الرسائل الأربع - ج ٣

عدّة من الأفاضل

الرسائل الأربع - ج ٣

المؤلف:

عدّة من الأفاضل


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٣٢

١
٢

مقدمة شيخنا الأُستاذ ـ مدّ ظله ـ :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على أشرف أنبيائه وأفضل سفرائه محمّد وعترته الطاهرين ، حجج الله على بريته ، وخلفائه في أرضه.

أمّا بعد : فهذه ثمرات بحوث حول الاجتهاد والتقليد ، ألقيتها في الدورة الثالثة من دوراتنا الأُصولية على لفيف من الفضلاء وثلة من العلماء زادهم الله شرفاً وعلماً وعملاً ، فحرروا ما ألقيت ، وضبطوا ما بينت ، منهم العالم العَلَم الزكي التقي حجة الإسلام السيد طعّان خليل الموسوي العاملي ـ دامت إفاضاته ـ ، فقد سرحت النظر فيما كتب وحرّر ، فوجدته موافقاً لما حقّقناه من الأبحاث ، فشكر الله مساعيه الجميلة ، وبلّغه أمانيه ، وجعله من العلماء العاملين والفقهاء النافعين ، وسدّده في عاجله وآجله ، إنّه سميع مجيب.

جعفر السبحاني

١٠ شعبان المعظم ـ ١٤١٥ ه‍ ـ

الحوزة العلمية

٣

مقدمة المؤلف :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على أشرف بريّته وأفضل خليقته محمّد وآله الطيّبين الطّاهرين.

أمّا بعد : لمّا انتهى شيخنا الأُستاذ ـ مدّ ظلّه ـ في دورته الثالثة في البحوث الأصوليّة ـ إلى خاتمة المباحث ـ أعني : مسألة الاجتهاد والتّقليد ، رأيتها طويلة الذيل مترامية الأطراف ، فأحببت أن أفردها وأفصلها عن سائر المباحث الأصوليّة التي قمت بتحريرها وقد عرضت ما كتبت في المقام على شيخنا الأُستاذ ـ مدّ ظله ـ فطالع فاستحسن وأجاز نشره ، وألتمس من إخواني الكرام أن يمنّوا ويتفضّلوا عليّ بالصّفح عمّا يبدو لهم من خطأ وزلل ، وأن يدعوا لي بالخير في مظانّ الإجابة ، وفّقنا الله جميعاً للعلم والعمل الخالصين لوجهه الكريم إنّه ذو الفضل العميم ، عليه توكّلت وإليه أنيب.

الأقلّ : طعّان خليل الموسويّ

نزيل قم المقدسة

الأوّل من جمادي الآخرة من عام (١٤١٥) ه ـ

٤

قال شيخنا الاستاذ ـ مدّ ظله ـ :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمد وآله الطاهرين.

الكلام في الاجتهاد والتقليد :

فنقول :

الأركان الثلاثة لإدارة المجتمع :

إنّ من سَبَرَ (١) الكتب الفقهيّة وأمعنَ النّظرَ في سائر المصادر يقف على أنّ الشّريعة الإسلاميّة اعتمدت في إدارة المجتمع على أركان ثلاثة ، لكلّ شأنه وموقفه ، ولا يستغني عنها أهل الدّين في زمان من الأزمنة ، وأنّ رحى الحياة في جميع الدّوائر تدور عليها.

__________________

(١) سبر : تأمّل جيّداً ، يقال : سبرت القوم : أي تأمّلتهم واحداً بعد واحد.

٥

الأوّل : السّائسُ (١) والحاكم :

هذا هو الرّكنُ الأوّل لإدارة المجتمع ، والمقصود منه وجود قوّة تنفيذيّة تطبّق ما جاء به صاحب الشّريعة في مجالات مختلفة ، وفي ظلّ هذه القوّة المتمثّلة في الحاكم الإسلاميّ ، يرفرفُ الأمن في البلاد ، وتجبى الصّدقاتُ والزّكواتُ ، وتجرى الحدود والأحكام على العصاة والطّغاة ، وتحفظ ثغور البلاد من عداء الكفّار وتسلّلهم إلى أجوائها وأراضيها ، فيسدّ الحاكم الأمر عليهم إلى غير ذلك من وظائف السّائس في مجال ترويج الاقتصاد والتجارة وبسط العدل والقسط ، وصيانة الأُمّة من كلّ ظلم وتعدّ وما شابهها. وتختلف وظائف السّائس قلّة وكثرة حسب اختلاف الحضارات والبيئات المحيطة به.

قال سبحانه : ـ (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج / ٤١).

وقال الإمام الرّضا (عليه‌السلام) : «إنّا لا نجدُ فرقة من الفرق ولا ملّة من الملل بقوا وعاشوا إلّا بقيّم ورئيس لما لا بدّ لهم منه في أمر الدّين والدّنيا ، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق ممّا يعلم أنّه لا بُدّ لهم منه ولا قوام لهم إلّا به ، فيقاتلون به عدوّهم ويقسمون فيئهم ، ويقيمون به جمعتهم وجماعتهم ويمنع ظالمهم من مظلومهم ...» (٢) هذا ، وقد عبّر عن السّائس في الرّوايات بالحاكم والسّلطان والإمام إلى غير ذلك.

__________________

(١) من ساس يسوس سياسة ، وهو المتولّي والمدبّر لأمور النّاس كالأمراء والولاة. وجمعه : ساسة وسوّاس. والسّياسة : استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي عاجلاً أو آجلاً.

(٢) علل الشرائع للصّدوق ، باب (١٨٢) : علل الشرائع وأصول الإسلام ، ح ٩ حديث طويل ذو فروع متعدّدة ، اقتبس الشيخ الأستاذ منه ما في ص ٢٥٣ وهو عن أبي محمّد الفضل بن شاذان النيسابوريّ عن مولانا أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا (عليه‌السلام) راجع ص ٢٧٥.

٦

الثّاني : القاضي والفاصل للخصومات :

هذا هو الركن الثّاني لإدارة المجتمع الإسلاميّ بل مطلق المجتمع البشريّ ، لأنّ الحياة الفرديّة لا تثير أيّ اختلاف ونزاع بخلاف الحياة الاجتماعية ، فإنّ الاختلاف فيها وافر من جهات ونواحي عديدة ، كالتّزاحم والتّصادم في الحقوق والأموال ، إمّا طمعاً في حقوق الآخرين وأموالهم وأعراضهم ، وإمّا جهلاً بالحكم والوظيفة العمليّة واعتقاداً بملكيّة ما ليس يملكه ، فلا مناص حينئذ عن وجود قوّة قضائيّة وسلطة نافذة فاصلة للخصومات تحلّ العقد ببنان العدل والإنصاف ، وفي ضوء القانون النّازل من الله سبحانه ، وإلى ذلك يشير قوله سبحانه خطاباً لداود (عليه‌السلام) (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) (ص / ٢٦).

وقال مخاطباً لنبيّه : (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (المائدة / ٤٢) وقال سبحانه : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِ) (المائدة / ٤٨) وقال سبحانه : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ) (المائدة / ٤٩).

وليس المراد من الحكم في الآيات هو الحكم فيما يرجع إلى الأُصول والعقائد ، بل المراد هو الحكم في مجال الفروع وذلك بوجهين :

١ ـ قوله سبحانه : (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) (المائدة / ٤٣) فانّه بحكم قوله :

٧

(يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) صريح في كون مجال الحكم هو الفروع.

٢ ـ ما روي في شأن نزول الآيات عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) وجماعة من المفسّرين : انّ امرأة من خيبر ذات شرف بينهم زنت مع رجل من أشرافهم وهما محصنان ، فكرهوا رجمهما ، فأرسلوا إلى يهود المدينة وكتبوا إليهم أن يسألوا النبي عن ذلك طمعاً في أن يأتي لهم برخصة ... (١).

والآيات وإن كانت خطاباً للنبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكنّه من قبيل «إياك أعني واسمعي يا جارة» فهي تدل بوضوح على أنّ القاضي في مظنّة اتباع الهوى ، معرضاً عن الحقّ ، وإنّ المترافعين ربما يفتنونه عن القضاء بما أنزل الله ، وعليه فلا يتصدى ذلك المقام إلّا من امتحن الله قلبه ، للتقوى ، وامتلأت جوانحه بالخوف والخشية. ويكفي من السنة ، ما روي : «لسان القاضي بين جمرتين (٢) من نار حتى يقضي بين الناس فإمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النار» (٣).

وروى المفيد مرسلاً عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فإنّ من جعل قاضياً فقد ذبح بغير سكين» (٤).

إلى غير ذلك من الآيات والروايات الناصّة على خطورة الموقف وعظمة المسئولية للقاضي.

الثالث : المفتي والمجتهد :

هذا هو الرّكن الثّالث لإدارة المجتمع الإسلاميّ ، فإنّ الإسلام ليس مجرّد

__________________

(١) الطبرسيّ : مجمع البيان : ٢ / ١٩٣ ، ط. صيدا.

(٢) الجمرة : النّار المتقدة.

(٣) الوسائل : ١٨ ، الباب ٢ من أبواب صفات القاضي ح ٣.

(٤) المصدر نفسه : الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ح ٨.

٨

أوراد (١) وطقوس (٢) لا تتجاوز عدّة آداب وأدعية يلقيها القسّ (٣) في الكنائس كما عليه النّصرانيّة ، بل هو تشريع مسهب كامل فيه حياة الفرد والمجتمع عاجلاً وآجلاً ، يغنيهم عن الاستعانة بأيّة قوة تشريعيّة أجنبيّة غربيّة أو شرقيّة ، في مجال العبادات والمعاملات والأحوال الشّخصية والسياسات والقضاء والشّهادات.

إنّ التّشريع في الإسلام من خلال ألوان إعجازه وآيات صلته بقوّة غير متناهية ، استطاع إغناء المجتمع البشريّ ـ في كل ما يمت بصلة إلى حياته الفرديّة والاجتماعيّة والسياسية والخلقيّة والبيئيّة ـ عن أيّ نظام تشريعيّ آخر.

إنّ هذه الجهات الثلاثة (الحكومة والقضاء والإفتاء) (٤) قد تجتمع في شخص واحد كما في الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأوصيائه (عليهم‌السلام) وقد لا تجتمع في شخص ، لضرورات اجتماعيّة توجب تقسيم الوظائف والمناصب ، ومثل هذا لا يعني فصل الدّين عن السياسة.

نعم ، إنّ النّاس في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا في غنى عن بذل أيّ جهد وتحمّل سعي في الوقوف على ما جاء به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك المجالات لإمكان السّؤال منه ، وكان المسلمون كثيراً ما يسألونه ويستفتونه فيوفّيهم الجواب ، قال سبحانه : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ...) (النساء / ١٧٦). ولمّا ارتحل الرّسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتفرّق المسلمون في أنحاء العالم صعب على الجميع الوقوف على الحكم الشّرعيّ

__________________

(١) أوراد ، جمع ورْد وهو الجزء ، من قرأتُ وردي.

(٢) طقوس جمع طقس ، وهو الطريقة ، وغلب على الطريقة الدينية (نصرانيّة دخيلة). أقرب الموارد : ١ / ٧١٠.

(٣) القسُّ في الصحاح كفلْس : رئيس من رؤساء النّصارى في الدّين والعلم. وكذلك القسِّيس ، والسّريانيّة لغتهم ، وكذلك الجاثليق.

(٤) إنّ الفرق بين الفتوى وحكم القاضي واضح ، وهو أنّ الفتوى إخبار عن الحكم الكلّي وليس له أثر إلّا تنجّز الواقع ، وأمّا القضاء فهو إنشاء حكم جزئيّ مطابق للحكم الكلّي الصادر من الله تعالى.

وإن شئت قلت : حكم جزئيّ في مورد شخصي ، ويفترق عن حكم الحاكم باشتراط سبق النّزاع في القضاء دون حكم الحاكم في الأُمور العامّة. (منه حفظه الله).

٩

من عين صافية ، لعدم جمع السنّة النبويّة في معجم تصل إليه كلّ يد ، وظهور المسائل المستحدثة غير الموجودة في الكتاب والسنّة ، واختفاء القرائن الحاليّة المتّصلة بالكتاب والسنّة ، إلى غير ذلك من الأُمور التي دفعت أعلام الأُمّة إلى بذل الجهد في طريق استنباط الأحكام الشرعية ، وكلّما ازداد البعد عن منبع الوحي ، وكثر تطرّق الجعل والدسّ في الروايات وعروض الاشتباه والسّهو ، صار الاجتهادُ أمراً مشكلاً لا يتحمّله إلّا الأمثل فالأمثل.

ولو افترضنا أنَّ أهل المدينة مثلاً كانوا في غنى عن الاجتهاد بعد رحيل الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للتمكّن من الاتّصال بأهل البيت (عليهم‌السلام) ، إلّا أنّ أهل سائر البلاد وخصوصاً البلاد الشّرقيّة يوم ذاك كخراسان ، كانوا منقطعين عن أئمّة أهل البيت (عليهم‌السلام) ولم يكن كلّ النّاس متمكّناً من شدّ الرّحال إلى المدينة ولقاء الإمام (عليه‌السلام) والسؤال منه (١).

ولذلك لم يكن بدّ من قيام جماعة تتحمّل مشقّات ومتاعب السّفر والنّفر ، (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ ...) (التوبة / ١٢٢).

وكان المتمثل لهذا الأمر (الإفتاء) هو المجتهد الّذي يتحمّل جهوداً كثيرة للتّوصل إلى الحكم الشّرعي.

هذا وإنّ لتاريخ الاجتهاد وسَيْرهِ بين الأُمّة الإسلامية بحثاً مفصّلاً سنقوم بعرضه في بحوثنا حول تاريخ الفقه وطبقات الفقهاء الّذي هو في يد التأليف بمعاضدة فريق من الفضلاء ، وعليه ، فليس للاخباريّ أن ينكر الاجتهاد بهذا المعنى الّذي فرضته الضرورات الاجتماعيّة على ذوي المواهب ، وهنا فصلان ، فنقول :

__________________

(١) روى عليّ بن المسيّب الهمدانيّ قال : قلت للرّضا (عليه‌السلام) : شقتي بعيدة ، ولستُ أصل إليك في كلّ وقت ، فممّن آخذ معالم ديني؟ قال (عليه‌السلام) : من زكريّا بن آدم القمّي المأمون على الدّين والدّنيا ، قال عليّ بن المسيّب : فلمّا انصرفت قدمنا على زكريّا بن آدم ، فسألته عمّا احتجت إليه. الوسائل : ١٨ / ١٠٦ ح ٢٧ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي.

١٠

الفصل الأوَّل

في الاجتهاد

الاجتهاد لغة واصطلاحاً.

أحكام الاجتهاد.

في تصدّي المقلِّد للقضاء.

الاجتهاد التجزّئي.

فيما يتوقّف عليه الاجتهاد.

الاجتهاد في عصر الصحابة والتابعين.

شبهة حول الاجتهاد الدارج في عصرنا.

١١
١٢

الاجتهاد لغةً واصطلاحاً

الاجتهاد مأخوذ من الجهد بضمّ الجيم بمعنى الطّاقة والوسع ، وبفتحها بمعنى المشقّة ، وقيل : هما لغتان في الوسع والطّاقة ، فإذا كان من باب الافتعال يراد منه إمّا تحمّل الجهد والمشقّة ، فيقال : اجتهد في حمل الرّحى ولا يقال : اجتهد في حمل الخردلة ، وإمّا بذل الوسع والطّاقة في طلب الشيء ، ولعلّ المعنيين (تحمل المشقّة وبذل الطّاقة) متقاربان (١).

أمّا في اصطلاح الأُصوليّين ، فقد ذكروا له تعاريف كثيرة سيوافيك مع كثرتها والاجتهاد من المفاهيم ذات الإضافة ، أي لها إضافة إلى المجتهِد والمجتهَد فيه. وقبل الخوض في بيانهما لا بدّ من تعريف الاجتهاد القائم بالأمرين المذكورين (المجتهد والمجتهد فيه) فنقول :

١ ـ عرّفه الغزاليّ : «بذلُ المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشّريعة ، والاجتهاد التّام أن يبذل الوسع في الطّلب بحيث يحسّ من نفسه بالعجز من مزيد الطّلب» (٢).

__________________

(١) راجع لسان العرب : ٢ / ٣٩٥ و ٣٩٧.

(٢) المستصفى : ٢ / ٣٥٠ للغزالي : (٤٥٠ ـ ٥٠٥ ه‍ ـ).

١٣

٢ ـ وعرّفه الآمديّ : «استفراغ الوسع في طلب الظنّ بشيء من الأحكام الشرعيّة على وجه يحسّ من النّفس العجز عن المزيد فيه» (١).

٣ ـ وعرّفه الحاجبيّ : «استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظنّ بحكم شرعيّ» (٢).

هذا ويرد على التعريف الأوّل ـ مضافا إلى اشتماله على الدّور الواضح من أخذ المعرّف في التّعريف (٣) ـ أنّ الغاية للمجتهد أعمّ من تحصيل العلم بالحكم الشرعي ، فربمّا لا يتمكّن من تحصيل العلم به ، ولكن يتمكّن من تحصيل الحجّة القطعيّة عليه ، وكون الحجّة قطعيّة ، لا يلازم كون مفاده قطعيّاً وعلماً واقعياً بالحكم الشرعيّ كما في الخبر الواحد القائم على حكم من الأحكام (٤).

ويردُ على الأخيرين بأنّ الظنّ إمّا أن يقوم دليل قطعيّ على حجيّته أو لا ، وعلى الثّاني لا عبرة به ولا قيمة له في مجال الاجتهاد ، وعلى الأوّل يكون المدلول ظنيّاً وفي الوقت نفسه يكون حجّة قطعيّة على الحكم الشرعيّ ، فالأولى حذف الظنّ وإقامة الحجّة مقامه.

ويتوجّه على الثّلاثة : أنّ الغاية للمجتهد ليست تحصيل العلم أو الحجّة

__________________

(١) الإحكام : ٤ / ١٦٩ للآمدي (٥٥١ ـ ٦٣١ ه‍ ـ).

(٢) شرح مختصر الأصول ـ : ٤٦٠ عند الكلام عن الاجتهاد.

(٣) لأنّ المراد من المجتهد هو العالم الفعليّ بالأحكام الشرعية الفرعيّة عن أدلّتها ومداركها ، لا صاحب الاستعداد ، فالفقيه بهذا المعنى ممّا يتوقّف فهمه على فهم الاجتهاد ، فيلزم الدور.

(٤) قيل : إنّ أخذ العلم في تعريف الاجتهاد ليس لموضوعيّته بالخصوص بل لكونه مصداقاً من مصاديق الحجّة ، والمناط كلّه في تحصيل الحجّة سواء كان علماً أو غيره.

١٤

الشّرعية على الحكم الشّرعيّ بل الأعمّ منه ومن تحصيل الحجّة على الوظيفة الفعليّة ، كالظنّ على الحكومة والأصول العقليّة كالبراءة والاشتغال العقليّين ، فإنّها حجج عقليّة لا يستنبط منها حكم شرعي مباشرة ، وأمّا استنباط الحكم الشرعيّ من الحكم العقليّ فهو ـ على القول بالملازمة ـ أمر آخر غير محتاج إليه.

وربّما يعرّف بما نقله المحقّق الخراساني بأنّه : «ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشّرعيّ الفرعي من الأصل فعلاً أو قوّة قريبة» (١).

قوله : «فعلاً أو قوّة قيدان للاستنباط لا للملكة للزوم فعليّة الملكة ، والمراد من الأوّل هو الاقتدار على الاستنباط الفعليّ بلا حالة انتظاريّة غير المراجعة الاختيارية. والمرادُ من الثاني هو من كانت له حالة انتظارية من غير تلك الجهة أيضاً ، لأجل عروض عارض خارجيّ كفقد الأسباب والكتب ، لا مطلق الجهات وإلّا يشمل العاميّ المستعدّ للتعلّم. هذا

ويردُ على التعريف المذكور : أنّ الغاية من الاجتهاد أعمّ من استنباط الحكم الشّرعيّ الفرعيّ أو الوظيفة الفعليّة كما في مجاري الأصول.

ثمّ إنّ تفسير الاجتهاد بالعلم بالأحكام كما في تعريف الغزالي ، يوجب اتّحاد تعريفه مع تعريف الفقه. وهذا بخلاف ما إذا فسّر بالملكة فيتغاير معه.

واعلم أنّ الاجتهاد وقع موضوعاً لأحكام عديدة ـ تارة بالمعنى الأوّل أي المستنبط بالفعل ، وأُخرى بالمعنى الأخير : أي من له الملكة حالة عدم تصدّيه للاستنباط خارجاً وتحصيل الحجّة على الأحكام الشرعيّة ـ ولا يتوقّف البحث عن هذه الأحكام على تحقيق معنى الاجتهاد اصطلاحاً ، إذ ليس هو بالمعنى المصطلح موضوعاً للحكم الشرعيّ حتى نبذل الجهد في تحديده ، بل الموضوع إمّا المستنبط

__________________

(١) نقله المحقق الخراسانيّ في كفايته : ٢ / ٤٢٢ عن الشيخ بهاء الدين العاملي (رضي الله عنه) في زبدة الأصول : ١١٥ المنهج الرّابع في الاجتهاد والتّقليد.

١٥

فعلاً أو الأعمّ منهُ ومن المستنبط بالقوّة القريبة.

وأمّا هذه الأحكام فهي عبارة عن أُمور أربعة :

الأوّل : يجوز للمجتهد أن يعمل برأي نفسه.

الثاني : يحرم للمجتهد الرّجوع إلى الغير.

الثالث : يجوز للعامّي الرّجوع إلى المجتهد وتقليده.

الرابع : ينفذ قضاءُ المجتهد وحكمه.

أمّا الحكم الأوّل : جواز العمل برأي نفسه :

فنقول : الموضوع فيه ليس صاحب الملكة المحضة الّذي لم يتلبّس بعد بالاستنباط فعلاً. بل من تلبّس به ، وأمّا علّة الجواز (١) فلأنّه إمّا عالم بالحكم الواقعيّ وجداناً ، أو تعبداً بفضل الدليل ، الثابتة حجيته بالدّليل القطعي كما في موارد الطّرق والأصول الشرعيّة ، وإمّا عالم بالوظيفة الفعليّة العمليّة كما في موارد الأصول العقليّة ، وما للعالم إلّا العمل بعلمه.

وأمّا الحكم الثّاني : حرمة رجوعه إلى الغير :

فهل الموضوع للحرمة مطلق المتمكن من استنباط الأحكام الشّرعية ـ ولو لم يتلبّس بالاستنباط ـ كما عليه الشّيخ الأعظم والمحقّق الخوئي (رضي الله عنه) (٢) وغيرهما ، أو

__________________

(١) المراد به الجواز بالمعنى الأعمّ الصّادق على الوجوب.

(٢) التنقيح : ١ / ٣٠ ، قال (رضي الله عنه) : وعن شيخنا الأنصاريّ (قدس‌سره) في رسالته الموضوعة في الاجتهاد والتقليد ، دعوى الاتفاق على عدم الجواز ، لانصراف الاطلاقات الدّالة على جواز التقليد عمّن له ملكة الاجتهاد ، واختصاصها بمن لا يتمكّن من تحصيل العلم بها. وما أفاده (قدس‌سره) هو الصحيح وذلك لأنّ الأحكام الواقعيّة قد تنجّزت على من له ملكة الاجتهاد ، بالعلم الإجمالي أو بقيام الحجج والأمارات عليها في محالّها ، وهو يتمكّن من تحصيل تلك الطرق ، إذاً لا بدّ له من الخروج عن عهدة التكاليف المتنجّزة في حقّه ، ولا يكفي في ذلك أن يقلِّد الغير ، إذ لا يترتّب عليه الجزم بالامتثال ،

١٦

المتمكّن المتلبّس بالاستنباط كما عليه صاحب المناهل؟ نقول :

قال الشيخ الأنصاريّ (رضي الله عنه) في رسالته الّتي ألّفها في الاجتهاد والتّقليد : «فاعلم أنّه لا إشكال في أنّه يجوز التّقليد للعامّي الصّرف ، وكذا العالم غير البالغ مرتبة الاجتهاد ، وهل يجوز لمن له ملكة الاجتهاد ، التقليد فيما لم يجتهد فيه فعلاً أم يتعيّن عليه الاجتهاد؟ قولان : المعروف عندنا العدم ، بل لم ينقل الجواز عند أحد منّا ، وإنّما حكي عن مخالفينا على اختلاف منهم في الإطلاق والتفصيلات المختلفة. نعم اختار الجواز بعض سادة مشايخنا في مناهله ، وعمدة أدلة القائلين بالمنع عبارة عن الأُمور التالية :

الأوّل : الأصل بتقريرات مختلفة.

الثاني : عموم الأدلة الدّالة على وجوب الرّجوع إلى الكتاب والسنّة في الأحكام خرج منها القاصر عن ذلك.

وعمدة أدلة الجواز أمران :

الأوّل : استصحاب جواز التقليد.

الثاني : عموم السّؤال من أهل الذكر» (١).

__________________

فإنّه من المحتمل أن لا تكون فتوى الغير حجّة في حقّه لوجوب العمل بفتيا نفسه ونظره ، فلا يُدرى أنّها مؤمِّنة من العقاب المترتّب على مخالفة ما تنجّز عليه من الأحكام الواقعية ، والعقل قد استقلّ بلزوم تحصيل المؤمِّن من العقاب ، ومع الشك في الحجيّة يبنى على عدمها ، فإنّ الشكّ في الحجيّة يساوق القطع بعدمها ... ـ ثمّ قال (رضي الله عنه) (ص ـ ٣٢): ـ والمتحصّل أنّ من له ملكة الاجتهاد ـ سواء لم يتصدّ للاستنباط أصلاً أو استنبط شيئاً قليلاً من الأحكام ـ لا بد له من أن يتبع نظره ويرجع إلى فتيا نفسه ، ولا يجوز أن يقلّد غيره ، والإجماع المدّعى في كلام شيخنا الأنصاري (رضي الله عنه) أيضاً مؤيِّد لما ذكرناه ، لعدم كونه إجماعاً تعبّديّاً».

(١) مجموعة رسائل فقهيّة وأصوليّة : ٥٣ ـ ٥٤.

١٧

أقول :

الظّاهر أنّ القائل بالجواز في غنىً عن التمسّك بالاستصحاب (١) أو عموم آية الذّكر (٢) لأنّ الدّليل الوحيد على جواز الرّجوع إلى أصحاب التّخصّص هو السيرة (سيرة العقلاء). وما ورد في الشّرع إمّا مؤكّد لها أو مبيّن للمصداق.

فقوله سبحانه : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ...) مؤكّد لحكم العقل ، وقوله (عليه‌السلام) : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أصحابنا ...» (٣) مبيّن للمصداق وليس مؤسّساً للحكم.

والذي يجب التركيز عليه هو شمول السّيرة لأمثال المقام وعدمه. والظّاهر شمولها خصوصاً إذا كان المرجع أعلم وأفقه من الرّاجع ، وبما يرجّح الرّجوع إليه ، وعند ذلك يسقط الاستدلال على عدم الجواز بأصالة عدم حجيّة رأي أحد في حقّ أحد.

وأمّا ما دلّ على الرّجوع إلى الكتاب والسنّة فهو باق على عمومه لم يخرج منه

__________________

(١) مضافاً إلى انّه لا معنى لجريان الاستصحاب في المقام ، لاختلال شرط إحراز بقاء الموضوع ، فإنّ القادر على الاستنباط وإن لم يستنبط فعلاً ليس العامّي المحض.

(٢) سيأتي الكلام حول الأدلّة النقليّة.

(٣) الوسائل : ١٨ / ١٠١ ح ٩ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، قال صاحب الوسائل : وفي كتاب (إكمال الدين وإتمام النعمة) عن محمّد بن محمّد بن عصام عن محمّد بن يعقوب عن اسحاق بن يعقوب ... الحديث : هذا حديث طويل في إكمال الدّين (٢ / ١٦٢) وإسحاق بن يعقوب مجهول لم يعرف في الرّجال. وقال في الخاتمة ص ١٣٨ رقم ١٣٨ : إسحاق بن يعقوب : روى الكشيّ توقيعاً يتضمّن مدحه.

وقال في تنقيح المقال : ١ / ١٢٢ رقم ٧٢٧ : لم أقف فيه إلّا على رواية الشيخ (رضي الله عنه) في كتاب الغيبة عن جماعة ... الخ وذكر بعض الحديث ، وفي آخره : والسّلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتّبع الهدى.

١٨

أحد حتّى العامّي غير أنّ الرّجوع تارة يكون مباشرة (بالاجتهاد) وأُخرى بلا مباشرة (بالتّقليد) ، ومرجع الكلّ في الحقيقة هو الكتاب والسنة ، وليس ما دلّ على الرجوع ، ظاهراً في خصوص الرّجوع المباشريّ.

وتظهر قوّة جواز الرّجوع والتّقليد ، لو وقفنا على أنّ مناط حجيّة اجتهاد المجتهد هو الطريقيّة ، فعليه نقول : تعيّن رجوعه إلى اجتهاد نفسه مع كون كليهما طر يقين إلى الواقع يحتاج إلى الدّليل.

نعم إذا استنبط وخالف الآخر لا يصحّ له الرّجوع إلى الغير ، لأنّه يخطّئهُ باجتهاده ، دون ما إذا لم يستنبط.

فإنّ قلت : إنّه يعلم أنّه لو قام بالاستنباط لخالف الآخر في بعض آرائه ، ومعه كيف يجوز الرّجوع إليه.

قلت : إنّ العلم بالمخالفة ليس في دائرة محصورة ، بل في مجموع أبواب الفقه الكثيرة ، الخارج أكثرها عن محلّ الابتلاء ، ومثل هذا العلم غير منجّز في باب العلم الاجماليّ.

ثمّ على ما ذكره الشّيخ يكون الموضوع لجواز الرّجوع إلى نفسه هو المستنبط بالفعل الّذي استنبط الأحكام الشّرعية الفرعيّة وصار عارفاً بها ، والموضوع لحرمة الرّجوع إلى الغير أوسع من ذلك وأعمّ ، أي شموله للمستنبط بالقوّة ، وهذا على خلاف ما ذهبنا إليه ، فإنّ الموضوع لجواز الرّجوع إلى نفسه وحرمة الرّجوع إلى الغير وتقليده ، يكون شيئاً واحداً وهو المستنبط بالفعل.

أمّا الحكم الثّالث : جواز رجوع العامّي إلى المجتهد وتقليده :

فسيوافيك دليله في الفصل الخاصّ بجواز رجوع العامّي إلى المجتهد ، والغرض في المقام هو بيان أحكام عنوان المجتهد عقلاً أو شرعاً.

١٩

فنقول : إنّ جواز الرّجوع والتّقليد منحصر في من عرف الأحكام واستخرجها من الأدلّة الشّرعية المتعارفة المقرّرة ، ولا يشمل الواقف على الحكم من الطرق غير المألوفة والمعهودة ، كالرّمل والجفر والاسطرلاب (١) ، وذلك لانصراف الأدلّة عن مثله.

نعم يبقى هنا بحث وهو : هل يجوز تقليد المجتهد القائل بالانسداد أو لا؟

نقول :

هذا هو الّذي عنونه صاحب الكفاية في المقام بعد تقسيم الاجتهاد إلى المطلق والمتجزّي ، وكان عليه أن يبحث فيه قبل ذلك التقسيم ، فإنّه (رحمه‌الله) سوف يتعرض لأحكام المتجزّي ، وقد اختار ـ قدّه ـ عدم الجواز ، واستدل عليه :

أوّلاً : أنّ المجتهد الانسداديّ إمّا أن يقول بحجيّة الظنّ من باب الحكومة أو من باب الكشف ، فعلى الأوّل ليس هو عالماً بالأحكام الشرعية ، لأنّ معناه هو أنّ الاحتياط المطلق في المظنونات والمشكوكات والموهومات لمّا كان أمراً حرجيّاً أو مخلاً للنّظام ، استقلّ العقل حينئذ بالتبعيض في الاحتياط بتقديم المظنونات على غيرها ، فيكون العمل بالظنّ عملاً بالاحتياط ، وهو ليس علماً بالحكم الشّرعيّ ، فلا يشمله دليل التقليد الذي يركز على رجوع غير العالم إلى العالم ، بل هو أشبه برجوع غير العالم إلى مثله.

وثانياً : أنّ مقتضى مقدّمات الانسداد ليست إلّا حجيّة الظّن عليه لا على غيره (٢) ، فلا بدّ في حجيّة اجتهاد مثله على غيره من التماس دليل آخر غير دليل التقليد ، وغير دليل الانسداد الجاري في خصوص حقّ المجتهد.

__________________

(١) منجد اللّغة : ص ١٠ ـ ١١ مادّة : أسط : الأسطرلاب : آلة رصد قديمة ، لقياس مواقع الكواكب وساعات الليل والنّهار وحلّ شتى القضايا الفلكيّة ، وهو أنواع : مسطّح ، أكري ، خطي (يونانيّة).

(٢) هذا الدّليل مشترك بين القول بالحكومة والكشف ، وسيعود (قدس‌سره) إليه أيضاً عند الكلام في جواز الرّجوع إلى المجتهد القائل بالكشف.

٢٠