بشارة المصطفى صلّى الله عليه وآله لشيعة المرتضى عليه السلام

عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري

بشارة المصطفى صلّى الله عليه وآله لشيعة المرتضى عليه السلام

المؤلف:

عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-251-4
الصفحات: ٤٦٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

١

٢

بِسْمِ الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله غيرَ مقنوطٍ من رحمته ولا مخلوٍّ من نعمته ولا مأيوسٍ من مغفرته ، والصلاة والسلام على أمين وحيه وخاتم رسله وبشير رحمته ونذير نقمته ، وعلى آله وأهل بيته الّذين هم دعائم الإسلام وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحقّ إلى نصابه وانزاح الباطل عن مُقامه. واللعنة على أعدائهم أهلِ الشقاق والنفاق ، حملة الأوزار ، المستوجبين النار.

أمّا بعد ، فإنّ ممّا وصفه الله تعالى كثيراً نبيَّه الكريم في كتابه العظيم هو كونه صلى‌الله‌عليه‌وآله بشيراً ونذيراً ومبشّراً ومنذراً ، ومن أهمّ وأكثر ما بشّر به طيلة حياته الشريفة هو ما أعدّ الله تعالىٰ لمحبّي أهل بيته وشيعتهم من جزيل الجزاء وجميل العطاء والدرجات العُلىٰ في الجنان وغرفاتها ، فقبول ولايتهم صلوات الله عليهم أعزّ ما يُطلب وأفضل ما يُكتسب وأسنى ما يُدّخر وأعظم ما يُفتخر به.

والكتاب الماثل بين يديكم ـ كما تقرأه من عنوانه ـ حاوٍ لأخبار مسندة عن المشائخ الكبار والثقات الأخيار ( كما صرّح به المؤلّف قدس‌سره في ديباجة الكتاب ) ولا يستهدف سوى تعرف شيعة أهل البيت الموالين لأئمّة الهدىٰ عليهم‌السلام بعظم شأن هذه السمة الجليلة ، وغلاء ونفاسة هذه الدرّة الثمينة كي يقوموا بأداء حقوقها ويهتمّوا بصونها ممّا يشينها ويفسدها ، فإنّ شياطين الجنّ والإنس يأتون المرء من

٣

بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ليقتحموا غفلته ويستلبوا درّته ، فنعوذ بالله من همزات الشياطين ، ونتوسّل بنبيّه الأمين محمّد وآله المعصومين الّذين هم أساس الدين وعماد اليقين.

وقد وفّق الله الفاضل النبيل أخانا جواد القيّوميّ الإصفهانيّ لتحقيق هذا الكتاب ومقابلته وتصحيحه وتحشيته بحواشٍ نافعة والتقديم له بمقدّمةٍ حاويةٍ لترجمة مؤلّفه العبقريّ وتبيين آثاره القيّمة.

ونحن قرّرنا طبعه بهذه الحلّة القشيبة ، سائلين الله تعالىٰ له ولنا المزيد من التوفيق في خدمة إحياء تراث الإماميّة ، إنّه خير موفّق ومعين.

مؤسّسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة

٤

بِسْمِ الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

موجز من حياة المؤلّف :

هو الشيخ الامام عماد الدين أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم ، علي بن محمّد بن علي بن رستم بن يزدبان الطبري الآملي الكجّي (١) ، العالم الجليل الثقة الواسع الرواية ، من علماء الإماميّة في القرن السادس وفقهائهم ومحدّثيهم.

الثناء عليه :

ترجمه الشيخ منتجب الدين في الفهرست بقوله : الشيخ الإمام عماد الدين فقيه ثقة ، قرأ على الشيخ أبي علي ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمهم‌الله ، وقرأ عليه الشيخ الإمام قطب الدين أبو الحسن الراوندي.

أطراه التستري في المقابس بقوله : الطبري المحدّث الجليل الفقيه النبيل الحاوي لمجامع المكارم ومجامع المراسم ، الشيخ عماد الدين موفق الاسلام قطب الأئمّة ، أبو جعفر أو أبو القاسم محمّد ابن الشيخ الفقيه أبي القاسم علي بن محمّد بن علي الفقيه الطبري الآملي الكجّي ، رفع الله درجته واسكنه جنّته.

وصفه المحدّث النوري في المستدرك بالإمام عماد الدين أبي جعفر محمّد بن

__________________

(١) الكجّي : نسبة إلى مدينة بطبرستان ، يقال لها : كجّة.

٥

أبي القاسم علي بن محمّد بن علي الطبري الآملي الكجّي ، العالم الجليل الفقيه النبيل.

مولده :

ممّا يؤسف له أن كثيراً من أعلام الفكر الإسلامي لم يسجّل لهم ـ على نحو التحديد ـ تاريخ للميلاد ، والمترجم له منهم ، غير انه يستفاد من روايته عن مشايخه انه ولد في أواخر القرن الخامس.

يظهر من روايته عن مشايخه ورواية تلاميذه عنه ، أنّه عمّر كثيراً ، روى عنهم من سنة ٥٠٣ ه‍ الى سنة ٥٢٤ ه‍ ـ كما يظهر من كتابه هذا ـ ومن حياته إلى سنة ٥٥٣ ه‍ ، فإنه يروي عنه في هذا التاريخ الشيخ محمّد بن جعفر المشهدي في مزاره.

قال في المزار : أخبرنا الشيخ الفقيه العالم عماد الدين محمّد بن أبي القاسم الطبري ، قراءة عليه وأنا أسمع ، في شهور سنة ٥٥٣ ه‍ ، بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

رحلته إلى الامصار والبلدان :

لم أر في التراجم لتاريخ هجرته من وطنه ورحلته إلى الأمصار والبلدان ذكراً ، غير أنّه يستفاد من روايته عن مشايخه أنّه في سنة ٥٠٨ ه‍ و ٥٠٩ ه‍ كان مقيماً بآمل ، وفي سنة ٥١٠ ه‍ بالري ، ثم رحل إلى النجف وأقام فيها وسافر منها إلى الكوفة مرّتين ، سنة ٥١٢ ه‍ وسنة ٥١٦ ه‍ ، وأخذ من مشايخه هناك ، وعاد إلى النجف ، وبقي هناك إلى سنة ٥١٨ ه‍ ، ثم رحل إلى وطنه ، وكان سنة ٥٢٠ ه‍ مقيماً بآمل ، ثم رحل منه إلى نيشابور في سنة ٥٢٤ ه‍.

ويستفاد من رواية تلميذه ابن المشهدي عنه ، انه في سنة ٥٥٣ ه‍ كان مقيماً بالنجف.

كما يظهر من بعض التراجم انه رحل من النجف إلى الحلّة ، قال ابن اسفنديار في تاريخ طبرستان ما معرّبه :

٦

فقيه آل محمّد عليهم‌السلام ، عالم زاهد متديّن ، استدعاه الأمير ورّام بن أبي فراس إلى الحلّة ، فأقام بها عامين ، وخصّص الأمير لنفقاته كل عام ألف دينار ، فرحل اليه الشيعة من بغداد والكوفة وكل النواحي ، يقرؤون عليه ويسمعون منه ويحملون عنه ، وحصلت بينهما مصاهرة ، فتزوج ابن الأمير ورّام بنت العماد الطبري ، فأولدت له ولداً هو اليوم من خيرة الشباب ، متبحراً في العلوم وله جاه عريض ، واختصاص وزلفى من الناصر لدين الله ، أبي العباس أحمد الخليفة ، وقد رأيت أنا هذا الشاب (١).

أساتذته ومشايخه في الرواية :

١ ـ شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي ، المتوفى سنة ٤٦٠ ه‍ (٢).

٢ ـ ولده الشيخ الفقيه أبو علي الحسن ابن أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، قرأ عليه في جمادي الاُولى والآخرة ورجب وشعبان سنة ٥١١ ه‍ ، بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣).

٣ ـ الشيخ الأمين أبو عبدالله محمّد بن أحمد بن شهريار الخازن لخزانة مولانا علي عليه‌السلام ، صهر الشيخ الطوسي على بنته ، والراوي للصحيفة السجادية ، قرأ عليه بمشهد مولانا علي عليه‌السلام في شوال وذي القعدة سنة ٥١٢ ه‍ ، وفي ربيع الأوّل سنة ٥١٦ ه‍ (٤).

٤ ـ الرئيس الزاهد العابد العالم شمس الدين أبو محمّد الحسن بن الحسين بن الحسن ، المعروف بحسكا (٥) ، جد الشيخ منتجب الدين ، أجازه

__________________

(١) تاريخ طبرستان : ١٣٠.

(٢) ذكره والد العلاّمة المجلسي في ذكر طريقه إلى الصحيفة الكاملة ، راجع البحار ١١٠ : ٤٦.

(٣ و ٤) قد أكثر النقل عنهما في كتابه هذا.

(٥) قال في الرياض : حسكا ـ بفتح الحاء المهملة وفتح السين المهملة والكاف المفتوحة وبعدها ألف لينة ـ مخفف حسين كيا ، والكيا لقب له ومعناه بلغة دار المرزجيلان ومازندران والري : الرئيس أو نحوه من كلمات التعظيم ، ويستعمل في مقام المدح.

٧

في الري سنة ٥١٠ ه‍ (١).

٥ ـ السيّد الامام الزاهد أبو طالب يحيى بن محمّد بن الحسين بن عبدالله الجواني الطبري الحسيني ، أخبره في داره بآمل في سنة ٥٠٨ ه‍ و ٥٠٩ ه‍ (٢).

٦ ـ الشيخ العالم أبو جعفر محمّد بن أبي الحسن علي بن عبدالصمد بن محمّد التميمي ، حدّثه بنيشابور في ذي القعدة سنة ٥٢٤ ه‍ (٣).

٧ ـ الشيخ الفقيه أبو النجم محمّد بن عبدالوهاب بن عيسى السمّان الرازي ، قرأ عليه بالري في درب زامهران بمسجد الغربيّ ، في صفر سنة ٥١٠ ه‍ و ٥١٦ ه‍ (٤).

٨ ـ الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمّد بن حمزة العلوي الزيدي في النسب والمذهب ، قرأ عليه بالكوفة في مسجدها بالقلعة ، في ذي الحجّة سنة ٥١٢ ه‍ و ٥١٦ ه‍ (٥).

٩ ـ الشيخ أبو البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم الرقا البصري ، قرأ عليه في محرّم وصفر سنة ٥١٦ ه‍ في مشهد مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام (٦).

١٠ ـ أبو غالب سعيد بن محمّد بن أحمد بن أحمد الثقفي ، أخبره اجازة سنة ٥١٦ (٧).

١١ ـ الشيخ الأديب أبو علي محمّد بن علي بن قرواش التميمي ، قرأ عليه في محرم سنة ٥١٦ ه‍ ، بمشهد أمير المؤمنين عليه‌السلام (٨).

١٢ ـ أبو محمّد الجبار بن علي بن جعفر ، المعروف بحدقة الرازي ، قرأ عليه في ذي القعدة سنة ٥١٨ ه‍ (٩).

١٣ ـ الفقيه أبو إسحاق إسماعيل بن أبي القاسم بن أحمد الديلمي ، أخبره بآمل في داره ، في محلة مشهد الناصر للحق ، في ربيع الأوّل سنة ٥٢٠ ه‍ (١٠).

__________________

(١) نقل عنه في هذا الكتاب كثيراً.

(٢ ـ ٦) نقل عنهم في كتابه هذا في موارد متعددة ، فراجع.

(٧) روى عنه في هذا الكتاب ، في ج ٢ : الرقم : ١٧ و ٦٠.

(٨) روى عنه في هذا الكتاب في ج ٢ : الرقم ٢٤.

(٩) روى عنه في هذا الكتاب في ج ٢ : الرقم ٢٥ و ٢٦.

(١٠) روى عنه في هذا الكتاب في ج ٢ : الرقم ٧٤ وج ٣ : الرقم ٤٥.

٨

١٤ ـ والده الفقيه علي بن محمّد بن علي (١).

١٥ ـ أبو يقظان عمار بن ياسر (٢).

١٦ ـ أبو القاسم سعد بن عمار بن ياسر ، ولد عمار المتقدم (٣).

١٧ ـ أبو عبدالله الحسين بن أحمد بن خيران البغدادي (٤).

١٨ ـ إسماعيل بن أبي القاسم بن أحمد ، أبو إسحاق الآملي الديلمي (٥).

١٩ ـ الشيخ المفيد أبو الوفاء عبدالجبار بن عبدالله بن علي المقري (٦).

تلامذته ومن روى عنه :

١ ـ الشيخ الثقة الجليل قطب الدين أبو الحسين سعيد بن هبة الله الراوندي ، المتوفى سنة ٥٧٣ ه‍ (٧).

٢ ـ الشيخ عربي بن مسافر العبادي الحلّي (٨).

٣ ـ شمس الدين أبو الحسن يحيى بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمّد بن البطريق الأسدي الحلّي (٩).

٤ ـ الشيخ الجليل أبو عبدالله محمّد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي ، مؤلف كتاب المزار المشهور (١٠).

__________________

(١) نقل عنه في ج ٢ : الرقم ٨ و ١٢٧ وج ٣ : الرقم ٢ و ٨ و ٢٤.

(٢ ، ٣) نقل عنه في ج ٢ : الرقم ١٢٧ وج ٣ : الرقم ٨ و ٢٤.

(٤) الذريعة ٣ : ١١٧.

(٥) قال ابن حجر في لسان الميزان ١ : ٤٢٩ ، بعد ترجمته : « روى عنه أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري في كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، وكان من رجال الشيعة ـ ذكره ابن أبي طيّ ».

(٦) ذكره في البحار ١٠٤ : ١٦٨ ، في اجازة كبيرة لبعض الأفاضل.

(٧) المستدرك ٣ : ٤٠٩.

(٨) قال البهائي في حاشية أربعينه : العبادي ـ بفتح العين المهملة ـ منسوب إلى عبادة اسم قبيلة. المستدرك ٣ : ٤٧٥.

(٩) المقابس : ١٣ ، إجازة ابن الشهيد ١٠٩ : ٤٠.

(١٠) المستدرك ٣ : ٤٧٢.

٩

٥ ـ الشيخ أبو الفضل سديد الملّة والدين شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب القمّي (١).

٦ ـ السيّد أبو الحسن بهاء الشرف محمّد بن الحسن بن أحمد بن علي بن محمّد بن عمر بن يحيى العلوي ، الراوي للصحيفة السجادية (٢).

٧ ـ الشيخ فخر الدين أبو عبدالله محمّد بن إدريس الحلّي ، صاحب كتاب السرائر (٣).

٨ ـ الشيخ أبو عبدالله محمّد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني (٤).

٩ ـ عميد الرؤساء هبة الله بن أحمد بن أيوب (٥).

١٠ ـ العالم الصالح الشيخ حسين بن محمّد السوراوي (٦).

١١ ـ السيّد العالم الفقيه جمال الدين الرضا بن أحمد بن خليفة الجعفري الآدمي (٧).

١٢ ـ السيّد النقيب الفاضل أبو الفضائل الرضا بن أبي طاهر بن الحسن بن مانكديم الحسيني (٨).

١٣ ـ الشريف أبو الفتح محمّد بن محمّد بن الجعفرية العلوية الطوسي الحسيني الحائري (٩).

__________________

(١) المستدرك ٣ : ٤٧٩.

(٢) ذكره والد العلاّمة المجلسي في إسناد الصحيفة السجادية ، راجع البحار ١١٠ : ٥٩.

(٣) ذكره والد العلاّمة المجلسي في أسانيده إلى الصحيفة السجادية ، راجع البحار ١١٠ : ٤٦ و ٦٥ و ٧٠.

(٤) ذكره والد العلاّمة المجلسي في أسانيده إلى الصحيفة السجادية ، راجع البحار ١١٠ : ٦٥.

(٥) ذكره والد العلاّمة المجلسي ، راجع البحار ١١٠ : ٤٦.

(٦) ذكره العلاّمة الحلّي في إجازته الكبيرة لبني زهرة ، البحار ١٠٧ : ٩٧ ، والشيخ حسن ابن الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة ، راجع البحار ١٠٩ : ٣٩.

(٧) المقابس : ١٣ ، الروضات ٦ : ٢٤٩.

(٨) المقابس : ١٣ ، الروضات ٦ : ٢٥١.

(٩) المستدرك ٣ : ٤٧٩.

١٠

١٤ ـ السيّد شمس الدين علي بن ثابت بن عصيدة السوراوي (١).

١٥ ـ الشيخ أبو الفرج علي ابن الإمام قطب الدين الراوندي (٢).

آثاره الثمينة :

١ ـ بشارة المصطفى لشيعة المرتضى عليهما‌السلام.

أورده ابن شهراشوب في كتاب معالم العلماء : ١٠٦ بعنوان كتاب البشارات.

كتابه هذا في بيان منزلة التشيّع ودرجات الشيعة ، وكرامات الأولياء ، ومالهم عند الله من المثوبة والجزاء.

النسخ المخطوطة الموجودة من هذا الكتاب لا يزيد على أربعة أجزاء ، ومن هذه الجهة استغرب المحدّث النوري (٣) أن تكون أجزاء الكتاب أكثر من هذا.

والظاهر أن أجزاء الكتاب أكثر من أربعة أجزاء ، لأنّ السيّد ابن طاووس نقل في أوّل أعمال شهر رمضان خطبة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله التي خطبها في آخر شعبان من هذا الكتاب ، وليست الخطبة موجودة في هذه الأجزاء.

وأيضاً ذكر ابن حجر في لسان الميزان في ترجمة إسماعيل بن أبي القاسم بن أحمد أبو إسحاق الآملي الديلمي إنه من مشايخ الطبري وروى عنه في كتاب بشارة المصطفى (٤) ، ولم ينقل عنه في هذه الأجزاء.

وممّا يؤيد هذا ان المحدّث الحرّ العاملي قال في أمل الآمل بعد ذكر الكتاب : وهو كتاب كبير في سبعة عشر جزءاً ، وتبعه السيّد الخوانساري في الروضات ، والشيخ آغا بزرگ في الذريعة والسيّد الخوئي في معجم الرجال (٥).

ومع الأسف قد ضاع بعض أجزاء الكتاب ، وما يوجد منه يشتمل على

__________________

(١) ذكره العلاّمة الحلّي في إجازته الكبيرة لبني زهرة ، البحار ١٠٧ : ٩٧ ، وابن الشهيد في إجازته ، البحار ١٠٩ : ٣٩.

(٢) ذكره ابن الشهيد في إجازته الكبيرة ، راجع البحار ١٠٩ : ٣٥.

(٣) مستدرك الوسائل ٣ : ٤٧٦.

(٤) لسان الميزان ١ : ٤٢٩.

(٥) أمل الآمل ٢ : ٢٣٤ ، الروضات ٦ : ٢٤٩ ، الذريعة ٣ : ١١٧ ، معجم رجال الحديث ١٤ : ٢٩٥.

١١

أحد عشر جزءاً من هذه الأجزاء.

لفت نظر : أسانيد الروايات الموجودة في أربعة أجزاء من الكتاب كامل ، أمّا في بقية الأجزاء ذكر الروايات مرسلاً أو مع إرسال في سنده ، ولعلّه من عمل النسّاخ.

٢ ـ كتاب الفرج في الأوقات والمخرج بالبينات.

ذكره الشيخ منتجب الدين في الفهرست.

٣ ـ شرح مسائل الذريعة.

٤ ـ كتاب الزهد والتقوى.

قال في الرياض بعد ذكر ترجمته : « عندنا المجلد الثاني من كتاب مختصر المصباح وضم بعض الفوائد إلى الأصل ، ويلوح من بعض مواضعه انه من مؤلفات الطبري المذكور ، ولعلّه بعينه هو الكتاب المعنون بكتاب الزهد والتقوى ، أو غيره من الكتب المذكورة في المتن » (١).

منهجنا في التحقيق :

راعيت في تصحيح الكتاب والتعليق عليه اُموراً :

١ ـ اعتمدت في تصحيح الكتاب والتعليق عليه على نسختين :

أحدها : النسخة المطبوعة في مشهد مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام سنة ١٣٦٩ ه‍ ، في ٢٩٠ ورقة ، تشتمل على أحد عشر جزءاً حسب تجزئة المصنف ، هذه النسخة قد قوبلت بعدّة نسخ باهتمام الشيخ محمّد حسن الجواهري ، وقد رمزتها بالحرف « ط ».

ثانيها : النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة ملك بطهران ، وقد رمزت لهذه النسخة « م ».

٢ ـ استخرجت النصوص الحديثية الواردة في المتن ، من كتب المفيد

__________________

(١) الرياض ٥ : ١٨.

١٢

والصدوق والشيخ وسائر الكتب ، مع ذكر مظانها في الهامش.

٣ ـ استقصيت كل ما نقله عنه العلاّمة المجلسي في البحار ، مع ذكر مظانها في الهامش.

٤ ـ اعتمدت بقدر الإمكان على التلفيق بين الكتاب وما يوجد في مصادر اُخرى وما نقل عنه في البحار ، لإثبات نصّ صحيح أقرب ما يكون لما تركه المؤلف ، لعدم العثور على نسخة عتيقة قابلة للإعتماد عليها ، ووجود السقط والتحريف في النسخ.

٥ ـ بذلت جهد الإمكان في ضبط الأعلام الواردين في الكتاب.

٦ ـ جعلت في الخاتمة مستدركاً للكتاب ، وذكرت فيه ما ذكر السيّد في الإقبال منقولاً عن هذا الكتاب.

الراجي شفاعة أوليائه

جواد القيومي الإصفهاني

غرّة شهر رمضان المبارك سنة ١٤١٩ ه‍.

١٣
١٤

١٥
١٦

بِسْمِ الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الواحد القهّار ، الأزلي الجبّار ، العزيز الغفّار ، الكريم الستّار ، لا تدركه الأبصار ولا تحيط به الأفكار ، الّذي بَعُدَ فدنا ، فقرُب فنأى ، وشهد السرّ والنجوى ، سبحانه وتعالى ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، شهادة المخلص الموقن المصدّق المؤمن ، وأشهد أنّ محمّداً عبده المصطفىٰ ونبيّه المجتبى ، الّذي له ولأهله خلق الأرض والسماء وما بينهما من جميع الأشياء ، عليه وعلى آله صلاة ربّ العُلىٰ.

أمّا بعد : فانّ الّذي حملني على عمل هذا الكتاب ، انّي لما رأيت الخلق الكثير والجمّ الغفير يتسمون بالتشيع ، ولا يعرفونه ومرتبته ، ولا يؤدّون حقوقه وحرمته ، والعاقل إذا كان معه شيء يجب أن يعرفه حقّ معرفته ، ليكرمه إن كان كريماً ، وإن كان عزيزاً أعزّه وصانه ممّا يشينه ويفسده.

تعمّدت (١) إلى جمع مؤلف يشتمل على منزلة التشيع ودرجات الشيعة وكرامة أولياء الأئمة البررة على الله ، وما لهم عنده من المثوبة وجزيل الجزاء في الجنان والغرفات والدرجات العلى ، ليصير الناظر فيه على يقين من العلم فيما معه ، فيرعاه (٢) حقّ رعايته ويعمل فيه بموجب علمه ، ويحرص على اداء فرضه وندبه(٣) ، ويكثر الدعاء لي عند الانتفاع بما فيه.

وسمّيته بكتاب « بشارة المصطفى لشيعة المرتضى » صلوات الله عليهما ،

__________________

(١) في « م » : فعمدت.

(٢) في « م » : فيراعيه.

(٣) في « م » : ندبه وفرضه.

١٧

ولا أذكر فيه إلاّ المسند من الأخبار عن المشايخ الكبار والثقات الأخيار ، وما ابتغي بذلك إلاّ رضا الله والزلفى ، والدعاء من الناظر فيه وحسن الثناء ، والقربة إلى خير الورى من أهل العبا ومن طهّرهم الله من أئمّة الهدى ، صلوات الله عليهم عدد الرمل والحصى ، ومن الله نسأل المعونة والتقوى ، وهو خير المعين والمرتجى ، يسمع بمنّه وجوده ويجيب الدعاء.

يقول محمّد بن أبي القاسم رحمه‌الله في الدارين :

١ ـ حدثنا الشيخ الفقيه المفيد أبو علي الحسن ابن أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي بقراءتي عليه في جمادى الاُولى سنة إحدى عشرة وخمسمائة ، بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وعلى ذريته ، قال : حدثنا الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي رضي الله عنهم ، قال: أخبرنا الشيخ أبو عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بابن المعلم رحمه‌الله ، قال : حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه ، قال : حدثني أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أيّوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام قال :

« إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم داود النبي عليه‌السلام ، فيأتي النداء من قبل الله (١) عزّ وجلّ : لسنا إيّاك أردنا وإن كنت لله خليفة ، ثم ينادي ثانية : أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فيأتي النداء من قبل الله عزّ وجلّ : يا معشر الخلائق ! هذا علي بن أبي طالب ، خليفة الله في أرضه وحجّته على عباده ، فمن تعلّق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم ، يستضيء بنوره وليتبعه إلى درجات العلى من الجنان (٢) ، قال : فيقوم اُناس قد تعلّقوا (٣) بحبله في دار الدنيا فيتبعونه إلى الجنة.

ثمّ يأتي النداء من قبل الله جل جلاله : إلاّ من إئتمّ بإمام في دار الدّنيا فليتبعه

__________________

(١) في « م » والبحار : عند الله.

(٢) في البحار : الجنات.

(٣) في البحار : فيقوم الناس الّذين قد تعلقوا.

١٨

إلى حيث يذهب به ، فحينئذٍ يتبرّأ الّذين اتّبعوا من الّذين اتّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب ، وقال الّذين اتّبعوا لو أنّ لنا كرّة فنتبرأ منهم كما تبرّؤوا منا ، كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (١) » (٢).

٢ ـ أخبرنا الشيخ الأمين أبو عبدالله محمّد بن أحمد بن شهريار الخازن بقراءتي عليه في شوال سنة اثني عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : حدثني أبو يعلى حمزة بن محمّد بن يعقوب الدهان بقراءتي عليه (٣) بالكوفة في دكانه (٤) بالسبيع (٥) في شوال سنة أربع وستين وأربعمائة ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد الجواليقي (٦) ، قال : حدثنا محمّد بن أحمد بن الوليد ، قال : حدثنا سعدان ، قال : حدثنا علي ، قال : حدثنا حسين بن نصر ، قال : حدثني أبي ، عن الصباح المزني ، عن أبي حمزة الثمالي ، عمن حدثه ، عن أبي رزين ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام انه قال :

« من أحبنا لله نفعه حبّنا ولو كان في جبل الديلم ، ومن أحبنا لغير الله (٧) فإن الله يفعل ما يشاء ، ان حبنا أهل البيت يساقط عن العباد الذنوب كما يساقط الريح الورق من الشجر ».

٣ ـ أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن محمّد الطوسي ، عن أبيه الشيخ السعيد المفيد أبي جعفر الطوسي رضي‌الله‌عنه ، قال : أخبرني الشيخ أبو عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان رحمه‌الله ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه‌الله ، قال : حدّثني الحسين بن محمّد بن عامر (٨) ، عن المعلّى بن محمّد البصري ، عن محمّد بن جمهور العمّي ، قال : حدّثني أبو علي الحسن بن محبوب قال : سمعت أبا محمّد الراسبي ،

__________________

(١) اقتباس من الكريمة : البقرة : ١٦٦ ـ ١٦٧.

(٢) عنه البحار ٨ : ١٠ و ٤٠ : ٣ ، أخرجه الطوسي في أماليه ١ : ٦١ و ٩٦ ، والمفيد في أماليه : ٢٨٥.

(٣) في « م » : قراءة عليه.

(٤) المراد بالدكان هنا الدكة ـ الهامش.

(٥) في « ط » : بالسبع.

(٦) في « م » : محمّد بن أحمد الجواليقي.

(٧) في « ط » : لغير ذلك.

(٨) في البحار : محمّد بن الحسين بن محمّد بن عامر.

١٩

رواه عن أبي الورد ، قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما‌السلام يقول :

« إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الأولين والآخرين عراة حفاة ، فيوقفون (١) على طريق المحشر حتّى يعرقوا عرقاً شديداً وتشتدّ أنفاسهم ، فيمكثون بذلك ما شاء الله (٢) ، وذلك قوله : ( لا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا ) (٣) ، قال: ثم ينادي منادٍ من تلقاء العرش : أين النبي الاُمي ؟ قال : فيقول الناس : قد أسمعت فسمّ باسمه ، فينادي : أين نبيّ الرحمة محمّد بن عبد الله ؟ قال : فيقوم رسول الله ، فيتقدم أمام الناس كلّهم حتّى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة (٤) وصنعاء ، فيقف عليه ثم ينادي بصاحبكم ، فيقوم (٥) أمام الناس فيقف معه ثم يؤذن للناس فيمرون.

قال أبو جعفر : فبين وارد يومئذٍ وبين مصروف [ عنه ] (٦) ، فإذا رأى رسول الله من يصرف عنه من محبّينا بكى ، وقال : يا رب شيعة علي ، قال : فيبعث إليه ملكاً فيقول له : يا محمّد ما يبكيك ؟ فيقول : وكيف لا أبكي واُناس من شيعة عليّ بن أبي طالب أراهم قد صُرّفوا تلقاء أصحاب النار ومنعوا من ورود حوضي ، قال : فيقول الله عزّ وجلّ له : يا محمّد [ إنّي ] (٧) قد وهبتهم لك وصفحت لك عن ذنوبهم وألحقتهم بك ومن كانوا يتولونه من ذريتك وجعلتهم في زمرتك وأوردتهم حوضك وقبلت شفاعتك فيهم وأكرمتهم بذلك.

ثم قال أبو جعفر : فكم من باك يومئذٍ وباكية ينادون : يا محمداه ، إذا رأوا ذلك فلا يبقى أحد يومئذٍ كان يتولاّنا ويحبّنا [ ويتبرّأ من عدوّنا ويبغضهم ] (٨) ، إلاّ كان من حزبنا ومعنا وورد حوضنا » (٩).

__________________

(١) في « ط » : فيقفون.

(٢) في تفسير القمي : مقدار خمسين عاماً.

(٣) طه : ١٨.

(٤) أيلة ـ بالفتح ـ جبل بين مكّة والمدينة قرب ينبع ، بلد بين يَنْبُع ومصر ، وإيلة ـ بالكسر ـ قرية وعين بباخرز ، وموضعان آخران ، القاموس ٣ : ٣٣٢.

(٥) في القمي : فيتقدم.

(٦) من القمّي.

(٧) من الأمالي.

(٨) من القمّي.

(٩) رواه في تفسير القمي ١ : ٤٢٣ ، عنه نور الثقلين ٣ : ٣٩٣ ، وفي البحار ٧ : ١٠١ ، عنه وعن أمالي الشيخ ١ : ٦٥.

٢٠