النصّ الجليّ في إثبات ولاية علي عليه السلام

محمد حسين بن الآقا باقر بروجردي

النصّ الجليّ في إثبات ولاية علي عليه السلام

المؤلف:

محمد حسين بن الآقا باقر بروجردي


المحقق: علي أصغر شكوهي قوچاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: الآستانة الرضويّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٥٠

١
٢

٣
٤

مقدّمة المصحح

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين.

وبعد ـ أيّها القارئ الكريم ـ فإنّ هذا الكتاب الّذي بين يديك المسمّى ب «النصّ الجليّ في إثبات ولاية عليّ عليه‌السلام» من تأليفات العالم الجليل المتكلّم الفقيه الأصولي الشيخ حسين بن الآقا باقر البروجرديّ ، المتوفى بعد سنة ١٣٠٦ ه‍.

وهذا الكتاب ، مع ما فيه من الإيجاز والاختصار ، حاو لأبحاث قيّمة ، ومسائل جيّدة حول الإمامة ، وقد اشتمل على مقدّمة وأربعين آية من القرآن الكريم نازلة في شأن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وإثبات خلافته وإمامته ، وذيّل المؤلّف آية بروايات عديدة شاهدة على معنى الآية من كتب الفريقين.

وغير خفيّ وجود تأليفات كثيرة بهذا الأسلوب ، أي إثبات الإمامة من طريق الآيات والروايات ، ولكنّها ليست على حدّ الإحصاء إلى الأربعين من الآيات ، إضافة إلى ما في هذا الكتاب من كثرة المصادر المعتمدة والحاكية عن تضلّع المؤلّف في هذا الباب.

وعلى الرغم ممّا بذلناه من جهد للوقوف على نسخة مخطوطة للكتاب «النصّ الجليّ» إلّا

٥

أنّنا لم نعثر إلّا على نسخته المطبوعة على الحجر سنة ١٣٣٠ ه‍ ، وهذه الطبعة حجرية ذات أغلاط مطبعيّة وغير مطبعيّة ، فقمت بعون الله تعالى باستنساخها وتحقيقها ، وتخريج رواياتها من المصادر المعتبرة.

وإذ عزّ الحصول على نسخ من الطبعة الحجريّة ، نقدّم هذه الطبعة للقرّاء الكرام بصورة محقّقة مرتّبة جامعة لعشرات من المصادر المعتمدة لدى الفريقين ، وأرجو من السادة الأعزّاء إذا وقفوا على موارد من زلّات القلم يعفوا عنها ويهدوها إلينا.

وفي الختام أقدّم جزيل الشكر لسماحة الاستاذ أبو ابراهيم عليّ بصريّ على لإنجاز تشجيعي هذا العمل ، أسأل الله تعالى له السلامة ولوالديه الغفران والرحمة ، وكما أشكر للأخ الفاضل عبد الرحيم المبارك عنايته بالكتاب وما بذله من وقت في مراجعته والفاضلان السيّد السيادة والرضواني.

على أصغر شكوهي قوچانيّ

١٠ / ٤ / ١٣٨٢

٦

لمحة من حياة المؤلّف

انّ كتب التراجم والرّجال مع كثرتها وسعتها لم تسلّط ـ مع الأسف ـ الأضواء على حياة بعض علمائنا الأعلام ، حيث لم تتعرض لذكرهم على الاطلاق أو لم تذكرهم تفصيلا وسيّدنا المترجم العلّامة المولى المتكلّم محمد حسين بن الآقا باقر البروجردي لم يستثن عن هذه الحال ، فبعد ما تصفّحنا كثيرا من كتب التراجم لم نعثر على ترجمة وافية من مشايخه وتلاميذه ، ومحل أخذه العلوم ، ومولده وسنّ وفاته بشكل دقيق سوى ما ذكره العلّامة الخبير الشيخ الآقا بزرك الطهراني رحمه‌الله في كتاب طبقات أعلام الشيعة في القرن الرابع عشر ج ١ / ٥٣٧ ، قال :

الشيخ محمّد حسين بن الآقا باقر البروجردي من أكابر العلماء كان أحد الرجال الأعاظم في عصره ، وكانت له يد طولى في جملة من العلوم الإسلاميّة ، فقد كان متبحرا في الكلام ، ومحقّقا في التفسير ، وماهرا في الفقه ، وبارعا في الاصول ، وثقة في الحديث وغير ذلك من العلوم ، توفّي بعد ١٣٠٦ ه‍ ، وله آثار جليلة وتصانيف هامة منها : النصّ الجلي في إثبات ولاية عليّ عليه‌السلام طبع في سنة ١٣٢٠ ه‍ ، بمباشرة الشيخ آقا نور الدّين نجل المترجم له والمتوفى ١٣٣٦ ه‍ ، وذكر في آخره فهرس تصانيف والده فعدّ منها : لب الأصول والردّ على النصارى وتفسير القرآن الذي ذكرنا في الذريعة ٤ / ٢٧١ ومختصره أسرار التنزيل الّذي ذكرنا في الذريعة ٢ / ٤٣ وشرح حديث الحقيقة عن كميل بن زياد.

ذكر الفاضل المراغي في كتاب المآثر والآثار ص ١٧٣ وعده من علماء عصر السلطان ناصر الدين شاه القاجاري ، وقال ما ترجمته : إنّه مجتهد مسلّم من تلاميذ حجّة الإسلام البروجردي وله إجازات من العلماء جمعها في طومار والظاهر انّه كان في تاريخ التأليف وهو سنة ١٣٠٦ ه‍.

٧

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله على أسبغ نعمائه في موالاة أوليائه الّذي بعث محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكتابه الكريم هداية إلى صراطه المستقيم ، مناهج الآل الكرام ، عترة المصطفى ، سبل السّلام ؛ وصلّى الله على آله وأوصيائه الهداة ، الذين هم أئمّة الدين ، ووسيلة النجاة.

أمّا بعد : فيقول العبد الفاقر محمد حسين ابن آقا باقر عفا الله عنهما في الأوّل والآخر.

إنّه قد صحّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : من حفظ على أمّتي أربعين حديثا من أمر دينها ، بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما (١). فأردت أن أذكر في هذا المختصر من أحاديث خير البشر في مناقب الأئمّة الاثني عشر من صفوة أولاد أبي البشر ما أتوسّل به في يوم الدّين ويعرج به إلى معارج اليقين ، ويهتدى به إلى مناهج الصّدّيقين ، من موالاة الإمام المبين من آل طه ويس ؛ بالإشارة العالية الصّادرة من مصدر المكارم والمعالي ومرجع الأفاضل والأعالي ، وموئل السّادات والموالي ، كفيل مصالح الأمم ، منبع الجود والسّخاء والكرم ، معدن العلم والحلم والحكم ، مجمع المكارم ومحاسن الشّيم (٢) ، خلاصة نتائج اللّيالي والأيّام ، سلالة السّادات الكرام ، نقاوة (٣) الأماجد العظام ، متخدّم الأمراء والحكّام ، منّ الله علينا بوجوده وجوده ، وأتمّ نعمته عليه بإحراق حسوده ، وروّح أرواح أسلافه العظام الماضين ، وأدام بالشّرف والإقبال أعمار الباقين ، وخلّد ظلاله على مفارق المسلمين ، وأبدى آثاره إلى يوم الدّين ، بنشر أحاديث جدّه خير المرسلين ، وأخبار آبائه خلفاء النبيّين صلوات الله عليهم أجمعين (٤).

وسمّيت كتابي هذا ب «النصّ الجليّ في إثبات ولاية عليّ عليه‌السلام» ، وجعلته على مقدّمة وأربعين آية ، كلّ منها قبس من قبسات النور تترى (٥) من جانب الطور.

__________________

(١) من أصحّ الأحاديث المتّفق عليها. ومن المصادر التي نقلته : الخصال للصدوق ٢ : ٣١٩ و ٣٢٠ ؛ روضة الواعظين ٨٠٧ ؛ فردوس الأخبار ٤ : ٩١ ، ح ٥٧٧٨.

(٢) جمع شيمة ، وهو الخلق الحسن. محمد حسين

(٣) النّقاوة : أفضل ما انتقيت من الشيء.

(٤) ذكر المؤلّف هذه الأوصاف لمن أشار عليه بتأليف الكتاب ، لكنّه لم يصرّح باسمه.

(٥) تترى : متواترة. وأتر بين أخباره مواترة ووتارا : تابع.

٨

المقدّمة

فاعلم أنّ المسلمين أجمعوا كافّة ـ إلّا شاذّا لا يعبأ به (١) ـ على وجوب الإمامة والخلافة بعد النبوّة ، واستقصاء البحث فيه موكول إلى الكتب الكلاميّة (٢). وإنّما أذكر هنا نبذا من تلك المباحث العلميّة والمصارع العدليّة.

ثمّ اختلفوا في أنّ وجوب الخلافة عن النبوّة : هل هو من باب الفروع أو الأصول؟ فذهب جمهور العامّة إلى أنّها من الفروع (٣).

إمّا لأنّها مقدّمة السياسات الشرعيّة من الحدود وغيرها الواجبة علينا ، ضرورة (٤) عدم إمكانها إلّا بنصب رئيس قاهر يعين عليها ، كما هو مذهب

__________________

(١) أنكر النجدات ـ وهم قوم من الخوارج أصحاب نجدة بن عامر ـ وجوب الإمامة ، وقالوا إنّها ليست بواجب أصلا. أنظر شرح المقاصد ٥ : ٢٣٥ ، ٢٣٦ ؛ شرح المواقف ٨ : ٣٤٥.

(٢) لاحظ مثلا : غياث الأمم ٢٢ ؛ الإمامة من أبكار الأفكار في أصول الدّين للآمديّ ٦٩ ؛ شرح المقاصد ٥ : ٢٣٥ ؛ الصواعق المحرقة ٧ و ٨ وفيه : إنّ الصحابة أجمعوا على أنّ نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوّة واجب ، بل جعلوه أهمّ الواجبات. وجاء في شرح المواقف ٨ / ٣٤٦ : تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأوّل بعد وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على امتناع خلوّ الوقت عن خليفة وإمام.

(٣) شرح المواقف ٨ : ٣٤٤ ، ٣٥٢.

(٤) اتّفق الشيعة الإماميّة على كون الإمامة أصلا من أصول الدّين ، وبرهنوا على ذلك في كتبهم الكلاميّة ؛ انظر : الإفصاح في الإمامة للشيخ المفيد ٢٧ ـ ٣١ ؛ نهج الإيمان ٣٣ ـ ٤٩.

أمّا أهل السنّة فقد صرّحوا بأنّ الإمامة ليست من الأصول. انظر : الاقتصاد في الاعتقاد للغزاليّ ٢٣٤ ؛ غاية المرام في علم الكلام ٣٦٣ ؛ شرح المواقف ٨ : ٣٤٤ ؛ المحصّل للرازيّ ٤٠٦.

٩

الأشاعرة (١).

أو لأنّها مقدّمة حفظ بيضة الإسلام من استيلاء الكفّار الواجب علينا ، ضرورة عدم إمكانها إلّا بها ، كما هو تقرير بعضهم. ومن هنا قالوا : إنّها تثبت بالاجتهاد واختيار الأمّة ؛ لأنّها من الفروع (٢).

والفروع كلّها تثبت بالاجتهاد من الظّنون والأقيسة والاستحسان وباختيار الأمّة ، لأنّها مقدّمة الواجب ، والمقدّمات تحصيلها موكول إلى المكلّف.

وذهب أصحابنا إلى أنّ الخلافة نيابة إلهيّة عن النبوّة بالنصّ والتسليم ، لا بالرأي والترجيم (٣) ، وبالوحي والتنزيل ، لا بنظر العقل العليل (٤). قال الله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (٥) (٦).

ومن هنا استقرّ مذهب العامّة على اختيار أبي بكر ومن يهوى هواه ، اقتداء للخلف بالسّلف ، والأبناء بالآباء.

واستقرّ مذهب الإماميّة على اختيار عليّ وأولاده الطاهرين عليهم‌السلام ، لأنّه المنصوص عليه من الله ورسوله اتّفاقا (٧).

أمّا الخاصّة فظاهر ، وأمّا العامّة فلأنّه لا نصّ في غيره [أي في غير عليّ عليه‌السلام]

__________________

(١) شرح المقاصد ٥ : ٢٣٧ ، ٢٣٨.

(٢) شرح المواقف ٨ : ٣٤٤ ، ٣٥٢ ؛ شرح المقاصد ٥ : ٢٥٢ ، ٢٥٤ ، ٢٥٦.

(٣) الترجيم : من الرّجم ، وهو التكلّم من غير دليل وبرهان. محمّد حسين

(٤) شرح تجريد العقائد ٣٦٥ ؛ نهج الإيمان ٣٦.

(٥) الأنعام : ١٢٤.

(٦) مفعول لا علم كما هو رأى بعضهم ، أو لفعل مقدّر دلّ عليه المذكور ؛ كما هو مشي بعضهم. أو منصوبة كما عليه بعضهم وهي دالة على مدّعا على كلّ تقدير كما لا يخفى ولقد بيّنا المختار منها في كتابنا الموسوم شرح الصمديّة. محمد حسين

(٧) الأصول من الكافي ١ : ١٨٨ ، ٢٧٥ ؛ شرح تجريد العقائد ٣٨٠.

١٠

اتّفاقا ، ولو كان هناك نصّ من الله ورسوله لكان فيه عندهم أيضا (١).

ونحن نشير في هذا المختصر [إلى] تواتر روايات الفريقين من الأصول والصّحاح المعتبرة في البين على ولاية عليّ عليه‌السلام بالنصّ الجليّ إن شاء الله تعالى.

وإذا ثبت التنصيص من الله ومن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على ولاية عليّ عليه‌السلام بالنصّ الجليّ (٢) ، بطلت خلافة أبي بكر بالاجتهاد والرّأي بالأصل والاعتبار ، وتبعه بطلان خلافة من ينتهي أمره إليه من إخوانه. ولأصحابنا في إثبات ذلك طرق عقليّة ونقليّة :

أمّا العقلية فلأنّ الحاجة إلى الإمام في إقامة الدين وحفظ سنن المرسلين كالحاجة إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فإنّ العلّة المحوجة إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في تمهيد الشرائع هي العلّة المحوجة الى الإمام في استبقائها.

فإنّ الإمامة سادّة مسدّ النبوّة ، قائمة مقامها ؛ فإنّ الحكم الإلهيّة داعية إلى تمهيد النواميس الإلهيّة بإرسال الرّسل في تمهيدها ، ونصب الخلفاء عنهم في حفظها وصيانتها عن التغيير والتبديل ؛ لأنّه من مقدّمات إتمام الحجّة في التكاليف وإيضاح المحجّة ، كما تقرّر في مباحث العدليّة من فنّ الكلام.

ألا ترى كيف بدأ بالخليفة في قصّة آدم عليه‌السلام ، وجعله خليفة في الأرض (٣).

وقد أشار إليه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» (٤) ، رواه أصحابنا متواترا (٥).

__________________

(١) شرح المواقف ٨ : ٣٥١ ، وفيه : تثبت الإمامة ببيعة أهل الحلّ والعقد عند أهل السنّة والجماعة والمعتزلة والصالحيّة من الزيديّة ، خلافا للشيعة ، أي لأكثرهم ؛ فإنّهم قالوا : لا طريق إلّا النّصّ.

(٢) الأصول من الكافي ١ : ١٨٨ ، شرح تجريد العقائد ٣٦٧.

(٣) شواهد التنزيل ١ : ٩٧ ؛ تفسير السمرقنديّ المسمّى بحر العلوم ١ : ١٠٨ ؛ نهج الإيمان ٤٩.

(٤) مسند أحمد بن حنبل ٣ : ٤٤ ، ٩٦ ؛ صحيح مسلم ٦ : ٢١ ، ٢٢ ؛ مجمع الزوائد ٥ : ٢١٨ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩ : ١٤٧ و ١٣ : ٢٤٢ ؛ شرح المقاصد ٥ : ٢٣٩ ؛ كشف الأستار عن زوائد البزّار على الكتب الستّة ٢ : ٢٥٢ ؛ الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ : ٤٩.

(٥) الأصول من الكافي ١ : ١٨٠ ؛ الإفصاح في الإمامة للشيخ المفيد ٢٨ ؛ تحفة الأبرار في مناقب الأئمّة ـ

١١

ورواه من علماء الجمهور الحميديّ في الجمع بين الصحيحين (١).

وهذا نصّ في أنّ لكلّ زمان من أزمنة التكليف إماما يجب على الناس عرفانه ؛ ويشهد به أيضا قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) (٢) (٣).

والإمام في هذا الخبر وهذه الآية هو الحجّة الإلهيّة ، أعمّ من النبيّ والوليّ (٤).

ونصّ على أنّ الإمامة من الأصول (٥) ، ضرورة أنّ الجاهل بالفروع ليس يموت ميتة الجاهليّة ، أي كافرا مشركا زنديقا. وحمله بعض المنافقين على أنّ المراد به هو القرآن (٦).

ويدفعه أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كما في الآية أيضا ـ أضاف الإمام إلى أهل كلّ زمان ، فيختلف باختلاف الأزمنة ، والقرآن واحد.

وأيضا لو أريد به القرآن لاقتضى وجوب تعلّمه على الأعيان (٧) ، وهو خلاف

__________________

الأبرار ١٨٩. وحديث «من مات ولم يعرف ...» من أصحّ الأحاديث المتّفق عليها ، وله ألفاظ أخرى ترجع كلّها الى معنى واحد.

(١) ورواه أيضا أحمد في مسنده ٤ : ٩٦ ؛ والبخاريّ في تاريخه الكبير ٦ : ٤٤٥ ؛ والطبرانيّ في معجمه الأوسط ١ : ١٧٥ ح ٢٢٧.

(٢) الإسراء : ٧١.

(٣) في الجامع لأحكام القرآن للقرطبيّ ١٠ : ٢٩٧ : روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا ...) فقال : كلّ يدعى بإمام زمانهم. وروى الطوسيّ في التبيان في تفسير القرآن ٦ : ٥٠٤ ، عن عليّ عليه‌السلام قال : بإمام عصرهم. وروى العيّاشي في تفسيره (٢ : ٣٠٣) عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، قال : إذا كان يوم القيامة ، يدعى كلّ بإمامه الذي مات في عصره. وجاء في شرح المواقف ٨ : ٣٤٦ : تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأوّل بعد وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على امتناع خلوّ الوقت عن خليفة وإمام. وروى الديلميّ في فردوس الأخبار ٥ : ٤٤٧ قال : أي إمام زمانهم ، وكتاب ربّهم ، وسنّة نبيّهم. وفي تفسير الثعلبيّ ٦ : ١١٥ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يؤتى كل قوم بإمام زمانهم وكتاب ربّهم وسنة نبيهم.

(٤) الألفين ١٢.

(٥) نهج الإيمان ٣٠.

(٦) قال السجستانيّ في تفسير غريب القرآن ١٦ : المراد بإمامهم أي بكتابهم ، ويقال : بدينهم.

(٧) أي الأعيان الشخصيّة. محمّد حسين

١٢

الإجماع على مذهب الحنفيّ ، حيث لا يوجبون تعلّم بعض القرآن أيضا حتّى الحمد ، بل جوّزوا ترجمته في الصلاة ، بل جوّزوا قراءة آية واحدة مثل (مُدْهامَّتانِ) ، بل ترجمتها أيضا (١).

مع أنّ بعض الحنفيّة ، كالأستروشيّ (٢) في فصوله ، والقاضي في المنهاج وشرّاحه جعلوا الإمامة من الأصول أيضا ، ولذا قالوا بكفر من لم يقل بإمامة أبي بكر.

وبلسان آخر : احتجّ أصحابنا بأنّ الإمام لطف في التكليف ، وكلّ لطف واجب ، فنصب الإمام من الله واجب في الحكمة الإلهيّة ، ولا يخلّ بواجب ، ينتج أنّه تعالى قد نصب لكلّ زمان من أزمنة التكليف إماما يتمّ به الحجّة (٣).

وأجابوا عن حجّة العامّة بأنّ إقامة الحدود مشروطة بالتمكّن ، ولا يجب تحصيل مقدّمات التمكّن كالنّصاب في الزّكاة والاستطاعة في الحجّ ؛ فإذا دليلهم عليل لا يشفي الغليل ، مضافا إلى كونه اجتهادا في مقابلة النصّ الجليّ من الله ورسوله على ولاية عليّ عليه‌السلام (٤).

ويشهد بصحّة مذهبنا قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم الثّقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». رواه أصحابنا متواترا (٥).

__________________

(١) الهداية في شرح بداية المبتدي ١ : ٤٨ ؛ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ١ : ١١٠ ـ ١١٢.

(٢) الأستروشنيّ محمّد بن محمود بن الحسين مجد الدين ، مات سنة ٦٣٢ ه‍ ، له كتب : الأوّل كتاب الأحكام الصغائر في الفروع ، طبع على هامش جامع الأصولين سنة ١٣٠٠ ه‍. والثاني : كتاب الفصول في المعادلات ، والثالث فتاوى (الفوائد البهيّة ٨٢).

(٣) شرح تجريد العقائد ٣٦٥ ؛ بصائر الدرجات ٤٨٤ ـ ٤٨٩ ؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ١٦٤ ؛ نهج الإيمان ٣٦ ـ ٤٠.

(٤) نهج الحقّ وكشف الصدق ١٦٨.

(٥) الأمالي للصدوق ٤٦ ؛ إكمال الدين ١ : ٢٣٧ ؛ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٥٧ ؛ الأمالي للمفيد ٤٦ ؛ تحف العقول ٣٤ ؛ الأمالي للطوسيّ ١٦٢ ، ٢٥٥ ، ٥٤٨ ، منهاج الكرامة ١٥٥.

١٣

ورواه الجمهور مستفيضا ؛ بل يكاد أن يكون متواترا (١).

رواه مسلم في صحيحه بإسناده عن زيد بن صبّاغ ، عن زيد بن أرقم في حديث الغدير (٢). ورواه أبو الحسن عليّ بن المغازليّ الشافعيّ بإسناده عن ابن امرأة زيد بن أرقم في حديث الغدير : «ألا وإنّي فرطكم (٣) ، وإنّكم تبعي ، توشكون أن تردوا عليّ الحوض ، فأسألكم حين تلقونني عن ثقليّ كيف خلفتموني فيهما» (٤).

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده عن عليّ بن ربيعة ، عن زيد بن أرقم ؛ وبإسناده عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي قد تركت فيكم الثّقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي ، وأحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله عزوجل حبل ممدود من السّماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ؛ ألا وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» (٥).

ورواه الثعلبيّ بالإسناد عن أبي سعيد : «أيّها النّاس ، إنّي قد تركت فيكم الثّقلين إن أخذتم بهما لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله عزوجل حبل ممدود من السّماء ـ أو قال إلى الأرض ـ وعترتي أهل بيتي ؛ ألا وإنّهما لن يفترقا

__________________

(١) حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة المشتهرة ، رواه علماء المسلمين بأسانيد وألفاظ مختلفة. ومن المصادر التي نقلته :

خصائص الإمام عليّ عليه‌السلام للنسائيّ ٧٠ ح ٧٤ ؛ الذريّة الطاهرة للدولابيّ ١٦٨ ؛ سنن الدارميّ ٢ : ٣١٠ ؛ المعجم الصغير للطبرانيّ ١ : ١٣١ و ١٣٥ ؛ مصابيح السنّة للبغويّ ٢ : ٤٥٥ و ٤٥٧ ؛ فردوس الأخبار ١ : ٩٨ ؛ المناقب للخوارزميّ ١٥٤ ؛ كفاية الطالب ٤٨ ؛ الصواعق المحرقة ٧٥ ، ٨٩ ، ١٣٦.

(٢) صحيح مسلم ٤ : ١٨٧٣ ـ ٧٤.

(٣) قوله : فرطكم بالتحريات العلم المستقيم الّذي يهتدي به (محمّد حسين).

(٤) مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لابن المغازليّ ١٧.

(٥) مسند أحمد بن حنبل ٣ : ١٤ ، ١٧ ، ٢٦ ، ٥٩ ؛ و ٤ : ٣٦٧ ؛ و ٥ : ١٨١ ، ١٨٢ ، ١٨٩ ، باختلاف في بعض الألفاظ.

١٤

حتّى يردا عليّ الحوض» (١).

ورواه ابن المغازليّ في مناقبه بالإسناد عن أبي سعيد الخدريّ في حديث «إنّي تركت فيكم الثّقلين : كتاب الله حبل ممدود من السّماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا ما ذا تخلفوني فيهما» (٢).

ورواه أيضا عن زيد بن أرقم ، كما رواه ابن حنبل سواء ، ورواه عن زيد ، كما رواه مسلم.

ورواه إمام الحرمين (٣) ، وزيد بن معاوية العبدريّ في الجمع بين الصّحاح الستّة ، في الجزء الثالث من الأجزاء من صحيح أبي داود السجستانيّ ، وهو كتاب السنن (٤). ومن صحيح الترمذيّ بالإسناد عن زيد بن أرقم «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السّماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» (٥).

وفي تذكرة الخواصّ لابن الجوزيّ (٦) : أخرجه أحمد في الفضائل وضعّفوه. والعجب كيف خفي عنهم هذا وقد رواه مسلم في صحيحه ، وأبو داود في سننه ، والترمذيّ ، وابن رزين في الجمع بين الصحاح الستّة ، وعامّة المحدّثين؟

__________________

(١) تفسير الثعلبي ٣ : ١٦٣ ، و ٩ : ١٨٦ ، مشكل الآثار ٢ : ٢٥٤.

(٢) مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لابن المغازليّ ١٧ ، ٢٣٤ ـ ٢٣٦.

(٣) انظر : المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٤٨ ؛ العمدة لابن البطريق ٧٠ ح ٨٤.

(٤) العمدة لابن البطريق ٧٠ ح ٨٤ و ٧٢ ح ٨٩ ، ولم أعثر عليه في صحيح أبي داود المطبوع.

(٥) سنن الترمذيّ ٥ : ٦٦٢.

(٦) تذكرة الخواصّ : ٣٢٢.

١٥

وروى ابن الأثير في النهاية في اللّغة (١). وفي الفائق (٢) ، والقاموس أيضا ؛ ففي القاموس : الثّقل «محرّكة» متاع الرّجل ، ونفيس الشيء ومصونه ، ومنه حديث «إنّي تارك فيكم الثّقلين» (٣).

وفي الفائق : الثّقل : المتاع المحمول على الدابّة ، وإنّما قيل للجنّ والإنس «الثقلان» ، لأنّهما قطّان (٤) للأرض. فكأنّهما ثقلاها ، وقد يشبّه بهما الكتاب والعترة في كون الشريعة والدّين تصلح بهما وتعمر كما عمرت الدّنيا بالثّقلين.

وقيل : لأنّ الأخذ بهما ثقيل ، يقال لكلّ خطر نفيس : «ثقل» ، فسمّاهما ثقلين إعظاما لقدرهما ، وتفخيما لشأنهما (٥).

أقول : الثّقل هنا وصف للكتاب والعترة ، فهو محرّك ، كالحسن ، ومعناه الوزين وبالفارسيّة «گران بها» ، ووجه الشبه ظاهر.

فوائد

الأولى : المراد بالعترة أهل بيته ، وهم المذكورون في آية التطهير (٦) والمباهلة (٧) ، وقد استفاضت النصوص في تفسير أهل البيت لعليّ وفاطمة والحسنين عليهم‌السلام.

__________________

(١) النهاية في غريب الحديث والأثر ١ : ٢١٦.

(٢) الفائق في غريب الحديث ١ : ١٧٠.

(٣) القاموس المحيط ٣ : ٥٠٢.

(٤) قطّان جمع قاطن ، ككفّار جمع كافر ، أي الساكنون في الأرض. (محمد حسين)

(٥) الفائق في غريب الحديث ١ : ١٧٠.

(٦) قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) الأحزاب : ٣٣. وسيجيء ذكر آية التطهير في الآية السابعة والعشرين من هذا الكتاب ، إن شاء الله تعالى.

(٧) وهي قوله تعالى (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) آل عمران : ٦١. وسيجيء ذكر آية المباهلة في الآية الرابعة من هذا الكتاب ، إن شاء الله تعالى.

١٦

الثانية : هذا الخبر [حديث الثقلين] نصّ في عدم افتراق العترة عن القرآن والقرآن عن العترة (١) ، فكلّ منهما دليل على الآخر حيثما كان ، ولا خلاف في الأمّة على اختصاص هذا الوصف بعليّ وفاطمة والحسنين عليهم‌السلام من الصحابة.

الثّالثة : وهذا الخبر في عدم مفارقة كلّ من الكتاب والعترة عن الآخر نصّ في عصمة العترة ؛ لأنّ من لا يفارق القرآن فهو معصوم ضرورة (٢). ولا خلاف في أنّ غير عليّ وفاطمة والحسنين صلوات الله وسلامه عليهم من الصّحابة لم يكونوا معصومين ، فانحصر الأمر فيهم (٣).

الرّابعة : هذا الخبر نصّ في أنّ من لم يتمسّك بها (٤) فقد ضلّ.

إذا عرفت هذا فأقول ، وبالله التوفيق وعليه التّكلان (٥) :

__________________

(١) نهج الإيمان ٢٠٢ ؛ تفسير البرهان ١ : ٩ فما بعدها ؛ مسند أحمد بن حنبل ٤ : ١٣٧ ؛ و ٥ : ١٨١ ؛ سنن الترمذيّ ٥ : ٦٦٢.

(٢) لأن عدم المفارقة في الحقيقة أن يعمل بما فيه حقّ العمل ، ومن كان كذلك فله العصمة بالبديهة. محمد حسين.

(٣) نهج الإيمان ٥٣ ـ ٦٧.

(٤) أي بالعترة الطاهرة.

(٥) التوكّل : إظهار العجز ، والاعتماد على الغير ، والاسم : التّكلان.

١٧
١٨

الآية الأولى

من سورة البقرة : قوله تعالى لإبراهيم عليه‌السلام : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ١٢٤.

فإنّه لمّا جمع إبراهيم عليه‌السلام معالي الخصال ، قال له تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) فتمنّى إبراهيم أن يجعله في ذرّيّته إلى يوم القيامة بقوله : (مِنْ ذُرِّيَّتِي) أي : واجعله بعض ذرّيّتي دائما ، وفي ذرّيّتي إلى يوم القيامة.

فأجابه تعالى إلى ذلك باستثناء الظالم بقوله (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١). قوله :

__________________

(١) قال الطبريّ في تفسيره ١ : ٥٣٠ و ٥٣١ «ذكر من قال : لا يكون إمام ظالما : وهم : مجاهد وعكرمة وسفيان وابن عبّاس وغيرهم. وقال إسماعيل بن كثير في تفسيره ١ : ٢٩٤ الظالم لا يصلح أن يكون خليفة ولا حاكما ولا مفتيا ولا راويا. وقال الماورديّ أيضا في تفسيره «النكت والعيون» ١ : ١٨٥ : في تفسير قوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) : إنّ العاصي والظالم لا يستحقّ الإمامة. وجاء في تفسير الزمخشريّ ١ : ١٨٤ : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) عطف على الكاف ، كأنّه قال : وجاعل بعض ذرّيّتي ؛ كما يقال لك سأكرمك ، فتقول : وزيدا. (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) أي من كان ظالما من ذرّيّتك لا يناله استخلافي وعهدي إليه بالإمامة ، وإنّما ينال من كان بريئا من الظلم. وهذا دليل على أنّ الفاسق لا يصلح للإمامة ، وكيف يصلح لها من لا يجوز حكمه وشهادته ، ولا تجب طاعته ، ولا يقدّم للصلاة.

وعن ابن عيينة : لا يكون الظالم إماما قطّ ، وكيف يجوز نصب الظالم للإمامة والإمام إنّما هو لكفّ الظّلمة ، فإذا نصب من كان ظالما في نفسه فقد جاء المثل السائر : من استرعى الذئب ظلم.

١٩

(وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) معطوف على كاف «جاعلك». مثل قولهم : «زيدا» في [قولهم] «سأكرمك وزيدا» ففي الآية قصر الإمامة على ذرّيّة إبراهيم ، وبه بطل إمامة من ادّعى الإمامة من غير ذرّيّته (١) ، وأنّ الإمامة عهد من الله تعالى لا باختيار الأمّة كما يقوله المخالفون (٢) ، وبه بطل إمامة أبي بكر وأخويه مع أنّه كان مشركا و (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٣) (٤).

ومنه بطل إمامته أيضا ، وبه استدلّ أصحابنا على بطلان دعواه الإمامة في الكتب الكلاميّة ، وثبت إمامة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام بالإجماع المركّب ، وعدم القول بالفصل ، ولأنّه من الذرّيّة (٥). ولم يكن ظالما قطّ. ويؤيّد ما ذكرناه قوله

__________________

(١) ذلك أنّ الإمامة جعل من الله وعهد لا يناله من اتّصف بالظلم ، سواء كان ظالما لنفسه أو لغيره.

(٢) واستدلّوا بإجماع الأمّة ، وأنّه حجّة ، ومعلوم لمن له فطنة إنّه لم ينعقد [الإجماع المزعوم] ؛ لمخالفة عليّ وفاطمة وسلمان وأشياعهم ، ومع انعقاده لا يكون حجّة في المقام ، كما برهن عليه في كتب الأعلام. محمد حسين

(٣) لقمان : ١٣.

(٤) أسلم أبو بكر وهو ابن أربعين سنة. انظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣ : ٢١٥ ، ٢٣٥ ، وروى الطبريّ في تاريخه ٢ : ٢١٥ بإسناد صحيح ورجال ثقات عن محمّد بن سعد بن أبي وقّاص. قال : «قلت لأبي : أكان أبو بكر أوّلكم إسلاما؟ فقال : لا ، ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين».

(٥) كان أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام نفس الرّسول ، والمراد من «أنفسنا» في آية المباهلة هو عليّ عليه‌السلام ، وقد جلّل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا وفاطمة وابنيهما عليهم‌السلام بكساء وقال : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي». انظر مناقب آل أبي طالب ٢ : ٢٤٦ ؛ مجمع البيان ٢ : ٤٥٢ ؛ شواهد التنزيل ١ : ١٥٥ ـ ١٦٧ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب لابن المغازليّ ٣١٨ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٤٧ ؛ مصابيح السنّة ٢ : ٤٥٤ ؛ الصواعق المحرقة ١٤٣ ـ ١٤٦.

والروايات متظافرة في أنّه عليه‌السلام من عترته : منها : الرواية المتواترة المشهورة قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي». انظر : مسند أحمد ٣ : ١٤ ، ١٧ ؛ و ٤ : ٣٦٦ ، ٣٧١ ؛ و ٥ : ١٨١ و ١٨٩ ؛ صحيح الترمذيّ ٥ : ٣٢٨ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٤٨ ؛ الذرّيّة الطاهرة للدولابيّ ١٦٨. ـ

٢٠