فضائل الشّام

فضائل الشّام

المؤلف:


المحقق: أبي عبد الرحمن عادل بن سعد
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-3322-5
الصفحات: ٣٥٩

١
٢

٣
٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

مقدّمة

الحمد لله المتفضل على عباده بالمنن والفضائل وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولا مصرف غيره ، ذو الجود والكرم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، المصطفى على الخلق ، وسيد ولد آدم ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، وكشف لنا الله به الغمة ، ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ـ ورضي الله عن التابعين له بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد :

ها أنا ـ الفقير إلى الله ـ أقدم لعمل مبارك وهو" فضائل الشام" ومنها بيت المقدس المبارك ، ولعل هذا يزيد من الالتفاف حول بيت المقدس الذي بارك الله تعالى حوله فقال تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) وأسأل الله عز وجل أن يطهره من هؤلاء الأنجاس حفدة القردة والخنازير فإنه سبحانه القادر على ذلك.

وبين يدي العمل نقدم بمقدمة عامة فيها من الفوائد الجمة نسأل الله التوفيق.

٥

أسباب التكلم في فضائل الشام

إن التحدث في فضائل البلدان أمر أحدث وظهر بعد انتشار الإسلام في الشام واليمن وغيرها من البلدان وهو مثل التحدث بالأنساب ، والقبائل ، والأمجاد السابقة.

ففي القرن الثالث نجد انتشار التصنيف في فضائل البلدان ومن المصنفات التي خصصها أصحابها لذلك ما يأتي :

١ ـ فضائل البصرة : تصنيف عمر بن شبة المتوفى سنة ٢٦٢ ه‍.

٢ ـ فضائل بغداد : تصنيف أحمد بن محمد السرخسي المتوفى سنة ٢٨٦ ه‍.

٣ ـ فضائل مكة : تصنيف مفضل بن محمد المتوفى سنة ٣٠٠ ه‍ تقريبا.

وغيرها من المصنفات في فضائل البلدان.

وكان للشام حظ وافر من العناية بالتصنيف في فضائلها وإليك أشهر ما ألف في فضائل الشام :

١ ـ فضائل الشام ودمشق : لأبي الحسن علي بن محمد الربعي المتوفى سنة ٤٤٤ ه‍ ، وهو ضمن مجموعنا هذا.

٢ ـ فضائل الشام : للحافظ عبد الكريم السمعاني المتوفى سنة ٥٦٢ ه‍ وهو أيضا ضمن مجموعنا هذا.

٣ ـ فضائل الشام : للضياء المقدسي المتوفى سنة ٦٤٣ ه‍.

٤ ـ فضائل الشام : لمحمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة المتوفى سنة ٧٤٤ ه‍ ، وهو ضمن مجموعنا هذا.

٥ ـ ترغيب أهل الإسلام في سكنى الشام : للعز بن عبد السلام المتوفى سنة ٦٦٠ ه‍.

٦

٦ ـ فضائل الشام : لابن رجب الحنبلي المتوفى سنة ٧٩٥ ه‍. وهو ضمن مجموعنا هذا.

٧ ـ فضائل الشام : لمحمد بن أحمد شمس الدين الأسيوطي المتوفى سنة ٨٨٠ ه‍ وهو ضمن مجموعنا هذا.

وغير هذا من المصنفات في فضائل الشام الكثير لمن أراد الحصر ، ولعل السبب في كثرة التصنيف في ذلك حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على فتح الشام والترغيب في سكناها ونشر الدين فيها ، وكذلك كثرة محاسنها وألوان الجمال فيها.

وما ساعد على ذلك كثرة الأحداث وتعاقب الأمراء والدول في حكمها.

نقد ما ورد في فضائل الشام

ومما يحسن التنبيه عليه كثرة الإسرائيليات في كتب الفضائل والأحاديث الموضوعة بها ، من أمثلة ما ورد من الإسرائيليات :

" مولد إبراهيم في برزة ، واحتراس يحيى وإلياس في قاسيون ، وصلاة لوط وإبراهيم وعيسى وموسى فيه ، وقد أدرك بعض من ذكر هذه الروايات أنها ليست صحيحة" ، فابن عساكر ينفي أن يكون مولد إبراهيم في برزة ، ويتابعه ياقوت فيقول : إنه غلط. وعندما يتحدث الهروي عن ربوة دمشق يقول : " وليست الربوة المذكورة في القرآن ، التي سكنها عيسى وأمه ، فإن عيسى ما دخل دمشق ولا وطىء أرضها" ، وعندما يذكر أن قبر موسى بدمشق ، يقول : " ليس بصحيح ، والصحيح أن قبره لا يعرف".

وعندما ينقل ياقوت خبر قابيل ودم هابيل ، ومغارة الجوع التي مات بها أربعون نبيّا ، يقول : " يزعمون" .... وهكذا. وهذه الأمور المتعلقة بالأنبياء كثيرة.

٧

ومن أمثلة الموضوعات :

الشام أرض الأنبياء" لم يبعث نبي إلا منها ، وإن لم يكن منها أسرى إليها" وهي : " أرض المحشر والمنشر" وهي : " صفوة الله في أرضه وفيها صفوته من خلقه" و" معظم الخير فيها" و" من دخل إليها فبرحمة من الله ، ومن خرج منها فبنقمة منه" ، إلى غير ذلك. أما العراق مثلا : " فثمّ يطلع قرن الشيطان" و" مربض ثور بدمشق خير من دار عظيمة بحمص"" والخلافة بالمدينة والملك بالشام"." وأهل الشام يعرفون في الجنة بالثياب الخضر".

ما أسباب وضع الحديث في فضائل الشام؟

يرجع ذلك إلى عدة أمور منها :

١ ـ الخلافات السياسية بين بني أمية وشيعة علي ـ رضي الله عنه ـ.

٢ ـ العصبية الجاهلية والخلاف بين القبائل فكل قبيلة يوضع في فضائلها أحاديث وفي مكانها.

٣ ـ تحول الخلافة حيث كانت في دمشق ثم تحولت إلى بغداد.

٤ ـ كسب المال : وذلك دعا كثيرا من القصاصين والكذابين إلى وضع الأحاديث فتارة يمدحون هؤلاء وتارة هؤلاء لمن يدفع.

ـ وأما أسباب انتشار الإسرائيليات فذلك بسبب بعض علماء أهل الكتاب الذين دخلوا في الإسلام وكانت عندهم أخبار وحكايات وفضائل من كتبهم فكانوا يحدثون بها بعد إسلامهم ، ومنهم كعب الأحبار ووردت عنه أخبار كثيرة في فضائل الشام ـ وكلها أو معظمها ـ من تراث اليهود ولقد قدم كعب الأحبار إلى الشام وعاش بها وحدث بتلك الأخبار فيها.

ومنهم وهب بن منبه فقد كان أبوه من أهل الكتاب وحدث بأخبار كثيرة من أخبار الأنبياء ، وأحاديث بني إسرائيل وغيرها.

٨

وقد رأيت إتماما للفائدة وحرصا على توصيل العلم أن أنقل ما كتبه فضيلة الشيخ الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ في خاتمة تعليقه على جزء الربعي حيث قال ـ رحمه الله ـ :

" وبعد ، فهذا آخر ما أردنا إيراده من أحاديث كتاب" فضائل الشام ودمشق" للحافظ الربعي مع تخريجها تخريجا علميّا ، مبينا صحيحها من ضعيفها.

وقد رأيت أن أتبع ذلك بكلمة موجزة مفيدة على بعض الأبواب التي في الكتاب وهي ثلاثة :

١ ـ " باب ما ورد في الصلاة في جبل قاسيون والدعاء فيه".

٢ ـ " باب ما جاء في فضل المغارة"

٣ ـ " باب فضل المسجد الذي ببرزة ، وهو مسجد إبراهيم".

فليعلم أنه ليس في هذه الأبواب في الكتاب ولا في غيره أي حديث مرفوع ثابت يدل لها أو يترجم عليها ، بل في الباب الأول منها حديثان منكران ، وفي الثاني حديث آخر موضوع ، والباب الثالث ليس فيه إلا قصة إسرائيلية عن حسان بن عطية ، وإلا قول الزهري : " من صلّى في مسجد إبراهيم أربع ركعات خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" وهذا باطل قطعا عن الزهري ، وفي الإسناد إليه وإلى حسان جهالة. لذلك لا يعمل بما تضمنته هذه الأحاديث من قصد الصلاة والدعاء في جبل قاسيون والمغارة ومسجد إبراهيم ـ عليه السلام ـ ببرزة وغيرهما مما تراه مفرّقا في تضاعيف الكتاب ؛ لأن ذلك تشريع ، وهو لا يكون إلا بما تقوم به الحجة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

وما روي في الأبواب دون الضعيف فلا يعمل به اتفاقا ، لا سيما وأن ذلك لم ينقل عن الصحابة والسلف الصالح.

ولو كان مستحبا لسبقونا إليه.

٩

وقد ثبت النهي عنه من بعضهم ، وفي مقدمتهم الفاروق عمر بن الخطاب الذي أمرنا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بالاقتداء به .. وقد ورد عنه في ذلك ما تقدم في التعليق على الحديث الواحد والعشرين.

وصدق الله العظيم : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) والحمد لله رب العالمين انتهى كلامه ـ رحمه الله تعالى ـ.

وبعد هذا البيان الطيب من محدث العصر الألباني ـ رحمه الله ـ لا يبقى لي كلام ، لكني أريد أن أنبه فقط على موضوع الصخرة التي في بيت المقدس فلم يثبت بخصوصها وتقديسها أي دليل ، ولا عن الصحابة الكرام ولقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك أحسن بيان حيث قال في" اقتضاء الصراط المستقيم" ص (١٨٦ ـ ١٨٧) ما ملخصه : " كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار يذهبون من المدينة إلى مكة حجّاجا وعمّارا ومسافرين ، ولم ينقل عن أحد منهم أنه تحرّى الصلاة في مصليات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومعلوم أن هذا لو كان عندهم مستحبّا لكانوا إليه أسبق ، فإنهم أعلم بسنته ، وأتبع لها من غيرهم ، وأيضا فإن تحرّي الصلاة فيها ذريعة إلى اتخاذها مساجد ، وذلك ذريعة إلى الشرك بالله ، والشارع قد حسم هذه المادة بالنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ، وبالنهي عن اتخاذ القبور مساجد.

فإذا كان قد نهى عن الصلاة المشروعة في هذا المكان وهذا الزمان سدّا للذريعة فكيف يستحب قصد الصلاة والدعاء في مكان اتفق قيامهم فيه أو صلاتهم فيه من غير أن يكون قصدوه للصلاة فيه؟ ولو ساغ هذا لاستحب قصد جبل حراء والصلاة فيه ، وقصد جبل ثور والصلاة فيه ، وقصد الأماكن التي يقال إن الأنبياء قاموا فيها كالمقامين اللذين بجبل قاسيون بدمشق اللذين

١٠

يقال إنهما مقام إبراهيم ـ عليه السلام ـ ، والمقام الذي يقال إنه مغارة دم قابيل ، وأمثال ذلك من البقاع التي بالحجاز والشام وغيرهما. ثم ذلك يفضي إلى ما أفضت إليه مفاسد القبور ، فإنه يقال :

إن هذا مقام نبي أو قبر نبي أو ولي ، بخبر لا يعرف قائله ، أو نمام لا تعرف حقيقته.

ثم يترتب على ذلك اتخاذه مسجدا فيصير وثنا يعبد من دون الله تعالى ؛ شرك مبني على إفك ، والله سبحانه يقرن في كتابه بين الشرك والكذب ، كما يقرن بين الصدق والإخلاص. ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في الحديث الصحيح : «عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله (مرتين)» ، ثم قرأ : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ، وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ، حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ.)

ثم قال (ص ٢٠٨ ـ ٢٠٩) :

وقد صنف طائفة من الناس مصنفات في فضائل بيت المقدس وغيره من البقاع التي بالشام ، وذكروا فيها من الآثار المنقولة عن أهل الكتاب وعمن أخذ عنهم من لا يحل للمسلمين أن يبنوا عليه دينهم. وأمثل من ينقل عنه تلك الإسرائيليات كعب الأحبار. وكان الشاميون قد أخذوا عنه كثيرا من الإسرائيليات وقد قال معاوية ـ رضي الله عنه ـ :

ما رأينا في هؤلاء المحدثين عن أهل الكتاب أمثل من كعب ، وإن كنا لنبلو عليه الكذب أحيانا. وقد ثبت في الصحيح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : «إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، فإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه ، وإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه».

ومن العجب أن هذه الشريعة المحفوظة مع هذا الأمة المعصومة التي لا تجتمع على ضلالة إذا حدث بعض أعيان التابعين عن النبي ـ صلى الله عليه

١١

وآله وسلم ـ بحديث كعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وأبي العالية ونحوهم ، وهم من خيار علماء المسلمين وأكابر أئمة الدين ، توقف أهل العلم في مراسيلهم وليس بين أحدهم وبين النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إلا رجل أو رجلان أو ثلاثة مثلا. فكيف بما ينقله كعب الأحبار وأمثاله عن الأنبياء. وبين كعب وبين النبي الذي ينقل عنه ألف سنة أو أكثر أو أقل. وهو لم يسند ذلك عن ثقة بعد ثقة بل غايته أن ينقل عن بعض الكتب التي كتبها شيوخ اليهود ، وقد أخبر الله عن تبديلهم وتحريفهم ، فكيف يحلّ للمسلم أن يصدق شيئا بمجرد هذا النقل؟ بل الواجب أن لا يصدق ذلك ولا يكذبه إلا بدليل يدل على كذبه. وهكذا أمرنا النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وفي هذه الإسرائيليات مما هو كذب على الأنبياء أو منسوخ في شريعتنا ما لا يعلمه إلا الله. ومعلوم أن أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان قد فتحوا البلاد بعد موت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسكنوا بالشام والعراق ومصر ، وغير هذه الأمصار ، وهم كانوا أعلم بالدين وأتبع له ممن بعدهم وليس لأحد أن يخالفهم فيما كانوا عليه. فما كان من هذه البقاع لم يعظموه أو لم يقصدوا تخصيصه بصلاة أو دعاء أو نحو ذلك ، لم يكن لنا أن نخالفهم في ذلك. وإن كان بعض من جاء بعدهم من أهل الفضل والدين فعل ذلك لأن اتّباع سبيلهم أولى من اتباع سبيل من خالف سبيلهم ، وما من أحد نقل عنه ما يخالف سبيلهم إلا وقد نقل عن غيره ممن هو أعلم وأفضل أنه خالف سبيل هذا المخالف. وهذه جملة جامعة لا يتسع هذا الموضع لتفصيلها وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى بيت المقدس ليلة الإسراء صلّى فيه ركعتين ، ولم يصل بمكان غيره ولا زار. ا. ه.

١٢

وبعد هذا البيان والإيضاح نشرع في الدخول إلى مجموع فضائل الشام على الترتيب الآتي :

١ ـ فضائل الشام : لابن عبد الهادي.

٢ ـ فضائل الشام : للربعي.

٣ ـ فضائل الشام : للسمعاني.

٤ ـ فضائل الشام : لابن رجب.

٥ ـ فضائل الشام : للأسيوطي.

هذا وقد ألحقت بآخر الكتاب معجما بأهم البلدان الواردة في مجموعنا هذا مع بيان أماكنها.

وأخيرا أسأل الله لي التوفيق

أبو عبد الرحمن

عادل بن سعد

١٣
١٤

١٥
١٦

ترجمة المصنف

هو الإمام العلامة شمس الدين ، أبو عبد الله ، محمد بن أحمد بن عبد الهادي ابن عبد الحميد بن عبد الهادي بن محمد بن يوسف بن قدامة المقدسي الجماعيلي الأصل ، الدمشقي ، الحنبلي.

ولد سنة خمس ، ويقال ست وسبعمائة هجرية وقال صاحب شذرات الذهب : ولد في رجب سنة أربع وسبعمائة وتلقى العلم على العديد من العلماء فسمع من القاضي تقي الدين سليمان وأبي بكر عبد الدايم وأكثر عن الحافظ المزي ولازمه عشر سنين وأخذ عن الذهبي واعتنى بالرجال والعلل واشتغل بالعلم والعمل بالحديث والفقه والقراءات والنحو.

ولازم شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية مدة وقرأ عليه قطعة من الأربعين في أصول الدين للرازي.

وتولى مشيخة الحديث بالضيائية والغياثية ودرس بالمدرسة المنصورية ، وغيرها.

وقال صاحب الشذرات ـ رحمه الله ـ : وله عدة محفوظات وتآليف وتعاليق مفيدة كتب عنى واستفدت منه ثم قال : وصنف تصانيف كثيرة بعضها كمله وبعضه لم يكمله لهجوم المنية ، وعدّ له ابن رجب في طبقاته ما يزيد على سبعين مصنفا يبلغ التام منها ما يزيد على مائة مجلد. ا. ه.

قلت : ومن مصنفاته :

١ ـ الصارم المنكي في الرد على السبكي / مطبوع.

٢ ـ المحرر في اختصار الإلمام / مطبوع.

٣ ـ قواعد أصول الفقه / مطبوع.

٤ ـ تنقيح التحقيق لابن الجوزي / مطبوع.

١٧

٥ ـ زوال الترح في شرح منظومة ابن فرح / مطبوع.

٦ ـ الأحكام في الفقه ولم يكمله.

٧ ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٨ ـ تحريم الربا.

٩ ـ الإعلام في ذكر مشايخ الأئمة الأعلام وغيرهم.

هذا وقد أثنى عليه العلماء منهم السيوطي لقبه بالحافظ ، المحدث ، الحاذق الفقيه ، البارع ، المقرئ ، اللغوي ، أحد الأذكياء.

وكذلك أثنى عليه ابن كثير الحنبلي وابن العماد في الشذرات والذهبي والصفدي وغيرهم وقال المزي : ما التقيت به إلا واستفدت منه ، وكذلك الذهبي.

وتوفي ـ رحمه الله ـ في يوم الأربعاء عاشر جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وسبعمائة ، بعد مرض دام ما يقرب من ثلاثة أشهر وكان آخر كلامه : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. وصلّي عليه يوم الخميس بالجامع المظفري فرحمه الله رحمة واسعة (١).

__________________

(١) انظر ترجمته في : الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (٣ / ٤٢١) ، الذيل على طبقات الحنابلة (٤ / ٤٣٦) ، وذيل التذكرة (تذكرة الحفاظ): (٤٩) ، وشذرات الذهب : (٦ / ١٤١) ، الوفيات للسلامي (١ / ٤٥٧) وغيرهم.

١٨

عملي في الكتاب

١ ـ قمت بنسخ المخطوط ومقابلته مقابلة دقيقة.

٢ ـ قمت بتخريج الأحاديث تخريجا تفصيليّا بحسب المتوفر لنا من مراجع مع مراعاة عدم التطويل فإذا كان الحديث موجودا في عدة مصادر من نفس الطريق اكتفيت بأعلى هذه المصادر رتبة إلا إذا كانت الضرورة تقتضي غير ذلك فأفعله.

٣ ـ قمت بالحكم على الأحاديث مسترشدا بأقوال أهل العلم في ذلك ولم أنفرد بحكم على الإطلاق.

٤ ـ عزوت الآيات القرآنية.

٥ ـ رقمت الأحاديث.

٦ ـ وقمت بعمل بعض الفهارس العلمية المهمة.

وأسأل الله التوفيق

١٩

وصف النسخة الخطية

والنسخة التي اعتمدت عليها هي نسخة دار الكتب المصرية العامرة بذخائر التراث. تحت رقم (٧٤٩) تاريخ.

ويقع هذا المخطوط في (٨) أوراق وكتب بخط نسخ جميل قام بنسخه حسب المدون في آخر المخطوط : تمت بقلم الفقير إليه عز شأنه محمد بدوي.

وأما تاريخ النسخ فأصابه طمس ولم يظهر.

ولقد صحت نسبة الكتاب إلى مؤلفه فقد تداوله العلماء ونقلوا عنه فذكره ابن رجب في ذيل الطبقات ـ طبقات الحنابلة ـ وكذا في مقدمة المحرر الوجيز له.

٢٠