المطالب العالية من العلم الإلهي - ج ١

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]

المطالب العالية من العلم الإلهي - ج ١

المؤلف:

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]


المحقق: الدكتور أحمد حجازي السقا
الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٦

١
٢

٣
٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

مقدّمة المحقّق

الحمد لله رب العالمي. والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد ، بن عبد الله ، وعلى آل بيته الأطهار ، وأصحابه الأخيار ، والتابعين لهم بالخير ، إلى يوم الدين.

وبعد

فهذا هو كتاب : «المطالب العالية ، من العلم الإلهي» للإمام الجليل : محمد بن عمر بن الحسين : الشهير بفخر الدين الرازي ، المتوفى سنة ٦٠٦ ه‍. وهو كتاب في علم الكلام ، لم يطبعه أحد من قبل أن نطبعه. ومخطوطاته تحتوي على تسعة أجزاء :

الجزء الأول : في الدلائل الدالة على إثبات الإله لهذا العالم المحسوس ، وبيان أنه واجب الوجود لذاته.

والجزء الثاني : في الدلائل الدالة على التوحيد والتنزيه.

والجزء الثالث : في ذكر الصفات الإيجابية. وهي : كونه سبحانه قادرا ، عالما ، حيا ، سميعا ، بصيرا ، متكلما ، باقيا ، حكيما.

والجزء الرابع : في مباحث الحدوث والقدم ، وأسرار الدهر والأزل.

والجزء الخامس : في الزمان والمكان.

٥

والجزء السادس : في الهيولى.

والجزء السابع : في الأرواح العالية والسافلة [النفس]

والجزء الثامن : في النبوات. وما يتعلق بها.

والجزء التاسع : في الجبر والقدر ، أو القضاء والقدر.

٦

موضوع الكتاب

وموضوع «المطالب العالية» هو الكلام في ذات الله تعالى وصفاته. ففي مقدمة الكتاب في الفصل الأول يقول المؤلف : «الوجه الأول من الوجوه الموجبة للشرف : شرف الأمر المبحوث عنه في ذلك العلم. وذلك في هذا العلم. هو ذات الله تعالى وصفاته».

وعلماء المسلمين يسمون العلم الذي يبحث عن «الله. وصفاته» : ١ ـ علم العقيدة. ٢ ـ أو علم التوحيد. ٣ ـ أو علم الكلام. وهو يسمى بعلم العقيدة. لأن البحث فيه عن وجود الله. ومن اعتقد في وجود الله ، يلزمه القول بإثبات النبوات ، والملائكة ، والبعث من الأموات ، وسائر الأمور السمعية التي ورد بها الوحي. وهو يسمى بعلم التوحيد. لأن أبرز مسألة تبحث فيه. هي دلائل وحدانية الله عزوجل. وهو يسمى بعلم الكلام. لأن أشهر مسألة كثر فيها الجدل بين المسلمين ، هي مسألة «كلام الله تعالى» فالمعتزلة قالوا : إن الكلام مخلوق محدّث. لقوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ، إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) [الأنبياء ٢] والأشاعرة قالوا : «الذكر الذي عناه الله ـ عزوجل ـ ليس هو القرآن. بل هو كلام الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ووعظه إياهم» (١).

__________________

(١) الإبانة في أصول الديانة. لأبي الحسن الأشعري.

٧

ومن علماء المسلمين من سمى العلم الذي يبحث عن الله وصفاته بالفلسفة الإسلامية. والسبب في ذلك : أن الفلسفة في أصل نشأتها كان غرضها : «تفسير نظام الكون ، بأسره. والبحث عن العلل الأولى ، لجميع الموجودات» وهذا الغرض تكلم فيه المسلمون.

يقول (١) الأستاذ الدكتور حسين آتاي ، عميد كلية الإلهيات بجامعة أنقره :

«ومن خلال اطلاعنا على ما كتب عن هذا العالم الكبير ـ فخر الدين الرازي ـ وعلى ضوء ما توصلنا إليه من نتائج ، نستطيع أن نقول : إن «الرازي» قد لعب دورا كبيرا في علم الكلام ، والفلسفة الإسلامية. ويمكن إيجاز ذلك في نقطتين :

الأولى : إنه استوعب فلسفة «أرسطو» التقليدية ، ثم كان أول من أدخل هذه الفلسفة في علم الكلام. ونتيجة لما قام به «الرازي» أصبح علم الكلام : فلسفة ، ويمكن أن نقول بعبارة أخرى : إنه جعل تلك الفلسفة : كلاما. وهكذا امتزج علم الكلام بالفلسفة ...

والثانية : وإذا كان «الرازي» قد أدخل الفلسفة في علم الكلام. فإنه على ضوء فلسفة «أرسطو» التقليدية ، قد اعطى اتجاها جديدا لعلم الكلام. فأثر بذلك على الفكر الإسلامي. وقد ظهر تأثير «الرازي» جليا في غيره من خلال بقاء العديد من العلماء والمفكرين ؛ أسرى اتجاهه ، ومنهجه بعد ذلك.

ويبدو واضحا لمن يقارن «المحصل» مع متن «طوالع الأنوار» للقاضي «عبد الله بن عمر البيضاوي» المتوفى سنة ٦٨٥ ه‍ : أن أول من اقتفى أثر «المحصل» هو «القاضي البيضاوي» في متنه المذكور. وهو لم يكتف بالسير على نهج «المحصل» فحسب ، بل اقتبس منه العبارات والتعاريف والتعابير والاصطلاحات. ومع ذلك لم يشر ـ لا من قريب ولا من بعيد ـ للرازي. ولكن

__________________

(١) تقديم الدكتور حسين آتاي لكتاب «محصل أفكار المتقدمين» للرازي.

٨

الشارح «شمس الدين بن محمود بن عبد الرحمن الأصفهاني» المتوفى سنة ٧٤٩ ه‍ قد ذكر لفظ «الإمام» مشيرا إلى «الرازي» وبذلك مهد الإمام «الرازي» طريقا ومنهجا جديدا في علم الكلام ، لمن أتى من بعده ، مثل «عضد الدين ، عبد الرحمن ، بن أحمد الإيجي ، القاضي» المتوفى سنة ٧٥٢ ه‍.».

٩
١٠

مؤلّف الكتاب

«٥٤٣ ـ ٦٠٦ ه‍»

حياته :

هو ـ الإمام الجليل ـ محمد ، بن عمر ، بن الحسين ، بن الحسن ، بن علي ، ويكنى بأبي عبد الله ، وأبي المعالي ، وأبي الفضل ، واشتهر بين الناس بابن الخطيب ، ويلقب بفخر الدين ، وبشيخ الإسلام. وأكثر المؤرخين ينسبونه (١) إلى «أبي بكر» الصديق ـ رضي الله عنه ـ وقد ولد في مدينة «الري» وموقعها الآن شرقي «طهران» عاصمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية. في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة من الهجرة (٢). وذكر المستشرق «براون» أن مولده كان في سنة أربع وأربعين وخمسمائة. وهي توافق سنة ألف ومائة وتسعة وأربعين من الميلاد (٣). ويقول «القفطي» : إنه انتقل الى الدار الآخرة في ذي الحجة من سنة ست وستمائة من الهجرة. وكثيرون يقولون : إنه انتقل إلى الدار الآخرة في غرة شوال من سنة ست وستمائة في مدينة «هراة».

ثناء العلماء عليه :

١ ـ يقول صاحب «الوافي بالوفيات» عن الإمام فخر الدين : «اجتمع له

__________________

(١) محقق الكتاب «مصري» ينتسب إلى «خالد بن الوليد» رضي الله عنه.

(٢) البداية لابن كثير ج ١٣ ص ٥٥.

(٣) تاريخ الأدب في إيران ص ٦١٥.

١١

خمسة أشياء ما جمعها الله في غيره ـ فيما علمته من أمثاله ـ وهي : سعة العبارة في القدرة على الكلام ، وصحة الذهن ، والاطلاع الذي ما عليه من مزيد. والحافظة المستوعبة. والذاكرة التي تعينه على ما يريده في تقرير الأدلة والبراهين».

٢ ـ ويقول صاحب «طبقات الشافعية» : إنه «إمام المتكلمين»

٣ ـ ويقول الشاعر ابن عنين عنه :

ماتت به بدع تمادى عمرها

دهرا ، وكان ظلامها لا ينجلي

وعلا به الإسلام أرفع هضبة

ورسا سواه في الحضيض الأسفل

٤ ـ ويقول صاحب «روضات الجنات» : إنه «مجدد المائة السادسة» ٥ ـ ويقول الإمام السيوطي عنه في منظومته التي يذكر فيها كبار العلماء :

والسادس : الفخر : الإمام الرازي

والشافعي مثله يوازي

٦ ـ ويقول صاحب «تاريخ الحكماء» : «كان من أفاضل أهل زمانه. بذّ القدماء في الفقه وعلم الأصول والكلام والحكمة. ورد على «أبي علي بن سينا» واستدرك عليه ، وكان عظيم الشأن. وسارت مصنفاته في الأقطار ، واشتغل بها الفقهاء».

٧ ـ وجامعة الأزهر تعد كتاب «المطالب العالية» من أمهات الكتب. يقول الاستاذ الشيخ صالح موسى شرف. عضو هيئة كبار العلماء وعضو مجمع البحوث الإسلامية: «ولما كان علم التوحيد ـ ويسمى علم الكلام ـ له هذه المنزلة العظيمة في تأصيل هذه العقيدة والدفاع عنها : عني المتكلمون قديما وحديثا بالتأليف فيه ، وتباروا في ذلك. فمنهم المقتصد ومنهم المتعمق ومنهم المتوسط. وكان من أشهر الكتب المتعمقة والمشتملة على الأمور العامة التي يحتاج إليها المستدل على حدوث العالم ، ومنه على وجود الصانع : كتاب «المطالب العالية» لفخر الدين الرازي. و «العقائد النسفية» للنسفي. وكتاب «المواقف» للإيجي ـ

١٢

شيخ السعد التفتازاني ـ وكتاب «طوالع الأنوار» للبيضاوي. وكتاب «المقاصد» للعلامة السعد التفتازاني» (١).

٨ ـ وشارح المقاصد ـ وهو سعد الدين التفتازاني ، مسعود بن عمر بن عبد الله ـ يشير إلى الإمام فخر الدين أثناء شرحه بلقب «الإمام» ومن عباراته : «ذهب الإمام الرازي إلى أن تصور العلم : بديهي» ـ «وصرح الإمام» ـ «وقد أطنب الإمام فيها بتكثير الأمثلة»

ويقول الأستاذ الشيخ صالح موسى شرف : «إن السعد في «مقاصده» ينقل كثيرا من كتاب «المواقف» ومن «المطالب العالية» ومن كتاب «الشفاء» و «النجاة» و «القانون» لابن سينا ، وغير ذلك. وأنه تارة ينقلها بالمعنى وتارة يزيد أو ينقص منها» (٢).

٩ ـ ومن الكتب المعتبرة عند الإمامية في علم الكلام : كتاب اسمه : «تجريد الاعتقاد» للشيخ «الطوسي» المتوفى سنة ٦٧٢ ه‍. ولهذا الكتاب شرح اسمه : «كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد» للعلامة «الحلى» المتوفى سنة ٧٢٦ ه‍. وقد علق على الكتابين المذكورين ، الشيخ السيد هاشم الحسيني الطهراني» وسمى التعليق «توضيح المراد. تعليقة على شرح تجريد الاعتقاد» ومن ينظر في هذه الكتب يجد فيها آراء الإمام الرازي ، كما يجدها في «مقاصد السعد» رحمه‌الله فالشارح العلامة «الحلى» يقول : «أقول : ذكر فخر الدين في إبطال تعريف الوجود : وجهين» (٣). والمعلق الشيخ «الطهراني» يقول : «قول الشارح : وهي : إن الوجود والعدم ، لا يمكن تحديدهما : هذه القضية نتيجة لمقدمتين ، هما : إن الوجود ، وكذا العدم : بديهي. والبديهي لا يمكن تحديده. أما الصغرى. فقد قال الرازي بعد اعترافه ببداهة الوجود تصورا : إنها غير بديهية التصديق ، وسيأتي كلامه ... الخ»

__________________

(١) شرح المقاصد ـ مكتبة الكليات الأزهرية ـ التقديم.

(٢) المرجع السابق ص ١٣.

(٣) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ص ١٣ طبعة بيروت ١٣٩٩ ه‍.

١٣

وعلق على قول الشارح : «ذكر فخر الدين» بتعريف للإمام فخر الدين ، نقله عن «القفطي» والقفطي ذكر في نهايته : «والرازي هذا : أشعري الأصول ، وشافعي الفروع» ثم قال المعلق عن الإمام فخر الدين «لم يكن الرجل مشتهرا بالنصب» (١) أي ليس من أئمة الشيعة المشهورين.

من مؤلفات الإمام فخر الدين الرازي

أجمع العلماء على أن للإمام فخر الدين الرازي : كتبا كثيرة. يقول ابن كثير عنها : «إنها تقرب من مائتي مصنف» ومن كتبه :

١ ـ التفسير الكبير ٢ ـ الأربعين في أصول الدين ٣ ـ أساس التقديس ٤ ـ محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ٥ ـ شرح عيون الحكمة لابن سينا ٦ ـ اعتقادات فرق المسلمين والمشركين.

وقد عدت له كتب كثيرة ، على أنها مستقلة. وتبين أنها أبواب أو أجزاء ، من كتبه الكبيرة. مثل كتاب النبوات. فإنه جزء من المطالب العالية. ومثل كتاب النفس. وإنه الجزء السابع من المطالب. ومثل القضاء والقدر. وهو الجزء التاسع من المطالب.

__________________

(١) توضيح المراد ـ تعليقة على شرح تجريد الاعتقاد طبعة ١٣٨١ ه‍ مطبعة المصطفوي ج ١ ص ٦ ـ ٧.

١٤

توثيق الكتاب

١ ـ يقول ناسخ مخطوطة دار الكتب المصرية عن كتاب «المطالب العالية من العلم الإلهي» :

لمحمد الرازي : كتاب «مطالب»

جمعت عبارته : جميع غرائب

بدقائق وحقائق ورقائق

ولطائف ومعارف وعجائب

هو فخر دين ، حافظ ومفسر

ولكل فن قد أجاد لطالب

فعليه من فيض الإله : عواطف

بمراحم ومكارم ومواهب

وبجنة الفردوس في دار البقاء

بتنعم ومآكل ومشارب

الله نافع قارئ بعلومه

ومعلم. ولسامع ولكاتب

وصلاة ربي دائما وسلامه

للمصطفى ولآله وأقارب

ما قيل قولا في الجواب لسائل

لمحمد الرازي كتاب «مطالب»

ويرد الناسخ بهذه الأبيات : إن عبارة : «لمحمد الرازي كتاب مطالب» تدل على تاريخ نسخ المخطوطة ـ بحساب الجمّل ـ على حسب التأريخ بالشعر ، الشائع في عصره. ومجموع أرقام العبارة : ثمانمائة وأربعة وستون.

٢ ـ وجاء في بعض مخطوطات الكتاب : تاريخ انتهاء تأليف كل جزء.

٣ ـ وقد شرح المؤلف كتاب «عيون الحكمة» لابن سينا. وقال في شرحه في الفصل السابع ما نصه :

١٥

«الحجة الثالثة : لو كانت الإنسانية كلية لكان التعيّن زائدا على الماهية. وذلك محال. لأن التعين من حيث إنه تعين ، يكون أيضا صفة ماهية كلية ، وكان يجب افتقاره الى تعين آخر. ولزم التسلسل. وهنا وجوه كثيرة في الإشكالات ذكرناها في الكتاب المسمى : «المطالب العالية» إذا عرفت هذا فنقول : إن الشيخ ـ ابن سينا ـ شرع في هذا الموضع في بيان أن الصورة الذهنية ، كيف تكون كلية؟ فذكر فيه وجهين ... الخ (١).

٤ ـ وذكر ابن أبي أصيبعة في «عيون الأنباء» أن كتاب المطالب العالية من تأليف الإمام فخر الدين الرازي. وهو في ثلاثة مجلدات.

٥ ـ وقال ابن تيمية الحراني عنه في كتاب : بيان موافقة صريح المعقول : «كتاب المطالب العالية : آخر ما صنفه الإمام وجمع فيه غاية علومه».

٦ ـ والشيخ ابن قيم الجوزية في كتابه : الروح. نقل عبارات مطولة للإمام فخر الدين الرازي من كتابه «الأرواح العالية والسافلة» وهو الجزء السابع من المطالب العالية.

٧ ـ وقد ادعى (٢) باحث من كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة. بأن الجزء الثامن وموضوعه «النبوات وما يتعلق بها» هو آخر اجزاء «المطالب العالية» ودعواه مردودة عليه بما يلي :

أولا : إن المؤلف أشار في مقدمة المطالب العالية إلى أنه سيتكلم في القضاء والقدر. قال : إن القسم الرابع في أفعال الله تعالى على ثلاثة أقسام. و «القسم الثالث : الكلام في القضاء والقدر».

ثانيا : المؤلف قال في الفصل الثاني من القسم الأول من «النبوات وما يتعلق بها» ما نصه :

أ ـ «المقدمة الأولى في بيان أن القول بالجبر حق. أعلم : ان الكلام في

__________________

(١) ص ٨٧٥ شرح عيون الحكمة رقم ٥٤١ فلسفة وحكمة ـ مخطوطة الأزهر.

(٢) فخر الدين الرازي وآراؤه الكلامية ـ محمد صالح الزركان ـ رحمه‌الله.

١٦

تقريره سيأتي بالاستقصاء في كتاب مفرد».

ب ـ فثبت بهذه الوجوه الخمسة عشر : أن القول بالجبر حق. وتمام الكلام في هذا الباب سيأتي في الكتاب التاسع إن شاء الله تعالى»

ومعنى هذا : أن الكتاب التاسع ، وموضوعه : «الجبر والقدر» أو «القضاء والقدر» هو آخر «المطالب العالية» وليس «النبوات».

ثالثا : إن مخطوطات «المطالب العالية» الموجودة في «مصر» منها مخطوطات كاملة الأجزاء ، ومنها مخطوطات ناقصة الأجزاء. وكتاب «الجبر والقدر» موجود في مخطوطات أربعة في مصر ، وموجود في «تركيا» منفردا في مخطوطة لأسعد أفندي.

١ ـ مخطوطة «لا له لي» وتشتمل على ثلاثة اجزاء فقط. تشتمل على المجلد الثالث. وفيه : ١ ـ الأرواح العالية والسافلة [جزء ٧] ٢ ـ النبوات. وما يتعلق بها [ج ٨] ٣ ـ الجبر والقدر [ج ٩]

٢ ـ مخطوطة (م) دار الكتب المصرية.

٣ ـ مخطوطة (طا) مكتبة طلعت. رقم ٥٨١.

٤ ـ مخطوطة (و) دار الكتب القومية. رقم ١٩٨٣.

٥ ـ مخطوطة أسعد أفندي.

ومن الادعاءات : أن المؤلف لم يتم كتاب «النبوات» وسبب هذا الادعاء أنه جاء في آخر مخطوطة ـ نقل النساخ عنها ـ ما نصه : «الفصل الرابع في تحقيق الكلام في السحر المرتب على الصور. اعلم : أن «تنكلوشا» قد أكثر في كتابه من هذا النوع. ولا بدّ من تحقيق الكلام فيه». وهذا النص يوحي بأن الكتاب ناقص. لعدم وجود الفصل. والحق: أن هذا النص مقحم على الاصل من سهو الكاتب. والدليل على ذلك :

١ ـ إن بعض المخطوطات لم تذكر هذا النص. منها مخطوطة طلعت [ط] رقم ٤٩٢ ومخطوطة تيمور [ت] والمخطوطات المشابهة لها.

١٧

٢ ـ إن الكلام عن «تنكلوشا» مذكور داخل القسم الثالث من كتاب النبوات.

٣ ـ إن المخطوطات التي ذكرت هذا النص ذكرت قبله : علامة [انتهى] وهي واضحة تمام الوضوح في مخطوطة «أسعد» التي يقول كاتبها : «وقع الفراغ من نقل هذا الكتاب من نسخة نقلت من خط المصنف في الخامس من شوال سنة أربعين وستمائة»

٤ ـ إن كتاب «الجبر والقدر» جاء في بعض المخطوطات بعد كتاب «النبوات» ولو أن المدعي على علم بما في المخطوطات ، لما قال بالنقص في النبوات. وإنما كان يقول : أ ـ بالنقص في «الجبر والقدر» ذلك لأن المؤلف قال في مقدمته : إنه سيرتبه على ثلاث مسائل. والكتاب كله في مسألة «خلق الأفعال» ب ـ وبأن المؤلف انتقل إلى رحمة الله تعالى من قبل أن يتكلم في : المعاد. وفي الأخلاق.

١٨

مخطوطات الكتاب

أما عن مخطوطات «المطالب العالية من العلم الإلهي ، فهي :

١ ـ مكتبة «لا له لي». رقم ٢٤٤١ ويوجد في «مصر» منها صورة المجلد الثالث ويحتوي على : الأرواح العالية والسافلة ـ النبوات ـ الجبر والقدر. ورمزها [ل] في التحقيق.

٢ ـ دار الكتب المصرية. رقم ٤٥ ورمزها [م]

٣ ـ طلعت. رقم ٥٨١ وهي تحتوي على الأجزاء التسعة. ورمزها [ط] وفي الجزء السابع والثامن والتاسع يكون رمزها [طا]

٤ ـ طلعت. رقم ٤٩٢ وهي تحتوي على الجزء السابع والثامن. ورمزها [ط]

٥ ـ دار الكتب القومية. رقم ١٩٨٣ ورمزها [و]

٦ ـ تيمور. رقم ٩ ورمزها [ت]

٧ ـ مكتبة الأزهر. رقم ١٩٦١ ورمزها [ز]

٨ ـ مكتبة أسعد أفندي رقم ١٢٨٤ ورمزها [س] وكتاب الجبر والقدر منفصل عن الأجزاء الثمانية.

١٩

٩ ـ مكتبة راغب باشا. رقم ٨١٠

١٠ ـ مكتبة عاشر أفندي. رقم ٥٥٨

١١ ـ مكتبة عاطف. رقم ١٣٦٨

١٢ ـ مكتبة يني. رقم ٧٥٥

والمخطوطات التي اعتمدنا عليها في التحقيق. هي المخطوطات الثمانية الأول. وقد عرفنا أن :

أ ـ لا له لي ـ طلعت رقم ٥٨١ ـ طلعت رقم ٤٩٢ ـ أسعد أفندي. هذه المخطوطات : نسخ متشابهة.

ب ـ المصرية ـ القومية ـ تيمور ـ الأزهر. هذه المخطوطات : نسخ متشابهة. فإذا رمزنا مثلا بالرمز (م) فإننا نعني مجموع النسخ المتشابهة ، التي منها مخطوطة (م) وإذا ورمزنا بالرمز (ط) فإننا نعني مجموع النسخ المتشابهة ، التي منها مخطوطة (ط)

وطريقة التحقيق كانت هكذا :

في الجزء الأول. كانت مخطوطة (ز) هي الأصل. وفي الثاني (و) هي الأصل. والثالث (م) هي الأصل. وفي الرابع (ت) هي الأصل. وفي الخامس (ت) هي الأصل. وفي السادس (م) هي الأصل. وفي السابع (م) هي الأصل. وفي الثامن (ت ، و) هما الأصل. وفي التاسع (م) هي الأصل. ثم روجع كل جزء على بعض النسخ المشابهة للأصل ، وهذه هي المرحلة الأولى. وكل الأجزاء قد حققت على (ط) أولا ، ثم حققت ثانيا على (س) والمجلد الثالث قد حقق أيضا على (طا ، ل) وهذه هي المرحلة الثانية. وأحيانا نشير إلى رمز نسخة من النسخ المتشابهة ، ونكتفي به عن ذكر ما يشابهه.

ونقدم الشكر للأستاذ الدكتور «حسين آتاي» عميد كلية الإلهيات

٢٠