تراثنا ـ العدد [ 9 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 9 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٣٩

١

تراثنا

العدد الرابع

السنة الثانة

الفهرس

تحقيق النصوص بين صعوبة المهمة وخطورة الهفوات............. السيد محمد رضا الحسيني ٧

دليل المخطوطات

مكتبة الفيض المهدوي...................................... السيد أحمد الحسيني ٢٣

زيد بن ثابت والفضائل................................ السيد جعفر مرتضى العاملي ٧٠

التحقيق في نفي التحريف (٣).................................. السيد علي الميلاني ٨٧

٢

شوّال ـ ذوالقعدة ـ ذوالحجّة

١٤٠٧ هـ. ق

تفسير ابن فارس (٢)............................... الدكتور هادي حسن حمودي ١١٧

من ذخائر التراث

غديرية ابن علوان............................................... أسد مولوي ١٥٥

اللمعة الجلية في معرفة النية ـ لابن فهد الحلي................. عبد الحسين الحسون ١٧١

من أنباء التراث............................................................... ٢٢٣

٣
٤

٥
٦

تحقيق النصوص

بين

صعوبة المهمة وخطورة الهفوات

السيد محمد رضا الحسيني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى الأئمة المعصومين وعترته الطاهرين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد :

فإن تحقيق النصوص يستغرق في حوزاتنا الدينية ومعاهدنا العلمية جانبا واسعا من وقت الدرس والبحث والمطالعة ، وجانبا أوسع من جهد الأستاذ والتلميذ والمتابع ، وخاصة في واحدة من أدق مراحل الدراسة ، وهي مرحلة «السطح» حيث تعتمد ـ أساسا ـ على المتون ، فيتعاهدها الأستاذ بالشرح والتوضيح والتعليق ، ففي هذه المرحلة ـ كما في غيرها أيضا ـ يكون للنص دوره الفعال في إعطاء الفكرة وبلورتها ومن ثم قبولها أوردها.

وكم وجدنا مناقشات طويلة عريضة تدور على نص خاطئ ، وتتبخر أمام النص الصحيح.

ومن هنا يحس بعمق ضرورة ضبط النصوص وتحقيقها ، حتى تبتنى الجهود العلمية على أساس مستقر يطمأن إليه عند الدراسة والتعلم ، وعند المراجعة والنقد.

لكن التحقيق الرصين يستدعى جهدا ماديا بمراجعة النسخ المختلفة ومقابلتها بعد حسن انتخاب الأفضل والأقوام منها ، وكذلك هو بحاجة ماسة إلى الجهد الفكري القويم والدقة المتناهية في فهم المعنى واستيعابه بكل أبعاده ومستلزماته ، والسعي في

٧

ملائمة العبارة المثبتة في النص للمعنى المراد.

كذلك هو بحاجة إلى جهد فني وذوق مقبول ، ومهارة فائقة في معرفة علامات التنقيط ومعرفة مواضعها من النص ، وتقطيع النص على أساسها بشكل يلائم مقاطع المعنى ويناسب اختلافه.

ومن هنا يدرك ـ كما أعتقد ـ أن تحقيق النصوص عمل جد جليل ، ومهمة أكثر من عملية التأليف صعوبة ، وتستدعي جهودا أكثر.

ذلك لأن المؤلف يملك مطلق الحرية في انتخاب الكلمات ، ووضع ما يلائم مقصودة منها في النص الذي يؤلفه ، وله الحق في الحذف أو الزيادة ، وفي التقديم أو التأخير على ذلك الأساس.

لكن المحقق للنص ، يفقد مثل هذه الحرية ، بل هو مقيد بالتزام الأمانة التامة  ـ إذا أراد أن يؤدي مهمته بصدق وإخلاص وجدارة ـ في تقديم النص الثابت لدى المؤلف ، كما ألفه ووضعه.

فعلى المحقق أن يثبت في الكتاب ما يراه ـ حقا ـ أنه النص الذي ألفه المؤلف ، أن يقوم بضبطه بحيث لا يشذ عنه معنى مراد ، ولا يرد فيه شئ غير مقصود ، وهذا هو تمام الهدف من عملية تحقيق النصوص.

ومن هنا يدرك أيضا مدى خطورة هذا العمل فإذا لم يفهم المحقق النص ، ولم يدرك ما أراده المؤلف من الكلام ، فكيف يمكنه انتخاب الكلمات والألفاظ؟! وكيف يختار اللفظ الصحيح من بين الألفاظ الكثيرة المتفاوتة؟! وقد منيت أكثر النصوص بالتحريفات الفاحشة والتصحيفات الفظيعة التي تقلب المعنى رأسا على عقب.

وإذا لم يتم وضع اللفظ الصحيح ، فكيف يمكن للمراجع أن يعتمد على الكتاب ويستفيد منه؟!

وإذا كان النص المراد تحقيقه كتابا له قدسية لكونه تفسيرا للقرآن أو حاويا للسنة ، أو كتابا فقهيا يحتوي على أحكام الدين القويم ، فإن الخطورة تتضاعف ، حيث أن المحقق يقف أمام عقبة كأداء من حيث أن خطأه يؤدي إلى نسبة غير الحق إلى هذه المقدسات الشريفة.

٨

على أن نسبة شئ إلى المؤلف ـ أي مؤلف كان ـ مما لم يقله ولم يضع كتابه عليه ، أمر قبيح عقلا ، بل شرعا ، إذا أدى إلى نقص فيه أو إزراء به.

فالهفوة ـ وإن كانت صغيرة ـ لكنها في هذا العمل تكون خطيرة ، لأنها تقلب المعنى ، وتهدم صوابه ، وتشوه روعته.

ومن هنا كان اهتمام القدماء بالضبط ، واعتباره واحدا من أهم الشروط اللازم توفرها في الرواة والعلماء الثقات ، وقد قرروا لذلك قواعد متينة ، وأسسوا له أسسا رصينة ، لا مجال في هذا المقال لذكر تفاصيلها (١) ، اعتقادا منهم بأهمية ذلك ، بل اهتم ثلة من محققيهم بأمر ضبط النصوص ، وتحقيق المتون ، كالفقيه العظيم الشيخ ابن إدريس الحلي (ت ٥٩٨ ه) فإنه ضبط وقابل مجموعة كبيرة من مؤلفات القدماء.

ومن هنا يعلم أن ذلك ليس سهل التناول إلا لمن تمرس في العلم وكانت له قدم راسخة فيه ، وخاصة في موضوع الكتاب الذي يريد تحقيقه ، وبالأخص آراء المؤلف لذلك الكتاب حتى لا تفوته النكات الخفية ، والأساليب الخاصة التي ربما يستعملها المؤلف في خطه أو فنه ، والاصطلاحات التي ربما يتداولها في إملائه وإنشائه ، وغير ذلك.

هذا ، مضافا إلى الثقافة العامة في العلوم الإسلامية من أدب وتأريخ وخط ، التي لا بد للمحقق أن يتمتع بقسط وافر منها.

فالتحقيق ـ على هذا ـ ليس إلا من عمل العلماء المتمرسين والنابهين المتفوقين.

ولكن ، من المؤسف جدا أن نجد تدني أمر هذا العمل المهم إلى حد واطئ ، بحيث يعتبر أمرا سطحيا ، لا يقوم به إلا بعض من لا تحصيل له ، ولم يقطع مرحلة دراسية كافية ، فأكثر من يزاوله لم يحصلوا مرحلة «السطح» ـ على الأقل ـ وهذا من هوان العلم على أهله ، أن يتصدى لمثل هذه المهمة الصعبة الخطيرة من ليس لها أهلا ، ولا محلا.

ولأجل ذلك قد يحسن في النظر الرأي القائل بمنع هؤلاء من التعرض للتراث ، ولزوم معارضة التحقيق المذكور ، بأنه يؤدي إلى تشويه النصوص وتضييع الجهود ، مضافا إلى الإساءة إلى سمعة العلم والعلماء ، بالرغم من جودة الطباعة

__________________

(١) يجدر التنويه بما كتبه الأستاذ الفاضل الشيخ أسد مولوي في هذه النشرة (تراثنا) بعنوان «نظرات سريعة في فن التحقيق» لاستيعابه وجدته ، فمن الضروري الاطلاع عليه.

٩

والإخراج ، وسهولة أمر الاصدار والنشر.

لكن إذا كانت الكتب المطبوعة على الحجر قديما أو المخطوطة باليد أقل تصحيفا وتحريفا وخطأ مما يقدمه المحققون (!) فخير لها ولنا أن تبقى على حالها ولا حاجة إلى تحقيقها بهذا الشكل المزري ، ما دام هؤلاء لا يقومون بواجباتهم الصحيحة في تقديم الكتاب المحقق.

فليس عملهم مجديا ولا مغنيا لعدم الوثق بنسخهم ، وعدم تمامية أعمالهم ، فالحاجة لا زالت باقية إلى النسخ القديمة ، مضافا إلى ما فيها من إغراء الناس بالجهل ، وما فيها من ابتزاز أموال الناس بمنشوراتهم الباهظة الثمن.

وقد يعذر أولئك المتصدون للتحقيق ، بأن من هو جدير بالتحقيق لم يقم به ، واللوم على هؤلاء ، لا أولئك.

وعلى كل حال ، فالذي أقدمه نصيحة متواضعة لأولئك وهؤلاء جميعا : أن يعوا ما نحن عليه من تأخر في هذا المجال عن ركب الحضارة الهادر.

وأفضل الطرق : أن لا يقدم أحد من أولئك على تحقيق ما لم يستوعبه من العلوم والمعارف ، فمن لا يعرف الفقه لا يحق له أن يحقق كتابا فقهيا ، ومن لم يطلع على الرجال لا يجوز له أن يحقق كتابا في علم الرجال ، ومن لم يدرس علم الدراية لا يسوغ له أن يحقق كتابا في هذا العلم ، وهكذا.

والرجاء من هؤلاء العلماء أن يدركوا صعوبة المهمة وخطورة هفواتها ، ويعلموا أنها ملقاة على عواتقهم ، فليسدوا بإقدامهم الطريق على من ليس أهلا لذلك ، وإذا لم يسعهم ذلك فليكونوا في عون أولئك المتصدين الذين لا زالت عيدانهم غضة في العلم ، والذين يتوقون للعمل في هذا المجال.

وليعلم أولئك الناشئون في أمر التحقيق أن الإقدام على هذا العمل الخطير ليس مدعاة لعرض العضلات ، كما أن الاكثار من عدد الكتب المحققة ـ من غير تحقيق! ـ ليس مفخرة تذكر إذا قيست بالهفوات والزلات والأخطاء وما تجره على العلم والعلماء من الويلات ، وإنما هي الأمانة الملقاة على الإنسان ليتحملها الأقدر والأليق ، ويجهد على أدائها الأعرف والأعلم ، وفاء بحق العلم ، وإحياء لآثار العلماء ، ومحافظة على التراث العزيز من الفناء.

١٠

فلا بد لهم من تقبل نصائح الناصحين ، ونقد الناقدين ـ مهما كان لاذعا ـ إذا كان رافعا لعقبة من العقبات من طريق هذه المهمة الصعبة ، أو دافعا عجلة هذه المهمة الخطيرة إلى الأمام.

وعلى هؤلاء العلماء أن لا يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الأعمال الهزيلة التي تصدر باسم التحقيق ، وأن لا يهابوا العناوين والأسماء ، ولا تصدهم التزويقات والأوراق ، فأي كتاب صدر بتحقيق سئ ، أو محرفا أو مصحفا ، فإن المجال للعمل فيه وإخراجه بالشكل الجيد ، وبالتحقيق الرصين ، مفتوح بمصراعيه ، والمجتمعات العلمية تتقبل العمل الجيد وترفض ذلك السئ ، وبذلك يكونون قد أدوا حق التراث ، وصدوا أولئك عن الإقدام بأعمال هزيلة وأجبروهم على تقديم العمل الجيد.

وأخيرا أستميح عذرا هؤلاء وأولئك من المؤسسات ومن المزاولين لعمل التحقيق ، عن هذا الحديث الذي كان نفثة مصدور.

ولقد وقفت خلال بعض المطالعات على هفوات معدودة لعدد من المحققين (٢) أود أن أوردها هنا لتكون مرشدة إلى أهمية العمل ودقته ، وإلى خطورة الهفوات وأثرها المباشر على المعنى المراد.

أوردها معترفا بفضل أولئك المحققين وأعتبر أن عد هذه الأخطاء لا يمسهم ، لأن الجواد قد يكبو ، ولأن الفاضل من تعد أخطاؤه ، وإنما قصدنا من إيرادها مجرد الاعتبار من دون إزاء بأولئك الأساتذة ـ لا سمح الله ـ وإنما اخترناهم لكونهم ـ عندنا ـ في مستوى التحقيق الصحيح ، ولجدارتهم بما قاموا ، وإلا فالأعمال التي تصدر بغير جدارة مليئة بالأخطاء والهفوات الفاحشة.

وفي اختيارنا لأعمالهم تبرير واضح ، وتأكيد على احترامنا لهم.

__________________

(٢) يلاحظ أني اقتصرت على هذه الموارد التي راجعتها فيما يرتبط باهتماماتي ولم أركز على غيرها ، ولا يعني أن ما أوردته عن كتاب معين الانحصار

١١

١ ـ كتاب «طريق استنباط الأحكام»

تأليف الشيخ علي بن عبد العال الكركي العاملي (ت ٩٤٠ ه).

تحقيق : الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي.

الطبعة الأولى ـ النجف ١٣٩١ ه.

قال في بحث الإجماع ما نصه المطبوع : «وأما معرفة وقوعه على الأحكام أو عدم وقوعه ، فإن ذلك لا بد منه ، وهو الذي أشاروا إليه في قولهم : إن من جملة شرائط الاجتهاد معرفة مسائل الخلاف والوفاق ، لئلا يعتنى بما يخالفه.

والذي سمعناه بالمشافهة : الاكتفاء في معرفته : إما بالبحث والتفتيش من كتب العماء في الحوادث التي يقع البحث عنها في تصانيفهم.

فإن وجد أقوالهم متضافرة على حكم الحادثة حكم به ، وإلا ، حكم بالاختلاف أو بالوقوف [أو] على رواية بعض العلماء المشهورين بوقوع الإجماع على حكم الحادثة ، فيكون الإجماع عنده منقولا بخبر الواحد ، وهو حجة في الأصول» (٣)

الملاحظات :

أولا : في التحقيق

إن غرض المؤلف ذكر قسمي الإجماع : المحصل والمنقول ، وأن المحصل يحصل بالبحث عنه وتحصيله من خلال كتب الفتاوى ، فإن وجدها متفقة حكم بالاجماع ، وإلا حكم بالاختلاف ونفي الإجماع :

والمنقول يحصل بالوقوف على نقل بعض العلماء له.

لكن المحقق حسبما أثبته قد فهم : أن الباحث عن الإجماع المحصل إذا لم يجد الاتفاق حكم بالاختلاف أو حكم بالوقوف.

وقد غفل عن أن الذي لم يجد الاتفاق فهو حاكم بالاختلاف ، لأنه هو عدم الاتفاق ، ولا معنى للحكم بالوقوف لأن الأمر يدور بين المتناقضين ، وهما : وجود الاتفاق وعدمه ، ولا يمكن أن يرتفعا.

__________________

(٣) طريق استنباط الأحكام : ١٦ ، وقد نقلناه بتقطيع الحقق.

١٢

فتوقفه في الحكم بالاتفاق يعني : حكمه بعدم الاتفاق ، وهو عين الاختلاف في هذا المقام.

وعلى أساس هذا الفهم أضاف كلمة [أو] بين المعقوفين بعد هذا الكلام ، لتكون معادلة للتفصيل الأول المذكور في قوله : «إما بالبحث ...» إلى آخره.

فيكون التقسيم ـ على ما أضاف ـ هكذا : معرفة الإجماع :

إما بالبحث ... فإن وجده حكم به ، وإلا حكم بالاختلاف ، أو حكم بالوقوف.

أو على رواية بعض العلماء.

لكنه غفل عن أن حرف الجر «على» يبقى من دون وجود ما يصح لتعلقه به ، لعدم صلاحية ما سبقه لذلك.

بينما النص ـ بدون إضافة شئ ـ يكون تاما ، كما سيجئ ويكون الحرف «على» متعلقا بقوله : أو بالوقوف الذي هو عديل ل «إما».

ثانيا : في التقطيع وعلامات التنقيط

١ ـ إن من الضروري وضع الكلام الذي نقله عنهم بين الأقواس الصغيرة تمييزا له ، وهي عبارة : «إن من جملة شرائط الاجتهاد ... بما يخالفه» ٢ ـ النقطتان الشارحتان [:] بعد قوله : «بالمشافهة» في غير موضعهما لأن قوله بعد ذلك : «الاكتفاء» وهو خبر لقوله : «الذي» وليس موضع الشارحتين بين المبتدأ والخبر.

٣ ـ اللازم وضع قوله : «إما بالبحث» في أول السطر لأنه بداية للتفصيل لما قبله.

كما أن اللازم وصل قوله : «فإن وجد ...» إلى آخره بما قبله لأنه مرتبط به.

٤ ـ اللازم ـ أيضا ـ وضع قوله «أو بالوقوف على رواية ...» إلى آخره ، في أول السطر ، لأنه معادل لقوله : «إما بالحث».

وعلى ما فهمناه يكون تقطيع النص هكذا :

١٣

«وأما معرفة وقوعه على الأحكام أو عدم وقوعه ، فإن ذلك لا بد منه ، وهو والذي أشاروا إليه في قولهم : «إن من جملة شرائط الاجتهاد معرفة مسائل الخلاف والوفاق ، لئلا يعتنى بمخالفه».

والذي سمعناه بالمشافهة الاكتفاء في معرفته :

إما بالبحث والتفتيش في كتب العلماء في الحوادث التي وقع البحث فيها في تصانيفهم ، فإن وجد أقوالهم متضافرة على حكم الحادثة حكم به ، وإلا حكم بالاختلاف.

أو بالوقوف على رواية بعض العلماء المشهورين بوقوع الإجماع على حكم الحادثة ، فيكون الإجماع عنده منقولا بخبر الواحد ، وهو حجة في الأصول «.

٢ ـ كتاب «روضة الناظر وجنة المناظر»

تأليف : ابن قدامة المقدسي ، عبد الله بن أحمد (ت ٦٢٠ ه).

راجعة الأستاذ سيف الدين الكاتب ـ مجاز من الأزهر ـ.

الطبعة الأولى ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت سنة (١٤٠١)

قال ـ وهو يتحدث عن معنى الشاذ ـ ما نصه : «الشذوذ يتحقق بالمخالفة بعد الوفاق ، ولعله أراد به الشاذ من الجماعة الخارج على الإمام علي عليه‌السلام وجه يثير الفتنة ، كفعل الخوارج» (٤)

الملاحظة :

هكذا أورد النص ، في الهامش ـ موضع النجمة ـ ترجمة للإمام علي عليه‌السلام.

بينما المراد ليس كما فهمه ، بل مراد المؤلف أن الخارج على إمام زمانه يسمى شاذا إذا كان خروجه على وجه يثير الفتنة والشغب.

فكلمة «على وجه» هي جار ومجرور به ، لكن المحقق تصور الكلمة اسم الإمام عليه‌السلام ، لسبقها بلفظ «الإمام» ولحوقها باسم الخوارج ، وهم خرجوا على

__________________

(٤) روضة الناظر : ١٢.

١٤

الإمام علي عليه‌السلام ، فقرأها «الخارج على الإمام علي» وترجم للإمام في الهامش.

ولا أدري أن المحقق لما اعتبر النص على ما وضعه ، كيف فسر ما بعد ذلك أي قوله «... وجه يثير الفتنة»؟! وكيف أعرب كلمة «وجه»؟!

ومن الغريب أن المحقق لم يتعرض لترجمة الإمام علي عليه‌السلام عند ذكره فيما سبق (في ص ٩٤) والتجأ إلى إقحام الترجمة هنا!

٣ ـ كتاب «إجازات الشيخ أحمد الأحسائي»

شرحها وعلق عليها : الدكتور حسين علي محفوظ ـ أستاذ علوم الحديث والرجال مطبعة الآداب ـ النجف ١٣٩٠.

جاء في آخر إجازة الشيخ حسين آل عصفور ، المتوفى (١٢١٦) ما نصه ـ كما هو المطبوع ـ : «وإني أجزت لهذا الفتى أخي (أحمد) وهو نعم المجاز ، وذلك حقيق لنا أن يجيز ، وذلك حقيقة لا مجاز.

فوفقه ربي لنيل المنى ، فنعم الطريق له والمجاز لمؤلف هذه الإجازة» (٥) الملاحظة :

هكذا صفت هذه الأسطر في المطبوعة وكأنها نثر ، بينما هي أبيات شعرية ، والمحقق لم يتنبه إلى ذلك كي ينضدها كما ينضد الشعر ، هكذا :

وإني أجزت لهذا الفتى

أخي أحمد وهو نعم المجاز

وذاك حقيق لنا أن يجيز

وذاك حقيقته لا مجاز

فوفقه ربي لنيل المنى

فنعم الطريق له والمجاز

لمؤلف هذه الإجازة.

الملاحظ ـ أيضا ـ أنه أثبت في المطبوعة كلمة «حقيقة» بينما الصحيح «حقيقته» كما هو واضح في الشعر.

ولا أدري كيف ربط المحقق قوله في آخر الشعر : «لمؤلف هذه الإجازة» بما

__________________

(٥) إجازات الشيخ أحمد : ١

١٥

قبله ، بينما المقصود واضح ، وهو أن هذه الأبيات هي لمؤلف الإجازة ومن نظمه ، كما هو المتداول كتابته بعد إيراد المقطوعات الشعرية.

٤ ـ كتاب «مؤلفات الغزالي»

تأليف : الدكتور عبد الرحمن البدوي.

الطبعة الثانية ـ ١٩٧٧.

نقل في ترجمة الغزالي ، عن ابن كثير المؤرخ ما نصه : «وقد سأله بعض أصحابه  ـ وهو في السياق ـ فقال أوصني؟

فقال له : عليك بالاخلاص.

فلم يزل يكررها حتى مات» (٦)

الملاحظة :

إن الدكتور لم يفهم معنى كلمة «السياق» وظنها اسم كتاب ، وأن ابن كثير نقل القصة من ذلك الكتاب ، فلذا علق على هذه الكلمة بقوله : «أي كتاب السياق لتاريخ نيسابور لعبد الغافر الفارسي».

بينما كلمة «السياق» تعني هنا «نزغ الروح» وهي حالة الاحتضار ، والمعنى واضح : فالغزالي كان في حالة الاحتضار ووجه إليه السؤال.

وكان على الدكتور أن يلاحظ كلمة «أوصني» وكلمة «مات» فإنهما تدلان على المعنى المقصود.

٥ ـ كتاب «الايناس بعلم الأنساب»

جمع : الوزير المغربي أبي القاسم الحسين بن علي بن الحسين (ت ٤١٨) قدم له ووضع فهارسه : إبراهيم الأبياري.

الناشرون : دار الكتب الإسلامية ، دار الكتاب المصري ، دار الكتاب اللبناني ، دار الرفاعي.

__________________

(٦) مؤلفات الغزالي : ٥١٧

١٦

الطبعة الثانية ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ م.

صدر احتفالا بمقدم القرن الخامس عشر الهجري.

تقديم : هذا الكتاب من نفائس الكتب في علم الأنساب ـ أنساب القبائل العربية ـ وخصوصا ما يرتبط بجانب المؤتلف والمختلف من أسمائها ، وهي التي تتشاكل بعض التشاكل ، وتفترق بما يرتفع به الالتباس ، فالكتاب يتكفل إيضاح ذلك (٧).

ومن الأسماء ما وضعت وضعا مشكلا ـ مخالفا لما هو المعتاد ـ فيخاف على القارئ تصحيفها ما لم يكن في علم النسب مبرزا (٨).

وقد جعله المؤلف كشرح وتعليق على كتاب «المختلف والمؤتلف» لأبي جعفر محمد بن حبيب ، المتوفى سنة ٢٤٥ ه ، فجعل على نفسه الاكمال والايضاح (٩).

لأن كتاب ابن حبيب لم يكن مرتبا سهل التناول ، فجعله المغربي على حروف المعجم ليقرب تناوله ويذل مجتناه (١٠).

وأقدم المحقق العالم إبراهيم الأبياري على تحقيق هذا الكتاب ، كما حقق أصله «مختلف القبائل ومؤتلفها» لابن حبيب (١١).

ويدل جمعه بين الكتابين في التحقيق على نباهة وفضل حيث صب جهدا في جانب واحد وهو علم الأنساب ، وجمع بين نصين متقاربين هما الأصل والتعليق ، كما أنه قدم ـ إلى المجتمع العلمي ـ في الكتابين عملا جيدا كاملا في التقديم والتحقيق والفهرسة المتنوعة ، وأسدى به إلى التراث يدا تذكر فتشكر.

وبالرغم من أن تحقيقه للأصل ـ وهو كتاب ابن حبيب ـ في المستوى الرائع ، إلا أني وجدت في «الايناس» بعض الهفوات ، كما يلي :

١ ـ جاء في عنوان «محرز» ما نصه :

وفي ربيعة : محرز بن الصحيح ، قتل عبد الله بن عمر وسلبه سيف عمر ذا

__________________

(٧) الايناس : ١١.

(٨) الايناس : ١١.

(٩) الايناس : ١٢.

(١٠) الايناس : ١١.

(١١) طبع دار الكتاب اللبناني ، بيروت سنة ١٩٨١.

١٧

الوشاح.

وعلق المحقق على كلمة «محرز» بقوله : «في نسخة م : مخرز ، وهذه رواية : ت».

وعلق على كلمة الوشاح بقوله : «نقلنا هذه الترجمة إلى هنا ، كانت في الأصلين في حرف الصاد عند الكلام على بني الصحيح» (١٢)

الملاحظات :

قد وقع المحقق في أخطاء عديدة :

أولا : نقله الترجمة من حرف الصاد إلى حرف الميم.

ذلك : لأن مدار كتب المختلف والمؤتلف على أن تعنون فيها الألفاظ المشكلة أو غير المألوفة التي تتعرض للتصحيف والتحريف ، كما أشرنا في التقديم السابق ونقلنا عن الكتاب نفسه.

والكلمة المشكلة في هذه الترجمة هي اسم الأب المبدوء بالصاد لا اسم الابن المبدوء بالميم ، ولذلك أوردها ابن حبيب في حرف الصاد عند كلامه على اسم الأب.

ثانيا : إنه أورد اسم الأب بلفظ «الصحيح» وهذا عين الغلط ، حيث أن اسمه هو «الصحصح» كما يظهر من المراجعة إلى كتاب ابن حبيب الذي عنونه (١٣) وذكر له موارد ثلاثة ، ثالثها :

في ربيعة بن نزار : محرز بن الصحصح ، أحد بني عائش ... (١٤) وقد ورد هذا الاسم بلفظ «الصحصح» في كتاب وقعة صفين ، للمنقري ص ٢٩٨.

وثالثا : قوله «قتل عبد الله بن عمر» سهو ، بل إن المقتول هو : عبيد الله بن عمر.

كما جاء الصحيح في كتاب ابن حبيب بقوله : محرز بن الصحصح قاتل

__________________

(١٢) الايناس : ١٨١ متنا وهامشا.

(١٣) يلاحظ أن عناوين كتاب ابن حبيب من وضع المحقق الأبياري نفسه!

(١٤) مختلف القبائل ومؤتلفها ، لابن حبيب : ٧٠.

١٨

عبيد الله بن عمر بن الخطاب يوم صفين ، وسلبه سيف عمر ذا الوشاح (١٥).

وهذا من الواضحات في كتب السير والتواريخ ، فإن عبد الله بن عمر اعتزل الحرب ولم يقتل ، والذي حضرها وقتل فيها هو عبيد الله.

٢ ـ قال في ص ١٢٠ ، السطر الثالث :

فاتبعهم زياد بن حصفة من بني غنم الله بن ثعلبة بن عكابة من قبل علي عليه‌السلام.

الملاحظة :

لم نجد في الأنساب قبيلة باسم «غنم الله» والكلمة مصحفة عن «تيم الله».

وقد عنونه المؤلف المغربي في حرف التاء بقوله «في ربيعة بن نزار : تيم الله ابن ثعلبة» (١٦).

وقال ابن حبيب في «تيم الله» (١٧) : «وفي ربيعة بن نزار تيم الله بن ثعلبة ابن عكابة» (١٨).

ويلاحظ : أن زيادا المذكور كان على ربيعة يوم صفين وهم الذين برزوا إلى عبيد الله بن عمر فقتل بينهم (١٩).

وقد عرفنا سابقا أن قاتله محرز بن الصحصح هو من ربيعة من بني تيم الله بن ثعلبة.

فاتضح أن كلمة «غنم» تصحيف صوابه «تيم» فقد غفل المحقق حتى عما جاء في أول الكتاب فضلا عن أصله لابن حبيب الذي هو أحد مراجع الكتاب (٢٠)

٣ ـ مع الفهارس

من الواضح أن الفهارس إنما توضع لتسهيل الاستفادة من الكتاب ، وإذا

__________________

(١٥) مختلف القبائل ومؤتلفها ، لابن حبيب : ٧٠ وانظر وقعة صفين : ٢٩٨.

(١٦) الايناس : ٤٢.

(١٧) أشرنا إلى أن العناوين هذه من وضع المحقق نفسه.

(١٨) مختلف القبائل ٦٤ ، وأشار المحقق إلى الجمهرة : ٣١٥.

(١٩) الإستيعاب للقرطبي ، تحقيق البجاوي ج ٣ ص ١ ـ ١٠١٢.

(٢٠) لاحظ الإيناس ٢٩٠.

١٩

كانت مستوعبة ومأمونة فإن المراجع يعتمد عليها اعتمادا كاملا ، وهي الفائدة المتوخاة منها.

أما إذا كانت مغلوطة أو مشوهة أو ناقصة فإن المراجع لا يستفيد منها شيئا ، مضافا إلى أنها بوضعها السئ تؤدي إلى الإغراء بالجهل ، فتنعكس الفائدة إلى ضرر كبير.

والملاحظ في فهارس كتاب الايناس :

إنه مضافا إلى إيراد الأخطاء المشار إليها على خطئها في الفهارس وعدم تصويبها ضمن الأخطاء المصوبة فإنا لا نجد ذكرا لاسم «عبد الله بن عمر» في فهرس الأعلام (٢١)

وهذه هفوة موحشة توجب سلب الاعتماد عن الفهارس وفقدانها قيمتها العلمية.

٦ ـ الأرجوزة اللطيفة في علوم البلاغة

تحقيق : السيد الحسيني.

طبعت في نشرة «تراثنا» الفصلية.

العدد الرابع (ص ٢٠٩ ـ ٢١٧) ، السنة الأولى ، ربيع ١٤٠٦ ه.

نسب المحقق نظم الأرجوزة إلى الميرزا محمد بن محمد رضا القمي المشهدي ، اعتمادا على ما ذكره الشيخ آغا بزرك الطهراني في الذريعة في موردين منها ـ في حرف الألف برقم (٢٤٤٤) ، وفي حرف الميم برقم (٨٣٧٨).

كما أن الشيخ الطهراني اعتمد ـ ظاهرا ـ في نسبة إلى الميزان محمد على ما جاء في طبعة الأرجوزة للمرة الأولى في إيران سنة (١٣٠٠).

لكن الحق أن الميرزا محمد ليس إلا شارحا لهذه المنظومة كما ذكره المحقق مفصلا.

ولعل الاشتباه حصل للطابعين والمفهرسين من حيث الشارح لم يشر إلى اسم الناظم.

__________________

(٢١) لاحظ الايناس : ٢٥٣.

٢٠