المقالات والفرق - المقدمة

المقالات والفرق - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الفرق والمذاهب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٧٧

١
٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم والله واسع عليم.

يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اُوتي خيراً كثيراً وما يذكّر إلا اولوا الالباب.

(بقرة ـ ٢١٨ ـ ٢١٩)

به نام خداي مهربان بخشاينده وخداي فراخ كار است ودانا.

بدهد حكمت آن را كه خواهد ، وآن را كه دهد حكمت ، بدرستى كه داده شد نيكى بسيار ، ونه پند گيرد مگر خداوندان خردها.

(ترجمه : نظرى)

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

فرهنگ اسلامی ، که با کتاب خدا وسنت رسول اکرم (ص) وآداب اهل بیت عصمت وطهارت (ع) پایه ریزی شده است ، مقدسترین واستوارترین فرهنگ جهانی است. این فرهنگ ، که پس از چهارده قرن همچنان زنده وپویاست ، بهترین عناصر ومایه های فرهنگ های باستانی از جمله فرهنگ ایرانی را جذب کرده ، تعالی بخشیده ودر بنای خلل نا پذیر وحچت اسلامی به کار برده است.

آثار این فرهنگ درخشان در فراخنای جهان همه جا به چشم می خورد وتلألو آنها در موارد بیشماری خیره کننده است. از جمله این ذخائر گرانبها کتب ورسایلی هستند که در معتبر ترین گنجینه های دنیای شرق وجهان غرب خفته اند ودر لابلای اوراق آنها حاصل تجارب ظاهری وباطنی هزاران رهرو شاهراه علم وایمان بازتاب یافته است.

به جرأت می توان گفت که آثار مکتوب فارسی وعربی به طور عمده ودر اساس ، مبلغ ومروج اندیشه های اسلامی اند. از این رو برای بیرون کشیدن این آثار پر ارزش از زیر گرد غلیظ نسیان هر چه کوشش شود اندک است. بنگاه ترجمه ونشر کتاب ، بر این اساس ونیاز ، مجموعه میراث ایران واسلام را به یاری خداوند بنیان نهاده است.

هدف این است که به اندیشه های اصیل فرهنگ اسلامی جان تازه بخشیم ، ارزش آنها را در پرتو معارف جدید باز شناسیم وبا ارائه سهم پر افتخاری که این افکار در فرهنگ جهانی داشته اند ، اعتماد به نفس روشنفکران مسلمان را تقویت کنیم.

این مجموعه آثار قدما را در رشته های گوناگون معقول ومنقول در بر می گیرد ودر آن ، نخست به نشر امهات کتب ومصنفات معتبری توجه می شود که چشم اندازهایی تازه در جهان اندیشه وذوق گشوده وکلید دروازه های روضات معنوی نوی را به دست داده اند.

بنگاه ترجمه ونشر کتاب امیدوار است به حول وقوه الهی وبا پایمردی وقدم صدق ارباب علم ومعرفت ، در این راه خجسته ، خدمات ارزنده ای تقدیم دارد. ان شاء الله.

مركز انتشارات علمى وفرهنگی

٥
٦

مقدمة للدكتور فؤاد افرام البستاني

رئيس الجامعة اللبنانية سابقاً

لا يبلغ مؤرخ الديانات هدف دراسته الا اذا احاط الى التعمّق في الدين الذي يؤرخ له ، بالفرق والبدع والمقالات المختلفة التي تفرّعت عنه على كر الايام ، والّا اذا قارن بينها جميعا ، ووازن ، وعادل ، وردها الى جذورها وعناصرها من عقائد الدين الاساسية ، وما أثّر فيها من مذاهب الديانات المجاورة واساليب العبادات المنقولة ، وتيارات الفلسفات المتباينة اصلية ودخيلة. من هنا كان الاهتمام الدائب بدراسة الفرق الاسلامية ، قديمة وحديثة ، لا في ديار الاسلام وحدها ، بل في كل معهد عني بالاسلاميات شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا. ومن هنا اقبال بعض المستشرقين على التخصص بتاريخ الفرق الاسلامية تخصصا كادوا يرون فيه اصحاب البيت أنفسهم.

وغنّى عن البيان ما تفرضه هذه الدراسة من على اقوال اصحاب تلك المقالات ومنشى تلك الفرق والبدع. بيد أن الكثير منها ضائع في تدوينه الاصلي ، أو لا تدوين له. انما نقل بالتواتر جيلاً بعد جيل حتى لخّصه اصحاب المختصرات والمؤلفات في البدع والفرق. فكان لابد من الاطلاع على هذه المؤلفات كآثار الشهرستاني ، والبغدادي وابن حزم وما أشبهها. وقد كان لفرق الشيعة منها خاصّة نصيب وافر من اهتمام العلماء ، لما تفرع عنها وتكاثر من فرق معتدلة واخرى غالبة.

اذا ذكرنا كل هذا ، قدرنا قيمة الكتاب الذي نقدمه اليوم للقارثين الكرام. وهو «كتاب المقالات والفرق» تصنيف سعد بن عبدالله بن ابي خلف الاشعري نسبا ، القميّ موطنا وقد صححه ، وقدم له ، وعلق عليه الدكتور محمد جواد مشكور من اساتذة دار المعلمين العليا بطهران. وهو من اقدم الكتب المصنفة في فرق الشيعة ، اذان صاحبه عاش في غضون القرن الثالث للهجرة وكانت وفاته في حدود سنة ٣٠١ هـ وكان من كبار محدثي الشيعة ومن أشهر علمائها أصولاً وفروعاً وتاريخاً وتصنيفاً. ولم يسبقه في التأليف في موضوعه الا ابو عيسى الورّاق محمد بن هارون صاحب كتاب «اختلاف الشيعة» المتوفى سنة ٢٤٧ هـ. وابو محمد

٧

الحسن بن موسى النوبختي ، معاصر صاحبنا الاشعري ، والمتوفى بعده ببضع سنوات ، صاحب كتاب فرق الشيعة الذي طبعه المستشرق الالماني هلموت ريتر في الآستانة سنة ١٩٣١ ، واعاد طبعه السيد محمد صادق آل بحرالعلوم في النجف سنة ١٩٣٦ فظلّ من اقدم المصادر ان لم نقل اقدمها لتاريخ فرق الشيعة ودراسة اقوالها. حتي كشف صديقنا العلّامة الاستاذ سعيد نفيسي من اساتذة جامعة طهران ، عن نسخة لكتاب الاشعري هذا في مكتبة خاصة للاستاذ سلطاني شيخ الاسلامي نائب المجلس الوطني الايراني السابق. فهشّ لهذا الاكتشاف علماء الكلام والفرق الاسلامية. وتفرّع لدراسة هذه النسخة الفريدة النادرة الدكتور مشكور فحقّقها ، وضبطها ، وقارن بينها وبين كتاب النوبختي السابق الذكر في الموضوع نفسه ، مشيراً الى زيادات الاشعري على كتاب سابقه وقد كان امامه ، كما يبدو من المقارنة فنقل منه ، واضاف عليه معلومات وشروحا رفعت من قدره ، وجعلته المصدر المفضّل لدى كبار رجال الشيعة الامامية كالكشي والطوسي ، ومن جاء بعدهما ، يعتمدون على اقواله ، وينقلون اكثر المطالب الخاصة بفرق الشيعة منه ، مؤثرينه على النوبختي لان هذا كان على اماميته ، ميالا الى علم الكلام ، فاسلوبه اسلوب التكلم. اما الاشعري فهو المحدّث الفقيه مادة واسلوبا ، وبالتالي الفائز بثقة القدم واطمئنانهم.

وهكذا ظهر كتاب الاشعري من أتم المصادر وأقدمها في دراسات فرق الشيعة المتتابعة طوال القرون الثلاثة الاولى للاسلام. وقد جمع فاوعى ، فصلّ فاوضح عارضاً لمائة واربع عشرة فرقة ، وملّة ، وبدعة. زاده قيمة ما علّقه عليه المحقّق الناشر من شروح وحواش ، وايضاحات وملحقات في شأن تطور تلك الفرق ، في ٢١٢ فقرة تجاوزت حجم الكتاب الاصلي اردفها بفهارس ثمانية للآيات القرآنية ، والاحاديث ، والاصطلاحات ، والقوافي ، والملل والفرق والمذاهب ، ثم لأسماء الرجال والنساء ، وللكنى ، اخيراً وللبلدان ، والمدن والامكنة. فحق له الشكر والفضل.

هذا ومما لفت نظرنا ، على هامش ذكر الفرق وخصائصها المميزة ، ما أورده المؤلف في كلام على ابن المقفع ، من قول طريف ، غريف يخالف ما تناقله المؤرخون في حكاية وفاته من انه قتل على يد سفيان بن معاوية ، والى البصرة ، بعدان مثّل به وشنّع. وهو القول بأن ابن المقفع «الزنديق» مات منتحرا ، لا قتيلا. وهذا كلام المؤلف بعد أن يذكر حادثة الامان الذي كتبه ابن المقفع لعبدالله بن عليّ الخارج على ابن أخيه ، أبي جعفر المنصور. وهو الامان الذي أثار غضب المنصور على ابن المقفع فكتب الى عامله علي البصرة سفيان ـ ويسميه المؤلف سهوا يزيد ـ بن معاوية بقسم بالله وبالايمان المغلظة ، لئن لم يطلب عبدالله بن المقفع. وكان متوارياً مخافة المنصور ، ولم يقتله ، ليقتله ومن يقي من أهل بيته من آل المهلّب «قال الاشعري» فطلبه يزيد ـ يريد : سفيان ابن معاوية فظفر به. واراد حمله الى المنصور فقتل نفسه. قال بعضهم : انه شرب سماً. وقال بعضهم انه خنق نفسه.

هذا هو الخبر الجديد الطريف في انتحار ابن المقفع ولم يذكره اخذ في ما نعلم ، قبل

٨

الاشعری ولا بعده. انما كان القول المتداول في كتب التاريخ والادب عن وفاة ابن المقفع ما اشرنا اليه من ان والي البصرة سفيان بن معاوية ، وهو عدو ابن المقفع اللدود ، قتله بأمر المنصور. وفصل بعضهم كيفية القتل فقالوا ان سفيان رماه في بئر وغطاها بحجر حتى مات. وقال غيرهم : طرحه في بئر النورة بالحمّام ، فاحترق. وقال ابن المدائني ، في ما نقل ابن خلكان انه امر بتنور فسجر ، ثم امر بابن المقفع فقطعت اطرافه عضوا عضوا ، والقيت في التنور وهو ينظر ، حتى اتى على جميع الجسد ثم اطبق عليه التنور ، وقال : «ليس عليّ في المثلة بك حرج ، لانك زنديق ، وقد أفسدت الناس» وروى الجهشياري هذا الحديث بتفصيل اوفى منتهياً الى النتيجة نفسها من المثلة بابن المقفع ، ومن قول سفيان له ، وهو يحرقه ، والله يا ابن الزنديقة لاحرقنك بنار الدنيا قبل نار الآخرة.

قلنا : واقدم مصادرنا المعروفة حتى اليوم ، في امر ابن المقفع ، البلاذري في انساب الاشراف والجهشياري في «الوزراء والكتاب» وكلاهما معاصران للاشعري توفي البلاذري قبله باثنتين وعشرين سنة ، وتوفي الجهشياري بعده بثلاثين سنة. وهما يذكران القتل صراحة ويعمد الجهشياري خاصة الى تحديد ظروف القتل بتلك التفاصيل التي أوردناه فما عسى أن يكون موقف النقد التاريخي بعد اكتشاف نصّ الاشعري القائل صراحة بالانتحار؟ ولعلّ في طلّاب التاريخ الادبي ومر يدي التحقيق التاريخي من يدفع تحرّي هذه المنطقة فيستفيد ويفيد.

٩
١٠

حياة المصنف

هو سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعريّ القمّيّ من كبار محدثي الشيعة ومن شيوخ رواية محمّد بن جعفر بن قولويه. كان من اشهر علمائنا ورجالنا عدّه الشيخ الطوسي رحمة الله عليه في رجاله من أصحاب الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام وقال : لم اعلم انّه روى عنه (١) وذكر اسمه في باب من لم يرو عن الأئمّة عليهم‌السلام وقال : «سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي جليل القدر صاحب تصانيف وذكرناها في الفهرست ، روي عنه ابن الوليد وغيره ، روى ابن قولويه عن أبيه عنه» (٢).

وذكر اسمه أيضا في كتابه «الفهرست» وقال : «سعد بن عبد الله القمّيّ ، يكنّى أبا القاسم ، جليل القدر ، واسع الأخبار ، كثير التصانيف ، ثقة (٣).

وذكره النجاشي في رجاله وقال : «سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعريّ القمّيّ أبو القاسم شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها ، كان سمع من حديث العامّة شيئا كثيرا وسافر في طلب الحديث ، لقي من وجوههم الحسن بن عرفة ومحمّد بن عبد الملك الدقيقي ، وأبا حاتم الرازي وعبّاس البرقعيّ ، ولقى مولانا أبا محمّد عليه‌السلام ، ورأيت بعض أصحابنا يضعفون لقاءه لابي محمّد ويقولون هذه حكاية موضوعة عليه والله أعلم.

وكان أبو عبد الله بن أبي خلف قليل الحديث ، روى عن الحكم بن مسكين ، وروى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى.

وتوفّى سعد رحمه‌الله سنة أحدى وثلاثمائة وقيل سنة تسع وتسعين و

__________________

(١) رجال الطوسى طبع النجف ١٩٦١ م ص ٤٣١.

(٢) أيضا رجال الطوسى ص ٤٧٥.

(٣) الفهرست للطوسى طبع النجف ١٩٣٧ م ص ٧٥.

١١

مائتين ـ ٢٩٩ ه‍ ـ (١)».

وذكره العلّامة الحلى في القسم الأوّل من رجاله وقال : «سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي يكنّى أبا القاسم ثقة ، توفّى سنة احدى وثلاثمائة وقيل سنة تسع وتسعين ومائتين ، قيل مات يوم الاربعاء السابع والعشرين من شوال سنة ثلاثمائة في ولاية رستم (رستمدار (٢) من بلاد طبرستان) (٣)».

وادعى ابن طاوس في الاقبال الاتفاق عليه حيث قال : اخبرنا جماعة باسنادهم إلى سعد بن عبد الله من كتاب فضل الدعاء المتفق على ثقته وفضله وعدالته (٤). وذكره العلّامة المجلسي في كتاب رجاله المسمّى بالوجيزة وقال في وصفه : وابن عبد الله بن أبي خلف الأشعري ثقة والباقون مجاهيل (٥).

ذكره العلامة آقا مير مصطفى التفرشي في رجاله المسمّى بنقد الرجال قال : ذكره ابن داود في البابين وذكره في باب الضعفاء ، عجيب لانّه لا ارتياب في توثيقه (٦).

وذكره أيضا الحاج شيخ محمّد طه نجف في رجاله المسمّى باتقان المقال في أحوال الرجال قال : سعد بن عبد الله أبي خلف القميّ جليل القدر كثير التصانيف ثقة (٧).

قصة ملاقاته مع الحسن العسكرى عليه‌السلام

روى الشيخ الصدوق في كمال الدين (٨) عن محمّد بن عليّ بن محمّد بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني عن أبي العباس أحمد بن الوشاء البغدادي عن أحمد بن

__________________

(١) رجال النجاشى طبع بومباى سنة ١٣١٧ ه‍ ص ١٢٦.

(٢) وهى الآن من نواحى آمل بمازندران.

(٣) رجال العلامة طبع طهران ص ٣٩

(٤) راجع تنقيح المقال للمامقانى ج ٢ ص ١٧.

(٥) الرجال للمجلسى طبع طهران ص ١٥٣.

(٦) نقد الرجال للتفرشى ص ١٤٩.

(٧) اتقان المقال ص ٦٦.

(٨) كمال الدين وتمام النعمة طبع طهران ص ٢٥١ ـ ٢٥٧.

١٢

طاهر القمي عن محمّد بن بحر بن السهل الشيبانيّ عن أحمد بن مسرور عن سعد بن عبد الله حكاية طويلة هذه خلاصتها :

قال سعد كنت امرأ لهجا يجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ومتعصبا لمذهب الإمامية إلى أن بليت بأشد النواصب فقال ذات يوم وأنا أناظره : تبّا لك ولأصحابك يا سعد انّكم معاشر الرافضة تقصدون على المهاجرين والانصار بالطعن عليهما.

قال سعد : فاوردت عليه أجوبة شتّى فما زال يقصد كلا منّا بالنقض والرد فصدرت عنه مزوّرا قد انتفخت احشائي من الغضب وكنت قد اتّخذت طومارا واثبتّ فيه نيّفا واربعين مسألة من صعاب المسائل لم اجد محيدا عن أن أسأل فيها خير اهل بلدى أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمّد عليه‌السلام فارتحلت خلفه وقد خرج قاصدا نحو مولانا بسرّ من رأى فلحقته في بعض المناهل فوردنا سرّ من رأى فانتهينا إلى باب سيّدنا فاستأذنّا فخرج الاذن بالدخول عليه وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب غطّاه بكساء طبرى فيه ستون ومائة صرّة من الدنانير والدراهم على كلّ صرّة منها ختم صاحبها. قال سعد : فما شبّهت مولانا أبا محمّد عليه‌السلام حين غشّانا نور وجهه إلّا بدرا قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر ، على رأسه فرق بين وفرتين كانّه الف بين واوين وبين يدى مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركّبة عليها قد كان اهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة وبيده قلم إذ أراد أن يسطر به على البياض قبض الغلام على أصابعه فكان مولانا يد حرج الرمانة بين يديه ويشغله بردّها لئلّا يصدّه عن كتبه ما أراد فسلمنا عليه. [قال سعد بن عبد الله بعد حكاية طويلة في فضائل محمّد بن الحسن عليهما‌السلام نظر إلى مولانا قال والمسائل الّتي اردت ان تسأله فاسأل قرة عينى واومأ إلى الغلام ، فسأل سعد الغلام المسائل ورد عليه باحسن اجوبة. ثمّ قام مولانا الحسن بن علي إلى الصلاة مع الغلام وجعلنا نختلف بعد ذلك إلى منزل مولانا عليه‌السلام أياما فلا نرى الغلام بين يديه.

١٣

فلمّا كان يوم الوداع دخلت انا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا انتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما وقال يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد دنا الرحلة واشتد المحنة فنحن نسأل الله عزوجل ان يصلّي على المصطفى جدك وعليّ المرتضى ابيك وعلى سيّدة النّساء أمّك وعلى سيّدي شباب أهل الجنّة عمّك وابيك وعلى الأئمّة الطاهرين من بعدهما وان يصلّي عليك وعلى ولدك ونرغب إلى الله ان يعلى كعبك ويكبت عدوك ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك. قال سعد فلمّا قال هذه الكلمات استعبر مولانا عليه‌السلام حتّى استهلت دموعه وتقاطرت عبراته ، قال يا ابن إسحاق لا تكلّف في دعائك شططا فإنّك ملاقي الله عزوجل في سفرك هذا ، فخرّ احمد مغشيا عليه فلمّا افاق قال سألتك بالله وبحرمة جدك إلا شرفتني بخرقة اجعلها كفنا فادخل مولانا عليه‌السلام يده تحت البساط فاخرج ثلاثة عشر درهما فقال خذها ولا تنفق على نفسك غيرها فانك لن تتعدى ما سألت وان الله تبارك وتعالى لا يضيع اجر من أحسن عملا.

قال سعد فلمّا انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا عليه‌السلام من حلوان على ثلاثة فراسخ همّ أحمد بن إسحاق وأيس من حياته فلمّا أوردنا حلوان رجع كلّ واحد منا إلى مرقده فلمّا حان أن ينكشف اللّيل عن الصبح فتحت عيني فإذا أنا بكافور خادم مولانا أبي محمّد عليه‌السلام وهو يقول احسن الله بالخير عزاكم قد فرغنا من غسل صاحبكم وتكفينه فقوموا لدفنه فانّه من اكرمكم محلّا عند سيّدكم ثمّ غاب عن أعيننا. فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتّى قضينا حقّه وفرغنا من امره.

قال الشهيد الثاني في تعليق الخلاصة هذه الحكاية ذكرها الصدوق في كتاب كمال الدين موضوعة وأمارات الوضع عليه لائحة كما قال النجاشي قبلا ولذا عدّه ابن داود في القسم الثاني من رجاله من الضعفاء الّذين لا اعتماد عليهم ونسب إلى الكشي كونه من أصحاب العسكرى (١).

__________________

(١) راجع : تنقيح المقال فى احوال الرجال ج ٢ ص ١٧.

١٤

قال ابن طاوس في الاقبال : ومن الغريب ان ابن داود ذكره في البابين مع الاتفاق على وثاقته وجلالته وإن كان الداعى لذكره في القسم الثاني تضعيف بعض الأصحاب لقاءه أبا محمّد عليه‌السلام ، وكون الحكاية موضوعة فواضح انّه لا يوجب قدحا فيه. وعن الشهيد الثانى فيما علّقه على رجال ابن داود أنه قال ذكر المصنف لسعد بن عبد الله في هذا القسم عجيب إذ لا خلاف بين أصحابنا في ثقته وجلالته وغزارة علمه يعلم ذلك من كتبهم وإن كان الباعث له على ذلك حكاية النجاشي عن بعض أصحابنا ضعف لقاء العسكري عليه‌السلام فهو أعجب لان ذلك لا يقتضي الطعن بوجه الضرورة (١).

وفي مشتركات الطريحى والكاظمي يفهم ان سعد بن عبد الله بن أبي خلف هو ثقة برواية عليّ بن الحسين بن بابويه ورواية محمّد بن الحسن بن الوليد عنه ورواية أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار عن أبيه عنه وبغير واسطة أبيه كما في اسانيد الفقيه ورواية أبي القاسم ابن قولويه ، عن أبيه وأخيه عنه ورواية حمزة بن أبي القاسم عنه وروايته هو عن أحمد بن محمّد بن عيسى وعن الحكم بن مسكين (٢).

قال المامقاني : يا سبحان ما دعاه إلى عدّ الرجل في الضعفاء مع أنّه لا خلاف ولا ريب بين اثبات هذا الفن في وثاقة الرجل وعدالته وجلالته وغزارة علمه وإن كان الحامل له على ذلك تضعيف بعض الأصحاب لقائه العسكرى عليه‌السلام كما حكاه النجاشي فهو اعجب ، ضرورة ان عدم لقائه وهما في بلدين متباعدين لا يقتضي جرحا فيه ولا طعنا اعوذ بالله من اشتباه ليس له محمل صحيح وخطأ ليس له جابر (٣).

أصله ونسبه : أمّا شيخنا أبو خلف الأشعري فأصله من العرب والأشعريّ بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح العين وكسر الراء نسبة إلى أشعر وهي قبيلة مشهورة من اليمن والأشعر على ما قيل هو نبت بن ادد بن زيد بن يشجب بن عريب ابن زيد بن كهلان بن سبأ ، وإنّما قيل له الأشعر لأن أمّه ولدته والشعر على

__________________

(١) راجع : اعيان الشيعة تأليف السيد محسن الامين طبع بيروت ص ١٩٥٠ ج ٣٤ ص ١٨٩.

(٢) أيضا : اعيان الشيعة ص ١٩٢.

(٣) تنقيح المقال فى أحوال الرجال للمامقانى ج ٢ ص ١٧.

١٥

بدنه (١). وقد هاجر بعض الاشعريين من اليمن إلى الكوفة ومنها إلى «قم».

وجاء في ترجمة تاريخ قم باللّغة الفارسيّة لحسن بن عليّ بن حسن بن عبد الملك القمي المتوفّى في سنة ٨٠٥ ـ ٨٠٦ للهجرة (٢) ، أن أول من هاجر من الاشعريين إلى «قم» اخوان يقال لاحدهما عبد الله وللآخر الاحوص مع فرسانهما وهما ابنان لسعد ابن مالك بن عامر الاشعري في سنة اثنتين وثلاثين يزدجردية وسنة اثنتين وستين للهجرة في يوم النيروز. واستقبلهم يزد انفار رئيس هذه الناحية وانزلهما في بيته واقطع لهما المراتع لابلهما وغنمهما ووهبهما قرية «فرابه» من ناحية قم وكان سبب رحلتهما من الكوفة إلى قم انّه لمّا خرج زيد بن على بن الحسين بالكوفة خرج معه الأحوص بن مالك وبعد قتل زيد اسر الاحوص ووقع في السجن واطلق بعد سنين من السجن ورحل مع أخيه عبد الله إلى إيران ونزلا في قم.

«قال ياقوت الحموى في معجم البلدان (٣) أن اوّل من مصرّ قم طلحة بن الأحوص الاشعرى وكان بدأ تمصيرها في أيام الحجاج بن يوسف سنة ٨٣ للهجرة وذلك أن عبد الرحمن بن الاشعث بن قيس كان امير سجستان من جهة الحجاج ثم خرج عليه وكان في عسكره سبعة عشرة نفسا من علماء التابعين من العراقيين ، فلما انهزم ابن الاشعث وفرّ إلى كابل كان في جملة انصاره اخوة يقال لهم عبد الله والاحوص وعبد الرحمن وإسحاق ونعيم ، وهم بنو سعد بن مالك بن عامر الاشعرى ووقعوا إلى ناحية قم وكان هناك سبع قرى اسم احداها كمندان ، ، فنزل هؤلاء الاخوة على هذه القرى حتى افتتحوها وقتلوا أهلها واستولوا عليها وانتقلوا إليها واستوطنوها واجتمع إليهم بنو عمّهم وصارت السبع قرى سبع محال بها وسميت باسم احداها وهى «كمندان» فاسقطوا بعض حروفها فسميت بتعريبهم «قمّأ» وكان متقدم هؤلاء الاخوة عبد الله بن سعد وكان له ولد قد ربى بالكوفة فانتقل منها إلى قم وكان إماميا وهو الّذي نقل التشيع إلى اهلها فلا يوجد بها سنّى قط.

__________________

(١) اللباب فى تهذيب الانساب لابن الاثير طبع مصر ١٣٥٧ ج ١ ص ٥١.

(٢) تاريخ قم طبع طهران ١٣٥٣ ه‍ ص ٢٤٢ ـ ٢٦٥.

(٣) راجع معجم البلدان مادة قم.

١٦

ومن ظريف ما يحكى انه ولى عليهم وال وكان سنيا متشددا فبلغه عنهم انّهم لبغضهم الصحابة الكرام لا يوجد فيهم من اسمه ابو بكر ولا عمر. فجمعهم يوما وقال لرؤسائهم بلغنى انّكم تبغضون صحابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وانّكم لبغضكم اياهم لا تسمون اولادكم باسمائهم وانا اقسم بالله العظيم لئن لم تجيئونى برجل منكم اسمه ابو بكر او عمر لافعلنّ بكم ولاصنعنّ فاستمهلوه ثلاثة ايام وفتشوا مدينتهم فلم يروا إلّا رجلا صعلوكا حافيا عاريا احول اقبح خلق الله منظرا اسمه ابو بكر لانّ اباه كان غريبا استوطنها فسمّاه بذلك ، فجاءوا به. فشتمهم وقال : جئتمونى باقبح خلق الله وامر بصفعهم. فقال له بعض ظرفائهم ايّها الأمير اصنع بى ما شئت فانّ هواء قم لا يجيء منه من اسمه ابو بكر احسن صورة من هذا فغلبه الضحك وعفا عنهم».

مصنفاته

قال النجاشى : (١) صنّف سعد بن عبد الله كتبا كثيرة (٢) وقع إلينا منها :

كتب الرحمة (٣) : ١ ـ كتاب الوضوء ٢ ـ كتاب الصلاة ٣ ـ كتاب الزكاة ٤ ـ كتاب الصوم ٥ ـ كتاب الحج ...

وكتبه (أى كتب الرحمة) خمسة كتب فيما روته العامة ، مما يوافق الشيعة :

٦ ـ كتاب الوضوء ـ ٧ ـ كتاب الصلاة ـ ٨ ـ كتاب الزكاة ـ ٩ ـ كتاب الصيام ١٠ ـ كتاب الحج ـ ١١ ـ كتاب بصائر الدرجات (٤) ـ ١٢ ـ كتاب الضياء في الردّ

__________________

(١) راجع ، رجال النجاشى ص ١٢٦.

(٢) ذكر له السيد محسن الامين العاملى ٣٧ مصنفا (راجع ، اعيان الشيعة ص ١٨٨ ـ ١٩١).

(٣) وهى تشتمل على كتب جماعة (الفهرست للطوسى ص ٧٥) قال محمد بن على بن شهرآشوب ، من كتبه الرحمة مشتمل على كتب جماعة : كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج وجوامع الحج (معالم العلماء لابن شهرآشوب المتوفى ٥٨٨ ، عنى بنشره عباس اقبال ، طهران ١٣٥٣ ه‍ ص ٤٧).

(٤) كتاب بصائر الدرجات أربعة اجزاء (الفهرست للطوسى ص ٧٦) ، كتاب بصائر الدرجات نحو من الف ورقة (معالم العلماء ص ٤٧) وقد ذكر اعجاز حسين النيسابورى الكنتورى فى كتابه الموسوم بكشف الحجب والاستار عن اسماء الكتب والاسفار : منتخب بصائر الدرجات للشيخ حسن بن خالد الحلى ، وكتاب البصائر لسعد بن عبد الله بن ابى خلف ، وذكر فيه احاديث من الكتب الاخرى مع تصريحه باسانيد لئلا يشتبه ما يأخذه عن كتاب سعد لغيره. (راجع : كشف الحجب والاستار طبع كلكته ١٣٣٠ ه‍ ص ٥٥٩).

١٧

على المحمديّة والجعفرية (١) ـ ١٣ ـ كتاب فرق الشيعة (٢) ـ ١٤ ـ كتاب الرد على الغلاة ـ ١٥ ـ كتاب ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ـ ١٦ ـ كتاب فضل الدعاء والذكر ـ ١٧ ـ كتاب جوامع الحج ـ ١٨ ـ كتاب مناقب رواة الحديث ١٩ ـ كتاب مثالب رواة الحديث ـ ٢٠ ـ كتاب المتعة ـ ٢١ ـ كتاب الرد على على بن ابراهيم بن هاشم في معنى هشام ويونس ـ ٢٢ ـ كتاب قيام الليل ـ ٢٣ ـ كتاب الرد على المجبّرة ـ ٢٤ ـ كتاب فضل قم والكوفة (٣) ـ ٢٥ ـ كتاب فضل ابى طالب وعبد المطلب وابى النبىّ (٤) ـ ٢٦ ـ كتاب فضل العرب ـ ٢٧ ـ كتاب الامامة (٥) ٢٨ ـ كتاب فضل النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ٢٩ ـ كتاب الدعاء ـ ٣٠ ـ كتاب الاستطاعة ـ ٣١ ـ كتاب احتجاج الشيعة على زيد بن ثابت في الفرائض ـ ٣٢ ـ كتاب النوادر ـ ٣٣ ـ كتاب المنتخبات (٦) رواه عنه حمزة بن القاسم خاصة ـ ٣٤ ـ كتاب المزار ـ ٣٥ ـ كتاب مثالب هشام ويونس ـ ٣٦ ـ كتاب مناقب الشيعة (٧).

قال النجاشى : اخبرنا محمّد بن محمّد والحسين بن عبيد الله والحسين بن موسى ، قالوا : حدثنا جعفر بن محمّد قال حدثنا أبى واخى قالا : حدثنا سعد بكتبه كلّها. قال الحسين بن عبيد الله رحمه‌الله : جئت بالمنتخبات إلى أبى القاسم بن قولويه رحمه‌الله

__________________

(١) كتاب الضياء فى الامامة (الفهرست للطوسى ص ٧٦ ؛ معالم العلماء ص ٤٧)

(٢) وقد ذكر الشيخ الطوسى فى فهرسته ص ٧٦ ، وابن شهرآشوب فى معالم العلماء اسم هذا الكتاب : مقالات الامامية.

(٣) كتاب فى فضل قم والكوفة (الفهرست للطوسى ص ١٧٦).

(٤) كتاب فى فضل عبد الله وعبد المطلب وابى طالب عليهم‌السلام (الفهرست للطوسى ص ١٧٦)

(٥) ن ـ ل ، كتاب الامانة.

(٦) كتاب المنتخبات نحو الف ورقة (الفهرست ص ١٧٦).

(٧) واضاف الشيخ الطوسى وابن شهرآشوب على هذه الكتب كتابا آخر وهو «فهرست كتب ما رواه» (انظر ، الفهرست ١٧٦ ، معالم العلماء ص ٤٧) راجع أيضا ، البغدادى : إيضاح المكنون فى الذيل على كشف الظنون عن اسامى الكتب والفنون ج ٢ ص ١٨٨ ، ١٩٨ ، ١٩٩ ، ٢٦٦ ٢٧٢ ، ٣١١ ، ٣٤٩ ، ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، ٦١٥ أيضا : معجم المؤلفين تأليف عمر رضا كحاله ج ٤ ص ٢١١ و ٢١٢.

١٨

اقرأها عليه فقلت : حدّثك سعد فقال : لا بل حدثنى ابى واخى عنه وانا لم اسمع من سعد إلّا حديثين (١).

قال الشيخ الطوسى في الفهرست : اخبرنا بجميع كتبه ورواياته عدة من أصحابنا عن محمّد بن على بن الحسين بن بابويه إلّا كتاب المنتخبات فانى لم اروها عن محمّد بن الحسن الا اجزاء قرأتها عليه واعلمت على الأحاديث التى رواها محمّد بن موسى الهمدانى ، وقد رويت عنه كلما في كتاب المنتخبات مما اعرف طريقه من الرجال الثقات واخبرنا الحسين بن عبيد الله (٢).

وقد روى عنه كتاب آخر باسم «طبقات الشيعة».

قال العلّامة المعاصر الشيخ آقا بزرگ الطهرانى في كتاب مصفى المقال في مصنّفى علم الرّجال : وفي النجاشى ، ذكره سعد في «طبقات الشيعة».

والظاهر انّه اسم كتاب له كما صرّح بذلك النجاشى أيضا في ترجمة هيثم بن عبد الله ، قال ذكره سعد بن عبد الله في الطبقات.

وكذا في منهج المقال في ترجمة هشام بن الحكم ، قال وفي كتاب سعد له كتاب «مثالب هشام ويونس» وكتب على بن ابراهيم بن هاشم القمى رسالة في معنى هشام بن يونس والظاهر أنها في بيان حالهما والذبّ عن تلك المثالب ، ولذا عبّر النجاشى عن كتاب سعد بمثالبهما. وعن رسالة ابن ابراهيم بمعنى هشام ويونس (٣).

__________________

(١) رجال النجاشى ص ١٢٧.

(٢) الفهرست ص ٧٦.

(٣) مصفى المقال فى مصنفى علم الرجال ص ١٨٦.

١٩
٢٠