تاريخ جرجان

حمزة بن يوسف السهمي الجرجاني [ السّهمي ]

تاريخ جرجان

المؤلف:

حمزة بن يوسف السهمي الجرجاني [ السّهمي ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ٤
الصفحات: ٧٧٧

١

٢

٣
٤

محتويات

تاريخ جرجان للسهمي

المقدمة

صفحة

(ألف)

 الاهتمام بالتواريخ في الإسلام

 ألف

(ب)

 تواريخ الرجال وأصنافها : معاجم الشيوخ ، التواريخ

الجامعة ، ما يختص برواة بعض الكتب ، ما يختص باللثقات ، ما يختص بالضعفاء

 ب

وما يختص بالبلدان وبيان أهمية هذا الصنف

ج

(ج)

 جرجان وكثرة علمائها

 ه

(د)

 ترجمة المؤلف ، حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي

 ز

(١) مواضع ترجمته من الكتب المطبوعة

ز

(٢) ترجمة مفيدة ثبتت على لوح النسخة بقلم الإمام تاج الدين ابن مكتوم

ز

(٣) نسب حمزة ومولده ومنشؤه ووفاته

ط

(٤) طلبه العلم ورحلته وشيوخه والرواة عنه

يا

(٥) مكانته في العلم وثناء الأئمة عليه

يد

(٦) مؤلفاته

يو

٥

الصفحة

(ه)

 تاريخ جرجان ، أو كتاب معرفة علماء أهل جرجان

 يز

 (١) من ذكره من العلماء وترتيبه وروايته ورواته

يز

النقل عنه (١) في الإكمال لابن ماكولا

كا

(٢) في الأنساب للسمعاني (٣) في المنتظم لابن الجوزي

(٤) في تذكرة الحفاظ للذهبي

(٥) في طبقات الشافعية لابن السبكي (٦) في الجواهر المضيئة للقرشي (٧) في الإصابة لابن حجر العسقلاني

(٢) من مزايا الكتاب

كح

(و) وصف النسخة الأصل الوحيدة

 لا

(ز) سلسلة الرواة لتاريخ جرجان

لب

(ح) كيفية التصحيح

له

٢ ـ

 فهرست أجزاء الكتاب وأبوابه

 لز

٣ ـ

 متن الكتاب

 ١

٤ ـ

 زيادات في النسخة الأصل

٦٤٤

٥ ـ

 الفهارس :

(ألف)

 فهرست أعلام المترجمين في الكتاب من الرجال والنساء

(ب)

 بقية أعلام الرجال والنساء والقبائل

(ج)

 فهرست الأسماء والنسب الغريبة

(د)

 فهرست الأمكنة

(ه)

 فهرست الكتب

٦

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

إن مما امتازت به الأمة الإسلامية حفظ تاريخ قدمائها وتراجم علمائها ، والباعث الأول على ذلك هو حفظ علم الأنساب وتواريخ الأمم والنصوص الدينية وتيسير التمكن من نقد الروايات وتمييز الصحيح من غيره ، ولهذا تجد غالب التواريخ إنما هي في تراجم رواة العلم ، والتآليف في ذلك كثيرة جدا فقل عالم إلا وقد قيد أسماء شيوخه وأحوالهم ووفياتهم مع من تيسر له من غيرهم ، لكن لما كان المتأخر ينقل في تصنيفه كلام من تقدمه ويغلب أن يكون تصنيف المتأخر أكثر جمعا وأحسن ترتيبا كانت عناية الناس تتجه غالبا إلى حفظ مؤلفات المتأخرين ، وقد قال أبو خراش الهذلي فيما يلاقي هذا :

على أنها تعفو الكلوم وإنما

نوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي

هذا مع ضياع ألوف مؤلفة من تلك المؤلفات بالنكبات العامة كالجارف

٧

التتري بالشرق ، والطغيان الصليبي بالغرب ، والسبات العميق الذي وقعت فيه الأمة منذ قرون ، والقناعة من العلم الديني بمختصرات المتأخرين في الفقه ونحوه وإهمال كتب الفقهاء المتقدمين فضلا عن كتب السنة المطولة أو كتب الرجال.

ابتداء التأليفات في التواريخ وكتب الرجال وأصنافها

من أول من عرف بالتأليف في تواريخ الرجال الإمام الليث بن سعد الفهمي عالم مصر (٩٤ ـ ١٧٥ ه‍) له تاريخ ذكره ابن النديم (ص ٢٨١) ثم الإمام عبد الله بن المبارك المروزي عالم خراسان (١١٨ ـ ١٨١ ه‍) له تاريخ ذكره ابن النديم (ص ٣١٩) والوليد بن مسلم الدمشقي عالم الشام (١١٩ ـ ١٩٥ ه‍) ففي ترجمته من تذكرة الحفاظ للذهبي (ج ١ ص ٢٧٨) «صنف التصانيف والتواريخ» وذكر أن مصنفاته سبعون كتابا ، ثم كثر بعد ذلك التأليف جدا ، وذلك على أصناف : ـ

الأول معاجم الشيوخ وهي كثيرة جدا وعظيمة الفائدة لأن الرجل أعلم بشيوخه ، ولا أعلم طبع منها شيء إلى الآن.

الصنف الثاني التواريخ الجامعة كطبقات ابن سعد (١) وتواريخ البخاري (٢) وكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٣) وتاريخ ابن أبي خيثمة (٤).

الصنف الثالث ما يختص برواة بعض الكتب كالجمع بين رجال

__________________

(١) طبع في أوروبا وفيه نقص في مواضع.

(٢) طبع الصغير في حيدر آباد الدكن والكبير في دائرة المعارف بحيدر آباد أيضا ومن الأوسط نسخة في مكتبة الجامعة العثمانية ـ بحيدر آباد أيضا.

(٣) طبع بدائرة المعارف أيضا.

(٤) منه نسخة بجامع القرويين بفاس.

٨

الصحيحين (١) وتعجيل المنفعة (٢) وتهذيب الكمال للمزي ، وتهذيبه لابن حجر (٣).

الصنف الرابع ما يختص بالثقات كثقات العجلي (٤) وثقات ابن حبان (٥) وثقات ابن شاهين.

الصنف الخامس ما يختص بالضعفاء ككتاب الضعفاء للعقيلي (٦) والكامل لابن عدي ، والميزان للذهبي (٧) ولسان الميزان لابن حجر (٨).

الصنف السادس ما يختص ببعض البلدان ، وهذا الصنف كثير جدا قل بلدة من البلدان الإسلامية إلا ولها تاريخ على الأقل وكثير منها لها عدة تواريخ ، وهذا الصنف عظيم الفائدة غزير المادة لأن صاحبه يحاول الاستيعاب فيوجد في ذلك من التراجم والمواد ما لا يكون له في التواريخ العامة عين ولا أثر ، والمحققون في هذا العصر وما قبله يرجحونه على التواريخ العامة لأن مؤلف تاريخ البلد يغلب أن يكون من أهله فهو أدرى بأحوال أهله من غيرهم ، وكثير منهم هم شيوخه وأقرانه جالسهم وسبر أحوالهم كما يجب ، فاذا أخبر عنهم أخبر عن مشاهدة وخبرة وتحقيق ، وبذلك يعظم الوثوق بما يحكيه ويؤمن الغلط فيما يرويه ـ ومع الأسف لم

__________________

(١) طبع بدائرة المعارف.

(٢) طبع بدائرة المعارف.

(٣) طبع بدائرة المعارف أيضا.

(٤) منه جزء في المكتبة الآصفية بحيدر آباد.

(٥) منها نسخة في المكتبة الآصفية أيضا وأخرى جيدة ينقصها الربع الأول في المكتبة السعيدية بحيدر آباد أيضا.

(٦) منه نسخة بالمكتبة الآصفية أيضا.

(٧) طبع بمصر والهند.

(٨) طبع في دائرة المعارف.

٩

يطبع من هذا الصنف إلا ما لا يكاد يذكر بالنسبة إلى ما بقي ، طبع تاريخ بغداد للخطيب وبقيت ذيو له فلكل من ابن السمعاني وابن النجار ذيل عليه ، ولكل من ابن الديبثي والعماد ابن حامد ذيل على ذيل السمعاني ، ولكل من التقى ابن رافع وأبي بكر المارستاني ذيل على ذيل ابن النجار وهلم جرا ، وطبعت أجزاء مقتضبة من تاريخ دمشق لابن عساكر أضاع المختصر أكثر المهمات العلمية من الكتاب ، فأين ذيول تاريخ بغداد وأين تاريخ دمشق وأين تواريخ حلب وأين تواريخ البصرة والكوفة مهد العلم والعلماء في القرون الأولى وأين تواريخ بلدان خراسان وما وراء النهر وغيرها مثل مرو ونيسابور وهراة والري وهمذان وبخارى وأصبهان (١) وغيرها ـ وقد ذكر المستشرق بروكلمان في كتابه «آداب اللغة العربية» المجلد الأول الطبعة الثانية (ص ٤٠٠ ـ ٤١٧) طائفة من هذا القسم تحت عنوان «التواريخ المحلية» ، ويسرّنا أن نزفّ إلى أهل العلم واحدا من هذه التواريخ الجليلة وهو «تاريخ جرجان».

جرجان وكثرة علمائها

جرجان (٢) بلدة تاريخية ، من أعمال مازندران في بلاد العجم ، لها شأن كبير في التاريخ ولا سيما التاريخ العلمي الإسلامي ، نبغ منها طوائف من أهل العلم ، ففي الحديث أمثال أبي نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي (٣)

__________________

(١) في المكتبة الآصفية بحيدر آباد نسخة من «طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها» للحافظ أبي محمد عبد الله بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ الأصفهاني ، ونسخة قلمية من تاريخ أصبهان أو ذكر أخبار أصفهان للحافظ أبي نعيم الأصبهاني (وقد طبع في مجلدين في سنة ١٩٣١ ـ ١٩٣٤ م ـ في ليدن).

(٢) راجع جغرافية الخلافة المشرقية. ص ٣٧٦ ـ ٣٨١.

(٣) له ترجمة في تاريخ جرجان رقم (٤٦٦) وتاريخ بغداد (١٠ / ٤٢٨) وتذكرة الحفاظ (٣ / ٣٥).

١٠

والإمام أبي أحمد عبد الله بن عدي (١) والإمام أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي (٢) ، وفي فقه الحديث مثل أبي سعيد إسماعيل بن سعيد الشالنجي الكسائي (٣) مؤلف كتاب «البيان» ، وفي فقه الحنفية مثل الإمام كميل ابن جعفر (٤) ، وفي فقه الشافعية مثل إبراهيم بن هانىء (٥) والإمام أبي سعيد إسماعيل بن أحمد الإسماعيلي (٦) ، وفي الأدب أمثال أبي القاسم يوسف بن عبد الله الزجاجي صاحب المؤلفات في اللغة (٧) ، والقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز (٨) مؤلف كتاب «الوساطة بين المتنبي وخصومه» والإمام عبد القاهر بن عبد الرحمن (٩) مؤلف كتاب «دلائل الإعجاز» و «أسرار البلاغة» وهو أبو علمي المعاني والبيان ، وفي الزهد أمثال كرز بن وبرة الحارثي (١٠) وإسحاق بن حنيفة (١١).

وقد أفل نجم جرجان منذ زمان فبقيت بليدة لا أهمية لها.

__________________

(١) له ترجمة في تاريخ جرجان رقم (٤٤٣) وتذكرة الحفاظ (٣ / ١٤٣) ومعجم البلدان (جرجان).

(٢) ترجمته في تاريخ جرجان رقم (٩٨) وتذكرة الحفاظ (٣ / ١٤٩) والمنتظم (١٠٨٧) وغيرها.

(٣) له ترجمة في تاريخ جرجان رقم (١٥٩) وكتاب ابن أبي حاتم وأنساب ابن السمعاني الورقة (٣٢٦ / ب).

(٤) ترجمته في تاريخ جرجان رقم (٦١٩) والجواهر المضيئة (١ / ٤١٥).

(٥) ترجمته في تاريخ جرجان رقم (١٣٩).

(٦) ترجمته في تاريخ جرجان رقم (١٧٠) وتاريخ بغداد (٦ / ٣٠٩).

(٧) ترجمته في تاريخ جرجان رقم (١٠١٠) ومعجم الأدباء (٢٠ / ٦١) وبغية الوعاة (ص ٤٢٢).

(٨) ترجمته في تاريخ جرجان رقم (٥٦٠) وتاريخ ابن خلكان (١ / ٤٠٨) ومعجم الأدباء (١٤ / ١٤ ـ ٣٥).

(٩) ترجمته في نزهة الألباء (١٣٤) وفوات الوفيات (١ / ٢٩٧) وبغية الوعاة (ص ٣١٠).

(١٠) ترجمته في تاريخ جرجان رقم (٦١٨) وصفة الصفوة (٣ / ٦٧).

(١١) ترجمته في تاريخ جرجان رقم (١٧٨).

١١

ترجمة المؤلف

له ترجمة في الأنساب لابن السمعاني (ورقة ٣١٩ / ألف) وتهذيب تاريخ ابن عساكر (٤ / ٤٥٣) ومعجم البلدان لياقوت الحموي تحت «جرجان» وتذكرة الحفاظ للذهبي (٣ / ٢٧٢) وشذرات الذهب (٣ / ٢٣١).

ورعاية لحق النسخة أقدم هنا ترجمة مختصرة مفيدة ثبتت على حاشية لوح الأصل بقلم الإمام تاج الدين ابن مكتوم (١) المتوفي سنة ٧٤٩ ه‍ قال «هو أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن هشام بن العاص بن وائل القرشي السهمي الجرجاني الحافظ ، صاحب المسائل المدونة والتصانيف الجليلة ، طاف البلاد ولقي الحفاظ ، وسمع من جماعة كأبي زرعة محمد بن يوسف الجرجاني وأبي الحسن الدارقطني ومحمد بن المظفر ومحمد بن أحمد بن حماد ومحمد بن إبراهيم ابن المقري وعبد الوهاب الكلابي وغيرهم ، روى عنه أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي وأبو بكر البيهقي وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن وغيرهم ـ وتوفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ، وقيل سنة سبع وعشرين رحمه‌الله. قال هذا وكتبه أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم بن أحمد بن محمد القيسي الدمشقي الحنفي».

أقول : كذا وقع في سياق النسب «... محمد بن أحمد» بتقديم «محمد» على «أحمد» ووقع مثله في تاريخ جرجان في ترجمة أحمد بن موسى رقم (٦١) وهو عم والد المؤلف ، ومثله في تذكرة الحفاظ (٣ / ٢٧٢)

__________________

(١) ترجمته في الدرر الكامنة (١ / ١٧٥) والجواهر المضيئة (١ / ٧٥) وبغية الوعاة (ص ١٤٠) وذكر ابن حجر أنه كان من عادة ابن مكتوم أنه يتحرى أن يكتب على كل كتاب ترجمة مصنفه ، فهذا من ذاك.

١٢

لكن في ترجمة يوسف والد حمزة من التاريخ رقم (١٠٠٠) وترجمة إبراهيم بن موسى جد حمزة رقم (١٤٦) «... أحمد بن محمد» بتقديم «أحمد» ـ ووقع في أنساب ابن السمعاني الورقة (٣١٩) تارة هكذا وتارة هكذا على تخليط في النسخة ، وذكر ياقوت في معجم البلدان (جرجان) ترجمة لحمزة وأشار إلى الخلاف وعبارته غير واضحة كأنه وقع في النسخة تخليط والله أعلم.

ذكر حمزة في التاريخ ترجمة لأبيه وجده الأدنى وعم أبيه كما مر وكذا لجماعة من أعمامه وإخوته ولم يذكر من فوق جده الأدنى إبراهيم ولا وقفت على ترجمة أحد منهم إلى عبد الله ، فأما هشام بن العاص فمن فضلاء أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو أخو عمرو بن العاص الصحابي الأمير المشهور وهشام أصغر سنا وأقدم إسلاما ، أسلم بمكة قديما وهاجر إلى الحبشة ثم رجع إلى مكة عقب هجرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحبسه أبوه وقومه ، فبقي بمكة حتى لحق بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عقب الخندق فشهد بقية المشاهد ، ثم كان فيمن غزا الشام والعراق واستشهد في خلافة أبي بكر يقال بأجنادين ويقال باليرموك ، هكذا يعلم من الاستيعاب. ولا أدري من أول من سكن جرجان من أجداد حمزة لكن الظاهر أن جد أبيه موسى بن إبراهيم كان بها فان ابنيه إبراهيم بن موسى وأحمد بن موسى نشآ فيها.

لم أجد نصا على تاريخ مولد حمزة ، لكن قال الذهبي في التذكرة «أول سماعه بجرجان كان في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة من أبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرام (١)» ـ وفي تاريخ جرجان عدة أحاديث يرويها حمزة عن أبي بكر الصرامي هذا ويذكر أنه سمعها منه سنة ٣٥٤

__________________

(١) في التذكرة «الصوام» خطأ ، ويقال له «الصرامي» أيضا.

١٣

إملاء في جامع جرجان ، من ذلك في رقم (٤٨٤) وفي رقم (٦١٨) ص ٣١١ وفي رقم (٧٨٤) : فدلت روايته عنه أنه ضبط ما سمعه ، فعلم من ذلك أن حمزة وقت السماع أي سنة ٣٥٤ كان بحيث يحضر مجالس العلم ويفهم ويضبط ما يسمع ، وبالنظر إلى أن أباه وجده وأقاربه كانوا محدثين يظهر أنهم بكروا به في السماع وهم من أهل جرجان بلدة الصرام ـ وقد ذكر حمزة نفسه في التاريخ في الترجمة رقم (١٨) عن شيخه الإمام أبي بكر الإسماعيلي أنه كتب بخطه إملاء وهو ابن ست سنين ، وذكر في ترجمة أبي معمر المفضل بن إسماعيل رقم (٩٢٧) «سمعت أبا بكر الإسماعيلي رحمة الله عليه يقول : ابني هذا أبو معمر له سبع سنين يحفظ القرآن ، ويعلم الفرائض ، وأصاب في مسألة أخطأ فيها بعض قضاتنا» فنستطيع أن نقول على طريق التخمين : إن حمزة كان عند أول سماعه أي سنة ٣٥٤ ابن تسع أو عشر سنين تقريبا ، فيكون مولده حوالى سنة ٣٤٥.

وأما منشؤه فجرجان مقر آبائه ، وتولى بها الخطابة والوعظ.

وأما وفاته ففي تهذيب تاريخ دمشق «توفي بنيسابور في السنة التي توفي فيها الثعلبي صاحب التفسير ، وهي سنة سبع وعشرين وأربعمائة» ـ وقال ياقوت «قال أبو عبد الله الحسين بن محمد الكتبي الهروي الحاكم سنة ٤٢٧ ورد الخبر بوفاة الثعلبي صاحب التفسير وحمزة بن يوسف السهمي بنيسابور» وقال الذهبي «توفي سنة سبع وعشرين وأربعمائة ، وبعضهم أرخه سنة ثمان» وكذا ذكر ابن مكتوم كما سبق ـ وذكره صاحب الشذرات في وفيات سنة ٤٢٧ : فقد يرجح بوقائع مثبتة مذكورة أن وفاته كانت سنة ٤٢٧.

وذكروا كما رأيت أنه توفي بنيسابور ، ولا أدري أذهب إليها لحاجة أم تحول إليها آخر عمره ، وفي أخبار سنة ٤٢٦ من تاريخ ابن الأثير أن

١٤

دارا بن منوجهر بن قابوس بن وشمكير أمير جرجان عصى على السلطان مسعود بن محمود فسار مسعود إلى جرجان واستولى عليها ، فعسى أن يكون لهذه الواقعة دخل في خروج حمزة عن جرجان إلى نيسابور ـ والله أعلم.

طلبه العلم ، رحلته ، شيوخه ، الرواة عنه

سلف أن أول سماعه الحديث كان سنة ٣٥٤ وكانت جرجان في ذلك العصر عامرة بكبار الحف. اظ كأبن عدي والإسماعيلي والغطريفي وغيرهم فاغتنم حمزة ذلك ، ثم كان أول رحلته كما في التذكرة سنة ٣٦٨ ، فدخل أصبهان والري ونيسابور وغزنة وغيرها من بلاد خراسان والأهواز وما والاها ، ودخل العراق والشام ومصر والحجاز فسمع بمكة والبصرة والكوفة وبغداد وعكبرا والرقة ودمشق وعسقلان وتنيس وغيرها.

وشيوخه كثير جدا ، صنف في تراجمهم كتابا خاصا هو معجمه الآتي عند ذكر مؤلفاته فنقتصر هنا على نفر من أكابرهم :

مولد

وفاة

١ ـ المحدث الثقة الثبت المعمر أبو محمد عبد الله بن إبراهيم ابن أيوب بن ماسي البغدادي

٢٧٤ ـ ٣٦٩

٢ ـ الحافظ الكبير أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني مؤلف «الكامل» وغيره

٢٧٧ ـ ٣٦٥

٣ ـ الحافظ الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي مؤلف «الجامع الصحيح المستخرج» وغيره

٢٧٧ ـ ٣٧١

٤ ـ الحافظ محمد بن إبراهيم بن علي ابن المقري الأصبهاني مؤلف «المعجم الكبير» وغيره

٢٨٥ ـ ٣٨١

٥ ـ الحافظ أبو حفص عمر بن محمد بن علي ابن الزيات البغدادي

٢٨٦ ـ ٣٧٥

١٥

مولد

وفاة

٦ ـ الحافظ أبو الحسين محمد بن المظفر البغدادي

٢٨٦ ـ ٣٧٩

٧ ـ الحافظ أبو بكر أحمد بن عبدان الشيرازي

٢٩٣ ـ ٣٨٨

٨ ـ الحافظ الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدار قطني مؤلف «السنن» و «العلل» وغيرها

٣٠٦ ـ ٣٨٥

٩ ـ الحافظ الوزير أبو الفضل جعفر ابن الوزير الكبير أبي الفتح الفضل بن حنزابة مؤلف «المسند»

٣٠٨ ـ ٣٩١

١٠ ـ أبو زرعة أحمد بن الحسين الرازي

٣١٠ ـ ٣٧٥

وأما الرواة عنه فلم أظفر إلا بقليل منهم وهم هؤلاء (١).

١ ـ الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري مؤلف «الرسالة» الشهيرة في التصوف

٣٧٥ ـ ٤٦٥

٢ ـ الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي مؤلف «السنن الكبرى» وغيره

٣٨٤ ـ ٤٥٨

٣ ـ الحافظ أبو صالح أحمد بن عبد الملك النيسابوري المؤذن

٣٨٨ ـ ٤٧٠

٤ ـ الحافظ أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن الحسن ابن زكريا الزبحي الجرجاني

 ـ ٤٦٨

٥ ـ المحدث الثبت أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي (راوي التاريخ عن حمزة)

٤٠٧ ـ ٤٧٧

__________________

(١) الستة الأولون ذكرهم الذهبي في تذكرة الحفاظ ، وكذا التاسع وأشار إلى العاشر ، وأما السابع فعثرت عليه في الأنساب الورقة ٢٠٥ الوجه الأول ، وأما الثامن فذكره ياقوت في معجم البلدان وله عنده ترجمة في معجم الأدباء (١٦ / ١٩٢ ـ ٢٠٤) ، والعاشر يروى الخطيب عنه عن حمزة مسائل الدار قطني ـ راجع تاريخ بغداد (١ / ٢٥٤) سطر ١٨ وغيرها.

١٦

مولد

وفاة

٦ ـ المحدث المتقن أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله ابن عمر بن خلف الشيرازي.

 ـ ٤٨٧

٧ ـ المحدث أبو هاشم محمد بن الحسين الخلفافي الجرجاني بعد

٤٧٠

٨ ـ المحدث الأديب أبو عامر الفضل بن إسماعيل التميمي الجرجاني.

٩ ـ المحدث أبو القاسم إبراهيم بن عثمان الخلالي الجرجاني.

١٠ ـ المحدث علي بن محمد بن نصر الدينوري أحد شيوخ الخطيب البغدادي.

مكانته في العلم وتثبته وثناء الأئمة عليه

كان حمزة واسع العلم كثير الرواية وحسبك أنه لازم الإمام أبا أحمد ابن عدي والإمام أبا بكر الإسماعيلي وسمع منهما مصنفاتهما وسمع من الشيوخ الذين تقدموا وأضعافهم وله أسئلة في الجرح والتعديل ـ سأل عنها الدار قطني ، وأخرى سأل عنها أحمد بن عبدان ، وأخرى سأل عنها أبا زرعة أحمد بن الحسين الرازي ، وأخرى سأل عنها الحافظ أبا محمد الحسن ابن علي ابن غلام الزهري ؛ ومن تأمل هذا التاريخ علم سعة علمه وتثبته ، قال في الترجمة (رقم ٦٠) «كتب إلى أبو عمر عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب المقري الأصبهاني مشافهة وأكبر علمي أني سمعت منه هذا الحديث ...» فمن كمال ديانته وتحريه وتثبته وتوقيه لم يجزم بسماع هذا الحديث مع غلبة ظنه بأنه سمعه ، وقال في الترجمة (رقم ١٦٥) «قرأت بخط أبي بكر الإسماعيلي من كتابه العتيق في سنة إحدى وتسعين ومائتين ...» فبين أنه لم يسمع هذا من شيخه الإسماعيلي وأنه إنما قرأه في أصل الإسماعيلي الذي كتب في التاريخ المذكور ، وقال في الترجمة (رقم ١٩١) «أخبرنا

١٧

أبو أحمد بن عدي الحافظ ... أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أقيلوا ذوي الهيئات عثرتهم ، في كتابي بخطى : عثراتهم ، ورأيت في كتاب ابن عدي بخطه : عقوبتهم» وقال في ترجمة عمه أسهم (رقم ٢٠٣) «وقد سمعت منه إلا أني لم أجد شيئا من مسموعاتي عنه لكني رويت عنه على سبيل الوجادة والإجازة» تم تجده يروى عن عمه أسهم فيقول «قرأت في كتاب عمي أسهم» «وجدت بخط عمي أسهم» وقال في الترجمة (رقم ٢٢٥) «في كتابي عن عبد الله بن عدي وأنا شاك في سماعه ...»» وقال في الترجمة (رقم ٢٩٢) «أخبرني أبي سماع أو إجازة ...» وله من أمثال هذا كثير مما يدل على شدة تحريه وتوقيه. وقلما يتكلم في الرواة وإنما ينقل كلام أئمة شيوخه كابن عدي والإسماعيلي وأبي زرعة محمد بن يوسف الكشي كان هو يسألهم عن الرجال فيحكي كلامهم ، فان تكلم من عنده فبغاية الورع.

أما الثناء عليه ، فقال السمعاني «أحد الحفاظ المكثرين» وقال الذهبي «الحافظ الإمام الثبت» وفي الشذرات «الثقة الحافظ ... وكان من أئمة الحديث حفظا ومعرفة وإتقانا» وعده السخاوي في فتح المغيث (ص ٤٨٠) من أئمة الجرح والتعديل.

مؤلفاته

تقدم قول الإمام تاج الدين ابن مكتوم «صاحب المسائل المدونة والتصانيف الجليلة» وقال الذهبي «صنف التصانيف وجرح وعدل وصحح وعلل» ولم يعددوا مصنفاته والمعروف منها : أولا تاريخ جرجان وهو هذا الكتاب ، وثانيا معجم شيوخه ، له ذكر في اللآلى المصنوعة (٢ / ٤٤) ، وثالثا كتاب الأربعين في فضائل العباس عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ذكره صاحب كشف الظنون ، ورابعا سؤالاته للدار قطني في الجرح

١٨

والتعديل ، وهو مشهور ، يروى الخطيب في تاريخ بغداد كثيرا من ذلك عن علي بن محمد بن نصر الدينوري عن حمزة ، وفي التهذيب والميزان وغيرهما كثير منه يقولون «وقال حمزة السهمي عن الدار قطني ...» انظر تهذيب التهذيب (ج ١ ص ٢١٥) ولسان الميزان (ج ١ ص ٢٣٨) ، وله أسئلة أيضا لجماعة من شيوخه ، منهم الحافظ أحمد بن عبدان ، قال الذهبي في ترجمته من التذكرة (٣ / ١٨٦) «سأله حمزة عن أحوال الرجال» ومنهم الحافظ أبو محمد الحسن بن علي ابن غلام الزهري وفي ترجمته من التذكرة (٣ / ٢١١) «سأله الحافظ حمزة السهمي عن الرجال والجرح والتعديل» ومنهم الحافظ أبو زرعة أحمد بن الحسين الرازي وفي ترجمته من التذكرة (٣ / ١٩٤) «سأله حمزة السهمي عن أحوال الرواة ، ولا أدري أفرد حمزة هذه السؤالات أم جمعها ـ والله أعلم.

تاريخ جرجان وترتيبه ورواته والنقل عنه

اشتهر هذا الكتاب بهذا الاسم والذي على لوح الكتاب وتكرر في صدور الأجزاء «كتاب معرفة علماء أهل جرجان ...» ذكر ابن السمعاني هذا الكتاب في الأنساب «الجرجاني» قال «هذه النسبة إلى بلدة جرجان وهي بلدة حسنة فتحها يزيد بن المهلب أيام سليمان بن عبد الملك ، خرج منها جماعة من العلماء قديما وحديثا ... وقد جمع تاريخها أبو القاسم حمزة ابن يوسف السهمي الحافظ في مجلدة وذكر فيها عالما منهم» وذكره ياقوت في معجم البلدان (جرجان) ، وفي كشف الظنون «تاريخ جرجان لعلي بن محمد الجرجاني المعروف بالإدريسي وللحافظ أبي القاسم حمزة بن يوسف السهمي» وقال قبل ذلك «تاريخ إستراباذ لأبي سعيد الإدريسي ولحمزة السهمي» كذا وقع فيه والمعروف إنما هو تاريخ إستراباذ لأبي سعد عبد الرحمن بن محمد الإستر اباذي المعروف بالإدريسي ذكره ابن السمعاني في

١٩

«الإستراباذي» وذكره ياقوت وغيره. وأما تاريخ حمزة فانه ضم فيه إلى جرجان وهي البلدة كورها ومنها إسترباذ. وقال ٢٠٤ / ب «بنيت كتابي على علماء جرجان وكور جرجان فدخل فيه إستراباذ وآبسكون وما بينهما من القرى ودهستان ورباط دهستان لأن الجميع ينسب إلى كور جرجان».

أما الترتيب فقسم حمزة كتابه إلى أربعة عشر جزءا على عادة المتقدمين كل جزء منها في بضع وثلاثين صفحة من المطبوع ، وافتتح الكتاب بعد الخطبة بأبواب تتعلق بجرجان فذكر فيها فتح جرجان ، ومن دخلها من الصحابة ، ومن التابعين ، ونسب يزيد بن المهلب فاتح جرجان ، وأولاده ، وما أسند يزيد من الحديث ، ومكارمه ، ثم عمال بني أمية ، وتسمية خطط المساجد في عهدهم ، ثم من دخل جرجان من الخلفاء العباسية ، ثم عمالها في دولتهم. استغرقت هذه الأبواب بضع عشرة صفحة ـ ثم شرع في التراجم مرتبة على حروف المعجم بحسب أول حرف من الاسم فقط ، بدأ بأحمد ثم إبراهيم ثم إسماعيل ثم إسحاق وهكذا ، وبعد فراغ الحروف ذكر تراجم من لم يعرف إلا بكنيته ، ثم تراجم النساء ثم ذكر فصلا في النسب التي تشتبه بكلمة «الجرجاني» وشرحها ، ثم استدرك عدة تراجم من تاريخ إستراباذ للإدريسي منها ما كان فاته ومنها ما كرره لزيادة فائدة ذكر ذلك مرتبا على الحروف أيضا ، ثم زاد في الأخير عدة تراجم.

أما رواية الكتاب عن المؤلف فالمعروف رواية تلميذه أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي المتوفى سنة ٤٧٧ (١) وهو مذكور في سند هذه النسخة ، كما في لوح الكتاب

__________________

(١) له ترجمة في الأنساب الورقة ٣٦ والمنتظم (٩ / ١٠) وطبقات الشافعية (٣ / ١٢٩) والشذرات (٣ / ٣٥٤).

٢٠