تتميم كتاب أصول الفقه

غلامرضا عرفانيان اليزدي الخراساني

تتميم كتاب أصول الفقه

المؤلف:

غلامرضا عرفانيان اليزدي الخراساني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٢
ISBN: 964-424-173-8
الصفحات: ٩٢

١
٢

٣
٤

٥

٦

٧
٨

فهرس التّتميم

تقديم......................................................................... ١٣

المدخل

سرّ التّصميم على تقديم التّتميم.................................................. ١٥

بادرة الخير..................................................................... ١٦

الفحص عن الحجّة على التكليف................................................ ١٦

ما وجه وجوب الفحص عن الأدلة؟............................................... ١٦

رموز الفحص عن الأدلّة......................................................... ١٧

تنبيهان........................................................................ ١٨

١ ـ مقدار الفحص........................................................ ١٨

٢ ـ الفرق الاصطلاحيّ بين الدليل والأمارة والأصل العملى والدليل الفقاهتي....... ١٩

مدار الحكم الواقعيّ والظاهري.................................................... ٢٠

أصالة البراءة في لسان الأدلّة الأربعة

قاعدة قبح العقاب بلا بيان تساند البراءة.......................................... ٢٥

٩

الإجماع والسيرة على البراءة في الشبهة المذكورة...................................... ٢٥

وجه تقديم العقل والإجماع على الكتاب والسّنة...................................... ٢٧

أصالة البراءة في الكتاب الكريم

الآية ٧ من سورة الطلاق........................................................ ٣١

الآية ١٥ من سورة الإسراء....................................................... ٣٢

الآية ١١٥ من سورة التوبة....................................................... ٣٣

الآية ١١٩ من سورة الأنعام...................................................... ٣٣

الآية ١٤٧ من سورة الأنعام...................................................... ٣٤

الآيات الظاهرة الباهرة خمس مغنية عن غيرها....................................... ٣٥

أصالة البراءة في لسان السنّة

١ ـ صحيحة عبد الله بن سنان................................................... ٣٩

روايتا ابني سليمان وعمّار بمفاد الصحيحة.................................... ٤١

٢ ـ معتبرة مسعدة بن صدقة...................................................... ٤١

حديث الحلّ بقوالبه الستة.................................................. ٤٣

٣ ـ حديث الرفع............................................................... ٤٣

تقوية سند الحديث بروايات معاضدة......................................... ٤٤

الاستدلال بحديث الرفع على المطلوب في ضمن مدارج ثلاثة.................... ٤٥

إسناد الرفع الى ما لا يعلم ظاهري........................................... ٤٦

ثمرات مهمّة على المدارج والمناهج............................................ ٤٨

حكومة الحديث على أدلّة الاحكام.......................................... ٤٩

١٠

وقد تبيّن إلى هنا انّ لإجراء الحديث ضوابط ثلاث............................. ٥٠

٤ ـ الحديث المعتبر المعروف بحديث الحجب........................................ ٥١

أظهرية حديث الحجب.................................................... ٥١

٥ ـ مرسل الصدوق المعاضد برواية الأمالى.......................................... ٥٢

الورود ، معناه الشائع : الوصول............................................. ٥٤

المرسل من أصرح أخبار الباب............................................... ٥٤

الاستدلال بالاستصحاب على البراءة........................................ ٥٥

فذلكة البحث................................................................. ٥٧

أصالة الاحتياط في لسان السنّة

صحيح وموثّق من أخبار الاحتياط................................................ ٦١

تصنيف أخبار الاحتياط بأصناف ثلاثة........................................... ٦٢

تحليل علمي فى الاصناف الثلاثة من أخبار الاحتياط................................ ٦٣

تحقيق معنى الشبهة.............................................................. ٦٤

ما ذا جار في الشك في الوجوب والموضوع؟......................................... ٦٥

اعتراض نهائي وجوابه بملاحظة النسبة بين الأدلتين.................................. ٦٦

أقسام الشكّ البدوي............................................................ ٦٧

الاستدلال على الاحتياط بدليل عقلي............................................ ٦٨

جواب الاستدلال المذكور........................................................ ٦٩

حقيقة العلم الإجماليّ والشكّ المقرون به............................................ ٧٠

الميزان لمعرفة الشبهة الموضوعية الّتي لم تجر فيها البراءة؟............................... ٧١

الملاقي لأحد الأطراف المعلوم بالإجمال نجاستة...................................... ٧٤

١١

تحتّم الاجتناب عن الملاقي كالملاقى............................................... ٧٥

الشبهة غير المحصورة ، حكمها وضابطها........................................... ٧٧

العلم الإجماليّ التعبّدي.......................................................... ٧٨

الإشارة الى المسالك الأربعة في حجّية الأمارة........................................ ٧٨

انحلال العلم الإجماليّ حقيقة أو حكما؟............................................ ٧٩

دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر.................................................... ٨٠

دوران الواجب بين التعيين والتخيير................................................ ٨٣

أصالة التخيير في حالة الدوران بين المحذورين

تنقيح موضوع البحث بتفصيل فيه................................................ ٨٨

تنجيز العلم الإجماليّ في صورة التمكّن من المخالفة القطعية........................... ٨٩

التخيير في المسألة الاصولية والفرعية............................................... ٩٠

تفنيد مباني الأصحاب في مجرى أصالة التخيير...................................... ٩١

المختار هو العمل على طبق الاضطرار والتوقف..................................... ٩٢

١٢

تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، الصّلاة والسّلام على رسول الله وآله المعصومين المكرّمين.

وبعد ، عند ما قدّم لي أخي في الله سماحة حجة الاسلام والمسلمين الشّيخ ميرزا غلامرضا عرفانيان حفظه الله ، التّتميم الّذي ألحقه بكتاب (اصول الفقه) لشيخنا المحقّق المظفّر رحمه‌الله ، نقلني إلى أجواء النّجف الأشرف قبل أكثر من ربع قرن وإلى أجواء الشّيخ المظفّر ومجلسه العامر بحديث العلم ، وصدره الواسع ، وقلبه الكبير وهمومه الكبيرة ، وطموحاته لمستقبل هذه الجامعة التي يقصدها شباب المسلمين لطلب العلم من كلّ فجّ عميق.

ولقد كنّا نجد ـ ونحن يومئذ شباب ، ندرس في هذه الجامعة الكبيرة ـ في حديث الشيخ وهمومه وطموحاته الصّدق والعزم والوعي فننشد إليه وتتجاوب معه نفوسنا.

وكان شيخنا المظفر يشفع (القول) ب (العمل) ... فلا ينقد دون أن يؤسّس ولا يهدم قبل أن يبني.

فوضع كتاب (المنطق) وكتاب (أصول الفقه) للمشاركة في تطوير المناهج الدراسيّة وتجديد بناء الحوزة العلميّة.

١٣

وكان مجلس درسه عامرا بنخبة من الفضلاء الشباب الذين تجتذبهم سعة علمه وسعة صدره معا.

وكان اخونا الشّيخ ميرزا غلامرضا عرفانيان حفظه الله يومئذ من أولئك الشّباب الذين يحيطون بشيخنا المظفّر ، ويستقون من نمير علمه وعذب اخلاقه.

وقد تأثر باستاذه الشّيخ وحمل همومه وطموحاته وكان من أوفى تلاميذه له من بعده وأكثرهم اعجابا وتأثّرا به ، وطالما ذكر الشّيخ في اجلال واكبار وحبّ واحترام.

ومن مظاهر وفائه حفظه الله بأستاذه الجليل هذا التّتميم القيّم فقد عاجلت المنيّة شيخنا المظفّر واستأثر الله تعالى بروحه الطّيّبة قبل أن يكمّل كتابه القيّم الجليل (أصول الفقه) ، وشقّ الكتاب طريقه إلى الحوزتين العلميّتين في (النّجف الأشرف) و (قم المقدّسة) وأصبح جزءاً من المنهج الدراسيّ لطلّاب أصول الفقه في المرحلة الإعداديّة (السطح) لهذا العلم رغم النّقص الموجود في آخر الكتاب.

فإنّ المؤلّف رحمه‌الله لم يمهله الأجل ليلحق أصالة البراءة والاحتياط والتخيير بآخر الكتاب ليتمّ بها الكتاب.

فنهض اخونا الشّيخ الجليل ميرزا غلامرضا عرفانيان بهذه المهمّة وكتب هذه الاصول الثّلاثة على النّهج الذي كتب الشّيخ المظفّر رحمه‌الله (أصول الفقه) ، وألحقه بالكتاب ، لتتمّ بذلك دورة كاملة لأصول الفقه ، وعسى أن يحقّق الله تعالى به ما حقّق بالأصل من نفع وفائدة ونرجو أن يكمّل به المدرّسون والطّلاب في الحوزات العلميّة دراستهم لأصول الفقه.

وأن يجدوا فيه من الأصالة والسّلاسة والفائدة ما يجدونه في (الأصل).

رحم الله شيخنا الجليل المظفّر ، وحفظ الله أخانا الشّيخ ميرزا غلامرضا عرفانيان وبارك في جهده وعمله.

محمّد مهدي الآصفي

في شعبان ١٤١١

قم المقدّسة

١٤

المدخل

سرّ التّصميم على تقديم التّتميم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الهادي لذوي العلم والعقول إلى أبواب الفقه والاصول ، ومرشدهم إلى مركز الهداية وأصل الاصول ، أبي القاسم محمّد وآله الطّاهرين عليهم الصّلاة والسّلام أجمعين ، هداة البشر في السّفر والحضر.

وبعد : فإنّ كتاب اصول الفقه لشيخنا المؤيّد الاستاذ العلّامة المظفّر ـ أعلى الله سبحانه مقامه ـ قد وقع نبراسا للممارسين بتعلّم الاصول. ومن المؤسف عدم توفيقه لتخريج المقصد الرّابع منه في الاصول العلميّة تماماً ، وقد صدر من قلمه الفذّ قسم مختصر في الاستصحاب.

١٥

بادرة الخير

وكان قد يخلج ببالي ممّا بعد وفاته ـ قدّس الله نفسه ـ أن اكمّل وأتمّم هذا الكتاب ـ الّذي قد حضرت في النجف الأشرف محاضرات مصنّفه في حلقات تدريسه قسما كبيرا منه ـ بتحرير ما فات منه وما لم يتيسّر له ترقيمه وتحقيق منيته به.

ومن بوادر الخير أنّه اتّفق لي اجتماع أخيراً مع عالم نورانيّ ، ففي جرّاء الكلام أصرّ عليّ بالقيام على تدارك الفائت من المرام ، فصار باعثاً مؤكّداً لتحقيق ما هو في بالي ، فها أنا خائض في تنجيز المقصود بعون المعين المعبود.

الفحص عن الحجّة على التكليف

وأشرع في الكتابة ممّا بعد قوله : لا سيّما مثل أصل البراءة ، فإنّ المطلوب منه في مقام العمل نفي التكليف إثباتا للوظيفة وروما لبراءة العهدة منه ، وإجرائه مع عدم التفتيش عن الدليل والأمارة على التكليف الشرعي ، جرأة على الشريعة لم يرخّص فيها بانيها.

ما وجه وجوب الفحص عن الأدلّة؟

وبعبارة اخرى : أصل البراءة عن التكليف معناه : مرتبة من الترخيص والإباحة بحكم الشرع أو العقل في الظاهر ، ومن هنا عبّر عنه في بعض الأوساط والحوزات العلميّة بالحكم الظاهري ، والذهاب إليه لم يرخّص لبّا وواقعا إلّا بعد عدم الظفر بالأدلّة على الأحكام الشرعية ، وهي على المعروف أربعة : الكتاب ، السنّة ، الإجماع ، العقل ، أي إدراك العقل للحكم الشرعي ، أو الوظيفة العمليّة من

١٦

مقدمات معتبرة (١).

وبعبارة ثالثة : وجوب الفحص عن الأدلّة على المجتهد جاء من قبل عدم معذوريّة المكلّف المقصّر في التعلّم ، والدليل على عدمها من وجوه :

١ ـ وجوب دفع الضرر المحتمل بحكم العقل الضروري ، فإنّ في ترك الفحص عن الحكم الشرعيّ مع القدرة عليه ضررا اخرويّا ولو احتمالا يلزم اندفاعه بتحصيل المؤمّن ، وهو هنا ليس إلّا الفحص والتفتيش عن الحجّة على الوظيفة العبوديّة.

٢ ـ الأدلّة الدالّة على وجوب تحصيل العلم ولزوم التعلّم لأجل العمل كتابا وسنّة ، من قبيل : آيتي النّفر ، والسؤال (٢) ، والروايات الدالّة على تحتّم التفقّه ، ومذمّة ترك التعلّم.

منها : رواية معتبرة لمسعدة بن زياد ، قال : سمعت جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، وقد سئل عن قوله تعالى (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) ، فقال : «إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالما؟ فإن قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما عملت؟ وإن قال : كنت جاهلا قال : أفلا تعلّمت حتّى تعمل؟ فيخصمه ، فتلك الحجّة البالغة (٣).

رموز الفحص عن الأدلّة

٣ ـ الإجماع القطعيّ على عدم جواز العمل بأصل البراءة قبل استفراغ الواسع

__________________

(١) فيه إشارة الى تقدم الدليل والأمارة على الاصول العملية التي لم يجعل في مؤدّاها غير الخروج بها عن الحيرة ، وغير معرفة الوظيفة ، وهذا بخلاف مؤدّى الدّليل فإنّه محتو للحكم والتكليف الشّرعي ، إمّا الواقعيّ أو الظاهري على ما يأتي شرحه في المتن.

(٢) التوبة : ١٢٣ ، والنحل : ٤٥.

(٣) أمالي الشيخ الطوسي : الجزء ١ ، ح ١٠ ، وراجع كتابنا الرأي السديد في الاجتهاد والتقليد : ص ٨.

١٧

في الأدلّة على ما ذكره الشيخ الأنصاريّ في فرائده (١).

ولكن يرد عليه : أنّه إجماع مستنديّ ومدركيّ ، أي مقتبس ممّا ورد في ذلك من النقل والعقل ، وليس دليلا تعبّديّا مستقلا.

اللهمّ إلّا أن يكون مرجعه إلى حكم العقلاء من نكتة مركوزة عندهم ، وهي ثبوت حقّ طاعة المولى الحقيقيّ على المكلّفين حتّى في التكاليف المحتملة والمجهولة إلى أن يطمئنّ بعدمها ، فحصا بالمقدار المعقول اللازم عن المؤمّن ، والخطابات الشرعيّة بلسان أدلّة البراءة حسب إطلاقها إمضاء لذلك القانون الارتكازيّ للعقلاء بنطاق واحد ، أي بمقدار دائرة الارتكاز.

ثمّ إنّ ما ذكرنا من الدليل على لزوم الفحص عن الحجّة على التكليف عند الشبهة جار في غير أصل البراءة ، حتّى أصالة الطهارة وقاعدتي الفراغ والتجاوز ، فكيف بالاستصحاب ، والاشتغال ، والتخيير ومطلق الاصول النافية للتكليف؟ والدليل على التّعميم مفصّلا موكول الى محلّه.

تنبيهان

الأوّل : مقدار الفحص ، وإنّما حدّه : حصول اليأس عن الظفر بالدليل بمراجعة المصادر والكتب الموضوعة لدرج الأدلّة فيها وهذا يختلف باختلاف الأعصار.

ففي عصرنا المرسوم هو مراجعة الكتب الأربعة : الكافي ، الفقيه ، التهذيب ، الاستبصار وشروحها ، ووسائل الشّيعة ومستدركها ، والوافي ، والبحار ، وكلّ كتاب روائيّ أو درائيّ يظنّ المجتهد المستنبط بوجود رواية أو مستند فيه.

__________________

(١) في خاتمة مباحث البراءة والاشتغال.

١٨

وأمّا الفحص عنه في الكتب الممهّدة لعلوم الأدب والمبادئ منها : اللغة الصغرى ، والرجال ، والنسب ، والتراجم ، فالظاهر عدم لزومه ؛ لأنّ مراجعة الزائد على القدر المتعارف توجب الخروج عن المتعارف وهو الوصول إلى حدّ اليأس المظنون الاطمئناني من وجود دليل على التّكليف. وأمّا تحصيل العلم باليأس فمع أنّه ربّما يلزم منه العسر والحرج يلزم منه تعطيل استعلام حال سائر التكاليف ، واستنباط بقيّة الأحكام واستخراجها.

الثّاني : الفرق الاصطلاحي بين الدليل والأمارة والأصل العملي والدليل الفقاهتي.

الدليل معناه العام : هو العلّة لفهم الحكم الشّرعيّ علما أو ظنّا اطمئنانيّا ، وهو قياس منطقيّ متألّف من مقدّمتين ، شرعيّتين أو عقليّتين أو مختلفتين ، كان القياس المؤلّف استثنائيّا أو اقترانيّا ، تقدّم تلويح إلى ذلك في الجزء الأول : ص ٢٠٧.

والدليل بهذا المعنى يشمل جميع الأقسام المذكورة في العنوان ، ولكن بحسب الاصطلاح المصطاد من كلام منقول عن مدرسة الوحيد البهبهاني (رحمه‌الله) أنّ كلّ واحد من الأربعة في مقابل الآخر (١). وأجمع التّفسير وأكمله في الفرق والتمييز بينها هو تعبير تلميذ الشيخ الأنصاري : ميرزا موسى في أوائل أوثقه ، حيث قال :

«ثمّ إنّ مجمل الكلام في ضابط الأدلّة والاصول : أنّ ما اعتبره الشارع سواء كان من باب التأسيس أو الإمضاء والتقرير : إمّا أن يكون اعتباره في نفس الأحكام الكلّيّة ، أو في الموضوعات الخارجيّة ، أو في الأعمّ منهما. وعلى التّقادير : إمّا أن

__________________

(١) ذكره الشيخ في الرسائل مرّتين : مرّة في أوائل المقصد الثالث ، واخرى في أواخر بحث الاستصحاب قبل مبحث قاعدتي الفراغ والتجاوز ، وتعبيره الثّاني أحسن في الجملة في تشخيص المراد من الدليل الاجتهاديّ والفقهائي ، والأمارة ، وعبارة أوثق الوسائل أجمع وأكمل ، ولذلك أوردناها بنصّها.

١٩

يكون اعتباره من باب الكشف والإصابة ، سواء كان له جهة كشف عند العرف واعتبره الشارع من هذه الجهة أم لا ، ولكن علم من دليل اعتباره أنّ الشارع إنّما اعتبره من حيث الكشف والإصابة فيكون كشفه حينئذ تعبّديّا.

وإمّا أن يكون اعتباره من باب التعبّد من دون اعتبار جهة كشف فيه ، سواء كانت له جهة كشف عند العقلاء أم لا.

فما اعتبره الشارع في الأحكام الكلّيّة من حيث الكشف يسمّى دليلا ، وربّما يوصف بالاجتهادي ، وفي الموضوعات يسمّى أمارة.

وما اعتبره من باب التعبّد المحض لبيان كيفيّة عمل الجاهل والشاكّ في الأحكام يسمّى أصلا عمليّا ، وربّما يسمّى بالدليل الفقاهتي ، وفي لسان آخر بالدّليل الفقهائي ، وهو الأنسب ، وفي الموضوعات أصلا عمليّا ...» إلى آخره.

مدار الحكم الواقعي والظّاهري

والحكم المشترك فيه العالم والجاهل : إمّا واقعيّ أو ظاهريّ.

وللحكم الواقعيّ إطلاقان : واقعيّ أوليّ وهو المستفاد من الأدلّة الاجتهاديّة القطعيّة ، وواقعي ثانويّ وهو المستفاد من الأدلّة الاجتهاديّة الظنيّة ، وقد يسمّى بالحكم الظاهري.

كما أنّ الحكم الظاهري أيضا له اصطلاحان :

١ ـ ما تقدّم.

٢ ـ ما كان مستفادا من التمسّك بالأصل العملي (الدليل الفقهائيّ).

وبعبارة اخرى : الأحكام والتكاليف المشترك فيها العالم والجاهل لو كانت قطعيّة ـ أي مستفادة بالأدلّة الاجتهاديّة القطعيّة ـ فهي واقعيّة أوّليّة. ولو كانت مستنبطة من

٢٠