كربلاء في الأرشيف العثماني

ديلك قايا

كربلاء في الأرشيف العثماني

المؤلف:

ديلك قايا


المترجم: أ. حازم سعيد منتصر ، أ. مصطفى زهران
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٠

١
٢

٣
٤

قائمة الاختصارات

المترجم

Ceviren

وثاق قلم آمدى

A.AMD

قلم ديوان الصدارة

A.DVN

قسم الدول الأجنبية

A.DVN.DVE

همايون نامة همايون ديوان الصدارة

A.DVN.NMH

المرجع السابق

A.g.e.

المقالة السابقة

A.g.m.

قلم مكتوبى الصدارة

A.MKT

قلم المهمة بالديوان الهمايوني

A.MKT.MHM

مكاتبات مجلس الولاء

A.MKT.MVL

مكاتبات النظارات والدوائر

A.MKT.NZD

مكاتبات عموم الولايات

A.MKT.UM

وثائق قلم التشريفات

A.TSF

رجب

B

غرفة أوراق الباب العالي

BEO

الأرشيف العثماني برئاسة الوزراء

BOA

جمادى الأخر

C

الجزء

c.

جمادى الأول

CA

نظارة الداخلية ـ وثائق مديرية الأمن العام

DH.EUM

موسوعة وقف الديانة الإسلامي

DIA.

دفاتر الأوقاف بعد النظارة

EV

نظارة الأوقاف ـ محاسبة الحرمين

EV.HMH

خط همايوني

HH

نظارة الخارجية قلم المكتوبي

HR.MKT

نظارة الخارجية قسم الأوراق السياسية

HR.SYS

إرادة داخلية

I.Dh

إرادة خارجية

I.Hr

إرادة مجلس مخصوص

I.MM

٥

إرادة مسائل مهمة

I.MSM

إرادة مجلس الشورى

I.MS

إرادة مجلس الولاء

I.MV

إرادة شورى الدولة

I.SD

الموسوعة الإسلامية

IA.

شوال

L

محرم

M

دفاتر المهمة

MD

بحوث الشرق الأوسط

MES

دفاتر مصروفات المالية

ML.MSF

مضابط مجلس الوكلاء

MV

رمضان

N

رقم

Nr.

ربيع الأخر

R

ربيع الأول

RA

صفر

S

صفحة

s.

شعبان

S.

تصنيف شورى الدولة (بغداد)

SD.Bagdad

موسوعة من التنظيمات إلى جمهورية تركيا

TCTA

صادر ووارد الولايات

VGG

أوراق يلدز الأساسية

Y.EE

أوراق المعروضات المتنوعة

Y.MTV

عرضحال وجورنال

Y.PRK.AZJ

معروضات نظارة الخارجية

Y.PRK.HR

معروضات اللجان

Y.PRK.KOM

الياوران والمعية السنية

Y.PRK.MYD

معروضات البريد والتلغراف

Y.PRK.PT

ذو الحجة

Z

ذو القعدة

ZA

٦

شكر خاص

إن من لا يشكر الناس لا يشكر الله تعالى. فللقائمين على أعمال الخير والبرّ للوجيه المرحوم الشيخ إبراهيم بن محمد أبو مره جلّ الشّكر والتقدير وعظيم الامتنان على دعمهم المادي والمعنوي السخي لإخراج هذا العمل المتواضع إلى حيز الوجود.

والله أسأل أن يتغمد الفقيد فسيح جناته وأن يوفق القائمين على أعماله لكل ما فيه خير وصلاح.

المؤلف

٧
٨

تقديم

ظهرت الكثير من الدول والأسر الحاكمة في الجغرافيا الإسلامية منذ شروق الإسلام ، وقد تفاوتت أعمار هذه الدول فمنها ما عمّر ومنها ما لم يعمّر كثيرا ، فالدولة أو الإمبراطورية التي ابتعدت عن صراعات المذاهب والأعراف وتمكنت من تحقيق المنافع الدنيوية والاتحاد بين المسلمين قد عمّرت طويلا ، ولا جرم أن الدولة العثمانية كانت واحدة من الدول التي تمكنت من تحقيق أكبر اتحاد سياسي بين المسلمين.

بعد حملة السلطان سليم الأول على الشام ومصر بدأت البلاد الإسلامية تدخل تحت الحكم العثماني واحدة تلو الأخرى ، وعلى الرغم من أن أغلب سكان هذه البلاد التي دخلت تحت الحكم العثماني في هذه المنطقة كانت سنّيّة المذهب لكن الوجود الشيعي في أغلبها يعد حقيقة تاريخية لا جدال فيها ، وقد استوعبت الدولة العثمانية هذا الأمر وبذلت جهودا خاصة لمنع الخلاف بين السنة والشيعة الموجودين تحت رايتها ، ولمنع أي حدث قد يؤدي للتدخل الأجنبي في شؤونها.

ظهر تنافس على العالم الإسلامي بين دولتين من أصل تركي بعد تأسيس الدولة الصفوية التركية الأصل في إيران ، وبالرغم من أن هذا التنافس سياسي الأصل إلا أنه نقل إلى المجال الديني من قبل الدولة

٩

العثمانية في بعض الأحيان ومن الدولة الصفوية أحيانا أخرى ، إن هذا التنافس كان سببا في زيادة أو قلة النفوذ السياسي لكل من الطرفين بين الحين والآخر ، ولكن هذا التنافس لم يؤثر بطريقة مباشرة سواء على السنة أم على الشيعة في أي وقت من الأوقات.

كان السلطان سليم الأول يرى أن الوجود الصفوي يشكل خطرا على العالم الإسلامي ، ولكن ابنه السلطان سليمان القانوني كان يرى عكس ذلك في السنوات الأولى من سلطنته ، فعندما اعتلى السلطان سليمان القانوني عرش السلطنة أرسل خطابا إلى الشاه إسماعيل الصفوي ليعرب له عن نواياه الحسنة ويدعوه للاتحاد معه ضد الكفار ، وعلى الرغم من أن هذه الدعوة لم تلق اهتماما إلا أن السلطان سليمان القانوني انشغل بإعداد الحملات على الغرب وسعى للتعايش الجيّد مع الصفويين ، ولكن بعدما حدث نزاع شفوي بين الشاه طهماسب الذي تولى حكم الصفويين بعد وفاة أبيه الشاه إسماعيل والقانوني توترت العلاقات بين الدولتين العثمانية والإيرانية وانتهى هذا التوتر بقيام السلطان سليمان القانوني بحملة العراقين.

إن دخول منطقة الحجاز تحت الحكم العثماني بعد عام ١٥١٧ م أثار مشاعر التنافس عند الإيرانيين ، وبدأ الصفويون يعطون أهمية أكبر لبغداد والمناطق التي تحتوي على العتبات التي كانت تحت إدارتهم منذ سنة ١٥٠٨ م ، إن الأمير ذو الفقار خان السني المذهب الذي كان يدير بغداد باسم الصفويين شعر بالضغط عليه من إيران من جانب ومن العالم السّنّي من جانب آخر ، ففعل كما فعل أمراء مكة من قبل وأرسل مفاتيح قلعته إلى استانبول سنة ١٥٢٩ م مطالبا بالدخول تحت الحكم العثماني ، إن الشاه طهماسب الذي غضب من هذا الأمر حاصر بغداد وقبض على ذو الفقار وأعدمه وعين واليا آخر على بغداد ، وهكذا فإن هذا العمل قد دفع بالعلاقات العثمانية الصفوية إلى حرب لا مناص منها ، وهذا لأن

١٠

الهجوم على بغداد وإعدام الأمير ذو الفقار اعتبره العثمانيون اعتداء على الملك العثماني ، وقرر السلطان سليمان القانوني القيام بحملة على بغداد.

إن الحركة العسكرية التي بدأت في أواخر سنة ١٥٣٣ م قد استمرت سنة كاملة ، وتمكن السلطان سليمان القانوني من تأسيس معسكره بجوار بغداد دون أدنى مقاومة في ٢٩ نوفمبر ١٥٣٤ م ، وذهب قائد الجيش الصدر الأعظم إبراهيم باشا بعدد من الجند إلى قلعة بغداد ورفع الراية العثمانية على قلعتها ، ولم يأخذ الصدر الأعظم كل الجنود حتى لا تسلب دار السلام ، وهكذا جهزت بغداد دار السلام لاستقبال السلطان سليمان القانوني ، فدخلها القانوني في ١ ديسمبر ١٥٣٤ م دون أن تدمى أنف واحد من أهلها.

قرر السلطان العثماني قضاء الشتاء في بغداد فمكث بها أربعة أشهر ، وفي تلك الفترة جاءه العديد من الأمراء والأشراف والأعيان ورؤساء العشائر طالبين الدخول تحت راية الدولة العثمانية ، وشيد ضريحا لمقبرة الإمام الأعظم التي خربت بسبب الهجمات المختلفة ، وأسس حيّ الأعظمية ، وتم البدء في بناء ضريح لقبر الشيخ عبد القادر الجيلاني (الكيلاني) وعمارة خيرية بجواره.

اهتمّ السلطان سليمان القانوني بزيارة العتبات الموجودة في الكاظمية وضريح الإمام علي في النجف وضريح الإمام الحسين في كربلاء وأمر بعمل العديد من الترميمات في هذه الأماكن ، بخلاف هذا فقد أمر بتحرير وتسجيل الأوقاف الخاصة بهذه الأماكن ، وتحسين إداراتها وجعلها على أحسن وجه ، وفى تلك الفترة خلع الخلع على شيخ كربلاء السيد حسين الذي كان من سادات مشهد الإمام علي والسيد حسن وبكر أمير تكريت ومحمد بن سياله أمير دليم ، وهكذا أسعد السلطان سليمان القانوني كل من السنّة والشيعة.

١١

وفي تحريرات الأوقاف التي تمت بأمر السلطان سليمان القانوني تم تثبيت الأوقاف التي أوقفت في بغداد وما جاورها من أجل العتبات في العصور الإسلامية الأولى وفي عصر الشاه إسماعيل مما عمل على إحياء هذه الأوقاف ، وقد تمّ تسجيل ما يزيد على مائة وقف في هذا التحرير الأول وهذا نراه بوضوح في الوثائق العثمانية ، كما تم تسجيل واردات الأوقاف وبالتالي سجلت أبنية الأوقاف والمفروشات والكتب والأشياء الأخرى الموجودة في الأضرحة ، وسجلت أيضا واردات القرى والمزارع والمحالّ الموقوفة وأعفى الأسياد المجاورين للأوقاف والمجاورين والفقراء من الضرائب وخصص لهم مخصصات لإعاشتهم ، ولقد خصصت الدولة العثمانية العديد من الواردات لهذه الأوقاف سواء كانت سنية أم شيعية ، وعلى سبيل المثال فقد زيدت واردات وقف الإمام الأعظم إلى ٢٨٠٠٠٠ آقجة وواردات وقف عبد القادر الجيلاني إلى ٢٧٠٠٠٠ آقجة وواردات الأوقاف الموجودة في الكاظمية والجوادية إلى ٢٧٠٠٠٠ آقجة.

ولم تتأثر الأوقاف السنية في بغداد ولا الأوقاف الشيعية في العتبات إطلاقا من مسار العلاقات العثمانية الإيرانية طوال التاريخ ، ولهذا ظلت النجف وكربلاء هي المرجعية العلمية للعالم الشيعي ، فمن النجف وكربلاء خرج المجتهدون الذين تقلدوا رئاسة الشيعة سواء في الأراضي العثمانية أم في إيران بل وحتى في الهند أيضا ، بخلاف هذا فإن الأمن الذي تحقق بهذا المفهوم قد جعل النجف وكربلاء مكانا عامرا بالسكان ، وصار لكل من هذه المراكز الدينية مركزا تجاريّا وزراعيّا من ناحية أخرى.

لما حلّ الضعف والانحلال بالدولة العثمانية في النصف الأول من القرن التاسع عشر نالت بغداد وكربلاء مثلها ككل المناطق الأخرى نصيبا من هذا الضعف ، وتأثرت من هذه التطورات ، ولقد لجأت الدولة

١٢

العثمانية إلى سلسلة من التدابير لإيقاف هذا الضعف والانحلال. إن مقاومة رعايا الدولة لهذه التجديدات التي قامت بها الدولة لإصلاح الأحوال الداخلية من جانب والتداخلات الأجنبية من جانب آخر قد وضعت الدولة العثمانية في موقف صعب. إن القوى الخارجية التي سعت للاستفادة من ضعف الدولة العثمانية لم تكتف بالتدخل في شؤونها بل سعت للتأثير على العلاقات العثمانية الإيرانية التي اتسمت بالهدوء والسلام قرونا طويلة ، وإن تأثير الدول الأجنبية على العلاقات العثمانية الإيرانية طوال القرن التاسع عشر أمر واضح وضوح الشمس.

والعمل الذي بين أيدينا يوضح حال كربلاء في تلك الفترة ، وقد أوضحت طالبتي ديلك قايا في رسالتها الأحداث التي وقعت في كربلاء في القرن التاسع عشر والترميمات والإصلاحات الخاصة بالعتبات ، وتأثير القوى الأجنبية وخاصة الإنجليز والروس على العلاقات العثمانية الإيرانية معتمدة بشدة على وثائق الأرشيف العثماني ، إن هذا العمل الذي تمّ نتيجة جهد مضمن ليس كافيا لإيضاح هذا الموضوع ، بل ربما كان بداية ، وديلك قايا ببحثها هذا قد فتحت هذا الباب ، وإنني على قناعة تامة بأن الأبحاث المعتمدة على الأرشيف العثماني والإيراني والأراشيف الأخرى التي سيتم عملها عن كربلاء والعتبات ستجعل كل من السنة والشيعة الذين يوجد بينهم ـ للأسف ـ صراع حامي الوطيس يأخذون درسا من التاريخ للقضاء على هذا النزاع ، وستلعب هذه الأبحاث دورا مهمّا في توحيد الموحدين.

الأستاذ الدكتور زكريا قورشون

رئيس قسم التاريخ ـ كلية العلوم والآداب ـ جامعة مرمرة

١٣
١٤

مقدمة المؤلف

عندما نقول كربلاء فإن أول ما يرد على الخاطر هو استشهاد الإمام الحسين حفيد سيدنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما تسبب فيه استشهاده من فرقة عظيمة بين المسلمين ، إن هذا الحدث الجلل الذي يذكره المسلمون جميعا بألم وحزن جعلهم ينظرون بحساسية بالغة إلى كربلاء ، حيث صارت كربلاء موضوعا مهمّا في الأدب العرب والتركي والفارسي بالأعمال المنظومة والمنثورة. كما أضحت محلّا للزيارة منذ استشهاد الإمام الحسين فيها ، واكتسب هذا المكان نوعا من القدسية عند المسلمين جميعا على اختلاف مذاهبهم ، وأدى هذا إلى تكوين ثقافة زيارة كربلاء ، كما كانت كربلاء منزلا للعديد من الرحالة العرب والأجانب.

احتلت كربلاء مكانا مهمّا في العلاقات العثمانية ـ الإيرانية وهذا بسبب وضعها الديني والسياسي والجغرافي ، ولم تكن كربلاء بوضعها هذا مكانا دينيّا مهمّا فقط بل أصبحت ساحة للنزاع السياسي بين الدولتين العثمانية والإيرانية ، ولقد تناولنا هذا الموضوع للشعور بالحاجة إلى تناول تلك المنطقة التي كانت ساحة للنزاع الديني والسياسي في القرن التاسع عشر ، ففي القرن التاسع عشر مرت كربلاء بمراحل متعددة تناولنا منها الفترة الممتدة من ١٨٤٣ م حتى ١٨٧٢ م لأنه في تلك الفترة تم البدء في تطبيق التنظيمات في المنطقة واستمرت تلك الفترة حتى نهاية ولاية

١٥

مدحت باشا على بغداد هذا الوالي الذي قام بإصلاحات هامة في كربلاء.

هناك أمر آخر يحثنا على دراسة كربلاء بالإضافة الى الأسباب التي ذكرناها سالفا وهو إظهار مساعى الدولة العثمانية في تطبيق الإصلاحات وكيفية تطبيقها لسياسة المركزية ، والأسئلة التي سعينا للجواب عليها في تلك الدراسة هي كيف طبقت الدولة العثمانية هذه السياسة الجديدة في المنطقة؟ وكيف نظر إليها أهالي كربلاء وإيران التي لم تكفّ لحظة عن الاهتمام بهذا المكان على وجه الخصوص ، وإنجلترا التي سعت إلى ترك بصمة لها في المنطقة من بدايات القرن التاسع عشر ، بل وروسيا أيضا؟.

كما يجب أن نبحث عن سؤال آخر وهو : ما الموقف الديني والسياسي الذي اتخذته الدولة العثمانية من الشيعة في كربلاء؟ وما الذي نتج عن ذلك سياسيّا ودينيّا؟ ، وهل كان هنا فرق بين نظرة الدولة العثمانية لشيعة كربلاء وشيعة إيران أم لا؟ ، وما هذا الفرق؟.

والعمل يتكون من مدخل وخمسة فصول وخاتمة ، تناولنا في المدخل الفترة الممتدة من تأسيس كربلاء كمكان للاستيطان حتى دخولها تحت الحكم العثماني ، وفي الفصل الأول تناولنا البنية الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية لكربلاء بوجه عام ، وفي الفصل الثاني تناولنا أعمال الترميمات والإصلاحات الإدارية التي تمت في ضريح الإمام الحسين في كربلاء وضريح سيدنا عليّ في النجف ، وفي الفصل الثالث تناولنا ثورة كربلاء ضد الحكم العثماني سنة ١٨٤٣ م والاضطرابات الناتجة عن ذلك والتى استمرت بين الدولة العثمانية وإيران حتى ١٨٤٧ م ، وفي الفصل الرابع تناولنا العلاقات العثمانية الإيرانية فيما بين ١٨٤٣ ـ ١٨٤٧ م وأوضحنا كيفية استمرار العلاقات في تلك الفترة ، وفي الفصل الأخير تناولنا البنية الإدارية لكربلاء وما اعتراها من إصلاحات في فترة التنظيمات.

لقد تمّ تناول كربلاء بصورة مباشرة في بعض الأبحاث التي كتبت

١٦

عن بغداد وكربلاء ، ولكن هذه النواحي الخاصة بكربلاء في القرن التاسع عشر لم يتناولها أحد ـ على حد علمنا ـ بالدقة والعمق المطلوبين ، وأهم المصادر التي اعتمدنا عليها في هذا العمل هي وثائق الأرشيف العثماني والسالنامات والرحلات والبحوث العلمية والعديد من المصادر الأخرى.

وفى هذا العمل صادفنا الكثير من أسماء الأشخاص والعشائر في الوثائق وفي السالنامات وقد قارنّا بينها وحاولنا استخدام الاسم المشهور لهذه العشائر.

لقد ساعدني الكثير من الأشخاص في إعداد هذه الرسالة ، وأحبّ أن أتقدم بالشكر والامتنان إلى أستاذي العزيز الأستاذ الدكتور زكريا قورشون الذي حثني على التسجيل في هذا الموضوع وخصص وقته الثمين لمتابعة تلك الرسالة في كلّ مراحلها ، كما أتقدم بالشكر لكلّ من الأستاذ الدكتور علي آق يلدز والأستاذ الدكتور أفق كولصوى والدكتور جولتكين يلديز والدكتور داود هوط على عطائهم المادي المعنوي وإمدادي بالمصادر وإرشادي لطريقة الحصول عليها وعلى تصحيح تلك الرسالة ، وفي النهاية أهدي هذا العمل إلى والدي حسين قايا وإلى عائلتي ، وأخيرا أتقدم بالشكر إلى من بذلوا جهدا لترجمة ونشر هذا العمل المتواضع بالعربية قبل أن تشرق شمسه في اللّغة التركية.

ديلك قايا

١٧
١٨

المدخل

دخول العراق تحت الحكم العثماني

١ ـ كربلاء في التاريخ

وفدت القوات العربية المسلمة إلى المنطقة لمحاربة الدولة الساسانية في منطقتي البصرة وشط العرب ، وانتصرت عليها في موقعة نهاوند عام ٦٤٢ م ، وقضت بذلك على الدولة الساسانية ، وهذه القوات المسلمة هي أول من استخدم لفظ العراق في التاريخ ، ثم عرفت المنطقة بعد ذلك باسم «عراق العرب» (١).

كانت المنطقة الجغرافية التي تشكل حاليّا أرض «العراق» تعرف باسمين مختلفين حتى نهاية القرن الحادي عشر ، فكان القسم الشمالي منها يعرف بعراق العجم ، أما القسم الجنوبي فكان يعرف بعراق العرب ، ويرى الكتّاب العرب والجغرافيون أن منطقة العراق أو (بلاد ما بين النهرين) تتكون من منطقتين ؛ المنطقة الجنوبية وتعرف باسم العراق ، والشمالية وتعرف باسم «الجزيرة» ، وقد اتفق هؤلاء الكتّاب على الحدود الشرقية والغربية والجنوبية واختلفوا في تحديد الحدّ الشمالي ، فيذكر

__________________

(١) Turkiye Diyanet Vakfi Islam Ansiklopedisi) DIA (, c. ٩١, s. ٣٨ ـ ٥٩; Sinan Marufoglu, Osmanli Doneminde Kuzey Irak, Istanbul ٨٩٩١, s. ٦٢ ـ ٧٢; Suphi Saatci, Tarihi Gelisim Icinde Irakta Turk Varligl, Istanbul, ٦٩٩١, s. ٨١

١٩

المسعودي (المتوفى سنة ٩٤٣ م) أن العراق تشمل كل المنطقة المسماة (السواد) ، أما المقدسي (المتوفى سنة ٩٩٧ م) فيرى أن الحد الشمالي للعراق يمتد من الأنبار حتى السين ، أما الخوارزمي (٨٣٥ م) فقد أوضح في خريطته غير المعنونة ، وبنيامين بن جوا (١١٦٠ ـ ١١٧٣ م) في خريطته المسماة (Tabula Almamunina) أن منطقة العراق هي المنطقة الممتدة من شط العرب حتى بغداد شمالا ، أما الأستشري فقد أوضح في خريطته المسماة العراق أن العراق هي المنطقة الممتدة من مدينة تكريت في الشمال حتى مدينة عبادان على خليج البصرة ، أما (Le Strange) لي سترانج فقد أوضح في مقاله المعنون بعنوان :

" Mezopotamia and Persian under Mongols in the Fourteenth Century A. D"

(إيران وبلاد الرافدين تحت إدارة المغول في القرن الرابع عشر) والذي نشره في اتحاد الجغرافيين والمؤرخين الأسيويين عام ١٩٠٣ م أن لفظ العراقين أطلق في البداية على مدينتي البصرة والكوفة فقط ، ولكن بعد ما منح الخليفة العباسي القائم بأمر الله الأمير طغرل بك أحد الأمراء السلاجقة لقب (سلطان العراقين) بدأ اللفظ يستخدم للتعريف بأن بلاد الرافدين تنقسم إلى قسمين جنوبي وشمالي (١).

أطلق العرب مصطلح «الجزيرة» على المنطقة الواقعة بين النهرين ، ومن المميزات الطبيعية لهذه المنطقة أنها يحدها من الشرق نهر دجلة ومن الغرب نهر الفرات وترتفع جبال طوروس في شمال المنطقة ، كما تمتد إحدى سلاسل جبال طوروس أيضا في الجنوب من أعلى نهر الفرات إلى الشرق (٢).

وفي عهد الإمبراطورية السلجوقية الكبرى أطلق مصطلح «عراق

__________________

(١) Marufoglu ,a.g.e ,s.٦٢.

(٢) J. B. Russoau, Bagdatan Halepe Arabistan Seyahati,) cev. (: Mehmet Suad, Istanbul ١٢٣١, s. ٦١.

٢٠