المحكم في أصول الفقه - ج ٤

السيّد محمّد سعيد الطباطبائي الحكيم

المحكم في أصول الفقه - ج ٤

المؤلف:

السيّد محمّد سعيد الطباطبائي الحكيم


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة المنار
المطبعة: جاويد
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٩

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآله الطّيبين الطّاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين. ربّ اشرح لي صدري ، ويسّر لي أمري ، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ، أنت حسبي ونعم الوكيل ، ونعم النصير ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، عليه توكلت وإليه انيب.

٥
٦

المقصد الثّاني

فى الأصول العمليّة

٧
٨

المقصد الثاني

في الاصول العملية

وهي الوظائف المقررة عقلا او شرعا للجاهل بالأحكام الذي لا حجة له عليها.

وقد تقدم في التمهيد لهذا القسم أن الرجوع إليها مع عدم الحجة مشروط بأن لا يدل دليل على وجوب الفحص عن الحجة أو الواقع ، وإلا كان اللازم الفحص أولا ثم الرجوع إليها بعد اليأس عن الظفر بهما ، لأن دليل وجوب الفحص يكون واردا على الأصل العقلي ومخصصا لدليل الأصل الشرعي ، كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى.

وينبغي التمهيد لمحل الكلام بتقديم امور ..

الأمر الأول : أنه تقدم في الفصل الثالث من مباحث القطع التعرض لحقيقة الاصول الشرعية.

وأما الاصول العقلية فهي متقومة بحكم العقل بالتنجيز والتعذير ، ومرجع الأول إلى تحسين العقاب على مخالفة التكليف الواقعي في ظرف الجهل به المستلزم لاحتمال الضرر المقتضي للحذر ، ومرجع الثاني إلى تقبيح العقاب عليه المستلزم للأمن منه بضميمة العلم بعدم خروج الشارع عن مقتضى الحكم المذكور ، فلا يبقى معه موضوع للحذر.

نعم ، حكم العقل بالتعذير والتنجيز ..

٩

تارة : يكون بسبب الجعل الشرعي لما يستتبعهما من الحجة أو الأصل.

واخرى : يكون استقلالا منه لمحض الشك وعدم البيان الشرعي.

والمراد بالأصل العقلي هو الثاني. ومن ثم كان الأصل الشرعي واردا على الأصل العقلي رافعا لموضوعه.

هذا ، ولو كان مفاد البيان الشرعي محض الإرشاد لحكم العقل والجري عليه كان مؤكدا له ، لا رافعا لموضوعه. ولا يكون البيان الشرعي حينئذ متعرضا لأصل شرعي ، لينافي ما ذكرنا من ورود الأصل الشرعي على العقلي.

الأمر الثاني : أنه لا ريب عندهم في تقديم الطرق والامارات على الاصول عقلية كانت أو شرعية ، وأن الرجوع للاصول مختص بصورة عدم الحجة في الواقعة.

كما لا إشكال في أن تقديم الحجج على الاصول العقلية بالورود الراجع إلى ارتفاع موضوعها بها ، كما أشرنا إليه في الأمر الأول.

والكلام إنما هو في أن تقديم الحجج على الاصول الشرعية بالورود أو الحكومة أو التخصيص. والكلام في ذلك موقوف على النظر في أدلة الاصول ، ومن ثمّ كان المناسب لذلك بعد الكلام في الاصول والنظر في أدلتها.

وأما ما قد يظهر من شيخنا الأعظم قدس سرّه من أن مؤديات الطرق والحجج لما كانت هي الأحكام الواقعية ، ومؤديات الاصول هي الأحكام الظاهرية ، فحيث تقدم في أول مباحث الحجج عدم التنافي بين الأحكام الواقعية والظاهرية ، لتقدم الاولى رتبة على الثانية ، لأن موضوع الأحكام الظاهرية هو الجهل بالاحكام الواقعية تعين تقديم الطرق على الاصول ، لارتفاع موضوع الاصول بالطرق.

فهو لا يخلو عن إشكال ، لأن مدعي التعارض والتنافي بين الاصول والطرق لا يدعي التنافي بين الأصل ونفس الطريق ، الذي يكون مؤدّاه حكما

١٠

واقعيا ، بل التنافي بين دليل الأصل ودليل حجية الطريق ، ومن الظاهر أن مفاد دليل حجية الطريق ليس حكما واقعيا ، بل ظاهري ، كمؤدى دليل الأصل.

وبالجملة : عدم التنافي بين الأحكام الواقعية والظاهرية لا يستلزم تقديم الطرق على الاصول ، إذا المعيار في تقديم الطريق على الأصل تقديم دليل حجية الطريق على دليل الأصل ، ومن الظاهر أن مفاد الدليلين معا حكم ظاهري لا واقعي ولذا لو فرض أخذ عدم جريان الأصل في موضوع حجية الطريق ، بحيث يكون جريان الأصل رافعا لموضوعها لزم تقديم الأصل عليه ، وإن كان مؤدى الأصل حكما ظاهريا ومؤدى الطريق حكما واقعيا ، كما تقدم في أواخر الكلام في المقدمة الثانية من مقدمات دليل الانسداد.

الأمر الثالث : الاصول العملية التي اهتم المتأخرون بتنقيح مجاريها وتبويبها أربعة : البراءة ، والاشتغال ، والتخيير ، والاستصحاب. وهي تشترك في الجريان في الأحكام التكليفية. ولم يتعرضوا لأصالة الطهارة ، مع أنها تجري في الشبهات الحكمية أيضا ، فهي من المسائل الاصولية.

إما لما قيل من أنها من الاصول المتفق عليها ، فلا تحتاج إلى الاستدلال.

أو لانصراف اهتمامهم بالشك في الأحكام التكليفية ، لأهميتها وكثرة الابتلاء بها ، بخلاف الطهارة ونحوها من الأحكام الوضعية ، فإنه يقل الابتلاء بها.

أو لتخيل كون الطهارة كسائر الأحكام الوضعية منتزعة من الأحكام التكليفية ، فهي راجعة إليها ، فيكون الشك فيها شكا في الأحكام التكليفية ، التي هي مجرى الاصول المتقدمة. ولعله إليه يرجع ما عن شيخنا الأعظم قدّس سرّه من رجوع أصالة الطهارة إلى أصالة البراءة.

أو لتخيل كونها من الامور الواقعية التي كشف عنها الشارع ، لا من الأحكام الشرعية ، فالشبهة فيها موضوعية لا حكمية.

ولعل الأقرب في وجه إعراضهم هو الثاني.

١١

هذا ، والمقصود بيان وجه إعراضهم عن تحريرها ، لا تصحيح الإعراض المذكور ، فلا يهم كون هذا الوجه كأكثر الوجوه أو كلها موردا للإشكال ، كما تعرض لذلك غير واحد بما لا يسعنا إطالة الكلام فيه.

ثم إن قاعدة : (ما لا يضمن بصحيحة لا يضمن بفاسده) ، وإن كانت تنفع في كثير من الشبهات الحكمية وتقع في طريق الاستنباط ، إلا أنها إما أن تكون قاعدة اجتهادية واقعية ، أو ظاهرية راجعة إلى استصحاب عدم الضمان ، وليست أصلا برأسه ، وكذا أصالة اللزوم في العقود.

الأمر الرابع : تقدم في أوائل الفصل الثالث من مباحث القطع أن عموم الأحكام الواقعية لحال الجهل بها هو مقتضى إطلاق أدلتها أو عمومها ، خلافا لما عن بعض الأعاظم قدّس سرّه من قصور إطلاقها عن ذلك ، وان ثبوتها أو ارتفاعها محتاج إلى جعل آخر متمم للجعل الأول تابع لعموم ملاكها وقصوره.

هذا كله في ثبوتها واقعا. واما الحكم الظاهري الثابت في حال الجهل بها ، الذي هو مفاد الأصل فهو حكم آخر أجنبي عن الحكم الواقعي ، محتاج الى جعل آخر غير جعله ، لا دخل له به ، وليس متمما له ، لأنه من سنخ آخر غير سنخه ، ومجرّد تبعيته لأهمية ملاكه فى الجملة ـ كما فى الاحتياط والبراءة ـ إنما يقتضي كونه حكما طريقيا. لا أنه مجعول بجعل متمم لجعل الحكم الواقعي بعد ما أشرنا إليه من اختلاف سنخهما.

فما يظهر من بعض الأعاظم قدّس سرّه من أن امتناع عموم جعل الأحكام الواقعية لحال الجهل بها يقتضي جعل الحكم الظاهري بجعل آخر متمم للجعل الأول ، نظير جعل الأمر بقصد التقرب ، بناء على مسلكه ، خلط بين ثبوت الحكم الواقعي حال الجهل وجعل الحكم الظاهري حاله. فراجع ما ذكره في حديث الرفع وتأمل جيدا.

الأمر الخامس : أشار غير واحد إلى مسألة : (الأصل في الأشياء الحظر

١٢

أوالإباحة) ، ولا يخلو المراد بها عن إجمال ، ويستفاد منهم حملها على أحد وجوه ..

الأول : أن يكون النزاع في أنه مع قطع النظر عن جعل الحكم الشرعي ، فهل يحكم العقل بإباحة الأفعال أو المنع عنها؟ بمعنى : أن الفعل هل يكون منشأ لاستحقاق العقاب عقلا ما لم يرخص فيه الشارع ، أو لا يكون كذلك ما لم يمنع عنه الشارع.

الثاني : أنه بعد فرض ورود الحكم الشرعي في الواقعة فهل الأصل كون الحكم هو الإباحة أو الحظر ، على أن يكون المراد بالأصل هو الوجه الواقعي الذي يكون عليه الشيء لو خلي وطبعه ، فتكون هذه القاعدة من القواعد الاجتهادية الواقعية. وربما يظهر هذا مما عن المحقق القمي قدّس سرّه.

الثالث : أنه مع فرض ورود الأحكام من الشارع والجهل بها فهل يحكم العقل بجواز الإقدام على الفعل ما لم يثبت المنع الشرعي ، أو بالمنع ما لم يثبت الترخيص الشرعي؟ فتكون من القواعد الظاهرية العقلية الجارية مع الجهل بالحكم الشرعي. وهذا هو الظاهر من الفصول.

أما على الأول ، فتكون القاعدة أجنبية عما نحن فيه من النزاع في البراءة والاشتغال ، لكون موضوع النزاع المذكور الشك في الحكم الشرعي ، والقاعدة واردة في ظرف عدمه.

إلا أنه لا يبعد حينئذ ملازمة القول بالحظر للقول بالاشتغال العقلي ، إذ من البعيد جدا الالتزام بعدم جواز الإقدام مع فرض عدم الحكم الشرعي ، وجوازه مع فرض الشك ، بل منع الإقدام مع عدم الترخيص الشرعي يناسب المنع منه مع الشك فيه جدا.

نعم ، لا ينافي القول بالحظر الالتزام بالبراءة الشرعية ، كما أن القول بالإباحة في القاعدة المذكورة لا يلازم البراءة العقلية ، فضلا عن الشرعية فى

١٣

المقام بعد فرض ورود الحكم الشرعي ، إذ لا بعد في الالتزام بالاحتياط فيه شرعا أو عقلا ، مع الإباحة والسعة في فرض عدم وروده.

وأما على الثاني ، فالتباين بين المسألتين ظاهر جدا ، لكون الاولى واقعية والثانية ظاهرية ، إلا أنه لا يبقى للثانية موضوع مع الاولى ، إذ لا موضوع للأصل مع الدليل الاجتهادي ، فيكون النزاع في الثانية مع البناء على أحد الوجهين في الاولى علميا محضا ، من دون فرق بين الاحتياط والبراءة الشرعيين والعقليين.

نعم ، لو فرض اختصاص القاعدة الاولى بالشبهة التحريمية يظهر أثر الثانية في غيرها.

وأما على الثالث ، فالمسألة المذكورة عين مسألة البراءة والاحتياط العقليين ، وإنما تباين مسألة البراءة والاحتياط الشرعيين لا غير. كما أنه لو فرض اختصاصها بالشبهة التحريمية كانت مسألة البراءة والاحتياط العقليين أعم منها.

هذا ، وحيث كانت هذه المسألة على الوجهين الأولين مما له الدخل في ما نحن فيه كان المناسب التعرض لما هو الحق عليهما.

فنقول : لا ينبغي الريب في أن الحق على الوجه الأول هو الإباحة ، وأن استحقاق العقاب مشروط بالمنع الشرعي.

ومجرد ملكه تعالى للمكلف ولأفعاله لا يقتضي عقلا إلا سلطانه على منعه ونفوذ تشريعه في حقه ، لا امتناعه عما لم يرخصه فيه. ومن ثمّ كان المرتكز عرفا احتياج المنع إلى الجعل والبيان.

ولا مجال لقياس ذلك بالملكية الاعتبارية ، حيث أنها تقتضي ارتكازا حرمة التصرف في المملوك ما لم يرخص فيه المالك ، بل ما لم يثبت الترخيص منه. لأن مصحح اعتبار الملكية عرفا ترتب أحكام الملك الارتكازية شأنا ، ومنها استقلال المالك بالتصرف في الملك وتوقف تصرف غيره فيه على إذنه ، كما هو الحال في جميع الأحكام الوضعية ، فإنها وان كانت مستقلة بالجعل غير

١٤

منتزعة من الأحكام التكليفية ، إلا أن مصحح اعتبارها ترتب بعض الأحكام المناسبة لها شأنا واقتضاء ، وهذا بخلاف الملكية الثابتة له تعالى ، فإنها سنخ آخر لا تقتضي عقلا إلا ما ذكرنا من سلطانه تعالى على المنع.

على أن الوجه المذكور مبتن على فرض خلو الواقعة عن الحكم ، وهو فرض لا واقع له.

وأما على الوجه الثاني ، فالظاهر هو التوقف ، ولا طريق لإثبات أحد الحكمين.

ومجرد ملكه تعالى للعبد وأفعاله لا يقتضي الحرمة الواقعية الشرعية ..

أولا : لعدم الدليل على حرمة التصرف شرعا مع مثل هذه الملكية الحقيقية منه تعالى ، وإنما ثبتت حرمة التصرف من غير إذن المالك مع الملكية الاعتبارية بدليل خاص.

وثانيا : لاحتمال ترخيصه تعالى واقعا.

كما لا مجال للاستدلال على الإباحة بأنها منفعة خالية عن أمارات المفسدة ، كما عن القوانين. لعدم كفاية ذلك ـ لو تم ـ في إثبات الاباحة الواقعية.

وأما الوجه الثالث ، فحيث كان راجعا إلى محل الكلام فيظهر الحال فيه مما يأتي إن شاء الله تعالى.

الأمر السادس : عرفت أن المهم في المقام هو الكلام في الاصول الأربعة. وقد اهتم غير واحد بتحديد مجاريها قبل البحث عنها ، وهو تكلف لا داعي له ، لأن التحديد المذكور يبتني على الكلام فيها وفي أدلتها ، وهو يختلف باختلاف الأنظار ، فالأنسب الإعراض عن ذلك ، وإيكاله إلى ما يظهر بعد الكلام فيها والانتهاء منها ، إن شاء الله تعالى.

نعم ، ينبغي التعرض هنا لمنهج البحث وتبويبه ...

فنقول : بعد فرض عدم قيام الحجة في الواقعة ..

١٥

فتارة : لا تؤخذ الحالة السابقة في الوظيفة العملية ، بل لا يلحظ فيها إلا الشك المفروض.

واخرى : تؤخذ الحالة السابقة زيادة على الشك. فالقسم الأول هو مجرى البراءة أو الاحتياط أو التخيير ، والثاني هو مجرى الاستصحاب.

ثم الشك في القسم الأول ..

تارة : يكون في أصل التكليف الإلزامي ، أعني الوجوب أو الحرمة.

واخرى : يكون في تعيينه مع وحدة المتعلق ، وهو الدوران بين وجوب شيء وحرمته.

وثالثة : في تعيينه مع اختلاف المتعلق ، سواء اتحد سنخه ، كما في الدوران بين وجوب القصر ووجوب التمام ، أم اختلف ، كما في الدوران بين وجوب شيء وحرمة آخر.

فهذه صور ثلاث للقسم الأول.

وهناك صورة وقع الكلام في رجوعها للصورة الاولى أو الثالثة ، وهي الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، فالمناسب إفرادها بالكلام ، فتكون صور هذا القسم أربعة.

هذا ، وشيخنا الأعظم قدّس سرّه قد جرى في البحث في كل من هذه الصور على تقسيم البحث ..

تارة : من حيث اختلاف موضوع الشك بلحاظ خصوصيتي الوجوب والحرمة.

واخرى : من حيث اختلاف منشأ الشك ، حيث أنه قد ينشأ من عدم النص ، أو إجماله ، أو تعارض النصّين ، أو اشتباه الموضوع الخارجي. ولذا تكثرت المسائل في كلامه حتى بلغت أربعا وعشرين.

لكن الجهة الاولى لا تقتضي تكثير الأقسام بعد اتحاد الخصوصيتين في

١٦

ملاك البحث ، وفي أهم أدلة المسألة ، ومجرد شيوع الخلاف في الشبهة التحريمية لا يكفي في ذلك.

نعم ، قد يختلفان في بعض الجهات الاخرى الخارجة عما هو المهم في المقام ، لكن ذلك يقتضي التعرض لها استطرادا من دون حاجة إلى تكثير المسائل.

وكذا الحال في الجهة الاخرى ، فإن عدم النص وإجماله وتعارض النصّين تشترك في ما هو المهم في المقام بعد فرض تحقق موضوع الأصل ، وما يمتاز به تعارض النصين من احتمال حجية أحدهما المانع من جريان الأصل ينبغي إيكاله إلى مباحث التعارض ، ولا وجه لذكره هنا ، كي يحتاج لتكثير الاقسام.

وأما الاشتباه في الموضوع فمن الظاهر خروجه عن محل الكلام ، إذ همّ الاصولي تشخيص الوظيفة في الشبهة الحكمية الراجعة إلى الشك في الحكم الشرعي الكلي ، حيث أنها هي التي تقع في طريق استنباط الأحكام الفرعية.

نعم ، ملاك البحث غالبا يعم الشبهات الموضوعية ، وإن كانت قد تنفرد ببعض الخصوصيات ، فينبغي التعرض لها استطرادا تتميما للفائدة من دون حاجة لتكثير الأقسام.

ومن ثمّ كان ما صنعه المحقق الخراساني قدّس سرّه من اختصار أقسام البحث هو الأولى. ولذا فسيكون البحث في كل صورة من صور هذا القسم الأربعة في فصل واحد إن شاء الله تعالى.

هذا ، والكلام في هذا القسم بفصوله الأربعة مختص بالشك في التكليف الإلزامي ، أعني الوجوب أو الحرمة ، دون بقية الأحكام التكليفية ، وإن كان ربما يلحقها الكلام في بعض الجهات الاستطرادية ، على ما قد ننبه عليه إن شاء الله تعالى.

أما الكلام في القسم الثاني وهو ما يؤخذ فيه الحالة السابقة فإنه يجري

١٧

في جميع الأحكام التكليفية ، بل الوضعية أيضا ، بل الموضوعات الخارجية ، وإن لم تكن مورد البحث بالأصالة.

وحيث عرفت هذا ، فيقع الكلام في قسمين ..

١٨

القسم الأوّل

فى البراءة والاحتياط والتّخيير

١٩
٢٠