تراثنا ـ العددان [ 91 و 92 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 91 و 92 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٩٤

١٤٠٩ هـ.

٦٨ ـ مشرق الشمسين. الشيخ البهائي (ت ١٠٣١ هـ). ضمن رسائل الشيخ البهائي ، مكتبة بصيرتي ، قم.

٦٩ ـ مصفى المقال في مصنفي علم الرجال. الشيخ اقا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ). سنة ١٤٠٨ هـ.

٧٠ ـ معارج الأصول. المحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ). مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلاملإحياء التراث.

٧١ ـ المعالم. الشيخ حسن (ت ١٠١١ هـ). طبع عبـد الرحيم.

٧٢ ـ المعتبر في شرح المختصر. نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن المعروف بالمحقق الحلي (ت ٦٧٦ هـ). مجمع الذخائر الاسلامية ، قم.

٧٣ ـ معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة. السيد أبو القاسم الخوئي (ت ١٤١٣ هـ). سنة ١٤٠٩ هـ.

٧٤ ـ المُغني. عبـد الله بن أحمد بن محمّـد بن قدامة الحنبلي (ت ٦٢٠ هـ). تحقيق جماعة من العلماء. بيروت : دار الكتاب العربي.

٧٥ ـ مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث. تحقيق : الدكتورة عائشة عبـد الرحمن. دار الكتب القاهرة.

٧٦ ـ الملل والنحل. الشهرستاني (٥٤٨ هـ). دار المعرفة ، بيروت.

٧٧ ـ مناقب. أبو جعفر رشيد الدين محمّـد بن علي بن شهرآشوب (ت ٥٨٨ هـ). المطبعة العلمية قم المشرفة.

٧٨ ـ منتهى المطلب. الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي المعروف بالعلامة (ت ٧٢٦ هـ). طبعة الحاج أحمد تبريز.

٧٩ ـ منتهى المقال في أحوال الرجال. أبو علي الحائري المازندراني (ت ١٢١٦ هـ). تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام قم / ١٤١٦ هـ.

٨٠ ـ من لا يحضره الفقيه. أبو جعفر محمّـد بن علي بن بابويه الصدوق (ت ٣٨١ هـ). بيروت : الأعلمي / ١٤٠٨ هـ.

٨١ ـ منهج المقال. محمّـد جعفر الاستر آبادي (ت ١٢٦٣ هـ). طبعة حجرية.

 

١٦١

٨٢ ـ الموضوعات. ابن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ) ، المكتبة السلفية ، المدينة المنورة / ١٣٨٦ هـ.

٨٣ ـ مهج الدعوات. رضي الدين أبو القاسم على بن موسى ابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ). ١٣٩٩ هـ.

٨٤ ـ المهذب البارع في شرح النافع. أحمد بن شمس محمّـد بن فهد الحلي (ت ٨٤١ هـ).

٨٥ ـ مؤلفوا الشيعة في صدر الإسلام. السيد عبـد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي (ت ١٣٧٧ هـ). مطبعة النعمان النجف الأشرف.

٨٦ ـ النص والاجتهاد. السيد عبـد الحسين شرف الدين الموسوي. بيروت : مؤسسة الاعلمي ، ١٣٨٦ هـ.

٨٧ ـ نقد الرجال. مصطفى بن الحسين التفريشي (من أعلام القرن الحادي عشر). طبعة حجرية.

٨٨ ـ الوافي. محمّـد محسن بن شاه مرتضى المعروف بالفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ هـ). مكتبة آية الله المرعشي قم / ١٤٠٤ هـ.

٨٩ ـ الوجيزة في علم الرجال. محمّـد باقر بن محمّـد تقي المجلسي (ت ١١١١ هـ). ترتيب عبـد الله السبزالي. الاعلمي بيروت ١٩٩٥ م.

٩٠ ـ وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة. محمّـد حسن العاملي (ت ١١٠٤ هـ). المطبعة الاسلامية طهران.

٩١ ـ هداية المحدثين (مشتركات الكاظمي). محمّـد أمين بن محمّـد علي الكاظمي (ق ١١ هـ). تحقيق السيد مهدي الرجائي. طهران : مطبعة حيدري.

 

١٦٢

مدرسة الحلّة وتراجم علمائها

من النشوء إلى القمّة

(٥٠٠ ـ ٩٥٠ هـ)

(١)

السـيّد حيدر وتوت الحسيني

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة :

الحمد لله ربّ العالمين ، الواسع العليم والوارث الحكيم ، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على سيّد الأوّلين والآخرين نبيّنا الأعظم محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم)مدينة العلم وخير أنبياء أولي العزم ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين أفضل وأكمل سادات ذوي الألباب والفهم.

وبعد :

فالحديث عن سير وتراجم العلماء الأفاضل والفقهاء الفطاحل وما يتخلّله من ذكر لمناقبهم وكراماتهم وما كانوا عليه من صفات الزهد والعرفان وما هي أهمّ آثارهم من مصنّفات ومؤلّفات لهو من خير الكلام وأحسنه ، وشعبة مباركة من شعب الإيمان بالله عزّ وجلّ ، يسعى إليها كلّ مؤمن عاشق للفضيلة ويتطلّع إليها كلّ طالب علم ومعرفة ، فهو تخليدٌ لذكـرهم ووفاءٌ لحقِّـهم بما قدّموا من خدمات جليلة وتضحيات سخية خدمةً للدين والعقيـدة ، فهم بحقٍّ أنـوار الله في الأرض وسبـل هداية لكلّ

 

١٦٣

حيران ضالّ.

ومنزلة العلماء ومراتبهم الكبيرة السامية قد بيَّنها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز قائلاً في سورة آل عمران : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ)(١) وقوله عزّ وجلّ : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات)(٢) وفي سورة الزُّمَر : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الاَْلْبَابِ)(٣) وغيرها من الآيات الكريمة المباركة المبيّنة لفضل العلماء ومراتبهم العالية.

ومن بين علماء المسلمين الذين تعجُّ بهم كتب التراجم والتاريخ علماء مدينة الحلّة الفيحاء الذين هم وبحقٍّ جزء لا يتجزّأ من تاريخ علماء الإسلام ، أولئك العلماء الفطاحل الذين قدّموا ما قدّموا في سبيل نصرة الدين ونشر العلم والمعرفة.

وكنت قد تناولت في كتابي المزارات ومراقد العلماء في الحلّة الفيحاء جانباً من تراجم بعض أولئك العلماء الأعلام عند ذكري لمراقدهم الموجودة في المدينة الفيحاء ، وفي بحثي المتواضع هذا حاولت دراسة النهضة العلمية الثقافية في الحلّة وما هي أسباب نشوئها واستمرارها مع توضيح بعض ملامح وصفات المدرسة العلمية فيها والتي استمرّت ما يقارب ثلاثة قرون ونصف تقريباً ، أنجبت خلالها المئات من العلماء الأعلام والأدباء الكرام الذين حازت بفضلهم مدرسة الحلّة الزعامة الدينية وأصبحت لعقود طويلة من الزمن قبلةً لعشّاق العلم والأدب.

__________________

(١) سورة آل عمران ٣: ١٨.

(٢) سورة المجادلة ٥٨: ١١.

(٣) سورة الزمر ٣٩: ٩.

           

١٦٤

وقبل ذكري لتراجم العلماء وتقسيمهم حسب عصور النهضة العلمية ذكرت نُبذاً مختصرةً عن أهمّ الأسر والبيوت العلمية في الحلّة وأماكن الدرس فيها ومشاركة علماء الحلّة في العلوم الإسلامية المختلفة وأهمّية التلاقح العلمي بين مدينة الحلّة والمدن الإسلامية الأخرى وغيرها من المباحث ذات الصلة بالموضوع ، وأتممت البحث بخاتمة هي لأبواب البحث خاتمة وليس لمسيرة العلم خاتمة.

ولا يسعني هنا إلاّ أنْ أتقدّم بعظيم الشكر والامتنان لسماحة العلاّمة الكبير المحقّق حجّة الإسلام والمسلمين السيّد محمّـد مهدي السيّد حسن الخرسان الموسوي (دام ظلّه) الذي تفضّل علينا ـ وهو للفضل أهل ـ بملاحظاته السديدة وتوجيهاته المباركة للوصول ببحثنا المتواضع هذا إلى أفضل ما يمكن.

وأتوجّه بوافر الشكر والتقدير لفضيلة أُستاذي الجليل الاُستاذ الدكتور المؤرّخ السيّد حسن الحكيم الذي يُحيطني دوماً برعايته العلمية الكريمة من إرشادات وملاحظات قيِّمة مفيدة ترتقي بالبحث إلى أفضل صورة ممكنة.

ولا يفوتني أيضاً تقديم الشكر الجزيل لكلِّ من مدّ يد العون والمساعدة من أجل إخراج هذا البحث ، وخصوصاً مركز الكوثر الثقافي وهيئته الإدارية المباركة ومجلّة تراثنا وهيئة تحريرها ، وسيجزي الله المحسنين.

(والله سبحانه وليّ التوفيق)

حيدر سيّد موسى وتوت الحسيني

١٢ ربيع الأوّل ١٤٢٤ هـ.

 

١٦٥

مدرسة الحلّة وتراجم علمائها

من النشوء إلى القمّة

الحلّة والمعنى اللغوي :

قال الفراهيدي في كتابه العين(١) : «المَحَّلة : منزل القوم ، وأرضٌ مِحلال : إذا أكثر القوم الحلول بها ، والحلّة : قوم نزول ، قال الأعشى :

لقد كان في شيبان لو كنت عالماً

قبابٌ وحتّى حلّة وقبائلُ»

وقال ياقوت في معجم البلدان(٢) : «الحِلّة : بالكسر ثمّ التشديد ، وهو في اللغة القوم النزول وفيهم كثرة ... والحلّة أيضاً شجرة شاكّة أصغر من العوسج».

وجاء في مختار الصحاح(٣) للرازي : «الحِلّ أيضاً ما جاوز الحرم ، وقومٌ حِلَّةٌ ، أي : نزول وفيهم كثرة ، والحلّة أيضاً مصدر قولك : حلّ الهدْيُ».

وقال صاحب القاموس المحيط(٤) : «وأرض حِلاوة : تنبت ذكور البقل ، والحُلاوي بالضمّ : شجرة صغيرة ونبت شائك ... إلى قوله : والحِلاةُ بالكسر : جبل قرب المدينة».

وفي مجمع البحرين(٥) (كتاب اللام) : «وحلَّ بالمكان حلاًّ وحلولاً :

__________________

(١) العين ١/٤١٨.

(٢) معجم البلدان ٢/٢٩٤.

(٣) مختار الصحاح: ١٥١.

(٤) القاموس المحيط ٢/١٦٧٥.

(٥) مجمع البحرين: ٤٥١.

           

١٦٦

نزل ، والمحِلّ : المكان الذي تحلّه ...».

الحلّة في كتب المؤرّخين :

تناول العديد من المؤرّخين وأصحاب الرحلات التاريخية مدينة الحلّة ، وذكروا تأسيسها على يد الأمير صدقة المزيدي عام (٤٩٥ هـ) ، وأشاروا إلى أهمّيتها التاريخية المتميّزة ومكانتها العلمية والأدبية ، وتطرّقوا أيضاً لذكر موقعها الجغرافي المتميّز حيث خصوبة التربة واعتدال المناخ وطيب الهواء ونقائه ، وكانت هذه الصفات سبباً لتسميتها بالحلّة الفيحاء ، وإليك بعض ما كتب عنها :

الحلّة في رحلة ابن جبير(١) :

قال الرحّالة محمّـد بن أحمد بن جُبير الكناني المتوفّى عام (٦٤١ هـ) عند ذكره مدينة الحلّة :

«هي مدينة كبيرة عتيقة الوضع مستطيلة لم يبق من سورها إلاّ حلق من جدار ترابي مستدير بها ، وهي على شطّ الفرات يتّصل بها من جانبها الشرقي ويمتدّ بطولها ، ولهذه المدينة أسواق حفيلة جامعة للمرافق المدنية والصناعات الضرورية ، وهي قوية العمارة كثيرة الخلق متصلة حدائق النخيل ، وألفينا بها جسراً عظيماً معقوداً على مراكب متّصلة من الشطّ إلى الشطّ تحفّ بها من جانبها سلاسل من حديد كالأذرع المفتولة عُظماً وضخامة ترتبط إلى خشبة مثبتة في كلا الشطّين تدلّ على عظم الاستطاعة والقدرة ، أمر الخليفة بعقده على الفرات اهتماماً بالحاج واعتناء بسبيله ،

__________________

(١) رحلة ابن جبير: ١.

           

١٦٧

وكانوا قبل ذلك يعبرون في المراكب فوجدوا هذا الجسر قد عقده الخليفة في مغيبهم ولم يكن عند شخوصهم إلى مكّة شرّفها الله ، وعبرنا الجسر ظهر يوم الأحد المذكور ونزلنا بشطّ الفرات على مقدار فرسخ من البلد ، وهذا النهر كاسمه فرات هو من أعذب المياه وأخفّها ، وهو نهر كبير زاخر تصعد فيه السفن وتنحدر ، والطريق من الحلّة إلى بغداد من أحسن الطرق وأجملها في بسائط من الأرض وعمائر تتصل بها القرى يميناً وشمالاً ، ويشقّ هذه البسائط أغصان من ماء الفرات تتسرّب بها وتسقيها ، فمحرثها لاحَدَّ لاتساعه وانفساحه ، فللعين في هذه الطريق مسرح انشراح وللنفس مزيد انبساط وانفساح ، والأمن فيها متصل بحمد الله سبحانه وتعالى».

الحلّة في رحلة بنيامين(١) :

في هذه الرحلة تطرّق الرحّالة بنيامين بن يونة التطلي الأندلسي اليهودي(٢) إلى ذكر اليهود وخرائب بابل القديمة فقال :

«خرائب بابل : هي بابل الكبرى القديمة ، لم يبق منها اليوم سوى الأطلال الدارسة ، وتمتدّ هذه الخرائب إلى مسافة ثلاثين ميلاً ، ويشاهد فيها بقايا قصر بخت نصّر ، والناس تخاف الولوج فيه لكثرة ما به من عقارب وأفاعي ، وفي بقعة تبعد نحو ميل واحد عن هذه الأطلال يقيم عشرون ألفاً من اليهود ولديهم كنيس عتيق البنيان منسوب إلى النبي دانيال يؤمّونه لأقامة الصلاة فيه ، بناؤه من الحجر المتين المهذّب والآجر ، وفي بابل بقايا أتون من النار الذي طرح فيه حنينه وميشائيل وعزرية على مقربة من قصر بخت

__________________

(١) رحلة بنيامين: ١٤٠ ـ ١٤١.

(٢) كان حياً عام ٥٦١ هـ. وهو تاريخ رحلته كما جاء ذلك في ص٢٩ من رحلته.

           

١٦٨

نصّر ، وتسمّى الأراضي المنبسطة التي حول بابل (بقعة دوره) وهي معروفة عند الجميع ، وعلى بعد خمسة أميال منها الحلّة فيها نحو عشرة آلاف يهودي ، عندهم أربع كنائس ، أوّلها الربي مئير وفيها قبره ، والثانية الربي زعيري بأرحامه وفيها قبره أيضاً ، ويقيم اليهود فريضة الصلاة في هذه الكنائس كلّ يوم ، ومنها على مسيرة أربعة أميال برس نمرود».

الحلّة في معجم البلدان :

قال ياقوت الحموي (المتوفّى عام ٦٢٦ هـ) في معجم البلدان(١) :

«علم لعدّة مواضع ، وأشهرها حلّة بني مزيد : مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمّى الجامعين ، طولها سبع وستّون درجة وسدس وعرضها اثنتان وثلاثون درجة ، تعديل نهارها خمس عشرة درجة ، وأطوال نهارها أربع عشرة ساعة وربع ...».

وفي مراصد الإطّلاع(٢) للشيخ صفيّ الدين عبـد المؤمن البغدادي (المتوفّى ٧٩٣ هـ) قوله :

«الحِلّة بالكسر والتشديد : عدّة مواضع ، أشهرها حلّة بني مزيد : مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمّى الجامعين ، أوّل من عمّرها سيف الدولة صدقة بن منصور بن علي المزيدي ، وكانت منازل آبائه الدور من النيل ...» إلى آخر ما قاله ياقوت في معجم البلدان.

__________________

(١) معجم البلدان ٢/٢٩٤.

(٢) مراصد الإطّلاع ١/٤١٩.

           

١٦٩

الحلّة في رحلة ابن بطّوطة(١) :

قال الشيخ الرحّالة محمّـد بن عبـد الله بن بطّوطة (كان حيّاً عام ٧٥٧ هـ) عند ذكر مدينة الحلّة :

«... ونزلنا بئر ملاحة وهي بلدة حسنة بين حدائق نخل ، ونزلت بخارجها وكرهت دخولها لأنّ أهلها روافض. ورحلنا منها الصبح فنزلنا مدينة الحلّة ، وهي مدينة كبيرة مستطيلة مع الفرات وهو بشرقيها ، ولها أسواق حسنة جامعة للمرافق والصناعات ، وهي كثيرة العمارة ، وحدائق النخل منتظمة بها داخلاً وخارجاً ودورها بين الحدائق ، ولها جسر عظيم معقود على مراكب متصلة منتظمة فيما بين الشطّين تحفّ بها من جانبيها سلاسل من حديد مربوطة في كلا الشطّين إلى خشبة عظيمة مثبتة بالساحل ، وأهل هذه المدينة كلّهم إمامية اثنا عشرية ، وهم طائفتان : إحداهما تعرف بالأكراد ، والأخرى تعرف بأهل الجامعين ، والفتنة بينهم متصلة والقتال قائم أبداً ، وبمقربة من السوق الأعظم بهذه المدينة مسجد على بابه ستر حرير مسدول وهم يسمّونه مشهد صاحب الزمان ، ومن عاداتهم أن يخرج في كلّ ليلة مائة رجل من أهل المدينة عليهم السلاح وبأيديهم سيوف مشهورة ، فيأتون أمير المدينة بعد صلاة العصر فيأخذون منه فرساً مُلجماً أو بغلة كذلك ويضربون الطبول والأنفار والبوقات أمام تلك الدابّة ، ويتقدّمها خمسون منهم ويتبعها مثلهم ويمشي آخرون عن يمينها وشمالها ، ويأتون مشهد صاحب الزمان فيقفون في الباب ويقولون :

__________________

(١) رحلة ابن بطوطة ١/١٣٨.

           

١٧٠

باسم الله يا صاحب الزمان باسم الله اخرج قد ظهر الفساد وكثر الظلم وهذا أوان خروجك فيفرق الله بك بين الحقّ والباطل ، ولا يزالون كذلك وهم يضربون الأبواق والأطبال والأنفار إلى صلاة المغرب ، وهم يقولون : إنّ محمّـد بن الحسن العسكري دخل ذلك المسجد وغاب فيه وإنّه سيخرج وهو الإمام المنتظر ...».

وجاء في روضات الجنّات(١) في ذيل ترجمة الشيخ محمّـد بن إدريس الحلّي :

«وأمّا الحلّي فهي نسبة إلى حِلّة بكسر الحاء المهملة على وزن مِلّة ، فهي بُليدة طيّبة جديدة البناء جميلة الهواء جيّدة الفضاء بأرض عراق العرب واقعة على شاطئ الفرات ، يقول في وصفها المولى عبـد الرحمن الجامي :

حلّة جنّة عدن

وعليها غرفات»

وفي موارد الإتحاف(٢) : «إنّ حلّة بني مزيد مدينة شهيرة مزدهرة بالعلماء والفضلاء والأدباء والشعراء من القرن الرابع إلى القرن التاسع الهجري ، وقصدها الناس من سائر أطراف العالم الإسلامي لتحصيل المعارف الإسلامية ، وتخرّج منها العلماء والأدباء ما لا يحصى ذكرهم ، وفي المعاجم ذكر بعض أوصافهم ، وسكنها جماعة من الطالبيّين وتقدّموا فيها».

وجاء في كتاب أصول أسماء المدن والمواقع العراقية(٣) لمؤلّفه المحامي بابان قوله :

«تقع حلّة بني مزيد غربي الفرات أوائل تمصيرها ، وهي على بعد

__________________

(١) روضات الجنّات ٦/٢٨٩.

(٢) موارد الاتحاف ١/١٧٤.

(٣) أصول اسماء المدن والمواقع العراقية ١/٩٧.

           

١٧١

بضعة أميال جنوبي أطلال بابل ، وقد نشأت في هذه البقعة (أرض بابل) حضارات قديمة بابلية وكلدانية وسومرية أطلق عليها العرب اسم (النبط) ، ذلك لمعرفته بأنباط الماء ـ أي استخراجه ـ لكثرة فلاحتهم ، وسمّوا أرضه بالسواد لخضرته بالنخيل والزرع ، وتعرف قديماً باسم (سورستان) ، وإليها ينسب السريانيّون وهم النبط وإنّ لغتهم السريانية ، ومن نبط بابل (الإمام أبو حنيفة) واسم جدّه زوطي نبطي ، ثمَّ أخذ هذا الشعب يمتزج بالفاتحين العرب ويتعلَّم منهم ويدخل في دينهم ... إلى قوله بعد تعداده لبعض قرى الحلّة : وباختصار فإنّ مدينة الحلّة سمّيت كذلك لأنّ بني مزيد حلّوا فيها فصارت حلّتهم ـ أي : محلّتهم ومجلسهم ومجتمعهم ـ ورئيسهم سيف الدولة الذي أنشأها سنة ٤٩٥ هـ. (١١٠٢ م)».

قرى مدينة الحلّة وأعمالها :

لابدّ لنا هنا من الإشارة إلى قرى مدينة الحلّة وأعمالها بشكل عامّ وموجز مع التعريف بأهمّ قُراها العلمية وذلك لانتماء وانتساب العديد من العلماء والأدباء إليها ـ وإنَّ من أولئك العلماء الأفذاذ من يذكر ويُعرَف بأسماء تلك القرى ، أمثال الفقيه الفاضل الشيخ المقداد السيوري ، والشيخ الجليل كمال الدين عبـد الرحمن العتايقي ، والحافظ الشاعر الشيخ رجب البرسي ، وغيرهم كثير ـ وكذلك أيضاً لما كانت تمثّله تلك القرى من روافد حيّة متدفّقة وفيرة العطاء تمدّ وتغذّي أرض الفيحاء بشرايين الحياة الاقتصادية المتمثّلة في الزراعة والتجارة من جهة ، وبالنهضة الفكرية العلمية العملاقة المتمثّلة بتدفّق رجال العلم والأدب إليها من جهة أخرى ، وللتعرّف على أسماء تلك القرى بشكل عامّ والعلمية منها بشكل خاصّ نذكرها هنا

 

١٧٢

بإيجاز نقلاً عن كتاب تاريخ الحلّة(١) للشيخ يوسف كركوش ، وهي كما يلي :

١ ـ الإسكندرية : منسوبة إلى اسكندر المقدوني ، بلدة في أرض بابل.

٢ ـ الأميرية : منسوبة إلى الأمير ، من قرى النيل من أرض بابل ، ينسب إليها أبو النجم بدر بن جعفر الضرير الشاعر ، توفّي سنة ٦١١ هـ.

٣ ـ بابِل : بكسر الباء ، اسم ناحية منها الكوفة والحلّة ، واسم مدينة خراب بقرب الحلّة.

٤ ـ بَتّا : بالفتح وتشديد الثاني ، مقصور ، وقد يكتب بالياء أيضاً ، وهي قرية ببلدة الحلّة ...

٥ ـ بَرْبِيسْيا : بفتح الباء الأولى وسكون الراء وكسر الباء الثانية وسكون السين المهملة ، طسوح في كورة الأستان الأوسط تحت حلّة بني مزيد.

٦ ـ بُرْس : بضمّ الموحّدة وسكون الراء والسين المهملة ، ناحية من أرض بابل وهي بحضرة الصرح صرح نمرود بن كنعان ، وهي الآن قرية معروفة قبل الكوفة ، من هذه القرية الشيخ رجب البرس ، وإليها ينسب عبـد الله بن الحسن البرسي كان من أجلّة الكتّاب وعظمائهم ولي ديوان (باذرويا) في أيّام المعتضد وغيره.

٧ ـ بَرملاحة : بالفتح والحاء المهملة ، موضع من أرض بابل قرب حلّة بني مزيد شرقي قرية يقال لها : القيسونات ، ذكرها الرحّالة ابن بطّوطة

__________________

(١) تاريخ الحلّة ١/٤.

           

١٧٣

في رحلته(١) فقال : «هي بلدة حسنة بين حدائق النخيل ...».

٨ ـ بَرْمنايا : بفتح أوّله وسكون ثانيه بعده ميم ونون وألف وياء معجمة باثنتين من تحتها وألف ، موضع بالسواد ...

٩ ـ بَزِيْقِيا : بالفتح ثمّ الكسر وياء ساكنة وكسر القاف وياء وألف ، قرية قريبة من حلّة بني مزيد.

١٠ ـ بَغَلّة : بفتح أوّله وثانيه وتشديد ثالثه ، بلد قريب من الحلّة ...

١١ ـ بَنُوْرا : بالفتح ثمّ الضمّ وواو ساكنة وراء بعدها ألف مقصورة ، تحت الحلّة المزيدية قرب سوراء.

١٢ ـ الحَصّاصة : بالفتح وتشديد ثانيه ، من قرى السواد قرب قصر ابن هبيرة.

١٣ ـ الخالصة : وهي قرية في الصدرين أحد أعمال الحلّة ، نسب إليها أحمد الخالصي ابن أبي الغنائم محمّـد بن زيد من أحفاد محمّـد بن الحسن الزاهد ، ويقال لولده : بنو الخالصي ، وكانوا أهل بيت رياسة وزهد بسورا.

١٤ ـ دارخ : من أعمال الحلّة ، ومن توابعة الشرفية التي هي اليوم قرية من قرى الحلّة التابعة لقضاء الهاشمية ....

١٥ ـ زاقف : قرية من نواحي النيل من ناحية بابل ، نسب إليها أبو عبـد الله محمّـد بن محمود الأعجمي الزاقفي ، قرأ الأدب على الشيخ أبي البقاء عبـد الله بن الحسين العكبري وسافر في طلب العلم ، وفي قاموس الفيروز آبادي(٢) أنّها ـ الزاقفية ـ قرية بالسواد.

__________________

(١) رحلة ابن بطوطة: ٢٣٩.

(٢) القاموس المحيط ٣: ١٤٨ وفيه: والزاقفية بالسواد.

           

١٧٤

١٦ ـ الزاوية : موضع فيه عدّة قرى نفيسة بالصدرين من أعمال الحلّة ...

١٧ ـ سورى : اَلِفه مقصورة بوزن بشرى ، من أرض بابل ، وهي مدينة تحت الحلّة لها نهر ينسب إليها وكورة قريبة من الفرات. وجاء في مجمع البحرين(١) : «سورى كطوبى ـ وقد تمدّ ـ بلدة بالعراق من أرض بابل من بلاد السريانيّين».

أقول :

وهذه القرية هي من قرى الحلّة العلمية المشهورة وقد أخرجت الكثير من العلماء والأدباء الذين ينسبون إليها.

١٨ ـ السِيْب : بكسر أوّله وسكون ثانيه ، وهو نهر في ذنابة الفرات بقرب الحلّة ، وعليه بلد تسمّى باسمه ، منه صباح بن هارون ، ويحيى بن أحمد المقرئ ، وهبة الله بن عبـد الله مؤدّب المقتدر ، وأحمد بن عبـد الوهاب مؤدّب المقتفي.

أقول :

وهي أيضاً من القرى العلمية ، وإليها ينسب الشيخ الفاضل شمس الدين محمّـد بن أحمد بن صالح السيبي القُسِّيني تلميذ المحقّق الحلّي صاحب شرائع الإسلام قدس‌سره.

١٩ ـ سُيور : بضمّ السين مع الياء المخفّفة التحتانية ، هي قرية من قرى الحلّة كما في فهرست والد الشيخ البهائي ، وإليها ينسب أبو عبـد الله

__________________

(١) مجمع البحرين ٢: ٤٥٢.

           

١٧٥

مقداد السيوري الأسدي الذي يروي عن الشهيد محمّـد بن مكّي.

٢٠ ـ شوشه : قرية بأرض بابل أسفل من حلّة بني مزيد ، بها قبر القاسم بن موسى بن جعفر عليه‌السلام ...

٢١ ـ الصدرين : من أعمال الحلّة ، تقدّم ذكره في الخالصة والزاوية.

٢٢ ـ الصروات : كأنّه جمع صروة ، وهي قرية من سواد الحلّة المزيدية ، ردّ إلى واحده ، وقد نسب إليها أبو الحسن علي بن منصور بن أبي القاسم الربعي المعروف بابن الرطلين الصروي ، ولد بها ونشأ بواسط وسكن بغداد.

٢٣ ـ صريفين : قرية من أعمال الحلّة المزيدية ، وفي معجم البلدان لياقوت : «عدّة قرى من بابل ، منها أصل آل الفرات الوزراء عند العباسيّين ، وهم بابليوصريفين ...».

٢٤ ـ العتائق : جمع عتيقة ، وهي قرية شرقي الحلّة المزيدية ، وإليها ينسب كمال الدين عبـد الرحمن بن محمّـد العتايقي صاحب المؤلّفات الممتعة ، واليوم تعرف هذه القرية باسم (العتايج) بإبدال القاف جيماً كما هي القاعدة المتبعة في اللسان الدارج.

٢٥ ـ الغامرية : قرية من أرض بابل قرب حلّة بني مزيد ، منها أصل أبي الفتح بن جيا الكاتب الشاعر.

٢٦ ـ قُبَّين : بالضمّ ثمّ الكسر والتشديد وياء مثنّاة من تحت وآخره نون ، اسم أعجمي لنهر وقرية في سواد الحلّة ...

٢٧ ـ قصر بني هبيرة : مدينة بناها يزيد بن عمر بن هبيرة لمّا ولي العراق من قبل مروان بن محمّـد الأموي ، وقد أخذت هذه المدينة بالاتساع ، ولمّا آلت الخلافة إلى السفّاح اتخذها عاصمة وسمّاها

 

١٧٦

الهاشمية ...

٢٨ ـ قنا قيا : هي من قرى الحلّة الجنوبية ، قال الشيخ يوسف كركوش : «لم أعثر على ذكر لها في كتب معاجم البلدان غير أنّ اسمها ورد ببعض الصكوك القديمة ...».

٢٩ ـ القنطرة : ذكرها ابن جبير في رحلته فقال : «نزلنا بقرية تعرف بالقنطرة كثيرة الخصب كبيرة المساحة ...».

٣٠ ـ القِيْلوية : بكسر أوله وسكون ثانيه ولام مضمومة وواو ساكنة ، قرية من نواحي مطير باد قرب النيل ، إليها ينسب أبو علي الحسن بن محمّـد بن إسماعيل القبلوي.

٣١ ـ قوسان : بالضمّ ثمّ السكون وسين مهملة وآخره نون ، كورة كبيرة ، ونهر عليه مدن وقرى ...

٣٢ ـ المباركة : قرية من قرى النيل ، ورد ذكرها عرضاً في كتب التاريخ.

٣٣ ـ المزيدية : هي قرية من قرى الحلّة الجنوبية ، وقد جاء ذكر اسمها عرضاً في تاريخ الغياثي عند هجوم أسبان على الحلّة ، ولا تزال موجودة الآن ، وفي المراصد(١) جاءت بلفظ : مزيد.

أقول :

هي من قرى الحلّة العلمية المشهورة ، وينسب إليها العديد من العلماء والاُدباء ، أمثال الفقيه العلاّمة الشيخ رضي الدين أبي الحسن علي بن أحمد المزيدي من تلامذة العلاّمة الحلّي قدس‌سره.

__________________

(١) مراصد الاطلاع ٣: ١٢٦٦.

           

١٧٧

٣٤ ـ مطير باد : بلد يقع على النيل ، وهو من أعمال الحلّة ، وتتبعه قرى كثيرة ، وإليها ينسب الشيخ أبو العبّاس أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي تلميذ الشيخ المفيد ، وهو مصنّف كتاب الرجال ، توفّي في مطير باد في جمادى الأوّل سنة (٤٥٠ هـ) وكان مولده في صفر سنة (٣٧٢ هـ).

أقول :

هي أيضاً من القرى العلمية في الحلّة ، ومن أشهر من ينسب إليها العلاّمة الفقيه الفاضل الشيخ زيد الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن طراد المطار آبادي من تلامذة العلاّمة الحلّي قدس‌سره.

٣٥ ـ المشترك : عمل من أعمال الحلّة المزيدية وعدّة قرى ، ينسب إليها علي بن غنيمة بن علي المقرئ ، قدم بغداد وقرأ القرآن بالسبع على الشيخ أبي محمّـد بن علي سبط أبي منصور أحمد الخيّاط وغيره ...

٣٦ ـ المنقوشية : من قرى النيل من أرض بابل.

٣٧ ـ النجيمة : قرية من نواحي النيل بالعراق.

٣٨ ـ نهر الدير : نهر بين فراشا وشطّ النيل من بلد الحلّة.

٣٩ ـ نَرْس : بالفتح ثمّ السكون ، قرية من سواد الحلّة ، وإليها ينسب بعض رجال الأدب والعلم.

٤٠ ـ النورية : قرية من قرى الحلّة ، نزل بها أبو عبـد الله الضرير ، وينسب إليها الحسين بن هدآب بن محمّـد بن ثابت الديري النحوي اللغوي المقرئ الفقيه الشاعر المتفنّن المتوفّى ٥٦٢ هـ.

٤١ ـ النيل : بكسر أوّله بلفظ النيل الذي يصبغ به الثياب ، بلدة تقع

 

١٧٨

على نهر النيل ، وهو يتفرّع من نهر الفرات العظمى ، احتفره الحجّاج بن يوسف الثقفي سنة ٨٢ هـ ، هو عمود عمل قوسان ، يصبّ فاضله إلى دجلة تحت النعمانية ، كانت بلدة النيل مركز الإمارة المزيدية قبل تأسيس الحلّة ، وكان على نهر النيل أربعمائة قرية آهلة بالسكّان ، والآن لا وجود لهذه القرى ، وكان في وسط بلد النيل من قوسان قنطرة (هاسي) على شطّه محكمة البناء ، ولا تزال بقايا هذه القنطرة ...

أقول :

هي من أشهر القرى العلمية في الحلّة التي أنجبت الكثير من العلماء والاُدباء ممّن ينسبون إليها ، وسيأتي تراجم بعض منهم ضمن فصول بحثنا هذا.

٤٢ ـ واسط : قرية قرب مطير باد قرب حلّة بني مزيد يقال لها : واسط مرزاباد ، منها أبو عبـد الله الواسطي الشاعر ...

أقول :

وممّن ينسب إلى هذه القرية أيضاً الفقيه الفاضل الكامل الشيخ كمال الدين علي بن الحسين بن حمّاد الليثي الواسطي تلميذ السيّد عبـد الكريم بن طاووس قدس‌سره.

٤٣ ـ هِرَقلة : بالكسر ثمّ الفتح ، قرية مشهورة من بلد الحلّة من عمل الصدرين ، وإليها ينسب إسماعيل بن الحسن بن الحسين بن علي الهرقلي الذي خرجت على فخذه توثة ، وكان زميل السيّد علي بن طاووس.

٤٤ ـ اليهودية : قال الرحّالة بنيامين : «وفي بقعة تبعد نحو ميل واحد

 

١٧٩

من هذه الأطلال (أطلال بابل) يقيم عشرون ألفاً من اليهود ، ولديهم كنيس عتيق البنيان منسوب إلى النبي دانيال يؤمّونه لإقامة الصلاة فيه ، بناؤه من الحجر المهذّب والآجر». قال الشيخ يوسف كركوش معقّباً على كلام صاحب الرحلة : «لم يُسمِّ هذا الرحالة هذه البقعة ، وقد أطلقت عليها اسم اليهودية بالنسبة إلى ساكنيها ، وهم اليهود».

تأسيس مدينة الحلّة :

اتفق المؤرّخون على أنّ تأسيس مدينة الحلّة الفيحاء (الحلّة الحاضرة) وتمصيرها بشكل رسمي وتأسيس وإنشاء مرافق الحياة فيها كان على يد الأمير سيف الدولة صدقة بن منصور المزيدي وذلك عام (٤٩٥ هـ) ، حيث نزل بها وجعلها سكناً لأهله وأصحابه.

قال ابن الأثير في تاريخه(١) عند ذكره لحوادث عام (٤٩٥ هـ) :

«وفيها بنى سيف الدولة صدقة بن مزيد الحلّة بالجامعين وسكنها ، وإنّما كان يسكن هو وآباؤه قبله في البيوت العربية».

وفي معجم البلدان(٢) قال ياقوت الحموي :

«وكان أوّل من عمّرها ونزلها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي ، وكانت منازل آبائه الدور من النيل ، فلمّا قوي أمره واشتدّ أزره وكثرت أمواله لاشتغال الملوك السلجوقية بركياروق ومحمّـد سنجر أولاد ملك شاه بن ألب أرسلان بما تواتر بينهم من الحروب انتقل إلى الجامعين موضع في غربي الفرات ليبعد عن الطالب ، وذلك في

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٨/٢١٤.

(٢) معجم البلدان ٢/٢٩٤.

           

١٨٠