متن قطر النّدى وبلّ الصّدى

جمال الدين عبدالله بن يوسف بن هاشم النحوي

متن قطر النّدى وبلّ الصّدى

المؤلف:

جمال الدين عبدالله بن يوسف بن هاشم النحوي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الصميعي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦

١

٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله وحده ، وصلّى الله وسلم على من لا نبي من بعده.

أما بعد :

فإن متن «قطر الندى وبل الصدى» للإمام العلامة عبد الله بن يوسف ، والشهير ابن هشام النحوي ، كتاب عظيم النفع غزير المادة ؛ يحرص العلماء على شرحه ؛ والطلاب على حفظه.

ومن أجل هذا يسرنا أن نقدم لكم هذا المتن معتنى به مضبوطا شكله ، حتى تسهل الاستفادة منه.

نسأل الله أن يوفق الجميع للعلم النافع والعمل الصالح.

٣

الكلمة وأقسامها

الكلمة : قول مفرد ، وهي اسم وفعل وحرف.

فأمّا الاسم فيعرف بأل كالرّجل وبالتّنوين كرجل ، وبالحديث عنه كتاء ضربت.

وهو ضربان :

١ ـ معرب وهو ما يتغيّر آخره بسبب العوامل الدّاخلة عليه كزيد.

٢ ـ ومبنيّ وهو بخلافه كهؤلاء في لزوم الكسر ، وكذلك حذام وأمس في لغة الحجازيّين ، وكأحد عشر وأخواته في لزوم الفتح ، وكقبل وبعد وأخواتهما في لزوم الضّم إذا حذف المضاف إليه ونوي معناه ، وكمن وكم في لزوم السّكون وهو أصل البناء.

وأما الفعل فثلاثة أقسام :

١ ـ ماض : ويعرف بتاء التأنيث السّاكنة وبناؤه على الفتح كضرب إلّا مع واو الجماعة فيضمّ كضربوا والضّمير المرفوع المتحرّك فيسكّن كضربت ، ومنه نعم وبئس وعسى وليس في الأصح.

٢ ـ وأمر : ويعرف بدلالته على الطّلب مع قبوله ياء المخاطبة ، وبناؤه على السّكون كاضرب إلّا المعتلّ فعلى حذف آخره كأغز وأخش وأزم ونحو قوما

٤

وقوموا وقومي ، فعلى حذف النّون ، ومنه هلمّ في لغة تميم وهات وتعال في الأصحّ

٣ ـ ومضارع : ويعرف بلم وافتتاحه بحرف من نأيت نحو نقوم وأقوم ويقوم وتقوم ، ويضمّ أوله إن كان ماضيه رباعيّا كيدحرج ويكرم ويفتح في غيره كيضرب ويستخرج ويسكّن آخره مع نون النّسوة نحو : (يَتَرَبَّصْنَ) ، و (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) ، ويفتح مع نون التّوكيد المباشرة لفظا أو تقديرا نحو : (لَيُنْبَذَنَ) ، ويعرب فيما عدا ذلك نحو : يقوم زيد (وَلا تَتَّبِعانِ) ، (لَتُبْلَوُنَ) ، (فَإِمَّا تَرَيِنَ) ، ولا (يَصُدَّنَّكَ).

وأمّا الحرف : فيعرف بأن لا يقبل شيئا من علامات الاسم والفعل نحو هل وبل وليس منه مهما ، وإذ ، ما ، بل ما للصدريّة ، ولمّا ، الرّابطة في الأصح ، وجميع الحروف مبنيّة.

والكلام : لفظ مفيد وأقلّ ائتلافه من اسمين كزيد قائّم ، أو فعل واسم كقام زيد.

(فصل) : أنواع الإعراب أربعة : (١) رفع (٢) ونصب في اسم وفعل نحو زيد يقوم ، وإنّ زيدا لن يقوم (٣) وجرّ في اسم نحو بزيد (٤) وجزم في فعل نحو لم يقم ، فيرفع بضمّة وينصب بفتحة ويجرّ بكسرة ويجزم بحذف حركة إلّا الأسماء السّتّة وهي أبوه وأخوه وحموها وهنوه وفوه وذو مال فترفع بالواو وتنصب بالألف وتجرّ بالياء ، والأفصح استعمال هن كغد

٥

والمثنّى كالزّيدان فيرفع بالألف وجمع المذكّر السّالم كالزّيدون فيرفع بالواو ويجرّان وينصبان بالياء ، وكلا وكلتا مع الضّمير كالمثنّى وكذا اثنان واثنتان مطلقا وإن ركّبا ، وأولو وعشرون وأخواته وعالمون وأهلون ووابلون وأرضون وسنون وبابه وبنون وعلّيّون وشبهه كالجمع وأولات وما جمع بألف وتاء مزيدتين وما سمي به منهما فينصب بالكسرة نحو : (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ) ، و : (أَصْطَفَى الْبَناتِ) ـ ، وما لا ينصرف فيجرّ بالفتحة نحو بأفضل منه إلّا مع أل نحو بالأفضل أو بالإضافة نحو بأفضلكم والأمثلة الخمسة وهي : تفعلان وتفعلون بالياء والتّاء فيهما وتفعلين فترفع بثبوت النّون وتجزم وتنصب بحذفها نحو ـ فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ـ والفعل المضارع المعتلّ الآخر ، فيجزم بحذف آخره نحو لم يغز و (لَمْ يَخْشَ) ولم يرم.

(فصل) : تقدّر جميع الحركات في نحو غلامي والفتى ويسمّى الثّاني مقصورا ، والضمّة والكسرة في نحو القاضي ويسمّى منقوصا والضّمّة والفتحة في نحو يخشى ، والضّمّة في نحو يدعو ويقضي ، وتظهر الفتحة في نحو إنّ القاضي لن يقضي ولن يدعو.

(فصل) : يرفع المضارع خاليا من ناصب وجازم نحو يقوم زيد ، وينصب بلن نحو (لَنْ ـ نَبْرَحَ) ـ وبكي المصدرية نحو (لِكَيْلا تَأْسَوْا) وبإذن مصدّرة وهو مستقبل متصل ، أو منفصل بقسم نحو إذن أكرمك : (وإذن والله نرميهم بحرب).

٦

وبأن المصدريّة ظاهرة نحو (أَنْ يَغْفِرَ لِي) ما لم تسبق بعلم نحو ـ (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) ـ فإن سبقت بظن فوجهان نحو ـ (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) ـ ومضمرة جوازا بعد عاطف مسبوق باسم خالص نحو (ولبس عباءة وتقرّ عيني) ، وبعد اللام نحو ـ (لِتُبَيِّنَ ، لِلنَّاسِ) إلّا في نحو ـ (لِئَلَّا يَعْلَمَ) ، (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ) ، فتظهر لا غير ونحو ـ (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) ـ فتضمر لا غير كإضمارها بعد حتّى إذا كان مستقبلا نحو ـ (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) ـ ، وبعد أو الّتي بمعنى إلى نحو (لأستسهلنّ الصّعب أو أدرك المنى) ، أو التي بمعنى إلّا نحو :

وكنت إذا غمزت قناة قوم

كسرت كعوبها أو تستقيما

وبعد فاء السّببيّة أو وواو المعيّة مسبوقتين بنفي محض أو طلب بالفعل نحو ـ (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) ، (وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) ، (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَ) ـ ولا تأكل السّمك وتشرب اللّبن ، فإن سقطت الفاء بعد الطّلب وقصد الجزاء جزم نحو قوله تعالى (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ) وشرط الجزم بعد النّهي صحّة حلول إن لا محله نحو لا تدن من الأسد تسلم ، بخلاف يأكلك ، ويجزم أيضا لم نحو ـ (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) ـ ولمّا نحو ـ (لَمَّا يَقْضِ) ـ وباللّام ولا الطلبيّتين نحو ـ (لِيُنْفِقْ) ، (لِيَقْضِ) ، (لا تُشْرِكْ) ، (لا تُؤاخِذْنا) ـ.

ويجزم فعلين إن وإذ ما وأيّ وأين وأنّى وأيّان ومتى ومهما ومن وما وحيثما نحو ـ (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) ، (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) ، (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ

٧

نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها).

ويسمّى الأول شرطا ، والثّاني جوابا وجزاء ، وإذا لم يصلح لمباشرة الأداة قرن بالفاء نحو (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ،) أو بإذا الفجائيّة نحو (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ.)

(فصل) : الإسم ضربان نكرة وهو ما شاع في جنس موجود كرجل أو مقدّر كشمس ، ومعرفة وهي ستّة : الضّمير وهو ما دلّ على متكلّم أو مخاطب أو غائب وهو إمّا مستتر كالمقدّر وجوبا في نحو أقوم ونقوم أو جوازا في نحو زيد يقوم ، أو بارز وهو إمّا متّصل كتاء قمت وكاف أكرمك وهاء غلامه ، أو منفصل كأنا وأنت وهو وإيّاى ، ولا فصل مع إمكان الوصل إلّا في نحو الهاء من سلنيه بمرجوحيّة وظنتكه وكنته برجحان.

ثمّ العلم وهو : إمّا شخصيّ كزيد أو جنسيّ كأسامة ، وإمّا اسم كما مثّلنا أو لقب كزين العابدين وقفّة أو كنية كأبي عمرو وأمّ كلثوم ، ويؤخّر اللّقب عن الاسم تابعا له مطلقا ، أو مخفوضا بإضافته إن أفردا كسعيد كرز.

ثمّ الإشارة وهي ذا للمذكّر وذي وذه وتي وته وتا للمؤنث ، وذان وتان للمثنّى بالألف رفعا وبالياء جرا ونصبا وأولاء لجمعهما والبعيد بالكاف مجرّدة من اللّام مطلقا ، أو مقرونة بها إلّا في المثنّى مطلقا ، وفي الجمع في لغة من مدّه وفيما تقدّمته ها التّنبيه.

٨

ثمّ الموصول ، وهو الّذي والّتي واللّذان واللّتان بالألف رفعا وبالياء جرا ونصبا ، ولجمع المذكّر الّذين بالياء مطلقا والألى ولجمع المؤنّث اللّائي واللاتي وبمعنى الجميع من وما وأيّ وأل في وصف صريح لغير تفضيل كالضّارب والمضروب وذو في لغة طيء وذا بعد ما أومن الاستفهاميّتين وصلة أل الوصف وصلة غيرها إمّا جملة خبريّة ذات ضمير طبق للموصول يسمّى عائدا ، وقد يحذف نحو ـ (أَيُّهُمْ أَشَدُّ) ، (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) ، (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) ، (وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) ـ أو ظرف أو جارّ ومجرور تامّان متعلقان باستقرّ محذوفا.

ثمّ ذو الأداة ، وهي أل عند الخليل وسيبويه ، لا اللّام وحدها خلافا للأخفش ، وتكون للعهد نحو : (فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ) ، وجاء القاضي ، أو للجنس كأهلك النّاس الدّينار والدّرهم ، (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) ، أو لاستغراق أفراده نحو : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) ، أو صفاته نحو زيد الرّجل. وإبدال اللّام ميما لغة حميريّة.

والمضاف إلى واحد ممّا ذكر ، وهو بحسب ما يضاف إليه إلّا المضاف إلى الضّمير فكالعلم.

(باب)

المبتدأ والخبر مرفوعان : كالله ربّنا ، ومحمّد نبيّنا ، ويقع المبتدأ نكرة إن عمّ أو خصّ نحو ما رجل في الدّار ، و (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) ، (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) ، وخمس صلوات كتبهنّ الله.

٩

والخبر جملة لها رابط كزيد أبوه قائم ، (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) ، و (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) ، وزيد نعم الرّجل إلّا في نحو ـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ـ وظرفا منصوبا نحو [(وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)] وجارّا ومجرورا ، ك (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، وتعلّقهما بمستقرّ أو استقرّ محذوفين ، ولا يخبر بالزّمان عن الذّات ، واللّيلة الهلال متأوّل ، ويغني عن الخبر مرفوع وصف معتمد على استفهام أو نفي نحو : أقاطن قوم سلمى ، وما مضروب العمران ، وقد يتعدّد الخبر نحو (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) ، وقد يتقدّم نحو في الدّار زيد ، وأين زيد ، وقد يحذف كلّ من المبتدأ والخبر نحو (سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) أي عليكم أنتم ، ويجب حذف الخبر قبل جوابي لولا ، والقسم الصّريح ، والحال الممتنع كونها خبرا وبعد واو المصاحبة الصّريحة نحو (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) ولعمرك لأفعلنه ، وضربي زيدا قائما ، وكلّ رجل وصيعته.

(باب)

النّواسخ لحكم المبتدأ ثلاثة أنواع :

أحدها : كان وأمسى وأصبح وأضحى وظلّ وبات وصار وليس وما زال وما فتيء وما انفكّ وما برح ومادام ، فيرفعن المبتدأ اسما لهنّ وينصبن الخبر خبرا لهنّ نحو (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً ،) وقد يتوسّط الخبر نحو : (فليس سواء عالم وجهول). وقد يتقدّم الخبر إلّا خبر دام وليس ، وتختصّ الخمسة الأول بمرادفة صار ، وغير ليس وفتيء وزال بجواز التّمام أي الاستغناء عن الخبر نحو

١٠

(وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ، فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ، خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ،) وكان بجواز زيادتها متوسّطة نحو ما كان أحسن زيدا ، وحذف نون مضارعها المجزوم وصلا إن لم يلقها ساكن ولا ضمير نصب متّصل ، وحذفها وحدها معوّضا عنها ما في مثل : أمّا أنت ذا نفر ، ومع اسمها في مثل إن خيرا فخير ، والتمس ولو خاتما من حديد.

وما النّافية عند الحجازيّين كليس إن تقدّم الاسم ولم يسبق بإن ولا بمعول الخبر إلّا ظرفا ، أو جارا ومجرورا ، ولا اقترن الخبر بإلّا نحو ـ (ما هذا بَشَراً) ـ وكذا لا النّافية في الشّعر بشرط تنكير معموليها نحو :

تعزّ فلا شيء عضلى الأرض باتيا

ولا وزر ممّا قضى الله واقيا

ولات لكن في الحين ، ولا يجمع بين جزأيّها ، والغالب حذف المرفوع نحو : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ).

الثّاني : إنّ وأنّ للتّأكيد ، ولكنّ للاستدراك ، وكأنّ للتّشبيه أو الظّنّ ، وليت للتّمنّي ، ولعلّ للترجّي أو الإشفاق أو التّغليل ، فينصبن المبتدأ اسما لهنّ ، ويرفعن الخبر خبرا لهنّ ، إن لم تقترن بهنّ ما الحرفيّة : نحو (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) ، إلّا ليت فيجوز الأمران كإن المكسورة مخفّفة فأمّا لكنّ مخفّفة فتهمل ، وأمّا أن فتعمل ، ويجب في غير الضّرورة حذف اسمها ضمير الشّأن ، وكون خبرها جملة

١١

مفصولة إن بدئت بفعل متصرّف غير دعاء بقد أو تنفيس أو نفي أو لو وأمّا كأنّ فتعمل ويقلّ ذكر اسمها ويفصل الفعل منّها بلم أو قد ، ولا يتوسّط خبرهنّ إلّا ظرفا أو مجرورا نحو : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً) ، (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً) وتكسر إنّ في الابتداء نحو (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وبعد القسم نحو (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ) والقول نحو ، قال ـ (إِنِّي عَبْدُ اللهِ) ـ وقبل اللّام نحو (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) ويجوز دخول اللّام عضلى ما تأخّر من خبر إنّ المكسورة أو اسمها أو ما توسّط من معمول الخبر أو الفصل ، ويجب مع المخفّفة إن اهملت ولم يظّهر المعنى.

ومثل إنّ لا النّافية للجنس ، لكن عملها خاص بالنّكرات المتّصلة بها نحو لا صاحب علم ممقوت ولا عشرين درهما عندي ، وإن كان اسمها غير مضاف ولا شبهة بني على الفتح في نحو لا رجل ولا رجال ، وعليه أو على الكسر في نحو لا مسلمات ، وعلى الياء في نحو لا رجلين ولا مسلمين ، وتلك في نحو لا حول ولا قوّة فتح الأوّل ، وفي الثّاني الفتح والنّصب والرّفع كالصّفة في نحو لا رجل ظريف ورفعه فيمتنع النّصب ، وإن لضم تكرّر لا أو فصلت الصّفة ، أو كانت غير مفردة امتنع الفتح.

الثّالث : ظنّ ورأى وحسب ودرى وخال وزعم ووجد وعلم القلبيّات فتنصبهما مفعولين ، نحو :

* رأيت الله أكبر كلّ شيء*

١٢

ويلغين برجحان إن تأخّرن

نحو القوم في أثرى ظننت وبمساواة إن توسّطن نحو

* وفي الأراجيز خلت اللّؤم والخورا*

وإن وليهنّ ما أو لا أو إن النّافيات أو لام الابتداء أو القسم أو الاستفهام بطل عملهنّ في اللّفظ وجوبا ، وسمّي ذلك تعليقا نحو (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى.)

(باب)

الفاعل مرفوع ، كقام زيد ، ومات عمرو ، ولا يتأخّر عامله عنه ، ولا تلحقه علامة تثنية ولا جمع ، بل يقال : قام رجلان ورجال ونساء كما يقال قام رجل وشذّ يتعاقبون فيكم ملائكة باللّيل ، أو مخرجيّ هم وتلحقه علامة تأنيث إن كان مؤنثا كقامت هند وطلعت الشّمس ، ويجوز الوجهان في مجازيّ التأنيث الظاهر نحو (قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) وفي الحقيقّي المنفصل نحو حضرت القاضي امرأة ، والمتّصل في باب نعم وبئس نحو نعمت المرأة هند ، وفي الجمع نحو ـ قالت الأعراب ـ إلّا جمعي التّصحيح فكمفرديهما نحو قام الزيدون ، وقامت الهندات ، وإنّما امتنع في النّثر ما قامت إلّا هند لأنّ الفاعل مذكّر محذوف كحذفه في نحو ـ (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) ، و (قُضِيَ الْأَمْرُ) ، و (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) ـ ويمتنع في غيرهنّ ، والأصل أن يلي عامله ، وقد يتأخّر جوازا نحو ـ (وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ) ـ

١٣

و * كما أتى ربّه موسى على قدر* ووجوبا نحو (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) وضربني زيد ، وقد يجب تأخير المععول كضربت زيدا ، وما أحسن زيدا ، وضرب موسى عيسى ، بخلاف أرضعت الصّغرى الكبرى ، وقد يتقدّم على العامل جوازا نحو (فَرِيقاً هَدى) ووجوبا نحو ـ (أَيًّا ما تَدْعُوا) ـ وإذا كان الفعل نعم أو بئس فالفاعل إما معرّف بأل الجنسيّة نحو ـ نعم العبد ـ أو مضاف لما هي فيه نحو (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) أو ضمير مستتر مفسّر بتمييز مطابق للمخصوص نحو ـ (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً).

(باب النّائب عن الفاعل)

يحذف الفاعل فينوب عنه في أحكامه كلّها مفعول به ، فإن لم يوجد فما اختصّ وتصرّف من ظرف أو مجرور ، أو مصدر ، ويضمّ أوّل الفعل مطلقا ، ويشاركه ثاني نحو تعلّم وثالث نحو انطلق ، ويفتح ما قبل الآخر في المضارع ، ويكسر في الماضي ولك في نحو قال وباع الكسر مخلصا ومشما ضما والضّمّ مخلصا.

(باب الاشتغال)

يجوز في نحو زيدا ضربته ، أو ضربت أخاه. أو مررت به رفع زيد بالابتداء فالجملة بعده خبر ونصبه بإضمار ضربت وأهنت وجاوزت واجبة

١٤

الحذف ، فلا موضع للجملة بعده ، ويترجّح النّصب في نحو زيدا اضربه للطّلب ، ونحو ـ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) ـ متأوّل ، وفي نحو ـ (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ) ـ للتّناسب ونحو ـ (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) ـ وما زيدا رأيته لغلبة الفعل ، ويجب في نحو إن زيدا لقيته فأكرمه ، وهلّا زيدا أكرمته لوجوبه ، ويجب الرّفع في نحو خرجت فإذا زيد يضربه ، عمرو لامتناعه ، ويستويان في نحو زيد قام أبوه وعمرو أكرمته للتّكافؤ ، وليس منه ـ (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) ـ وأزيد ذهب به.

(باب في التّنازع)

يجوز في نحو ضربني وضربت زيدا ، إعمال الأوّل واختاره الكوفيّون فيضمر في الثّاني كلّ ما يحتاجه ، أو الثّاثي واختاره البصريّون فيضمر في الأوّل مرفوعه فقط ، نحو :

* جفوني ولم أجف الأخلّاء*

وليس منه :

* كفاني ولم أطلب قليل من المال*

لفساد المعنى.

(باب)

المفعول منصوب وهو خمسة : المفعول به ، وهو ما وقع عليه فعل الفاعل كضربت زيدا ، ومنه المنادى ، وإنّما ينصب مضافا كيا عبد الله أو شبيها بالمضاف

١٥

كيا حسنا وجّهه ويا طالعا جبلا ويا رفيقا بالعباد ، أو نكرة غير مقصودة ، كقول الأعمى يا رجلا خذ بيدي. والمفرد المعرفة يبنى على ما يرفع به كيا زيد ويا زيدان ، ويا زيدون ويا رجل لمعيّن.

(فصل) : وتقول يا غلام بالثّلاث وبالياء فتحا وإسكانا وبالألف ، ويا أبت ويا أمّت ويا ابن أمّ ويا ابن عمّ بفتح وكسر ، وإلحاق الألف أو الياء للأوّلين قبيح ، وللآخرين ضعيف.

(فصل) : ويجري ما أفرد أو أضيف مقرونا بأل من نعت المبنيّ وتأكيده وبيانه ونسقه المقرون بأل على لفظه أو محلّه ، وما أضيف مجرّدا على محلّه ، ونعت أيّ على لفظه ، والبدل والمنسوق المجرّد كالمنادى المستقلّ مطلقا ، ولك في نحو [يا زيد زيد اليعملات]. فتحهما أو ضمّ الأوّل.

(فصل) : ويجوز ترخيم المنادى المعرفة ، وهو : حذف آخره تخفيفا ، فذو التّاء مطلقا كيا طلح ويأثب ، وغيره بشرط ضمّه وعلميّته ومجاوزته ثلاثة أحرف كيا جعف ضمّا وفتحا ويحذف من نحو سلمان ومنصور ومسكين حرفان ومن نحو معديكرب الكلمة الثّانية

(فصل) : ويقول المستغيث : يا لله للمسلمين بفتح لام المستغاث به إلّا في لام المعطوف الّذي لم يتكرّر معه يا ونحو يا زيد لعمرو ، ويا قوم للعجب العجيب ، والنّادب وازيدا وا أمير المؤمنينا وا رأسا ، ولك إلحاق الهاه وقفا.

١٦

والمفعول المطلق ، وهو المصدر الفضلة المسلّط عليه عامل من لفظه كضربت ضربا ، أو من معناه كقعدت جلوسا ، وقد ينوب عنه غيره كضربته سوطا ـ (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) ، (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) ، (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) ـ وليس منّه ـ ف (كُلا مِنْها رَغَداً) ـ.

والمفعول له ، وهو المصدر المعلّل لحدث شاركه وقتا وفاعلا كقمت إجلالا لك فإن فقد المعلّل شرطا جرّ بحرف التعليل نحو : (خَلَقَ لَكُمْ) :

* وإنّي لتعروني لذكراك هزّة*

* فجئت وقد نضّت لنوم ثيابها*

والمفعول فيه : وهو ما سلّط عليه عامل على معنى في من اسم زمان كصمت يوم الخميس أو حينا أو أسبوعا ، أو اسم مكان مبهم وهو الجهات السّتّ كالأمام والفوق واليمين وعكسهنّ ونحوهنّ كعند ولدى والمقادير كالفرسخ وما صيغ من مصدر عامله كقعدت مقعد زيد.

والمفعول معه : وهو اسم فضلة بعد واو أريد بها التّنصيص على المعيّة مسبوقة بفعل أو ما فيه حروفه ومعناه كسرت والنّيل وأنا سائر والنّيل ، وقد يجب النّصب كقولك لا تنّه عن القبيح وإتيانه ، ومنه قمت وزيدا ، ومررت بك وزيدا على الأصحّ فيهما ، ويترجّح في نحو قولك : كن أنت وزيدا كالأخ ، ويضعف في نحو قام زيد وعمرو.

١٧

(باب الحال)

وهو : وصف فضلة يقع في جواب كيف : كضربت اللّصّ مكتوفا ، وشرطها التّنكير وصاحبها التّعريف أو التّخصيص أو التعميم أو التّأخير نحو (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ) ، (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) ، (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ)

* لمّة موحشا طلل*

والتّمييز : وهو اسم فصلة نكرة جامد مفسّر لما انبههم من الذّوات ، واكثر وقوعه بعد المقادير ، كجريب نخلا ، وصاع تمرا ، ومنوين عسلا ، والعدد نحو ـ (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) ـ إلى تسع وتسعين ، ومنه تمييز كم الاستفهاميّة نحو كم عبدا ملكت ، فأمّا تمييز الخبريّة فمجرور مفرد كتمييز المائة وما فوقها ، أو مجموع كتمييز العشرة وما دونها ، ولك في تمييز الاستفهاميّة المجرورة بالحرف جرّ ونصب. ويكون التّمييز مفسّرا للنّسبة محوّلا ك (اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ،) و (فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) و (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً) أو غير محوّل ، نحو امتلأ الإناء ماء ، وقد يؤكّدان نحو (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ.)

وقوله :

* من خير أديان البريّة دينا*

ومنه :

* بئس الفحل فحلهم فحلا*

خلافا لسيبويه.

والمستثنى بإلّا من كلام تامّ موجب نحو (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) فإن فقد الإيجاب ترجح البدل في المتّصل نحو ـ (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ)

١٨

ـ والنّصب في المتّصل نحو ـ (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) ـ والنّصب في المنقطع عند بني تميم ، ووجب عند الحجازيّين نحو ـ (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ، إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) ـ ما لم يتقّدم فيهما فالنّصب نحو قوله :

وما لي إلا آل أحمد شيعة

وما لي إلّا مذهب الحقّ مذهب

أو فقد التّمام فعلى حسب العوامل نحو ـ (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) ـ ويسمّى مفرّغا ، ويستثنى بغير وسوى خافضين معربين بإعراب الاسم الّذي بعد إلّا ، وبخلا وعدا وحاشا نواصيب وخوافض وبما خلا وبما عدا وليس ولا يكون نواصب.

(باب)

يخفض الاسم إمّا بحرف مشترك وهو من وإلى وعن وعلى وفي واللّام والباء للقسم وغيره ، أو مختصّ بالظّاهر ، وهو ربّ ومذ ونذ والكاف وحتى ، وواو القسم وتأوه أو بإضافة إلى اسم على معنى اللّام كغلام زيد ، أو من كخاتم حديد ، أو في ـ كمكر اللّيل ـ وتسمّى معنويّة لأنّها للتّعريف أو التّخصيص أو بإضافة الوصف إلى معموله كبالغ الكعبة ومعمور الدّار ، وحسن الوجّه. وتسمّى لفظيّة لأنّها لمجرّد التّخفيف ولا تجامع الاضافة تنوينا ، ولا نونا تالية للإعراب مطلقا ، ولا أل في نحو الضّاربا زيد والضّاربو زيد والضّارب الرّجل والضّارب رأس الرّجل وبالرّجل الضّارب غلامه.

١٩

(باب يعمل عمل فعله سبعة)

اسم الفعل كهيهات وصه ووى بمعنى بعد واسكت وأعجب ، ولا يحذف ولا يتأخّر عن معموله ، و (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) متأوّل ، ولا يبرز ضميره ، ويحزم المضارع في جواب الطّلبيّ منه نحو : (مكانك تحمدى أو تستريحي).

ولا ينصب والمصدر كضرب وإكرام إنّ حلّ محلّه فعل مع أن أو ما ولم يكن مصغّرا ولا مضمرا ولا محدودا ولا منعوتا قبل العمل ولا محذوفا ولا مفصولا من المعمول ولا مؤخّرا عنه ، وإعماله مضافا أكثر نحو ـ (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) ـ وقول الشّاعر :

ألّا إنّ ظلم نفسه المرء بيّن

ومنوّنا أقيس نحو : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) ، وبأل شاذ نحو : وكيف التّوقّي ظهر ما أنت راكبه.

واسم الفاعل : كضارب ومكرم ، فإن كان بأل عمل مطلقا أو مجرّدا فبشرطين كونه حالا أو استقبالا واعتماده على نفي أو استفهام ، أو مخبر عنه ، أو موصوف ـ و (باسِطٌ ذِراعَيْهِ) ـ على حكاية الحال ، خلافا للكسائيّ. وخبير بنو لهب على التّقديم والتّأخير ، وتقديره خبير كظهير خلافا للأخفش. والمثال وهو ما حوّل للمبالغة من فاعل إلى فعّال ، أو فعول أو مفعال بكثرة ، أو فعيل ، أو فعل بقلّة نحو أمّا العسل فأنا شرّاب.

٢٠