تراثنا ـ العدد [ 13 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 13 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٥٤

١

الفهرس

حول تحقيق كتاب «بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية»

..................................................... السيد علي العدناني الغريفي ٧

أبوالأسود الدؤلي ودوره في وضع النحو العربي

........................................................ السيّد هاشم الهاشمي ٣١

الشيخ المفيد ... دراسة في كتبه الكلامية

........................................ الشيخ محمدعلي الحائري الخرّم آبادي ٩٠

التحقيق في نفي التحريف (٧)

........................................................ السيّد علي الميلاني ١١٣

٢

من التراث الأدبي المنسي في الاحساء

الشيخ كاظم الصحّاف

....................................................... الشيخ جعفر الهلالي ١٥٣

من ذخائر التراث

رسالة نقض فتاوى الوهّابيّة ـ للامام الشيخ كاشف الغطاء

................................................. تحقيق : السيّد غياث طعمة ١٦٥

رسالة في اعجاز سورة الكوثر ـ للزمخشري

..................................................... تحقيق : حامد الخفّاف ١٩٥

من أنباء التراث............................................................. ٢٤٧

٣
٤

٥
٦

حول تحقيق كتاب

«بناء المقالة الفاطمية

في نقض الرسالة العثمانية»

السيد علي العدناني الغريفي

«إذا شاعت لك ذب سلاحك»

إن في بعض الأمثال العامية من الظرافة والنكتة والإشارة إلى مطلب ظاهر وآخر خفي ما لا يوجد في الأمثال الفصحى ، وهو ـ أعني المثل العامي ـ وإن كان لا يتجاوز بضع كلمات لكنه يحتاج إلى عدة سطور من الشرح والإيضاح ، وربما يكون المثل العامي من الظرافة والتضمن لنكتة لطيفة بحيث لا يمكن صياغته باللغة الفصحى وإلا ذهبت ظرافته وطرافته ، ومن تلك الأمثلة هو ما ذكرناه في صدر هذه الأسطر ، وهو مثل عامي عراقي ويستعمل أيضا عندنا نحن عرب إيران.

ومعناه : أنه إذا شاع بين الناس أنك ذو شجاعة وقوة ـ وإن لم تكونا موجودتين أصلا ـ فحينئذ ألق أسلحتك فإنك لا تحتاج إليها ، لأن شهرتك كافية لأن تهزم العدو من دون ما حاجة لاستعمال الأسلحة ، ويكفيك ما أشيع وأذيع عنك ولن تحتاج إلى مزيد كد وعناء وجهد وجهاد. وهذا المثل كثيرا ما يصدق علينا ـ نحن المسلمين ـ وينطبق على أفعالنا وسيرتنا بشكل أو بآخر.

إن البداية في كل عمل تكون عندنا بوثبة سريعة خاطفة تقطع الأنفاس .. ثم بعد فترة قصيرة تأتي حالة التلكؤ والسير البطئ .. ثم بعد ذلك السكون والتوقف.

٧

مثلا : هذا صاحب مصنع ينتج بضائع وهي ـ أول ما تكون ـ في غاية الجودة والإتقان وتضاهي البضاعة الأجنبية ، فتحتل مكانا مرموقا في الأسواق ويقبل عليها الناس ، ثم بعد مدة تأخذ بالتنزل شيئا فشيئا حتى تصل إلى درجة من الرداءة بحيث يعرض عنها الناس ولا يرغب في اقتنائها أحد وربما ينجر الأمر في ذلك إلى توقف المصنع عن العمل كليا. وهذا يرجع إلى صاحب المصنع الذي اكتفى بالشهرة الأولى التي حصلت لمنتوجات مصنعه ثم أخذ لا يجيد الصناعة بل يغش فيها ، فازدياد الطلب عليها ـ في أول الأمر ـ بدلا من أن يكون حافزا على تحسين البضاعة أو إبقائها على ما هي عليه ـ على الأقل ـ نراه يكون موجبا للانحدار إلى الأخس ، وهذا بعكس ما تفعله الدول الأجنبية المتقدمة حيث كلما يزداد الطلب في الأسواق وتلاقي البضاعة رواجا وشهرة تزداد إتقانا وجودة.

وعملنا ذاك هو خلاف تعاليم ديننا وأوامر نبينا ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ حيث قال : «رحم الله من عمل عملا وأتقنه» (١) وقال : «رحم الله امرءا أحسن صنعته» (٢).

والظاهر أن عدم الإتقان والتهاون في الأمور لم يقتصر على الصناعات والحرف والمهن ، بل انتقلت العدوي حتى إلى المجال العلمي البحت ، فلم يعد التأليف والتحقيق ـ وخصوصا الثاني ـ بمنأى عن تلك الحالة آنفة الذكر.

فالتحقيق ـ وأخصه بالذكر لأنه المقصود من هذه المقالة ـ ما عاد تحقيقا بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة ، بل انتهى به الأمر إلى أن صار عبارة عن نسخة أخرى للمخطوط إلا أنها مطبوعة بالآلة المعروفة وتلك ـ أعني المخطوط ـ باليد المجردة إلا من القلم ، بل أكثر من ذلك .. إنها نسخة مشوهة عن الأصل تثبط العزائم عن مراجعة الأصل ، لأن المطبوع ظاهر في متناول اليد وهو هو ، وبذلك يكون الأصل قد ترك اللهم إلا في بعض الحالات الشاذة فيأتي من يحقق الكتاب ثانية ، فيا

__________________

(١) كشف الخفاء ومزيل الالباس ١ / ٥١٣ حديث ١٣٦٩.

(٢) جامع الأصول ـ لابن الأثير ـ ١١ / ١٨٥ حديث ٨٧١٦.

٨

سوء حظ المؤلف المسكين الذي يقع كتابه ـ الذي هو عصارة عمره العلمي ـ بيد من يسمى بالمحقق فيمسخه ويشوهه ويلعب به فيقلب معانيه وألفاظ ويغلط الصحيح منه ويحذف ما شاء له أن يحذف من أصل الكتاب ولا عذر له سوى أنه لم يتمكن من قراءة كلمة أو لا يعرف معناها ، أو أنها غلط (بنظره السقيم). ناهيك عن المحقق ذي الاسم المعروف أو القلب الفخم أو ذي الرتبة العلمية المزعومة ، فحينئذ يفعل ما يشاء في الكتاب ، واسمه وعنوانه على غلاف الكتاب كافيان لأن ينظر إلى الكتاب بعين الاعتبار والقبول وإن كان لم يأت بمعجزة فيه و «إذا شاعت لك ذب سلاحك». وحسبه أن ينزل الكتاب إلى الأسواق وهو يحمل اسم وعنوان المحقق كي يكسب به بعض المال أو ينال به أمورا أخرى تافهة ، ويغفل عن محاسبة قد تطاله ـ إن عاجلا أو آجلا ـ فتبدي أفعاله كما هي وتضعه أمام القراء والناقدين عاريا مجردا ، كاشفة بذلك عن سوأته للرائين ، مبدية ما اقترفه بشأن الكتاب للملأ العلمي.

أقول : فمع ملاحظة هذه الأمور كلها ، كيف يحصل للإنسان ثقة بما يحققه أمثال هؤلاء مع علمنا بما يفعلون من حذف وتصحيف وتحريف وتلاعب بالكتاب؟!

وهذا ـ أعني عدم الثقة ـ هو ما حصل لي بالفعل عندما وقفت على كتاب «بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية» المطبوع في عمان / دار الفكر ، بتحقيق الدكتور إبراهيم السامرائي ، فكانت لي عليه بعض الملاحظات قد أحببت أن أشير إليها هنا بشكل موجز لا على التفصيل ، وما قصدي بذلك سوى أن تكون هذه الملاحظات سببا للاعتناء بشكل أكثر بتراثنا المجيد والحرص عليه والاهتمام به والقيام بمهمة تحقيقه وإخراجه بشكل صحيح.

أقول : قد لفت نظري الكتاب المذكور وظننت بتحقيقه خيرا ، خصوصا أنه قد كتب على غلاف الكتاب بخط بارز قد أخذ مكانا لا بأس به من الغلاف : «حققه وقدم له وعلق عليه الدكتور إبراهيم السامرائي» ، والدكتور السامرائي

٩

معروف لدى المحققين وله يد في عالم التحقيق والتأليف وهو ذو درجة علمية رفيعة (دكتوراه) فحسبت أن الكتاب سوف يكون حسب ما يرام من حيث التحقيق والإخراج والتعليق ولكني لم أر ما كنت أتوقعه. وعلى كل حال فإني سجلت بعض ملاحظاتي على الكتاب ، وإني سوف أعلق على الكلمات الثلاث «حققه ، وقدم له ، وعلق عليه» حسب الترتيب المذكور على غلاف الكتاب.

فأما كلمة «حققه» :

فأقول : إذا كان المقصود من التحقيق هو ضبط المتن وتصحيحه وإبرازه بشكل جيد خال من الغلط فهلم معي أيها القارئ الكريم لنرى ما فعله الدكتور بمتن هذا الكتاب مع العلم بأن النسختين اللتين اعتمدهما الدكتور ورمز إليهما بحرفي «ق» و «ط» توجد عندنا مصورتهما وقد طبقنا المطبوعة عليهما فوجدنا اختلافا كثيرا بينهما وبين المطبوعة ، ووجدنا حذفا كبيرا قد وقع في المطبوعة وهو موجود في المخطوطتين ، وما أدري سبب هذا السقط هل هو ناشئ من الغفلة أو عدم الاهتمام والدقة؟! وإني أشير إلى تلك الاختلافات وما حذف وسقط في المطبوعة ، مقدما الساقط الذي هو جملة على الساقط الذي هو كلمة.

هذا ، مع العلم بأني لم يسعني الوقت للمقابلة بين المخطوطتين والمطبوعة من أول الكتاب إلى آخره وذلك لأنه لم يكن لدي عزم على تسجيل هذه الملاحظات إلا بعد أن جاوزت النصف من الكتاب فذكرتها هنا كما تراها ـ إن شاء الله تعالى ـ وكان في نيتي بعد الانتهاء من النصف الثاني أن أبدا من أول الكتاب ولكني لم أتمكن من ذلك إذ أني أرجعت المصورتين إلى أصحابهما ، فما سجلته هنا هو ما وجدته من السقط والاختلاف في النصف الثاني من الكتاب فكانت هذه الفروق الكثيرة فكيف لو أني عملت على الكتاب بتمامه وكماله؟!

* * *

١٠

١ ـ جاء في المطبوعة صفحة ١٦٩ سطر ٨ : «وما رويتموه لكم ووثقتموه فإنه مرجوح لا محالة عندنا وعندكم».

والذي في المخطوط : «وما رويتموه لكم ووثقتموه فإنه مرجوح للتهمة ، وما رويتموه علينا ووثقتموه فإنه مرجوح لا محالة عندنا وعندكم».

٢ ـ وجاء في صفحة ١٧٢ من المطبوعة سطر ١٢ : «قال : حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا ، قال : حدثنا أبو حنيفة ، عن عطاء ، قال : قال ابن عمر ...».

وفي المخطوط : «قال : حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا ، قال : حدثنا عباد ابن يعقوب ، قال : حدثنا عفان بن سنان ، قال : حدثنا أبو حنيفة ...».

٣ ـ وجاء في صفحة ١٩٤ سطر ٥ من المطبوعة : «والذي يقول لسان الجارودية على هذا : إنا قد أسلفنا ما يدل على ما قال فغريب إذا الأنصار لما ديس سعد ...».

وفي المخطوط : «والذي يقول لسان الجارودية على هذا : إنا قد أسلفنا ما يدل على خلافه ، وإن البهت مهين والمغالبة بالقحة سفالة ، وأما دليله على ما قال فغريب إذا الأنصار لما ديس ...».

٤ ـ وجاء في نفس الصفحة المذكورة من المطبوعة ، السطر الأخير : «وإن يكن بالخطابة فعلي أولى به».

وفي المخطوط بإضافة : «وإن يكن بالشعر فعلي أولى به».

٥ ـ وفي الصفحة ١٩٦ السطر ٢ من المطبوعة : «وبه قام عموده ورست قواعده».

وفي المخطوط بإضافة : «وبه نهض قاعده».

٦ ـ وفي الصفحة ٢١٦ السطر ما قبل الأخير من المطبوعة : «ذكر زيد بن صوحان : زيد وما زيد يسبق عضو منه إلى الجنة ألا وقد قطع في طاعة الله ...».

وفي المخطوط : «ذكر زيد بن صوحان : زيد وما زيد ، يسبق عضو منه إلى الجنة ، فقتل يوم الجمل ، فجعلوا الدليل على صواب علي في قتاله أن زيدا قتل في

١١

طاعته ، قيل لهم : وفي قول النبي ـ عليه‌السلام ـ : (يسبقه عضو منه إلى الجنة) دليل على أن العضو لم يسبق إلى الجنة إلا وقد قطع في طاعة الله ...».

٧ ـ وفي الصفحة ٢٢٠ السطر ٤ من المطبوعة : «إما من دليل العقل أو النقل ، فإذا كان الأمر كذا تعين في علي ...».

وفي المخطوط : «إما من دليل العقل أو النقل ، وإذا كان الأمر كذا فنقول : الاختيار كما ذكرته ممتنع قطعا فتعين النص ، وإذا كان الأمر كذا تعين في علي ...».

٨ ـ وأما ما وجدته من اختلاف في الكلمات فقد سجلتها فكانت كالنحو التالي :

المطبوعة

المخطوطة

السطر

الصفحة

فهو بان

فهذيان

١٦

١٦٣

وقدوم قوم

وقد يتوهم قوم

٨

١٦٤

لا يوردها أهل النظر

لا يرضاها أصحاب

١٦

١٦٤

راميا

رأسا

٨

١٦٦

أبو بكر

أبو بكرة

٥

١٦٨

لا يقع سديدا

لا يقع من سديد

قبل الاخر

١٧٦

على الخطأ

كان على الخطأ

الاخر

١٧٨

في تخلف عنهم

في تخلف من تخلف عنهم

قبل الأخير

١٧٩

لبعض الابرام

لنقض الابرام

١٨

١٨١

وأورده باستخلافه

وارده باستخلافه

١٨

١٨٢

هذا

هذا محال

١٩

١٨٢

بن أبي الشيخ

ابن أبي الثلج

٦

١٨٤

لو أن الشجر

لو أن الغياض

٨

١٨٤

المخثلب

المخشلب

١٢

١٩٠

١٢

المطبوعة

المخطوطة

السطر

الصفحة

قد أجبت

قد أجبنا

١٤

١٩٢

لحنا

أجبنا

١٣

١٩٣

وروى وأرحامه

وذوي أرحامه

٩

١٩٨

الدعوة

الدعوى

٢

٢٠٣

انا آل عمر

أنا أزعم

٦

٢٠٣

تعارضه

تغار منه

١٤

٢٠٤

الكتب

الكتاب

الأخير

٢٠٤

يداوي الداء

يداوي الداء بالداء

٤

٢٠٦

أيام جهته

أيام حياته

١٣

٢٠٦

أمنكم رسول الله

أمنكم أخو رسول الله

٨

٢١٠

عناء عن رسول حتى

عناء عن رسول الله مني

٢٢

٢١٠

أحد أقر عهد رسول

أحد آخر عهد برسول الله

٦

٢١١

وتعلق

وتعلقوا

١٣

٢١١

والذي يقال

مع الذي يقال

٨

٢١٤

في فلوات غرضه

سائرا في فلوات غرضه

٩

٢١٤

لا يحب السمين

لا يحب الحبر السمين

١٢

٢١٤

نبوات

ذوات

١٤

٢١٥

مثلين

مثابين

١٩

٢١٧

فلا يخشى

فلا يخلو

١٠

٢١٩

ينادى به المنابر

ينادى به على المنابر

١٤

٢٢٠

بالأشاعرة

بالإمامة

١٦

٢٢٣

أفانين سؤلها

أفانين سؤلها ومأمولها

٤

٢٢٥

وتحدنا حد الولد

وتحدنا عن التضجيع حد الولد

١٩

٢٢٥

١٣

٩ ـ وأما ما احتملنا أنه غلط ناشئ من الطباعة فلم نأت به أمثال :

المطبوعة

المخطوطة

السطر

الصفحة

استطرت

استقرت

٢

١٧٦

مع دعوى

منع دعوى

٤

١٧٧

موضع إنجاز

موضع إيجاز

١٥

١٨٠

وغيرها كثير.

وأما كلمة «وقدم له» :

فالمقدمة التي أثبتها في أول الكتاب ـ على اختصارها ـ لم تكن خالية من بعض الملاحظات وهي :

١٠ ـ قال في الصفحة ١ تحت عنوان «سيرة المؤلف» :

«لم أجد لدى من ترجم للمؤلف إلا نبذة يسيرة وهي قولهم : هو أحمد بن موسى بن جعفر بن طاووس ، جمال الدين ، من فقهاء الإمامية ومحدثيهم ، من أهل الحلة ، عالم بالأدب ، له شعر ، مصنف مجتهد ، له من التصانيف :

١ ـ بشرى المحققين ، في الفقه.

٢ ـ الملاذ ، في الفقه.

٣ ـ كتاب الكر.

٤ ـ الثاقب المسخر على نقض المشجر.

٥ ـ الازدهار في شرح لامية مهيار.

٦ ـ حل الإشكال في معرفة الرجال (تراجم في رجال الحديث).

وقد أفاد من ترجم له أن كتبه تنيف على الثمانين ، وقد توفي سنة ٦٧٣ ه».

١٤

أقول : هذا نص كلامه نقلته بحرفه ، ثم ذكر في الهامش المصادر التي استقى منها معلوماته تلك ، وهي : أمل الآمل ، والذريعة ، والأعلام.

ثم أقول ثانيا : إن كلامه ذلك ظاهره يدل على تتبع واسع وعلى بذل جهد مضن يتراءى من خلاله للقارئ أن المحقق قد راجع عشرات المصادر وفتش في زوايا أمهات المراجع فلم يعثر على غير ما ذكره من ترجمة المؤلف ، وتلك لعمري دعوى ينكشف زيفها لو وضعناها تحت منظار التتبع الصحيح والواقع العلمي.

غاية ما في الأمر أن المحقق المذكور قد راجع كتاب «الأعلام» للزركلي وأثبت عبارته بنصها إلا كلمتين غير وبدل فيهما ثم نقل ما ذكره الزركلي في الهامش أعني أمل الآمل والذريعة [راجع : الأعلام ١ / ٢٤٦] حتى أن المحقق ـ الدكتور السامرائي ـ لم يتكلف عناء مراجعة هذين المصدرين اللذين ذكرهما الزركلي ليرى أنه هل كان النقل صحيحا أم لا؟

فمثلا : لقد ذكر الزركلي في الهامش : الذريعة ٣ / ١٢٠ ، والدكتور السامرائي نقله بما هو من غير مراجعة ، والحال أن في الذريعة ٣ / ١٢٠ قد ذكر صاحبها اسم كتاب «بشرى المحققين» مع ذكر مؤلفه ـ أعني أحمد بن موسى بن طاووس ـ فقط ، فكان الأنسب لحضرة الدكتور السامرائي أن يذكر الذريعة ٣ / ١٥٠ حيث ورد فيها اسم الكتاب الذي يروم تحقيقه ، أعني «بناء المقالة الفاطمية».

وأما أمل الآمل فلو كان الدكتور قد راجعه حقا لاستفاد منه أكثر مما ذكر وعرف أن من جملة كتب المؤلف كتاب «الأزهار في شرح قصيدة مهيار» لا «الازدهار» كما ذكره هو.

ثم إن المحقق الدكتور السامرائي لو كان قد بذل أدنى جهد أو أقل عناية بأن دار برأسه نحو المكتبة العربية وشخص إليها ببصره لوجد فيها مصادر كثيرة تذكر المؤلف وتشرح حياته وسيرته وكتبه ، ولأجل أن الفت نظر الدكتور إليها أذكر بعضها المطبوع المتداول عند المحققين وغيرهم :

رجال ابن داود : ٤٥ ، منهج المقال : ٤٨ ، نقد الرجال : ٣٥ ، جامع

١٥

المقال : ١٤٢ ، مجمع الرجال ١ / ١٦٩ ، رياض العلماء ١ / ٧٣ ، جامع الرواة ١ / ٧٢ ، أمل الآمل ٢ / ٢٩ ، الوجيزة : ١٣ ، هداية المحدثين إلى طريقة المحمدين : ٣٠٦ ، لؤلؤة البحرين ١ / ٢٣٥ ، منتهى المقال : ٤٦ ، مقابس الأنوار : ١٦ ، ملخص المقال : ٢٦ و ٣٦ ، نتيجة المقال : ٣٤ ، إتقان المقال : ٢٢ ، مستدرك الوسائل ٣ / ٤٦٦ ، تنقيح المقال ١ / ٩٧ ، مقباس الهداية : ١١٧ ، سفينة البحار ٢ / ٩٦ ، الفوائد الرضوية : ٣٩ ، الكنى والألقاب ١ / ٣٣٤ ، أعيان الشيعة ٣ / ١٨٩ ، مصفى المقال : ٧١ ، البابليات ١ / ٦٧ ، معجم المؤلفين ٢ / ١٨٧ ، الأعلام ١ / ٢٤٦ ، الحوادث الجامعة : ١٥٢ ، روضات الجنات ١ / ٦٦.

أما كتبه فقد ذكرت جملة منها وهي :

١ ـ بشرى المحققين ، في الفقه ، ستة مجلدات.

٢ ـ ملاذ علماء الإمامية ، في الفقه ، أربعة مجلدات.

٣ ـ كتاب الكر.

٤ ـ السهم السريع ، في تحليل المداينة أو المبايعة مع القرض.

٥ ـ الفوائد العدة ، في أصول الفقه.

٦ ـ الثاقب المسخر على نقض المشجر ، في أصول الدين.

٧ ـ كتاب الروح ، وهو نقض على ابن أبي الحديد.

وهنا يظهر اشتباه آخر للدكتور السامرائي حيث ذكر في هامش الصفحة ٨٢ عند قول المؤلف : «وقد أشرت إلى ذلك في كتاب الروح» حيث قال الدكتور : «لم يشر من ترجم إلى ابن طاووس إلى كتاب الروح بين مصنفاته!».

٨ ـ شواهد القرآن.

٩ ـ المسائل ، في أصول الدين.

١٠ ـ عين العبرة في غبن العترة.

١١ ـ زهرة الرياض ونزهة المرتاض ، في المواعظ.

١٢ ـ الاختيار في أدعية الليل والنهار.

١٦

١٣ ـ الأزهار في شرح لامية مهيار ، مجلدان.

١٤ ـ عمل اليوم والليلة.

١٥ ـ بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية.

هذه أسماء كتبه التي ذكرها تلميذه ابن داود وقد أضاف إليها السيد الأمين في «أعيان الشيعة» :

١٦ ـ حل الإشكال في معرفة الرجال.

وقال : إن ابن الشهيد الثاني قد حرره وسماه «التحرير الطاووسي».

١٧ ـ ديوان شعر ، ذكره ابنه عبد الكريم في بعض إجازاته.

١٨ ـ إيمان أبي طالب ، ذكره المؤلف في «بناء المقالة الفاطمية».

١٩ ـ الآداب الحكمية ، ذكره أيضا في «بناء المقالة الفاطمية».

قال المحقق في المقدمة ، الصفحة ١١ : «وربما صنع ابن طاووس صنيع ابن أبي الحديد ، وذلك أنه ربما اجتهد في تفسير عبارة الجاحظ فرواها كما أراد له تفسيره واجتهاده ، وهو تصرف عرض له من جملة من مناقضاته ، وقد أشرنا إلى ذلك في حواشينا في أسفل الصفحات».

إني لم أر لما ذكر عينا ولا أثرا ، كل ما في الأمر أن ابن طاووس ربما ينقل عبارة الجاحظ تارة بلفظها وأخرى بمعناها ، وليت شعري ما ذنب ابن طاووس إذا كان حضرة الدكتور لم يدقق تماما في تطبيق ما نقله ابن طاووس عن رسالة الجاحظ ففاته ، ثم ادعى أنها لا توجد في «العثمانية» ... فمثلا :

١١ ـ في الصفحة ٢١١ السطر ١٣ : «وتعلق بالصحيح من الحديث من طرق القوم : إن عليا وبني هاشم لم يبايعوا ...» قال في الهامش : «لم أجده في (العثمانية)».

والواقع : أن هذا ليس نقلا لكلام الجاحظ حتى يفتش عنه في «العثمانية» ثم يدعي عدم وجدانه بل هو كلام ابن طاووس ، ومنشأ خطأ الدكتور هو في عدم قراءة المخطوطة قراءة صحيحة ، والأصل هو : «وتعلقوا

١٧

بالصحيح من الحديث من طرق القوم ...» لا «تعلق» أي الجاحظ.

١٢ ـ قال ابن طاووس حاكيا عن الجاحظ : «وادعى أن جماعة أسلموا على يده منهم خمسة من أصحاب الشورى وكلهم يفي بالخلافة ، وهم أكفاء علي ومنازعوه الرياسة والإمامة ، فقد أسلم على يده أكثر ممن أسلم بالسيف لأن هؤلاء أكثر من جميع الناس».

قال الدكتور السامرائي في الهامش : «لم أجد لهذه الإشارة في (العثمانية) المطبوعة ولكني وجدت في الصفحتين ٥٤ و ٥٥ كلاما في إسلام جماعة ليسوا من أصحاب الشورى».

أقول : ما نقله ابن طاووس موجود في «العثمانية» الصفحة ٣٢ وقد نقله ابن طاووس بلفظه ولكن الدكتور لم يكن دقيقا في الاستخراج فأعلن عن عدم وجوده في «العثمانية» من غير تثبت.

١٣ ـ قال ابن طاووس ناقلا عن الجاحظ بالمعنى ، الصفحة ٥١ : «قوله : لو كان لقاء القرن دليل الرياسة لكان النبي مرؤوسا».

قال الدكتور في الهامش : «لم أجد هذا الكلام في (العثمانية) المطبوعة».

والحال أنه موجود ولكنه ليس بلفظه ، أنظر الصفحة ٤٥ عند قول الجاحظ : «إن كثرة القتل وكثرة المشي بالسيف لو كان أشد المحن وأعظم العناء وأدل على الرياسة كان ينبغي أن يكون لعلي ... ما ليس للنبي [صلى الله عليه وآله]».

١٤ ـ وقال ابن طاووس ناقلا معنى عبارة الجاحظ ، الصفحة ٥٥ : «وإن كانت بعض مباحث عدو رسول الله في هذا المقام من كون أمير المؤمنين إذا ثبتت شجاعته لا يلزمه تقدمه على غيره بها إذ الرئيس لا يباشر القتال».

قال الدكتور في الهامش : «لم أجد النص الذي ألمح إليه المصنف في العثمانية ولعله اجتهد مما وجده في جملة ما أورده الجاحظ في العثمانية».

أقول : قاله الجاحظ في الصفحة ٤٦ من «العثمانية» بكلام طويل

١٨

وتلاعب بالألفاظ ، راجعه عند قوله : «وإذا ثبت أن رئيس العسكر وأشباهه قد ثبتت لهم الرياسة استحقوا التقديم بغير التقدم والمباشرة ... إلى آخر كلامه».

١٥ ـ وكذلك صرح بعدم وجود ما نقله المصنف عن كتاب «الإستيعاب» في الصفحة ١٥٣ عندما خلط المحقق بين النقل وبين كلام المصنف ، قال المصنف : «قال أبو عمر : هذا إسناد لا مطعن فيه لأحد لصحته وثقة قلبه؟ [والصحيح : نقلته] وهو يعارض ما ذكر عن ابن عباس في باب أبي بكر ، والصحيح في أمر أبي بكر أنه أول من أظهر الإشارة إلى طريق الرواية في باب أبي بكر ...».

والنقل هو إلى قوله : «أول من أظهر» وهو موجود في «الإستيعاب» المطبوع بهامش الإصابة ٣ / ٢٨ ، وأما باقي الكلام ـ أعني «الإشارة إلى طريق الرواية في باب أبي بكر» ـ فهو كلام المصنف ، وكان على المحقق أن يجعله رأس سطر جديد فلم يفعل لظنه بأنه من كلام صاحب «الإستيعاب» ثم ادعى عدم وجوده في «الإستيعاب».

فهذه نماذج قد أتيت بها ليعلم أن ما ادعاه الدكتور ـ من عدم وجود ما نقله ابن طاووس عن الجاحظ وغيره ـ لم يكن دقيقا.

وأما «علق عليه» :

إن ما علقه الدكتور على الكتاب والذي سجله في هوامشه المسطورة في أدنى الصفحات وإن كان قد تبين حاله مما مر ضمنا لكني أود أن أشير إلى بعض تعليقاته بشكل مستقل فأقول :

١٦ ـ قال الدكتور معلقا على ما نقله ابن طاووس على الروحي [الصفحة ٤٠] : «جاء في اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير ٢ / ٤١ : إن هذه النسبة إلى روح بن القاسم واشتهر بها أبو محمد عبد الله بن محمد بن سنان بن سعد السعدي الروحي ، بصري ، ولي قضاء الدينور ، يتهم بوضع الحديث ، وقيل له الروحي

١٩

لإكثاره الرواية عن روح بن القاسم ...».

أقول : إن الروحي المذكور هو علي بن محمد بن أبي السرور الروحي أبو الحسن ، صاحب كتاب «بلغة الظرفاء في ذكرى تاريخ الخلفاء» المطبوع في مصر ، وينقل عنه طائفة من المؤرخين وغيرهم أمثال ابن خلكان في وفياته وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ، ومنهم المؤلف ابن طاووس ، وتوجد لمحات عن حياة الروحي في أول كتابه المذكور.

١٧ ـ وعلق الدكتور السامرائي علي بن السمعاني ـ المنقول عنه في الكتاب ـ الصفحة ٤٣ قائلا : «ابن السمعاني صاحب الأنساب وهو عبد الكريم بن محمد بن منصور اليمني السمعاني المروزي ، المتوفى سنة ٥٦٢ عن الأعلام ٤ / ١٧٩.

أقول : إن ابن السمعاني المنقول عن كتابه هو جد صاحب «الأنساب» الذي ذكره السامرائي ، وهو ـ أعني ابن السمعاني الجد ـ منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد ، أبو المظفر ابن الإمام أبي منصور ابن السمعاني ، ولد في ذي الحجة سنة ٤٢٦ ، وهو أحد أئمة الحديث ، وقد سمع من أبيه وجماعة ، منهم : أحمد بن علي بن الحسين الكراعي ومحمد بن إسماعيل الأسترآبادي.

أنظر : البداية والنهاية ١٢ / ١٥٣ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٩٣ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٦٠ ، وطبقات الشافعية ٥ / ٣٣٥ ، وكتابه الذي ينقل عنه هو «مناقب الصحابة» مخطوط.

١٨ ـ وقال السامرائي في هامش الصفحة ٤٩ مترجما لابن المغازلي : «جاء في اللباب في تهذيب الأنساب ٣ / ٢٣٩ ، في المغازلي : إن هذه النسبة إلى المغازل وعملها ، اشتهر بها جماعة منهم : أبو جعفر محمد بن منصور الغروي المغازلي ، بغدادي ، كان عبدا صالحا ، يبيع المغازل ، روى عن بشر بن الحارث ، وروى عنه محمد بن مخلد العطار».

أقول : فليكن صاحب «اللباب» قد نقل ذلك ، ولكن من أين عرف الدكتور أن هذا المذكور هو ابن المغازلي المترجم وهو بنفسه ينقل عن

٢٠