كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ جعفر السبحاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٠٨

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله ربّ العالمين والصلاة والسّلام على أشرف أنبيائه وخاتم رسله محمّد وعترته المنتجبين.

لا شكّ في أنّ علم الكلام من امّهات العلوم وأشرفها وذلك باعتبار موضوعه وما يبحث فيه من المسائل كمعرفة الخالق وصفاته الجلاليّة والجماليّه والمعاد وسائر اُصول الدين التي لابدّ للإنسان أن يؤمن بها عن معرفة وايقان واذغان ، ولا يجوز له التقليد فيها ، ولأهميّة هذا العلم وعظمته وجلالة موضوعه وأبحاثه اُلِّفت الكتب وصرفت فيه جهود أكابر العلماء وأساطين الفن ويعتبر المحقّق البارع الخواجة نصير الدين الطوسيّ قدّس الله روحه الزكيّة من أوّل مروّجي هذا العلم حيث ألّف كتاب تجريد الاعتقاد وهو كتاب دقيق متقن ، ولهذا نرى أنّ مثل العلّامة على الإطلاق ـ يعني الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي رضوان الله تعالى عليه صاحب العلوم العقليّة والنقليّة ـ قد أقدم على شرحه وتوضيح مرامه وسمّاه ب«كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد» ولله درّه على شرحه ، وحقّاً كما قيل «ولولا شرحه لما شرح هذا المتن» فعظمة هذا الكتاب يعرف من شخصيّة الماتن والشارح ، وبما أنّه من الكتب الدراسيّة في الحوزات اللعلميّة ومحطّ أنظار أهل العلم والفضل فلابدّ أن يكون سالماً من الأغلاط وخالياً من التشويهات والأوهام التي حصلت فيه إثر مرور الأزمنة المتمادية ، ولذلك قام المحقّق الكبير سماحة الاُستاذ الشيخ حسن حسن زاده الآملي أدام الله أيّام إفاضاته بجهود كثيرة وطاقات مشكورة ، وبذل وقته الشريف في مقابلة الكتاب لنسخ خطيّة قيّمة عزيزة الوجود وعلّق عليه بتعلقات أنيفة أزاح عنه التشويشات وأنار بقلمه المبهمات.

وبما أنّ المؤسّسة رغبت ـ كعادتها ـ أن تقدّم خدمة لطلبة العلم والحوزات العلميّة في هذا المجال قامت بنشر هذا الكتاب شاكرة مساعي المحقّق الاُستاذ سائلة من الله سبحانه التوفيق له ولهما لبثّ المعارف الاسلاميّة في النفوس المشتاقة لادراكها وتطبيقها في شؤون حياتهم ومجتمعاتهم إنّه خير ناصرٍ ومعين.

مؤسّسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة

١

«وكان هذا الشيخ [نصير الدّين الطّوسي] أفضل أهل عصره في العلوم العقليّة ، وله مصنّفات كثيرة في العلوم الحكميّة والشرعيّة على مذهب الإماميّة وكان أشرف من شاهدناه في الأخلاق ـ نوّر الله ضريحه ـ قرأت عليه «إلهيّات الشفاء» لأبي عليّ بن سيناء وبعض التّذكرة في الهيأة تصنيفه ، ثمّ أدركه الأجل المحتوم».

العلامة الحلّي

«روضات الجنّات:ج ٦ ص ٣٠٢»

٢

المقدمة علي كف المراد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لمن لا نفاد لكلماته والصلاة على من شرف الصلاة بالصلاة عليه وآله تراجم آياته.

وبعد فمما هو مشهود ذوي البصائر والأبصار ، ولا يعتريه امتراء ولا إنكار ، أن كتاب تجريد الاعتقاد من مصنفات سلطان المحققين الخواجه نصير الدين الطوسي رضوان الله تعالى عليه أم الكتب الكلامية وإمامها ، وقد احتوى أصول مسائلها على أجمل ترتيب وأحسن نظام لم يسبقه أحد قبله ، ولم ينسج من جاء بعده على منواله بل كلهم عياله.

وأن كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد من مؤلفات العلامة على الإطلاق ، أدل شرح عليه كما هو أول شرح عليه وقد أنصف الفاضل الشارح القوشجي في قوله وأجاد : لو لا كشف المراد لما فهمنا مراد تجريد الاعتقاد.

هذا الذي نقلنا عن القوشجي هو من مسموعاتنا ولكن مؤلف الذريعة إلى تصانيف الشيعة قال في الجزء الثالث منه في عنوان تجريد الكلام (ص ٣٥٢ ج ٣) ما هذا لفظه : وعليه حواشي لا تحصى وشروح كثيرة فأول الشروح شرح تلميذ المصنف آية الله العلامة الحلي المتوفى سنة ٧٢٦ ـ إلى أن قال رضوان الله تعالى عليه : الثالث شرح الشيخ شمس الدين محمود بن عبد الرحمن أحمد العامي الأصفهاني المتوفى سنة ٧٤٦ ، قال في أوله : أن العلامة الحلي هو أول من شرحه ولو لا شرحه لما شرح هذا المتن انتهى فراجع.

وأقول لنا نسختان من هذا الشرح للأصفهاني إحداهما كاملة وتاريخ كتابتها ٨٩٠ ، والأخرى عادمة من أولها عدة أوراق وتاريخ كتابتها ٨١٦ وما وجدنا العبارة المذكورة في أوله ولعلها من كلام الشيخ شمس الدين محمد الأسفرايني البيهقي في شرحه عليه.

ثم إن ما حدا المحقق الطوسي على تحرير تجريد الاعتقاد يعلم بما أبانه هو نفسه في

٣

فاتحة نقد المحصل حيث قال قدس‌سره العزيز : فإن أساس العلوم الدينية علم أصول الدين الذي يحوم سائله حول اليقين ولا يتم بدونه الخوض في سائرها كأصول الفقه وفروعه فإن الشروع في جميعها يحتاج إلى تقديم شروعه حتى لا يكون الخائض فيها وإن كان مقلدا لأصولها كبان على غير أساس ، وإذا سئل عما هو عليه لم يقدر على إيراد حجة أو قياس.

وفي هذا الزمان لما انصرفت الهمم عن تحصيل الحق بالتحقيق ، وزلت الأقدام عن سواء الطريق ، بحيث لا يوجد راغب في العلوم ولا خاطب للفضيلة ، وصارت الطباع كأنها مجبولة على الجهل والرذيلة ، اللهم إلا بقية يرمون فيما يرومون رمية رام في ليلة ظلماء ، ويخبطون فيما ينحون نحوه خبط عشواء ، ولم تبق في الكتب التي يتداولونها من علم الأصول عيان ولا خبر ، ولا من تمهيد القواعد الحقيقية عين ولا أثر ، سوى كتاب المحصل الذي اسمه غير مطابق لمعناه ، وبيانه غير موصل إلى دعواه ، وهم يحسبون أنه في ذلك العلم كاف وعن أمراض الجهل والتقليد شاف. والحق أن فيه من الغث والسمين ما لا يحصى والمعتمد عليه في إصابة اليقين بطائل لا يحظى ، بل يجعل طالب الحق بنظره فيه كعطشان يصل إلى السراب ، ويصير المتحير في الطرق المختلفة آيسا عن الظفر بالصواب ، رأيت أن أكشف القناع عن وجوه أبكار مخدراته وأبين الخلل في مكامن شبهاته ، وأدل على غثه وسمينه ، وأبين ما يجب أن يبحث عنه من شكه ويقينه. وإن كان قد اجتهد قوم من الأفاضل في إيضاحه وشرحه ، وقوم في نقض قواعده وجرحه ، ولم يجر أكثرهم على قاعدة الإنصاف ولم تخل بياناتهم عن الميل والاعتساف ، إلخ.

فكلماته المنبئة عما جرى على الناس من الزيغ والالتباس حتى اعتنوا على غير المحصل وبنوا كبان على غير أساس ، تدلك على أن التجريد حرر بعد النقد نسخا للمحصل لتحصيل الحق بالتحقيق وإزهاق الباطل بالحقيق ووزان التجريد إلى المحصل وزان شرحه على كتاب إشارات الشيخ إلى شرحه عليه فقد قال في أوله بما فعله بشرحه عليه ما هذا لفظه : فهو بتلك المساعي لم يزده إلا قدحا ولذلك سمى بعض الظرفاء شرحه جرحا.

والكتابان الكشف وشرح الخواجه على الإشارات قد تناولتهما أيادي أرباب العلوم

٤

العقلية في الأكناف ، وتداولتها ألسنة أصحاب التحصيل في الأطراف من زمن تأليفهما إلى الآن وقد خلا أكثر من سبعة قرون وهما سناما الكتب الدرسية من الكلامية والحكمة المشائية. ولم يأت أحد بعدهما مع طول العهد بتأليف يضاهيهما بل الكل يباهي بتعليمهما وتعلمهما اللهم إلا بالتعليق الإيضاحي على طائفة من مسائلهما ، أو الشرح التفصيلي عليهما.

ثم لا يعجبني أن أصف لك ما كابدته طول مدد مديدة في عمل هذا الكتاب القيم حتى استقام على هذا النهج القويم. فكأنك تظن بالنظرة الأولى أنه تأليف جديد عرضناه عليك ولكنه كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد للعلمين الآيتين على الإطلاق المحقق الطوسي والعلامة الحلي رضوان الله تعالى عليهما ، وقد قيض الله سبحانه لنا وأنفذ إنقاذه من دياجير تحريفات مظلمة مشوهة موحشة ينبئك عنها عرضه على ما طبع منه من قبل أي طبع كان.

ولما كان شهرة الكتاب وعظم شأنه وجلالة قدر ماتنه وشارحه المشتهرين في الآفاق قد أغنتنا عن الوصف والتعريف فإنما الحري بنا إراءة ما جرى على الكتاب وعمل فيه من جدد التصحيح بعون الهادي إلى الصواب وهو ما يلي :

أولا : أن أستاذنا العلامة الشعراني قدس‌سره الشريف كان شديد الاعتناء بالتجريد وكشف المراد ، فقد شرح آخر الأمر التجريد بالفارسية شرحا مجديا كثير الجدوى جدا وهو مطبوع مستفاد.

ولا أنسى إيصاءه لنا غير مرة في تضاعيف كلماته السامية في حضرته العالية بالعناية بذلك الكتاب المستطاب أعني كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد فقد اقتفينا أثره وأخذنا في سالف الزمان حين اشتغالنا في مدرسة المروي بطهران على واقفها التحية والرضوان وقد مضى إلى الآن أكثر من خمس وعشرين سنة ، في تدريسه وتصحيحه والتعليق عليه فقد صححناه بقدر الإمكان وعلقنا عليه تعليقات وحواشي من بدوه إلى ختمه وقد استنسخها غير واحد من الفضلاء بعد الاطلاع عليها والإقبال إليها.

وثانيا : كلما مست الحاجة في آونة دروسنا ، أو أثناء تأليفاتنا الحكمية والكلامية بل الرياضية إليه ، فحصنا مطالب البحث على التحقيق وزدنا عليها إضافات مما يليق

٥

وتصحيحات بما هو جدير وحقيق.

وثالثا : قد حصلت لنا بتوفيق الله سبحانه مرة بعد أخرى ، عدة نسخ مخطوطة عتيقة وغير عتيقة من التجريد وشروحه من كشف المراد وشرح الأصبهاني وشرح القوشجي والشوارق وغيرها فقد استفدنا منها لتصحيح الكتاب متنا وشرحا. ولكن لم يكن الكتاب بعد خاليا من الأغلاط والتحريف. وأما النسخ المطبوعة منه فكلها غير صالحة للاعتماد وقد طبع بعضها من بعض بالتقليد إلا أن بعضها أقل أغلاطا من الآخر من حيث الأغلاط المطبعية وهو كما ترى.

ورابعا : قد بلغ التصحيح كماله وطلع كالبدر المنير جماله بما أقدم مؤسسة النشر الإسلامي في دار العلم قم ـ زادهم الله تعالى توفيقا في إحياء آثار الغابرين لنشر المعارف الإلهية ـ إلى طبع هذا السفر الكريم وإعادة نشره على الوجه الوجيه والنهج القويم فقد بذلوا جهدهم لإنجازه وإنفاذه فهيئوا عدة نسخ نفيسة عتيقة جدا من خزائنها القيمة من المكاتب العامة ثم فوضوا ذلك الخطير إلى هذا الحقير فأصبح على وجه نرجو الله سبحانه أن يجعله مشكورا.

وتلك النسخ الآتي وصفها غير واحدة منها مصححة قراءة وقبالا ، وتنميق بعضها يحاكي عهد التأليف والآخر ينادي قرب العهد منه ، وكلها لسان واحد ناص على أن الكتاب متنا وشرحا قد ناله صرف الدهر فكأنما فعل به ما فعل بالكلام العجمي في تضاعيف العربي بقولهم عجمي فالعب به ما شئت.

فتبين لنا أولا : أن ما جرى في سالف الأيام على كشف المراد للطبعة الأولى ثم على منوالها تبعتها طبعات أخرى ، هو أن نسخة من التجريد كانت عباراته الوجيزة قد قيدت بكلمات وجمل كأنهما مأخوذتان من كشف المراد للتبيين والإيضاح فظن بها أنها نسخة أصيلة فجعلوها متنا فليس المتن في المطبوع من كشف المراد أي طبع كان متنا ناصعا بل الدخيل فيه ليس بأقل من الأصيل حتى أن المتن الذي آثره الأستاذ العلامة الشعراني روحي فداه في شرحه عليه ففي مواضع منه كلام ودغدغة.

وثانيا : أن كشف المراد لما كان إلى الآن وقد خلت من تأليفه قرون ، كتابا متداولا

٦

للدراسة عند محصلي العلوم فكثرت عليه تعليقات للشرح والإيضاح إما بإيجاز وهو أكثر وإما بإطناب وهو قليل ، أدرج الحشو في الكشف فطبع الخليط مع الصريح. ومما يشهد بذلك أن كل نسخة لاحقة منه تحوي زوائد تخلو عنها سابقتها ، على أن سياق العبارات وحده حاكم على الزيادات.

وثالثا : قد حرفوا كثيرا من الأقاويل عن فحاويها ، وعرفوا بإزائها الأباطيل في مجاريها كأن الناظر يظن في تمادي المس أن الكتاب قد أصابه دس. كما أنك ترى عبارة الماتن في مطاعن الثاني هكذا : وقضى في الحد بمائة قضيب ، والصواب وقضى في الجد مائة قضية ، أي قضى في ميراث الجد بمائة حكم مختلفة يعني أنه كان يتلون في الأحكام.

وترى عبارة الشارح في المقام هكذا : أقول هذه مطاعن أخر وهو أن عمر لم يكن عارفا بأحكام الشريعة فقضى في الحد بمائة قضيب وروي تسعين قضيبا وهو يدل على قلة معرفته بالأحكام الظاهرة.

والصواب أقول هذه مطاعن أخر ، وهو أن عمر غير عارف بأحكام الشريعة فقضى في الجد بمائة قضية وروي تسعين قضية وهذا يدل على قلة معرفته بالأحكام الظاهرة.

وقد قال علم الهدى في الشافي (ص ٢٥٦ ط ١) في عد مطاعن الثاني عن الكتاب المغني للقاضي عبد الجبار : قال صاحب الكتاب (يعني به القاضي المذكور في الكتاب المغني) واحد ما نقموا عليه أنه كان يتلون في الأحكام حتى روي عنه أنه قضى في الجد بسبعين قضية وروي مائة قضية إلخ. وفي تلخيص الشافي لشيخ الطائفة (ص ٤٣٨ ط ١) ومما طعنوا عليه أنه كان يتلون في الأحكام حتى روي أنه قضى في الجد سبعين قضية وروي مائة قضية إلخ. والمحقق الطوسي في إمامة التجريد ناظر إلى الشافي وتلخيصه كما يعلم بعرضه عليهما. وعلم الهدى وشيخ الطائفة من سلسلة مشايخه لأنه قرأ المنقول على والده محمد بن الحسن وهو تلميذ فضل الله الراوندي وهو تلميذ السيد المرتضى علم الهدى والشيخ الطوسي.

ورابعا : قد وجدنا من أساليب عبارات بعض النسخ سيما في فصول الإمامة منه أن الكاتب كان من العامة وكلما كان مثلا ذكر اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان

٧

يكتب الكاتب بعد ذكر الصلوات على ما هو المتعارف بينهم ، ثم رأينا نسخا أخرى كان ذكر الصلوات فيها بحيث اشتهر بين الإمامية أي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهكذا الكلام في ذكر الوصي وسائر الأوصياء عليهم‌السلام وفي غير الوصي فتدبر.

اعلم أنا لم نكتف باقتفاء السيرة من جعل نسخة أصلا وإماما ونقل اختلافات النسخ الأخرى في ذيل الصفحات وهذا الدأب وإن لم يكن فيه بأس ولكن رأينا الأحرى منه أنه كلما أقبل أمر الاختلاف أن يرد إلى مأخذه الأصيلة التي يعلم بها ما يحسم به مادة الاختلاف ، لأن كل فن له اصطلاحات خاصة يجب مراعاتها فمن زاغ عنها فقد أزاغ.

نماذج في ذلك.

ألف : في المسألة السابعة والثلاثين من الفصل الأول من المقصد الأول في تصور العدم كانت العبارة في النسخ المطبوعة من الكتاب هكذا : ويمكنه أن يقيسه إلى جميع الماهيات فيمكنه أن يلحظه باعتبار نفسه فيتصور الذهن عدم نفسه ، وكذلك يمكنه أن يلحظ نفس العدم.

والصواب : ويمكنه أن ينسبه إلى جميع الماهيات فيمكنه أن يلحظه باعتبار نفسه فيتصور عدم الذهن نفسه ، وكذلك يمكنه أن يلحقه نفس العدم. (ص ٦٨)

قوله وكذلك يمكنه أن يلحقه نفس العدم ، أي وكذلك يمكن الذهن أن يلحق العدم نفس العدم ، فيكون يلحق من الإلحاق وكل واحد من العدم ونفس العدم منصوب على المفعولية.

ب : في المسألة الثالثة والأربعين من ذلك الفصل في أن الحكم بحاجة الممكن إلى المؤثر ضروري ، كانت العبارة هكذا : وتقرير السؤال أن الممكن لو افتقر إلى المؤثر لكانت مؤثرية المؤثر لكونها وصفا محتاجا إلى الموصوف ممكنا محتاجا إلى المؤثر في ذلك إن كانت وصفا ثبوتيا في الذهن. (ص ٧٨)

والصواب : وتقرير السؤال أن الممكن لو افتقر إلى المؤثر لكانت مؤثرية المؤثر في ذلك الأثر إن كانت وصفا ثبوتيا في ذلك.

٨

والعبارة الباقية تعليقة أدرجت في الكتاب ، ثم حرفت عبارة الكتاب كي يستقيم ربط بعضها مع بعض كما أن السياق ينادي بذلك أيضا.

ج : في المسألة العاشرة من ثاني ذلك المقصد في أقسام الواحد ، كانت العبارة عند قول الماتن والوحدة في الوصف العرضي إلخ. هكذا : أقول فإن الوصف العرضي. (ص ١٠٣)

والصواب : أقول الوحدة في الوصف العرضي والذاتي تتغاير أسماؤها بتغاير المضاف إليه فإن الوصف العرضي.

فقد أسقط من الكتاب سطر كامل.

د : في أول المسألة الثانية من ثاني المقصد الثاني ، قد أدرجت تعليقة في الشرح تنتهي إلى صفحة كاملة من الكتاب فراجع (ص ١٥٩) وهكذا في شرح قوله والهواء حار رطب إلخ. قد أدرجت تعليقة في عبارة الشرح تنتهي إلى نصف صفحة. (ص ١٦١)

ه : وفي آخر تلك المسألة (ص ١٦٣) في طبقات الأرض كانت العبارة هكذا : الخامس في طبقاتها وهي ثلاث طبقة هي أرض محضة وهي المركز وما يقاربه وطبقة طينية وطبقة مخلوطة بغيرها بعضها منكشف وهو البر وبعضها أحاط به البحر.

والصواب : الخامس في طبقاتها وهي ثلاث : طبقة هي أرض محضة وهي المركز وما يقاربه وطبقة طينية وطبقة بعضها منكشف هو البر وبعضها أحاط به البحر. كما في النسخ الأصيلة المعتبرة الآتي ذكرها.

عبارة الشيخ قدس‌سره في الشفاء كذلك : فيشبه لذلك أن تكون الأرض ثلاث طبقات طبقة تميل إلى محوضة الأرضية ، وتغشاها طبقة مختلطة من الأرضية والمائية وهو طين ، وطبقة منكشفة عن الماء جفف وجهها الشمس وهو البر والجبل وما ليس بمنكشف فقد ساح عليه البحر. (ج ١ ص ٢٢٧ ط ١)

وعبارة القاضي زاده الرومي في شرحه على الملخص في الهيئة للجغميني هكذا : وهي ـ يعني بها العناصر ـ تسع طبقات في المشهور عند الجمهور كالأفلاك : طبقة الأرض الصرفة المحيطة بالمركز ، ثم طبقة الطينية ، ثم طبقة الأرض المخالطة التي تتكون فيها المعادن

٩

وكثير من النباتات والحيوانات ، ثم طبقة الماء ، ثم طبقة الهواء المجاور للأرض والماء إلخ. (ص ١٨ من طبع الشيخ أحمد الشيرازي).

و : في المسألة الثالثة عشرة من رابع المقصد الثاني في أنواع الإحساس ، كانت عبارة الماتن في البصر هكذا : ومنه البصر وهي قوة مودعة في العصبتين المجوفتين اللتين تتلاقيان وتتفارقان إلى العينين بعد تلاقيهما بتلك ويتعلق بالذات بالضوء واللون. (ص ١٩٦)

والصواب : ومنه البصر ويتعلق بالذات بالضوء واللون.

والعبارات الباقية زيادة أدرجت في المتن.

ز : المسألة الثالثة من مسائل المضاف في أن الإضافة ليست ثابتة في الأعيان (ص ٢٥٨) ، يعلم ما فيها من وجوه التحريف بمقابلتها مع النسخ الرائجة المطبوعة ولمزيد الاستبصار والاطمئنان راجع إلى الشفاء (ج ٢ ص ١٠٨ ط ١).

ح : في المسألة السابعة من المقصد الثالث في نبوة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (ص ٣٥٤) ، ترى تحريفات كثيرة يطول بذكرها الكلام ، فليعلم أن راعي الغنم هو أهبان بن أوس. وفي منتهى الأرب أهبان كعثمان صحابى بوده است. وفي الخصائص الكبرى للسيوطي أهبان بن أوس (ج ٢ ص ٢٦٨ من طبع مصر ، وج ٢ ص ٦١ من طبع حيدرآباد) وفي أسد الغابة أيضا (ج ١ ص ١٦١).

وكذلك العنسي بالعين المهملة المفتوحة والنون الساكنة ففي الخصائص للسيوطي الأسود العنسي (ج ٢ ص ١١٦ من طبع مصر) وكذلك العنسي من الأنساب للسمعاني.

ط : في المسألة السادسة من المقصد الخامس في مطاعن الأول (ص ٣٧٤) عند قوله ولقوله إن له شيطانا يعتريه كانت عبارة الشارح العلامة هكذا : أقول هذا دليل آخر على عدم صلاحيته للإمامة وهو قوله إن لي شيطانا يعتريني وهذا يدل على اعتراض الشيطان له إلخ.

والصواب : أقول هذا دليل آخر على عدم صلاحيته للإمامة وهو ما روي عنه أنه قال مختارا : وليتكم ولست بخيركم فإن استقمت فاتبعوني ، وإن اعوججت فقوموني ، فإن

١٠

لي شيطانا عند غضبي يعتريني فإذا رأيتموني مغضبا فاجتنبوني لئلا أوثر في إشعاركم وإبشاركم وهذا يدل على اعتراض الشيطان له إلخ.

وهذه الزيادة موجودة في النسخ المخطوطة وإنما أسقطت من النسخ المطبوعة ونحو هذا الدس على الكتاب كثير وإنما التعرض بها ينجر إلى الإسهاب وراجع في ذلك إلى تلخيص الشافي المذكور أيضا. (ص ٤١٥ ط ١)

اعلم أن هذا الكتاب الكريم أعني كشف المراد مع عظم شأنه في الكلام وإفصاحه عن حق المرام ، وكان دراسته طول قرون سائرة بين الأعلام ، ودائرة بين طالبي الإيقان من أهل الإسلام ، كأنه كاد أن يكون منسيا ، وينحى عن الكتب الدرسية منحيا ومرميا ، مع أنك لا تجد كتابا آخر في الكلام كان له بديلا ، فأقول لك قاطعا ليس هذا إلا لمكان فصول الإمامة فيه وقد توازرت أياد وازرة بأفواه منكرة وآراء فائلة على إنسائه فتبصر. وأنت ترى مؤلف الشرح القديم العامي الأصبهاني يصف التجريد أولا ثم يعزي المحقق الطوسي إلى العدول عن سمت الاستقامة في مباحث الإمامة وهذا ما أتى به في أول كتابه بألفاظه : وقد صنف فيه ـ يعني في علم أصول الدين ـ مصنفات شريفة ومختصرات لطيفة من جملتها المختصر الموسوم بالتجريد المنسوب إلى المولى الإمام المحقق ـ العلامة النحرير المدقق الحبر الفاخر والبحر الزاخر ، المكمل علوم الأولين أفضل المتقدمين والمتأخرين سلطان الحكماء المتألهين نصير الملة والحق والدين مطاع الملوك والسلاطين محمد الطوسي كساه الله جلابيب رضوانه وأسكنه أعلى غرف جنانه ، وهو صغير الحجم غريز العلم. يحتوي من الرقائق الأصولية على أسناها ، وينطوي من الحقائق العلمية على أجلاها يشتمل على بدائع شريفة وغرائب لطيفة لكن لغاية الإيجاز نازل منزلة الإلغاز فأشار إلي من طاعته فرض بأن أشرح له شرحا أحرر معاقده وأقرر قواعده وأشير إلى أجوبة ما أورد فيه من الشبهات خصوصا على مباحث الإمامة فإنه قد عدل فيها عن سمت الاستقامة وسميته بتسديد العقائد في شرح تجريد القواعد. انتهى ما أردنا من نقل كلامه ملخصا.

ثم إن الكتاب بشهادة جميع نسخه والتذكرة الرجالية موسوم بتجريد الاعتقاد فما ترى

١١

من تسميته شرحه بتسديد العقائد في شرح تجريد القواعد ، وما أوجب العدول عن الاعتقاد بالقواعد فاحدس أن تحذلق فئة نكراء واقتفاء أغمار عمياء دار فيما أشرنا إليه من الإنساء. ولكن الله (مُتِمُّ نُورِهِ) و (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ). نعم قد نقل في الذريعة (ج ٣ ص ٣٥٤) أنه سماه تسديد القواعد في شرح تجريد العقائد وسيأتي كلامنا فيه أيضا والله تعالى نسأل العصمة والسداد.

ي : عبارة الشارح العلامة في مطاعن الثالث حيث يقول : واستعمل الوليد بن عقبة حتى ظهر منه شرب الخمر وصلى بالناس وهو سكران (ص ٣٧٩) قد حرفت في بعض النسخ بالوليد بن عتبة. والوليد بن عقبة بالقاف هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط بالتصغير وهو ممن أخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه من أهل النار فراجع إلى مروج الذهب للمسعودي (ج ٢ ص ٣٤٣ ط مصر) وهو الذي ولاه عثمان أمور المسلمين. وأما الوليد بن عتبة بالتاء فهو الوليد بن عتبة بن ربيعة قتله أمير المؤمنين على عليه‌السلام في غزاة بدر فراجع إلى سيرة ابن كثير (ج ٢ ص ٤١٣ ط مصر).

يا : في عبارات الشارح العلامة في إخبار أمير المؤمنين عليه‌السلام بالغيب كإخباره بقتل ذي الثدية (ص ٣٩٠) ، تحريفات عجيبة تعلم بمقابلة هذه النسخة مع ما طبع من قبل أي طبع كان ، وراجع في ذلك إلى مروج الذهب للمسعودي (ج ٢ ص ٤١٧ ط مصر) أو مأخذ أخرى أصيلة.

يب : عبارات الشارح العلامة في خبر الطائر والمنزلة والغدير (ص ٣٩٣) محرفة جدا يعلم بالمقابلة وهكذا في مواضع أخرى كثيرة ينجر التعرض بها إلى الإسهاب والخروج عن مقدمة الكتاب وغرضنا كما قلنا أولا هو إراءة نماذج فيما جرى على ذلك الكتاب المستطاب.

وأما النسخ التي هي أصول مصادر تصحيح الكتاب ومأخذه فهي ما يلي :

١ ـ نسخة فريدة مصورة من أصلها المحفوظ في خزانة مكتبة المجلس بطهران وهذه النسخة النفيسة القيمة هي أقدم الأصول المعتبرة التي آثرناها واعتمدنا عليها في تصحيح

١٢

كشف المراد وقد نال عدة مواضع منها صرف الدهر فكتبت ثانيا ، منها صحيفة آخر الكتاب حيث نمقت كرة أخرى وتنتهي بهذه العبارات : قد عمرت وأتممت وفتنت من نسخة الأستاذ العالم الرباني مولانا محمد باقر المجلسي طالبا لوجه الله الغني في أوان أتوطن في المدرسة السليمانية واشتغل مع تشتت الحال وتراكم الأشغال في سنة تسع وتسعين بعد ألف من الهجرة إلخ. والنسخة وإن كانت بتراء ولا تاريخ لكتابتها الأولى لكن أسلوبها لسان ناص على أنها باقية من عهد تأليفها وقد صينت من حوادث الدهور. وحرف (م) جعلناه علامة لها أي النسخة المؤثرة. وتضاعيفها حاكية على أن كاتبها الأول لم يكن من الإمامية. والنسخة على رغم قدمها لم تكن مقروة على نسخة مصححة ولا قوبلت بها ولا يرى فيها أثر الإجازة في القراءة على الوجوه المأثورة من السلف الصالح ولذا لا تخلو من الأسقاط والأغلاط. والعجب أن رسم خطها على الرسم الدارج الآن في مملكة تونس كما أن رسم القرآن الكريم المطبوع التونسي يضاهي رسمها ويحاكيه.

٢ ـ نسخة عتيقة فريدة من تجريد الاعتقاد فقط وهي أقدم نسخ رأيناها من تجريد الاعتقاد حتى تفوه بأنها من خط المحقق الطوسي (قدس‌سره) لما كتب في آخرها هكذا : خط خواجه نصير. ولكن النسخة قوبلت وصححت بعد الكتابة ثانيا وبلغ تصحيحها ومقابلتها إلى قريب من النصف ولم يتم وتوجد في نصفه الثاني أغلاط وأسقاط أيضا فحصل لنا القطع بأنها ليست من خطه ولكنها كالأولى باقية من عهد تأليفها أو قريبة العهد منه وهي ومتن الأولى متطابقتان إلا نادرا ولذا كانت النسخة في تصحيح المتن عونا جدا بل الحق أن تصحيح تجريد الاعتقاد بتلك النسخة بلغ كماله. والأسف أنها مع كونها كاملة ، فاقدة للتاريخ ، وقد بقي أثر من خط في آخر الصفحة بعد تمام النسخة قد محي أكثره وكأنما أصابه ماء وكتب في جانبه الأنسى هذه العبارة : خط خواجه نصير فلا يبعد أن تكون هذه العبارة! أعني خط خواجه نصير ناظرة إليه وقد أمضاه كما كان من سيرة السلف ، أو الخط الآخر من هذه النسخة هو خط الخواجه (قدس‌سره) أمضاه بذلك كما هو أيضا كان من دأب علمائنا الغابرين ولنا نسخة من كتاب مصائب النواصب في الرد على كتاب النواقض لبعض العامة مما صنفه الشهيد القاضي نور الله

١٣

الحسيني المرعشي الشوشتري رفع الله درجاته وآخرها ثلاثة أسطر ونصف من خطه الشريف.

وكيف كان فالنسخة مصورة من أصلها المحفوظ في مكتبة المجلس بطهران. وحرف (ت) علامة لها أي تجريد الاعتقاد. والنسخة مكتوبة بخط واحد على كمالها ، ومزدانة بتعليقات موجزة مفيدة عليها.

٣ ـ نسخة مصورة من أصلها المصون في المكتبة المركزية بطهران تحت رقم ١٨٦٥ ، تاريخ كتابتها ٨٥١ ه‍. ق وهي نسخة كاملة مصححة مقروة مزدانة بعلامة القراءة من البدء إلى الختم بهذه العبارة : بلغت قراءة أبقاه الله تعالى إلا أن رسم خطها ليس بحسن بل نازل ردي جدا وإنما يمكن قراءة أكثر مواضعها بالعرض على نسخ أخرى وتتم النسخة بما كتبه كاتبها هكذا : وفرغ من كماله أضعف العباد وأحوجهم إلى رحمة الله محمد بن علي بن ناصر العينعاني عفا الله عنه وعمن نظر فيه ودعا له بالمغفرة ولسائر المؤمنين وذلك في سلخ شهر رمضان المعظم من شهور سنة ٨٥١ ، إحدى وخمسين وثمانمائة هجرية نبوية على هاجرها أفضل الصلاة والسلام أيها الناظرون في رسم خطي أعذروني إلخ. والنسخة مكتوبة بخط واحد ، مصونة على هيئتها الأولى من غير عروض عارض عليها وجعلنا حرف (ص) علامة لها تدل على صحتها. وهذه النسخة الكريمة القيمة تطابق الأوليين متنا وشرحا وقلما يوجد اختلاف.

٤ ـ نسخة مصورة من أصلها المحفوظ في خزانة مكتبة آية الله المرعشي دامت بركاته الوافرة في دار العلم قم صينت في حصن واليها ووليها بقية الله قائم آل محمد أرواحنا فداه تحت رقم ٧٢٧ وهذه الصحيفة الثمينة مزدانة من بدئها إلى ختمها بعلامة القراءة بهذه العبارة بلغت قراءة أبقاه الله وفي موضع أعز الله نصره وفي آخر أيده الله وفي آخر أدام الله بقاءه وفي آخر بلغ فقط وتاريخ كتابتها ٧٣١ ه‍. ق وعبارة الكاتب في آخرها هكذا : فرغت من تسويده يوم السبت وقت الظهر لخمس بقين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وسبع مائة. ولفظة (ق) جعلناها علامة لها.

ومن محاسن هذه النسخة أن كل كلمة كررت في العبارة ، كتبت فوق الثانية منها

١٤

لفظة صح ، حتى لا تتوهم أن الثانية زائدة مثلا في آخر المسألة الثالثة من أول الكتاب يقول الشارح العلامة : وتقرير الجواب أن نقول الوجود قائم بالماهية من حيث هي هي لا باعتبار كونها موجودة ولا باعتبار كونها معدومة ، فمكتوبة فوق كلمة هي الثانية لفظة صح. ونظائره في الكتاب كثيرة وهذه السيرة الحسنة كانت جارية معمولا بها بين علمائنا السلف في قراءة الروايات وصحف الأدعية المأثورة عن وسائط الفيض الإلهي صلوات الله عليهم حيث إن كل كلمة كانت قراءتها مروية على وجهين كانوا يعربونها مشكوكة على الوجهين ثم يكتبون فوقها لفظة معا تدل على رواية القراءتين معا ، كما لا يخفى على العارف بها.

لكن الأسف أن النسخة قد ناولتها أيادي الآفات فسقطت منها مواضع كثيرة ثم كتبت وكملت ثانيا لا تضاهي الأول بوجه ، وأواسطها ساقطة تنتهي إلى خمسين صفحة من تلك النسخة وبقيت كما كانت على حالها ولم تكمل بعد.

ومما ينبغي أن يشار إليه في المقام أن سائر النسخ في المسألة الأولى من ثاني المقصد الثاني في البحث عن الأجسام الفلكية ، تحوز زيادة وهذه النسخة خالية عنها وليس الخلو بإصابة آفة أو إزالة مزيل بل النسخة من أصلها هكذا. ولا يبعد أن كانت الزيادة حاشية أدرجت في الشرح وزادت في النسخ الأخرى وكم لها من نظير في هذا الكتاب ولكن لما كانت النسخة بذلك الخلو متفردة لم نسقطها وأبقيناها على وزان سائر النسخ. وعبارة هذه النسخة في المقام هي هكذا :

قال خالية من الكيفيات الفعلية والانفعالية ولوازمها.

أقول هذا حكم آخر للأفلاك وهو أنها غير متصفة بالكيفيات الفعلية أعني الحرارة والبرودة وما ينسب إليهما ولا الكيفيات الانفعالية أعني الرطوبة واليبوسة وما ينسب إليهما وغير متصفة بلوازمها أعني الثقل والخفة. قال شفافة. أقول استدلوا على شفافية الأفلاك بوجهين إلخ. وأما العبارات الباقية كما تراها في الكتاب فتلك النسخة عارية عنها.

واعلم أن هذه النسخ الأربع هي الأصول الأولية لنا في تصحيح الكتاب. وكل واحدة منها وإن كانت لا تخلو من أسقاط وأغلاط ، لكنها معا تعطي نسخة كاملة منقحة

١٥

غاية التنقيح إلا وهي هذه الطبعة التي بين يديك.

٥ ـ نسخة مصورة من أصلها المحفوظ في مكتبة المجلس بطهران أيضا تحت رقم ٥٣٠ / ١٤٣١٠ مكتوبة بعدة خطوط قديمة وحديثة تدل على أنها قد تداولتها أيادي الآفات. على أن ما صينت منها عارية عن إجازة القراءة ونحوها والظاهر أن تاريخ كتابتها من القرن السابع أو الثامن. وفي ظهر صحيفته الأولى مكتوبة تارة هكذا : في نوبة المفتقر إلى الله الواحد عبده إبراهيم بن راشد بن يوسف بن محمد سنة خمس وخمسين وتسعمائة.

وأخرى هكذا : من عواري الزمان عند العبد المذنب الجاني حيدر علي بن عزيز الله المجلسي الأصفهاني ثم مختوم بخاتمه ونقشه عبده حيدر علي وجعلنا حرف (د) علامة لها.

٦ ـ نسخة مصورة من أصلها المحفوظ في الشعبة الإلهية من جامعة المشهد الرضوي (ع) تحت رقم ٤٥٢ والنسخة كاملة مكتوبة بخط واحد ، مزدانة بتعليقات وتاريخ كتابتها ١٠٨٩ ه‍. ق وآخرها مكتوبة هكذا : وقع الفراغ من تحرير هذا الكتاب في أواخر شهر محرم الحرام سنة سبعين وسبعمائة ٧٧٠ على يد أضعف عباد الله علي بن الحسن كذا في نسخة كتبت هذه النسخة منها.

وبعد عبارة الفوق كتب كاتب هذه النسخة في ذيل الصفحة هكذا : هو الموفق قد شرف بتكتيب هذه النسخة الشريفة إلى قوله : في شهور سنة تسع وثمانين بعد الألف هجرية إلخ وحرف (ش) علامة لها.

والنسخة أيضا عارية عن إجازة القراءة ونحوها إلا أن في آخرها مكتوبة في هامشها الوحشي بلغ قبالا. وصورة رسم هذه الجملة أعني بلغ قبالا تضاهي رسم الخط الكتاب.

بل الكاتب واحد ولا دغدغة فيه. والنسخة متفردة بحسن الخط.

٧ ـ نسخة مصورة من أصلها المصون في المكتبة المركزية بطهران تحت رقم ١٨٦٩ وتاريخ كتابتها ١٠٩٣ ه‍. ق. والنسخة مكتوبة كاملة بخط واحد وعليها تعليقات. ويتم آخرها بما حرره الكاتب بقوله هكذا : وقد وفق الله سبحانه وتعالى ـ العبد الحقير الجاني علي بن أحمد بن سليمان البلادي البحراني لنفسه ولمن شاء الله من بعده في مدة آخرها

١٦

اليوم الثاني والعشرين في شهر جمادى الآخر من السنة الثالثة والتسعين وألف وصلعم.

والنسخة عارية أيضا عن إجازة القراءة ونحوها وحرف (ز) علامة لها.

اعلم أن هذه النسخ الثلاث وإن لم تكن في رتبة الأربع الأولى ولكنها كانت كالمتممة في تصحيح الكتاب واستفدنا منها كثيرا.

ثم تلي النسخ المذكورة عدة نسخ أخرى مخطوطة مما يتعلق بالراقم ، من تجريد الاعتقاد وكشف المراد وشرح الأصبهاني المعروف بالشرح القديم والمسمى بتسديد العقائد في شرح تجريد القواعد وشرح القوشجي المعروف بالشرح الجديد وشرح اللاهيجي المسمى بشوارق الإلهام ، وقد راجعنا إليها في مواضع اللزوم و ـ هكذا كثير من الكتب الحكمية والكلامية كالشفاء والأسفار والمواقف وشرح المقاصد وغيرها مما استفدنا منها في مواضع الحاجة لتصحيح الكتاب.

تبصرة :

قال محيي آثار الإمامية مؤلف الذريعة ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في الجزء الثالث منه في عنوان تجريد الكلام ما هذا لفظه :

تجريد الكلام في تحرير عقائد الإسلام لسلطان الحكماء والمتكلمين خواجه نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة ٦٧٢ هو أجل كتاب في تحرير عقائد الإمامية أوله أما بعد حمد واجب الوجود على نعمائه ... فإني مجيب إلى ما سألت من تحرير مسائل الكلام وترتيبها على أبلغ نظام ـ إلى قوله ـ وسميته بتحرير العقائد ورتبته على ستة مقاصد فيظهر منه أنه سماه تحرير العقائد لكنه اشتهر بالتجريد ، إلخ. (ج ٣ ص ٣٥٢).

أقول : ما أدى إليه نظره الشريف من تسمية الكتاب بتحرير العقائد ، وإن كان يؤيده عمل السلف والخلف من تأليف الكتاب باسم التحرير كتحرير الأحكام الشرعية على مذاهب الإمامية للشارح العلامة وسيما عدة تحريرات أصول رياضية من الأوليات كتحرير أصول أقليدس والمتوسطات كتحرير أكر مانالاءوس إلى النهايات. كتحرير المجسطي ولكن النسخ المذكورة الأصلية كلها ناصة من غير التباس على قوله وسميته بتجريد الاعتقاد ، أو وسمته بتجريد الاعتقاد ، حتى

١٧

أن النسخة الأولى بل أكثر النسخ صريحة على التجريد في قوله أولا : فإني مجيب إلى ما سألت من تجريد مسائل الكلام. على أن تسمية العلامة شرحه بكشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد وهو تلميذه وكذلك كلام الخواجه تسجيعا وسميته بتجريد الاعتقاد والله أسأل العصمة والسداد وأن يجعله ذخرا ليوم المعاد ، وكذلك تسمية شمس الدين الأسفراييني شرحه بتعريد الاعتماد في شرح تجريد الاعتقاد كلها ينادي بأن الكتاب موسوم بتجريد الاعتقاد ـ لا تجريد العقائد أو القواعد كما في نسخة من الشرح القديم متعلقة بنا.

وليكن هذا آخر ما رأينا تقديمه في المقدمة وكان شروعنا في التصحيح الجديد في السادس عشر من شهر الله المبارك من شهور سنة ١٤٠٣ من الهجرة النبوية على هاجرها آلاف التحية والثناء ، وقد حصل الفراغ منه في غرة شعبان المعظم من سنة ١٤٠٤ ه‍. ق. (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). الخامس من شهر الله المبارك من ١٤٠٤ ه‍. ق ١٥ / ٣ / ١٣٦٣ ه‍. ش.

قم ـ حسن حسن زاده آملى

١٨

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القاهر سلطانه ، العظيم شأنه ، الواضح برهانه ، العام إحسانه ، الذي أيد العباد بمعرفته وهداهم إلى حجته ليفوزوا بجزيل الثواب العظيم المخلد ، ويخلصوا من العقاب الأليم السرمد ، وصلى الله على أكمل نفس إنسانية وأزكى طينة عنصرية محمد المصطفى وعلى عترته الأبرار وذريته الأخيار وسلم تسليما.

أما بعد فإن كمال الإنسان إنما هو بحصول المعارف الإلهية وإدراك الكمالات الربانية إذ بصفة العلم يمتاز عن عجم الحيوانات ، ويفضل على الجمادات ولا معلوم أشرف من واجب الوجود تعالى فالعلم به أكمل من كل مقصود وإنما يتم بعلم الكلام فإنه المتكفل بحصول هذا المرام فوجب على كل مكلف من أشخاص الناس الاجتهاد في إزالة الالتباس بالنظر الصحيح في البراهين وطلب الحق بالتعيين ، ووجب على كل عارف من العلماء إرشاد المتعلمين وتسليك الناظرين وقد كنا صرفنا مدة من العمر في وضع كتب متعددة في هذه العلوم الجليلة وإحراز هذه الفضيلة والآن حيث وفقنا الله تعالى للاستفادة من مولانا الأفضل العالم الأكمل نصير الملة والحق والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي قدس الله تعالى روحه الزكية في العلوم الإلهية والمعارف العقلية ووجدناه راكبا نهج التحقيق سالكا جدد التوفيق معرضا عن سبيل المغالبة تاركا طريق المغالطة تتبعنا مطارح أقدامه في نقضه وإبرامه ولما عرج إلى جوار الرحمن ونزل بساحة الرضوان وجدنا كتابه الموسوم بتجريد الاعتقاد قد بلغ فيه أقصى المراد وجمع جل مسائل الكلام على أبلغ نظام كما ذكر في خطبته وأشار في ديباجته إلا أنه أوجز ألفاظه في الغاية وبلغ في إيراد

١٩

المعاني إلى طرف النهاية حتى كل عن إدراكه المحصلون وعجز عن فهم معانيه الطالبون فوضعنا هذا الكتاب الموسوم بكشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد موضحا لما استبهم من معضلاته وكاشفا عن مشكلاته راجيا من الله تعالى جزيل الثواب وحسن المآب إنه أكرم المسئولين ، عليه نتوكل وبه نستعين.

قال : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد حمد واجب الوجود على نعمائه والصلاة على سيد أنبيائه محمد المصطفى وعلى أكرم أمنائه فإني مجيب إلى ما سئلت من تحرير مسائل الكلام وترتيبها على أبلغ نظام مشيرا إلى غرر فوائد الاعتقاد ونكت مسائل الاجتهاد مما قادني الدليل إليه وقوي اعتقادي عليه وسميته بتجريد الاعتقاد والله أسأل العصمة والسداد وأن يجعله ذخرا ليوم المعاد ورتبته على مقاصد :

٢٠