني العقاب ، لأنّه من حيث كان مستحقّا يحسن فعله ، ولا يستحقّ تعالى به المدح والشكر ، فهو إذا بمنزلة المباح منّا. وكذلك القول في إعادة المعاقب ، وسائر ما يفعله تعالى لكي يفعل به العقاب. ومثال الوجه الأول تمكين المكلّف وإثباته ؛ لأنّه تعالى بالتكليف قد التزم فعل ذلك ، فلا بدّ من كونه واجبا ، ولو فعله لا على الوجه الذي يقتضي وجوبه لأدّى ذلك إلى كونه سبحانه مخلّا بالواجب وهذا في أنّه يمتنع عليه بمنزلة فعل القبيح. فعلى هذه الوجوه يجب أن يعتبر القول في أفعاله تعالى (ق ، غ ١١ ، ٦٨ ، ٦)

ـ لا بدّ للواجب من وجه يجب لأجله ، ومتى لم يعلم ذلك على جمله أو تفصيله ، لم يحصل العلم بوجوبه ، وليس لابتداء الخلق وجه يمكن تعليق الوجوب به ، فيجب نفي وجوبه (ق ، غ ١٤ ، ١١٠ ، ١٩)

ابتداء الخلق في الجنة ـ إنّه يحسن منه تعالى أن يبتدئ الخلق في الجنّة ، وأن يخلقهم بصفة البهائم ، أو بصفة العقلاء الذين لا يحسن تكليفهم للإلجاء ، وما يجري مجراه (ق ، غ ١١ ، ١٣٧ ، ١٣)

ابتداء عدل

ـ كان (الأشعري) يقول في العقاب إنّه ابتداء عدل من الله تعالى لم يوجبه سبب متقدّم من كفر ومعصية ، بل كان كفر الكافر بخذلانه وحرمانه وإضلاله ، وإنّه لو عفا عن الكفّار جميعا وأدخلهم الجنّة كان ذلك لائقا برحمته غير منكر في حكمته ، ولكنّا إنّما قطعنا بعذابهم على طريق التأبيد للخبر المجمع على عمومه. وقطعنا بثواب المؤمنين على التأبيد للخبر الذي قارنه الإجماع على تعميم صورته وصيغته ، فقضينا به وحكمنا أنّ ذلك كائن لهم لا محالة. وبيّنا لك أنّه كان يجوّز في العقل أن يعفو الله تعالى عن واحد ويعاقب من كان على مثل جرمه ولا يكون ذلك منه جورا ، بل العفو منه تفضّل وتركه ليس بجور (أ ، م ، ١٦٣ ، ١٣)

ابتداء فضل

ـ إنّ الثواب من الله تعالى ابتداء فضل غير مستحقّ للمؤمن عليه بعمله ، بل عمل المؤمن بالطاعة له ابتداء فضل منه وتوفيق له ، وإنّه لا يصحّ أن يستحقّ أحد على الله تعالى حقّا بعمله ومن قبله بوجه إلّا ما أوجب الله تعالى للمؤمنين بفضله ابتداء ، لا لسبب متقدّم. وعلى ذلك كان يجوز أن يتفضّل على من لم يعمل ولم يطع فيبلغ به ثواب المطيع ويزيده أيضا ، وأن يتفضّل على أحدهما بأكثر ممّا يتفضّل على غيره (أ ، م ، ١٦٣ ، ٨)

ابتداع

ـ قوله ابتدع الخلق على غير مثال امتثله يحتمل وجهين : أحدهما أن يريد بامتثاله مثله كما تقول صنعت واصطنعت بمعنى ، فيكون التقدير أنّه لم يمثّل لنفسه مثالا قبل شروعه في خلق العالم ، ثم احتذى ذلك المثال وركّب العالم على

٣

حسب ترتيبه ، كالصانع الذي يصوغ حلقة من رصاص مثالا ثم يصوغ حلقة من ذهب عليها ، وكالبنّاء يقدّر ويفرض رسوما وتقديرات في الأرض وخطوطا ثم يبني بحسبها ، والوجه الثاني أنّه يريد بامتثله احتذاه وتقبّله واتّبعه ، والأصل فيه امتثال الأمر في القول ، فنقل إلى احتذاء الترتيب العقليّ ، فيكون التقدير أنّه لم يمثّل له فاعل آخر قبله مثالا اتّبعه واحتذاه وفعل نظيره كما يفعل التلميذ في الصباغة والنجارة شيئا قد مثّل له أستاذه صورته وهيئته (أ ، ش ٢ ، ١٤٣ ، ٢٦)

ـ يقول عليه‌السلام (علي) إنّه ابتدع الخلق على غير مثال قدّمه لنفسه ولا قدّم له غيره ليحتذي عليه ، وأرانا من عجائب صنعته ومن اعتراف الموجودات كلها بأنّها فقيرة محتاجة إلى أن يمسكها بقوّته ما دلّنا على معرفته ضرورة ، وفي هذا إشارة إلى أنّ كل ممكن مفتقر إلى المؤثّر ، ولمّا كانت الموجودات كلها غيره سبحانه ممكنة ، لم تكن غنية عنه سبحانه بل كانت فقيرة إليه ، لأنّها لولاه ما بقيت ، فهو سبحانه غني عن كل شيء ولا شيء من الأشياء مطلقا بغنى عنه سبحانه ، وهذه من خصوصية الإلهية (أ ، ش ٢ ، ١٤٤ ، ٧)

ـ قال (علي) : وأقام العوج وأوضح الطريق وجمع بين الأمور المتضادّة ، ألا ترى أنّه جمع في بدن الحيوانات والنبات بين الكيفيات المتباينة المتنافرة من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ، ووصل أسباب أنفسها بتعديل أمزجتها ، لأنّ اعتدال المزاج أو القرب من الاعتدال سبب بقاء الروح ، وفرّقها أجناسا مختلفات الحدود والأقدار والخلق والأخلاق والأشكال ، أمورا عجيبة بديعة مبتكرة الصنعة غير محتذ بها حذو صانع سابق ، بل مخلوقة على غير مثال قد أحكم سبحانه صنعها وخلقها على موجب ما أراد ، وأخرجها من العدم المحض إلى الوجود ، وهو معنى الابتداع (أ ، ش ٢ ، ١٤٦ ، ٢٧)

ابتدع

ـ إنّ الله عزوجل خلق الأشياء وابتدعها مخترعا لها لا من شيء ولا على أصل متقدّم ، وإذ لا شكّ في هذا فليس شيء متوهّم أو مسئول يتعذر من قدرة الخالق عزوجل ، إذ كل ما شاء كونه كوّنه ولا فرق بين خلقه عزوجل كل ذلك في هذه الدار ، وبين خلقه كذلك في الدار الآخرة (ح ، ف ٢ ، ١٠٧ ، ٣)

ابتلاء

ـ لله ابتلاءان في خلقه ـ والابتلاء هو الاختبار ـ ابتلاء بنعمة وابتلاء بمصيبة. وبقدر عظمها يجب التكليف من الله عليها. فبقدر ما خوّلك من النعمة يستأديك الشكر. ولو تقصّى الله على خلقه لعذّبهم (ج ، ر ، ١٠ ، ٤)

ـ قوله : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) (البقرة : ١٢٤). قيل : الابتلاء والامتحان في الشاهد ؛ استفادة علم خفي عليه من الممتحن والمبتلي به ، ليقع عنه علم ما كان ملتبسا عليه. وفي الغائب لا يحتمل ذلك ؛ إذ الله ـ عزوجل ـ (عالم) في الأزل بما كان ، وبما يكون في أوقاته أبدا (م ، ت ، ٢٧٦ ، ١٣)

إبداء

ـ إنّ الإبداء والإعادة متساويان في قدرة من هو قادر على الطرد والعكس من إخراج الميت من

٤

الحيّ وإخراج الحيّ من الميت وإحياء الميت وإماتة الحيّ (ز ، ك ٣ ، ٢١٨ ، ٨)

إبداع

ـ إنّ معنى فعل الله هو الإبداع والإخراج من العدم إلى الوجود ، وصيّرت المعتزلة ذلك معنى فعل العبد (م ، ح ، ٢٣٥ ، ١٠)

ـ الخلق الذي أوجبه الله تعالى لنفسه ونفاه عن غيره هو الاختراع والإبداع وإحداث الشيء من لا شيء بمعنى من عدم إلى وجود (ح ، ف ٣ ، ٦٤ ، ٢٢)

ـ لو كان الفعل منتسبا إلى العبد إبداعا لوجب أن يكون في حال إبداعه عالما بجميع أحواله ، ويستحيل من العبد الإحاطة بجميع وجوه الفعل في حالة واحدة لأمرين ، أحدهما أنّ العلم الحادث لا يتعلّق بمعلومين في حالة واحدة وذلك لجواز طريان الجهل على العالم بأحد الوجهين ، فيؤدّي إلى أن يكون عالما جاهلا بمعلوم واحد في حالة واحدة ويكون علمه علما من وجه وجهلا من وجه. الثاني أنّ وجوه المعلومات في الفعل تنقسم إلى ما يعلم ضرورة وإلى ما يعلم نظرا ، فيحتاج حالة الإيجاد في تحصيل ذلك العلم إلى نظر وهو اكتساب ثان ، وربما يحتاج إلى معرفة الضروريّ والنظريّ من وجوه الاكتساب فيؤدّي إلى التسلسل حتى لا يصل إلى إيجاد الفعل المطلوب (ش ، ن ، ٦٩ ، ١٥)

ـ أمّا قوله فاعل لا بمعنى الحركات والآلة فحق لأنّ فعله اختراع ، والحكماء يقولون إبداع ومعنى الكلمتين واحد وهو أنّه يفعل لا بالحركة والآلة كما يفعل الواحد منا ، ولا يوجد شيئا من شيء (أ ، ش ١ ، ٢٦ ، ٦)

ـ إنّ الخلق في الاصطلاح النظري على قسمين : أحدهما صورة تخلق في مادّة ، والثاني ما لا مادّة له بل يكون وجود الثاني من الأوّل فقط من غير توسّط المادّة ، فالأوّل يسمّى التكوين ، والثاني يسمّى الإبداع ، ومرتبة الإبداع أعلى من مرتبة التكوين (أ ، ش ٢ ، ١٤٦ ، ٢٩)

ـ الإبداع : إيجاد الشيء من لا شيء ، وقيل الإبداع تأسيس الشيء عن الشيء. والخلق إيجاد شيء من شيء ، قال الله تعالى : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (البقرة : ١١٧). وقال : (خَلَقَ الْإِنْسانَ) (الرحمن : ٣) ، والإبداع أعمّ من الخلق ، ولذا قال : بديع السموات والأرض ، وقال : خلق الإنسان ، ولم يقل بديع الإنسان (ج ، ت ، ٢٨ ، ١١)

إبداع وابتداع

ـ الإبداع والابتداع : إيجاد شيء غير مسبوق بمادة ولا زمان كالعقول ، وهو يقابل التكوين لكونه مسبوقا بالمادة ، والإحداث لكونه مسبوقا بالزمان ، والتقابل بينهما تقابل التضادّ إن كان وجوديين بأن يكون الإبداع عبارة عن الخلوّ عن عدم المسبوقية بمادة والتكوين عبارة عن المسبوقية بمادة ، ويكون بينهما تقابل الإيجاب والسلب إن كان أحدهما وجوديّا والآخر عدميّا ، ويعرف هذا من تعريف المتقابلين (ج ، ت ، ٢٨ ، ٥)

أبدال

ـ أمّا استحقاق الواحد منّا للأجرة على عمله فهو من باب الأعواض والأبدال ؛ لأنّه لا فرق بين أن يبيعه ثوبا بدينار ، فيكون الدينار بدلا من الثوب الذي أخرجه من ملكه وفوّت نفسه

٥

الانتفاع به ، وبين أن يفعله بعمله ويأخذ ما يقابله من المنافع ؛ لأنّه لا معتبر في باب الانتفاع بالأعيان ، وإنّما المعتبر بالتصرّف فيها ، فلا فرق بين أن يملّكه الثوب لينتفع به ، وبين أن يبني له دارا لينتفع بها ، في باب أنّه نافع له في الحالين ، فيصحّ أن يأخذ عليه بدلا في الوجهين جميعا. هذا إذا لم يحوجه إلى العمل مضرّة دفع إليها ، فأمّا إذا كان هذا حاله فإنّه أخذ عن عمله بدلا على ما ذكرناه بأن كان الذي دفعه إلى ذلك إزالة المضرّة عن نفسه. وفي الوجه الأوّل قصد إلى اجتلاب منفعة فقط (ق ، غ ١١ ، ٨٢ ، ٥)

إبطال كون البقاء معنى

ـ أمّا إبطال كون البقاء معنى ، فالطريقة إليه : أنّ الباقي ليس له في الوجود إلّا الصفة التي كانت له من قبل حال الحدوث ، وإذا لم يكن حدوثه أولا لعلّة ، فكذلك في كل حال. والدليل على أنّه ليس له إلّا الصفة التي كانت من قبل أنّه لو ثبتت له صفة زائدة على الوجود ، لصحّ في الموجود المتوالي الوجود أن لا يكون باقيا ، وفي الباقي أن لا يكون مستمرّ الوجود ، لأنّه كان لا يثبت بينهما تعلّق من وجه معقول (أ ، ت ، ١٥٦ ، ٩)

أبعاض

ـ قال (أبو الهذيل) : ووجدت المحدثات ذات أبعاض ، وما كان كذلك فواجب أن يكون له كل وجميع ، ولو جاز أن تكون أبعاض لا كلّ لها جاز أن يكون كل وجميع ليس بذي أبعاض. فلمّا كان هذا محالا كان الأوّل مثله (خ ، ن ، ١٦ ، ٢٢)

أبعاض الجسم

ـ السطوح المجسّمة والخطوط المجسّمة والنقط المجسّمة فإنّما هي أبعاض الجسم وأجزاؤه ، ولا تكون الأجزاء أجزاء إلّا بعد القسمة فقط (ح ، ف ٥ ، ٦٩ ، ٩)

ابن

ـ قال الشيخ رحمه‌الله : فيقال لهم : إذ كانت الروح التي فيه قديمة ، وهي بعض ، كيف صار ابنا ولم يصل غيره من الأبعاض؟ فإن قيل : لأنّه أقل ، لزمه جعل كل أبعاض العالم البنين للأكبر منها ، ويلزمه أن يجعل كل بعض من البقية كذلك ، فيصير بكليته بنين. ثم المعروف أنّ الابن يكون أصغر من الأب ، كيف صارا قديمين. وإن جعل الكل في البذر قيل له : أي شيء منه الابن؟ فإن قال : الكلّ ، صيّر الكلّ ابنا وأبا ، وفي ذلك جعل الأب ابنا لنفسه. فإن قيل : هو جزء فيه ، من غير أن كان في كليّة الأصل نقصان نحو الجزء المأخوذ من السراج ، عورض بما لو كان الجزء المأخوذ حادثا كما حدث في الذي يؤخذ من السراج ، فيبطل قوله في قدم الروح ، وهو الابن. وإن زعم أنّه منقول من الله كالمأخوذ [من السراج] حلّ عليه ما سلف (م ، ح ، ٢١١ ، ٧)

اتحاد

ـ اختلفت عباراتهم (النصارى) عن معنى الاتحاد ؛ فقال كثير منهم : معنى الاتحاد أنّ الكلمة التي هي الابن حلّت جسد المسيح ، عليه‌السلام. وقالت طائفة أخرى ، وهم اليعاقبة ، وكثير منهم : إنّ الاتحاد هو اختلاط وامتزاج. وزعمت اليعقوبيّة أنّ كلمة الله انقلبت

٦

لحما ودما بالاتحاد. وزعم كثير منهم ، أعني اليعقوبيّة والنّسطوريّة ، أن اتحاد الكلمة بالنّاسوت اختلاط وامتزاج كاختلاط الماء وامتزاجه بالخمر واللبن إذا صبّ فيهما ومزج بهما. وزعم قوم منهم أنّ معنى اتحاد الكلمة بالناسوت الذي هو الجسد هو اتخاذها له هيكلا ومحلّا وتدبيرها الأشياء عليه وظهورها فيه دون غيره (ب ، ت ، ٨٦ ، ٩)

ـ قال بعضهم (النصارى) : أقول إنّ الكلمة اتحدت بجسد المسيح عليه‌السلام على معنى أنّه حلّته من غير مماسّة ولا ممازجة ولا مخالطة كما أقول إن الله سبحانه حالّ في السماء وليس بمماسّ لها ولا مخالط ، وكما أقول إنّ العقل جوهر حالّ في النفس ، وهو مع ذلك غير مخالط للنفس ولا مماسّ لها (ب ، ت ، ٨٦ ، ٢٢)

ـ زعمت الروم وهي الملكية أنّ معنى اتحاد الكلمة بالجسد أنّ الاثنين صارا واحدا ، وصارت الكثرة قلّة ، وصارت الكلمة وما اتحدت به واحدا ، وكان هذا الواحد بالاتحاد اثنين قبل ذلك. هذا جملة المشهور عنهم في معنى الاتحاد (ب ، ت ، ٨٧ ، ٣)

ـ أمّا الكلام في الاتحاد ، فالأصل فيه أن نبيّن حقيقته أولا. اعلم أنّ الاتحاد في اللغة افتعال من الوحدة ، لأنّهم متى اعتقدوا في الشيئين أنّهما صارا شيئا واحدا يقولون : إنّهما اتحدا. والشيئان وإن استحال أن يصيرا شيئا واحدا ، إلّا أنّهم إذا اعتقدوا صحّته لم يكونوا مخطئين في التسمية ، وإنّما خطؤهم في المعنى على مثل ما نقوله في تسميتهم للأصنام آلهة ، وهذا لأنّ الأسامي تتبع اعتقادهم (ق ، ش ، ٢٩٥ ، ١١)

ـ اعلم أنّهم متّفقون على الاتّحاد. والذي أدّاهم إلى ذلك أنّهم شاهدوا أفعالا منه (المسيح) لا تتأتّى إلّا من الله تعالى نحو إحياء الموتى وإبراء الأكمّة والأبرص ، فقالوا بأنّه لا بدّ من إلهيّة فيه فأثبتوا الاتّحاد ، وهذه اللفظة تستعمل في أن يصير الشيئان شيئا واحدا ، وإن كنّا قد عرفنا أنّ الشيء ربما صار غير ما كان ، فأجريت لفظة التغيير على هذا الوجه ، وإن كنّا قد عرفنا بالعقول أنّ هذا لا يصحّ ، وقد تستعمل من بعد هذه اللفظة في ضرب من الاختلاط والمجاورة بين نفسين ، فيقال هما متّحدان (ق ، ت ١ ، ٢٢٣ ، ١٨)

ـ اختلفوا في المسيح والاتحاد : فزعمت النسطوريّة أنّ المسيح إله وإنسان ماسح وممسوح اتّحدا فصارا مسيحا واحدا. ومعنى اتّحدا أنّه صار من اثنين واحد. والمسيح عندهم على الحقيقة جوهران أقنومان : جوهر قديم لم يزل وهو الكلمة التي هي أحد أقانيم الإله وجوهر محدث كان بعد أن لم يكن وهو يشوع المولود من مريم. وربما جعلوا بدل" اتّحد"" تجسّد" ؛ وربما قالوا" تأنّس" و" تركّب". وذهبت الملكانيّة إلى أنّ المسيح جوهران أحدهما قديم والآخر محدث. وزعم أكثر اليعقوبيّة أنّ المسيح جوهر واحد ، إلا أنّه من جوهرين أحدهما جوهر الإله القديم ، والآخر جوهر الإنسان اتّحدا فصارا جوهرا واحدا أقنوما واحدا ؛ وربما قال بعضهم طبيعة واحدة (ق ، غ ٥ ، ٨٢ ، ١٩)

ـ اختلفوا (النصارى) ، بعد اتّفاقهم على أنّ الاتحاد أمر حادث صار المسيح به مسيحا ، في ذلك الأمر الحادث ما هو وعلى أي وجه كان ، فقال بعضهم : إنّ الكلمة اتّحدت بذلك الإنسان على طريق الامتزاج. وقال بعضهم : اتّخذته

٧

هيكلّا ومحلّا. وقال بعضهم : حلّت فيه فدثرت به وعلى بدنه. وقال بعضهم : ليس على شيء من ذلك لكن على حسب ما تظهر صورة الإنسان في المرآة المجلوّة إذا نظر فيها. وقال بعضهم : على حسب ظهور نقش الخاتم في الطينة المطبوعة من غير انتقال النقش على الخاتم وحلوله في الطينة. هذه مذاهب من لم يجعل الكلمة والجسد شيئا واحدا (ق ، غ ٥ ، ٨٣ ، ٧)

ـ حكي عن بعضهم (اليعقوبية) في الاتحاد أنّه بمعنى المشيئة ، لا أنّ الذاتين اتّحدا في الحقيقة. واختلفوا في ذلك من وجه آخر : فذهب بعضهم إلى أنّ الجوهر العام اتّحد بالإنسان الكلّي. وقال بعضهم : اتّحد بإنسان شخصيّ. ثم اختلفوا فيه على هذين القولين. فمنهم من قال : اتّحد بالإنسان الكلّي ، ومنهم من قال بالإنسان الشخصي. وربما قالوا إن الابن اتّحد بالإنسان الكلّي ليخلّص الكل. وقال بعضهم : اتّحد بالإنسان الجزئيّ ليخلّص الجزء (ق ، غ ٥ ، ٨٣ ، ١٦)

ـ لا يخلو قولهم بالاتحاد من وجوه : إمّا أن يقولوا إنّ الابن من جملة الأقانيم اتّحد بعيسى ، أو يقولوا إنّ المتّحد به الجوهر الذي هو ثلاثة أقانيم. فإن قالوا إنّ الابن اتّحد به ، فلا يخلو من أن يقولوا إنّ الابن خالق صانع فاعل إله ، أو يجعلوا الخالق الإله هو الأب الذي الكلمة ابنه دون الأب. ثم لا يخلو قولهم" اتّحد به" من وجوه : إمّا أن يقولوا إنّه على ما كان عليه ، لكن مشيئة الابن هو مشيئة المسيح أو مشيئة المسيح هو مشيئته ، أو مشيئتهما متغايرة ، لكن ما يشاؤه أحدهما يجب أن يشاءه الآخر. فهذا ما نريده بالاتحاد ، وإن كانت ذات الإله وذات الإنسان أو جوهرهما على ما كان ، أو يقولوا إنّ الاتحاد قد اقتضى خروج ذاتيهما عمّا كانتا عليه. ولا يخلو عن ذلك من أن يقولوا إنّه اتّحد به بأن جاوره وصار عيسى كالطرف له. وقد حكى ذلك عن بعضهم أنّه قال خالطه ومازجه ، أو يقولوا إنّه حلّ فيه لا أنّه جاوره. وقائل هذا القول لا يخلو من أحد أمرين : إمّا أن يقولوا إنّه حلّ في جميع أجزاء عيسى ، أو يقولوا إنّه حلّ في جزء منه. هذا إذا قالوا إنّه وإن اتّحد به فليس يخرج من أن يكون هو وعيسى جوهرين وذاتين ، فأمّا إذا قالوا إنّهما صارا واحدا في الحقيقة على ما حكيناه عن أكثر اليعقوبية أن الجوهرين صارا جوهرا واحدا ، فعندهم أنّ الاتّحاد قد أخرج الذاتين والجوهرين من أن يكونا كذلك إلى أن صارا واحدا. ثم لا يخلو من قال بهذه الأقاويل أن يقول إنّه إذا اتّحد به يصير متّحدا به أبدا ، أو يقولوا إنّه يتّحد به في حال دون حال. وكذلك لا يخلو قولهم عند موت عيسى وصلبه ، على ما يذهبون إليه ، أن يقولوا إنّه يتّحد به كما كان ، أو خرج من أن يكون متّحدا به. فهذه جملة ما تحتمله قسمة العقل في الاتّحاد. ونحن نبيّن فساد جميعه ثم نبطل قولهم في عبادة المسيح وما يتعلّق به (ق ، غ ٥ ، ١١٤ ، ٦)

ـ إنّ اللاهوت لو جاز أن يتّحد بالناسوت ويصير شيئا واحدا ، لجاز أن يصير الجوهران بالمجاورة جوهرا واحدا ، أو العرض بحلوله في الجوهر مع العرض شيئا واحدا ، أو الأعراض باجتماعها في المحل الواحد تصير شيئا واحدا. فإذا بطل ذلك ، ولم يؤثّر تعلّق الشيء بغيره في هذا الباب على اختلاف وجوه التعلّق فيه ، بطل القول بأنّ اللاهوت باتّحاده

٨

بالناسوت صارا شيئا واحدا. وبعد ، فلو جاز ما قالوه ، لوجب أن يستحيل الموت على الناسوت ، إذ قد صار باتّحاد اللاهوت به شيئا واحدا ، وخرج عن طبيعته الناسوتية ، وجواز الموت عليه مما يختصّ به الناسوت. وبعد ، فيجب على قولهم أن يستحيل على المسيح ، بعد الاتّحاد ، كلّ صفة تختصّ الإنسان وكلّ فعل لا يجوز إلّا عليه ، نحو الأكل والشرب والصلب والقتل والطول والعرض والعمق والحركة والزوال ، لأنّه بالاتّحاد قد خرج عن طبيعته الناسوتية وجوهرها. وإلّا لم يكن لقولهم إنّه قد صار باتّحاد اللاهوت به شيئا واحدا ، مع أن حاله على ما كان عليه ، معنى ولا فائدة (ق ، غ ٥ ، ١٣٧ ، ١٨)

ـ من عبّر عن الاتّحاد بالحلول والامتزاج من النسطوريّة والملكانيّة فقد أبعد ، لأنّ من قولهم إنّهما لم يصيرا شيئا واحدا وإنّهما طبيعتان على ما كانا. ولو جاز أن يقال فيما هذه حاله اتّحد ، لوجب في العرض إذا حلّ في المحل أن يوصف هو والمحل بأنّهما اتّحدا ؛ وذلك فاسد (ق ، غ ٥ ، ١٤٢ ، ٣)

اتحد

ـ أمّا القول بأنّه (الإله) اتّحد بعيسى بمعنى أنّه حلّ فيه فإنّه يبطل بوجوه : منها أن كل شيء حلّ في شيء ووجد فيه بعد أن لم يكن فيه لا يخلو من قسمين ، إمّا أن يوجد فيه بأن يحدث كوجود العرض في الجوهر أو ينتقل إليه كانتقال الجوهر الذي يصير مجاورا لغيره ؛ ولا يعقل سوى هذين. لأنّا قد دللنا على أنّ الانتقال لا يصحّ على ما لا حيّز له ، ولا يمكن أن يقال إنّه ينتقل ويحلّ فيه. فإن حصل القديم في عيسى بأن انتقل ، اقتضى ذلك كونه جوهرا. وإن وجد فيه بأن حلّه وحدث فيه كحلول العرض ، فهذا يوجب حدوثه. على أنّ الانتقال إذا استحال عليه ، فالحدوث أولى أن يستحيل عليه ، لأنّ حدوث الموجود أشدّ استحالة من انتقال ما ليس بجوهر (ق ، غ ٥ ، ١٢٦ ، ٤)

ـ مما يبطل قولهم إنّه اتّحد بمعنى أنّه حلّ فيه ، أنّ كل شيء وجد لا في محل يستحيل وجوده في محل. يدلّ على ذلك أنّ الجوهر لمّا استحال حلوله في المحل استحال ذلك فيه على كل وجه ؛ ولما صحّ حلول العرض في المحل وجب كونه حالّا فيه في كل حال ؛ فيجب بطلان قولهم إنّه حلّ في عيسى بعد أن لم يكن حالّا فيه (ق ، غ ٥ ، ١٣٠ ، ١٣)

ـ أمّا ما ذهب إليه أكثر اليعقوبية من أنّ جوهر الإله وجوهر الإنسان اتّحدا فصارا جوهرا واحدا أقنوما واحدا طبيعة واحدة فباطل. لأنّ الشيئين يستحيل أن يصيرا شيئا واحدا في الحقيقة ، كما يستحيل أن يصير الشيء الواحد شيئين ، وقد بيّنا في باب قبل هذا أن الشيء الواحد يستحيل أن يصير أشياء ؛ وذلك يوجب استحالة كون الشيئين شيئا واحدا (ق ، غ ٥ ، ١٣٧ ، ٥)

اتصال

ـ كان (الأشعري) يقول إنّ التأليف والاجتماع والمماسّة والمجاورة والالتزاق والاتّصال كل ذلك ممّا ينبئ عن معنى واحد ، وهو كون الجوهر مع الجوهر بحيث لا يصحّ أن يتوسّطهما ثالث وهما على ما هما عليه ، وإنّ تعذّر تفكيك بعض الأجزاء دون بعض لأجل فقد قدرته لا لأجل معنى زائد على المماسّة والمجاورة (أ ، م ، ٣٠ ، ١)

٩

اتفاق

ـ إنّ المجاورة من صفات الأجسام وإنّ الحلول من أحكام الأعراض ، وأمّا الاتّفاق في المشيئة فعلى أي وجه قالوه اقتضى أن يكون المتّحد مريدا ، فيجب أن يكون هو الحيّ ، ويرجع الاتّحاد إليه لا إلى غيره من الأقانيم (ق ، ت ١ ، ٢٢٤ ، ١٢)

ـ أمّا ما يقع من أفعال العباد على جهة الاتفاق من غير قصد ، نحو ما يلحقه من الفزع عند الأمارات مما لا تتقدّم فيه الدواعي التي لا يقصد لأجلها إلى الأفعال ، فلا بدّ من أن يكون ممن يصحّ أن لا يفعله على بعض الوجوه ؛ فيدلّ ذلك على أنّه فعله ، هذا إن جاز أن يقع من غير قصدنا. فأمّا إن كان بمنزلة سائر ما يلجأ إليه من الأمور التي نريدها وإن كانت مفارقة لفعل المختار ، فلا كلام علينا فيه (ق ، غ ٨ ، ٤٦ ، ١٦)

ـ اعلم ، أنّ أحد ما يعتمد في مذهبه (الجاحظ) أن نقول : إنّ النظر ووقوع المعرفة عنده ، يجري في بابه مجرى ما يقع من الفعل بالحدس والاتفاق ، من غير قصد. وقد ثبت في كل فعل ، هذا حاله ، أنّه لا يجوز أن يستحقّ به الذمّ والمدح ، ولا يدخل تحت التكليف ، وذلك نحو أن نحكّ الذهب على المحكّ فنجده جيّدا أو رديئا. فاتّفاق ذلك لا يصحّ تعلّق المدح والذمّ به ؛ وإن وافق ، في بعض الأحوال ، الإرادة ؛ وكذلك لو هجم على بئر فوجد فيها كنزا ، لم يجز بذلك مدح ؛ وإذا التفت ورأى من يسرّه لم يجز أن يستحقّ به المدح ؛ لما كانت هذه الأمور تقع بالاتفاق من غير معرفة متقدّمة ، بأن الفعل يؤدّي إليه (ق ، غ ١٢ ، ٣٢٤ ، ١٠)

إتقان

ـ بيّن الله تعالى أنّ أفعاله كلها متقنة ، والإتقان يتضمّن الإحكام والحسن جميعا ؛ حتى لو كان محكما ولا يكون حسنا لكان لا يوصف بالإتقان (ق ، ش ، ٣٥٨ ، ٨)

إثبات

ـ الإثبات كل قول واعتقاد دلّ على وجود شيء أو كان خبرا عن وجوده ، ثم زعم صاحب هذا القول أنّ الإثبات في الحقيقة هو ما به كان الشيء ثابتا والنفي ما كان الشيء به منتفيا في الحقيقة ، وهذا القول هو قول" الجبّائي" (ش ، ق ، ٤٤٧ ، ٥)

ـ اعلم أنّه (الأشعري) كان يقول إنّ الإثبات هو الوجود والنفي هو الإعدام ، وإنّ قول القائل" أثبت الله العالم" فمعناه" أوجده" ، وقوله" نفى الله كذا وكذا" فمعناه" أعدمه". ثم يستعمل في الخبر عن العدم وفي الخبر عن الوجود ، فيقال لمن قال إنّ زيدا متحرّك إذا كان صادقا إنّه مثبت لحركته ، وقوله إنّه متحرّك إثبات لحركته ، وإنّ قوله" ليس زيد متحرّكا" إذا كان صادقا نفي لحركته وخبر عن عدم حركته (أ ، م ، ٢١٨ ، ٩)

ـ إنّ الإثبات ، في حقيقة اللغة ، ما يصير به الشيء ثابتا. ولذلك يقول القائل : أثبت السهم في القرطاس ؛ إذا أوجده فيه ، واستعمل ذلك في الخبر المفيد لثبات الشيء ووجوده (ق ، غ ١٢ ، ١٩ ، ١٦)

ـ النفي هو رفع الإثبات ، ورفع الإثبات لا يكون عين الإثبات ، ورفع الإثبات الخارجيّ إثبات ذهنيّ منسوب إلى لا إثبات خارجيّ ، وكونه في الذهن متصوّرا ومتميّزا عن غيره ومتعيّنا في

١٠

نفسه وثابتا في الذّهن ، لا ينافي كون ما هو منسوب إليه لا ثابتا في الخارج. فالحكم بأنّ ما ليس بثابت في الخارج غير متصوّر مطلقا باطل ، لأنّه متصوّر من حيث أنّه ليس بثابت في الخارج ، غير متصوّر لا من حيث هذا الوصف (ط ، م ، ٢٩ ، ١٣)

ـ لكنّ الإثبات والنفي قد يكون المراد منهما : ثبوت الشيء في نفسه أو عدمه في نفسه ، كقولنا" السواد إمّا أن يكون موجودا وإمّا أن لا يكون موجودا" ؛ وقد يكون المراد منهما : ثبوت الشيء لشيء آخر وعدمه عنه : كقولنا : " الجسم إمّا أن يكون أسود وإمّا أن لا يكون" ؛ لكن لا حقّ في مراد كلّ واحد منهما ، " فأوّل الأوائل" باطل أيضا (خ ، ل ، ٣٧ ، ١٠)

أثر

ـ إنّا قد بيّنا وجه الأثر الحاصل بالقدرة الحادثة ، وهو وجه أو حال للفعل مثل ما أثبتّموه للقادريّة الأزليّة ، فخذوا من العبد ما يشابه فعل الخالق عندكم فلينظر إلى الخطاب بافعل لا تفعل ، أخوطب أوجد لا توجد ، أو خوطب أعبد الله ولا تشرك به شيئا ، فجهة العبادة التي هي أخصّ وصف للفعل صار عبادة بالأمر ، وذلك حاصل بتحصيل العبد مضاف إلى قدرته ، فما يضرّكم إضافة أخرى نعتقدها وهي مثل ما اعتقدتموه تابعا ، فالوجود عندنا كالتابع أو كالذاتيّ الذي كان ثابتا في العدم ، والفرق بيننا أنّا جعلنا الوجود متبوعا وأصلا ، وقلنا هو عبارة عن الذات والعين ، وأضفناه إلى الله سبحانه وتعالى وجميع ما يلزمه من الصفات ، وأضفنا إلى العبد ما لا يجوز إضافته إلى الله تعالى حيث لا يقال أطاع الله تعالى وعصى الله تعالى وصام وصلّى وباع واشترى وقام ومشى ، فلا تتغيّر صفاته بأفعاله فلا يعزب عن علمه ذرّة من خلقه ، بخلاف ما يضاف إلى العبد فإنّه يشتقّ له وصف واسم من كل فعل يباشره ، وتتغيّر ذاته وصفاته بأفعاله ، ولا يحيط علما بجميع وجوه اكتسابه وأعماله ، وهذا معنى ما قاله الأستاذ أبو إسحاق إنّ العبد فاعل بمعين ، والربّ فاعل بغير معين (ش ، ن ، ٨٧ ، ١)

ـ إنّ القدرة والإرادة مجموعين هما اللذان يتعلّقان بوجود الأثر ، ولا حاجة معهما إلى إثبات صفة أخرى (ط ، م ، ٣١٣ ، ١٣)

ـ الأثر : له ثلاثة معان : الأول بمعنى النتيجة ، وهو الحاصل من الشيء ، والثاني بمعنى العلامة ، والثالث بمعنى الجزء (ج ، ت ، ٣٠ ، ٢)

أجاء

ـ أجاء منقول من جاء إلّا أنّ استعماله قد تغيّر بعد النقل إلى معنى الإلجاء ؛ ألا تراك لا تقول جئت المكان وأجاء نيّه زيد كما تقول بلغته وأبلغنيه ، ونظيره آتي حيث لم يستعمل إلّا في الإعطاء ، ولم تقل أتيت المكان وآتانيه فلان (ز ، ك ٢ ، ٥٠٦ ، ١٢)

إجابة

ـ ليس كل أفعال الباري سبحانه واجبة عليه ، بل معظمها ما يصدر على وجه الإحسان والتفضّل ، فيجوز أن يفعله ويجوز أن لا يفعله ، فإن قلت فهل يسمّى فعل الواجب الذي لا بدّ للقديم تعالى من فعله إجابة لدعاء المكلّف ، قلت لا ، وإنّما يسمّى إجابة إذا فعل سبحانه ما يجوز أن يفعله ويجوز أن لا يفعله

١١

كالتفضّل. وأيضا فإنّ اللطف والمصلحة قد يكون لطفا ومصلحة في كل حال ، وقد يكون لطفا عند الدعاء ، ولو لا الدعاء لم يكن لطفا وليس بممتنع في القسم الثاني أن يسمّى إجابة للدعاء ، لأنّ للدعاء على كل حال تأثيرا في فعله (أ ، ش ٢ ، ٦٤ ، ١٠)

آجال

ـ الذي يقوله شيوخنا ، رحمهم‌الله ، في ذلك : إنّ الآجال هي الأوقات ، فأجل حياة الإنسان هو وقت حياته ، وأجل موته هو وقت موته ، فما علمه تعالى أنّ موته يحدث فيه من الأوقات هو أجل موته ، لا أجل لموته غيره ، ولا فرق بين المقتول وغيره ؛ ولا يمتنع أن يكون المعلوم من حال المقتول أو الغريق أنّه لو لا القتل وركوب البحر لعاشا مدّة زائدة ، وكان يكون ذلك أجلا لهما على جهة التقدير ، وإن كان لا يقال الآن : إنّ ذلك أجلهما ، ولذلك يمنعون من أن يكون للإنسان آجال أو أجلان ، ويبطلون القول بأنّه لو لا القتل لمات لا محالة ، كما يبطلون القول بأنّه كان يعيش لا محالة ، ولا يفرّقون في ذلك بين الجم الغفير والعدد اليسير إذا أتى القتل عليهم (ق ، غ ١١ ، ٤ ، ٤)

ـ قال أهل السنة في الآجال : إنّ كلّ من مات حتف أنفه أو قتل فإنّما مات بأجله الذي جعله الله أجلا لعمره ، والله تعالى قادر على إبقائه والزيادة في عمره ، لكنّه متى لم يبقه إلى مدة لم تكن المدّة التي لم يبقه إليها أجلا له (ب ، ف ، ٢٤١ ، ٧)

ـ الآجال يعبّر بها عن الأوقات ، فأجل كل شيء وقته ، وأجل الحياة وقتها المقارن لها ، وكذلك أجل الوفاة. فالأوقات في موجب الإطلاقات يعبّر بها كثيرا عن حركات الفلك ، وولوج الليل على النهار ، والنهار على الليل (ج ، ش ، ٣٠٣ ، ٣)

ـ قوله (العلّاف) في الآجال والأرزاق : إنّ الرجل إن لم يقتل مات في ذلك الوقت ولا يجوز أن يزاد في العمر أو ينقص. والأرزاق على وجهين : أحدهما : ما خلق الله تعالى من الأمور المنتفع بها يجوز أن يقال : خلقها رزقا للعباد ، فعلى هذا من قال : إنّ أحدا أكل أو انتفع بما لم يخلقه الله رزقا فقد أخطأ لما فيه أنّ في الأجسام ما لم يخله الله تعالى. والثاني : ما حكم الله به من هذه الأرزاق للعباد ، فما أحلّ منها فهو رزقه ، وما حرّم فليس رزقا ، أي ليس مأمورا بتناوله (ش ، م ١ ، ٥٢ ، ١٨)

آجال العباد

ـ يقال لهم : إذا كان القاتل عندكم (القدرية) قادرا على أن لا يقتل هذا المقتول ، فيعيش فهو قادر على قطع أجله وتقديمه قبل أجله ، وهو قادر على تأخيره إلى أجله ، فالإنسان على قولكم يقدر أن يقدّم آجال العباد ويؤخّرها ، ويقدر أن يبقي العباد ويبلغهم ويخرج أرواحهم (ش ، ب ، ١٥١ ، ٦)

إجبار

ـ أمّا من طريق اللغة فإنّ الإجبار والإكراه والاضطرار والغلبة أسماء مترادفة ، وكلها واقع على معنى واحد لا يختلف وقوع الفعل ممّن لا يؤثّره ولا يختاره ولا يتوهّم منه خلافه البتّة ، وأمّا من آثر ما يظهر منه من الحركات والاعتقاد ويختاره ويميل إليه هواه فلا يقع عليه اسم إجبار ولا اضطرار لكنّه مختار ، والفعل منه

١٢

مراد متعمّد مقصود ونحو هذه العبارات عن هذا المعنى في اللغة العربية التي نتفاهم بها (ح ، ف ٣ ، ٢٤ ، ٣)

اجتراح

ـ قال (أبو علي) : وقد يكون من فعل العبد ما هو مكتسب إذا كان خيرا أو شرّا اجتلبه بغيره من الأفعال ؛ فأمّا أوّل أفعاله فلا يقال فيه أنّه مكتسب وإنّما يسمّى اكتسابا. وقد يكون في أفعاله ما لا يكون اكتسابا إذا لم يكتسب به نفعا أو ضرّا ، كحركات الطفل والنائم والساهي. والاجتراح كالاكتساب ، ومعنى ذلك الاستفادة ، وإن كانت الاستفادة تستعمل في النفع فقط ؛ والاكتساب والاجتراح يستعملان في الضرر والنفع جميعا. وكل هذا يبيّن ، من جهة اللغة ، أنّ المكتسب لا بدّ من أن يكون فاعلا ومحدثا ؛ كما أنّ الخالق لا بدّ من كونه كذلك ؛ وإن كان كلتا الصفتين تغيّر أمرا زائدا على الحدوث ، ويدلّ على ذلك اطراد هذه اللفظة في المعنى الذي ذكرناه ، فلا شيء يجتلب بالأفعال ، ويطلب بها ، من نفع وضرّ ، إلّا ويقال إنّه كسب ؛ ويقال لما وصل به إليه إنّه اكتساب. ولذلك سمّوا الجوارح كواسب (ق ، غ ٨ ، ١٦٤ ، ١١)

اجتماع

ـ من قوله (النظّام) إنّ الله يفرّق المتضادات في هذه الدار ثم يردّها إلى حال الاجتماع لا بأن يخترع أعيانها ، وأنّ اجتماعها ثانية لا يدلّ على أنّ الذي جمعها اخترعها مجتمعة. وقد مضى شرح دليل إبراهيم بما يغني عن إعادته ثانية. وإنّما أراد إبراهيم أن تصريف هذه الأشياء ونفوذ التدبير فيها وصرفها عما في طبعها يدلّ على ضعفها ، وضعفها دالّ على حدثها ، وحدثها يوجب أنّ لها محدثا أحدثها إذ كان محالا أن يكون حدث لا محدث له (خ ، ن ، ٤١ ، ٦)

ـ أمّا ما حكيته عن إبراهيم أنّه كان يحيل القول بأنّ الله تعالى يقدر أن يخترع البرد مسخّنا والحرّ مبرّدا فهذا شيء أهل التوحيد كلهم يوافقونه عليه. وأمّا حكايته عنه أنّه يزعم أنّ الله قهر المتضادات على الاجتماع الذي ليس في جوهرها ، فإنّ إبراهيم كان يزعم أنّ الله قهر الأشياء المتضادات على الاجتماع الذي ليس في جوهرها إذا خلّيت وما هي عليه ، فأمّا إذا منعت مما هي عليه من المنافرة وقهرت على الاجتماع ، فإن من جوهرها وشأنها الاجتماع عند القهر لها كما أنّ من جوهرها وشأنها المنافرة عند تخليتها وما هي عليه ، وهذا شيء أكثر الخلق شركاء إبراهيم فيه وهو أمر واضح غير غامض ولا خفي. أنت تعلم أنّ من شأن الماء السيلان وقد يمكن منعه من ذلك ، وأنّ من شأن الحجر الثقيل الانحدار وقد يمنع منه ، ومن شأن النار التلهب والصعود علوا وقد تمنع من ذلك فتأخذ سفلا. فما على إبراهيم في هذا عيب والحمد لله (خ ، ن ، ٤١ ، ٢٢)

ـ كان (الأشعري) يقول إنّ التأليف والاجتماع والمماسّة والمجاورة والالتزاق والاتّصال كل ذلك ممّا ينبئ عن معنى واحد ، وهو كون الجوهر مع الجوهر بحيث لا يصحّ أن يتوسّطهما ثالث وهما على ما هما عليه ، وإنّ تعذّر تفكيك بعض الأجزاء دون بعض لأجل فقد قدرته لا لأجل معنى زائد على المماسّة والمجاورة (أ ، م ، ٣٠ ، ١)

١٣

ـ إنّ الاجتماع هو المماسّة والانضمام ، وهو كون كل واحد من الجوهرين بحيث صاحبه ، وإنّ الافتراق هو التباعد (أ ، م ، ٢٤٥ ، ١٣)

ـ إنّ الاجتماع عرض ، والعرض لا يحلّ العرض (ق ، ش ، ١٠٦ ، ١٤)

ـ إنّ الاجتماع لا يخلو : إمّا أن يراد به المجاورة ، التي هي الكونان على سبيل القرب ، وأمّا أن يكون المراد به التأليف ، وهذا هو الحقيقة في الاجتماع (ن ، د ، ١٥ ، ٧)

ـ ذكر الشيخ أبو الهذيل : يقال للسائل : السابق إلى الجسم لا يخلو : إمّا الاجتماع أو الافتراق. فإن قال : الاجتماع ، قيل : جمع ما لم يكن مفترقا من قبل محال. وإن قال : الافتراق ، قيل : تفرّق ما لم يكن مجتمعا من قبل محال. وهكذا نقول في الحركة والسكون. وهذا أيضا مبنيّ على أنّ الجسم مع وجوده لا يخرج عن التحيّز وأنّ الاجتماع لا يبطل إلّا بضدّ يطرأ عليه ، وهو الافتراق. وكذلك الحركة والسكون (ن ، د ، ٦٣ ، ١٣)

ـ الاجتماع حصول الجوهرين في حيّز واحد بحيث لا يمكن أن يتخلّلهما ثالث ، والافتراق كونهما بحيث يمكن أن يتخلّلهما ثالث (ف ، م ، ٧٦ ، ١٧)

ـ الأعراض النسبيّة وهي أنواع. الأوّل : حصول الشيء في مكانه وهو المسمّى بالكون ، ثم أنّ حصول الأوّل في الحيّز الثاني هو الحركة ، والحصول الثاني في الحيّز الأوّل هو السكون ، وحصول الجوهرين في حيّزين يتخلّلهما ثالث هو الافتراق ، وحصولهما في حيّزين لا يتخلّلهما ثالث هو الاجتماع. الثاني : حصول الشيء في الزمان وهو المتى (ف ، أ ، ٢٦ ، ٢٣)

ـ حصول جوهرين في حيّزين بحيث لا يتخلّلهما ثالث اجتماع ، وبالعكس افتراق (خ ، ل ، ٦٨ ، ١٢)

ـ الاجتماع : تقارب أجسام بعضها من بعض (ج ، ت ، ٣٠ ، ١١)

اجتماع الصحابة على الكفر

ـ ليس في الشيعة من يجوّز اجتماع الصحابة على الكفر فإنّ الرافضة بأسرها قد زعمت أنّ الصحابة كلها قد كفرت وأشركت إلا نفرا يسيرا خمسة أو ستة ، وشهرة قولها بذلك تغني عن الإكثار فيه (خ ، ن ، ١٠٤ ، ١٤)

اجتهاد

ـ لا يجوز الاجتهاد إلّا لمن علم ما أنزل الله عزوجل في كتابه من الأحكام وعلم السنن ، وما أجمع عليه المسلمون حتى يعرف الأشياء والنظائر ويردّ الفروع إلى الأصول ، وقالوا في المستفتي أنّ له أن يفتي فيقلّد بعض المفتين (ش ، ق ، ٤٧٩ ، ١٢)

ـ اعلم ـ أنّ طريقة الاجتهاد لا تخالف طريقة القياس إلّا أن فيما يقع له في القياس عن دليل ، ويتبع العلم يحصل في الاجتهاد عن إنفاذه ويتبع غالب الظنّ ، وربما يكون الاجتهاد غير متعلّق بأصول معيّنة ، وليس كذلك حال القياس (ق ، غ ١٧ ، ٢٨٢ ، ١)

ـ الضلال نقيض الهدى ، والغيّ نقيض الرشد : أي هو مهتد راشد وليس كما تزعمون من نسبتكم إيّاه إلى الضلال والغيّ. وما أتاكم به من القرآن ليس بمنطق يصدر عن هواه ورأيه ، وإنّما هو وحي من عند الله يوحي إليه. ويحتجّ بهذه الآية من لا يرى الاجتهاد للأنبياء.

١٤

ويجاب بأنّ الله تعالى إذا سوّغ لهم الاجتهاد كان الاجتهاد وما يستند إليه كلّه وحيا لا نطقا عن الهوى (ز ، ك ٤ ، ٢٨ ، ١٢)

ـ لا يجوز أن يكون الاجتهاد مرسلا خارجا عن ضبط الشرع ؛ فإنّ القياس المرسل شرع آخر وإثبات حكم من غير مستند وضع آخر. والشارع هو الواضع للأحكام ؛ فيجب على المجتهد أن لا يعدل في اجتهاده عن هذه الأركان (الكتاب والسنّة والإجماع والقياس) (ش ، م ١ ، ١٩٩ ، ١٩)

ـ الاجتهاد من فروض الكفايات ، لا من فروض الأعيان ، إذا اشتغل بتحصيله واحد سقط الفرض عن الجميع ، وإن قصّر فيه أهل عصر عصوا بتركه ، وأشرفوا على خطر عظيم (ش ، م ١ ، ٢٠٥ ، ٢)

ـ الاجتهاد : بذل المجهود في طلب المقصود من جهة الاستدلال (ج ، ت ، ٣١ ، ٩)

أجزاء غير متجزئة

ـ اعلم أنّه (الأشعري) كان يقول إنّ أجسام العالم متركّبة من أجزاء غير متجزّئة ، على معنى أنّ كل جزء منها لا يصحّ أن يكون له نصف أو ثلث أو ربع ولا يتوهّم أن ينقسم أو يتبعّض حتى يصير أقساما وأبعاضا وأجزاء. وكان يقول إنّ من خالف في ذلك ممّن يدّعي التوحيد فقد ساوى الملحدة في نفيه التناهي عن الأجزاء ، وإنّه لا فرق بين قول من قال إنّه لا جزء إلّا وله نصف ولنصفه نصف وبين قول من قال إنّه لا جسم إلّا وفوقه جسم وتحته جسم لا إلى نهاية (أ ، م ، ٢٠٢ ، ١٣)

أجساد محدثة

ـ الرافضة وصفت ربها بصفة الأجساد المحدثة فزعمت أنّه صورة وجوارح وآلات وأنّه تبدو له البدوات؟ وهذا قولها في ربها ؛ ومن اعتقد أن ما كان هذا صفته قديم لم يمكنه أن يدل على حدث جسم من الأجسام ، إذ كان لا يجد في الأجسام ما يستدلّ به على حدثه إلّا وقد وصف به ربه ـ تعالى الله عن قولهم علوّا كبيرا (خ ، ن ، ١٠٦ ، ٢)

أجسام

ـ إنّ سائر الأجسام من الألوان والطعوم والأراييح آفة فيها (الأرواح) فإنّما كان يقول (النظّام) : إنّ هذه الأجسام آفة على الأرواح في دار الدنيا التي هي دار بلوى واختبار ومحن ، فهي مشوبة بالآفات لتتم المحنة ويصح الاختبار فيها ، فأمّا الجنة فإنّها عنده ليست بدار محنة ولا اختبار وإنّما هي دار نعيم وثواب فليست بدار آفات. ولا بدّ للأرواح عند إبراهيم إذا أراد الله أن يوفيها ثوابها في الآخرة أن يدخلها هذه الأجسام من الألوان والطعوم والأراييح ، لأنّ الأكل والشراب والنكاح وأنواع النعيم لا تجوز على الأرواح إلّا بإدخال هذه الأجسام عليها (خ ، ن ، ٣٤ ، ١٤)

ـ الأجسام كلها عند إبراهيم متناهية ذات غاية ونهاية في المساحة والذرع ، وإنّما أحال إبراهيم جزءا لا يقسمه الوهم ولا يتصوّر له نصف في القلب (خ ، ن ، ٤٧ ، ٤)

ـ زعمت" الدهرية" : أنّ الأجسام التي نشاهدها قديمة. وقالت" الموحّدة" : هي محدثة ، لأنّ الإمارات التي فيها من التحوّل والتنقل والتبدّل والاجتماع والافتراق أمارات الحدوث لا القدم (ع ، أ ، ١١ ، ٧)

ـ إنّ الأجسام كلّها من جنس واحد من حيث كان

١٥

كلّ واحد منها يسدّ مسدّ الآخر وينوب منابه ، ويجوز عليه من الوصف مثل ما جاز عليه من الحركة والسّكون والاجتماع والافتراق والزيادة والنّقصان وغير ذلك من الأوصال. وليس معنى المثلين المتشابهين أكثر من ذلك ، فلو كان بعض الأجسام نورا مع اشتباهها وتماثلها لكانت كلّها نورا ؛ وكذلك لو كان منها ما هو ظلام لكانت كلّها ظلاما ؛ كما أنّه لو كان منها ما هو حركة أو سكون أو امتزاج أو تباين أو إرادة أو علم لكانت كلها كذلك مع تماثلها. وفي فساد هذا دليل على أنّ الأجسام كلّها جنس واحد مشتبه غير متضادّ ولا مختلف ، ليس معها نور ولا ظلام ، ولا اجتماع ولا افتراق ، ولا حركة ولا سكون ، ولا ظهور ولا كمون. وبان بذلك أن النّور والظّلام هما السّواد والبياض اللّذان يوجدان بالأجسام ، وأنّهما من جملة الأعراض وبعض العالم ، وليس بكلّ العالم (ب ، ت ، ٦٨ ، ٢٢)

ـ إنّ الأجسام معلومة بالاضطرار على سبيل الجملة والتفصيل جميعا ، وليس كذلك الأعراض (ق ، ش ، ٩٤ ، ١١)

ـ إنّ الدلالة قد دلّت على أنّ الأجسام متماثلة ، وإذا ثبت تماثلها لم يصحّ إلّا أن يستوي الكلّ في استحقاق الصفة الذاتية (ق ، ت ١ ، ١٩٨ ، ١)

ـ إنّ الأجسام لا يجوز خلوّها من الأكوان (ن ، د ، ١٤٨ ، ٥)

ـ إنّ الروح جنس واحد ، وأفعاله جنس واحد ، وإنّ الأجسام ضربان : حيّ ، وميّت ، وإنّ الحيّ منها يستحيل أن يصير ميّتا (النظام) (ب ، ف ، ١٣٦ ، ١٦)

ـ النجاريّة والضراريّة قد أنكروا وجود جسم لا يكون عرضا لدعواهم أنّ الأجسام أعراض مجتمعة (ب ، ف ، ١٦٣ ، ٣)

ـ زعم (النظّام) أيضا أنّ العلوم والإرادات من جملة حركات القلوب ، وزعم أنّ كل شيء من العالم ليس بحركة فهو جسم ، وأدخل الألوان والطعوم والأصوات والاستطاعة في جملة الأجسام (ب ، أ ، ٤٦ ، ١٣)

ـ اختلف أصحاب الطبائع في هذا : فمنهم من زعم أنّ الأجسام في الأصل أربعة أجناس فهي الأرض والماء والنار والهواء وسائر الأجسام مركّبة منها. ومنهم من قال بجنس خامس وهو الريح وزعم أنّ الريح غير الهواء المتحرّك. ومنهم من جعل الخامس الفلك وزعم أنّه طبيعة خامسة غير قابلة للكون والفساد ، ومنهم من أثبت في هذه الخمسة روحا سابحة فيها هي خلافها في الجنس (ب ، أ ، ٥٣ ، ٨)

ـ زعم النظّام ومن تبعه من القدرية أنّ الأجسام أنواع مختلفة ومتضادّة وبناه على دعواه أنّ الألوان والطعوم والأصوات والخواطر أجسام (ب ، أ ، ٥٤ ، ٥)

ـ قال أصحابنا بتجانس الأجسام كلّها وقالوا إنّ اختلافها في الصورة وفي سائر الأحكام إنّما هو لاختلاف الأعراض القائمة بها ، ووافقهم على هذا من المعتزلة الجبّائي وابنه أبو هاشم (ب ، أ ، ٥٤ ، ٧)

ـ ذهب شيخنا أبو الحسن الأشعري إلى استحالة تعرّي الأجسام من الألوان والأكوان والطعوم والروائح. وقال لا بدّ أن يكون في كل جوهر لون وكون وطعم ورائحة وحرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة وحياة أو ضدّها ، وإذا وجد في حالين فلا بدّ من وجود بقاء فيه في كل حال بعد حال حدوثه (ب ، أ ، ٥٦ ، ١١)

١٦

ـ اختلف الناس في هذا الباب ، فذهب هشام بن الحكم إلى أنّه ليس في العالم إلّا جسم ، وأنّ الألوان والحركات أجسام ، واحتجّ أيضا بأنّ الجسم إذا كان طويلا عريضا عميقا فمن حيث وجدته وجدت اللون فيه ، فوجب الطول والعرض والعمق للون أيضا ، فإذا وجب ذلك للون فاللون أيضا طويل عريض عميق ، وكل طويل عريض عميق جسم ، فاللون جسم (ح ، ف ٥ ، ٦٦ ، ١٣)

ـ ذهب ضرّار بن عمرو إلى أنّ الأجسام مركّبة من الأعراض (ح ، ف ٥ ، ٦٦ ، ١٧)

ـ ذهب سائر الناس إلى أنّ الأجسام هي كل ما كان طويلا عريضا عميقا شاغلا لمكان ، وأنّ كل ما عداه من لون أو حركة أو مذاق أو طيّب أو محبّة فعرض (ح ، ف ٥ ، ٦٦ ، ١٨)

ـ الأجسام كلها حاشى النفس موات لا علم لها ولا حسّ ولا تعلم شيئا ، وإنّما العلم والحسّ للنفس فقط (ح ، ف ٥ ، ٨٧ ، ١)

ـ المتحيّز هو المختصّ بحال لكونه عليها يتعاظم بانضمام غيره إليه أو يشغل قدرا من المكان ، أو ما يقدر تقدير المكان ، فيكون قد حاز ذلك المكان ، أو يمنع غيره من أمثاله عن أن يحصل بحيث هو. فهذه وما أشبهها أحكام المتحيّز. فأفراد ما هذا حاله تسمّى جوهرا. ومن هذه الأعيان تتركّب الأجسام ، فلهذا تجعل الجواهر أصول الأجسام (أ ، ت ، ٤٧ ، ٨)

ـ إنّ الأجسام لا تخرج عن الاجتماع والافتراق ، والحركة والسكون ، ولا تعقل إلّا كذلك. ولا شيء يوجب فيها هذا الحكم إلّا تحيّزها ، فيجب ـ متى حصلت موجودة متحيّزة ـ أن يقترن بها هذا الحكم. ولو جاز خلوّها من هذه المعاني في حال ، لجوّزناه الآن بأن تبقى على حالها في الخلو احترازا من اللون الذي وإن صحّ خلوّه منه من قبل فلا يصحّ بعد وجوده فيه أن يخلو منه ومن ضدّه وحال الجسم في سائر الأوقات هذه الحالة ، وإن كان لا يسمّى ما يحصل فيه حال حدوثه حركة أو سكونا إلّا أنّه لا يخلو من معناهما (أ ، ت ، ٨٨ ، ١٨)

ـ قال (النظّام) : إنّ الجواهر مؤلّفة من أعراض اجتمعت ، ووافق هشام بن الحكم في قوله إنّ الألوان والطعوم والروائح أجسام (ش ، م ١ ، ٥٦ ، ٩)

ـ الأجسام قابلة للعدم لأنّا قد دللنا على أنّ العالم محدث ، والمحدث ما يصحّ عليه العدم ، وتلك الصحّة من لوازم الماهيّات وإلّا لزم التسلسل في صحّة تلك الصحّة ، فوجب بقاء تلك الصحّة ببقاء تلك الماهيّة ، فثبت أنّها قابلة للعدم (ف ، أ ، ٨٩ ، ١٢)

أجسام مركّبة

ـ الأجسام المركّبة نوعان : نام وغير نام. فالذي لا ينمو ولا يزيد كالسماوات والكواكب لأنّها على مقدار واحد من حين خلقه الله تعالى إلى وقتنا هذا ما زاد فيه شيء ولا نقص منها شيء. فأمّا نقصان ضوء القمر وزيادته فذلك في ضوئه دون جرمه والله سبحانه قادر على الزيادة في الأجرام السماوية وعلى النقصان منها وعلى إفنائها كلّها. وأمّا الذي ينمو ويزيد وينقص على مجرى العادة فنوعان : حيوان ونبات. والنبات نوعان نجم وشجر. والشجر ما نبت على ساق والنجم ما نبت على غير ساق. والحيوان نوعان : أحدهما محسوس لنا في العادة والثاني غير محسوس الآن لنا مع جواز رؤيتهم في الآخرة وفي بعض الأحوال. وذلك

١٧

أربعة أنواع : الملائكة والحور العين والجنّ والشياطين (ب ، أ ، ٣٨ ، ٥)

أجسام معدومة

ـ كان عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الخياط من أكابر المعتزلة ببغداد ممّن يقول أنّ الأجسام المعدومة لم تزل أجساما بلا نهاية لها لا في عدد ولا في زمان غير مخلوقة (ح ، ف ٤ ، ٢٠٢ ، ٦)

أجل

ـ قول الله (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (الرعد : ٣٩) يقال له (ابن الروندي) : إنّه ليس في الآية التي تلوتها ما يوجب البداء ، وقد تأولها أهل العلم من المسلمين على خلاف ما تأولتها الرافضة. فقال بعضهم : إنّ الله جلّ ذكره جعل الأجل للمؤجلين فيه في كتاب نسخته الملائكة الذين تعبّدوا بحفظ الخلق ، فتكون للإنسان عندهم نطفة أجلا معلوما ثم علقة أجلا ثم مضغة أجلا معلوما ، فإذا نقله عظما كتب اسمه إلى ما نقله إليه ومحاه من الكتاب أن يكون مضغة ثم ينقله طفلا ، فإذا بلغ أشدّه محا اسمه أن يكون في الكتاب طفلا وكتبه بالغا ، وإذا ردّه إلى أرذل العمر محا اسمه أن يكون في الكتاب قويا عاقلا ويكون كافرا أجلا معلوما ، فإذا أسلم محاه من الكتاب الذي كتبت الملائكة عليه فيه أنّه كافر ، وإذا كان حيّا ثم أماته محاه من كتابه أن يكون اسمه فيه حيّا وكتبه ميتا (خ ، ن ، ٩٤ ، ٢)

ـ قال بعضهم : لكل أجل كتاب ، يقول : لكل كتاب أجل : للتوراة أجل أي وقت يعمل بما فيها ، وللإنجيل أجل أي وقت وللزبور وقت وللقرآن وقت (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) (الرعد : ٣٩) من تلك الكتب (وَيُثْبِتُ) (الرعد : ٣٩) ما يشاء ، (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (الرعد : ٣٩) يعني الأصل الذي نسخت منه هذه الكتب وهو قوله : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الزخرف : ٤). وقال بعضهم : مع ابن آدم ملكان منذ أدرك يكتبان الخير والشر ثم يمحو الله من ذلك ما يشاء ويثبت ما يشاء. وهذه التأويلات كلها جائزة ، وتأويل الرافضة لهذه الآية واختيارها له دون ما ذكرنا من التأويلات الصحيحة يشبه سائر اختياراتها من التشبيه والجبر والقول بالرجعة وإكفار المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان (خ ، ن ، ٩٤ ، ١٢)

ـ قال أكثر المعتزلة : الأجل هو الوقت الذي في معلوم الله سبحانه أنّ الإنسان يموت فيه أو يقتل ، فإذا قتل قتل بأجله ، وإذا مات مات بأجله ، وشذّ قوم من جهّالهم فزعموا أنّ الوقت الذي في معلوم الله سبحانه أنّ الإنسان لو لم يقتل لبقي إليه هو أجله دون الوقت الذي قتل فيه (ش ، ق ، ٢٥٦ ، ٦)

ـ إنّ من مات أو قتل فبأجله مات أو قتل (ش ، ب ، ٢٨ ، ٢)

ـ يقال لهم (للقدرية) : فخبرونا عمن قتله قاتل ظلما ، أتزعمون أنّه قتل في أجله أو بغير أجله؟ فإن قالوا : نعم ، وافقوا وقالوا بالحق ، وتركوا القدر. وإن قالوا : لا. قيل لهم : فمتى أجل هذا المقتول؟ فإن قالوا : الوقت الذي علم الله أنّه لو لم يقتل لتزوج امرأة علم أنّها امرأته ، وإن لم يبلغ إلى أن يتزوجها ، وإذا كان في معلوم الله أنّه لو لم يقتل وبقي لكفر أن تكون النار داره ، وإذا لم يجز هذا لم يجز أن يكون الوقت الذي

١٨

لم يبلغ إليه أجلا له (ش ، ب ، ١٥٠ ، ١٢)

ـ اعلم أنّه كان (الأشعري) يقول إنّ الأجل والحين والوقت والزمان ممّا تتقارب معانيها ، وإنّ أجل كل حادث حال حدوثه. وكان يقول إنّ الأفعال على الإطلاق بحدوثها لا تقتضي مكانا ولا زمانا ، لأنّ المكان والزمان محدثان أيضا ، فلو كان كذلك تعلّق كل مكان بمكان وكل زمان بزمان لا إلى غاية وذلك فاسد. فعلى هذا إذا قيل" أجل الدين" المراد به الوقت الذي يحلّ فيه الدين فكان لصاحبه أن يطالب به. وأجل الحياة حال حدوثها ، وأجل الموت حال حدوثه (أ ، م ، ١٣٥ ، ٢)

ـ كان (الأشعري) يحيل قول من قال لوقت لم يبلغ إليه المخبر عنه بذلك إنّه أجله ، ويقول إنّ تحقيق ذلك يؤدّي إلى أن يضاف الأجل إلى من لم يكن له أجل ، ولا يجوز على التقدير مثل ذلك أيضا لما يلزم عليه من المقالات الفاسدة. وهذا هو نكتة الخلاف في هذا الباب بيننا وبين القدرية ، لأنّا نقول إنّ المقتول ميّت مات بأجله كمن ليس بمقتول ، فإنّه إنّما مات باجله المعلوم له المقدّر. ويستحيل قول من قال إنّ ما لم يبلغه من الوقت أجله ، كما يستحيل قول من قال فيما لم يحدث فيه من الحياة إنّه حياته أو موته على الحقيقة ، وإنّما يقال ذلك توسّعا ومجازا (أ ، م ، ١٣٥ ، ٩)

ـ اعلم أنّ الأجل إنّما هو الوقت ، وأمّا في العرف فإنّما يستعمل في أوقات مخصوصة ، نحو أجل الحياة وأجل الموت وأجل الدين ، ولا يكادون يستعملونه في غير ذلك (ق ، ش ، ٧٨١ ، ٢)

ـ إنّ الأجل هو الوقت الحادث ، وإن كان من جهة الاستعمال قد غلب على أوقات الحياة والممات ، فإذا صحّ ذلك فكل وقت قد علم تعالى أنّ العبد يموت فيه وحكم بذلك وأخبر عنه ؛ فقد جعله أجلا لموته ، فلا يجوز أن يتقدّم موته هذا الوقت ولا يتأخّر ، لا لأنّه تعالى لا يقدر على تقديم موته ، وتأخيره ، لأنّه عزوجل لو لم يقدر على ذلك ، من حيث علم أنّه لا يقع ، لوجب أن لا يوصف بالقدرة على الضدّين ، لأنّه قد علم في أحدهما أنّه لا يقع ، ولوجب ألّا يوصف ، بالقدرة على أن يزيد في المكلّفين من علم أنّه لا يكلّفه ولا يخلقه ، ولوجب إذا علم أنّ الشيء يوجد لا محالة أن لا يقدر على خلافه ، وهذا يوجب وقوع أفعاله على طريقة الاضطرار ، وكفى بهم خزيا أن تؤدّيهم هذه المقالة إلى أن يقولوا في الله تعالى بمثل مقالتهم في العبد بالجبر (ق ، م ١ ، ٢٨٠ ، ١١)

ـ اعلم أنّ الأجل هو وقت مخصوص. ومعنى ذلك أنّه ما لم يتقدّم كلام أو كتابة يتبيّن بهما حدوث هذا الشيء عند غيره لم يسمّ أجلا. وعلى ذلك تدخل الآجال في الديون وفي أثمان الأشياء. ولا يكون كذلك إلّا بقول من المتعاقدين واشتراط منهما ، وإلّا فالإطلاق لا يقتضي ذلك. وقد حكى في الكتاب أنّ شيوخنا ربّما أطلقوا القول بأنّ الأجل هو الوقت ، وأنّ كل وقت أجل. ثم بيّن أن الأولى ما ذكرناه من تقدّم الاشتراط وإقامة الدلالة على حصول هذا الشيء عند غيره بقول أو كتابة. وعلى نحو ذلك وصفه الله عزوجل بأنه مسمّى فقال (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (طه : ١٢٩ ؛ الروم : ٨ ؛ الأحقاف : ٣) (ق ، ت ٢ ، ٤٠٦ ، ٢)

ـ إنّ الذي يصحّ أن يجعل أجلا هو الثابت دون المقدّر. ومعلوم أن الوقت الذي حدث فيه موته

١٩

هو هذا الوقت دون غيره من الأوقات. فلم يصحّ أن يجعل ذلك الوقت أجلا له من دون أن يكون له ثبات ، ولأجل هذا التقدير لا يجب إطلاق هذه التسمية (ق ، ت ٢ ، ٤١٣ ، ٩)

ـ حكي عن المعتزلة : أنّ الأجل هو الوقت الذي يموت فيه العبد إن لم يقتل فيه ، أو لم يفعل ما يستحقّ به الزيادة في العمر ، من صلة رحم وغيرها. قالوا : ووقت القتل ، والوقت الذي ينتهي إليه من يزاد في عمره ، أجلان ؛ ويجوز أن يزيد الله في الأعمار وينقص منها ؛ والآجال لا تضطرّ القاتل إلى القتل ؛ ولو لم يقتل المقتول كان الله أعلم كيف حاله ، من موت في ذلك الوقت أو بقاء إلى تمام أجله ؛ ولا عذر للقاتل في القتل ، وافق قتله الأجل أو لم يوافقه (ق ، غ ١١ ، ٣ ، ٨)

ـ قال (أبو الهذيل) : ولا بدّ في كل حيّ من أجل محكوم له بأنّه يعيش إليه ، فيكون أجلا في الحقيقة وإن قتل قبله ، لأنّ الأجل هو الوقت المنتظر ، ولذلك لا يقال في الدين الحالّ : إنّه مؤجّل ، ويقال ذلك في المتأخّر (ق ، غ ١١ ، ٤ ، ٢)

ـ إنّ جعله تعالى الأجل أجلا له هو بأن يكتب ذلك أو يدلّ عليه إن لم يقتله القاتل وقد بيّنا أنّ ذلك لا يمنع من كونه قادرا على قتله ، وأن ذلك لا يوجب عليه لله لا قهرا ولا تجهيلا. فكيف يجب إذا جوّزنا لو لم يقتله القاتل أن يعيش (ق ، غ ١١ ، ٦ ، ١٩)

ـ إنّا لا نجعل الأجل إلّا الوقت الذي يقتل فيه. وقد علمنا أنّه لا يجب القضاء بأنّه كان يموت في تلك الحال لو لم يقتله القاتل ، من حيث نقدر فنقول : كان يجوز لو لا قتل القاتل له أن يكون الصلاح أن يعيش مدّة من الزمان ، كما لا يجب مثل ذلك فيمن مات بالغرق والهدم وسائر الأسباب التي يجوز أن يعيش لو لم تحدث. وإنّما كان يجب البداء لو خرج تعالى من أن يعلم بما كان عالما به ، أو ظهر له ما لم يكن عالما به ووجد من فعله ما يقتضي ذلك فيه. وتجويزنا أن يعيش مدّة لو لم يقتله القاتل ليس ببداء ، ولا يدلّ عليه ، فكيف يمنع من ذلك لهذه العلّة ، ولو جاز التعلّق بذلك فيما قال لجاز أن يقال فيمن مات ببعض الأسباب التي حدثت عند اختياره من غرق وهدم : إنّه يوجب البداء لو جوّزنا أن يبقى بعد ذلك لو لم يختر ذلك السبب (ق ، غ ١١ ، ٧ ، ٣)

ـ إنّ جعله تعالى الأجل أجلا له هو بشرط ألّا يتقدّم القتل ، فكأنّه تعالى كتب في اللوح المحفوظ بأنّ زيدا يعيش مائة سنة إن لم يقتل وهو ابن خمسين ، ويكون ذلك أجله ، وإذا قتل وهو ابن خمسين فهذا أجله ، وأنا أعلم أنّه سيقتل في هذه الحال لا محالة ، فهذا منه تعالى يوجب أنّ أجله حال القتل دون الحال الثاني (ق ، غ ١١ ، ١٧ ، ٣)

ـ الأجل هو الوقت ؛ لأنّ وقت الشيء هو أجله. ألا ترى أنّ الوقت الذي يحلّ فيه الدين يقال : هو أجل الدين ، والوقت الذي ينزل فيه بالعبد الموت يقال : إنّه أجل الموت (ق ، غ ١١ ، ٢٠ ، ٩)

ـ إنّ أجل المرء هو وقت الموت ، وإنّه متى قيل في الحي إنّه قطع أجله فهو على ضرب من التقدير والمجاز ، وبيّنا أنّه لا يمتنع مع ذلك في القادر أن يقتل من لو لا قتله لكان يعيش مدّة من الزمان (ق ، غ ١٣ ، ٥٤٧ ، ٣)

ـ قال أصحابنا ... كل من مات حتف أنفه أو قتل فإنّما مات بأجله الذي جعله الله عزوجل

٢٠