تدوين القرآن

الشيخ علي الكوراني العاملي

تدوين القرآن

المؤلف:

الشيخ علي الكوراني العاملي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٧

١
٢

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ... وبعد.

فإن من أبرز الظواهر في تاريخ الأمم اختلافهم من بعد رسلهم اختلافا شديدا يصل الى حد .. الاقتتال ، قال الله تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ ... وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ ، وَلكِنِ اخْتَلَفُوا ، فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ ، وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) سورة البقرة ـ ٢٥٣ ولم يكن نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله بدعا من الرسل ، مع أنه أفضلهم ... ولم تكن أمته بدعا من الأمم ، مع أنها أفضل الأمم ..

لكن أمتنا امتازت بأنها لم تكفر بنبيها بعد وفاته كما حدث لبعض الأمم ، وأنّ اختلافها كان عن نبيها ولم يكن فيه .. قال حاخام يهودي لعلي عليه‌السلام : سرعان ما اختلفتم أيها الأمة في نبيكم؟ فأجابه : نحن ما اختلفنا في نبينا ولكن اختلفنا عنه ، أما أنتم فما جفّت أقدامكم من حمأ البحر حتى قلتم (يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة)!! رواه المجلسي في البحار ج ١٣ ص ١٧٦ والثعلبي في العرائس ص ١١٣

كما أنها امتازت بأنها الأمة الوحيدة التي سلمت بيدها نسخة كتاب ربها الذي أنزل عليها ، ولم تختلف فيه ، وإن اختلفت في تفسيره وتأويله ... وهي ميزة ترجع الى

٣

تكفل إلهي استثنائي بحفظ القرآن (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) لأنه آخر الكتب الإلهية ، وإذا لم يحفظ ووقع فيه التحريف كما وقع في غيره ، فإن البشرية ستبقى قرونا طويلة وليس على وجه الأرض كتاب سماوي سليم!

وعند ما يتكفل الله عزوجل بحفظ شىء أو بعمل شىء فإن له طرقه وأساليبه ووسائله في ذلك ، وليس من الضروري أن نعرفها نحن ، ولا أن تفهمها أكبر عقولنا الرياضية!

نعم يمكن أن نفهم منها بناء الله تعالى للنص القرآني بناء فريدا يجذب أجزاءه اليه ، وينفي عنه ما ليس منه .. فقد جعل الله القرآن أشبه بطبق من الجواهر الفريدة ، إذا وضع بينها غيرها انفضح! وإذا أخذ منها شىء إلى مكان آخر ، نادى بغربته حتى يرجع الى طبقه!

ونفهم منها دور أهل بيت النبي في حفظ القرآن حيث جعلهم الله تعالى توأما له وقال عنهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحديث الصحيح عند الجميع (وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروني بم تخلفوني فيهما) رواه أحمد ج ٣ ص ١٧ ونحوه مسلم والهيثمي وغيرهم ...

كما نفهم من التكفل الإلهي بحفظ القرآن أن خطرا حقيقا سيحدث عليه ، وأن وضع الأمة بعد نبيها سوف لا يكفي لحفظه بدون ضمان رباني استثنائي!

فأين هذا الخطر الذي واجه القرآن في تاريخنا الإسلامي؟ وهل نكتفي بذكره بالعموميات والخطابيات ، دون أن نبحث عنه ونحاول أن نضع يدنا عليه ..؟

في اعتقادي أنا لا نجد في تاريخ القرآن خطرا على نصه أشد من الفترة التي تلت وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الى .. أن تم تدوينه في عهد الخليفة عثمان .. وهو ما حاولت أن أقدمه في هذا الكتاب بشيء من العمق والصراحة .. والله الموفق.

الحوزة العلمية بقم المشرفة ـ غرة محرم الحرام ١٤١٨

علي الكوراني العاملي

٤

فهرس الموضوعات

الفصل الأول : قصة اتهام الشيعة بالقول بتحريف القرآن

التهمة الجديدة القديمة ـ ١٧

نموذج من نصوص التهمة........................................................ ١٨

الهدف من تحويل المسألة النظرية الى مسألة عملية................................... ٢٢

تحرير المسألة................................................................... ٢٤

معنى القول بتحريف القرآن...................................................... ٢٧

معنى المصادر المعتمدة........................................................... ٢٩

الصيغة العلمية ل (التهمة)....................................................... ٣٠

الفصل الثاني : خلاصة ردود علماء الشيعة ـ ٣٣

١ ـ أن واقع الشيعة في العالم يكذب التهمة........................................ ٣٥

٢ ـ ومذهب التشيع مبنى على التمسك بالقرآن والعترة............................... ٣٥

٣ ـ والشيعة عندهم قاعدة عرض الأحاديث على القرآن............................. ٣٧

٤ ـ وتاريخ الشيعة وثقافتهم مبنهان على القرآن..................................... ٣٨

٥ ـ وتفاسيرهم ومؤلفاتهم حول القرآن............................................. ٣٩

٦ ـ وقفه الشيعة في احترام القرآن أكثر نشددا...................................... ٤٠

٧ ـ وفتاوي علماء الشيعة بعدم تحريف القرآن....................................... ٤٠

التقية سند للشيعة أم عليهم؟.................................................... ٤٦

والتقية في مذاهب السنة كما في مذهب الشيعة..................................... ٤٨

وروايات النقص والزيادة في القرآن في مصادر إخواننا أكثر منها في مصادرنا............. ٥١

٥

الفصل الثالث : موقف الخليفة عمر من القرآن والسنة ـ ٥٣

القرآن شعار الخلية في وجه النبي ا ـ ٥٥

المواجهة الصاحبة............................................................... ٥٥

تحليل المواجهة.................................................................. ٥٧

النتائج الأولية للمواجهة......................................................... ٥٨

نتائج المواجهة على القرآن........................................................ ٥٩

تطبيق الخليفة عمر للهدفين الذين واجه بهما النبي................................... ٦٠

الفصل الرابع : نقص القرآن وزيادته في رأى الخليفة ـ ٦٣

ضاع من القرآن أكثره برأي الخليفة! ـ ٦٥

سور ضاعت ، وسور مبتكرة ، وسور يجب حذفها! ـ ٦٧

١ ـ سورة الأحزاب ، ضاع منها أكثر من ٢٠٠ آية!................................. ٦٧

٢ ـ سورة براءة ضاع أكثرها...................................................... ٦٧

٣ ـ سورنا الخلع والحفد المزعومثان.................................................. ٦٩

قصة تغيب القنوت من صلاة إخواننا السنة ـ ٧٠

محاولات عمر وقريش لحل مشكلة الملعونين على لسان النبي.......................... ٧١

قرار حذف القنوت من الصلاة لأنه كان محل لعن قريش............................. ٨٢

روايات القنوت الشاهدة الشهيدة................................................. ٨٤

كيف صار قوت النبي (المصحح) سورتين من القرآن................................. ٨٧

هل نفعت كل المقويات لبقاء سورتي الخليفة........................................ ٩٥

القنوت في فقه الشيعة........................................................... ٩٧

المؤامرة على سورتي العودتين! ـ ٩٩

إخواننا السنة يعتقدون أن المعوذتين من القرآن ، إلا البحاري........................ ١٠٥

موقف أهل البيت وشيعتهم من العوذتين......................................... ١٠٧

٦

آيات حذفت من القرآن برأي الخليفة ـ ١٠٨

١ ـ آية الرحم................................................................ ١٠٨

٢ ـ آية الشيخ والشيخة........................................................ ١٠٨

٣ ـ آية لا ترغبوا عن آبائكم.................................................... ١١٢

٤ ـ آية : ولو حميتم كما حموا................................................... ١١٣

٥ ـ آية : حق جهاده في آخر الزمان............................................. ١١٤

٦ ـ آية : الولد للفراش......................................................... ١١٨

٧ ـ آية : لو كان لابن آدم واديان............................................... ١١٩

٨ ـ نقص (وهو أب لهم) في آية................................................. ١٢٢

٩ ـ آية ذات الدين ووادي التراب............................................... ١٢٣

١٠ ـ التسبيحات الأربع من القرآن.............................................. ١٢٤

١١ ـ آية : ألا بلغوا قومنا...................................................... ١٢٥

١٢ ـ آية عائشة التي أكلتها السخلة............................................. ١٢٥

الفصل الخامس : قراءات شخصية ومحاولات تحريف ـ ١٣٩

قراءات للخليفة لم يطعه فيها المسلمون ـ ١٤١

١ ـ فامضوا إلى ذكر الله........................................................ ١٤١

٢ ـ عظاما تاخره.............................................................. ١٤٧

٣ ـ صراط من أنعمت عليهم ... وغير الضالين................................... ١٥٠

٤ ـ الحي القيام............................................................... ١٥١

محاولات تحريف فاشلة ـ ١٥٤

١ ـ محاولة تعبير آية الأنصار.................................................... ١٥٤

٢ ـ محاولة تحريف آية نزلت في على............................................. ١٥٨

الفصل السادس : نظريات لا يمكن أن يقبلها المسلمون ـ ٧٥

تمهيد ـ ١٧٧

٧

نظرية التوسع في نص القرآن! ـ ١٧٩

سبب وضع الخليفة عمر لهذه النظرية؟........................................... ١٨١

أحاديث نظرية التوسع في نص القرآن............................................ ١٨٥

ملاحظات على النظرية........................................................ ١٨٧

الفتاوي الفقهية بالتوسع في نص القرآن.......................................... ١٨٩

رأي أهل البيت عليهم السلام وعلماء الشيعة..................................... ١٩١

الروايات السنية الموافقة لرأى أهل البيت.......................................... ١٩٧

أخطر فتاوى الخليفة عمر : فتواه بتعويم نص القرآن! ـ ٢٠٠

الفصل السابع : تحريم الخليفة البحث العلمي في القرآن ـ ٢٠٧

محنة صبيغ التميمي ـ ٢٠٩

وثائق القضية................................................................. ٢٠٩

الصيغة القضائية لقضية صيغ................................................... ٢١٤

تحليل قضية صيغ............................................................. ٢١٦

محاولة جعل صيغ من الخوارج................................................... ٢١٧

تحير الفقهاء في عقوبة سبيغ.................................................... ٢٢١

وتحير الفقهاء في توبة صبيغ..................................................... ٢٢٢

وفاكهة وأبا.................................................................. ٢٢٥

فهي الخليفة عن السؤال عما لم يكن............................................. ٢٢٧

فطرية بالدرة وقال : مالك نقبت عنها........................................... ٢٢٨

الفصل الثامن : قصة الأحرف السبعة وجمع القرآن ـ ٢٢٩

هل كان يوجد شيء اسمه مشكلة جمع القرآن ـ ٢٣١

وصية النبي التي يرويها السنة بشأن القرآن........................................ ٢٥٤

وصية النبي التي يرويها السنة والشيعة بشأن القرآن................................. ٢٥٥

بأي الوصيتين أخذ الخليفة عمر؟............................................... ٢٥٦

٨

موقف الخليفة عمر من حملة القرآن ـ ٢٦٠

مع كبير القراء أبي بن كعب الأنصاري ـ ٢٦٠

شهادة عظيمة لأبي بن كعب رووها وخالفوها..................................... ٢٦٠

الصراع بين عمر وأبي على قراءة القرآن........................................... ٢٦٢

الخليفة عمر يضع حدا لصراعه مع أبي بن كعب.................................. ٢٦٤

مع ثاني القراء عبد الله بن مسعود الهذلي ـ ٢٦٦

شهادة عظيمة لابن مسعود روتها مصادر السنة أيضا.............................. ٢٦٦

قارتا الخليفة المفضلان ـ ٢٦٩

الأول : عبد الرحمن بن أيزى................................................... ٢٦٩

الثاني : زيد بن ثابت بن ...؟.................................................. ٢٧٣

مسؤول جمع القرآن شاب صغير السن ، وأصله ...؟ ـ ٢٧٣

١ ـ ثابت بن الضحاك بن خليفة الأشهلي........................................ ٢٧٧

٢ ـ ثابت بن الضحاك بن زيد.................................................. ٢٨٠

٣ ـ زيد بن ثابت بن الصامت.................................................. ٢٨١

٤ ـ أعمامه أبو أيوب ورفاعة بن راقع؟........................................... ٢٨١

مناصب زيد في عهود الخلفاء الثلاثة............................................. ٢٨٣

كان زيد يتقن اللغة العمرية..................................................... ٢٨٦

الأحاديث التي رووها في فضل زيد وعلمه........................................ ٢٨٧

أعلم الأمة بالرياضيات يقع في مشكلات......................................... ٢٨٩

وفقهاء المذاهب قلدوا زيدا...................................................... ٢٩١

رأي ابن عباس في علم زيد..................................................... ٢٩٢

رأي الأئمة من أهل بيت النبي في علم زيد........................................ ٢٩٣

كان زيد مع السلطة دائما إلا مع علي........................................... ٢٩٤

لكنه كان في زمن النبي شيعيا................................................... ٢٩٥

من شؤون زيد الشخصية....................................................... ٢٩٦

٩

مشروع جمع القرآن في عهد أبي بكر وعمر ـ ٢٩٨

زيد بن ثابت يدعي أنه بطل جمع القرآن ، جمعه أربع مرات في ربع قرن............... ٢٩٨

كان أبي بن كعب يملي القرآن ولا وجود لمشكلة................................... ٢٩٨

ثم بقدرة قادر ولدت المشكلة وطرح عمر وأبو بكر مشروعا لحلها.................... ٢٩٩

إستعطاء آيات القرآن على باب المسجد......................................... ٣٠١

نتيجة عمل لجنة أبي بكر لتدوين القرآن.......................................... ٣٠٣

لماذا نسبوا جمع القرآن إلى عمر؟................................................ ٣٠٦

الأحرف السبعة تنفجر في عهد الخليفة عثمان ـ ٣٠٨

مشكلة الفراغ القرآني تتفاقم.................................................... ٣٠٨

حذيفة بن اليمان يحمل لواء توحيد القرآن ـ ٣١١

متابعة حذيفة لتوحيد نسخة القرآن.............................................. ٣١٦

أعضاء لجنة تدوين المصحف الإمام.............................................. ٣١٩

دور زيد بن ثابت في لجنة تدوين المصحف الإمام.................................. ٣٢٢

آيات خزيمة ضاعت مرات ووجدها زيد........................................... ٣٢٣

سعيد بن العاص ودوره في تدوين الصحف الإمام ـ ٣٢٦

النسخ الأم التي دونوا عنها الصحف الإمام ـ ٣٣٠

لم يكتبوا المصحف الإمام عن صحف حفصة أو نسخة عمر....................... ٣٣٠

ولم يكتبوا المصحف الإمام عن مصحف عائشة................................... ٣٣٥

قرآنا الفعلي هو نسخة علي بن أبي طالب........................................ ٣٣٨

ليس في قرآننا الفعلي لحن ولا غلط.............................................. ٣٤١

نسختان من القرآن عند علي عليه السلام........................................ ٣٤٣

أصرار ترتيب القرآن لم نكتشف بعد............................................. ٣٥٢

مواريث النبي التي عند أهل بيته ـ ٣٥٥

الفصل التاسع : موقف أهل السنة من السنة ا ـ ٣٦٥

التدوين أصل من أصول الذين الالهي ـ ٣٦٢

١٠

قرارات خلفاء النبي بتغييب سنته ـ ٣٦٨

أحاديث النبي ممنوعة لأنها تشغل الناس عن القرآن................................. ٣٦٨

التحديث عن النبي حرام رعقوبته السجن......................................... ٣٧٠

تدوين السنة حرام ومن السنة إحراق .. السنة.................................... ٣٧٠

الخليفة أبو بكر تقلب ليلة والخليفة عمر تقلب شهرا............................... ٣٧١

وأحرق الخليفة عمر السنة المدونة ولم بتأرق أبدا................................... ٣٧٢

نعميم من الخليفة عمر يمحو السنة المدونة........................................ ٣٧٣

الحديث ممنوع والفتوى ممنوعة................................................... ٣٧٣

وبحذور المسألة ... من زمن النبي................................................ ٣٧٤

رواية أبي داود توضيح المقصود.................................................. ٣٧٦

الأحاديث الغيبة : أمر النبي بكتابة الحديث...................................... ٣٧٧

متى تم الإفراج عن عن تدوين السنة وكيف........................................ ٣٧٩

محاولات الدفاع عن قرار تغييب السنة ـ ٣٨٠

دفاع ابن حيان............................................................... ٣٨٠

دفاع الذهبي.................................................................. ٣٨٣

الدفاع العصري عن تغييب السنة وإعطاء عمر حق النقض على أحاديث النبي........ ٣٨٧

نقد المقولات الثلاث ـ ٣٩١

مقولة التثبت من الحديث...................................................... ٣٩١

مقولة أن الحديث يشغل الناس عن القرآن........................................ ٣٩٢

مقولة اختلاط السنة بالقرآن.................................................... ٣٩٣

هل كان أبو بكر وعمر مضطرين إلى هذا القرار؟.................................. ٣٩٤

جبال أخرى أمام المدافعين عن تغييب السنة ـ ٣٩٥

أحاديث وجوب طلب العلم.................................................... ٣٩٦

آيات وأحاديث الهي عن كتمان العلم............................................ ٣٩٧

أحاديث وجوب الشفيع والتحديث.............................................. ٣٩٩

أحاديث : من حفظ على أمنى أربعين حديثا..................................... ٤٠١

١١

الخسارة العظمي.............................................................. ٤٠٢

نتائج القرارات على نفس السنة................................................. ٤٠٣

موقف أهل البيت عليهم السلام من المسألة...................................... ٤٠٤

الفصل العاشر : موقف إخواننا السنة من الثقافة اليهودية ـ ٤٠٧

احترام عرب الجاهلية للثقافة اليهودية............................................. ٤٠٩

كان عمر في زمن النبي بدرس عند اليهود........................................ ٤١٣

وقد نهاء النبي عن حضور دروسهم.............................................. ٤١٥

واقترح على النبي أن يكتب الصحابة أحاديث اليهود.............................. ٤١٦

بنو قريظة عربوا التوراة وتينى مشروعها عمر....................................... ٤١٧

بنو زريق عربوا التوراة وتيني مشروعها عمر........................................ ٤١٨

يهود خيبر عربوا التوراة وتيني مشروعها عمر....................................... ٤١٩

اليهود عربوا قصة يوسف وتنت مشروعها حفصة................................. ٤٢٠

اعلان التغير بالسلاح للتحذير من المنهركين...................................... ٤٢١

في أول إسلامه أراد زيارة بيت المقدس فنهاء النبي.................................. ٤٢٥

الخليفة بئق بنسوات أهل الكتاب عن المستقبل.................................... ٤٢٦

مكانة كعب الأحبار عند الخليفة ـ ٤٢٩

عمر يسأل كعبا عن مستقبل الأمة وعن مستقبلة الشخصي........................ ٤٣٣

الخليفة يطلب من كعب الموعظة................................................. ٤٣٤

نظرية كعب والخليفة في شفاعة نبينا.............................................. ٤٣٥

هل تسريت روايات التحسيم من كعب.......................................... ٤٣٨

تفسير كعب للأئمة الاتبي عشر الموعودين........................................ ٤٣٩

شهادة كعب للنميري بأنه ذهب الى الجنة ورجع................................... ٤٤٠

البخاري لا يوافق الخليفة على الرواية عن أهل الكتاب............................. ٤٤١

ابن الأثير يبرر عمل الخليفة..................................................... ٤٤٢

الشيخ أبو ربة المصري يرى أن إسلام كعب مكيدة................................ ٤٤٣

الخليفة عمر وتميم الداري ـ ٤٤٤

١٢

أحاديث الجساسة والدخال..................................................... ٤٤٨

تيجة احترام الخليفة لتميم الداري................................................ ٤٥٠

هل أجلى الخليفة عمر يهود خيبر............................................... ٤٥٤

مذهب أهل البيت أبعد المذاهب عن الثقافة اليهودية ـ ٤٥٥

الفصل الحادي عشر : صفات القرآن من كلمات النبي وآله وصحبه ـ ٤٦١

صفات القرآن من كلمات الخليفة أبي بكر وعمر ـ ٤٦٣

هذا كتاب الله فيكم لا بطقا نوره................................................ ٤٦٣

عليكم بالقرآن فاتموا به وأموا به................................................. ٤٦٤

من كلمات النبي (ص) في وصف القرآن ـ ٤٦٤

لا تنقضي عجائبه ، ولا تخلقه كثرة الرد.......................................... ٤٦٤

فيه خير ما قبلكم ونبا ما بعدكم................................................ ٤٦٥

إن على كل صواب نورا........................................................ ٤٦٥

حل ممدود من السماء الى الأرض............................................... ٤٦٥

لا يموج فيقوم ، ولا بزبغ فيتشعب............................................... ٤٦٦

صفات القرآن من كلمات أهل البيت عليهم السلام

حددهم النبي (ص) وقال إنهم صفوة الله من خلفه................................. ٤٦٨

نبأء النطيف الخبير أنهم مع القرآن في كل عصر................................... ٤٦٩

من كلمات علي عليه السلام في وصف القرآن ـ ٤٦٩

القرآن ظاهره أتيق وباطنه عميق................................................. ٤٦٩

فيه دواء دائكم ، ونظم ما بيكم................................................ ٤٧٠

إنهموا عليه آراءكم............................................................. ٤٧٠

ربيع القلب ، وينابيع العلم..................................................... ٤٧١

أنواع أحكام الله تعالى في القرآن................................................. ٤٧١

الإمام المهدي يعطف الرأي على القرآن.......................................... ٤٧٢

المتقون يستبرون بالقرآن دواء دائهم.............................................. ٤٧٣

١٣

الزاهدون اتخذوا القرآن شعارا والدعاء دتارا........................................ ٤٧٤

نموذج من كلام علي عليه السلام حول آية....................................... ٤٧٤

الزهد كله بين كلمتين......................................................... ٤٧٦

من أعطي أربعا لم يجرم أربعا.................................................... ٤٧٦

لا خير في قراءة ليس فيها تدبير................................................. ٤٧٦

سياتي زمان لا يبقي من القرآن إلا رسمه.......................................... ٤٧٦

دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام عند ختم القرآن............................. ٤٧٩

من كلمات الأئمة عليهم السلام حول القرآن ـ ٤٨٠

القرآن والسنة يستوعمان كل حاجات لمجتمع ليشري............................... ٤٨٠

نصيحتهم عليهم السلام للمصرين بالصوان ولاحتمالات........................... ٤٨٠

١٤

الفصل الأول

قصة اتهام الشيعة

بتحريف القرآن

١٥
١٦

التهمة الجديدة القديمة

تعودنا نحن الشيعة على تلقي التهم ، وتحملها .. فقد بدأت محنتنا من يوم وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .. فنحن في تاريخ الإسلام معارضة ، والمعارضة لا بد أن تتحمل ضريبة إعلام الدولة واضطهادها وأذاها .. وتتحمل من عوام الدولة تهمهم ومضايقاتهم وأذاهم ..

ولم تختلف علينا العصور إلّا في شدة الحملة وخفتها .. فأحيانا تحدث عوامل تخفيف فيقل الاتّهام والاضطهاد ، وأحيانا تحدث عوامل توجب شدة الموجة ، أو حدوث موجة جديدة!

والذي حدث في عصرنا أن الشيعة ارتكبوا ذنبا كبيرا ومعصية يصعب غفرانها .. فقد ثار شيعة إيران على شاههم بفتوى مرجع ديني ، فغضب لذلك الغرب واليهود ، وغضب كثير من حكام المسلمين .. وبدءوا الصراع مع الدولة الشيعية.

ثم ما لبث الكتاب والباحثون من خصوم الشيعة أن غضبوا أيضا .. فحدثت موجة جديدة من التهجم على (مذهب التشيع) تكرر التهم القديمة ، وتبحث عن جديد إن استطاعت.

ومن التهم المؤذية التي وجهوها إلينا : أن الشيعة لا يعتقدون بالقرآن الكريم! والسبب أنه توجد في مصادرهم روايات تدعي أن القرآن وقع فيه تحريف ، ولا بد أنهم يعتقدون بها! ..

١٧

وقد روّج مبغضوا الشيعة لهذه التهمة ، وبالغوا فيها ، وشنعوا بها علينا ، ونشروا حولها الكتب والمناشير ، حتى زعم بعضهم أن الشيعة ليسوا مسلمين ، لأن من أنكر القرآن وادعى أن القرآن الذي نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قرآن آخر ، فهو كافر بالقرآن ، وخارج عن الإسلام.

نموذج من نصوص التهمة

قال الكاتب الهندي الوهابي إحسان إلهي ظهير في كتابه (الشيعة والسنة) صفحة ٦٥ تحت عنوان (الشيعة والقرآن) :

(من أهم الخلافات التي تقع بين السنة والشيعة هو اعتقاد أهل السنة بأن القرآن المجيد الذي أنزله الله على نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم هو الكتاب الأخير المنزل من عند الله الى الناس كافة وأنه لم يتغير ولم يتبدل. وليس هذا فحسب بل إنه لن يتغير ولن يتحرف الى أن تقوم الساعة. وهو الموجود بين دفتي المصاحف لأن الله قد ضمن حفظه وصيانته من أي تغيير وتحريف وحذف وزيادة ، على خلاف الكتب المنزلة القديمة السالفة ، من صحف إبراهيم وموسى ، وزبور وإنجيل وغيرها ، فإنها لم تسلم من الزيادة والنقصان بعد وفاة الرسل ، ولكن القرآن أنزله سبحانه وتعالى وقال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ). الحجر ـ ٩ وقال (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ). القيامة ١٧ ـ ١٩ وقال (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ). حم السجدة ـ ٤٢.

وإن عدم الإيمان بحفظ القرآن وصيانته يجر الى إنكار القرآن وتعطيل الشريعة التي جاء بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لأنه حينذاك يحتمل في كل آية من آيات الكتاب الحكيم أنه وقع فيها تبديل وتحريف ، وحين تقع الاحتمالات تبطل الاعتقادات والإيمانيات ، لأن الإيمان لا يكون إلا باليقينيات وأما بالظنيات والمحتملات فلا.

وأما الشيعة فإنهم لا يعتقدون بهذا القرآن الكريم الموجود بأيدي الناس ، والمحفوظ من قبل الله العظيم ، مخالفين أهل السنة ، ومنكرين لجميع النصوص الصحيحة الواردة

١٨

في القرآن والسنة ، ومعارضين كل ما يدل عليه العقل والمشاهدة ، مكابرين للحق وتاركين للصواب.

فهذا هو الاختلاف الحقيقي الأساسي بين أهل السنة والشيعة ، بين المسلمين والشيعة لأنه لا يكون الإنسان مسلما إلا باعتقاده أن القرآن هو الذي بلغه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى الناس كافة بأمر من الله عزوجل. وإنكار القرآن ليس إلا تكذيبا بالرسول.

وقال في هامشه : ولقد كان الشيخ السيد محب الدين الخطيب صادقا في رسالته (الخطوط العريضة) حين قال : وحتى القرآن الذي كان ينبغي أن يكون المرجع الجامع لنا ولهم على التقارب والوحدة ، هم لا يعتقدون بذاك ، ثم ذكر بعض الأمثلة من صفحة ٩ الى ١٦ التي تدل على أن الشيعة لا يعتقدون بالقرآن الذي في أيدينا وأيدي الناس بل يظنونه محرفا مغيرا وناقصا.

وقد رد عليه لطف الله الصافي في (مع الخطيب في خطوطه العريضة) من ص ٤٨ الى ص ٨٢ بحماس وشدة وأنكر اعتقاد الشيعة تحريف القرآن وتغييره إنكارا لا يستند الى دليل وبرهان.

فأولا : ما استطاع الشيخ الشيعي (لطف الله الصافي) أن ينكر ما ذكره الخطيب من نصوص الشيعة الدالة على التحريف والتغيير في القرآن ، كما لم يستطع إنكار كتاب الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي ومرتبته وشأنه عند الشيعة ، بل قد اعترف بتضلعه في الحديث وعلو مقامه عندهم.

ثانيا : ذكر الصافي نفسه بعض العبارات التي هي بمنزلة الاعتراف باعتقاد الشيعة بالتحريف في الكتاب المبين.

ثالثا : التجأ الشيخ الشيعي أخيرا الى أنه لا ينبغي أن يثار مثل هذا الموضوع لأنه يعطي سلاحا في أيدي المستشرقين للرد على المسلمين بأن القرآن الذي يدعونه محفوظا مصونا قد وقع فيه الخلاف أيضا مثل التوراة والإنجيل.

فقوله هذا ، ليس إلا إقرارا واعترافا بالجريمة ، وإلا فالمسألة واضحة كما سيجىء مفصلا إن شاء الله.

١٩

رابعا : إن الصافي لم يورد في مبحثه حول القرآن رواية من الاثني عشر ـ المعصومين عندهم ـ تدل وتنص على اعتقادهم بعدم التحريف في القرآن ، بخلاف الخطيب فإنه ذكر روايتين عن الاثنين منهم تصرح بأن القرآن وقع فيه التغيير والتحريف ، وها نحن ذاكرون عديدا من الأحاديث والروايات من كتبكم أنتم أيها الصافي التي لا تقبل الشك في أن الشيعة اعتقادهم في القرآن هو كما ذكره الخطيب رحمه‌الله ولا تنكرونه إلا تقية وخداعا للمسلمين.

ثم قال إحسان ظهير في صفحة ٦٩ :

من المجرم أيها السادة العلماء والفضلاء؟ ومن صاحب الجريمة؟

الذي يرتكب الجريمة ويكتسب العار ، أم الذي يدل على الجريمة المرتكبة ، وعلى الفضيحة المكتسبة؟

والرواية ليست واحدة وثنتين بل هناك روايات وأحاديث عن الشيعة تدل وتخبر بأن القرآن عندهم غير محفوظ من التغيير والتبديل ، وليس هذا القرآن الموجود قرآن الشيعة ، بل هذا القرآن عندهم مختلق بعضه ومحرف بعضه ، فانظر ما يرويه الشيعة عن أبي جعفر فيقول صاحب بصائر الدرجات (حدثنا علي بن محمد عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن يحيى بن أديم عن شريك عن جابر قال قال أبو جعفر : دعا رسول الله أصحابه بمنى فقال : يا أيها الناس إني تارك فيكم حرمات الله ، كتاب الله وعترتي ، والكعبة البيت الحرام. ثم قال أبو جعفر : أما كتاب الله فحرفوا ، وأما الكعبة فهدموا ، وأما العترة فقتلوا ، وكل ودائع الله فقد تبروا).

ثم قال إحسان ظهير في صفحة ٧٣ :

(ويؤيد هذه الرواية ذلك الحديث الشيعي المشهور الذي رواه محمد بن يعقوب الكليني عن جابر الجعفي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة بعده) الكافي في الأصول ـ كتاب الحجة ، باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة ـ ج ١ ص ٢٢٨ ـ ط طهران.

٢٠