أنوار التنزيل وأسرار التأويل - ج ١

عبدالله بن عمر بن محمد الشيرازي الشافعي البيضاوي

أنوار التنزيل وأسرار التأويل - ج ١

المؤلف:

عبدالله بن عمر بن محمد الشيرازي الشافعي البيضاوي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧٢

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

مقدمة

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، من يهد الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٠٢) [آل عمران : ١٠٢].

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (١) [النساء : ١].

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) (٧١) [الأحزاب : ٧٠ ـ ٧١].

أما بعد ، فإن التفسير المسمى «أنوار التنزيل وأسرار التأويل» (١) للعلامة القاضي المفسّر ناصر الدين أبي الخير ، عبد الله بن عمر بن علي البيضاوي الشيرازي ، الشافعي (ت ٦٨٥ ه‍ ـ) يعتبر من أهمّ كتب التفسير بالرأي (٢) ، فهو كتاب جليل دقيق ، جمع بين التفسير والتأويل على قانون اللغة العربية ، وقرّر الأدلة على أصول السّنّة.

وقد اختصره مؤلّفه من «كشاف» الزمخشري (٣) محمود بن عمر أبي القاسم (ت ٥٣٨ ه‍ ـ) مع ترك ما فيه من اعتزالات ، كما استمدّه من «مفاتيح الغيب» للفخر الرازي (٤) محمد بن عمر بن حسين الشافعي الطبرستاني (ت ٦٠٦ ه‍ ـ) وبه تأثر عند عرضه للآيات الكونية ومباحث الطبيعة ، ومن تفسير الراغب الأصبهاني الحسين بن محمد بن المفضل أبي القاسم (ت ٥٠٢ ه‍ ـ) المسمى «تحقيق البيان في تأويل القرآن» ، فأصبح من أمهات كتب التفسير التي لا يستغني عنها الطالب لفهم كلام الله عزوجل.

والبيضاوي رحمه‌الله مقل جدّا من الروايات الإسرائيلية ، لكنه يذكر في نهاية كل سورة حديثا في فضلها ـ كما وقع فيه صاحب «الكشاف» ـ وهي موضوعة باتفاق أهل الحديث وهذا من هناته رحمه‌الله.

هذا وقد ضمّن البيضاوي تفسيره نكتا بارعة ، واستنباطات دقيقة ، كل هذا في أسلوب رائع موجز ، وهو يهتم أحيانا بذكر القراءات ، ولكنه لا يلتزم المتواتر منها ، فيذكر الشاذ ، كما أنه يتعرض لبعض المسائل الفقهية عند آيات الأحكام دون توسع منه ، مع عرض للصناعة النحوية.

ونظرا لما يحتله هذا الكتاب من أهمية في عالم التفاسير ، فقد وضع عليه العلماء الحواشي والتعليقات

__________________

(١) طبع مرات عديدة ، منها طبعة دار الكتب العربية الكبرى بمصر عام ١٣٣٠ ه‍ / ١٩١٠ م وبهامشه حاشية العلامة الكازروني (ت ٩٤٥ ه‍ ـ) في خمس أجزاء في مجلدين ، وهي الأصل الذي اعتمدناه في طبعتنا هذه وعليه ختم المطبعة الميمنيّة بمصر عام ١٣٠٦.

(٢) كما أكده العلامة محمد عبد العظيم الزرقاني في كتابه «مناهل العرفان في علوم القرآن» (١ / ٥٣٥).

(٣) طبع مؤخرا بدار إحياء التراث العربي في طبعته الأولى عام (١٤١٧ ه‍ / ١٩٩٧ م) بتحقيق عبد الرزاق المهدي.

(٤) طبع بدار إحياء التراث العربي بحلّة قشيبة وملونة ومصححة عام (١٤١٥ ه‍ / ١٩٩٥ م).

٥

الكثيرة ، فمنهم من علّق تعليقة على سورة منه ، ومنهم من حشّى تحشية تامة ، ومنهم من كتب على بعض مواضع منه (١).

وأحسن حواشيه المتداولة حاشية الشهاب الخفاجي المصري أحمد بن محمد بن عمر (ت ١٠٦٩ ه‍ ـ) وسماها «عناية القاضي وكفاية الراضي» وهي مطبوعة وتقع في ثمانية مجلدات (٢).

ونظرا لما يحتله هذا الكتاب من أهمية ، فقد رأت دار إحياء التراث العربي طبعه بهذه الحلة القشيبة ، بعد ما قامت بتصحيح ألفاظه وتجاربه ومراجعته بما قدّر الله به وأعان.

هذا وقد وضعنا وراء هذه الكلمة مقدمة : ترجمنا فيه لمؤلف هذا التفسير ، وعرّفنا به ، وبطريقة مؤلّفه فيه بشيء من التفصيل مع ذكر التعليقات والحواشي عليه.

ربّنا تقبّل منا هذا العمل خالصا لوجهك الكريم ، واجعله في صحائف أعمال أصحابه وانفع به ، إنك يا مولانا على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وعلى من اهتدى بهديهم إلى يوم الدين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وكتبه محمد عبد الرحمن المرعشلي

بيروت ٢١ شوال ١٤١٨ ه‍

الموافق ١٨ شباط ١٩٩٨

__________________

(١) وقد وصلت هذه الحواشي والتعليقات إلى نحو خمسين حاشية وتعليقة انظرها في الصفحة (١٦).

(٢) انظرها في «أعلام» الزركلي (١ / ٢٣٨).

٦

مقدمة

أولا : ترجمة صاحب التفسير....................................................... ٩

ثانيا : التعريف بأنوار التنزيل وطريقة مؤلفه فيه...................................... ١٢

ـ اختصار البيضاوي تفسيره من «الكشاف» للزمخشري.............................. ١٢

ـ استمداد البيضاوي تفسيره من «مفاتيح الغيب» للرازي ومن «تفسير الراغب الأصفهاني» ١٢

ـ اهتمامه بالقراءات وذكر الشاذ منها.............................................. ١٢

ـ عرضه للصناعة النحوية......................................................... ١٢

ـ تعرضه لبعض المسائل الفقهية دون توسّع.......................................... ١٢

ـ تقرير وترجيح مذهب أهل السّنّة................................................. ١٣

ـ التقليل من ذكر الروايات الإسرائيلية.............................................. ١٣

ـ الخوض في مباحث الكون والطبيعة تأثرا بالرازي.................................... ١٣

ـ تقريظ هذا التفسير............................................................. ١٤

ـ قول الإمام جلال الدين السيوطي في حاشيته «نواهد الأبكار وشواهد الأفكار»....... ١٤

ـ قول حاجي خليفة في «كشف الظنون».......................................... ١٤

ـ الحواشي المكتوبة على تفسير البيضاوي........................................... ١٦

٧
٨

أولا : ترجمة صاحب التفسير (١)

١ ـ اسمه ونسبه :

هو العلامة المفسّر قاضي القضاة ، ناصر الدين ، أبو الخير (وقيل أبو سعيد) عبد الله بن عمر بن علي البيضاوي الشيرازي ، الشافعي ـ بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفتح الضاد المعجمة وفي آخرها الواو ـ هذه النسبة إلى بيضاء وهي بلدة من بلاد فارس. لم تذكر المصادر سنة ولادته.

٢ ـ نبوغه :

قال السيوطي في «بغية الوعاة» : كان إماما علّامة ، عارفا بالفقه والأصلين والعربية. والمنطق ، نظّارا صالحا ، متعبّدا ، شافعيّا

وقال ابن قاضي شهبة في «طبقاته» : «صاحب المصنفات ، وعالم أذربيجان ، وشيخ تلك الناحية».

قال السبكي في «طبقاته الكبرى» :

ولي قضاء القضاء بشيراز ، ودخل تبريز ، وناظر بها ، وصادف دخوله إليها مجلس درس قد عقد بها لبعض الفضلاء ، فجلس القاضي ناصر الدين في أخريات القوم ، بحيث لم يعلم به أحد ، فذكر المدرّس نكتة زعم أن أحدا من الحاضرين لا يقدر على جوابها ، وطلب من القوم حلّها ، والجواب عنها ، فإن لم يقدروا فالحلّ فقط ، فإن لم يقدروا فإعادتها.

فلما انتهى من ذكرها ، شرع القاضي ناصر الدين في الجواب ، فقال له : لا أسمع حتى أعلم أنك فهمتها. فخيّره بين إعادتها ، بلفظها أو معناها ، فبهت المدرّس ، وقال : أعدها بلفظها. فأعادها.

ثم حلّها وبيّن أن في تركيبه إيّاها خللا ، ثم أجاب عنها ، وقابلها في الحال بمثلها ، ودعا المدرّس إلى حلّها ، فتعذّر عليه ذلك ، فأقامه الوزير من مجلسه ، وأدناه إلى جانبه ، وسأله من أنت؟ فأخبره أنه البيضاويّ ، وأنه جاء في طلب القضاء بشيراز ، فأكرمه ، وخلع عليه في يومه ، وردّه وقد قضى حاجته.

وأهمله الذهبي ولم يذكره في «العبر» كما قال ابن شهبة.

٣ ـ ثناء العلماء عليه :

قال السبكي : «كان إماما مبرزا نظارا خيرا ، صالحا متعبدا».

__________________

(١) «البداية والنهاية» لابن كثير (١٣ / ٣٠٩) ، و«الفهرس التمهيدي» الصفحة (٢٠٥) و(٥٦١) ، وبروكلمان «دائرة المعارف الإسلامية» (٤ / ٤١٨) ، و«بغية الوعاة» للسيوطي (٢ / ٥٠ ـ ٥١) ترجمة رقم (١٤٠٦) ، و«نزهة الجليس ومنية الأديب النفيس» للموسوي (٢ / ٨٧) ، و«مفتاح السعادة» لطاش كبرى زاده (١ / ٤٣٦) ، و«طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي (٨ / ١٥٧) بتحقيق الحلو ، ترجمة رقم (١١٥٣) و«طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (٢ / ٢٨) ترجمة (٤٦٩) بتحقيق عبد العليم خان ، و«طبقات الشافعية» للإسنوي (١ / ١٣٦) ترجمة (٢٦٠) ، و«شذرات الذهب» لابن العماد (٥ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣) ، و«مرآة الجنان» لليافعي (٤ / ٢٢٠) ، و«إيضاح المكنون» (٢ / ٥٦٩) ، و«هدية العارفين» للبغدادي (١ / ٤٦٢ ، ٤٦٣) و«كشف الظنون» لحاجي خليفة الصفحة (١٨٦ ، ١٠٣٢ ، ١١١٦ ، ١١٩٢ ، ١٢٧٣ ، ١٤٨١ ، ١٥٤٦ ، ١٦٩٨ ، ١٧٠٤ ، ١٧٠٥ ، ١٨٥٤ ، ١٨٥٨ ، ١٨٧٨) ، و«طبقات المفسرين» للداوودي الصفحة (١٠٢ ـ ١٠٣) ، و«معجم المؤلفين» لكحالة (٦ / ٩٧) ، و«الأعلام» للزركلي (٤ / ١١٠).

٩

وقال ابن حبيب : «وتكلم كل من الأئمة بالثناء على مصنفاته ، ولو لم يكن له غير «المنهاج» الوجيز لفظه المحرر لكفاه».

ولي القضاء بشيراز.

٤ ـ ومن أهم مصنفاته :

١ ـ كتاب «المنهاج» مختصر من الحاصل والمصباح و«شرحه» (في أصول الفقه) وهو «منهاج الوصول إلى علم الأصول» وهو مطبوع (١).

٢ ـ وكتاب «الطوالع» وهو «طوالع الأنوار» ، مطبوع (في أصول الدين والتوحيد) قال السبكي : وهو أجلّ مختصر ألّف في علم الكلام.

٣ ـ و«أنوار التنزيل وأسرار التأويل» (في التفسير) وسماه بعضهم «مختصر الكشاف» ، وهو ما نحن بصدده الآن. وهذه الكتب الثلاثة من أشهر الكتب وأكثرها تداولا بين أهل العلم.

٤ ـ «المصباح» (في أصول الدين).

٥ ـ «شرح مختصر ابن الحاجب» (في الأصول).

٦ ـ «شرح المنتخب في الأصول» للإمام فخر الدين.

٧ ـ «شرح المطالع» (في المنطق).

٨ ـ «الإيضاح» (في أصول الدين).

٩ ـ «شرح الكافية» لابن الحاجب (في النحو).

١٠ ـ «لبّ اللباب في علم الإعراب».

١١ ـ «نظام التواريخ» كتبه باللغة الفارسية.

١٢ ـ «رسالة في موضوعات العلوم وتعاريفها» مخطوط.

١٣ ـ «الغاية القصوى في دراية الفتوى» مخطوط (في فقه الشافعية) مختصر «الوسيط».

١٤ ـ «شرح المصابيح» (أي مصابيح السّنّة للبغوي في الحديث) سماه «تحفة الأبرار».

١٥ ـ «شرح المحصول».

١٦ ـ «شرح التنبيه» (في أربعة مجلدات).

١٧ ـ «تهذيب الأخلاق» (في التصوف).

__________________

(١) وهو من أهم كتب الأصول عند الشافعية ، وله شروح كثيرة ، منها «نهاية السّول في شرح منهاج الأصول للبيضاوي» للإسنوي جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن (ت ٧٧٢ ه‍ ـ) وهو مطبوع في القاهرة عام (١٤٤٣ ه‍ ـ) ويقع في (٤) أجزاء بإدارة جمعية نشر الكتب العربية ، ومنها «معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول للقاضي البيضاوي» تأليف شمس الدين الجزري ، محمد بن يوسف (ت ٧١١ ه‍ ـ) ، وهو مطبوع أيضا ويقع في جزءين بتحقيق د / شعبان محمد إسماعيل ، مطبعة الحسين الإسلامية الطبعة الأولى عام (١٤١٣ ه‍ ـ / ١٩٩٣ م) ، ومنها شرح البدخشي «مناهج العقول» للإمام محمد بن الحسن البدخشي وهو مطبوع في ثلاثة أجزاء في القاهرة وطبع بدار الكتب العلمية ـ بيروت في طبعته الأولى عام (١٤٠٥ ه‍ ـ / ١٩٨٤ م) وبأسفله «نهاية السّول» للإسنوي.

١٠

وفاته :

وتوفي بمدينة تبريز.

قال السّبكي والإسنوي : سنة (٦٩١ ه‍ ـ) إحدى وتسعين وستمائة.

وقال ابن كثير وغيره : سنة (٦٨٥ ه‍ ـ) خمس وثمانين وستمائة.

١١

ثانيا : التعريف بأنوار التنزيل وطريقة مؤلّفه فيه (١)

تفسير العلامة البيضاوي ، تفسير متوسط الحجم ، جمع فيه صاحبه بين التفسير والتأويل ، على مقتضى قواعد اللغة العربية ، وقرر فيه الأدلة على أصول أهل السنة.

وقد اختصر البيضاوي تفسيره من «الكشاف» للزمخشري.

ولكنه ترك ما فيه من اعتزالات ، وإن كان أحيانا يذهب إلى ما ذهب إليه صاحب «الكشاف».

ومن ذلك أنه عند ما فسر قوله تعالى في الآية (٢٧٥) من سورة البقرة : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٧٥) ... الآية ، وجدناه يقول : «إلّا قياما كقيام المصروع ، وهو وارد على ما يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع» .. ثم يفسّر المس بالجنون ويقول «وهذا أيضا من زعماتهم أن الجني يمس الرجل فيختلط عقله».

ولا شك أن هذا موافق لما ذهب إليه الزمخشري من أن الجن لا تسلّط لها على الإنسان إلا بالوسوسة والإغواء.

كما أننا نجد البيضاوي قد وقع فيما وقع فيه صاحب «الكشاف» ، من ذكره في نهاية كل سورة حديثا في فضلها وما لقارئها من الثواب والأجر عند الله ، وقد عرفنا قيمة هذه الأحاديث ، وقلنا إنها موضوعة باتفاق أهل الحديث ، ولست أعرف كيف اغتربها البيضاوي فرواها وتابع الزمخشري في ذكرها عند آخر تفسيره لكل سورة ، مع ما له من مكانة علمية ، وسيأتي اعتذار بعض الناس عنه في ذلك ، وإن كان اعتذارا ضعيفا ، لا يكفي لتبرير هذا العمل الذي لا يليق بعالم كالبيضاوي له قيمته ومكانته.

* استمد البيضاوي تفسيره من التفسير الكبير المسمى «بمفاتيح الغيب» للفخر الرازي ، ومن تفسير الراغب الأصفهاني.

وضم لذلك بعض الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين.

كما أنه أعمل فيه عقله ، فضمنه نكتا بارعة ، ولطائف رائعة ، واستنباطات دقيقة ، كل هذا في أسلوب رائع موجز ، وعبارة تدق أحيانا وتخفى إلّا على ذي بصيرة ثاقبة ، وفطنة نيرة.

* وهو يهتم أحيانا بذكر القراءات ، ولكنه لا يلتزم المتواتر منها فيذكر الشاذ.

* كما أنه يعرض للصناعة النحوية.

ولكن بدون توسع واستفاضة.

* كما أنه يتعرض عند آيات الأحكام لبعض المسائل الفقهية بدون توسع منه في ذلك :

وإن كان يظهر لنا أنه يميل غالبا لتأييد مذهبه وترويجه ، فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى في الآية (٢٢٨) من سورة البقرة (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) يقول ما نصه : وقروء جمع قرء ، وهو يطلق للحيض

__________________

(١) اقتبسنا هذا من كلام الدكتور محمد حسين الذهبي في كتابه «التفسير والمفسرون» (١ / ٢٩٦) وما بعدها.

١٢

كقوله عليه الصلاة والسلام : دعي الصلاة أيام أقرائك ، وللطهر الفاصل بين الحيضتين ، كقول الأعشى :

مورثة مالا وفي الحي رفعة

لما ضاع فيها من قروء نائكا

وأصله الانتقال من الطهر إلى الحيض ، وهو المراد في الآية ؛ لأنه الدال على براءة الرحم لا الحيض كما قاله الحنفية ، لقوله تعالى : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) [الطلاق : ١] أي وقت عدتهن ، والطلاق المشروع لا يكون في الحيض.

وأما قوله عليه الصلاة والسلام : طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان ، فلا يقاوم ما رواه الشيخان في قصة ابن عمر : مره فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد ، وإن شاء طلق قبل أن يمس ، فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن تطلق لها النساء ... إلخ.

* كذلك نجد البيضاوي كثيرا ما يقرر مذهب أهل السنة :

عند ما يعرض لتفسير آية لها صلة بنقطة من نقط النزاع بينهم وبين مذهب المعتزلة.

فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى في الآيتين (٢ ، ٣) من سورة البقرة (... هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٣) نراه يعرض لبيان معنى الإيمان والنفاق عند أهل السنة والمعتزلة والخوارج ، بتوسع ظاهر ، وترجيح منه لمذهب أهل السنة.

ومثلا عند تفسيره لقوله تعالى في أول سورة البقرة أيضا : (... وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) [البقرة : ٣] نراه يتعرض للخلاف الذي بين أهل السنة والمعتزلة فيما يطلق عليه اسم الرزق ، ويذكر وجهة نظر كل فريق ؛ مع ترجيحه لمذهب أهل السنة.

* والبيضاوي رحمه‌الله مقلّ جدا من ذكر الروايات الإسرائيلية :

وهو يصدر الرواية بقوله : روي أو قيل ، إشعارا منه بضعفها.

فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى في الآية : (٢٢) من سورة النمل (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) (٢٢) [النمل : ٢٢] يقول بعد فراغه من تفسيرها : روي أنه عليه‌السلام لما أتمّ بناء بيت المقدس تجهز للحج. إلخ القصة التي يقف البيضاوي بعد روايتها موقف المجوز لها. غير القاطع بصحتها ، حيث يقول ما نصه «ولعل في عجائب قدرة لله وما خص به خاصة عباده أشياء أعظم من ذلك ، يستكبرها من يعرفها ، ويستنكرها من ينكرها».

* ثم إن البيضاوي إذا عرض للآيات الكونية ، فإنه لا يتركها بدون أن يخوض في مباحث الكون والطبيعة ولعل هذه الظاهرة سرت إليه من طريق «التفسير الكبير» للفخر الرازي ، الذي استمد منه كما قلنا.

فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى : (فَأَتْبَعَهُ ... شِهابٌ ثاقِبٌ) [الصافات : ١٠] نراه يعرض لحقيقة الشهاب فيقول : الشهاب ما يرى كأن كوكبا انقض. ثم يرد على من يخالف ذلك فيقول : وما قيل إنه بخار يصعد إلى الأثير فيشتعل فتخمين ، إن صح لم يناف ذلك ..» إلى آخر كلامه في هذا الموضوع.

قال البيضاوي نفسه في مقدمة «تفسيره» هذا بعد الديباجة ما نصه :

«... ولطالما أحدّث نفسي بأن أصنف في هذا الفن ـ يعني التفسير ـ كتابا يحتوي على صفوة ما بلغني من عظماء الصحابة ، وعلماء التابعين ومن دونهم من السّلف الصالحين ، وينطوي على نكات بارعة ، ولطائف رائعة ، استنبطتها أنا ومن قبلي من أفاضل المتأخرين ، وأماثل المحققين ، ويعرب عن وجوه القراءات المشهورة المعزية إلى الأئمة الثمانية المشهورين ، والشواذ المروية عن القراء المعتبرين ، إلا أن قصور بضاعتي يثبطني عن الإقدام ، ويمنعني عن الانتصاب في هذا المقام ، حتى سنح لي بعد الاستخارة ما صمم به عزمي على

١٣

الشروع فيما أردته ، والإتيان بما قصدته ، ناويا أن أسميه «بأنوار التنزيل وأسرار التأويل ...» (١).

ويقول في آخر الكتاب (٢) ما نصه : «وقد اتفق إتمام تعليق سواد هذا الكتاب المنطوي على فوائد ذوي الألباب ، المشتمل على خلاصة أقوال أكابر الأئمة ، وصفوة آراء أعلام الأمة ، في تفسير القرآن وتحقيق معانيه ، والكشف عن عويصات ألفاظه ومعجزات مبانيه ، مع الإيجاز الخالي عن الإخلال ، والتلخيص العاري عن الإضلال ، المرسوم «بأنوار التنزيل وأسرار التأويل ...».

وكأني به في هذه الجملة الأخيرة ، يشير إلى أنه اختصر من تفسير «الكشاف» ولخص منه ، ضمن ما اختصره ولخصه من كتب التفسير الأخرى ، غير أنه ترك ما فيه من نزعات الضلال ، وشطحات الاعتزال.

تقريظ هذا التفسير :

١ ـ قول الإمام السيوطي في هذا التفسير :

ويقول الجلال السيوطي ـ رحمه‌الله ـ في حاشيته على هذا التفسير المسماة ب «نواهد الأبكار وشوارد الأفكار» ما نصه :

«وإن القاضي ناصر الدين البيضاوي لخّص هذا الكتاب فأجاد ، وأتى بكل مستجاد ، وماز فيه أماكن الاعتزال ، وطرح موضع الدسائس وأزال ، وحرر مهمات ، واستدرك تتمات ، فظهر كأنه سبيكة نضار ، واشتهر اشتهار الشمس في رائعة النهار ، وعكف عليه العاكفون ، ولهج بذكر محاسنه الواصفون ، وذاق طعم دقائقه العارفون ، فأكبّ عليه العلماء تدريسا ومطالعة ، وبادروا إلى تلقيه بالقبول رغبة فيه ومسارعة» (٣).

٢ ـ ويقول صاحب «كشف الظنون» (٤) ما نصه :

وتفسيره هذا ـ يريد تفسير البيضاوي ـ كتاب عظيم الشأن ، غني عن البيان ، لخص فيه من «الكشاف» ما يتعلق بالإعراب والمعاني والبيان ، ومن «التفسير الكبير» ما يتعلق بالحكمة والكلام ، ومن «تفسير الراغب» ما يتعلق بالاشتقاق وغوامض الحقائق ولطائف الإشارات.

وضم إليه ما روى زناد فكره من الوجوه المعقولة ، فجلا رين الشك عن السريرة ، وزاد في العلم بسطة وبصيرة ، كما قال مولانا المنشي :

أولوا الألباب لم يأتوا

بكشف قناع ما يتلى

ولكن كان للقاضي

يد بيضاء لا تبلى

ولكونه متبحرا جال في ميدان فرساون الكلام ، فأظهر مهارته في العلوم حسبما يليق بالمقام. كشف القناع تارة عن وجوه محاسن الإشارة ، وملح الاستعارة ، وهتك الأستار أخرى عن أسرار المعقولات بيد الحكمة ولسانها ، وترجمان المناطقة وميزانها ، فحل ما أشكل على الأنام ، وذلّل لهم صعاب المرام ، وأورد في المباحث الدقيقة ما يؤمن به عن الشبه المضلة وأوضح لهم مناهج الأدلة.

والذي ذكره من وجوه التفسير ثانيا أو ثالثا أو رابعا بلفظ قيل ، فهو ضعيف ضعف المرجوح أو ضعف المردود.

__________________

(١) انظر مقدمة الجزء الأول.

(٢) من الجزء الخامس.

(٣) «المدخل المنير» للشيخ مخلوف الصفحة (٤١).

(٤) «كشف الظنون» لحاجي خليفة الصفحة (١٨٧).

١٤

وأما الوجه الذي تفرد فيه ، وظن بعضهم أنه مما لا ينبغي أن يكون من الوجوه التفسيرية السنية ، كقوله : وحمل الملائكة العرش وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم وتدبيرهم له (١) ، ونحوه ، فهو ظن من لعله يقصر فهمه عن تصور مبانيه ، ولا يبلغ علمه إلى الإحاطة بما فيه ، فمن اعترض بمثله على كلامه كأنه ينصب الحبالة للعنقاء ، ويروم أن يقنص نسر السماء ؛ لأنه مالك زمام العلوم الدينية ، والفنون اليقينية ، على مذهب أهل السنة والجماعة.

وقد اعترفوا له قاطبة بالفضل المطلق ، وسلموا إليه قصب السبق ، فكان تفسيره يحتوي فنونا من العلم وعرة المسالك ، وأنواعا من القواعد المختلفة الطرائق ، وقل من برز في فن إلّا وصده عن سواه وشغله ، والمرء عدوّ لما جهله ، فلا يصل إلى مرامه إلا من نظر إليه بعين فكره ، وأعمى عين هواه ، واستعبد نفسه في طاعة مولاه ، حتى يسلم من الغلط والزلل ، ويقتدر على رد السفسطة والجدل.

وأما أكثر الأحاديث التي أوردها في أواخر السور ، فإنه لكونه ممن صفت مرآة قلبه ، وتعرض لنفحات ربّه ، تسامح فيه ، وأعرض عن أسباب التجريح والتعديل ، ونحا نحو الترغيب والتأويل ، عالما بأنها مما فاه صاحبه بزور ، ودلى بغرور.

ثم إن هذا الكتاب رزق من عند الله سبحانه وتعالى بحسن القبول عند جمهور الأفاضل والفحول ، فعكفوا عليه بالدرس والتحشية ، فمنهم من علق تعليقه على سورة منه ، ومنهم من حشى تحشية تامة ، ومنهم من كتب على بعض مواضع منه» (٢) انتهى.

وأشهر هذه الحواشي وأكثرها تداولا ونفعا : «حاشية قاضي زاده» ، و«حاشية الشهاب الخفاجي» ، و«حاشية القونوي».

وجملة القول ، فالكتاب من أمهات كتب التفسير ، التي لا يستغني عنها من يريد أن يفهم كلام الله تعالى.

__________________

(١) انظر تفسير البيضاوي عند قوله تعالى في الآية (٧) من سورة غافر (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ...) الآية».

(٢) «كشف الظنون» : لحاجي خليفة (١ / ١٨٧ ـ ١٨٨).

١٥

الحواشي والتعليقات المكتوبة على تفسير البيضاوي (١)

وهي كثيرة جدا ، وصل بها صاحب «كشف الظنون» إلى نحو خمسين ، منها ما يقع في مجلدات ، ومنها دون ذلك ، وهي تعكس أهمية هذا التفسير ، ومنها :

١ ـ حاشية العالم الفاضل محيي الدين محمد بن الشيخ مصلح الدين مصطفى القوجوي المتوفى سنة إحدى وخمسين وتسعمائة (ت ٩٥١ ه‍ ـ).

وهي أعظم الحواشي فائدة وأكثرها نفعا وأسهلها عبارة ، كتبها أولا على سبيل الإيضاح والبيان للمبتدئ في ثماني مجلدات ، ثم استأنفها ثانيا بنوع تصرف فيه وزيادة عليه ، فانتشر هاتان النسختان وتلاعب بهما أيدي النسّاخ حتى كاد أن لا يفرق بينهما. ولبعض الفضول منتخب تلك الحاشية ، ولا يخفى أنها من أعزّ الحواشي وأكثرها قيمة واعتبارا وذلك لبركة زهده وصلاحه.

٢ ـ حاشية العالم مصلح الدين مصطفى بن إبراهيم المشهور بابن التمجيد (ت نحو ٨٨٠ ه‍ ـ).

معلم السلطان محمد خان الفاتح وهي مفيدة جامعة أيضا لخّصها من حواشي «الكشاف» في ثلاث مجلدات.

٣ ـ حاشية الفاضل القاضي زكريا بن محمد الأنصاري المصري (٢) المتوفى سنة ست وعشرين وتسعمائة (٩٢٦ ه‍ ـ).

وهي في مجلد سماها «فتح الجليل ببيان خفي أنوار التنزيل» ، أولها : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ، نبه فيها على الأحاديث الموضوعة التي في أواخر السور.

٤ ـ حاشية الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة (ت ٩١١ ه‍ ـ).

وهي في مجلد أيضا سماه «نواهد الأبكار وشوارد الأفكار».

٥ ـ حاشية الفاضل أبي الفضل القرشي الصديقي الخطيب المشهور بالكازروني المتوفى في حدود سنة أربعين وتسعمائة (٩٤٥ ه‍ ـ).

وهي حاشية لطيفة في مجلد ، أورد فيها من الدقائق والحقائق ما لا يحصى ، أولها الحمد لله الذي أنزل آيات بينات محكمة.

٦ ـ حاشية شمس الدين محمد بن يوسف الكرماني المتوفى سنة ست وثمانين وسبعمائة (٧٨٦ ه‍ ـ).

في مجلد أيضا أولها الحمد لله الذي وفقنا للخوض.

٧ ـ حاشية العالم الفاضل محمد بن جمال الدين بن رمضان الشرواني (ت ١٠٦٣ ه‍ ـ).

في مجلدين أولها : قال الفقير بعد حمد الله العليم العلام.

__________________

(١) انظر «كشف الظنون» لحاجي خليفة الصفحات (١٨٨ ـ ١٩٣).

(٢) ذكر الشعراني في «المنن» أن القاضي زكريا علّقه إملاء بعد أن كفّ بصره لما قرأ عليه ، قال : وغالبها بخطي وخط ولده جمال الدين ، انتهى منه.

١٦

٨ ـ حاشية الشيخ الفاضل صبغة الله بن إبراهيم الحيدري شيخ مشايخ بغداد في عصره (ت ١١٨٧ ه‍ ـ).

وهي كبرى وصغرى ، جمع من ثماني عشرة حاشية.

٩ ـ وحاشية صبغة الله بن روح الله بن جمال الله البروجي الحسيني النقشبندي الفقيه المتصوّف (ت ١٠١٥ ه‍ ـ) وسمّاها «إراءة الدقائق».

١٠ ـ حاشية الشيخ الفاضل جمال الدين إسحاق القراماني المتوفى سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة (ت ٩٣٣ ه‍ ـ) وهي حاشية مفيدة جامعة.

١١ ـ حاشية العالم المشهور بروشني الآيديني.

١٢ ـ حاشية الشيخ محمود بن الحسين الأفضلي الحاذقي الشهير بالصادقي الكيلاني المتوفى في حدود سنة سبعين وتسعمائة (ت ٩٧٠ ه‍ ـ).

وهي من سورة الأعراف إلى آخر القرآن سماها «هداية الرواة إلى الفاروق المداوي للعجز عن تفسير البيضاوي» وفرغ من تحريرها سنة ثلاث وخمسين تسعمائة.

١٣ ـ حاشية الشيخ بابا نعمة الله بن محمد النخجواني المتوفى في حدود سنة تسعمائة (ت ٩٠٠ ه‍ ـ).

١٤ ـ حاشية العالم مصطفى بن شعبان الشهير بالسروري المتوفى سنة تسع وستين وتسعمائة (ت ٩٦٩ ه‍ ـ).

وهي كبرى وصغرى ، أول الكبرى الحمد لله الذي جعلني كشاف القرآن ، ذكر العاشق في ذيل الشقائق أنه كان يكتب كل ما يخطر بالبال في بادي النظر والمطالعة ولا ينظر إليه بعد ذلك.

١٥ ـ وحاشية المولى الشهير بمنا وعوض المتوفى سنة أربع وتسعين وتسعمائة (ت ٩٩٤ ه‍ ـ).

وهو في نحو ثلاثين مجلدا.

١٦ ـ وحاشية الشيخ أبي بكر بن أحمد بن الصائغ الحنبلي المتوفى سنة أربع عشرة وسبعمائة (ت ٧١٤ ه‍ ـ).

وسماه «الحسام الماضي في إيضاح غريب القاضي» شرح فيه غريبه ، وضم إليه فوائد كثيرة.

وأما التعليقات والحواشي الغير التامة فكثيرة جدا :

فنذكر منها ما وصل إلينا خبره ، ونقدم الأشهر فالأشهر فمنها :

١٧ ـ حاشية المولى المحقق محمد بن فرامرز الشهير بملا خسرو المتوفى سنة خمس وثمانين وثمانمائة (ت ٨٨٥) ه ـ.

وهي من أحسن التعليقات عليه بل أرجحها إلى قوله سبحانه وتعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ) وذيلها إلى تمام سورة البقرة لمحمد بن عبد الملك البغدادي (الحنفي المتوفى بدمشق سنة ١٠١٦ ذكره «خلاصة الأثر») ألّفه سنة اثنتي عشرة وألّف ، أوله الحمد لله هادي المتقين.

١٨ ـ وحاشية العالم الفاضل نور الدين حمزة «بن محمود» القراماني المتوفى سنة إحدى وسبعين وثمانمائة (ت ٨٧١ ه‍ ـ).

وهي على الزهراوين سماها «تقشير التفسير».

١٧

١٩ ـ وتعليقة سنان الدين يوسف البردعي الشهير بعجم سنان المحشي لشرح الفرائض.

كتبها إلى قوله سبحانه وتعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) وهي كالخسروية حجما عبر فيها عن ملا حمزة بالأستاذ الأوسط وعن ملا خسرو بالأستاذ الأخير ، أوله الحمد لله الذي نور قلوبنا.

٢٠ ـ وحاشية الفاضل المحقق عصام الدين إبراهيم بن محمد بن عربشاه الإسفرايني المتوفى سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة (ت ٩٤٣ ه‍ ـ).

وهي مشحونة بالتصرفات اللائقة والتحقيقات الفائقة من أول القرآن إلى آخر الأعراف ومن أول سورة النبأ إلى آخر القرآن ، أهداها إلى السلطان سليمان خان أوله : الحمد لله الذي عم بارفاد إرشاد الفرقان.

٢١ ـ وحاشية المولى العلامة سعد الله بن عيسى الشهير بسعدي أفندي المتوفى سنة خمس وأربعين وتسعمائة (ت ٩٤٥ ه‍ ـ).

وهي من أول سورة هود إلى آخر القرآن.

وأما التي وقعت على الأوائل فجمعها ولده پير محمد من الهوامش فألحقها إلى ما علقه ، وفيها تحقيقات لطيفة ومباحث شريفة لخصها من حواشي «الكشاف» وضم إليها ما عنده من تصرفاته المسلمة فوقع اعتماد المدرسين عليها ورجوعهم عند البحث والمذاكرة إليها ، وقد علقوا عليها رسائل لا تحصى.

٢٢ ـ وحاشية الفاضل سنان الدين يوسف بن حسام المتوفى سنة ست وثمانين وتسعمائة (ت ٩٨٦ ه‍ ـ).

وهي أيضا حاشية مقبولة من أول الأنعام إلى آخر الكهف ، وعلق على سورة الملك والمدثر والقمر وألحقها وأهداها إلى السلطان السليم خان الثاني.

٢٣ ـ وحاشية المولى محمد بن عبد الوهاب الشهير بعبد الكريم زاده المتوفى سنة خمس وسبعين وتسعمائة (ت ٩٧٥ ه‍ ـ).

وهي من أول القرآن إلى سورة طه ولم تنتشر.

٢٤ ـ وتعليقة المولى مصطفى بن محمد الشهير ببستان أفندي المتوفى سنة سبع وسبعين وتسعمائة (ت ٩٧٧ ه‍ ـ).

وهي على سورة الأنعام خاصة.

٢٥ ـ وتعليقة محمد بن مصطفى بن الحاج حسن المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة (ت ٩١١ ه‍ ـ).

وهي أيضا على سورة الأنعام.

٢٦ ـ وتعليقة العالم الفاضل مصلح الدين محمد اللاري المتوفى سنة سبع وسبعين وتسعمائة (ت ٩٧٧ ه‍ ـ).

وهي إلى آخر الزهراوين مشحونة بالمباحث الدقيقة.

٢٧ ـ وتعليقة نصر الله الرومي.

وفي «أعلام» الزركلي (٨ / ٣١) : نصر الله بن محمد العجمي الخلخالي الشافعي (ت ٩٦٢ ه‍ ـ) له «حاشية على أنوار التنزيل» للبيضاوي.

٢٨ ـ وتعليقة الشيخ الأديب غرس الدين الحلبي الطبيب.

٢٩ ـ وتعليقة المحقق الملا حسين (حسن) الخلخالي الحسيني (ت ١٠١٤ ه‍ ـ).

من سور يس إلى آخر القرآن ، أولها : الحمد لله الذي توله العرفاء في كبرياء ذاته.

١٨

٣٠ ـ وتعليقة محيي الدين محمد الإسكليبي المتوفى سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة (ت ٩٢٢ ه‍ ـ).

٣١ ـ وتعليقة محيي الدين محمد بن القاسم الشهير بالأخوين المتوفى سنة أربع وتسعمائة (ت ٩٠٤ ه‍ ـ).

وهي على الزهراوين.

٣٢ ـ وتعليقة السيد أحمد بن عبد الله القريمي المتوفى سنة خمسين وثمانمائة (٨٥٠).

وهي إلى قريب من تمامه.

٣٣ ـ وتعليقة الفاضل محمد بن كمال الدين التاشكندي.

على سورة الأنعام أهداها إلى السلطان سليم خان.

٣٤ ـ وتعليقة المولى زكريا بن بيرام الأنقروي المتوفى سنة إحدى وألف (ت ١٠٠١ ه‍ ـ).

وهي على سورة الأعراف.

٣٥ ـ وتعليقة المولى محمد بن عبد الغني المتوفى سنة ست وثلاثين وألف (ت ١٠٣٦ ه‍ ـ).

إلى نصف البقرة في نحو خمسين جزءا.

٣٦ ـ وتعليقة الفاضل محمد أمين الشهير بابن صدر الدين الشرواني المتوفى سنة عشرين وألف (ت ١٠٢٠ ه‍ ـ).

وهي إلى قوله تعالى : (الم ذلِكَ الْكِتابُ) أورد عبارة البيضاوي تماما بقوله وبدأ بما بدأ في الصفدي في «شرح لامية العجم» وهو قوله : الحمد لله الذي شرح صدر من تأدب.

٣٧ ـ وتعليقة المولى هداية الله العلائي المتوفى سنة تسع وثلاثين وألف (ت ١٠٣٩ ه‍ ـ).

٣٨ ـ وتعليقة الفاضل محمد الشرانشي.

وهي على جزء النبأ.

٣٩ ـ وتعليقة الفاضل محمد أمين بن محمود الشهير بأمير بادشاه البخاري الحسيني نزيل مكة المتوفى سنة (٩٧٢ ه‍ ـ).

وهي إلى سورة الأنعام.

٤٠ ـ وتعليقة الفاضل محمد بن موسى البسنوي المتوفى سنة ست وأربعين وألف (ت ١٠٤٦ ه‍ ـ).

وهي إلى آخر سورة الأنعام كتبها على طريق الإيجاز ، بل على سبيل التعمية والألغاز ، أولها : الحمد لله الذي فضل بضله العالمين على الجاهلين.

٤١ ـ وتعليقة الفاضل المشهور بالعلائي ابن محبّي الشيرازي «علاء الدين علي بن محيي الدين محمد المتوفى سنة (٩٤٥) الشريف.

وهي على الزهراوين ، أولها : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ، فرغ عنها في رجب سنة خمس وأربعين وتسعمائة وسماها «مصباح التعديل في كشف أنوار التنزيل».

٤٢ ـ وتعليقة المولى أحمد بن روح الله الأنصاري المتوفى سنة تسع وألف (ت ١٠٠٩ ه‍ ـ).

وهي إلى آخر الأعراف.

٤٣ ـ وتعليقة محمد بن إبراهيم ابن الحنبلي الحلبي المتوفى سنة إحدى وسبعين وتسعمائة (ت ٩٧١ ه‍ ـ).

١٩

٤٤ ـ وصنف الشيخ الإمام شمس الدين محمد بن يوسف بن علي بن يوسف (ت ٩٤٢ ه‍ ـ) الشامي الشافعي مختصرا سماه «الإتحاف بتمييز ما تبع فيه البيضاوي صاحب الكشاف».

أوله الحمد لله الهادي للصواب.

٤٥ ـ والشيخ عبد الرؤوف المناوي خرج أحاديثه في كتاب أوله : الله أحمد أن جعلني من خدام أهل الكتاب ، وسماه «الفتح السماوي بتخريج أحاديث البيضاوي».

٤٦ ـ وممن علق عليه كمال الدين محمد بن محمد بن أبي شريف القدسي المتوفى سنة ثلاث وتسعمائة (ت ٩٠٣ ه‍ ـ).

٤٧ ـ والشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي المتوفي سنة تسع وسبعين وثمانمائة (ت ٨٧٩ ه‍ ـ).

كتب إلى قوله سبحانه وتعالى (فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ).

٤٨ ـ والعلامة السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني المتوفى سنة عشرة وثمانمائة (ت ٨١٦ ه‍ ـ).

ذكره السخاوي نقلا عن سبطه.

٤٩ ـ ومن التعليقات عليه مع الكشاف وتفسير أبي السعود تعليقة الشيخ رضي الدين محمد بن يوسف الشهير بابن أبي اللطف القدسي (المتوفى سنة ١٠٢٨).

وهي في مجلد ضخم أوله : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ، علقها في درسه عند الصخرة إلى آخر الأنعام ، فبيضها وأرسلها إلى المولى أسعد المفتي.

٥٠ ـ و«مختصر تفسير البيضاوي» لمحمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بإمام الكاملية الشافعي القاهري المتوفى سنة أربع وسبعين وثمانمائة (ت ٨٧٤ ه‍ ـ).

٢٠