إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر

الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبدالغني الدمياطي

إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر

المؤلف:

الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبدالغني الدمياطي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2192-8
الصفحات: ٦٢٤

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

بين يدي الكتاب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ومن تبعهم إلى يوم الدين وبعد :

فإن هذا الكتاب العظيم بكل ما يحوي من نكت في علم القراءات وما يشتمل عليه من فوائد ولطائف حيث جمع بين أقوال العلماء المتقدمين ثم من تأخر بعدهم وحصرها في بوتقة الإتحاف لتكون كتابا يشع أنوارا علمية جديدة يبهر بها بصر كل ناظر وتستشفها روح كل قارئ.

وسعيت بعونه تعالى أن أوضّح قدر المستطاع بعض ما يستشكله القارئ الكريم حول علوم القراءات وعللها وتبعت ما يلي : ـ المحافظة على تعليقات الإمام الضباع محقق الكتاب عليه الرحمة من الله تعالى وجزاه عنا خير الجزاء.

ـ إبراز تراجم موجزة للقراء ولأهم الأعلام الوارد ذكرهم في الكتاب.

ـ وقمت بتخريج الآيات الكريمة بين [ ] داخل المتن ، والأحاديث الشريفة من مصادرها الأصلية وبأرقامها.

ـ وضبطت الآيات بالشكل الذي أراده المؤلف وقصده على حسب وجه القراءة الذي يستشهد به ، ولربما جعلت تشكيلا فوق آخر الكلمة للدلالة على وجهي القراءة.

ـ وتعليقات لكل ما يستشكله القارئ من غموض. وقد ميّزت ما أضفته من تعليقات عن تعليقات الإمام الضباع بالرمز : [أ] في آخر التعليق. وأتوجه للمولى تعالى أن يقبل هذا العمل وأن يكرمني بخدمة كتابه الكريم وحفّاظه المكرمين بجاه سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم والحمد لله رب العالمين.

أنس مهرة

٣

نبذة يسيرة عن حياة المؤلف (١)

رحمه‌الله تعالى

هو الإمام العلامة فضيلة الشيخ : أحمد بن محمد بن عبد الغني الدمياطي ، شهاب الدين. الشهير بالبناء.

ولد ونشأ في دمياط [ولم يذكر له تاريخ ولادة].

ثم أخذ عن علماء : القاهرة ، والحجاز ، واليمن.

وأقام بدمياط فكان رحمه‌الله تعالى عالما بالقراءات. ومن فضلاء النقشبنديين.

توفي رحمه‌الله تعالى سنة ١١١٧ ه‍ ـ ١٧٠٥ م وهو بالمدينة المنورة وكان قد قصد الحج إلى البيت الحرام وزيارة النبي عليه الصلاة والسلام ، ثم دفن بالبقيع رحمه‌الله تعالى ونفعنا بعلمه.

من كتبه :

ـ هذا الكتاب.

ـ اختصار السيرة الحلبية.

ـ حاشية على شرح المحلى على الورقات لإمام الحرمين.

__________________

(١) هدية العارفين : (١ / ١٦٧ / ١٦٨) ، الأعلام : (١ / ٢٤).

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جمع ببديع حكمته أشتات العلوم بأوجز كتاب ، وفتح بمقاليد هدايته مقفلات الفهوم لأفصح خطاب ، أنزله بأبلغ معنى وأحسن نظام ، وأوجز لفظ وأفصح كلام ، حلوا على ممر التكرار ، جديدا على تقادم الأعصار ، باسقا في إعجازه الذروة العليا ، جامعا لمصالح الآخرة والدنيا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الذي بمشيئته تتصرف الأمور ، وبإرادته تنقلب الدهور ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي جعل كتابه خير كتاب ، وصحابته أفضل أصحاب ، تلقوه من فيه الكريم غضا ، وواظبوا على قراءته تلاوة وعرضا ، حتى أدوه إلينا خالصا مخلصا صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى جميع الآل والأصحاب ، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم المآب.

وبعد : فلما كان عام اثنين وثمانين بعد الألف ومنّ الله تعالى بالرحلة إلى طيبة المنورة زادها الله تعالى نورا وشرفا ومهابة والمجاورة بها ، صحبني فيها جماعة من فضلائها في قراءة القراء السبع وبعضهم في العشر بما تضمنته طيبة النشر لحافظ العصر أبي الخير محمد شمس الدين بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري (١) رضي الله تعالى عنه وأرضاه فخطر لي بعد ذلك أن ألخص ما صح وتواتر من القراءات العشر حسبما تضمنته الكتب المعتمدة المعول عليها في هذا الشأن ككتاب النشر في القراءات العشر وطيبته وتقريبه للشيخ المذكور الذي ترجموه بأنه لم تسمح الأعصار بمثله ووصف كتابه النشر بأنه لم يسبق بمثله ، وكشرح طيبته للإمام أبي القاسم العقيلي الشهير بالنويري (٢) ، وككتاب اللطائف للشهاب المحقق أحمد بن محمد بن أبي بكر القسطلاني (٣) شارح البخاري ، ثم وقع الأعراض عن ذلك فحثنى عليه شديدا بعض

__________________

(١) هو الإمام الحافظ الشيخ محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري يكنى أبا الخير. (ت ٨٣٣ ه‍). [أ]. غاية النهاية : (٢ / ٢٤٧). الأعلام : (٧ / ٤٥).

(٢) أي أحد من شرح متن طيبة النشر في القراءات العشر لابن الجزري المذكور أعلاه وقد شرحها غيره من العلماء أيضا فتنبه. [أ].

(٣) هو الإمام أحمد بن محمد بن أبي بكر القسطلاني الأصل المصريّ. (ت ٩٢٣ ه‍). [أ].

البدر الطالع : (١ / ١٠٢ ـ ١٠٣).

٥

إخواني فاستخرت الله تعالى وشرعت فيه مستعينا به تبارك وتعالى فجاء بحمد الله تعالى على وجه سهل يمكن ويتيسر معه وصول دقائق هذا الفن لكل طالب مع الاختصار الغير المخل ليسهل تحصيله مع زيادة فوائد وتحريرات تحصلت حال قراءتي على شيخنا المفرد بالفنون ، وإنسان العيون محقق العصر أبي الضياء نور الدين على الشبراملسي (١) رحمه‌الله تعالى وهو مرادي بشيخنا عند الإطلاق فإن أردت غيره قيدت ثم جنح الخاطر لتتميم الفائدة بذكر قراءة الأربعة وهم : ابن محيصن ، واليزيدي ، والحسن ، والأعمش ، وإن اتفقوا على شذوذها لما يأتي إن شاء الله تعالى من جواز تدوينها والتكلم على ما فيها (وسميت) مجموع ما ذكر من التلخيص وما ضم إليه بإتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر.

أو يقال : منتهى الأماني والمسرات في علوم القراءات وأرجو من الله تعالى متوسلا إليه برسوله سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى آله وصحبه عموم النفع به ، وأن يسهله على كل طالب إنه جواد كريم رءوف رحيم.

وهذه مقدمة

ذكرها مهم قبل الخوض في المقصود (٢)

ليعلم : أن علم القراءة علم يعلم منه اتفاق الناقلين لكتاب الله تعالى واختلافهم في الحذف والإثبات والتحريك والتسكين والفصل والوصل وغير ذلك من هيئة النطق والإبدال وغيره من حيث السماع أو يقال : علم بكيفية أداء كلمات القرآن ، واختلافها معزوا لناقله.

وموضوعه : كلمات القرآن من حيث يبحث فيه عن أحوالها كالمد ، والقصر ، والنقل ...

واستمداده : من السنة ، والإجماع

وفائدته : صيانته عن التحريف ، والتغيير مع ثمرات كثيرة ، ولم تزل العلماء تستنبط من كل حرف يقرأ به قارئ معنى لا يوجد في قراءة الآخر ، والقراءة حجة الفقهاء في الاستنباط ، ومحجتهم في الاهتداء مع ما فيه من التسهيل على الأمة.

وغايته : معرفة ما يقرأ به كل من أئمة القراء.

والمقرئ : من علم بها أداء ، ورواها مشافهة ، فلو حفظ كتابا امتنع عليه إقراؤه بما

__________________

(١) هو شيخ مؤلف هذا الكتاب رحمهما‌الله تعالى. [أ].

(لم أعثر له على ترجمة فيما توفر لدي من مراجع).

(٢) أي أكثر القراء يمهّدون بمقدمة قبل الخوض في غمار القراءات ووجوهها وكل ما يتعلق بها من خلافات. [أ].

٦

فيه إن لم يشافهه من شوفه به مسلسلا لأن في القراءة شيئا لا يحكم إلا بالسماع والمشافهة ، بل لم يكتفوا بالسماع من لفظ الشيخ فقط في التحمل وإن اكتفوا به في الحديث قالوا لأن المقصود هنا كيفية الأداء وليس كل من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء «أي فلا بدّ من قراءة الطالب على الشيخ» بخلاف الحديث فإن المقصود المعنى ، أو واللفظ لا بالهيئات المعتبرة في أداء القرآن ، وأما الصحابة فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تقتضي قدرتهم على الأداء كما سمعوه منه صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأنه نزل بلغتهم وأما الإجازة المجردة عن السماع والقراءة فالذي استقر عليه عمل أهل الحديث قاطبة العمل بها حتى صار إجماعا وهل يلتحق بها الإجازة بالقراءات قال الشهاب القسطلاني الظاهر نعم ولكن منعه الحافظ الهمداني وكأنه حيث لم يكن الطالب أهلا لأن في القراءة أمورا لا تحكمها إلا المشافهة وإلا فما المانع منه على سبيل المتابعة إذا كان المجاز قد أحكم القرآن وصححه كما فعل أبو العلاء نفسه يذكر سنده بالتلاوة ثم يردفه بالإجازة إما للعلو أو المتابعة وأبلغ من ذلك رواية الكمال الضرير شيخ القراء بالديار المصرية القراءات من المستنير لابن سوار عن الحافظ السلفي بالإجازة العامة وتلقاه الناس خلفا عن سلف.

والقارئ : المبتدئ من أفراد إلى ثلاث روايات ، والمتوسط إلى أربع ، أو خمس ، والمنتهي : من عرف من القراءات أكثرها وأشهرها (١).

والقرآن والقراءات : حقيقتان متغايرتان ، فالقرآن هو : الوحي المنزل للإعجاز ، والبيان ، والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف ، أو كيفيتها من تخفيف وتشديد ، وغيرهما ، وحفظ القرآن فرض كفاية على الأمة ، ومعناه أن لا ينقطع عدد التواتر ، فلا يتطرق إليه التبديل ، والتحريف ، وكذا تعليمه أيضا فرض كفاية ، وتعلم القراءات أيضا ، وتعليمها.

ثم ليعلم : أن السبب الداعي إلى أخذ القراءة عن القراء المشهورين دون غيرهم أنه لما كثر الاختلاف فيما يحتمله رسم المصاحف العثمانية التي وجه بها عثمان (٢) رضي الله عنه إلى الأمصار «والشام واليمن والبصرة والكوفة ومكة والبحرين» وحبس بالمدينة واحدا وأمسك لنفسه واحد الذي يقال له الإمام فصار أهل البدع والأهواء يقرءون بما لا يحل تلاوته وفاقا لبدعتهم أجمع رأى المسلمين أن يتفقوا على قراءات أئمة ثقات تجردوا للاعتناء بشأن القرآن العظيم فاختاروا من كل مصر وجه إليها مصحف أئمة مشهورين بالثقة والأمانة في النقل وحسن الدراية وكمال العلم أفنوا عمرهم في القراءة والإقراء

__________________

(١) للمزيد انظر النشر لابن الجزري : (١ / من ٢ إلى ٣٧). [أ].

(٢) هو سيدنا عثمان بن عفان الخليفة الراشد الثالث رضي الله عنه وأرضاه توفي سنة : (٣٥ ه‍). [أ].

صفة الصفوة : (١ / ١٥٤ / ١٥٩).

٧

واشتهر أمرهم وأجمع أهل مصرهم على عدالتهم ولم تخرج قراءتهم عن خط مصحفهم.

ثم : أن القراء الموصوفين بما ذكر بعد ذلك تفرقوا في البلاد وخلفهم أمم بعد أمم فكثر الاختلاف وعسر الضبط فوضع الأئمة لذلك ميزانا يرجع إليه وهو السند والرسم والعربية فكل ما صح سنده ووافق وجها من وجوه النحو سواء كان أفصح أم فصيحا مجمعا عليه أو مختلفا فيه اختلافا لا يضر مثله ووافق خط مصحف من المصاحف المذكورة فهو من السبعة الأحرف المنصوصة في الحديث فإذا اجتمعت هذه الثلاثة في قراءة وجب قبولها سواء كانت عن السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين نص على ذلك الداني (١) وغيره ممن يطول ذكرهم إلا أن بعضهم لم يكتف بصحة السند بل اشترط مع الركنين التواتر والمراد بالمتواتر ما رواه جماعة عن جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب من البداءة إلى المنتهى من غير تعيين عدد على الصحيح وقيل بالتعيين ستة أو اثنا عشر أو عشرون أو أربعون أو سبعون أقوال وقد رأى صاحب هذا القول أن ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن وجزم بهذا القول أبو القاسم النويري في شرح طيبة شيخه متعقبا به لكلامه فقال عدم اشتراط التواتر قول حادث مخالف لإجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم لأن القرآن عند الجمهور من أئمة المذاهب الأربعة هو ما نقل بين دفتي المصحف نقلا متواترا وكل من قال بهذا الحد اشترط التواتر كما قال ابن الحاجب وحينئذ فلا بدّ من التواتر عند الأئمة الأربعة صرح بذلك جماعات كابن عبد البر وابن عطية والنووي والزركشي والسبكي والأسنوي والأذرعي وعلى ذلك أجمع القراء ولم يخالف من المتأخرين إلا مكي (٢) وتبعه بعضهم انتهى ملخصا. وقد أجمع الأصوليون والفقهاء وغيرهم على أن الشاذ ليس بقرآن لعدم صدق الحد عليه والجمهور على تحريم القراءة به وإنه إن قرأ به غير معتقد أنه قرآن ولا يوهم أحدا ذلك بل لما فيه من الأحكام الشرعية عند من يحتج به أو الأحكام الأدبية فلا كلام في جواز قراءته وعليه يحمل من قرأ بها من المتقدمين قالوا وكذا يجوز تدوينه في الكتب والتكلم على ما فيه ، وأجمعوا على أنه لم يتواتر شيء مما زاد على العشرة المشهورة ، ونقل الإمام البغوي (٣) في تفسيره الاتفاق على جواز القراءة بقراءة يعقوب وأبي جعفر مع السبعة المشهورة ولم يذكر خلفا لأن قراءته لا تخرج عن قراءة الكوفيين كما حققه الحافظ الشمس ابن الجزري في نشره (٤) وأطال في ذلك بما لا يجوز خروجه عنه وجزم بذلك الإمام الجليل المتقن المحقق التقي

__________________

(١) هو الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني الأمويّ القرطبي. (ت ٤٤٤ ه‍). [أ]. غاية النهاية : (١ / ٥٠٣ ، ٥٠٥).

(٢) هو الإمام مكي بن أبي طالب القيسي صاحب كتاب التبصرة في القراءات السبع. النشر (١ / ٦٠). [أ].

(٣) هو الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي. [أ].

غاية النهاية : (٢ / ٧٢).

(٤) انظر الصفحة (٥) في بداية الكتاب. [أ].

٨

السبكي في صفة الصلاة من شرح المنهاج ثم قال : والبغوي أولى من يعتمد عليه في ذلك لأنه مقرئ فقيه جامع للعلوم. وقال ولده المحقق تاج الأئمة (١) في فتاواه : القراءات السبع التي اقتصر عليها الشاطبي (٢) والثلاثة التي هي قراءة أبي جعفر وقراءة يعقوب وقراءة خلف متواترة معلوم من الدين بالضرورة أنه منزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يكابر في شيء من ذلك إلا جاهل وليس تواتر شيء منها مقصورا على من قرأ بالروايات بل هي متواترة عند كل مسلم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ولو كان مع ذلك عاميا جلفا لا يحفظ من القرآن حرفا. قال : ولهذا تقرير طويل وبرهان عريض لا تسعه هذه الورقة وحظ كل مسلم وحقّه أن يدين لله تعالى وتجزم نفسه بأن ما ذكرناه متواتر معلوم باليقين لا تتطرق الظنون ولا الارتياب إلى شيء منه ا ه.

والحاصل : أن السبع متواترة اتفاقا وكذا الثلاثة أبو جعفر ويعقوب وخلف على الأصح بل الصحيح المختار وهو الذي تلقيناه عن عامة شيوخنا وأخذنا به عنهم وبه نأخذ أن الأربعة بعدها ابن محيصن واليزيدي والحسن والأعمش شاذة اتفاقا.

فإن قيل : الأسانيد إلى الأئمة وأسانيدهم إليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم على ما في كتب القراءات آحاد لا تبلغ عدد التواتر؟ أجيب بأن انحصار الأسانيد المذكورة في طائفة لا يمنع مجىء القراءات عن غيرهم وإنما نسبت القراءات إليهم لتصديقهم لضبط الحروف وحفظ شيوخهم فيها ومع كل واحد منهم في طبقته ما يبلغها عدد التواتر ثم إن التواتر المذكور شامل للأصول والفرش هذا هو الذي عليه المحققون ومخالفة ابن الحاجب في بعض ذلك تعقبها محرر الفن ابن الجزري وأطال في كتابه المنجد بما ينبغي الوقوف عليه (٣).

باب أسماء الأئمة القراء الأربعة عشر ورواتهم وطرقهم

فأما القراء ورواتهم فهم نافع (٤) من روايتي قالون وورش عنه. وابن كثير (٥) من روايتي البزي وقنبل عن أصحابهما عنه. وأبو عمرو (٦) من روايتي الدوري والسوسي عن

__________________

(١) أي هو الإمام تاج الدين السبكي بن الإمام تقي الدين السبكي رحمهما‌الله تعالى. [أ].

(٢) هو الإمام القاسم بن فيّرة بن خلف الشاطبيّ الضرير. (ت ٥٩٠ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢ / ٢٠ ، ٢٣).

(٣) انظر النشر : (١ / ٥٦). [أ].

(٤) هو الإمام نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم أبو رويم. (ت ١٦٩ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢ / ٣٣٠). معرفة القراء : (١ / ١٠٧).

(٥) هو الإمام عبد الله بن كثير بن المطلب أبو معبد (ت ١٢٠ ه‍) [أ].

غاية النهاية : (١ / ٤٤٣) معرفة القراء : (١ / ٨٦).

(٦) هو الإمام زبان بن العلاء بن عمار بن العريان (ت ١٥٤ ه‍) [أ].

غاية النهاية : (١ / ٢٨٨). معرفة القراء : (١ / ١٠٠).

٩

يحيى اليزيدي عنه. وابن عامر (١) من روايتي هشام وابن ذكوان عن أصحابهما عنه. وعاصم (٢) من روايتي أبي بكر شعبة بن عياش وحفص بن سليمان عنه ، وحمزة (٣) من روايتي خلف وخلاد عن سليم عنه وعلي (٤) بن حمزة الكسائي من روايتي أبي الحارث والدوري عنه. وأبو جعفر (٥) يزيد بن القعقاع من روايتي عيسى بن وردان وسليمان بن جماز عنه ، ويعقوب (٦) بن إسحاق الحضرمي من روايتي رويس وروح عنه ، وخلف (٧) بن هشام البزار من روايتي إسحاق الوراق وإدريس الحداد عنه ، وابن محيصن (٨) محمد بن عبد الرحمن المكي من روايتي البزي السابق وأبي الحسن بن شنبوذ ، واليزيدي (٩) يحيى ابن المبارك من روايتي سليمان بن الحكم ، وأحمد بن فرح بالحاء المهملة ، والحسن البصري (١٠) من روايتي شجاع بن أبي نصر البلخي ، والدوري السابق ذكره والأعمش سليمان بن مهران (١١) من روايتي الحسن بن سعيد المطوعي وأبي الفرج بالجيم الشنبوذي الشطوي.

ثم إن لكل من رواة القراء العشرة طريقين : كل طريق من طريقين إن تأتى ذلك وإلا

__________________

(١) هو الأمير عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة (ت ١١٨ ه‍) [أ].

غاية النهاية : (١ / ٤٢٣). معرفة القراء : (١ / ٨٢).

(٢) هو الإمام عاصم بن بهدلة أبي النجود. (ت ١٢٩ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٣٤٦). معرفة القراء : (١ / ٨٨).

(٣) هو الإمام حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل أبو عمارة. (ت ١٥٦ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٢٦١). معرفة القراء : (١ / ١١١).

(٤) هو الإمام علي بن حمزة بن عبد الله أبو الحسن (ت ١٨٩ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٥٣٥). معرفة القراء : (١ / ١٢٠).

(٥) هو الإمام يزيد بن القعقاع أبو جعفر المخزومي (ت ١٣٠ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢ / ٣٨٢).

(٦) هو الإمام يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله أبو محمد. (ت ٢٠٥ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢ / ٣٨٦). معرفة القراء : (١ / ١٥٧).

(٧) هو الإمام خلف بن هشام بن ثعلب بن خلف أبو محمد البزار البغدادي (ت ٢٢٩ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٢٧٢). معرفة القراء : (١ / ٢٠٨).

(٨) هو الإمام محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي المكي. (ت ١٢٣ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢ / ١٦٧).

(٩) هو الإمام يحيى بن المبارك بن المغيرة أبو محمد اليزيدي. (ت ٢٠٢ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢ / ٣٧٥).

(١٠) هو الإمام الحسن بن أبي الحسن يسار ، أبو سعيد البصري. (ت ١١٠ ه‍). [أ].

معرفة القراء : (١ / ٦٥). سير أعلام النبلاء (٤ / ٥٦٣).

(١١) هو الإمام سليمان بن مهران الأعمش أبو محمد الأسدي. (ت ١٤٨ ه‍). [أ].

معرفة القراء : (١ / ٩٤ ، ٩٦). غاية النهاية : (١ / ٣١٥ ـ ٣١٦).

١٠

فأربعة عن الراوي نفسه ليتم ثمانون طريقا عن الرواة العشرين وأما طرق رواة الأربعة فتأتي بعد إن شاء الله تعالى.

فأما قالون : (١) فمن طريقي أبي نشيط والحلواني عنه فأبو نشيط من طريقي ابن بويان والقزاز عن أبي بكر الأشعث عنه فعنه والحلواني من طريقي ابن أبي مهران وجعفر ابن محمد عنه فعنه.

وأما ورش : (٢) فمن طريقي الأزرق والأصبهاني فالأزرق من طريقي إسماعيل النحاس وابن سيف عنه فعنه والأصبهاني من طريق ابن جعفر والمطوعي عنه عن أصحابه فعنه.

وأما البزي : (٣) فمن طريقي أبي ربيعة وابن الحباب عنه فأبو ربيعة من طريقي النقاش وابن بنان بضم الموحدة بعدها نون عنه فعنه وابن الحباب من طريقي ابن صالح وعبد الواحد بن عمر عنه فعنه.

وأما قنبل : (٤) فمن طريقي ابن مجاهد وابن شنبوذ عنه فابن مجاهد من طريقي السامري وصالح عنه فعنه وابن شنبوذ من طريقي أبي الفرج بالجيم والشطوى عنه فعنه.

وأما الدوري : (٥) فمن طريقي أبي الزعراء وابن فرح بالحاء المهملة عنه فأبو الزعراء من طريقي ابن مجاهد والمعدل عنه فعنه وابن فرح من طريقي ابن أبي بلال والمطوعي عنه فعنه.

وأما السوسي : (٦) فمن طريقي ابن جرير وابن جمهور عنه فابن جرير من طريقي عبد الله ابن الحسين وابن حبش عنه فعنه وابن جمهور من طريقي الشذائي والشنبوذي عنه فعنه.

وأما هشام : (٧) فعن طريقي الحلواني عنه والداجونيّ عن أصحابه عنه فالحلواني من

__________________

(١) هو الإمام عيسى بن منيا أبو موسى (ت ٢٢٠ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٦١٥). معرفة القراء : (١ / ١٥٥).

(٢) هو الإمام عثمان بن سعيد أبو سعيد المصري (ت ١٩٧ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٥٠٢). معرفة القراء : (١ / ١٥٢).

(٣) هو الإمام أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم أبو الحسن البزي (ت ٢٥٠ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ١٤٦).

(٤) هو الإمام محمد بن عبد الرحمن بن خالد أبو عمر المكي. (ت ٢٩١ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢ / ١٦٥). معرفة القراء : (١ / ٢٣٠).

(٥) هو الإمام حفص بن عمر الدوري أبو عمر (ت ٢٤٦ ه‍). [أ].

النشر (١ / ١٣٤).

(٦) هو الإمام صالح بن زياد أبو شعيب السوسني (ت ٢٦١ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٣٣٢). معرفة القراء : (١ / ١٩٣).

(٧) هو الإمام هشام بن عمار أبو الوليد السلمي الدمشقي. (ت ٢٤٥ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢ / ٣٥٥). معرفة القراء : (١ / ١٩٥).

١١

طريقي ابن عبدان والجمال عنه فعنه والداجوني من طريقي زيد بن علي والشذائي عنه عن أصحابه فعنه.

وأما ابن ذكوان : (١) فمن طريقي الأخفش والصوري عنه فالأخفش من طريقي النقاش وابن الأخرم عنه فعنه والصوري من طريقي الرملي والمطوعي عنه فعنه.

وأما أبو بكر : (٢) فمن طريقي يحيى بن آدم ويحيى العليمي عنه فابن آدم من طريقي شعيب وأبي حمدون عنه فعنه والعليمي من طريقي ابن خليع والرزاز كلاهما عن أبي بكر الواسطي عنه فعنه.

وأما حفص : (٣) فمن طريقي عبيد الله بن الصباح وعمرو بن الصباح عنه فعبيد من طريقي أبي الحسن الهاشمي وأبي طاهر بن أبي هاشم عن الأشناني عنه فعنه وعمر ومن طريقي الفيل وزرعان عنه فعنه.

وأما خلف : (٤) فمن طرق ابن عثمان وابن مقسم وابن صالح والمطوعي أربعتهم عن إدريس عنه.

وأما خلاد : (٥) فمن طرق ابن شاذان وابن الهيثم والوزان والطلحي أربعتهم عن خلاد.

وأما أبو الحارث : (٦) فمن طريقي محمد بن يحيى وسلمة بن عاصم عنه فابن يحيى من طريقي البطي والقنطري عنه فعنه وسلمة من طريقي ثعلب وابن الفرج عنه فعنه.

وأما الدوري : (٧) فمن طريقي جعفر النصيبي وأبي عثمان الضرير عنه فالنصيبي من طريقي ابن الجلندا وابن ديزوية عنه فعنه وأبو عثمان من طريقي ابن أبي هاشم والشذائي عنه فعنه.

__________________

(١) هو الإمام عبد الله بن أحمد بن بشر بن ذكوان أبو عمرو. (ت ٢٤٢ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٤٠٤). معرفة القراء : (١ / ١٩٨).

(٢) هو الإمام شعبة بن عياش أبو بكر الحناط الأسدي الكوفي. (ت ١٩٣ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٣٢٥). معرفة القراء : (١ / ١٣٤).

(٣) هو الإمام حفص بن سليمان ، أبو عمر الكوفي (ت ١٨٠ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢٥٤). معرفة القراء : (١ / ١٤٠).

(٤) هو أبو محمد خلف بن هشام بن ثعلب البزاز البغدادي. (ت ٢٢٩ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٢٧٢). معرفة الراء : (١ / ٢٠٨).

(٥) هو الإمام خلّاد بن خالد أبو عيسى الكوفيّ. (ت ٢٢٠ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٢٧٤). معرفة القراء : (١ / ٢١٠).

(٦) هو الإمام الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي. (ت ٢٤٠ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢ / ٣٤). معرفة القراء : (١ / ٢١١).

(٧) هو الإمام حفص بن عمر أبو عمر الدوري (ت ٢٤٦ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٢٥٥). معرفة القراء : (١ / ١٩١).

١٢

وأما عيسى بن وردان : (١) فمن طريقي الفضل بن شاذان وهبة الله بن جعفر عن أصحابهما عنه فالفضل من طريقي ابن شبيب وابن هارون عنه وهبة الله من طريقي الحنبلي والحمامي عنه.

وأما ابن جماز : (٢) فمن طريقي أبي أيوب الهاشمي والدوري عن إسماعيل بن جعفر عنه فالهاشمي من طريقي ابن رزين والأزرق الجمال عنه والدوري من طريقي ابن النفاح بالحاء المهملة وابن نهشل عنه.

وأما رويس : (٣) فمن طرق النخاس بالمعجمة وأبي الطيب وابن مقسم والجوهري أربعتهم عن التمار عنه.

وأما روح : (٤) فمن طريقي ابن وهب والزبيري عنه فابن وهب من طريقي العدل وحمزة بن علي عنه فعنه والزبيري من طريقي غلام بن شنبوذ وابن حبشان عنه فعنه.

وأما إسحاق : (٥) فمن طريقي السوسنجردي وبكر بن شاذان عن ابن أبي عمر عنه ومن طريقي محمد بن إسحاق نفسه والبرصاطي عنه.

وأما إدريس : (٦) فمن طرق الشطي والمطوعي وابن بويان والقطيعي أربعتهم عنه.

فهذه ثمانون طريقا : عن الرواة العشرين والطرق المتشعبة عن الثمانين استوعبها مفصلة في النشر وبها يكمل للأئمة العشرة تسعمائة طريق وثمانون طريقا وفائدة تفصيلها وذكر كتبها عدم التركيب في الوجوه المروية عن أصحابها وقد حرر ذلك الإمام الجليل الحافظ شيخ القراء والمحدثين في سائر بلاد المسلمين الشمس ابن الجزري في نشره الذي لم يسبق بمثله ولذا عوّلنا عليه في كتابنا هذا كما أخذناه عن شيوخنا قاطبة وهم عن شيوخهم كذلك أثابه الله بمنه وكرمه وقد ذكر فيه رحمه‌الله تعالى اتصال سنده بجميع

__________________

(١) هو الإمام عيسى بن وردان أبو الحارث المدني الحذاء. (ت ١٦٠ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٦١٦). معرفة القراء : (١ / ١١١).

(٢) هو الإمام سليمان بن مسلم ابن جمّاز (ت ١٧٠ ه‍). [أ].

غاية النهاية (١ / ٣١٥).

(٣) هو الإمام محمد بن المتوكّل أبو عبد الله اللّؤلؤيّ. (ت ٢٣٨ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢ / ٢٣٤). معرفة القراء : (١ / ٢١٦).

(٤) هو الإمام روح بن عبد المؤمن أبو الحسن البصري النحوي. (ت ٢٣٤ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ٢٨٥). معرفة القراء : (١ / ٢١٤).

(٥) هو الإمام إسحاق بن إبراهيم بن عثمان أبو يعقوب المروزيّ ثم البغداديّ ورّاق خلف. (ت ٢٨٦ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ١٥٥).

(٦) هو الإمام إدريس بن عبد الكريم الحدّاد. (ت ٢٩٢ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (١ / ١٥٤). معرفة القراء : (١ / ٢٥٤).

١٣

الطرق المذكورة فلنذكر اتصال سندنا به لكونه الركن الأعظم فأقول قرأت القرآن العظيم من أوله إلى آخره بالقراءات العشر بمضمون طيبة النشر المذكور بعد حفظها على علامة العصر والأوان الذي لم يسمح بنظيره ما تقدم من الدهور والأزمان أبي الضياء النور على الشبراملسي بمصر المحروسة وقرأ شيخنا المذكور على شيخ القراء بزمانه الشيخ عبد الرحمن اليمني وقرأ اليمني على والده الشيخ شحاذة اليمني وعلى الشهاب أحمد بن عبد الحق السنباطي وقرأ السنباطي على الشيخ شحاذة المذكور وقرأ الشيخ شحاذة على الشيخ أبي النصر الطبلاوي وقرأ الطبلاوي على شيخ الإسلام زكريا الأنصاري وقرأ شيخ الإسلام على الشيخين البرهان القلقيلي والرضوان أبي النعيم العقبي وقرأ كل منهما على إمام القراء والمحدثين محرر الروايات والطرق أبي الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن يوسف الجزري بأسانيده المذكورة في نشره (١).

وأما طرق القراء الأربعة : فالبزي وابن شنبوذ عن ابن محيصن فعن شبل عنه من المبهج ومفردات الأهوازي وأما سليمان بن الحكم وأحمد بن فرح عن اليزيدي فمن المبهج والمستنير وأما المطوعي والشنبوذي عن الأعمش فعن قدامة عنه من المبهج وأما البلخي والدوري عن الحسن البصري فعن عيسى الثقفي عنه من مفردات الأهوازي والله تعالى أعلم.

ولما كانت القراءات : بالنسبة إلى التواتر وعدمه ثلاثة أقسام. قسم اتفق على تواتره وهم السبعة المشهورة ، وقسم اختلف فيه والأصح بل الصحيح المختار المشهورة تواتره كما تقدم وهم الثلاثة بعدها وقسم اتفق على شذوذه وهم الأربعة الباقية ـ قدمت قراءة السبعة ثم الثلاثة ثم الأربعة على الترتيب السابق فإن تابع أحد من الثلاثة أحدا من السبعة عطفته بكذا أبو جعفر مثلا تبعا لكتاب اللطائف وهو مرادي بالأصل فإن وافق أحد من الأربعة قلت بعد استيفاء الكلام على تلك القراءة وافقهم الحسن مثلا فإن خالف قلت وعن الحسن كذا مثلا وهذا في الأصول أما الفرش فأسقط لفظ كذا غالبا إيثارا للاختصار.

فصل

في ذكر جملة من مرسوم الخط لكونه أحد أركان القرآن الثلاث على ما تقدم ونتبعه إن شاء الله تعالى بذكر مرسوم كل سورة آخرها لتتم الفائدة.

وقد سئل : مالك (٢) رحمه‌الله تعالى هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من

__________________

(١) انظر الصفحة : (١ / ٥٦) وما بعدها. [أ].

(٢) هو الإمام مالك بن أنس الأصبحي أبو عبد الله إمام دار الهجرة. (ت ١٧٩ ه‍). [أ].

غاية النهاية : (٢ / ٣٥). سير الأعلام : (٨ / ٤٩). وفيات الأعيان : (٤ / ١٣٧). [أ].

١٤

الهجاء فقال : لا إلا على الكتبة الأولى لكن قال بعضهم هذا كان في الصدر الأول والعلم غض حيّ وأما الآن فقد يخشى الالتباس ، وكذا قال شيخ الإسلام العز بن عبد السلام : لا يجوز كتابة المصحف الآن على المرسوم الأول باصطلاح الأئمة لئلا يوقع في تغيير من الجهال ، وهذا كما قال بعضهم : لا ينبغي إجراؤه على إطلاقه لئلا يؤدي إلى درس العلم ولا يترك شيء قد أحكمه السلف مراعاة لجهل الجاهلين لا سيما ، وهو أحد الأركان التي عليها مدار القراءات.

وهل يجوز كتابة القرآن بقلم غير العربي قال الزركشي لم أر فيه كلاما للعلماء ويحتمل الجواز لأنه قد يحسنه من يقرؤه بالعربية والأقرب المنع كما تحرم قراءته بغير لسان العرب. وقد سئل عن ذلك المحقق ابن حجر المكي؟ فأجاب بأن قضية ما في المجموع عن الأصحاب التحريم ، وأطال في بيان ذلك.

ثم إن الخط تصوير الكلمة بحروف هجائها بتقدير الابتداء بها ، والوقف عليها ، ولذا حذفوا صورة التنوين ، وأثبتوا صورة همزة الوصل ، والهجاء هو التلفظ بأسماء الحروف لا مسمياتها لبيان مفرداتها ، وجاء الرسم على المسمى (١).

ثم : إن الرسم ينقسم إلى قياسي ، وهو موافقة الخط اللفظ ، واصطلاحي ، وهو مخالفته ببدل ، أو زيادة ، أو حذف ، أو فصل ، أو وصل للدلالة على ذات الحرف ، أو أصله ، أو رفع لبس أو نحو ذلك من الحكم وأعظم فوائد ذلك أنه حجاب منع أهل الكتاب أن يقرؤه على وجهه دون موقف.

واعلم : أن موافقة المصاحف تكون تحقيقا كقراءة (ملك يوم الدين) الفاتحة [الآية ٤] بالقصر وتقديرا كقراءة المد وهذا الاختلاف اختلاف تغاير وهو في حكم الموافق لا إختلاف تضاد وتناقض.

وتحقيقه : أن الخط تارة يحصر جهة اللفظ فمخالفه مناقض وتارة لا يحصرها بل يرسم على أحد التقادير فاللافظ به موافق تحقيقا وبغيره موافق تقديرا لتعدد الجهة إذ البدل في حكم المبدل وما زيد في حكم العدم وما حذف في حكم الثابت وما وصل في حكم الفصل وما فصل في حكم الوصل.

وحاصله : أن الحرف يبدل في الرسم ويلفظ به اتفاقا كاصطبر ، ويرسم ولا يلفظ به اتفاقا كالصلوة ، ويرسم ، ويختلف في اللفظ به : كالغدوة ، ويزاد ويلفظ به اتفاقا ، كحسابيه ، ويزاد ولا يلفظ به اتفاقا : كأولئك ، ومائة ، ويزاد ويختلف فيه : كسلطانية ، ويحذف كذلك نحو : بسم الله ، ويرب ، وكالرحمن ، وكالداع ، ويوصل ، ويتبعه اللفظ كمناسككم ، وعليهم ، ويخالفه نحو : كهيعص ، ويبنؤم. ويختلف فيه نحو : ويكأنّ ،

__________________

(١) وللمزيد انظر النشر : (١ / ٢٢٤). [أ].

١٥

ويفصل ويوافق نحو : حم عسق ولا يوافق كإسرائيل ، ويختلف فيه نحو مال وأكثر رسم المصاحف موافق لقواعد العربية إلا أنه قد خرجت أشياء عنها يجب علينا اتباع مرسومها فمنها ما عرف حكمه ومنها ما غاب عنا علمه ولم يكن ذلك من الصحابة كيف اتفق بل عن أمر عندهم قد تحقق.

وقد انحصر : الرسم في الحذف والزيادة والبدل والوصل والفصل والهمز وما فيه قراءتان يكتب على أحدهما.

الأول : في الحذف فحذفوا ألف : لكن مخففة ، ومشدة كيف وقعت نحو : ولكنّ البر ، ولكنّي أريكم ، وألف : أولئك ، وأولئكم ، وألف لام إلىء : كالئ يئسن ، وألف ذلك وذلكم ، وكذلك فذلكن ، وألف ها التنبيه نحو : ها أنتم هؤلاء ، وألف هذا وهذن وهاتين والألف الندائية نحو : يرب ، يأيها ، يأيتها ، يآدم ، ينوح ، يسماء ، يأسفى ، وألف : السّلم معرفا ، ومنكرا وألف التي والمسجد منكرا ومعرفا وألف لام إله كيف جاء نحو لا إله إلا هو وإلهنا وإلهكم واحد وألف لام الملائكة ، وباء (تَبارَكَ الَّذِي) الملك [الآية : ١] (بارَكْنا حَوْلَهُ) الإسراء [الآية : ١] واستثنى : وبارك فيها ، وألف ميم : الرحمن ، وألف : جاء سبحن الأقل سبحان ربي.

وحذفوا : ألف «بسم الله» وألف «خللكم يبغونكم» و «خلل الديار» وألف سين و «المسكين» (١) كيف جاء ، وألف لام : الضلل ، نحو : في الضّللة ، وألف لام : الحلل ، نحو : حللا طيّبا ، هذا حلل ، ولام كللة وألف لام : هو الخلق ، وقرأ المطوعي : هو الخلق ، فوجه حذف الألف احتمال القراءتين وكذا حذفوا ألف سللة من طين وألف غلم حيث وقع نحو : لي غلم ، وكان لغلمين ، غلمن لهم ، وألف الظلل نحو : وظللهم ، وأطرد حذفها إذا وقعت بين لامين نحو : الأغلل وفي أعناقهم أغللا ، وحذفوا أيضا الألف الدالة على الاثنين إعرابا وعلامة في الاسم وضميرا في الفعل مطلقا إذا كانت حشوا فإن تطرفت ثبتت نحو : قال رجلن ، همت طائفتن ، الفئتن ، تراء الجمعن ، قالوا ساحرن ، والذن يأتينها ، هذن خصمن الذين أضلنا حتى إذا جاءنا فخانتهما ، وما يعلمن تذودن يلتقين ، ونحو إلا أن يخافا إلا بما قدمت يداك ، وكذا ألف الضمير المرفوع المتصل للمتكلم العظيم أو لمن معه إذا اتصل به ضمير المفعول مطلقا نحو : فرشنها ، ولقد آتينك ، وثم جعلنكم ، قد أنجينكم ، وعلمنه نجينهما زدنهم أنشأنهن ، وأغوينهم ، وكذا ألف عالم حيث جاء نحو : علم الغيب ، وألف لام بلغ ، وألف لام سلسل ، وألف طاء الشيطن كيف وقع ، وألف لام : لإيلف قريش ، وحذف ألف طاء : سلطن حيث وقع ، ولام اللعنون كيف أعرب نحو : (وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)(٢) ولام : ألت ، وياء : القيمة حيث

__________________

(١) حيث وقعت في كتاب الله تعالى وسيأتي بيان كل مفردة في موضعها من السور في باب فرش الحروف. [أ].

(٢) حيث وقعت هذه في الآيات الكريمة فهي سواء في الحكم. [أ].

١٦

جاء ، ولام : خلئف ، وهاء : الأنهر كيف أتى ، وتاء : يتمى النساء ، ونحوه وصاد : نصرى ، وعين : تعلى ، وهمزة : ألن الثانية نحو : ألن خفف الله عنكم إلا (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ) [الآية : ٩] لكن سيأتي إن شاء الله تعالى في باب وقف حمزة أن الألف في هذه إنما هي صورة الهمز بعد لام التعريف والألف بعدها محذوفة على الأصل.

وكذا حذفوا ألف لام : ملقوا ، حيث جاء : أنهم ملقوا الله ، حتى يلقوا ، فملقيه ، وألف باء ، مبركا ، والألف من أسماء العدد كيف تصرفت نحو : ثلث مرات ، ثلثين ليلة ثلاثمائة ، ثمني حجج ، ثمنين جلدة ، وألف عين : الميعد ، بالأنفال ، واتفقوا على الإثبات في غيرها نحو : لا يخلف الميعاد ، وألف راء : تربا في قوله : (كُنَّا تُراباً) [الآية : ٥] بالرعد والنمل [الآية : ٦٧] ، و (كُنْتُ تُراباً) بالنبإ [الآية : ٤٠] وأثبتوا ما عداها نحو من تراب ...

وحذفوا : ألف ها من : أيه المؤمنون [الآية : ٣١] ، ويا أيه الساحر [الآية : ٤٩] ، وأيه الثقلان [الآية : ٣١] ، وأثبتوا ما عداها نحو : يأيها الناس (١).

وحذفوا : ألف تاء : الكتب كيف تصرف إلا أربعة (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) بالرعد [الآية : ٣٨] (كِتابٌ مَعْلُومٌ) بالحجر [الآية : ٤] ، (مِنْ كِتابِ رَبِّكَ) بالكهف [الآية : ٢٧] و (كِتابٌ مُبِينٌ) أول النمل [الآية : ١] فأثبتوا فيها الألف.

وكذا : حذفوا ألف آيت محكمات ، آيتنا مبصرة ، (وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) إلا موضعين بيونس [الآية : ١٥ ـ ٢١] ، (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) ، إذا لهم مكر في آياتنا ، فأثبتوا الألف فيهما وكذا حذفوها من قرءنا بيوسف [الآية : ٢] وإنا جعلناه قرءنا بالزخرف [الآية : ٣] وقيل إنها ثابتة فيهما في العراقية وثبتت في غيرهما في الكل نحو فيه القرآن قرآنا عربيا وقال نصير الرسوم كلها على حذف ألف سحر في كل القرآن إلا (فَقالُوا ساحِرٌ) بالذاريات [الآية : ٥٢] فإنها ثابتة وقال نافع كلما في القرآن من ساحر فالألف قبل الحاء إلا (بِكُلِّ سَحَّارٍ) بالشعراء [الآية : ٣٧] فإنه بعد الحاء.

واتفقت الرسوم على حذف الألف المتوسطة في الاسم الأعجمي العلم الزائد على ثلاثة أحرف حيث جاء نحو : إبرهيم ، وإسمعيل ، وإسحاق ، وهارون ، وميكئل ، وعمرن ، ولقمن ، وعلى إثبات ألف : طالوت ملكا ، فصل طالوت ، وبجالوت وجنوده ، جالوت ، وآتاه وألف : إن ياجوج وماجوج ، وفتحت ياجوج وماجوج ، وألف داود حيث أتى لحذف ، واوه واختلف في : هارون ، وماروت ، وقارون ، وهامان ، وإسرائيل حيث جاء لحذف يائه ، فثبتت في أكثر المصاحف ، وحذفت في أقلها وقد خرج نحو : آدم ، وموسى ، وعيسى ، وزكريا ، ونحو : يصالح ، يمالك ، ونحو : عاد.

__________________

(١) حيث وقعت. [أ].

١٧

واتفقوا : على حذف ألف فاعل في الجمع الصحيح المذكر نحو : الظلمين ، العلمين ، وخسئين ، إلا : (طاغُونَ) بالذاريات [الآية : ٥٣] والطور [الآية : ٣٢] وكراما كاتبين وعلى حذف ألف الجمع في السالم المؤنث إن كثر دوره نحو؟ المؤمنت المتصدقت ثيبت ظلمت ، واتفقت المصاحف الحجازية ، والشامية على إثبات الألف في المشدد ، والمهموز نحو : الضالين ، والعادين ، وحافين ، وقائمون ، والصائمون ، والسائلين (١).

وأكثر المصاحف العراقية وغيرها على حذف ألفي فاعل في الجمع الصحيح المؤنث حتى المشدد والمهموز وأقلها على حذف الأولى وإثبات الثانية نحو : الصلحت الحفظت قنتت تئبت سئحت صفت.

واتفقوا على رسم (ليكة) بالشعراء [الآية : ١٧٦] وص [الآية : ١٣] بلام من غير ألف قبلها ولا بعدها ورسمت الحجر [الآية : ٧٨] ، (وق) ق [الآية : ١٤] الأيكة ، بألفين مكتنفي اللام وعلى حذفها من كل جمع على مفاعل أو شبهه نحو : المسجد.

واتفقوا : على رسم (تراء الجمعان) الشعراء [الآية : ٦١] بألف واحدة بعد الراء ، وعلى رسم (جاءَنا قالَ) بالزخرف [الآية : ٣٨] بألف واحدة بين الجيم والنون وعلى رسم كل كلمة لامها همزة مفتوحة بعد فتحة وألف قبل ألف الاثنين أو التنوين بألف واحدة نحو : أن تبوآ خطا ملجأ لهن متكأ من السماء ماء دعاء ونداء فيذهب جفاء غثاء وعلى رسم (نَأى) ب «سبحان» [الإسراء الآية : ٨٣] و [فصلت الآية : ٥١] بألف واحدة بعد النون وعلى رسم رءا الماضي الثلاثي اتصل بمضمر ، أو ظاهر متحرك ، أو ساكن حيث وقع بألف بعد الراء نحو : راء كوكبا ، إلا رأى أول النجم ، وثالثها (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ، لَقَدْ رَأى ، وأَساؤُا السُّواى) النجم [الآية : ١١ ، ١٨] و [الروم : ١٠] فإنهما رسمتا بالألف وياء بعد الراء والواو.

واتفقوا : على رسم كل كلمة في أولها ألفان فصاعدا بألف واحدة وضابطه : كل كلمة أولها همزة مقطوعة للاستفهام ، أو غيره تليها همزة قطع ، أو وصل على أي حركة محققة نحو : (قُلْ ، اللهِ خَيْرٌ ، وَآتَى الْمالَ ، يا آدَمُ ، آزَرَ ، آمِّينَ ، أَأَنْذَرْتَهُمْ ، أَأَنْتَ قُلْتَ ، أَأَلِدُ ، أَإِلهٌ ، أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ ، أَأُلْقِيَ ، أَأَمِنْتُمْ ، آلِهَتُنا خَيْرٌ)(٢).

واتفقت : المصاحف على حذف الألف الثانية من خطايا في جمع التكسير المضاف إلى ضمير المتكلم ، أو المخاطب ، أو الغائب حيث جاء نحو : (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ ، يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا ، مِنْ خَطاياهُمْ) وأكثر المصاحف على حذف الأولى ، وأقلها على ثبوتها ، وحذفوا في كل المصاحف الألف بعد واو الجمع من قوله تعالى : وجاء وحيث وقع

__________________

(١) حيث وقعت. [أ].

(٢) حيث وقعت. [أ].

١٨

نحو : (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ ، جاؤُ بِالْإِفْكِ وباؤُ) حيث جاء نحو : (وَباؤُ بِغَضَبٍ ، وفَإِنْ فاؤُ) بالبقرة ، و (سَعَوْا فِي آياتِنا) بسبإ ، و (عَتَوْا عُتُوًّا) بالفرقان و (الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ) بالحشر. وكذا حذفوها بعد واو الواحد في (عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ) بالنساء دون بقية لفظها في غيرها وأمثالها نحو : (وَيَعْفُوا) بالبقرة ، و (يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) بالشورى ، وحذفوا (لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ ، وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) بالقتال [محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم الآية : ٣١] و (تَرْجُوا أَنْ) بالقصص ، و (ادْعُوا) بمريم.

وأما حذف الياء : فاتفقوا على حذف الياء الواحدة المتطرفة بعد كسرة اجتزاء بالكسرة قبلها لاما وضميرا لمتكلم فاصلة ، وغيرها في الفعل الماضي ، والمضارع ، والأمر ، والنهي ، والاسم العاري من التنوين ، والنداء ، والمنقوص المنون المرفوع ، والمجرور ، والمنادى المضاف إلى ياء المتكلم.

فالأول : مائة وثلاثة وثلاثون نحو : ولا تكفرون وفارهبون وفاتقون وخافون وأن يؤتين ويشفين ويحيين وأكرمن.

والثاني : وهو والمنقوص نحو : غواش وهار.

والثالث : نحو يا عباد لا خوف ويا قيوم ويا رب.

قال في المقنع : حدثنا أحمد حدثني ابن الأنباري قال كل اسم منادى أضافه المتكلم إلى نفسه فياؤه ساقطة ثم قال إلا حرفين أثبتوا ياءهما في العنكبوت (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) العنكبوت [الآية : ٥٦] (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) الزمر [الآية : ٥٣] واختلف في حرف بالزخرف (يا عِبادِ لا خَوْفٌ) الزخرف [الآية : ٦٨] ففي مصاحف المدينة بياء ، وفي مصاحفنا بغير ياء «أي مصاحف العراق» لأن ابن الأنباري من العراق.

وحذفوا : ياء إلفهم بقريش [الآية : ٢].

واتفقوا : على حذف إحدى كل ياءين واقعتين وسطا ، أو طرفا خفيفتين ، أو إحداهما أصليتين ، أو زائدتين ، أو إحداهما نحو : أثاثا ورءيا ، والحوارين ، والأمين ، وربانين ، والنبين ، ونحو : خطين ، ومتكين ، وخسين ، والمستهزين ، والصبين ، والسيئات ، وسيئاتكم ، ونحو : من حي عن ، ويحيي ويميت ، ولا يستحي أن ، وأنت ولي ، وهل المحذوف الأولى ، أو الثانية اختار الجعبري حذف الأولى في الأعراب ، والثانية في الآخر لكون اللام محل الإعلال ، واستثنوا من صورة الهمز : هيئ لنا ، ويهيئ لكم ، وأرجيه ، والسيئ ، وسيئة نحو : مكر السيئ ، وآخر سيئا ، ولا السيئة ، ونقل الغازي في هجاء السنة أن : هيأ لنا ، ويهيأ لكم ، ومكر السيأ ، والمكر السيأ ، بياء واحدة بعدها ألف فيها وهو يروي عن المدني لكنه لم يتابع عليه كما قال الشاطبي ، وعبارته :

هيأ يهيأ مع السيأ بها ألف

مع يائها رسم الغازي وقد نكرا

نعم قال السخاوي رأيتها في المصحف الشامي بالألف كقول الغازي قال الجعبري

١٩

فيقدمان على النافي لكونهما مثبتين ، واستثنوا أيضا من الأعرابية : لفي عليين بالمطففين ، فأجمعوا على كتبه بياءين واستثنوا أيضا ما اتصل به ضمير الجمع والمخاطب والغائب نحو نحي الموتى ثم يحييكم وإذا حييتم ثم يحيين أفعيينا قل يحييها فاتفقوا على رسمه بياءين.

وكتبوا في العراقية : بآية ، وبآيات الواحد ، والجمع ، المجرورين بالباء الموحدة كيف وقعا بياءين نحو : (وإذا لم تأتهم بيية) ، (والذين كذبوا بآياتنا) ، (وما نرسل بالييت إلا) ، وليس ذلك مشهورا ، وفي أكثرها كالبواقي بياء واحدة.

وأما حذف الواو : فاتفقوا على حذف إحدى كل واوين تلاصقتا في كلمة انضمت الأولى ، أو انفتحت سواء كانت صورة الواو ، أو الهمزة ، أو الثانية زائدة لتكميل الصيغ المبينة للمعاني ، أو لرفع المذكر السالم ، أو ضميره نحو : (داوُدُ ، ويَؤُساً ، والموءودة ، ويَؤُدُهُ ، وَالْغاوُونَ ، ومُسْتَهْزِؤُنَ ، ولا يَسْتَوُونَ ، ويَدْرَؤُنَ ، وفَادْرَؤُا ، ولَيْسُوا ، ولِيُطْفِؤُا ، وانبؤني) (١).

وكذا : حذفوا الواو من : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ) الإسراء : [الآية : ١١] ، (وَيَمْحُ اللهُ) بالشورى [الآية : ٢٤] ، (ويَدْعُ الدَّاعِ) القمر [الآية : ٦] و (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) العلق [الآية : ١٨].

واتفقوا : على رسم ما أوله لام لحقتها لام التعريف بلام واحدة من الذي وتأنيثه ، وتثنيتهما ، وجمعهما حيث جاءت نحو : (الَّذِي جَعَلَ وَالَّذانِ يَأْتِيانِها ، وأرنا الذين ، والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) ونحو : (الْقِبْلَةَ الَّتِي ، واللَّائِي يَئِسْنَ ، واللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ ، واللَّيْلِ) حيث جاء ، وعلى الإثبات فيما عدا ذلك نحو : (بِاللَّغْوِ ، واللهْوِ ، واللُّؤْلُؤُ ، واللَّاتَ)(٢).

وأما الثاني وهو الزيادة : فاتفقوا على زيادة ألف بعد واو ضمير جمع المذكرين المتصل بالفعل الماضي ، والمضارع ، والأمر ، والنهي ، وبعد واو الجمع ، والرفع في المذكر السالم المرفوع ، ومضاهيه إذا تطرفت انضم ما قبلها ، أو انفتح انفصلت عما قبلها كتابة ، أو اتصلت ، وبعد الواو التي هي لام في المضارع سكنت ، أو انفتحت ، وإن حذفا للساكنين لفظا ما لم يختصا نحو : (آمَنُوا ، وَهاجَرُوا ، وَجاهَدُوا ، وخَلَوْا إِلى ، عَمِلُوا ، اشْتَرَوُا ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا ، وَلا تَهِنُوا وتَدْعُوا ، وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ ، وَأْتَمِرُوا ، وَاخْشَوْا ، وَاتَّقُوا اللهَ) ونحو : (مُلاقُوا رَبِّهِمْ ، كاشِفُوا الْعَذابِ ، مُرْسِلُوا النَّاقَةِ ، وَأُولُوا الْعِلْمِ) ونحو : (وَأَدْعُوا رَبِّي ، يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) بخلاف المفرد نحو : (لَذُو عِلْمٍ) يونس [الآية : ٦٨].

واتفقوا : على زيادة ألف بين الشين ، والياء من قوله تعالى : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي

__________________

(١) حيث وقعت في القرآن الكريم. [أ].

(٢) حيث وقعت. [أ].

٢٠