معالم المدرستين - ج ١

السيد مرتضى العسكري

معالم المدرستين - ج ١

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة البعثة
الطبعة: ٤
الصفحات: ٦١٦

١
٢

٣
٤

الإهداء

بسم الله الرّحمن الرّحيم

السّلام عليك يا إمام العصر ورحمة الله وبركاته

سيّدي يا ابن رسول الله (ص) إليك أهدي هذا المجهود الضئيل.

(يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ).

أيّها الجواد الكريم ، اشفع لنا عند الله ليغفر لنا ذنوبنا ويكشف عنّا وعن قومنا الضرّ؛ إنّه أرحم الراحمين.

صغير خدامكم

مرتضى العسكري

٥
٦

أعوذ بالله من الشّيطان الرجيم

(فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ).

الزّمر / ١٧ ـ ١٨

٧
٨

مقدمة الطبعة الرابعة :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين والسلام على أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين ، وعلى أصحابه البررة الميامين ، وبعد :

لما كان هذا الكتاب في بحوثه نسيج وحده ، شأنه في ذلك شأن كتابي «عبد الله بن سبأ» و «خمسون ومائة صحابي مختلق» ولم تنسج على منوال سابق ؛ كان لا بدّ لبحوث كلّ منها أن تتكامل تدريجيا ، لذا صدر :

الجزء الأول منه :

في طبعته الأولى ، عام

١٤٠٥

في

٢١٥

صفحة

وفي طبعته الثانية ، عام

١٤٠٦

في

٣٧١

صفحة

وفي طبعته الثالثة ، عام

١٤٠٩

في

٥١٩

صفحة

وفي طبعته الرابعة هذه ، عام

١٤١٢

في

٦١٦

صفحة

والجزء الثاني منه :

في طبعته الأولى ، عام

١٤٠٥

في

٣٧٨

صفحة

وفي طبعته الثالثة ، هذه عام

١٤١٢

في

٤٠٥

صفحة

٩

ولو فسح الله تعالى في الأجل ، وشاء لي ـ عزّ اسمه ـ أن أستدرك على بعض بحوث هذا الكتاب بعد هذه الطبعة فسوف ألحق المستدرك في طبعاته القادمة بآخر الكتاب ولا أغير وضع البحوث عما هو عليه في هذه الطبعة إن شاء الله تعالى هذا والكمال لله وحده.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

مرتضى العسكري

نجل السيد محمد الحسيني

نجل السيد اسماعيل آل شيخ الإسلام

١٠

مخطّط بحوث الكتاب

بحوث تمهيديّة تبيّن منشأ الخلاف بين مدرستي الإمامة والخلافة وتنقسم بحوث الكتاب بعدها إلى قسمين :

القسم الأوّل ـ بحوث مصادر الشّريعة الإسلاميّة لدى المدرستين وسبل الوصول إليها ، وعليها تبنى العقيدة الإسلاميّة وأحكامها وتشمل البحوث الخمسة الآتية :

أوّلا ـ بحوث المدرستين في الصّحبة والصّحابة.

ثانيا ـ بحوث المدرستين في الإمامة والخلافة ، وهما من سبل الوصول إلى الشّريعة الإسلاميّة وتكوين الرؤية الصّحيحة للإسلام.

ثالثا ـ بحوث المدرستين في مصادر الشّريعة الإسلاميّة ، وتنقسم إلى مجموعتين : أ ـ دراسة روايات المدرستين حول القرآن الكريم. ب ـ بحوثهما حول سنّة الرّسول (ص) ، وبيان كيفية اتّخاذ مدرسة الخلفاء الاجتهاد والعمل بالرأي من مصادر الشّريعة الإسلامية في عداد كتاب الله وسنّة رسوله (ص). وبها يتمّ بحث مصادر الشّريعة الاسلاميّة وسبل الوصول إليها لدى مدرسة الخلفاء.

رابعا ـ قيام الإمام الحسين (ع) ضدّ الانحراف عن سنّة الرسول بسبب الاجتهاد والعمل بالرأي.

١١

خامسا ـ تمكّن أئمة أهل البيت (ع) من إعادة سنّة الرسول إلى المجتمع بعد قيام الإمام الحسين (ع) ، وتمكّن مدرستهم من نشر سنّة الرسول (ص) بعد ذلك. وبهذا يتمّ بحث مصادر الشّريعة الإسلاميّة وسبل الوصول إليها لدى مدرسة أهل البيت ، وتتمّ بذلك بحوث الأسس الفكريّة لدى المدرستين.

ويليها في آخر الكتاب آراء القراء حول الكتاب.

١٢

بحوث تمهيديّة

توطئة

من آثار الخلاف بين أبناء الأمّة الإسلاميّة

بعض صفات الله ومنشأ الخلاف حولها

الخلاف في صفات الأنبياء ومنشؤها

الخلاف حول الاحتفال بذكرى الأنبياء

الخلاف حول البناء على قبور الأنبياء

الخلاف في البكاء على الميت ومنشؤه

الخلاف في تأويل آيات من كتاب الله

خلاصة وخاتمة

١٣
١٤

ـ ١ ـ

توطئة

شرع الله للإنسان ، بمقتضى ربوبيّته ، من الدّين ما ينظم حياته ويسعده ويوصله إلى درجة الكمال الإنسانيّ ، وهداه بواسطة أنبيائه إليه وسمّاه الإسلام (١). كما سنّ لجميع مخلوقاته أنظمة تتناسب وفطرتهم وتوصلهم إلى درجة الكمال في وجودهم ، وهداهم إلى السّير بموجبها إلهاميّا أو تسخيريّا (٢).

وكان النّوع الإنسانيّ كلّما توفّي رسول من رسل الله في أمّة منه ، قام أصحاب الطّول والسّلطان من تلك الأمّة بتحريف ما يخالف هوى أنفسهم من شريعة نبيّهم أو كتمانه ، ثمّ ينسبون ما لديهم من الشّريعة المحرّفة إلى الله

__________________

(١) قال الله سبحانه وتعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) آل عمران / ١٩. وقال : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) آل عمران / ٨٥.

(٢) قال الله سبحانه وتعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) الأعلى / ١ ـ ٥.

وقال : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) طه / ٥٠.

وقال سبحانه : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً ...) النحل / ٦٨.

وقال سبحانه : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) الأعراف / ٥٤.

١٥

ورسوله (٣).

ثم يجدّد الله دين الإسلام بإرسال نبيّ جديد ينسخ بعض الشّعائر والطقوس الّتي لامسها التّحريف. ولمّا أرسل الله خاتم أنبيائه محمدا (ص) بالقرآن ، أنزل فيه أصول الإسلام من عقائد وأحكام في آيات محكمة وأوحى إليه تفصيل ما أنزل في القرآن ليبيّن للنّاس ما نزّل إليهم (٤) ، فعلّمهم الرسول شرائع الإسلام من كيفيّة ركعات الصّلاة وتعدادها ، وما يمسكون عنه في الصّوم وشرائطه ، والطّواف وأشواطه وبدايته ونهايته ، إلى غيرها من أحكام واجبة ومستحبّة ومحرّمة ، فتكوّن منها لدى المسلمين الحديث النبويّ الشّريف. وكذلك جعل الله تجسيد الإسلام في سيرة رسول الله (ص) وأمر النّاس باتّباعه في قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الأحزاب / ٢١.

وسمّي مجموع السّيرة والحديث النبوي في الشرع الإسلامي بالسنّة ، وأمرنا الله ورسوله باتّباع سنّة الرسول (ص) (٥).

__________________

(٣) قال الله سبحانه : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ ، وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) آل عمران / ٧٨.

وقال : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) البقرة / ٧٥.

وراجع الآيات : البقرة / ٤٢ و ١٤٦ و ١٥٩ و ١٧٤ ، وآل عمران / ١٨٧ ، والنساء / ٤٦ ، والمائدة / ١٣ ـ ١٥ ، ٤١ ، ٥٩ ـ ٦١.

(٤) قال سبحانه : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل / ٤٤.

(٥) أمر الله في آية : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) بالاقتداء بسيرة الرسول (ص) ، وفي آية : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الحشر / ٧ ، أمر بالعمل بحديث الرسول (ص) والسنّة عبارة عنها.

١٦

وهكذا أكمل الله تبليغ الإسلام إلينا في القرآن والسنّة النبويّة ، وتوفّي الرسول (ص) بعد أن أخبر أمّته وحذّرها بأنّه يجري في هذه الأمّة ما جرى في الأمم السّابقة حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة ، وأنّه لو دخل من الأمم السّابقة أحدهم في جحر ضبّ لدخل من هذه الأمّة أحدهم كذلك في جحر ضبّ (٦).

* * *

وكان من أمر التحريف في هذه الأمّة أنّ الله سبحانه وتعالى حفظ القرآن من أن تناله يد التّحريف وقال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ

__________________

(٦) تجد تفصيل الأحاديث الواردة في هذا الشّأن في البحث الخامس من البحوث التمهيديّة بالجزء الثاني من «خمسون ومائة صحابيّ مختلق». وراجع ـ أيضا ـ نصوص الأحاديث في المصادر التالية :

أ ـ إكمال الدين للصّدوق ص ٥٧٦ ، وروى المجلسي عنه في البحار ٨ / ٣ ، وفي تفسير الآية : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) في كلّ من مجمع البيان للطبرسي. وجلاء الأذهان لكازر.

ب ـ صحيح البخاري ، كتاب الأنبياء ، باب ما ذكر عن بني إسرائيل ٢ / ١٧١ ، ح ٣ ، وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب قول النبي (ص) : «لتتّبعنّ سنن من كان قبلكم ـ الحديث» ٤ / ١٧٦ ، ح ١ و ٢.

وفتح الباري بشرح البخاري ١٧ / ٦٣ و ٦٤.

ج ـ صحيح مسلم بشرح النّووي ١٦ / ٢١٩ كتاب العلم.

د ـ صحيح الترمذي ٩ / ٢٧ ـ ٢٨ و ١٠ / ١٠٩.

ه ـ سنن ابن ماجة ح ٣٩٩٤.

و ـ مسند الطيالسي ح ١٣٤٦ و ٢١٧٨.

ز ـ مسند أحمد ٢ / ٣٢٧ و ٣٦٧ و ٤٥٠ و ٥١١ و ٥٢٧ و ٣ / ٨٤ و ٩٤ و ٤ / ١٢٥ و ٥ / ٢١٨ و ٣٤٠.

ح ـ مجمع الزوائد ٧ / ٢٦١ عن الطبراني.

ط ـ كنز العمّال ١١ / ١٢٣ عن الطبراني في الأوسط والحاكم في المستدرك.

ي ـ في تفسير الآية : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا) من سورة آل عمران في الدرّ المنثور للسيوطي عن المستدرك للحاكم.

١٧

لَحافِظُونَ) الحجر / ٩ ، وقال : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) فصّلت / ٤٢.

وأمّا السنّة الّتي رويت لنا سيرة وحديثا في روايات كثيرة ، فإنّ الله لم يحفظها من التّحريف ، كما يتّضح ذلك جليّا في اختلاف الروايات النبويّة الّتي بأيدي جميع المسلمين اليوم ، ولتعارض بعضها مع بعض. وأدّى الاختلاف في الحديث الشريف إلى أن يهتمّ بعض العلماء بمعالجته ، وألّفوا كتبا مثل :

تأويل مختلف الحديث (٧) ، وبيان مشكل الحديث (٨) ، وبيان مشكلات الآثار (٩).

ومن جرّاء اختلاف الأحاديث ، اختلف المسلمون في فهم القرآن وتشتّت كلمتهم أبد الدهر. أضف إليه وجودهم في بيئات مختلفة ، ومعاشرتهم أهل الآراء والملل والنّحل الأخرى. كلّ ذلك أدّى إلى اختلاف رؤيتهم للإسلام ، وبادر بعضهم إلى تأويل الآيات الكريمة والصّحيح ممّا بأيديهم من الحديث الشّريف ، وفقا لرأيهم ورؤيتهم للإسلام. وأدّى بهم ذلك إلى القطيعة في ما بينهم وعدم استماع بعضهم إلى آراء الآخرين ، وإلى تكفير بعضهم بعضا.

كان ذلكم عوامل التّشويش الداخلي ، كما كان ثمّت عوامل خارجيّة عملت في الداخل بواسطة عملائها كالآتي ذكره :

عوامل التخريب الخارجي

من عوامل التّخريب والتّحريف في مصادر الدراسات الإسلاميّة (كتب

__________________

(٧) تأليف ابن قتيبة عبد الله بن مسلم (ت ٢٨٠ ه‍ أو ٢٧٦ ه‍).

(٨) تأليف ابن فورك محمد بن الحسن (ت ٤٠٦ ه‍).

(٩) تأليف أبي جعفر أحمد بن محمد الأزدي المعروف بالطحاوي (ت ٣٣١ أو ٣٣٢ ه‍).

١٨

الحديث والسّيرة والتفسير) وغيرها ، عوامل التخريب الخارجي وهي :

أوّلا ـ أخبار أهل الكتاب الّتي انتشرت في مصادر الدراسات الإسلاميّة من قبل أمثال : كعب الأحبار وتميم الداري.

ثانيا ـ روايات وأخبار وضعتها زنادقة أمثال : ابن أبي العوجاء وسيف ابن عمر ، وانتشرت في تلك المصادر (١٠).

ثالثا ـ وأخيرا ، عند ما غزت قوى الكفر (المستعمرون) بلاد المسلمين ، حاربت الإسلام بأفتك سلاح هدّام ، حين وظّفت المبشّرين من علماء اليهود والنّصارى والمعروفين باسم المستشرقين ليمعنوا في طلب مواطن الضّعف بمصادر الدراسات الإسلاميّة ، ويحاربوا الإسلام بها. فاجتهد هؤلاء في وضع فهارس للمصادر الإسلاميّة وتنظيمها وتنسيقها ونشرها بكلّ إتقان ، وأشرفوا بواسطتها على كلّ ما فيها ، والتقطوا من شتّى الكتب كلّ خبر موضوع ومدسوس يشوّه الإسلام ، مثل : أسطورة الغرانيق ، وغيرها ، وألّفوا ممّا التقطوا منها باسلوب عصريّ بديع ، كتبا مثل : (دائرة المعارف الإسلاميّة) و (محمّد النبيّ السياسيّ) (١١).

وعمل الغزاة (المستعمرون) أخطر من ذلك في حربهم للإسلام ، حين دفعوا إلى الواجهة في بلاد المسلمين تلاميذ أولئك وخرّيجي مدارسهم الفكريّة ودعاة أفكارهم ومروّجي حضارتهم ، وسلّطوا عليهم الأضواء وعرّفوهم باسم المصلحين للإسلام ومنوّري الفكر والتقدّميّين ، فاستورد هؤلاء نتيجة أفكار

__________________

(١٠) درسنا انتشار أخبار أهل الكتاب في مصادر الدراسات الإسلامية في الجزء السادس من سلسلة (أثر الأئمة في إحياء السنة) وتخريب المستشرقين في الجزء الثالث والرابع منه ، وتخريب الزنادقة في الجزء السادس منه ، والبحوث التمهيدية من الجزء الأوّل من (خمسون ومائة صحابيّ مختلق). ودرسنا تحريف سيف منهم خاصّة فيه وكذلك فعلنا في كتاب عبد الله بن سبأ.

(١١) وشذّ من المستشرقين في كلّ عصر آحاد خضعوا للحقّ.

١٩

أولئك إلى بلاد الإسلام ، ونشروها بشتّى وسائل النّشر وبأسماء مختلفة وعناوين مشوّقة للنفوس.

وكان من هؤلاء : السير سيّد أحمد مؤسّس جامعة عليگره الإسلاميّة في الهند ، وأحمد لطفي السيّد أستاذ الجيل ، وقاسم أمين نصير المرأة في مصر. وكذلك فعلوا في العراق وإيران وغيرها من البلاد الإسلاميّة (١٢).

وكان من الطبيعيّ أن تقوم بين هؤلاء وبين حفظة الفكر الإسلامي الأصيل حرب يعين فيها المستعمر وعملاؤه والمغرر بهم تلاميذ المستشرقين.

وكان أفتك سلاح بأيدي هؤلاء ما تذرّعوا به في حرب الإسلام باسم تعريف الإسلام وتاريخه وتعريف الشّخصيّات الإسلامية ، مثل ما فعل السير سيّد أحمد حين كتب تفسير القرآن حسب زعمه ، وجرجي زيدان في قصصه. وجلّ محاولات هؤلاء وأساتذتهم المستشرقين ترمي إلى شيء واحد وتستهدفه ، وهو ما قاله أحدهم : (لا يقتل الدين إلّا بسيف الدين)!

وفي سبيل تحقيق هذه الخطّة أخذوا يفسّرون القرآن ويشرحون الحديث النبويّ الشريف ويكتبون سيرة الرسول (ص) والأئمة ، يحاولون في كلّ ما يعملون أن يجرّدوا الجميع من الاتّصال بالغيب ، وعرضها على أنّها من طبيعة البشر ، ثمّ يلوّحون من طرف خفيّ ، وأحيانا يصرّحون جليّا : أنّ كلّ فرد منهم وكلّ شيء من الإسلام كان متناسبا مع زمانه وكان تقدميّا في عصره

__________________

(١٢) هؤلاء وأمثالهم من دعاة الحضارة الغربية في البلاد الإسلامية ومهدّمي الأعراف الإسلاميّة ومخالفي أحكامها. وقد ناقشنا بعض ما نشره هؤلاء من الفكر الغربي المستورد ، وأصدرنا الجزء الأوّل منه في العراق ، وامتنعت دور النشر من نشره ، كما منعت الحكومة المارونية اللّبنانية يوم ذاك من دخول الكتاب إلى لبنان ، فلم نتمكّن من إصدار بقيّة أجزائه ، ووجدنا أفضل ما نشر في هذا الصدد كتاب (أجنحة المكر الثلاثة) تأليف عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني ، من سلسلة (أعداء الإسلام) ، ولنا بعض المؤاخذات على الكتاب.

٢٠