الشيعة في الإسلام

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي

الشيعة في الإسلام

المؤلف:

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: بيت الكاتب للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٢٠

١
٢

٣
٤

محتويات الكتاب

مقدمة المترجم....................................................................... ٩

مقدمة المؤلف...................................................................... ١٥

الفصل الأول : كيفية نشوء الشيعة وتطورهم.

بداية نشوء الشيعة................................................................. ٢١

سبب انفصال الأقليّة الشيعية عن اكثرية السنّة ، وظهور الاختلافات................. ٢٤

موضوعا الخلافة والمرجعيّة العلميّة.................................................... ٢٧

الطريقة السياسية للخلافة الانتخابية ، ومخالفتها للفكر الشيعي...................... ٢٩

انتهاء الخلافة إلى أمير المؤمنين (ع) وسيرته.......................................... ٣٥

ما حصلت عليه الشيعة طوال خلافة الامام عليّ (ع) في خمس سنوات.............. ٣٨

انتقال الخلافة إلى معاوية وتحولها إلى ملوكية موروثة................................... ٤١

الأيام العصيبة التي مرّت بالشيعة................................................... ٤٤

استقرار ملوكية بني اميّة............................................................ ٤٦

الشيعة في القرن الثاني للهجرة....................................................... ٥٠

الشيعة في القرن الثالث للهجرة..................................................... ٥٢

الشيعة في القرن الرابع للهجرة....................................................... ٥٣

الشيعة في القرن الخامس وحتى القرن التاسع الهجري................................. ٥٤

الشيعة في القرن العاشر والحادي عشر للهجرة....................................... ٥٦

الشيعة في القرن الثاني عشر وحتى القرن الرابع عشر للهجرة.......................... ٥٧

٥

انقسام بعض الفرق وانقراضها..................................................... ٥٧

الزيديّة............................................................................. ٥٩

الاسماعيلية وانشعاباتها............................................................. ٦٠

النزارية والمستعلية والدروزية والمقنعة.................................................. ٦٤

الشيعة الاثنا عشرية ، واختلافها مع الزيدية والاسماعيلية............................. ٦٦

موجز عن تاريخ الشيعة الاثني عشرية............................................... ٦٧

الفصل الثاني : الفكر الديني لدى الشيعة

معنى الفكر الديني.................................................................. ٧٢

المصادر الرئيسية للفكر الديني في الاسلام........................................... ٧٢

الطرق التي يعرضها الاسلام للفكر الديني........................................... ٧٣

الاختلاف بين هذه الطرق الثلاثة................................................... ٧٦

الطريق الأول : الظواهر الدينية وأقسامها

حديث الصحابة................................................................... ٧٨

بحث آخر في الكتاب والسنة....................................................... ٧٨

ظاهر القرآن وباطنه................................................................ ٨١

تأويل القرآن....................................................................... ٨٤

تتمة البحث عن الحديث........................................................... ٨٧

الشيعة والعمل بالحديث............................................................ ٨٩

التعلّم والتعليم العام في الاسلام.................................................... ٩٠

الشيعة والعلوم النقلية.............................................................. ٩٢

الطريق الثاني : المباحث العقلية :

التفكر العقلي والفلسفي والكلامي................................................. ٩٤

مدى تقدم الشيعة في التفكر الفلسفي والكلامي في الاسلام........................ ٩٥

الشيعة يسعون دائما بحقل الفلسفة وسائر العلوم العقلية............................. ٩٨

لما ذا استقرت الفلسفة عند الشيعة؟................................................ ٩٨

خمس من نوابغ علماء الشيعة....................................................... ٩٩

٦

الطريق الثالث : الكشف

الانسان وإدراكه للعرفان.......................................................... ١٠٢

ظهور العرفان في الاسلام......................................................... ١٠٣

ارشاد الكتاب والسنة إلى معرفة النفس ، ومناهجها................................ ١٠٦

الفصل الثالث : المعتقدات الاسلامية من وجهة نظر الشيعة الامامية معرفة الله :

النظر إلى الكون عن طريق المخلوقات والواقعيات ـ ضرورة وجود الله تعالى........... ١١١

نظرة أخرى عن طريق ارتباط الانسان بالعالم ـ خاتمة الفصل وحدانية الله تعالى....... ١١٢

الذات والصفات................................................................. ١١٧

معاني صفات الله تعالى........................................................... ١١٨

مزيد من التوضيح في معاني الصفات.............................................. ١١٩

صفات الفعل.................................................................... ١٢٠

القضاء والقدر................................................................... ١٢٢

الانسان والاختيار................................................................ ١٢٤

معرفة النّبي :

نحو الهدف ـ الهداية العامة........................................................ ١٢٧

الهداية الخاصة.................................................................... ١٢٩

العقل والقانون................................................................... ١٣١

الشعور المرموز ، أو ما يسمى ب (الوحي)........................................ ١٣٢

الأنبياء وعصمة النبوة............................................................ ١٣٣

الأنبياء والشرائع السماوية........................................................ ١٣٤

الأنبياء ودليل (الوحي) والنبوة..................................................... ١٣٧

عدد الأنبياء..................................................................... ١٣٩

الأنبياء أولو العزم ، حملة الشرائع السماوية........................................ ١٣٩

نبوّة محمد (ص).................................................................. ١٤٠

النّبي الأكرم (ص) والقرآن........................................................ ١٤٥

٧

معرفة المعاد :

الانسان روح وجسم.............................................................. ١٤٩

مبحث في حقيقة الروح من منظار آخر........................................... ١٥١

الموت من وجهة نظر الاسلام..................................................... ١٥٢

عالم البرزخ....................................................................... ١٥٢

يوم القيامة ـ المعاد................................................................ ١٥٤

بيان آخر........................................................................ ١٥٧

استمرار الخلقة وتعاقبها........................................................... ١٦٢

معرفة الامام :

معنى الامام...................................................................... ١٦٣

الامامة وخلافة النبي الأكرم (ص) في الحكومة الاسلامية........................... ١٦٤

تأييد للأقوال السابقة............................................................. ١٧١

الامامة في العلوم التشريعية....................................................... ١٧٤

الفرق بين النّبي والامام........................................................... ١٧٥

الامامة في باطن الأعمال......................................................... ١٧٧

أئمة الاسلام وقادته.............................................................. ١٨١

موجز عن حياة الأئمة الاثني عشر................................................ ١٨٢

بحث في ظهور المهدي (عج) من وجهة نظر العامة................................. ٢١٥

بحث في ظهور المهدي (عج) من وجهة نظر الخاصة................................ ٢١٦

٨

مقدمة المترجم

تعريف بالكتاب

قد يتساءل البعض ، من هم الشيعة؟ وما هو التشيّع؟ متى وجد؟ وكيف نشأ؟.

فقال البعض ، إنهم فرقة استحدثت وتشعبت من الإسلام ، وقال آخرون ، إنهم غلاة ليسوا بمسلمين ، وذهب جماعة إلى أنهم فرقة ضالة مضلّة ، لا يربطهم بالإسلام رابط ، وما إلى ذلك من الأقوال ...

كتاب «الشّيعة في الإسلام» تحقيق جادّ في تعريف الشيعة من جميع جوانبهم ، لمن لم يتعرف على الفكر الشيعي ، فهو يجيب على جميع تلك التساؤلات ، ويردّ على الشبهات التي طالما تمسك بها الأعداء ، فجعلوها ذريعة ، للحطّ من شأن الشيعة ومقامهم.

لقد عالج المؤلف هذا الهدف دون تعرّض لأهل السنّة ، في حين يقف مدافعا عن أصالة الشيعة ، ويبيّن علل نشوئهم ، وقد حاول المؤلف أن يعرض التشيّع ، وهو جانب من الإسلام الأصيل ، بعيدا عن التفرقة والانشقاق في صفوف المسلمين.

جاء الكتاب مبسطا وبلغة يفهمها الجميع ، لا يستغني عنه الشيعة ذاتهم وخاصة الشباب.

٩

لقد قسّم المؤلف ـ قدّس سره ـ بحثه القيّم هذا إلى ثلاثة فصول ، استعرض خلالها تاريخ الشيعة ومعتقداتهم وعلومهم.

فبحث في الفصل الأوّل ، كيفية نشوء الشيعة وانقساماتها ، وموجزا عن تاريخ الشيعة الاثني عشرية. واستعرض في الفصل الثاني ، الفكر الشيعي ، والطرق التي ينتهجها في الاحتجاج ، من ظواهر دينية أو بحوث عقلية وتناول في الفصل الثالث ، أصول الدين وفروعه من وجهة نظر الشيعة ، في الله سبحانه وصفاته ، وفي معرفة النبي (ص) والوحي ، في المعاد ، وفي الإمامة ، والفرق بين النبي والإمام. وموجز عن تاريخ الأئمة الاثني عشر ، ومبحث في ظهور المهدي ـ عليه‌السلام ـ.

تعريف بالكاتب

ولد المؤلف العلّامة السيد محمد حسين الطباطبائي في بيت علم وفضل ، في بيت له تاريخ طويل في خدمة شريعة الإسلام ، ومنهج الرسول وأهل بيته ، إذ أن أربعة عشر من أجداد المؤلف كانوا من العلماء البارزين في مدينة تبريز الإيرانية.

ولد سنة ١٣٢١ للهجرة ، فتابع دراسته الأوليّة هناك ، ثم رحل إلى النجف الأشرف سنة ١٣٤٤ ه‍ ، ومكث هناك ، مدة لا تقل عن عشر سنوات ، اكتسب خلالها مختلف العلوم الإسلامية ، فدرس الفقه والأصول ، والفلسفة والرياضيات والأخلاق ، ثم رجع إلى موطنه سنة ١٣٥٤ ه‍.

لم يكتف بدراسة الفقه والأصول بشكلها المبسّط ، وإنما تعمّق

١٠

في دراسة هذين العلمين ، وتناول دراسة علم النحو والصرف أيضا ، ودراسة الأدب العربي ، وتطرّق إلى دراسة علم الرياضيات القديم ك «أصول» أقليدس و «المجسطي» لبطليموس ، والفلسفة وعلم الكلام والعرفان والتفسير أيضا.

ذاعت شهرته في إيران ، بعد أن هاجر من مسقط رأسه إلى مدينة قم ، إثر الحوادث السياسية للحرب العالمية الثانية ، فأقام فيها سنة ١٣٦٥ ه‍ ، وشرع بتدريس التفسير والحكمة والمعارف الإسلامية ، ولم يتوان في البحث مع المخالفين ، فأرشد العديد منهم إلى طريق الحقّ والصواب.

كان لمحاضراته في الحوزة العلمية ، أثر بليغ في طلابها ، بل شملت المثقفين أيضا. فكانت لقاءاته مع الأستاذ «هنري كربن» مستمرة في كل خريف ، يحضرها جمع من الفضلاء والعلماء ، تطرح فيها المسائل الدينية والفلسفية ، فكانت لها نتائجها المثمرة.

ومن الجدير بالذكر أنّ تلك اللقاءات والمباحثات لم يكن لها نظير في العالم الإسلامي ، منذ القرون الوسطى حين كان التلاقح الفكري بين المسلمين والمسيحيين.

أحيى العلّامة الطباطبائي ، العلوم العقلية وتفسير القرآن ، فاهتمّ بتدريس الحكمة ، وشرع بتدريس كتاب «الشفاء» و «الأسفار».

كان يمتاز بدماثة الخلق ، فكان عاملا رئيسيا في جذب الطلاب إلى محاضراته القيّمة ، إذ كان يحضرها المئات ، فنال الكثير منهم درجة الاجتهاد في الحكمة ، وأصبحوا أساتذة قادرين على تدريسها.

١١

كان العلّامة يحرص على الأخلاق وتزكية النفس فضلا عن اهتمامه بالحكمة والعرفان ، ويمكن القول بأنه أسّس مدرسة جديدة في التربية وعلم الأخلاق ، فقدم للمجتمع نماذج تتصف بأخلاق إسلامية عالية ، وكان يؤكد كثيرا على ضرورة تلازم التعاليم الإسلامية مع التربية المدرسية ، ويعتبرها من المسائل الأساسية في المعارف الإسلامية ، إلا أنه من المؤسف لم يراع هذا الأمر في المدارس الحديثة ببلاد المسلمين.

مؤلفاته :

(١) تفسير الميزان في (٢٠) جزءا باللغة العربية ، وترجم إلى الفارسية والإنكليزية.

(٢) مبادي الفلسفة وطريقة المثالية ، مع شرح وهوامش للعلامة الفيلسوف الشهيد مرتضى مطهري.

(٣) شرح الأسفار لصدر الدين الشيرازي ، في ستة مجلدات.

(٤) حوار مع الأستاذ «هنري كربن» في مجلدين.

(٥) رسالة في الحكومة الإسلامية ، طبعت بالعربية والفارسية والألمانية.

(٦) حاشية الكفاية.

(٧) رسالة في القوة والفعل.

(٨) رسالة في إثبات الذات.

(٩) رسالة في الصفات.

(١٠) رسالة في الأفعال.

١٢

(١١) رسالة في الوسائط.

(١٢) الإنسان قبل الدنيا.

(١٣) الإنسان في الدنيا.

(١٤) الإنسان بعد الدنيا.

(١٥) رسالة في النبوة.

(١٦) رسالة في الولاية.

(١٧) رسالة في المشتقات.

(١٨) رسالة في البرهان.

(١٩) رسالة في المغالطة.

(٢٠) رسالة في التحليل.

(٢١) رسالة في التركيب.

(٢٢) رسالة في الاعتبارات.

(٢٣) رسالة في النبوة والمنامات.

(٢٤) منظومة في رسم خط النستعليق.

(٢٥) علي والفلسفة الإلهية.

(٢٦) القرآن في الإسلام.

(٢٧) الشيعة في الإسلام. (هذا الكتاب).

هذا فضلا عن المقالات المتعددة التي كانت تنشر في المجلات العلمية آنذاك.

لعلّ من أهم آثار العلّامة ومؤلفاته كتابه «الميزان في تفسير القرآن» ويعتبر من التفاسير القيّمة لهذا العصر ، فقد خدم هذا التفسير المجتمع الإسلامي ، كما خدمت التفاسير القيّمة

١٣

القديمة المسلمين ، بتناسبها وتلازمها مع العلوم والفلسفة حينئذ ، لفهم معاني القرآن في العصور السالفة.

لقد اتخذ العلّامة نهجا خاصا في تفسيره هذا ، إذ يبتني على نصّ الحديث ، وهو تفسير القرآن بالقرآن.

لقد قضى العلّامة عمرا في خدمة الدين الحنيف ، والمجتمع الإسلامي ، فكان ـ ولا يزال ـ منارا لروّاد الفضيلة والعلم ، فقد أنار الطريق للعديد ممن قرءوا مصنفاته ، وحضروا مجلسه ، فمنحهم روحا علميّة خالصة واتجاها فكريا سليما ، قدس الله سره الشريف وحشره مع آبائه وأجداده محمد وآله ونفع المسلمين بآثاره وعلومه.

جعفر بهاء الدين

١٤

مقدمة المؤلف

الكتاب الذي بين أيدينا «الشّيعة في الإسلام» يتحدث عن حقيقة مذهب التشيّع وماهيته ، وهو أحد المذهبين الرئيسيين الإسلاميين «الشيعي والسني».

يستعرض الكتاب ، كيفية نشوء المذهب الشيعي ، وأسلوب التفكير الديني لدى الشيعة ، والمعارف الإسلامية من وجهة نظرهم.

الدّين : لا شك في أن أيّ إنسان يميل في حياته إلى أبناء جنسه ، ولا تخلوا أعماله التي يقوم بها في بيئته ، من صلة بعضها بالبعض الآخر ، كالأكل والشرب ، والسكون والحركة ، والنوم واليقظة ... في الوقت الذي تنفصل كل من هذه الأفعال والحركات عن الأخرى ، تكون مرتبطة بعضها بالبعض ارتباطا وثيقا.

على هذا الأساس ، فإن الأعمال التي يقوم بها الإنسان في حياته ، تتحقق في حدود نظام لا يتعداه ، وتنبع من نظرة معيّنة ، ألا وهي أن الإنسان يريد أن يحيا حياة سعيدة ، يظفر بآماله وأمنياته. وبعبارة أخرى ، يطمح الإنسان قدر استطاعته إلى تحقيق متطلباته بصورة أكمل ، وما ذلك إلّا للحفاظ على وجوده وبقائه.

وانطلاقا من هذه النظرة ، بات الإنسان ينظم أعماله وفق قوانين وأحكام وضعها بميله ، أو اقتبسها من آخرين. وبالتالي نجده يتخذ أسلوبا خاصا في حياته.

١٥

فهو يكدّ ويسعى من أجل تأمين متطلبات حياته ، لأنه يعتبرها من الأسس والمقوّمات لها.

فهو يبادر إلى تناول الماء والطعام ، ليسدّ بهما عطشه وجوعه ، لأن الأكل والشرب ، حاجتان ضروريّتان لاستمرار الحياة.

إن هذه القوانين التي تحكم حياة الإنسان ، تبتني على اعتقاد أساسي ، والإنسان يعتمد عليها في بناء علاقاته ، وهو تصوره عن الحياة والكون ، والذي هو جزء منه ، وتأملاته عن حقيقتها ، ويتضح هذا الموضوع بالتأمل في الآراء المختلفة التي يرتئيها الناس في حقيقة العالم.

فالذين يحصرون الوجود في هذا العالم المادّي المحسوس ، ويعدّون الإنسان كائنا ماديا محضا (يحيا بتدفق الحياة في جسمه ، ويفنى بالموت) فإن نظرتهم هذه إلى الحياة نظرة مادية بحتة ، فهم يسعون إلى تحقيق متطلباتهم الماديّة ، ويبذلون في هذا السبيل قصارى جهودهم لتذليل الظروف والعوامل الطبيعية لأغراضهم ومصالحهم الخاصة.

وأما الذين يعتقدون بأن عالم الطبيعة من صنع خالق أعلى شأنا من الطبيعة ، مثل عبدة الأوثان ، فإنهم يذهبون إلى أن العالم مخلوق ، وخاصة الإنسان ، وقد أسبغ الخالق نعمه عليه ، كي ينعم بخيراتها ، فهم ينسقون برامج حياتهم وفقا لرضى الخالق ، مبتعدين عن سخطه وغضبه ، فإذا ما استطاعوا جلب رضاه ، فنعمه موفورة ، مغدقة عليهم ، وإذا زالت النعم فدليل سخطه عليهم.

١٦

وهناك من يعتقد بالله سبحانه وحده ، ويرى بأن حياة الإنسان خالدة ، وهو مسئول عن أعماله خيرها وشرها ، ويقرّ بيوم الجزاء (القيامة) كاليهود والنصارى والمسلمين ، فهم يسلكون طريقا في حياتهم ، مراعين فيه هذا الأصل الاعتقادي ، كي يحصلوا على سعادة الدارين ، الدنيا والآخرة.

إن مجموع هذه المعتقدات والأسس (الاعتقاد بحقيقة الإنسان والكون) وما يلازمها من أحكام ، وأنظمة متناسقة ، والتي تدخل في نطاق عملهم في الحياة تسمى ب «المذهب» مثل مذهب التسنن والتشيع في الإسلام ، أو مذهب الملكاني والنسطوري في المسيحية.

وبناء على ما تقدم ، يستحيل على الإنسان ـ وإن كان منكرا لوجود الله تعالى ـ أن يكون في غنى عن الدين (دستور الحياة الذي بني على أصل اعتقادي). فالدين إذن طريقة الحياة التي لا تنفك عنها.

والقرآن الكريم ، يشير إلى أن الإنسان لا بدّ أن ينتهج الدين طريقا له ومسلكا ، وهذا الطريق قد جعله الله تعالى لكافة البشر ، وبانتهاجه يصل إلى الله جلّ وعلا.

ولكن الأمر يختلف بالنسبة إلى الأفراد ، فأما الذين سلكوا الدين الحقّ وهو الإسلام ، فقد سلكوا طريق الصواب ، وأما الذين مالوا عن هذا الطريق ، فقد ضلوا ضلالا مبينا (١).

__________________

(١) (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً) الآية ٤٤ ، سورة الأعراف.

١٧

الإسلام : الإسلام لغة ، هو الانقياد لأمر الآمر ونهيه بلا اعتراض ، وقد أطلق القرآن الكريم ، كلمة الإسلام على هذه الدعوة ، وإطاره العام هو تسليم الإنسان أمام ربّ العالمين (١). وألا يعبد إلا الله الواحد الأحد ، وألّا يتبع إلّا أوامره.

والقرآن الكريم يخبرنا أن إبراهيم الخليل ـ عليه‌السلام ـ هو أوّل من سمّى هذا الدين بالإسلام ، ومتبعيه بالمسلمين (٢).

الشيعة : يراد بها الأتباع ، وتطلق على الذين يرون أن الخلافة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منحصرة في أهل بيته. والمراد منها في المعارف الإسلامية ، التابعون لأهل البيت ـ عليهم‌السلام (٣) ـ.

__________________

(١) (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) الآية ١٢٥ ، سورة النساء. (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) الآية ٦٤ ، سورة آل عمران. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً») الآية ٢٠٨ ، سورة البقرة.

(٢) (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) الآية ١٢٨ ، سورة البقرة. (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) الآية ٧٨ ، سورة الحج.

(٣) تطلق كلمة الشيعة على طائفة من الزيدية ، التي تقرّ بخلافة الخليفتين الأول والثاني ، قبل الإمام علي عليه‌السلام ، وتتبع فقه أبي حنيفة في الفروع ، والسبب في هذه التسمية ، هو أنهم كانوا يسرون الخلافة لعلي عليه‌السلام وأولاده ، قبال خلافة بني أميّة وبني العباس.

١٨
١٩

الفصل الأول :

كيفية نشوء

الشيعة وتطورهم

٢٠