نظرة في كتاب السنّة والشيعة لمحمّد رشيد رضا

المؤلف:

العلامة الأميني


المحقق: أحمد الكناني
الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤

١
٢

٣
٤

دليل الرسالة

مقدمة الإعداد............................................................ ٧

مقدمة المؤلف............................................................ ١٠

مبتدع أصول الشيعة عبدالله بن سبأ........................................ ١١

اختلال العراق سببه الأرفاض.............................................. ١٧

بغض الروافض لبعض أهل البيت.......................................... ١٨

الكتب الأربعة ووجوب العمل بها........................................... ٣٤

المفيد وتجويز الكذب لنصرة المذهب........................................ ٣٦

تعبّد الإمامية بالرقاع الصادرة من المهدي المنتظر.............................. ٣٩

إن الأئمة يوحي إليهم وأن موتهم بأختيارهم.................................. ٥١

المتعة الدورية............................................................. ٥٦

قائمة بأسماء الكتب المؤلفة للردّ علي البابية والبهائية........................... ٦١

مصادر الإعداد.......................................................... ٦٤

٥

كتاب الغدير :

كتاب يتجدّد أثره ويتعاظم كلّما ازداد به الناس معرفة ، ويمتدّ في الآفاق صيته كلّما غاص الباحثون في أعماقه وجلّوا أسراره وثوّروا كامن كنوزه ... إنّه العمل الموسوعي الكبير الّذي يعدّ بحقّ موسوعة جامعة لجواهر البحوث في شتّى ميادين العلوم : من تفسير ، وحديث ، وتاريخ ، وأدب ، وعقيدة ، وكلام ، وفرق ، ومذاهب ...

جمع ذلك كلّه بمستوى التخصّص العلمي الرفيع وفي صياغة الأديب الذي خاطب جميع القرّاء ، فلم يبخس قارئاً حظّه ولا انحدر بمستوى البحث العلمي عن حقّه.

ونظراً لما انطوت عليه أجزاؤه الأحد عشر من ذخائر هامة ، لا غنى لطالب المعرفة عنها ، وتيسيراً لاغتنام فوائدها ، فقد تبنّينا استلال جملة من المباحث الاعتقادية وما لها صلة بردّ الشبهات المثارة ضدّ مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، لطباعتها ونشرها مستقلّة ، وذلك بعد تحقيقها وتخريج مصادرها وفقاً للمناهج الحديثة في التحقيق.

٦

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الإعداد

بين يدي القاري الكريم نماذج من الرسالة التي كتبها محمد رشيد رضا صاحب المنار (١) للرد على السيد محسن الأمين والقول بإباحة الزواج المؤقت ، وقد تعدّت صفحاتها المائة والثلاثين بقليل ، إلّا أن محتوى الرسالة أمر وراء ذلك ، وبإمكانك أن تعتبرها فهرستاً لما قيل ويقال ضد الشيعة ، فمعظم الأناشيد التي ردّدها السلف تجد صداها في هذه الرسالة ، وكأن القصد من كتابة الرسالة أشبه بالإثارة منهُ إلى طرح الاشكال ، والّا فهي أمور قد أُجيب عليها في وقتها ، وتكرارها من لغو القول ، وإن لنا

__________________

(١) للوقوف على ترجمته يراجع الأعلام ٦ / ٣٦١ ، معجم المؤلفين ٩ / ٣١٠.

٧

عن مثل ذلك لشغل.

وليست هذه الاثارات مختصة بهذه الرسالة فقط ، وإنما هي السنة التي اختطها علماء السلف والتابعون وإلى ساعتك هذه ، بل وإنك لتقف متحيّراً أمام سيل الرسائل الجامعية التي تهطل علينا سنوياً من مطابع المعاهد والجامعات الإسلامية وهي تحمل بين دفتيها مقولة الشيعة بتحريف القرآن ، والقول بألوهية الأئمة ، وبيان وجوه الشبه بين الشيعة واليهود ، وما إلى ذلك ، وكأن مؤلّفيها قد اكتشفوا أمراً جديداً يستحق كل هذا الاهتمام فتتبنى الجامعة طبعها والأمر بتداولها بين الجامعات ، وكأن أبواب العلم قد سدّت منافذها أمام الطلاب ، ولم يبق الّا مجموعة شبهات أثارها شيخ الإسلام لتبقى من بعده علِكاً يلاك (١) مواقع التخمة.

والردود على مثل هذهِ الرسائل من قبل أعلام الطائفة دالة على روح المتابعة التي يحملها هؤلاء الأعلام حتى للشوارد منها ، لتنبيه الأوساط العلمية على مواقع الخلل فيها من جانب ، وإثبات الوجود من جانب آخر ، والّا فمثل هذهِ الأمور لا تستحق صرف الوقت الكثير.

ولذلك اختار المؤلف رحمه‌الله في رده على رسالة صاحب المنار نماذج منها باشارات عابرة ولم يتوقف إلّا عند قوله «بأن

__________________

(١) اللوك : أهون المضغ أو عَلْكُ الشيء.

٨

الروافض تبغض أهل البيت» كزيد بن علي وابنه يحيى وأولاد الإمام موسى الكاظم والباقر ، وأثبت مقدرته وكثرة اطلاعه وتتبعه في الرجال والتاريخ لدحض أمثال هذهِ الشبهات الناشئة من الافتقار إلى كل ذلك.

وتتميماً للفائدة قمت بالإجابة على بعض هذهِ الشبهات التي مرّ عليها المؤلف مرور الكرام ، والحاق إحالاتهِ رحمه‌الله على كتابه الغدير في مواردها ، كما قمت بتخريج المصادر غير المخرجة ، والإشارة إلى الواسطة التي نقل عنها المؤلف من المصادر المفقودة ، وللتفرقة بين إفاداته رحمه‌الله وما أضفناه في الهامش ختمت عبارته بكلمة (المؤلف) ، بالإضافة إلى تقويم النص وتقطيعه من جديد ، وإضافة عناوين يقتضيها التقطيع مستوحاة من النص ، وختمت ذلك بملحق بأسماء الكتب المطبوعة لعلماء الشيعة المؤلفة في رد البابية والبهائية مما قد أشار إليه المؤلف رحمه‌الله في رده على صاحب المنار من عدّهِ البابية والبهائية من بدع الإمامية.

أحمد الكناني

١٤ جمادى الأولى ١٤١٧ ه

٩

[مقدمة المؤلف]

لم يقصد صاحب هذه الرسالة نقداً نزيهاً ، أو حجاجاً صحيحاً وإن كان قد صبغها بصبغة الرد على العلامة الحجة في علوية الشيعة السيد محسن الأمين العاملي ـ حياه الله وبياه ـ لكنه لم يتهجم على حصونه المنيعة إلا بسباب مقذع ، أو إهانة قبيحة ، أو تنابز بالألقاب ، أو هتك شائن ، ومعظم قصده إغراء الدول الثلاث العربية : العراقية والحجازية واليمانية بالشيعة بأكاذيب وتمويهات ، وعليه فليس من خطة الباحث نقداً

١٠

مثالها ، غير أنه لم نجد منتدحاً من الإيعاز إلى شيء من الأكاذيب والمخاريق المودعة فيها من وليدة فكرته أو ما نقله عن غيره متطلباً من علماء الشيعة تخطئة ما يرونه فيها خطأ ، وهو يعلم أن الأعراض عنها هو الحزم لما فيه من السياسة الدولية الخارجة عن محيط العلم والعلماء.

[مبتدع أصول الشيعة عبد الله بن سبأ]

١ ـ بدأ رسالته بتاريخ التشيّع ومذاهب الشيعة فجعل مبتدع أُصوله عبد الله بن سبا اليهودي ، ورأى خليفة السبئيين في إدارة دعاية التفرُّق بين المسلمين بالتشيّع والغلوِّ زنادقة الفرس ، وعدَّ من تعاليم غلاة الشيعة بدعة عصمة الأئمة ، وتحريف القرآن ، والبدع المتعلّقة بالحجّة المنتظر ، والقول بأُلوهية بعض الأئمة والكفر الصريح.

وقسّم الإمامية على المعتدلة القريبة من الزيدية ، والغلاة القريبة من الباطنية وقال : هم الذين لقّحوا ببعض تعاليمهم الإلحادية كالقول

١١

بتحريف القرآن ، وكتمان بعض آياته وأغربها في زعمهم سورةٌ خاصّةٌ بأهل البيت يتناقلونها بينهم حتّى كتب إلينا سائح سنِّي مرَّة : أنّه سمع بعض خطبائهم في بلد من بلاد ايران يقرؤها يوم الجمعة على المنبر ، وقد نقلها عنهم بعض دعاة النصرانية المبشّرين ، فهؤلاء الإمامية الاثني عشرية ويلقّبون بالجعفرية درجات.

وعدَّ من الإمامية بدعة البابية ثمَّ البهائيّة الذين يقولون بألوهيّة البهاء ، ونسخه لدين الإسلام وإبطاله لجميع مذاهبه ، ومن وراء هذه الكلم المثيرة للفتن والإحن يرى نفسه الساعي الوحيد في توحيد الكلمة والإصلاح بعد السيِّد جمال الدين الأفغاني.

ثمَّ بسط القول الخرافيَّ ، والكلم القارصة.

والباحث يجد جواب كثير ممّا لفّقه من المخاريق فيما مرّ من هذا الجزء من كتابنا (١) ، والسائح السنّي الذي أخبر صاحب

__________________

(١) وقد مرّ المؤلف رحمه‌الله على ما لفّقه صاحب المنار مرور الكرام ، ولم يُشر إلّا الى شبهة تحريف القرآن ، وإليك الجواب عن بعض ما ذكره بما يسعه الهامش :

فأما ما ذكره من أن مبتدع أصول الشيعة عبد الله بن سبأ فقد اتفقت كلمة المحققين من الباحثين اسلاميين ومستشرقين على وهمية هذهِ الشخصية =

١٢

__________________

=كالدكتور طه حسين في الفتنة الكبرى ، والدكتور كامل الشيبي في الصلة ، والدكتور علي الوردي على ما نقله عنه صاحب هوية التشيع. ومن المستشرقين الدكتور برناد لويس ، وفلهوزن ، وفريد ليندر ، وكايتاني وغيرهم كما في آراء المستشرقين المذكورة في نظرية الإمامة لأحمد محمود ، ولهم على ذلك دلائل وشواهد مذكورة في مظانها.

وسواء قلنا بوجود ابن سبأ او انعدامه ، فإن نسبة نشأة التشيع إلى عبد الله بن سبأ نسبة من لا يفقه من التأريخ شيء ، نعم هي كلمة خرجت من أفواه من يريدون الوقعية بالتشيع بارجاعه الى أصول يهودية كما حاول بعض ارجاع اصل الإسلام إلى أصول يهودية ، فالمنبع لكلا الوردين واحد ، وإلّا فالشواهد التأريخية تثبت أن التشيع ليس ظاهرة طارئة وأجنبية على هيكل الدعوة الإسلامية حتى نرجعه الى اصول يهودية تارة أو اصول فارسية تارة أخرى وانما هو نتيجة ضرورية تقتضيها طبيعة الدعوة وحاجاتها ، ونرجع القاري ـ للوقوف على تلك الشواهد التاريخية ـ الى ما كتبه السيد محمد باقر الصدر رحمه‌الله في مقدمة كتاب «تاريخ الإمامية واسلافهم من الشيعة» للدكتور عبد الله الفياض.

وأما ما ذكره من تحريف الشيعة للقرآن فقد أجاب عنهُ المؤلف رحمه‌الله بما حاصلهُ : ان القاري إذا فحص ونقّب لا يجد في طليعة الإمامية إلّا نُفاة هذه الفرية كالشيخ الصدوق في عقائده ، والشيخ المفيد ، وعلم الهدى الشريف المرتضى وشيخ الطائفة الطوسي في التبيان ، وأمين الإسلام الطبري في مجمع البيان ، فهؤلاء أعلام الإمامية وحملة علومهم الكالئين لنواميسهم وعقائدهم قديماً وحديثاً ، وهذهِ فرق الشيعية وفي مقدمتهم الإمامية مجمعه على ان ما بين الدفتين هو ذاك الكتاب الذي لا ريب فيه وهو المحكوم بأحكامه ليس إلّا.

وان دارت بين شدقي أحد من الشيعة كلمة التحريف فهو يريد التأويل =

١٣

__________________

=بالباطل بتحريف الكلم عن مواضعه لا الزيادة والنقيصة ، ولا تبديل حرف بحرف كما يقول بالتحريف بهذا المعنى هو وقومه ويرمون به الشيعة. (المؤلف رحمه‌الله).

وللوقوف على التحريف بهذا المعنى عند من يهرّج على الشيعة بذلك يراجع تفسير آلاء الرحمن للشيخ محمد جواد البلاغي ، في مقدمات التفسير يجد نماذج من ذلك.

وأما ما ذكره من البدع المتعلقة بالمهدي فنقول : ان ثبوت أحاديث المهدي في الكتب الستة صحة وصراحة بلحاظ السند والدلالة كما هو الحال في صحاح الشيعة ، أمر لا شك فيه ولا ريب.

وهذا المهدي الذي اثبتته الصحاح الستة هو بالذات المهدي المنتظر الذي تقول به الإمامية ، فإذا كان المهدي ضرب من البدع والخرافة فالمبدع لهذه الخرافة هو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإن المهدي مما أخبر به النبي فوجب التصديق به كما وجب التصديق بالصلاة والصوم وبقية اخبارات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنهُ فانتهوا ..»

نعم الأحاديث النبوية دلت على خروج المهدي في آخر الزمان ولم تتعرض لولادته أو انه ولد بالفعل وهو المائز بين ما تقوله الإمامة وما عليه أهل السنة ، الّا أن ذلك لا يستحق كل ذلك الهرج والمرج ، وليس من الضروري الاعتقاد بشيء إلّا أن يثبت من طريق الفريقين ، فأمر ولادة المهدي ثبت من طريق الخاصة فقط وهو كاف في حصول الاعتقاد اذا ثبت بطريق صحيح كما هو ثابت كذلك شريطة ان لا يناهض صحته حكم العقل وقد ثبت في محله ان لا محذور عقلي من القول بولادة المهدي قبل اوان ظهوره ، فالمشكلة اذن في ولادة المهدي قبل أوان الظهور او في زمان الظهور وهذا الأمر ليس من قبيل اجتماع الضدين لتنقلب الدنيا على عقب ، وانما هو أمر واقع ، والوقوع فرع الإمكان كما يقولون. =

١٤

المنار من خطيب ايران لم يولد بعدُ ، ومثله الخطيب الذي كان يهتف بتلك السورة المختلقة في الجمعات ، ولا أنَّ الشيعة تُقيم لتلك السورة المزعومة وزناً ، ولا تراها بعين الكتاب العزيز ؛ ولا تجري عليها أحكامه ، ويا ليت الرجل راجع مقدّمات تفسير العلّامة البلاغي آلاء الرَّحمن وما قاله في حقِّ هذه السورة وهو لسان الشيعة ، وترجمان عقائدهم ، ثمَّ كتب ما كتب حولها (١).

__________________

=يضاف إلى ذلك ان كبار علماء السنة قالوا بمقالة الإمامية وآمنوا بولادة المهدي ولم يدر في ذلك أي محذور ، وقد أورد الكثير منهم مع الإشارة إلى موضع مقالاتهم السيد الأمين في الأعيان.

فمسألة كهذهِ مقبولة عقلاً وسنةً وعند علماء الفريقين فلما ذا كل هذا الصياح.

(١) وإليك نص ما أورد الشيخ البلاغي في تفسيره ١ / ٢٤ :

«وما الصقوه بالقرآن المجيد ما نقله في فصل الخطاب عن كتاب دبستان المذاهب إنّهُ نسب إلى الشيعة انهم يقولون ان احراق المصاحف سبّب اتلاف سور من القرآن نزلت في فضل علي عليه‌السلام واهل بيته عليهم‌السلام ، منها هذهِ السورة. وذكر كلاماً يضاهي خمساً وعشرين آية في الفواصل قد لفق من فقرات القرآن الكريم على اسلوب آياته. فاسمع ما في ذلك من الغلط فضلاً عن ركاكة اسلوبه الملفق :

فمن الغلط : «واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين أولئك في خليقه».

ما ذا اصطفى من الملائكة ، وما ذا جعل من المؤمنين ، وما معنى اولئك في خلقه.

ومنهُ : «مثل الذين يوفون بعهدك اني جزيتهم جنات النعيم».

ليت شعري ما هو مثلهم.

ومنهُ : «ولقد ارسلنا موسى وهارون بما استخلف فبغوا هارون فصبر جميل».=

١٥

ونحن نرحّب بهذا الحجاج الذي يستند فيه إلى المبشّر

__________________

=ومنهُ : «ولقد آتينا بك الحكم كالذي من قبلك من المرسلين وجعلنا لك منهم وصيّاً لعلهم يرجعون».

ما معنى آتينا بك الحكم ، ولمن يرجع الضمير الذي في «منهم» و «لعلهم» ، هل المرجع للضمير في قلب الشاعر ، وما هو وجه المناسبة في لعلهم يرجعون.

ومنهُ : «وان علياً قانت في الليل ساجد يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربه قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون».

قل ما هو محل هل يستوي الذين ظلموا ، وما هي المناسبة له في قوله وهم بعذابي يعلمون ، ولعل هذا الملفق تختلج في ذهنه الآيتان الحادية عشرة والثانية عشرة من سورة الزمر. وفي آخرها «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون». فأراد الملفق ان يلفق منهما شيئاً بعدم معرفته فقال في آخر ما لفق هل يستوي الذين ظلموا ، ولم يفهم أنه جيء بالاستفهام الانكاري في الآيتين لانهُ ذكر فيهما الذي جعل لله انداداً ليضل عن سبيله ، والقانت آناء الليل يرجو رحمة ربه فهما لا يستويان ، ولا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.

هذا بعض الكلام في هذه المهزلة.

وصاحب فصل الخطاب من المحدثين المكثرين المجدين في التتبع للشواذ ، وانهُ ليعد امثال هذا المنقول في دبستان المذاهب ضالته المنشودة ، ومع ذلك قال أنهُ لم يجد لهذا المنقول أثر في كتب الشيعة.

فيا للعجب من صاحب دبستان المذاهب من أين جاء بنسبة هذهِ الدعوى إلى الشيعة ، وفي أي كتاب لهم وجدها ، أفهكذا يكون النقل في الكتب ، ولكن لا عجب «شنشنة أعرفها من أخزم» فكم نقلوا عن الشيعة مثل هذا النقل الكاذب كما في كتاب الملل للشهرستاني ومقدمة ابن خلدون وغير ذلك مما كتبه بعض الناس في هذه السنين والله المستعان.

١٦

النصرانيّ ، ومن جهلة الشائن عدُّ البابية والبهائية من فرق الشيعة ، والشيعة على بكرة أبيها لا تعتقد إلّا بمروقهم عن الدين وبكفرهم وضلالهم ونجاستهم ، والكتب المؤلّفة في دحض أباطيلهم لعلماء الشيعة أكثر من أن تُحصى وأكثرها مطبوع منشور (١).

[اختلال العراق سببه الأرفاض]

قال : اختلال العراق دائماً إنّما هو من الأرفاض ، فقد تهرى أديمهم من سمّ ضلالهم ، ولم يزالوا يفرحون بنكبات المسلمين حتّى أنهم اتّخذوا يوم انتصار الروس على المسلمين عيداً سعيداً ، وأهل إيران زيّنوا بلادهم يومئذٍ فرحاً وسروراً ص ٥١ (٢).

ج ـ عجباً للصلافة ، أيحسب هذا الانسان أنّ البلاد العراقيّة والإيرانية غير مطروقة لأحد؟ أو أنّ أخبارهم لا تصل إلى غيرهما؟ أو أنَّ الأكثرية الشيعية في العراق قد لازمها العمى والصمم عمّا تفرّد برؤيته أو سماعه هذا المتقوّل؟ أو أنّهم معدودون

__________________

(١) تجد في خاتمة الرسالة قائمة بأسماء الكتب المؤلفة في الرد على البابية والبهائية.

(٢) نقلها وما بعدها عن الآلوسي في كتاب نسبه إليه كتبها إلى الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي. (المؤلف)

١٧

من الأمم البائدة الّذين طحنهم مرّ الحقب والأعوام؟ فلم يبق لهم من يُدافع عن شرفهم ، ويناقش الحساب مع من يبهتهم ، فيسائل هذا المختلق عن أولئك النفر الذين يفرحون بنكبات المسلمين ، أهم في عراقنا هذه مجرى الرافدين؟ أم يُريد قارة لم تكتشف تُسمى بهذا الاسم؟ ويُعيد عليه هذا السؤال بعينه في ايران.

أمّا المسلمون القاطنون في تينك المملكتين ومن طرقهما من المستشرقين والسوّاح والسفراء والموظفين فلا عهد لهم بهاتيك الأفراح ، والشيعة جمعاء تحترم نفوس المسلمين ودمائهم وأعراضهم وأموالهم مطلقاً غير فرق بين السني والشيعي ، فهي تستاء إذا ما انتابت أيَّ أحد منهم نائبةٌ ، ولم تقيّد الأخوة الإسلامية المنصوصة عليها في الكتاب الكريم بالتشيّع ، ويُسائل الرجل أيضاً عن تعيين اليوم ، أيّ يوم هو هذا العيد؟ وفي أي شهر هو؟ وأيّ مدينة ازدانت لأجله؟ وأي قوم نأوا بتلك المخزات؟

لا جواب للرجل إلّا الإسناد إلى مثل ما استند إليه صاحب الرسالة من سائح سني مجهول ، أو مبشر نصراني.

٣ ـ قال تحت عنوان : بُغض الرافض لبعض أهل البيت :

إنّ الروافض كاليهود يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ـ إلى أن قال ـ : ويبغضون كثيراً من أولاد فاطمة رضي الله عنها بل يسبّونهم كزيد بن علي

١٨

ابن الحسين ، كذا يحيى ابنه فإنّهم أيضاً يبغضونه.

وكذا إبراهيم وجعفر ابنا موسى الكاظم رضي الله عنهم ، ولقّبوا الثاني بالكذّاب مع أنّه كان من أكابر الأولياء ، وعنه أخذ أبو زيد البسطامي.

ويعتقدون أنّ الحسن بن الحسن المُثنى ، وابنه عبد الله المحض ، وابنه محمّد الملقب بالنّفس الزكيّة ارتدّوا ـ حاشاهم ـ عن دين الإسلام.

وهكذا اعتقدوا في إبراهيم بن عبد الله.

وزكريّا بن محمّد الباقر.

ومحمّد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن.

ومحمّد بن القاسم بن الحسن.

ويحيى بن عمر الذي كان من أحفاد زيد بن عليِّ بن الحسين.

وكذلك في جماعة حسنيين وحسينيين كانوا قائلين بإمامة زيد بن عليّ بن الحسين ، إلى غير ذلك ممّا لا يسعه المقام ، وهم حصروا حبّهم بعدد منهم قليل ، كلّ فرقة منهم تخصُّ عدداً وتلعن الباقين ، هذا حبّهم لأهل البيت والمودّة في القربى المسئول عنها ٥٢ ـ ٥٤.

١٩

ج ـ هذه سلسلة أوهام حسبها الآلوسي حقائق ، أو أنّه أراد تشويه سمعة الشيعة ولو بأشياء مفتعلة ، فذكر أحكاماً بعضها باطلٌ بانتفاء موضوعه ، وجملةٌ منها لأنها أكاذيب.

أما زيد بن عليّ الشهيد فقد مرّ الكلام فيه وفي مقامه وقداسته عند الشيعة جمعاء راجع ص ٦٩ ـ ٧٦ (١).

__________________

(١) من مقدّمي أهل البيت ، قد اكتنفته الفضائل من شتى جوانبه ، علم متدفق وورع موصوف ، وبسالة معلومة ، وشدّة في البأس.

روى الصدوق في عيون الأخبار قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسين : يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يتخطأ هو وأصحابه رقاب الناس يدخلون الجنّة بغير حساب.

وروى أيضاً قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه : إنه يخرج ويقتل بالكوفة ويصلب بالكناسة يخرج من قبره نبشاً ، وتفتح لروحه ابواب السماء ، وتبتهج به أهل السموات والأرض.

وأخرج السيد ابن طاوس في كتاب الملاحم ب ٣١ قول أمير المؤمنين : إن رجلاً من ولدي يُصلب في هذا الموضع ، من رضى أن ينظر إلى عورته اكبّه الله على وجهه في النار.

وروى الكشي في رجاله : ١٨٤ قول الصادق عليه‌السلام : إنه كان مؤمناً ، وكان عارفاً ، وكان عالماً ، وكان صدوقاً ، اما إنه لو ظفر لوفى ، أما انه لو ملك لعرف كيف يصنعها.

وروى الصدوق في عيون الأخبار قول الصادق عليه‌السلام لما سمع بقتله : إنا لله وإنا إليه راجعون ، عند الله احتسب عمي. إنه كان نعم العم ، ان عمي كان رجلاً لدنيانا وآخرتنا ، مضى والله عمي شهيداً كشهداء استشهدوا مع رسول الله وعلي والحسين مضى والله شهيداً.=

٢٠