الألفين الفارق بين الصّدق والمين - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

الألفين الفارق بين الصّدق والمين - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: المؤسسة الإسلامية للبحوث والمعلومات
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤسسة الإسلامية للبحوث والمعلومات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٤
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

٣
٤

٥

٦

مقدمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمّد وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين.

وبعد :

تمثّل الإمامة في حياة المسلمين واحدة من أهمّ مفردات العقيدة الإسلامية التي ما سلّ في الإسلام سيف كما سلّ فيها كما قيل.

ولم يكن للسيف فيها موضع لو أنّ المسلمين استمعوا لنداء العقل والفطرة السليمة واتّبعوا منهج البحث العلمي والاستدلال المنطقي على ما اختلفوا عليه. لكنّها الأهواء عند ما تحلّ بديلا عن منطق العقل تجرّ الأمّة إلى ويلات ومحن قد يكون أكثر المحترقين بنارها لا يعلمون حقيقة الأمر فيها لوقوعهم تحت تأثير أساليب الدعاية والتضليل والتغرير.

ولم تكن مسألة الإمامة من الغموض والإبهام بما يوصل المسلمين لهذه الحالة من التنازع والاختلاف ، بل كانت واضحة جليّة أيّام الرسالة الأولى ، لكن الغموض بدأ يكتنفها بتعاقب الزمن بسبب مزاحمتها لأهواء دفينة في نفوس دخلت الإسلام مرغمة ، فأضمرت لأهله الشرّ ولنفسها الزعامة حين تسنح لها فرص غفلة الأمّة عن كتابها وأقوال رسولها صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وما أن انقضت أيّام النبوّة حتى ظهر كامن القوم وعلت أصوات أخر أخرستها كلمة الحقّ سنين طويلة ، وعاش أكثر المسلمين التّيه الفكريّ مع أنّ كثيرا منهم عايش الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسمع حديثه ووصاياه ، وصار الحديث عن خلافة خاتم الرسل حديثا عن الزعامة بما تحمل من رواسب العقلية الجاهلية والقبليّة ، وغدا مصير خير أمّة أخرجت للناس تقرّره عقول قوم لم يتمثّل الإسلام في حياتهم سلوكا ومفهوما ومشاعر بالقدر الذي يؤهّلهم لخلافة خاتم الرسل صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فالعجب كلّ العجب من أمّة آمنت برسولها وكتابها وترجع إليهما في معرفة

٧

أحكامها من صوم وصلاة وحجّ ونكاح ... وغير ذلك ، ولا ترجع إليهما في أمر يصل فيه الاختلاف إلى حدّ التنازع والاقتتال وانتهاك الحرمات!!

وكأنّ القوم قد فتّشوا جميع أقوال نبيّهم وتمعّنوا في آيات كتابهم فلم يجدوا ما يتعلّق بأمر الإمامة من شيء فحصروا دائرة النقاش فيها بحدود عقولهم ومصالحهم. وحتى أولئك الذين لم يستطيعوا أن ينكروا ما أثر من نصّ في ذلك جرّتهم الأهواء لئن يلووا أعناق الكلمات أو يحرّفوها عن مواضعها ، وقليل هم الذين عرفوا الإمامة وعظم خطرها وما تمثّله من امتداد لمسيرة النبوّة وما تضطلع به من مهمّة حفظ الشريعة المقدسة والقيام بتطبيقها ، فلم يروا لها أهلا إلّا من ارتضاه الله ورسوله وكانت سيرته شاهدة على صدق ما اختاره الله له.

وذهب القوم مشارب شتّى في تعريف الإمامة والإمام وتحديد صفاته وتعيين مصداقه ، كلّ ينهل من معين ما يعتقد به ، فغرّب بعض وشرّق آخرون.

وحيث كانت العصمة الواجب توفّرها في الإمام الذي يخلف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بالقيام بمهام الرسالة من أهم المباحث في هذا المجال قامت (المؤسّسة الإسلامية للبحوث والمعلومات) بتوجيه ورعاية من سماحة آية الله السيد علي الناصر ـ دام ظلّه ـ نجل سماحة المرجع الديني المقدّس آية الله العظمى السيد ناصر الموسوي الأحسائي قدس‌سره ، بتحقيق ونشر واحد من أهم الكتب عند الطائفة الإمامية الذي دار عليه قطب الرحى طويلا لكونه منصبّا في جميع مباحثه على إيراد الأدلّة الدالة على وجوب عصمة الإمام عليه‌السلام ، ولما يتميّز به من موضوعية فى الطرح بعيدا عن روح التعصّب المذهبي الذي كان سائدا فترة تأليفه ، وأيضا لما يتمتّع به مؤلّفه من مكانة علمية مرموقة أشهر من أن يشار إليها.

ونحن إذ نقدّم للقارىء الكريم (كتاب الألفين الفارق بين الصدق والمين) لمؤلّفه العلّامة الحلّي قدس‌سره بعد أن بذلنا ما بوسعنا لتحقيقه وإخراجه بما يليق به ، نأمل من القارئ العزيز أن يتحفنا بملاحظاته القيّمة عسانا أن نتلافى ما يمكن تلافيه ممّا أوقعنا فيه قصورنا ومحدودية إمكاناتنا ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

٨

ترجمة المؤلّف

اسمه وكنيته ولقبه

هو الشيخ الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي ، وجاء في بعض كتب العامّة أنّ اسمه الحسين (١).

كنيته أبو منصور ، وقد اشتهر بها ، وهي التي كنّاه بها والده (٢). وله كنية أخرى ذكرها أهل العامّة وبها عرف عندهم ، وهي : (ابن المطهّر) (٣).

يلقّب ب (جمال الدين) وب (آية الله) ، وأشهر ألقابه (العلّامة) وإليه ينصرف عند الإطلاق.

ولقّبه البعض ب (الأسدي) نسبة إلى أسرته التي تعرف بآل المطهّر من بني أسد (٤).

ولقّب ب (الحلّي) نسبة إلى مدينة الحلّة التي ولد فيها وسكنها (٥).

مولده

اتّفقت أكثر المصادر على أنّ ولادته في شهر رمضان عام (٦٤٨ ه‍) ، لكن اختلف في يوم مولده ، فقيل : ولد في ليلة الجمعة في الثلث الأخير من الليل في السابع

__________________

(١) الوافي بالوفيات ١٣ : ٨٥ ، الدرر الكامنة ٢ : ٧١.

(٢) أجوبة المسائل المهنائية : ١٣٩.

(٣) الوافي بالوفيات ١٣ : ٨٥ مرآة الجنان ٤ : ٢٠٨.

(٤) الوافي بالوفيات ١٣ : ٨٥.

(٥) رجال العلّامة الحلّي : ٤٥.

٩

والعشرين من شهر رمضان ؛ كما جاء في جواب العلّامة ـ المترجم ـ للسيّد مهنا بن سنان عند ما سأله عن تاريخ مولده (١).

وقيل : ولد في التاسع عشر من شهر رمضان ، كما جاء في ترجمته لنفسه في رجاله (٢).

وقيل : ولد في التاسع والعشرين من شهر رمضان (٣).

أسرته

ينحدر شيخنا العلّامة من أسرة علمية عريقة ، فوالده الشيخ سديد الدين يوسف ابن علي بن المطهّر الحلّي ، وصفه بعض أصحاب التراجم بأنّه كان فقيها محقّقا مدرّسا عظيم الشأن (٤) ، ونعته بعض بالشيخ الأجلّ الفقيه السعيد شيخ الإسلام (٥) ، وقال عنه بعض بأنّه أعلم العلماء في عصره في الأصول (٦).

وأمّه هي بنت العالم الفقيه الشيخ أبي يحيى الحسن ابن الشيخ أبي زكريا يحيى ابن الحسن بن السعيد الهذلي الحلّي (٧).

وخاله الشيخ نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي المشهور بالمحقّق الحلّي ، الذي وصف بأنّه المحقّق المدقّق ، الإمام العلّامة ، واحد عصره ، وكان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجّة وأسرعهم استحضارا (٨).

__________________

(١) أجوبة المسائل المهنائية : ١٣٩.

(٢) رجال العلّامة الحلّي : ٤٨.

(٣) روضات الجنّات ٢ : ٢٧٣. تنقيح المقال ١ : ٣١٥. أعيان الشيعة ٥ : ٣٩٦.

(٤) رجال ابن داود : ٧٨.

(٥) انظر : بحار الأنوار ١٠٨ : ٤٣.

(٦) انظر بحار الأنوار ١٠٧ : ٦٤.

(٧) مقدمة كتاب (مختلف الشيعة) تحقيق مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية : ١٥. خاتمة مستدرك الوسائل ٢ : ٤٠٣.

(٨) رجال ابن داود : ٦٢.

١٠

وأخوه الشيخ رضيّ الدين عليّ بن يوسف بن المطهّر ، وكان أكبر سنّا من العلّامة بنحو ثلاث عشرة سنة ، وكان عالما فاضلا (١). وهو صاحب كتاب (العدد القوية لدفع المخاوف اليومية) الذي يعدّ من مصادر بحار الأنوار (٢).

وابنه الشيخ فخر الدين محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ، وصف بأنّه كان فاضلا محقّقا فقيها ثقة جليلا يروي عن أبيه العلّامة (٣).

ما قيل فيه

مدحه وأثنى عليه كلّ من ذكره من علماء الإمامية الذين كتبوا في الرجال والتراجم ، وإليك نماذج من ذلك :

١ ـ ابن داود : (شيخ الطائفة وعلّامة وقته وصاحب التحقيق والتدقيق ، كثير التصانيف ، انتهت رئاسة الإمامية إليه في المعقول والمنقول) (٤).

٢ ـ السيّد التفرشي : (ويخطر ببالي ألّا أصفه ، إذ لا يسع كتابي هذا ذكر علومه وتصانيفه وفضائله ومحامده ، وإنّ كلّ ما يوصف به الناس من جميل وفضل فهو فوقه) (٥).

٣ ـ الحرّ العاملي : (فاضل عالم علّامة العلماء ، محقّق مدقّق ثقة ثقة ، فقيه محدّث متكلّم ماهر ، جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة ، لا نظير له في الفنون والعلوم العقليات والنقليات ، وفضائله ومحاسنه أكثر من أن تحصى) (٦).

__________________

(١) أمل الآمل ٢ : ٢١١.

(٢) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١٥ : ٢٣٢.

(٣) أمل الآمل ٢ : ٢٦١.

(٤) رجال ابن داود : ٧٨.

(٥) نقد الرجال ٢ : ٧٠.

(٦) أمل الآمل ٢ : ٨١.

١١

٤ ـ الشيخ يوسف البحراني : (بحر العلوم الذي لا يوجد له ساحل ، وكعبة الفضائل التي تطوى إليها المراحل ...) (١).

وقال أيضا : (لو لم يكن له قدس‌سره إلّا هذه المنقبة ـ تشيّع الملك خدابنده على يده ـ لفاق بها على جميع العلماء فخرا وعلا بها ذكرا ، فكيف ومناقبه لا تعدّ ولا تحصى ، ومآثره لا يدخلها الحصر والاستقصاء) (٢).

٥ ـ الخوانساري : (لم تكتحل حدقة الزمان له بمثل ولا نظير ، ولمّا تصل أجنحة الإمكان إلى ساحة بيان فضله الغزير ، كيف ولم يدانه في الفضائل سابق عليه ولا لاحق ، ولم يثن إلى زماننا هذا ثناؤه الفاخر الفائق ، وإن كان قد ثنّى ما أثني على غيره من كلّ لقب جميل رائق وعلم جليل لائق ، وإذن فالأولى لنا التجاوز عن مراحل نعت كماله والاعتراف بالعجز عن التعرّض لتوصيف أمثاله) (٣).

٦ ـ المحدّث النوري : (الشيخ الأجلّ الأعظم بحر العلوم والفضائل والحكم ، حافظ قاموس الهداية كاسر ناقوس الغواية ، حامي بيضة الدين ماحي آثار المفسدين ، الذي هو بين علمائنا الأصفياء كالبدر بين النجوم وعلى المعاندين الأشقياء أشدّ من عذاب السموم وأحدّ من الصارم المسموم ، صاحب المقامات الفاخرة والكرامات الباهرة والعبادات الزاهرة والسعادات الظاهرة ... آية الله التامّة العامّة وحجة الخاصّة على العامّة ، علّامة المشارق والمغارب ...) (٤).

٧ ـ الشيخ المامقاني : (اتّفق علماء الإسلام على وفور علمه في جميع الفنون وسرعة التصنيف ، وبالغوا في وثاقته) (٥).

__________________

(١) لؤلؤة البحرين : ٢٢٦.

(٢) لؤلؤة البحرين : ٢٢٦.

(٣) روضات الجنّات ٢ : ٢٧٠ ـ ٢٧١.

(٤) خاتمة مستدرك الوسائل ٢ : ٤٠٣.

(٥) تنقيح المقال ١ : ٣١٤.

١٢

٨ ـ الشيخ عبّاس القمّي : (علّامة العالم وفخر نوع بني آدم ، أعظم العلماء شأنا وأعلاهم برهانا ، سحاب الفضل الهاطل وبحر العلم الذي لا يساجل ، جمع من العلوم ما تفرّق في الناس ، وأحاط من الفنون بما لا يحيط به القياس ، رئيس علماء الشيعة ومروّج المذهب والشريعة ، صنّف في كلّ علم كتبا وآتاه الله من كلّ شيء سببا ، قد ملأ الآفاق بمصنّفاته وعطّر الأكوان بتأليفاته ، انتهت إليه رئاسة الإمامية في المعقول والمنقول والفروع والأصول) (١).

٩ ـ السيّد محسن الأمين : (هو العلّامة على الإطلاق الذي طار ذكر صيته في الآفاق ، ولم يتّفق لأحد من علماء الإمامية أن لقّب بالعلّامة على الإطلاق غيره) (٢).

كما ذكره ومدحه وأثنى عليه جملة من علماء العامّة ومؤلّفيهم ، وإليك نماذج من ذلك :

١ ـ الصفدي : (الإمام العلّامة ذو الفنون عالم الشيعة وفقيههم ، صاحب التصانيف التي اشتهرت في حياته ... كان يصنّف وهو راكب ... ريّض الأخلاق مشتهر الذكر ، تخرج به أقوام كثيرة) (٣).

٢ ـ ابن حجر العسقلاني : (صنّف في الأصول والحكمة ... وكان رأس الشيعة بالحلّة ، واشتهرت تصانيفه وتخرّج به جماعة) (٤).

وقال أيضا : (عالم الشيعة وإمامهم ومصنّفهم ، وكان آية في الذكاء ... اشتهرت تصانيفه في حياته ... وكان مشتهر الذكر وحسن الأخلاق) (٥).

__________________

(١) الكنى والألقاب ٢ : ٤٧٧ ـ ٤٧٨.

(٢) أعيان الشيعة ٥ : ٣٩٦.

(٣) الوافي بالوفيات ١٣ : ٨٥.

(٤) الدرر الكامنة ٢ : ٧١.

(٥) لسان الميزان ٢ : ٣١٧.

١٣

٣ ـ ابن تغري بردي الأتابكي : (كان عالما بالمعقولات ، وكان رضي الخلق حليما) (١).

٤ ـ خير الدين الزركلي : (جمال الدين ويعرف بالعلّامة ، من أئمّة الشيعة وأحد كبار العلماء) (٢).

معاصروه من العلماء

عاصر العلّامة مجموعة من فطاحل العلماء وكبار الفقهاء من الخاصّة والعامّة في وقته ، منهم : السيّد علي بن موسى بن طاوس ، والخواجه نصير الدين الطوسي ، والمحقّق الحلّي ، والشيخ علي بن عيسى الأربلي ، والشيخ ميثم البحراني ، والقاضي ناصر الدين البيضاوي ، وبرهان الدين العبدي ، ومحمد بن محمود الآملي ، والقاضي عضد الدين الإيجي ، وغيرهم من العلماء.

أبرز جوانب حياته (٣)

* بدأ مشوار حياته ونشأته في أسرة علمية عريقة حيث كان والده الشيخ سديد الدين يوسف عالما فاضلا ورعا ، وكان من الأساتذة الكبار والعلماء الذين ذاع صيتهم في البلاد ، وكذلك خاله الشيخ نجم الدين المعروف بالمحقّق الحلّي الذي كان رأس الشيعة وملاذهم في العلوم ، فقد نهل العلّامة من علوم والده وتغذى من حسن أخلاقه ، ومن نعومة أظفاره بانت عليه علامات الذكاء والموهبة ، فانتقل إلى درس

__________________

(١) النجوم الزاهرة ٩ : ٢٦٧.

(٢) الأعلام ٢ : ٢٢٧.

(٣) أخذت هذه المقاطع من عدّة كتب منها : رجال ابن داود : ٧٨. خلاصة الأقوال (المقدمة) : ٤ ـ ٤٠. أمل الآمل ٢ : ٨١ ـ ٨٥ نقد الرجال ٢ : ٦٩ ـ ٧٠. لؤلؤة البحرين : ٢١٠ ـ ٢٢٧. الفوائد الرجالية ٢ : ٢٥٧ ـ ٢٩٢. روضات الجنات ٢ : ٢٦٩ ـ ٢٨٦. تنقيح المقال ١ : ٣١٤ ـ ٣١٥. الكنى والألقاب ٢ : ٤٧٧ ـ ٤٨٠. أعيان الشيعة ٥ : ٣٩٦ ـ ٤٠٨. طبقات أعلام الشيعة (المائة الثامنة) : ٥٢ ـ ٥٤. تاريخ العلماء : ١٥٩ ـ ١٦٤. الوافي بالوفيات ١٣ : ٨٥ لسان الميزان ٢ : ٣١٧ ـ ١٣٨. ومن مقدّمات كتبه المحقّقة.

١٤

خاله المحقّق الحلّي الذي أحاطه برعاية تامّة وتشجيع مستمر ، فتقدّمت شخصية العلّامة شيئا فشيئا وصار يشار إليه بالبنان.

وقبل أن يتمّ سنّ التكليف حصل على إجازة الاجتهاد ، وهو أوّل من روّج وقوّم وقرّر رسوم الاجتهاد ، فصار يطلق عليه لقب آية الله.

* كانت فترة الصبا بالنسبة إليه فترة عصيبة ومؤلمة ، حيث عاصر أحداث غزو هولاكو وما جرى فيها من مجازر ، ورأى بعينه كيف أنّ والده جاء بكتاب الأمان لأهل الحلّة.

* عكف على دراسة المعقولات والتزم درس الخواجه نصير الدين الطوسي عند ما جاء إلى العراق فدرس على يديه الفلسفة والكلام والفلك والنجوم ، وكان ملازما له حتى في سفره ، وسأله مرّة عن اثني عشرة مسألة كلّها من مشكلات المسائل فأجاب الخواجة عن بعضها وأجّل بعضها ممّا جعل الخواجه يثني عليه وعلى علمه.

* ما أن دخل في العقد الثالث من العمر حتى أكمل مصنّفاته الكلامية والحكمية ، ولذلك وصفه الخواجه الطوسي ـ عند ما زار الحلّة ـ بقوله : فوجدت في الحلّة عالما إذا جاهد فاق.

* حضر دروس فطاحل العلماء وأهل التدريس من الخاصّة والعامّة فأزخر بالعلوم ، فذاع صيته وارتفعت مكانته بالبلاد وشاع أمره بين الناس لنبوغه الفكري ، وتميّز بين أبناء جيله ببراعة بيانه وكثرة مؤلّفاته ممّا جعله المؤهّل لأن يحلّ مكان خاله المحقّق عند ما توفّي ، فصار درسه حافلا بطلبة العلوم وقد حضره العديد من خيار العلماء ، وقيل : حضر درسه في الفقه والأصول العلّامة الخواجه نصير الدين الطوسي أيضا.

* كانت له مناظرات مع كبار العلماء وكان صاحب القول الفصل فيها ، حيث كان قويّ الحجّة بمناظراته يفحم خصمه بالأدلّة العقلية والنقلية ، حتى دان له خيرة علماء أهل العامّة بالفضل والمعرفة وحسن الحجّة والبرهان.

١٥

* استدعاه السلطان محمّد خدابنده ممثّلا عن رأي المذهب الشيعي في قضية طلاق السلطان زوجته ، فذهب ملبّيا هذه الدعوى ومتسلّحا بسلاح العلم والإيمان والتقوى ، فحصلت له المناظرة الكبرى التي كانت حصيلتها أن تشيّع السلطان محمّد خدابنده وأعلن التشيّع مذهبا رسميّا في البلاد الإسلامية ، ونقشت أسماء الأئمّة عليهم‌السلام على النقود وجدران المساجد ، فقيل : لو لم يكن للعلّامة إلّا هذه المكرمة لكفى.

على أثر هذه الحادثة صار السلطان لا يفارق العلّامة في حلّه وترحاله ، واهتمّ بالعلم والعلماء ، فبنى الكثير من المدارس ومن بينها المدرسة السلطانية التي جعلها السلطان مدرسة سيّارة أينما يذهب السلطان فهي معه ، فازدهر لذلك العلم والعلماء وكثرت المدارس الدينية وانتشر مذهب التشيّع.

* اشتغل العلّامة بالتأليف والتصنيف فكتب في كلّ فنون المعرفة حتى قيل : إنّه كان يصنّف وهو راكب ، وأحصى البعض مؤلّفاته فقال : هي تزيد على الخمسمائة مؤلّف ، وقال بعضهم : لو قسّمنا ما أحصينا من مؤلّفاته على عدد سنوات حياته لوجدنا أنّ في كلّ يوم يصدر له كراس.

* ألّف الكثير من الكتب وجعلها هدية للسلطان خدابنده. ومن أوضح ما كتبه وأهداه كتابه العقائدي المسمّى ب (نهج الحق وكشف الصدق).

* رغم احترام العلم والعلماء في وقته سواء كانوا من العامّة أو الخاصّة إلّا أنّ بعض أصحاب الهوى كان لا يعجبهم أن يكون التشيع موضع احترام السلطة ، فكتب ابن تيمية كتابا يتضمّن ردّا على أحد كتب العلّامة ووصفه فيه بضدّ شهرته التي يعرف بها ب (ابن المطهّر). لكن أخلاق العلّامة الرفيعة المكتسبة من سيرة أهل البيت عليهم‌السلام وأخلاقهم لم تسمح له أن يقابله بالمثل وإنّما أجابه بأنّ الحجة والبرهان هما الدليل على الحقّ لا الشتم والسباب وغيرهما.

١٦

* استأذن العلّامة من السلطان خدابنده في الرجوع إلى الحلّة والمقام فيها ، فأذن له لكن على مضض ؛ لأنّه كان لا يرغب في مفارقته.

أساتذته

أخذ العلّامة علومه واكتسبها من خلال قراءته على جمّ غفير من أهل العلم والفضل وفطاحل المدرّسين من الخاصّة والعامّة في وقته ، وكان في مقدّمتهم :

١ ـ والده الشيخ سديد الدين يوسف بن عليّ المطهّر الحلّي وهو أوّل من قرأ عليه ، فأخذ عنه الأدب والعربية والأصول والفقه والرواية (١).

٢ ـ خاله الشيخ نجم الدين جعفر بن الحسن بن سعيد المحقّق الحلّي ، أخذ عنه الفقه والأصول والكلام والرواية (٢).

٣ ـ الخواجه نصير الدين الطوسي ، أخذ عنه الكلام والرياضيات والفلسفة (٣).

٤ ـ كمال الدين ميثم بن عليّ البحراني ، قرأ عليه جملة من العلوم وأخذ عنه الرواية (٤).

٥ ـ السيّد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاوس الحسيني (٥).

٦ ـ السيّد عليّ بن طاوس (٦).

٧ ـ الشيخ نجم الدين عليّ بن عمر الكاتب القزويني الشافعي (٧).

__________________

(١) روضات الجنات ٢ : ٢٧٨. طبقات أعلام الشيعة (المائة والثامنة) : ٥٢. تاريخ العلماء : ١٦٠.

(٢) أمل الآمل ٢ : ٨١ روضات الجنّات ٢ : ٢٧٨. الكنى والألقاب ٢ : ٤٧٨. تاريخ العلماء : ١٦٠.

(٣) أمل الآمل ٢ : ٨١ روضات الجنّات ٢ : ٢٧٨. الكنى والألقاب ٢ : ٤٧٨. طبقات أعلام الشيعة (المائة الثامنة) : ٥٢. تاريخ العلماء : ١٦٠. الدرر الكامنة ٢ : ٧١.

(٤) روضات الجنّات ٢ : ٢٧٨ أعيان الشيعة ٥ : ٤٠٢.

(٥) روضات الجنّات ٢ : ٢٧٨. طبقات أعلام الشيعة (المائة الثامنة) : ٥٢.

(٦) روضات الجنّات ٢ : ٢٧٨. طبقات أعلام الشيعة (المائة الثامنة) : ٥٢.

(٧) لؤلؤة البحرين : ٢٢٣. طبقات أعلام الشيعة (المائة الثامنة) : ٥٢.

١٧

٨ ـ الشيخ شمس الدين محمّد بن محمّد بن أحمد الكيشي (١).

٩ ـ نجيب الدين يحيى بن سعيد ابن عمّ المحقّق الحلّي.

١٠ ـ حسين بن علي بن سلمان البحراني.

١١ ـ مفيد الدين محمّد بن عليّ بن الجهم الأسدي.

١٢ ـ برهان الدين أبو الفضل محمّد بن محمّد بن محمّد النسفي.

١٣ ـ عز الدين الفاروقي الواسطي.

١٤ ـ تقي الدين عبد الله بن جعفر بن عليّ بن الصبّاغ الكوفي الحنفي.

١٥ ـ جمال الدين النحوي.

وغيرهم من الخاصّة والعامّة (٢).

تلامذته

يروي عنه جماعة كبيرة من أهل الفضل والعلم ، وأخذ عنه العلم مجموعة كبيرة من العلماء والمحقّقين والفضلاء ، وقيل : قد تخرّج من عالي درس العلّامة أكثر من خمسمائة مجتهد. ومن جملة من تلمذ عليه وأخذ عنه :

١ ـ ولده المحقّق الشيخ فخر الدين محمّد ، قرأ عنده كلّ العلوم وروى عنه (٣).

٢ ـ ابن اخته السيّد عميد الدين عبد المطلب الحسيني الأعرجي الحلّي وروى عنه (٤).

٣ ـ ابن أخته السيّد ضياء الدين عبد الله الحسيني الأعرجي الحلّي أخو عميد الدين ، وروى عنه (٥).

__________________

(١) روضات الجنّات ٢ : ٢٧٨.

(٢) روضات الجنّات ٢ : ٢٧٨. أعيان الشيعة ٥ : ٤٠٢. راجع : طبقات أعلام الشيعة (المائة الثامنة) : ٥٢.

(٣) طبقات أعلام الشيعة (المائة الثامنة) : ٥٣.

(٤) أعيان الشيعة ٥ : ٤٠٢. طبقات أعلام الشيعة (المائة الثامنة) : ٥٣.

(٥) أعيان الشيعة ٥ : ٤٠٢. طبقات أعلام الشيعة (المائة الثامنة) : ٥٣.

١٨

٤ ـ السيّد علاء الدين أبو الحسن علي بن زهرة (١).

٥ ـ السيّد شرف الدين أبو عبد الله الحسين (٢).

٦ ـ السيّد بدر الدين أبو عبد الله محمّد (٣).

٧ ـ السيّد أمين الدين أبو طالب أحمد (٤).

٨ ـ السيّد عزّ الدين أبو محمد الحسن (٥).

٩ ـ الشيخ تاج الدين حسن بن الحسين بن الحسن السرابشنوي الكاشاني (٦).

١٠ ـ السيّد نجم الدين مهنا بن سنان المدني الحسيني (٧).

١١ ـ محمّد بن عليّ الجرجاني (٨).

١٢ ـ الشيخ زين الدين أبو الحسن عليّ بن أحمد بن طراد المطارآبادي (٩).

١٣ ـ السيّد النسّابة تاج الدين محمّد بن القاسم بن معية الحلّي الحسيني (١٠).

١٤ ـ الشيخ قطب الدين محمّد الرازي البويهي (١١).

١٥ ـ تاج الدين محمود بن المولى زين الدين محمّد ابن القاضي عبد الواحد الرازي (١٢).

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٧ : ٦١. الذريعة ١ : ١٧٦.

(٢) بحار الأنوار ١٠٧ : ٦٢. الذريعة ١ : ١٧٦.

(٣) بحار الأنوار ١٠٧ : ٦٢. الذريعة ١ : ١٧٦.

(٤) بحار الأنوار ١٠٧ : ٦٢. الذريعة ١ : ١٧٦.

(٥) بحار الأنوار ١٠٧ : ٦٢. الذريعة ١ : ١٧٦.

(٦) الذريعة ١ : ١٧٧.

(٧) أجوبة المسائل المهنائية : ١١٥. بحار الأنوار ١٠٧ : ١٤٣. الذريعة ١ : ١٧٨.

(٨) أعيان الشيعة ٥ : ٤٠٢.

(٩) أعيان الشيعة ٥ : ٤٠٢.

(١٠) أعيان الشيعة ٥ : ٤٠٢.

(١١) الذريعة ١ : ١٧٧ ـ ١٧٨.

(١٢) بحار الأنوار ١٠٧ : ١٤٢. الذريعة ١ : ١٧٨.

١٩

١٦ ـ الشيخ عزّ الدين الحسين بن إبراهيم بن يحيى الأسترآبادي (١).

إلى غير ذلك ممّن قرأ عليه وروى عنه وتلمذ عليه.

مؤلّفاته ومصنّفاته

ألّف العلّامة في معظم الفنون ، ومصنّفاته كثيرة وقد أحصاها هو في كتابه المعروف ب (رجال العلّامة الحلّي) والموسوم ب (خلاصة الأقوال) عند ما ترجم لنفسه ، فقال : مصنّف هذا الكتاب له كتب :

١ ـ كتاب منتهى المطلب في تحقيق المذهب ، لم يعمل مثله ، ذكرنا فيه جميع مذاهب المسلمين في الفقه ، ورجّحنا ما نعتقده بعد إبطال حجج من خالفنا فيه.

٢ ـ كتاب تلخيص المرام في معرفة الأحكام.

٣ ـ كتاب غاية الإحكام في تصحيح تلخيص المرام.

٤ ـ كتاب تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية.

٥ ـ كتاب مختلف الشيعة في أحكام الشريعة.

٦ ـ كتاب تبصرة المتعلّمين في أحكام الدين.

٧ ـ كتاب استقصاء الاعتبار في تحرير معاني الأخبار.

٨ ـ كتاب مصابيح الأنوار.

٩ ـ كتاب الدر والمرجان في الأحاديث الصحاح والحسان.

١٠ ـ كتاب التناسب بين الأشعرية وفرق السوفسطائية.

١١ ـ كتاب نهج الإيمان في تفسير القرآن.

١٢ ـ كتاب القول الوجيز في تفسير الكتاب العزيز.

١٣ ـ كتاب الأدعية الفاخرة المنقولة عن الأئمّة الطاهرة.

١٤ ـ كتاب النكت البديعة في تحرير الذريعة.

__________________

(١) الذريعة ١ : ١٧٧.

٢٠