الطّرائف في معرفة مذاهب الطوائف

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

الطّرائف في معرفة مذاهب الطوائف

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


الموضوع : الفرق والمذاهب
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله كما يستحقه لذاته ويستوجبه بإحسانه إلى مخلوقاته ونشهد أن لا إله إلا هو كما دل عليه بواضح دلالاته وأنه بعث رسلا مشيدة بحججه وبيناته وأوضح الطريق إليه لئلا يكون لأحد حجة عليه.

وبعد فإني رجل من أهل الذمة ولي بذلك على أهل الإسلام ثبوت حرمة فيجب أن لا يعجلوا بذمي على ما أسطره بل يتفكروا في حقيقة ما أذكره فرب ملوم منا لا ذنب له.

وذلك إني مذ نشأت سمعت اختلاف أهل الملل في كل زمان فسافرت بنفسي وخاطري وناظري في العقائد والأديان لأحصل لنفسي السلامة وأفوز برضا الله ودار المقامة وأسلم من الندامة وخطر يوم القيامة.

وإنني عرفت ما بلغ إليه محمد ص ومن اتبعه على ملته فأحببت أن أقدم النظر فيما جاء به وفي حال أتباعه وشريعته فوجدت أكثر أهل الإسلام المالكية والحنفية والشافعية والحنبلية وهم الأربعة المذاهب مذهب مالك ومذهب الشافعي ومذهب أبي حنيفة ومذهب أحمد بن حنبل ولم أرتب

٣

ذكرهم ههنا على حسب ترتبهم في أزمانهم لأن المقصود غير ذلك.

فسألت : هل كان هؤلاء الأربعة من أصحاب نبيهم محمد صلى الله عليه وآله وأهل زمانه؟ فقيل : لا. فقلت : هل كانوا جميعا من التابعين الذين لقوا أصحابه فسمعوا منهم ورووا عنهم؟ فقيل لا بل هؤلاء الأربعة تكلموا فيما بعد وتعلموا العلم وقلدهم أكثر المسلمين.

فقلت : هذا عجيب من هذه الأمة ، كيف تركوا أن يسموا أنفسهم محمدية وينسبوا إلى اسم نبيهم محمد صلى الله عليه وآله ، وكان ذلك أشرف لهم وأقرب إلى تعظيم نبوته وإظهار حرمته ، وليتهم جعلوا مذاهبهم باسم أحد من أهل بيته وعترته أو باسم أحد من صحابته أو باسم أحد شاهد آثارهم وأعلامهم فكيف عدلوا عن ذلك كله وسموا أنفسهم باتباع هؤلاء الأربعة الأنفس؟!

ثم سألت : هل كان هؤلاء الأربعة المذاهب في زمان واحد وعلى دين واحد؟ فقيل : لا بل كانوا في أزمان متفرقة وعلى عقائد مختلفة وبعضهم يكفر بعضا.

فقلت : هذا أيضا عجيب من هذه الأمة التي تذكر أن نبيهم أشرف الأنبياء وأن أمته أشرف الأمم ، فكيف اتفق أكثرهم على الاقتداء بأربعة أنفس على هذا الاختلاف الذي خرجوا به عن طريق نبيهم محمد صلى الله عليه وآله في الاتفاق والايتلاف وتباعدوا بذلك عما يذكرونه من قواعد (١) الأسلاف.

ثم سألت : عن معنى ما تضمنه كتابهم " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " (٢) فقالوا : هذه الآية نزلت على نبيهم في أواخر عمره حيث كمل الله دينه.

فقلت : كان دينه قد تكمل في حياته فما هذا الاختلاف العظيم بعد وفاته

__________________

(١) وفی نسخة اخرى «عوائد الاسلام».

(٢) المائدة : ٣٠.

٤

مع قرب بعض هؤلاء الأربعة المذاهب من الصدر الأول.

فإن كان هذا الاختلاف من الرواة الذين رووا عنهم فقد شهدوا على رواة أحاديثهم بالكذب أو الغفلة أو الضلال وتبديل الإسلام فكيف يوثق بهم فيما نقلوه عنهم وإن كان هذا الاختلاف من هؤلاء الأربعة المذاهب لحاجة دعتهم إلى ذلك أو لطلب ما ضاع والتبس من شرع نبيهم فهذا يدل على أن هؤلاء الأربعة المذاهب قد شهدوا على أن دين نبيهم ما كان محفوظا ولا ترك لهم من يقوم مقامه ويحفظ شرعه ويحتج به عليهم فكيف يجوز الاقتداء بمن يشهد على ربه تعالى ونبيه وشريعته بمثل ذلك وإن كان قد كان تاما محفوظا فأي شيء ضاع منهم غير دينهم وشريعة نبيهم حتى فتشوا عليه واختلفوا لأجله هذا الاختلاف.

وإن كانوا اختلفوا من غير حاجة لهم إلى الاختلاف فقد قبحوا ذكر نبيهم وأساءوا سمعته وزهدوا الناس في اتباع شريعته وزادوا ونقصوا بذلك ما لم يكن في زمانه فكيف يجوز الاقتداء بمن يكون بهذه الصفات.

وإن كان هؤلاء الأربعة الأنفس يزعمون أو يزعم بعضهم أنهم أعرف بالشريعة من ربهم ونبيهم وأنهم يزيدون وينقصون بحسب اختيارهم وأنهم قد أتوا بما لم يأت به نبيهم من الهداية فهذا خلاف عقول العقلاء وضد مذاهب أمم الأنبياء.

ثم قلت لبعض أتباعهم إذا كانوا هؤلاء الأربعة الأنفس في أزمان متفرقة وعلى مذاهب مختلفة فلأي حال كانوا جميعا على صواب مع أن بعضهم يلعن بعضا ويكفر بعضهم بعضا وهلا كان بعضهم على الحق وبعضهم على الباطل أو جميعهم على الباطل فيكون الحق مع من كان قبلهم من الصحابة والتابعين الذين لزموا بمحمد ص وشريعته وتبعوا طريقته التي هي طريقة واحدة.

ثم قلت لبعض أتباعهم كيف اقتصرتم على أربعة أنفس تقتدون بهم فهلا كان الذين يقتدون أكثر عددا أو أقل ومن حدد هذا التحديد وجعل رؤساء

٥

المذاهب أربعة أنفس فحسب وليس هذا التحديد في كتابكم ولا شريعة نبيكم.

ثم ومن العجب أني رأيت في أتباع هؤلاء الأربعة من هو أعلم منهم بكثير. وما أدري كيف صار الاقتداء والاسم لأولئك الأربعة وهلا كان كل واحد من علماء الإسلام الذين مثل أولئك الأربعة أو أفضل منهم يكون قوله والاقتداء به مثل هؤلاء.

ثم أيها المسلمون إن كان أصحاب كل واحد من هؤلاء الأربعة ما اهتدوا إلا بهم ولا عرفوا الشريعة حتى ظهر الذي اقتدوا به فكيف كانت حال آبائهم وأسلافهم فيلزم أن يكون سلف هؤلاء الأتباع قد كانوا ضالين حيث لم يكن لهم واحد من هؤلاء الأربعة وإن كان قد كان لسلفهم مثل واحد من هؤلاء الأربعة أو أفضل فهلا كان اقتداء بأولئك الأوائل والاسم لهم.

ثم قد وقفت على ذم كل فرقة منهم لرئيس الفرقة الأخرى ولفتاويه ولوم جماعته بما أن لو ذكرته طال شرحه فلينظر ذلك في مواضعه ويسأل كل فرقة عن الأخرى.

ومما دل على أنهم تبعوا هؤلاء الأربعة الأئمة عندهم عصبية ومراقبة لطلب الخبز واللحم والوظائف التي في المدارس المنسوبة إليهم والربط قول الموصوف عندهم بأنه حجة الإسلام محمد بن محمد بن أحمد الغزالي في كتاب إلجام العوام عن علم الكلام وهو كتاب وجدته وأصله في وقف الزيدي ببغداد ويذكر أنه آخر كتاب صنفه الغزالي ولا شبهة بأنه آخر العمر وقرب الموت يكون الإنسان أقرب إلى الحق فقال في خطبته ما هذا لفظه اعلم أن الحق الصريح الذي لا مراء فيه عند أهل البصائر هو مذهب السلف أعني الصحابة والتابعين.

أولا تراه قد نبه على إسقاط الاقتداء بالأربعة المذاهب المذكورة.

ثم قلت لبعض المسلمين فهل هاهنا مذهب خامس أو أكثر فقيل بل

٦

هاهنا مذاهب كثيرة فقلت من أكثرها عددا بعد هذه الأربعة المذاهب وأظهرها احتجاجا في الأصول والشريعة فقيل قوم يعرفون بالشيعة منتسبون إلى نبيهم محمد ص وأهل بيته خاصة إلا أن هؤلاء الأربعة المذاهب متفقون أو أكثرهم على بغض أهل هذا المذهب المذكور وعلى عداوتهم في أكثر الأمور.

فقلت والله أن تلزم أهل هذا المذهب المنسوب بنبيهم وأهل بيته أجمل على كل حال وأفضل وأوجب من التلزم بأولئك الأربعة الأنفس الذين ليسوا كذلك وأرى أهل هذا المذهب أقرب إلى الاحتياط في دينهم والاستظهار في معرفة نبيهم ومعرفة ما جاء به لأن خواص كل نبي لم يزالوا أعرف بدينه وشريعته وأقرب إلى الحق من أكثر أمته.

فتشوقت إلى تعجيل معرفة اعتقاد هذه الفرقة المعروف بالشيعة ثم أنظر بعد ذلك في اعتقاد كل واحد من الأربعة المذاهب وأختار لنفسي ما يكون أقرب إلى الصواب وأسلم لي عند الله في الدنيا ويوم الحساب إن شاء الله تعالى.

ولم يصرفني عن هذا العزم كثرة الأربعة المذاهب وكون هذه الفرقة قليلة لأني رأيت أن هذه الفرقة الشيعة وإن كانت ما هي أقل من كل واحد من أولئك الأربعة وإن كان كلهم أكثر منها ولكن ليس الاعتبار بمجرد الكثرة عند ذوي الألباب بل الاعتبار بالحق والصواب لأنه لو كان الاعتبار بالكثرة ما وجب اتباع الأنبياء ولا ثبت شرائعهم لأن كل نبي ظهر فإن الناس كانوا وقت ظهوره كلهم أو أكثرهم مجتمعين على مخالفته ولم يدل ذلك على بطلان نبوته ولما بايعه بعضهم فإن أكثرهم كانوا في أول الأمر مخالفين لهم في ذلك ولم يدل كثرة مخالفيهم على بطلان مذهب القليلين التابعين له.

ولأنني رأيت خيار كل شيء في الدنيا وجيده أقله حتى من كل صامت وناطق ورطب ويابس وإذا اعتبر العاقل ذلك وجده كما قلت.

٧

ومما حملني على تقديم النظر في اعتقاد هذه الفرقة الشيعة إني ما رأيتهم أحدثوا لأنفسهم ولأديانهم من يقتدون به ، وإنما حفظوا الطريق الأول واقتدوا بنبيهم وخواص أهل بيته ، وقد استحسنت هذا الاختيار من الفرقة.

ولقد لقيت جماعة من علمائهم وسألتهم عن اعتقادهم ، فقالوا : ما نكلفك تقليدنا بغير حجة وقد حكمناك في حال إنصافك أن تنظر في كتبنا وتلقى من تقوم به الحجة من علمائنا ، فإن كتبنا المصنفة في أصول الدين وأصول الفقه وفي الشريعة وفي العبادات والآداب والدعوات واللغة والسير وتفاسير القرآن والأخبار وغير ذلك في سائر العلوم والآثار الدينية ما لا نقدر على حصرها لك بقلم ولا بلسان لافتراقها في البلدان وكثرة المصنفين لها في كل زمان. ولنا كتب مجلدة كبار فيها أسماء المصنفين من أصحابنا المتقدمين وعدد بعض تصانيفهم أو كلها وفيهم من له ألف مصنف وفيهم من له أقل أو أكثر ، وإذا كان أسماء مصنفي كتبنا مجلدات فكم يكون عدد تصانيفهم وعدد من لم يصنف من علمائهم ، فاطلب ما تريد من تلك التصانيف فإنك تجد فيها من الأدلة الواضحة والبراهين اللائحة ما يصونك عن خطر التقليد ويوجب لك الاعتقاد بها والعمل بها. فإننا رجعنا في الأمور العقلية الاستعانة بالله ونزهناها عن الأهواء المضلة والأغراض المزلة ومن حب المنشأ وتقليد الرجال وطلبنا الحق أين كان وعلى كل حال ، فظفرنا الله وله الحمد بالحق الذي يشهد ظاهره لباطنه ومفصله لمجمله ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله بألطافه المتواترة وعنايته المتظاهرة.

وأما ما كان من علم الشريعة المحمدية فإننا أخذناه عن نبينا وخواص أهل بيته الذين عرفنا حقيقة عصمتهم وطهارتهم وأمنا من غلطهم وسهوهم واختلافهم ، وأمرنا الله ورسوله بالقبول منهم والأخذ عنهم ، فأرشدونا إلى سبيل الصالح

٨

وأوردونا على منهل الحق الواضح. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم(١).

وإن كان مقصودك الآن سؤالنا أن تسمع صورة اعتقادنا قبل النظر في دلائلنا ، فاعلم أننا نعتقد :

أن لنا ربا واجب الوجود بذاته ، متفردا في صفاته ، قادرا على كل مقدور مختارا في سائر الأمور ، عالما بكل معلوم ، سميعا بصيرا مدركا منزها عن الجسمية والتشبيه وعن ظلم العباد وعن الرضا بما يقع منهم من الفساد ، غنيا واحدا أبديا سرمديا حكيما لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب ، مريدا لما تقتضيه الحكمة والإحسان ، كارها لما تكره الحكمة والعدل من الظلم والكفر والعدوان متكلم بكلام أحدثه بقدرته وأنزله على ملائكته ورسله وأنبيائه وخاصته.

وإن أفعالنا صادرة عنا بحسب دواعينا وأن كل قبيح أو فساد أو نقص فإنه منا ، وإن ربنا جل جلاله منزه عن أفعالنا الذميمة وعما نختاره نحن من الاختيارات السقيمة ، وأننا مختارون ولسنا مكرهين ولا مضطرين ولا مقهورين. وإنه سبحانه خلقنا رحمة لنا وعناية بنا وجودا وتكرما علينا وإحسانا إلينا ، " من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد " (٢).

وإنه جعل لنا عقولا سليمة تشهد عندنا بجملة ما كلفنا إياه وتدلنا على مسالك رضاه. وإنه بعث الأنبياء حجة على من أطاعه وعصاه ، حيث علم أن رسله أهل لتحمل رسالته وأداء أمانته ، وعلم أن عباده محتاجون إلى معرفة تفصيل مراد الله منهم ، فجعل رسله سفراء يأخذ عباده تلك التفاصيل عنهم ، ولئلا يقول الناس

__________________

(١) جمعة : ٤.

(٢) فصلت : ٤٦.

٩

يوم القيامة " ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك " (١) ونكون من المؤمنين ونعتقد أن رسله ع معصومون من الخطإ والزلل ومأمون منهم وقوع السهو والخطإ بحيث تحصل الثقة بما يقولون أنه منه ولا يقع شك فيما يذكرونه عنه.

وأنه ما قبض رسولا حتى أمره أن يوصي إلى من يقوم مقامه في أمته وفيما يجب له في حفظ كتابه وشريعته وأن القائم مقامه على صفات نبيه في العصمة وكلما يجب له يجب للنائب من صفات الكمال ليوثق به في كل ما يتركه أو يفعله ويقتدى به فيه وفي سائر الأحوال لأن الله تعالى علم أن الخطأ جائز على رعية من يقوم مقام نبيه فلم يكن لهم بد من معصوم يرجعون إليه ويحتج به عليهم ويكون تماما للإحسان إليهم وهذا واجب في عدل الله وحكمته وجوده وكرمه ورحمته وهو من تمام التكليف ومن صفات المالك الرحيم اللطيف.

وكيف يريد سبحانه منا مثل مراده من صحابة نبيه ويجعل لهم كتابا ونبيا حافظا للكتاب والشريعة ومبينا لهما ويقتصر بنا على الكتاب وحده وهو محتمل للتأويلات وقد بلغ الاختلاف فيه إلى بعيد الغايات فيقتضي العدل والإنصاف أن يكون لنا مع الكتاب المجيد خليفة للنبي يقوم مقامه ويحفظ كتابه وشريعته وأحكامه.

ولما عرفنا أن نبينا محمد ص كان في ذاته وصفاته على غاية تامة من الدلالة على صدق نبوته وأن الله تعالى زاده تصديقا بالمعجزات الشاه د بثبوت رسالته وأننا رأينا مدة حياته قد أخرجنا الله به من الذل إلى العز ومن الفقر إلى الغنى ومن الهوان إلى الكرامة ومن الكفر إلى الإيمان ومن الخلود في النار إلى الخلود في نعيم دار القرار ومن كل شر كنا عليه إلى كل خير اهتدينا به إليه

__________________

(١) طه : ١٣٤.

١٠

وأنه عليه السلام آثرنا بالدنيا على نفسه الشريفة وعياله وأحسن إلينا إحسانا يعجز اللسان والبيان عن حصر أوصاف كماله وأنه كان من شفقته علينا وإحسانه إلينا إذا أراد سفرا أو بعث عسكرا عين لنا وأوصى بنا إلى من يخلفه في سفره ومن ينوبه في عسكره وأنه ما زال مدة حياته يوصي في كثير من أوقاته بعترته وذريته ويدلنا على أنهم خلفاؤه في أمته ووجدنا أسلافنا قد نقلوا إلينا ذلك خلفا عن سلف نقلا متواترا موجبا للعلم اليقين.

وأن نبينا محمدا ص لم يهمل أمور المسلمين كما يقول عنه بعض الجهال بل دل على من يقوم مقامه في الأنام كما يجب في العقول السليمة والعوائد المستقيمة فإن شئت أن نورد لك شيئا من أخبارنا في ذلك أوردنا منها طرفا فإنها أكثر من أن تحصى أو تستقصى لأمثالنا وإن شئت أن نورد لك بعض ما أورده ورواه مخالفونا من الأربعة المذاهب في كتبهم التي سموها صحاحا واعتمدوا عليها.

قال عبد المحمود بن داود مؤلف هذا الكتاب فقلت للشيعة ما أريد الأخبار التي أوردتموها من طريقكم لأني لا أقتنع أن تزكوا أنفسكم بأخباركم ولا أن يكون شاهدكم منكم بل أريد أن أسمع شيئا من الأخبار التي رواها لكم مخالفوكم من الأربعة المذاهب فإن شهادتهم لكم وروايتهم لتزكيتكم أبلغ في الحجة عليهم وأوضح في الحجة لكم.

فذكر القائل لذلك أن بعض شيعة أهل بيت نبيهم قد نقل في كتاب سماه العمدة (١) تسعمائة وثمانية عشر حديثا بحسب ما وصل إليه تصفحه من كتب

__________________

(١) للشيخ الجليل يحيى بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمد بن البطريق. قال في أمل المطبوع بايران سنة ١٣٠٥ : كان عالماً فاضلا محدثاً محققاً ثقة صدوقاً له كتب منه العمدة ـ انتهى موضع الحاجة. وهذا الكتاب قد طبع بايران سنة ١٣٠٩.

١١

صحاح المخالفين التي يعتمدون عليها وقال إنني أورد لك مما وقفت عليه شيئا يسيرا لأنه ذكر أن الذي وجد في كتبهم مما يحتج به عليهم شيئا كثيرا وقال ينبغي أن تعلم وتحقق أنه ما يلزمنا العمل بما انفردوا به عنا فزكوا به أنفسهم وشهدوا به لمذاهبهم كما أننا ما ألزمناهم ولا احتججنا عليهم بما انفردنا به عنهم.

قال عبد المحمود وسأذكر بعض ما حدثني به عن مشايخ هؤلاء الأربعة المذاهب الثقات عندهم من كتبهم الصحاح بينهم ومن شك في ذلك فلينظر في كتبهم وفي رواياتهم التي أشير إليها ولا ينبغي الشك في شيء منها فإنه أوقفني على كتبهم المتضمنة لما رواه الشيعي عنهم وحكاه فرأيت الأمر كما ذكره محققا إلا أحاديث يسيرة تختص بمناقبه حكاها عنهم صاحب كتاب العمدة التي تقدمت الإشارة إليها فربما ذكرت بعضها واعتمدت على أمانته والدرك فيما ضمن تحقيقه عليه.

وإن نظرت أيها المعتبر شيئا مما اعتمدنا فيه على المذكور ووجدت بعض نسخ أصل ذلك المسطور يخالف ما نقله فلا تعجل بسوء الظن به فلعل النسخة التي نقل منها أصح أو أتم من النسخة التي وقفت عليها فإنا تحققنا أن هذا الشيخ ما ظهر كتابه في حياته وتحدى بصحة ما نقله كل من وقف عليه ولكتابه نسخة بالنظامية ببغداد ويدلك على أن بعض النسخ تختلف أو يكون للناقلين عنها عذر في النقل ما ذكره الثقة عند الأربعة المذاهب أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين في مواضع كثيرة يطول ذكرها.

ولقد اتفق مطالعتي في مسند عبد الله بن مسعود لاعتبار هذا المعنى فوجدت فيه عدة مواضع فمن ذلك في الحديث الرابع والثلاثين من مسند عبد الله بن مسعود من المتفق عليه قال في آخر الحديث المذكور ما هذا لفظه : قَالَ

١٢

أبو مسعود في الأطراف في حديث عبد الواحد " ولقد رآه نزلة أخرى " (١) قال : قال النبي صلى الله عليه وآله رأيت جبرئيل في صورة له ستمائة جناح.

وليس ذلك فيما رأيناه من النسخ ولا ذكره البرقاني فيما أخرجه من الكتابين. قال عبد المحمود ألا ترى الحميدي قد جعل هذا من المتفق على صحته عند البخاري ومسلم في صحيحيهما ومع ذلك فإنه قال وليس فيما رأيناه من النسخ.

ومن ذلك ما ذكره الحميدي في أواخر الحديث السابع من مسند عبد الله بن مسعود من إفراد البخاري ما هذا لفظه ذكر هذا الحديث البرقاني وقال إن البخاري أخرجه وقال قال علقمة وأغفله صاحب الإطراف.

قال عبد المحمود ألا ترى قد أثبته في صحيح البخاري وجعله من إفراده ثم حكى أن صاحب الإطراف أغفله.

ومن ذلك ما ذكره الحميدي في الحديث العاشر من إفراد مسلم من مسند عبد الله بن مسعود قال في آخره ما هذا لفظه : عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثاً وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الْأَسْوَاقِ ذكر ابن مسعود هذا الحديث في إفراد مسلم فحكى فيه ثم الذين يلونهم مرتين ولا تختلفوا فيختلف قلوبكم وليس ذلك في كتاب مسلم (٢).

قال عبد المحمود هذا اللفظ الذي ذكره الحميدي أفلا تراه قد اختلف حكايته عن كتاب مسلم وحكاية ابن مسعود.

ومن ذلك ما ذكره أيضا الحميدي في مسند عبد الله بن مسعود في أوسط

__________________

(١) النجم ١٣.

(٢) وكذلك غير موجود في المطبوع منه صحيح مسلم : ١ / ٣٢٣.

١٣

الحديث الثلاثين من إفراد مسلم : وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ ثُمَّ لَا يُنْجِزُهُ الْوَعْدَ وكذا قال أبو مسعود الدمشقي (١) إن مسلما أخرج هذه الزيادة من هذا الحديث وليس ذلك فيما عندنا من كتاب مسلم هذا آخر لفظ الحميدي.

قال عبد المحمود فيكفي هذا في التنبيه على ما حكيناه وإذا كان هذا قد تجدد في نسخ صحيح البخاري ومسلم كما نقلناه وهم الأربعة المذاهب مصروفة إلى ضبطهما وحفظهما وكان الممكن أن البخاري ومسلما كانا يزيدان في النسخ بحسب ما يصح عندهما فيخرج عنهما نسخة ناقصة ثم يخرج نسخة تامة فكذا يجب أن يعتذر فيما نقله صاحب كتاب العمدة.

واعتمدنا على نقله عنهما وعن الثعلبي ومسند أحمد بن حنبل وابن المغازلي وغير ذلك مع أننا اعتبرنا أكثره فكان كما ذكره.

وما نقلناه مما تركناه مستدركا (٢) في صحة نقلنا عنهم وتحقيقنا منهم وذكر بعض ما رواه وأورده من طريق المخالفين له من الأربعة المذاهب والإشارة إلى الكتب التي يتضمن ذلك وهي من صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري ومن صحيح أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ومن الجمع بين الصحيحين لأبي عبد الله محمد بن نصر الحميدي ومن مسند أحمد بن حنبل ومن الجمع بين الصحاح الستة تأليف أبي الحسن رزين بن معاوية بن عمار العبدري السرقسطي الأندلسي وهو موطأ مالك بن الأنس الأصبحي وصحيح مسلم وصحيح البخاري وكتاب السنن لأبي داود السجستاني وصحيح الترمذي والنسخة الكبيرة من كتاب صحيح النسائي ومن رواية

__________________

(١) وفي النسخة المخطوطة «ابو سعيد الدمشقي».

(٢) وفي الترجمة «مختصر» والذاكر هو صاحب كتاب العمدة ولعل المثير هو أيضاً صاحب كتاب العمدة.

١٤

محمد بن سليمان بن داود النيسابوري الذي قال الخطيب في تاريخ بغداد إنه كان ثقة وإنه كان من الأولياء وإنه فاضل وإنه من المقبولين بمصر والحجاز والشام والعراقين ومن كتاب الولاية ومن رواية الشيخ المتفق على صدقه وورعه وحفظه أبي سعيد مسعود بن أبي ناصر بن أبي زيد السجستاني الحافظ ومن كتاب الفقيه الشافعي أبي الحسن علي بن محمد الخطيب الجلابي المعروف بابن المغازلي الواسطي ومن كتاب الكشف والبيان في تفسير القرآن لأبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ومن كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمي.

وقال إن أوردت أحاديث من غير هذه الكتب المذكورة فسوف أسمي الكتاب الذي فيه الحديث أو التاريخ وأحذف الأسانيد التي أرويها بها اختصارا ولأن المقصود لفظ الحديث دون إسناده فإن إسناده مذكور في الكتب التي أشرت إليها وسوف أبدأ بإيراد الحديث من أحد الكتب المذكورة وأذكر من واقف (١) منهم عليه أو على بعضه وإذا كان الحديث طويلا اقتصرت على المراد منه ونبهت على ما عدلت عنه.

قَوْلُهُ (ص)

(كُنْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ نُوراً بَيْنَ يَدَيِ اللهِ)

ـ فمن ذلك ما رواه أحمد بن حنبل مسنده عن زاذان عن سلمان قال : سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق الله تعالى

__________________

(١) في (خـ) وافق.

١٥

آدَمَ قَسَمَ ذَلِكَ النُّورَ جُزْءَيْنِ فَجُزْءٌ أَنَا وَجُزْءٌ عَلِيٌ : (١)

وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ الْفِرْدَوْسِ (٢) لِابْنِ شِيرَوَيْهِ الدَّيْلَمِيِّ وَرَوَاهُ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِالْمَنَاقِبِ (٣)

قَالا فِيهِ فَلَمَّا خَلَقَ اللهُ آدَمَ رَكَّبَ ذَلِكَ النُّورَ فِي صُلْبِهِ فَلَمْ يَزَلْ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ حَتَّى افْتَرَقْنَا فِي صُلْبِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَفِيَّ النُّبُوَّةُ وَفِي عَلِيٍّ الْخِلَافَةُ :

وَرَوَاهُ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ أَيْضاً فِي طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ص وَقَالَ فِي آخِرِهِ حَتَّى قَسَمَهَا جُزْءَيْنِ جُزْءاً فِي صُلْبِ عَبْدِ اللهِ وَجُزْءاً فِي صُلْبِ أَبِي طَالِبٍ فَأَخْرَجَنِي نَبِيّاً وَأَخْرَجَ عَلِيّاً وَصِيّاً (٤)

كيفية ولادة علي عليه السلام

وأنه عليه السلام لم يزل من حين ولادته مع رسول الله ص

حتى بعث نبيا

٢ : وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ فِي حَدِيثٍ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما السلام قَالَ كُنْتُ جَالِساً مَعَ أَبِي وَنَحْنُ زَائِرُونَ قَبْرَ جَدِّنَا ع وَهُنَاكَ نِسْوَانٌ كَثِيرَةٌ إِذْ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ فَقُلْتُ لَهَا مَنْ أَنْتِ يَرْحَمُكِ اللهُ قَالَتْ أَنَا زَيْدَةُ بِنْتُ قُرَيْبَةَ بْنِ الْعَجْلَانِ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ فَقُلْتُ لَهَا فَهَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ تُحَدِّثِينَّا فَقَالَتْ إِي وَاللهِ حَدَّثَتْنِي أُمِّي

__________________

(١) رواه احمد بن حنبل في فضائل الصحابة ص ٢٠٥ المخطوط «على ما في احقاق الحق ٥ / ٢٤٣».

(٢) كتاب الفردوس في باب الخاء المخطوط «على ما في احقاق الحق ٤ / ٩٢»

(٣) المناقب ط طهران ص ٧٩.

(٤) رواه العلامة المجلسي عن الطرائف في البحار ٣٥ / ٢٤ ، وابن طريق في العمدة ٤٤.

١٦

أُمُّ عُمَارَةَ بِنْتُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ السَّاعِدِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ ذَاتَ يَوْمٍ فِي نِسَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو طَالِبٍ كَئِيباً حَزِيناً فَقُلْتُ لَهُ مَا شَأْنُكَ يَا أَبَا طَالِبٍ قَالَ إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ فِي شِدَّةِ الْمَخَاضِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ مُحَمَّدٌ ص فَقَالَ لَهُ مَا شَأْنُكَ يَا عَمِّ فَقَالَ إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ تَشْتَكِي الْمَخَاضَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَجَاءَ وَهِيَ مَعَهُ فَجَاءَ بِهَا إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَجْلَسَهَا فِي الْكَعْبَةِ ثُمَّ قَالَ اجْلِسِي عَلَى اسْمِ اللهِ قَالَتْ فَطَلِقَتْ طَلْقَةً فَوَلَدَتْ غُلَاماً مَسْرُوراً نَظِيفاً مُنَظَّفاً لَمْ أَرَ كَحُسْنِ وَجْهِهِ فَسَمَّاهُ أَبُو طَالِبٍ عَلِيّاً وَحَمَلَهُ النَّبِيُّ ص حَتَّى أَدَّاهُ إِلَى مَنْزِلِهَا.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع فَوَ اللهِ مَا سَمِعْتُ بِشَيْءٍ قَطُّ إِلَّا وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْهُ (١)

يريد بذلك أنه ما سمع بشيء في شرح ولادة علي ع إلا وهذا أحسن منه.

٣ وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي كِتَابِ تَفْسِيرِهِ لِلْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ) (٢) عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كَانَ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَمَا صَنَعَ اللهُ لَهُ وَزَادَهُ مِنَ الْخَيْرِ أَنَّ قُرَيْشاً أَصَابَتْهُمْ أَزْمَةٌ شَدِيدَةٌ وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ ذَا عِيَالٍ كَثِيرَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ص لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ وَكَانَ مِنْ أَيْسَرِ بَنِي هَاشِمٍ يَا عَبَّاسُ أَخُوكَ أَبُو طَالِبٍ كَثِيرُ الْعِيَالِ وَقَدْ أَصَابَ النَّاسَ مَا تَرَى مِنْ هَذِهِ الْأَزْمَةِ فَانْطَلِقْ بِنَا فَلْنُخَفِّفْ عَنْهُ مِنْ عِيَالِهِ آخِذاً أَنَا مِنْ بَيْتِهِ رَجُلاً وَتَأْخُذُ أَنْتَ مِنْ بَيْتِهِ رَجُلاً فَنَكْفِيهِمَا عَنْهُ مِنْ عِيَالِهِ قَالَ الْعَبَّاسُ نَعَمْ فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا أَبَا طَالِبٍ فَقَالا لَهُ نُرِيدُ أَنْ نُخَفِّفَ عَنْكَ مِنْ

__________________

(١) المناقب ص ٦ والعمدة : ١٤.

(٢) التوبة : ١٠٠.

١٧

عِيَالِكَ حَتَّى يَنْكَشِفَ عَنِ النَّاسِ مَا هُمْ فِيهِ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ إِنْ تَرَكْتُمَا لِي عَقِيلاً فَاصْنَعَا مَا شِئْتُمَا فَأَخَذَ النَّبِيُّ ص عَلِيّاً ع فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَأَخَذَ الْعَبَّاسُ جَعْفَراً فَضَمَّهُ إِلَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ عَلِيٌّ ع مَعَ رَسُولِ اللهِ ص حَتَّى بَعَثَهُ اللهُ نَبِيّاً وَاتَّبَعَهُ عَلِيٌّ ع فَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَلَمْ يَزَلْ جَعْفَرٌ عِنْدَ الْعَبَّاسِ حَتَّى أَسْلَمَ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ (١)

إن عليا عليه السلام

(أول من أسلم وصلى)

٤ وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ عَلِيّاً ع أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ (٢)

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أَيْضاً وَرَوَاهُ أَيْضاً (٣) الشَّافِعِيُّ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ (٤) وَالثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ

٥ وَرَوَى أَيْضاً أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ ص عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (٥)

__________________

(١) الكشف والبيان المخطوط ، ورواه العلامة المجلسي عن الطرائف في البحار ٣٥ / ٢٤.

(٢) رواه أحمد بن حنبل في المناقب «مخطوط» (على ما في احقاق الحق ٧ / ٥٠١)

(٣) منها ما رواه في مسنده ج ٤ / ٣٨ ط مصر ، والبحار : ٣٨ / ٢٥٠ عن زيد بن أرقم قال أول من أسلم مع رسول الله «ص» على رضي الله تعالى عنه.

(٤) المناقب ص ١٥.

(١٥) رواه أحمد بن حنبل في المناقب «مخطوط» (على ما في احقاق الحق ٧ / ٥١٥) ، والبحار ٣٨ / ٢٥١ ، والنسائي في الخصائص : ٢.

١٨

٦ وَرَوَى أَيْضاً أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ عَلِيّاً عليه السلام صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ ص سَبْعَ سِنِينَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ أَحَدٌ (١) ٠

٧ وَرَوَى أَيْضاً الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص صَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيَّ وَعَلَى عَلِيٍّ ع سَبْعَ سِنِينَ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ مَعِي أَحَدٌ غَيْرُهُ (٢)

٨ وَرَوَاهُ أَيْضاً ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص صَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيَّ وَعَلَى عَلِيٍّ ع سَبْعاً وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُرْفَعْ إِلَى السَّمَاءِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا مِنِّي وَمِنْهُ (٣)

٩ ـ وَرَوَى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ أَوَّلَ ذَكَرٍ آمَنَ بِالنَّبِيِّ ص وَصَدَّقَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام (٤)

قَالَ الثَّعْلَبِيُّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْذِرِ (٥) وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ وَأَبِي حَيَّانَ وَالْمُزَنِيِ

١ ، ١٤ ـ ١٠ رَوَى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَالَ لِعَلِيٍّ ع أَيْ بُنَيَّ مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ قَالَ يَا أَبَتِ آمَنْتُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَصَدَّقْتُهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ وَصَلَّيْتُ مَعَهُ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَالَ لَهُ أَمَا إِنَّ مُحَمَّداً ص لَا يَدْعُو

__________________

(١) البحار ١٣٨ / ٢٥١. رواه المحب الطبري في ذخائر العقبى : ٦٠.

(٢) المناقب ص ١٤. البحار ٣٨ / ٢٥١.

(٣) نفس المصدر. وكذا البحار. والعيون والمحاسن ٢ / ٦٦. والارشاد للمفيد : ١٤.

(٤) البحار ٣٨ / ٢٥١. والعيون والمحاسن للمفيد ٢ / ٦٧ ط أولى نجف.

(٥) في (ط) محمد بن المنكدر وهو الصحيح.

١٩

إِلَّا إِلَى خَيْرٍ فَالْزَمْهُ (١).

١١ ـ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ ابْنُ الْمَغَازِلِيِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (٢) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَبَقَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ إِلَى مُوسَى ع وَصَاحِبُ يس إِلَى عِيسَى وَسَبَقَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله علیه وآله (٣)

١٢ ـ وَرَوَى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ أَنَا عَبْدُ اللهِ وَأَخُو رَسُولِ اللهِ وَأَنَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ لَا يَقُولُهَا بَعْدِي إِلَّا كَذَّابٌ مُفْتَرٍ صَلَّيْتُ قَبْلَ النَّاسِ بِسَبْعِ سِنِينَ (٤)

حديث يوم الدار

١٣ ـ وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٥) يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جَمَعَ رَسُولُ اللهِ ص بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلاً الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَأْكُلُ الْمُسِنَّةَ وَيَشْرَبُ الْعُسَّ فَأَمَرَ عَلِيّاً أَنْ يُدْخِلَ شَاةً فَأَدَمَهَا ثُمَّ قَالَ ادْنُوا بِسْمِ اللهِ فَدَنَا الْقَوْمُ عَشَرَةً عَشَرَةً فَأَكَلُوا

__________________

(١) البحار : ٣٨ / ٢٥١ ، وذخائر العقبى : ٦٠.

(٢) الواقعة : ١٠.

(٣) المناقب ص ٣٢٠ ، والبحار ٣٨ / ٢٥١.

(٤) الكشف والبيان «مخطوط» على ما في احقاق الحق ٣ / ٣٨٦ ، والبحار ٣٨ / ٢٥٣ ، وأحمد بن حنبل في فضائل الصحابة «مخطوط» (على ما في احقاق الحق ٤ / ٢٠٩).

(٥) الشعراء.

٢٠