الدّرّة الثّمينة في أخبار المدينة

أبي عبد الله محمّد بن محمود بن النجّار البغدادي

الدّرّة الثّمينة في أخبار المدينة

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن محمود بن النجّار البغدادي


المحقق: حسين محمّد علي شكري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٨٣

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تقريظ

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد :

فإن المدينة المنورة الدار الطيبة والبقعة المحببة المطيبة ، دار السّنة والهجرة ، ومدخل الصدق والإيمان.

سماها الله طابة في «الصحيح» وسماها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم طيبة ، وكان يطلق عليها من قبل (يثرب) وسميت كذلك في القرآن الكريم حكاية عن قول من قالها من المنافقين والذين في قلوبهم مرض ، وقد جاء النهي عن تسميتها بذلك ، لأنه مأخوذ من الثرب وهو الفساد ، أو من التثريب وهو التوبيخ والملامة ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يكره الاسم الخبيث.

روى أحمد في «مسنده» من حديث البراء بن عازب رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله ، هي طابة» ، وجاء أن من قال : يثرب فكفارته أن يقول (المدينة) عشر مرات.

والمدينة حرم مقدس مشرف ، ثبت تحريم صيدها وشجرها على الحلال والمحرم لله كما هو مذهب الجمهور ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في «صحيح مسلم» «إن إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة ، ما بين لابتيها حرام ، لا يقطع عضاها ، ولا يصاد صيدها».

لكن مكة يضمن صيدها وشجرها ، وفي ضمان صيد المدينة وشجرها خلاف.

والمدينة المنورة بلدة مباركة الطعام والشراب ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا لأهلها بالبركة في صاعهم ومدّهم ومكيالهم.

والمدينة المنورة محفوظة لا يدخلها الدجال ، ففي «الصحيحين» قال

٥

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الدجال لا يطأ مكة ولا المدينة ، وأنه يجئ حتى ينزل في ناحية المدينة فترجف ثلاث رجفات ، فيخرج إليه كل كافر ومنافق».

وفي رواية : «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة» وهي في «الصحيحين».

والمدينة المنورة محفوظة لا يدخلها الطاعون ، ففي «الصحيحين» قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال» والأنقاب جمع نقب ، وهو الطريق على رأس الجبل ، وأنقاب المدينة طرقها وفجاجها.

والسر في ذلك أن الطاعون وباء عند الأطباء ، وقد صح أنهم لما قدموا المدينة وأصابهم أمراض عظيمة وحمى شديدة ، دعا لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكشف عنهم ذلك ، وقال : «اللهم انقل وباءها إلى خم» وخم ؛ مكان على ثلاثة أميال من الجحفة التي هي جهة رابغ.

قال القرطبي : الطاعون هو الموت العام الفاشي ، ونعني بذلك أنه لا يكون في المدينة من الطاعون مثل ما يكون في غيرها من البلاد ، كالذي وقع في طاعون عمواس ، وقد أظهر الله تعالى صدق رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإنه لم يسمع من النقلة ولا من غيرهم من يقول : أنه وقع في المدينة طاعون عام وذلك ببركة دعائه صلى‌الله‌عليه‌وسلم حيث قال : «اللهم صححها لنا».

والمدينة المنورة لا تقبل خبثا ، فهي كالكير في إزالة الخبث عنها كما في «الصحيحين» أن أعرابيا بايع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأصابه وعك بالمدينة ، فقال : يا محمد! أقلني بيعتي ـ أي أعفني من مبايعتك ـ فأبى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فخرج الأعرابي ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها» أي يخلص وتشتد رائحته.

قال بعضهم : هذا خاص بزمن حياته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصحح النووي أنه عام يشمل كل زمان ، فقد جاء في الحديث الصحيح : «لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد» قال الزركشي : هذا ـ والله أعلم زمن الدجال.

المدينة المنورة لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير

٦

منه. ومعنى ذلك أن الذي يخرج عن المدينة راغبا عنها زاهدا فيها ، إنما هو جاهل بفضلها ، وفضل القيام بها ، أو كافر بذلك ، وكل واحد من هذين إذا خرج منها فمن بقي من المسلمين خير منه وأفضل على كل حال. وقد قضى الله تعالى بأن مكة والمدينة لا تخلوان من أهل العلم والفضل والدين ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وفي المدينة المنورة المسجد الذي أسس على التقوى «مسجد قباء» الذي جاءت الإشارة في قوله تعالى. (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) [التوبة : ١٠٨].

وقد سأل أبو سعيد رضي‌الله‌عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن المسجد الذي أسس على التقوى؟ فقال : «هو مسجدكم هذا».

وجاء في رواية أخرى : أنه المسجد النبوي. والحق أن كلا منهما أسس على التقوى ، وقد أخرج الترمذي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الصلاة في مسجد قباء كعمرة». وأخرج ابن ماجه بسند جيد عن سهل قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة». ورواه أحمد والحاكم وقال : صحيح الإسناد.

وقد كان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأتي مسجد قباء راكبا وماشيا كل سبت ، وتارة يوم الإثنين ، وصبيحة اليوم السابع عشر من رمضان فيصلي فيه. وقد حث صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الإقامة بها ، ووعد من صبر على لأوائها وشدتها أن يكون له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة.

ودعا على من أحدث بها وأساء وأتى إثما وأعان على ذلك ، فقال : «من أحدث فيها أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا». أي لا يقبل منه فرضا ولا نفلا.

ودعا على من آذى أهلها أو أرادهم بسوء بأن الله يذيبه في النار ذوب الرصاص ، أو ذوب الملح في الماء ، وقال : «اللهم أكفهم من دهمهم ببأس» رواه البزار بإسناد حسن.

هذا وقد وفق الله ابننا الفاضل الباحث المجتهد الأديب الأريب الأستاذ حسين محمد علي شكري المدني الذي امتلأ قلبه بحب دينه ونبيه

٧

صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبلده المدينة المنورة ، فقام بجد واجتهاد وإخلاص وصدق بالبحث والتنقيب عن تواريخ المدينة المنورة ، وعن النسخ المصححة المعتمدة والأصول الموثقة في المكتبات الأثرية ، وسؤال ذوي الإختصاص عنها من المهتمين بهذا الباب بالمقابلة والمراسلة وقد ظهر له في نتائج هذه الجهود أمور كثيرة مهمة تستحق التسجيل والنظر والمراجعة لبعض ما نشر من التواريخ لأهمية تلك الفوائد.

وهذا الكتاب الذي نقدم له اليوم وهو «الدرة الثمنية في أخبار المدينة» للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن محمود بن النجار البغدادي ، هو أول كتاب في سلسلة جهوده المباركة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياه لصالح الأعمال ، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين.

وكتبه

السيد محمد بن علوي

ابن عباس المالكي الحسني

٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

مقدمة التحقيق

الحمد لله ، والصلاة والسلام الأتمان على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد :

فهذا كتاب «الدرة الثمينة في أخبار المدينة» لابن النجار في طبعته الأولى المحققة والمقابلة بطبعتين سابقتين وثلاث نسخ خطية له.

فالطبعة الأولى للكتاب أخرجها الأستاذ صالح جمال عام ١٣٦٦ ه‍ اعتمادا على نسخة خطية سقيمة كما وصفها رحمه‌الله في مقدمة الكتاب ، وقد سماه «أخبار مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

والطبعة الثانية أخرجها لجنة من العلماء والأدباء ـ كما هو مذكور في صدر غلاف الطبعة ـ وذلك سنة ١٣٧٦ ه‍ ، وذلك اعتمادا على نسختين خطيتين ومطبوعة الأستاذ صالح جمال ، وسمي «الدرة الثمينة في تاريخ المدينة».

وقد قمت بمقابلة المطبوعتين فوجدت بينهما اختلافا كبيرا وتكرارا لأخطاء وتصحيفات كثيرة جدا يطول عرضها ، إضافة إلى أنهما حرّفا اسم الكتاب ، ثم بحثت عن مخطوطة لهذا الكتاب فلم أجد سوى مخطوطة بمكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت منسوخة بخط الشيخ إبراهيم حمدي أمين المكتبة عن نسخة يظهر من تعليقه على الورقة الأولى من المخطوطة أنها بمكتبة آل مظهر بالمدينة المنورة.

فقابلت بين هذه النسخ وأثبت الفروق ، ثم ظفرت بنسخة ثانية كتبت بخط الشيخ إبراهيم حمدي أيضا لكن بعدد أقل من البياضات والسقط ، وذكر في نهايتها عن أي مخطوطة نقلت هذه المخطوطة ، فظهر أنها جميعها

٩

نقلت من نفس النسخة التي نقلت منها النسخة التي اطلع عليها الأستاذ صالح جمال ، ونسخة ثالثة ناقصة الأوراق من بدايتها ووسطها ونهايتها وهي من مصورات مكتبة تشستربتي.

وقد قمت بعد المقابلة وإثبات الفروق بالرجوع إلى المصادر التي يمكن أن يكون تم منها النقل ككتب الصحيحين ، وقمت بمراجعة تراجم رجال السند للتأكد من صحة الأسماء وتسلسل السند لتصحيح الأسقاط والتحريفات الكثيرة الواقعة في النسخ المطبوعة أولا ثم الخطية ، ولم ألتزم بذكر فروق النسخ كثيرا لأنه أمر يطول ذكره لوجود التباين الواسع والأسقاط المتعددة.

وأسأل الله العظيم أن يكون ما بذلته من جهد خالصا لوجهه الكريم ، وأن يثيب كل من نظر وراجع وصحح ما وجده من خلل في هذه الطبعة ، وأن يرزقنا جميعا المحبة وحسن الأدب في جوار هذا السيد العظيم سيدنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

سبحانك اللهم وبحمدك ، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا.

وكتبه

حسين محمد علي شكري

١٠

تاريخ المدينة

المنورة والمؤرخون

حظيت مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم باهتمام العلماء من مؤرخين ومحدثين ، فمنهم من أفرد تاريخها أو فضائلها في مصنف مفرد لذلك ، ومنهم من أدمجه في مصنف كبير ، أو ذكر فضائلها ضمن مؤلفه.

وفي هذه الخلاصة أحببت ذكر هذه المصنفات مع إيراد ترجمة مقتضبة لها إسهاما في التعريف بهذه المصنفات ، وحثا للباحثين والمهتمين على إظهارها وإخراجها من عالم المخطوطات إلى عالم المطبوعات ، فحق المحبة والجوار بالمدينة المنورة يلزم كل من وجد في نفسه القدرة العلمية وكذا القدرة المادية أن يسهم في إخراج هذه الكنوز التاريخية ، خصوصا تاريخ المدينة المنورة التي وفق الله لها علماء وحفاظا كتبوا في تاريخها وفضائلها.

وسوف أعرض هذه المصنفات حسب تسلسلها التاريخي ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، وقد أعلق بما يفيد حول بعضها ، وأذكر ترجمة مختصرة لمؤلفيها.

وفيما يلي ذكرها :

١ ـ تاريخ المدينة لابن زبالة :

المؤلف هو محمد بن الحسن بن زبالة المدني ، وقد أتم كتابه سنة ١٩٩ ه‍ أي قبل وفاته بعام حيث إنه توفي سنة ٢٠٠ ه‍ ، وقد عرفته المصادر أنه من أصحاب الإمام مالك رضي‌الله‌عنه.

وهذا الكتاب لا يزال مفقودا ، فممن اطلع عليه السمهودي ونقل منه في كتاب «وفاء الوفا» ، كما يعتبر الكتاب مصدرا لجميع من كتب عن المدينة المنورة من بعده.

١١

وقد جمع المستشرق فستنفلد مرويات ابن زبالة من المصادر التي نقلت عنه وقام بنشره عام ١٨٦٤ م بعنوان «تاريخ المدينة» لابن زبالة.

والظن أن أصل الكتاب قد احترق ضمن الحريق الذي أتى على كتب السمهودي.

٢ ـ تاريخ يحيى بن جعفر العبيدي النسابة : ذكره صاحب «كشف الظنون».

٣ ـ أمر المدينة : لعلي بن محمد المدائي : ذكره محقق تاريخ ابن شبة.

٤ ـ أخبار المدينة : للزبير بن بكار ، وله أيضا «أخبار وادي العقيق» توفي سنة ٢٥٦ ه‍.

٥ ـ أخبار المدينة المنورة : لعمر بن شبة. وهو : عمر بن شبة النميري البصري ، توفي سنة ٢٦٢ ه‍ ، ألف أيضا كتاب «أمراء المدينة».

وهذا الكتاب لم يصل إلينا كاملا. والكتاب يسرد تاريخ المدينة من خلال التراجم وذكر بعض المواضع ، وتاريخ الخلفاء الأربعة رضوان الله عليهم ، وقد طبع الجزء الذي وصل إلينا.

٦ ـ أخبار المدينة : ليحيى بن الحسن بن جعفر. وقد عاش في أواخر القرن الثالث.

٧ ـ فضائل المدينة : للمفضل الجندي.

وهو : المفضل بن محمد بن إبراهيم بن مفضل الجندي اليمني ، توفي سنة ٣٠٨ ه‍. وكتابه صغير الحجم اقتصر فيه على ذكر فضائل المدينة والسكنى فيها وبعض البقاع منها ، وهو مطبوع.

٨ ـ الأنباء المبينة عن فضل المدينة : للقاسم بن عساكر الدمشقي المتوفى سنة ٦٠٠ ه‍.

٩ ـ الدرة الثمينة في أخبار المدينة : لابن النجار ـ وهو كتابنا هذا ـ.

١٠ ـ إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر : لأبي اليمن بن عساكر.

هو : عبد الصمد بن عبد الوهاب ابن عساكر ، توفي سنة ٦٨٦ ه‍ ، وكتابه يهتم في أكثره بالزيارة وما يتعلق بها من أخبار ، مع ذكره لبناء وفضل

١٢

المسجد النبوي ، وقد طبع ضمن سلسلة كتب تاريخ المدينة المنورة (٣).

١١ ـ بهجة النفوس والأسرار : للمرجاني ، توفي سنة ٦٩٩ ه‍.

هو : عبد الله بن محمد بن عبد الملك المرجاني البكري. توفي سنة ٦٩٩ ه‍ ، وكتابه مما يمكن اعتباره من الكتب الشاملة التي توسعت في ذكر أخبار المدينة ، وله فيه استطرادات خارجة عن أصل موضوع الكتاب ، ويقوم أحد الباحثين بجامعة أم القرى بتحقيق الكتاب.

١٢ ـ الروضة الفردوسية والحظيرة القدسية : للآقشهري.

هو : محمد بن أحمد بن أمين بن معاذ الآقشهري. توفي سنة ٧٣٩ ه‍. وكتابه كما وصفه السخاوي مقسم على خمسة أبواب : في الزيارة وحكمها ، في ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبنائه وبناته الخ ، في ذكر الوقائع ، في ذكر الصحابة ، في ذكر من عرفت وفاته بالمدينة.

١٣ ـ التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة : للمطري.

هو : محمد بن أحمد بن خلف المطري. توفي سنة ٧٤١ ه‍. كتابه بمثابة الذيل لكتاب ابن النجار حيث استدرك فيه على ابن النجار ، ووصف بعض المعالم في عصره ، وهو قيد الطبع.

١٤ ـ الإعلام بمن دخل المدينة من الأعلام : للمطري.

هو : عبد الله بن محمد بن أحمد المطري ، توفي سنة ٧٦٥ ه‍. وقد ذكر السخاوي أنه لم يتيسر له الوقوف على نسخة منه.

١٥ ـ نصيحة المشاور وتعزية المجاور : لابن فرحون.

هو : عبد الله بن محمد بن فرحون اليعمري المالكي ، توفي سنة ٧٦٩ ه‍. كتابه من أوسع الكتب وأشملها لمن سبقه ، حيث إنه تصوير وتأريخ للحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في المدينة المنورة في عهد المؤلف ، ألفه في أواخر حياته فلخص فيه تجربة كاملة لظروف وأحوال معيشية عاصرها المؤلف. وهذا الكتاب قد طبع ضمن سلسلة كتب تاريخ المدينة المنورة (٢).

١٦ ـ تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة : للمراغي.

هو : أبو بكر بن الحسين بن عمر المراغي ، توفي سنة ٨١٦ ه‍.

١٣

وكتابه تلخيص لكتابي ابن النجار والمطري كما أنه استدرك عليهما وزاد فيه. وقد طبع الكتاب.

١٧ ـ المغانم المطابة في معالم طابة : للفيروز ابادي.

هو : محمد بن يعقوب بن محمد الفيروز ابادي ، توفي سنة ٨١٧ ه‍. وكتابه يهتم بالتعريف بالمواضع حيث إنه علامة لغوي ، كما ذيل كتابه ببعض التراجم. وقد طبع الجزء الخاص بالمواضع الجغرافية فقط من الكتاب.

١٨ ـ التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة : للسخاوي.

هو : محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي ، توفي سنة ٩٠٢ ه‍. وكتابه عبارة عن تلخيص مختصر جدا للسيرة النبوية في بداية الكتاب ، ثم بقية الكتاب عبارة عن تراجم. وهو مطبوع.

١٩ ـ وفاء الوفا في أخبار دار المصطفى : للسمهودي.

هو : علي بن أحمد السمهودي ، توفي سنة ٩١١ ه‍. وكتابه هذا هو أوسع كتب تاريخ المدينة المنورة ، حيث إنه قد اطلع على جميع ما سبق من مصنفات كتبت حول المدينة المنورة معظمها لا يزال مفقودا. وقد طبع الكتاب عدة طبعات ، وكذلك مختصر الكتاب المسمى (خلاصة الوفا).

٢٠ ـ الجواهر الثمينة في محاسن المدينة : لمحمد كبريت.

هو : محمد بن عبد الله بن محمد الحسيني ، توفي سنة ١٠٧٠ ه‍. وكتابه يغلب عليه طابع الأدب والشعر والرقائق.

٢١ ـ نتيجة الفكر في خبر مدينة سيد البشر : للخليفتي.

هو : محمد بن عبد الله العباسي الخليفتي ، توفي سنة ١١٣٠ ه‍ (١). وكتابه يحتوي كما وصفه الدكتور عاصم حمدان (٢) على خمسة أبواب : في فضل المدينة ، في فضل مسجدها ، في من يزار بها من الصحابة ، في مشاهدها وآثارها ، في فضل المجاورة بها.

__________________

(١) في تاريخ الوفاة خلاف في مصادر الترجمة ، وما ذكر هنا أرجح الأقوال.

(٢) المدينة المنورة بين الأدب والتاريخ ص ١٠٦.

١٤

٢٢ ـ نزهة الناظرين في تاريخ مسجد سيد الأولين والآخرين : للبرزنجي.

هو : جعفر بن إسماعيل بن زين العابدين البرزنجي ، توفي سنة ١٣١٧ ه‍ ، وكتابه خاص بتاريخ مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو مطبوع.

أما المصنفات التي اهتمت بتاريخ علماء وعائلات المدينة فهي :

١ ـ تحفة المحبين والأصحاب في معرفة ما للمدنيين من الأنساب : للأنصاري.

هو : عبد الرحمن بن عبد الكريم بن يوسف الأنصاري ، توفي سنة ١١٩٧ ه‍. وكتابه هذا يهتم بذكر أنساب عائلات المدينة المنورة وأصولها ، كما يهتم بذكر الإنتاج العلمي لأفراد تلك الفترة.

٢ ـ تحفة الدهر ونفحة الزهر في أعيان المدينة من أهل العصر : للداغستاني.

هو : عمر بن عبد السلام الداغستاني الأنصاري ، توفي بعد سنة ١٢٠١ ه‍ ، وكتابه يغلب عليه الطابع الأدبي في ذكر التراجم ، حيث يصوغ عباراته بأسلوب أدبي. وقد ذكر الدكتور عاصم حمدان أنه يقوم بتحقيقه.

وهناك مؤلفات اهتمت بذكر ما حصل من الفتن بالمدينة المنورة على وجه الخصوص فمنها :

١ ـ ذيل الانتصار لسيد الأبرار. للسمهودي.

هو : عمر بن علي السمهودي ، توفي سنة ١١٥٨ ه‍. وهذا الكتاب يؤرّخ للفتنة التي حصلت بالمدينة بين سكان المدينة المنوّرة والأغوات وتدخل حرب لمناصرة الأغوات.

٢ ـ النفح الفرجي في فتح جته جي : للبرزنجي.

هو : جعفر بن حسن بن عبد الكريم البرزنجي ، توفي سنة ١١٨٤ ه‍ (١). وهذا الكتاب يختص بذكر فتنة تسلط بعض قبائل حرب على

__________________

(١) ذكر بعض المصادر وفاته عام ١١٧٧ ه‍.

١٥

طريق الحاج ومداهمتهم لأطراف المدينة المنورة حتى قيض الله لهم القائد علي جته جي فحارب تلك القبائل ورد كيدها.

٣ ـ الأخبار الغريبة فيما وقع بطيبة الحبيبة : لجعفر هاشم.

هو : جعفر بن حسين بن يحيى بن هاشم ، توفي سنة ١٣٤٢ ه‍.

والكتاب تاريخ لفتن وقعت بالمدينة المنورة خلال القرن الثاني عشر ذكرها ملخصة الدكتور عاصم حمدان في كتابه «المدينة المنورة بين الأدب والتاريخ» ، وقد طبع الكتاب.

هذا ما وقفت عليه من مؤلفات اهتمت بتاريخ المدينة المنورة وما يتعلق بها من نواحي اجتماعية وسياسية وتاريخية ، ويلاحظ أنه قد يتقارب تاريخ مؤلف لمؤلف آخر معاصر له ، أو أن الفترة الزمنية بينهما ليست بالبعيدة ، كما يلاحظ التباعد الزمني لبعض المصنفات ، والسبب ليس لعدم الكتابة خلال هذه الفترة في رأيي ، إنما هو عدم الاطلاع أو الوقوف على مصنفات للمهتمين بتاريخ المدينة المنورة خلال هذه الفترة الزمنية الفاصلة بين تاريخ وآخر.

وفي عصرنا الحديث ظهرت مؤلفات لمعاصرين تعددت توجهاتهم في الكتابة عن المدينة المنورة. فمنها :

١ ـ تاريخ معالم المدينة المنورة قديما وحديثا : لأحمد ياسين الخياري.

٢ ـ فصول في تاريخ المدينة : لعلي حافظ.

٣ ـ المدينة المنورة بين الماضي والحاضر : لإبراهيم العياشي.

٤ ـ آثار المدينة المنورة : لعبد القدوس الأنصاري.

٥ ـ الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين : لمحمد غالي الشنقيطي.

٦ ـ فضائل المدينة المنورة : لخليل ملا خاطر.

٧ ـ رسائل في تاريخ المدينة : نشرها حمد الجاسر.

٨ ـ الأحاديث الواردة في فضائل المدينة : صالح الرفاعي.

٩ ـ التاريخ الشامل للمدينة المنورة : عبد الباسط بدر.

١٠ ـ المدينة المنورة بين الأدب والتاريخ : عاصم حمدان.

١٦

١١ ـ عنوان النجابة فيمن مات بالمدينة من أبناء الصحابة : مصطفى العلوي السناري.

ولا يزال الاهتمام بهذه المدينة المنورة محط أنظار المهتمين والباحثين ، فلا تخفى في وقتنا الحاضر المؤلفات فيها ، والحمد لله.

وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

١٧
١٨

هذا الكتاب

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهذا كتاب يؤرخ لمدينة المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو الكتاب الثاني الذي وصل إلينا من الكتب المصادر لكثير من المؤرخين وعمدتهم.

وهذا الكتاب ألفه الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود النجار المتوفى سنة ٦٤٣ ه‍ ، كتبه عند ما قدم إلى المدينة المنورة للزيارة حيث يقول بعد ما اجتمع بجماعة من أهل المدينة : «فسألوني عن فضائل المدينة وأخبارها ، فأخبرتهم بما تعلق في خاطري من ذلك ، فسألوني إثباته في أوراق ...» وقد قيده من حفظه حيث إن مصادره لم تكن معه حين الزيارة وفي ذلك يقول : «فاعتذرت إليهم بأن الحفظ قد يزيد وينقص ، ولو كانت كتبي حاضرة كنت أجمع كتابا في ذلك شافيا لما في النفس ...».

فهو ـ يرحمه‌الله ـ قد أحب أن يجمع في تاريخ المدينة كتابا شافيا ، ولو تيسرت له كتبه لكتب في تاريخها كتابا أعظم مما كتب ، كما كتب ذيلا لتاريخ بغداد للخطيب ، والذي قال عنه الذهبي : «وهو في مئتي جزء ينبئ بحفظه ومعرفته ...».

فهذا الكتاب بالنسبة لما قد ظهرت من مؤلفات سابقة له في تاريخ المدينة يعتبر فريدا جامعا ، فمثلا أقدم تواريخ المدينة التي وصلت إلينا ، هو تاريخ ابن شبة وهو غير مكتمل فما وصلنا غير جزء منه أو نصفه ، كان ابن شبة يؤرخ فيه على طريقة المحدثين ، ولم تكن أخباره متوسعة في جميع المجالات بل هي سير مقتضبة لأحداث جرت بالمدينة ومواقع ذكرت أشياء عنها يسيرة.

ثم كتاب «فضائل المدينة» لابن الجندي وهو كتاب صغير اهتم مصنفه

١٩

بذكر نبذ من فضائل بعض الأماكن والبقاع بالمدينة والسكنى بها.

أما ابن النجار فقد ذهب إلى ما يعرف بالتاريخ الموسوعي للمدينة وتاريخها القديم ، ونشأتها منذ الزمن القديم ، وما جرى بها من أحداث خلال تلك الفترة.

ثم تدرج في تلك الأخبار والتواريخ والوصف وذكر الشواهد ، وما سمعه من شيوخه ومن أهل هذه المدينة عند ما استخبر عن بعض الأماكن والأحداث.

ونظرا لما لهذا الكتاب من أهمية باعتباره تفرد في منهجه ، وجدنا أن المطري المتوفى سنة ٧٤١ ه‍ قد ذيل لهذا الكتاب واستدرك عليه ، ثم أتى بعدهما أبو بكر المراغي المتوفى سنة ٨١٦ ه‍ فاستدرك وذيل على الكتابين.

كما أن هذا الكتاب يعد مصدرا أساسيا باعتبار نقله عن ابن زبالة والزبير بن بكار ، فنجد السمهودي يورد عن المؤلف ويشير إلى أنه رواه بسنده عن الزبير أو ابن زبالة ، مع أن السمهودي ـ في غالب الظن ـ قد اطلع على تاريخ ابن زبالة.

وتاريخ ابن النجار هذا يؤرخ حتى فترة حياته ، فنراه يختم قوله في بعض المواضع بقوله «إلى يومنا هذا» ، فقد سجل تاريخه بالإضافة إلى النقل والرواية عن طريق المعاينة ، وقام كذلك بتحديد قياسات بعض الأماكن التي اطلع عليها ووصف مكانها وموقعها وقد فعل ذلك أيضا المطري اقتداء به.

وختاما أدع القارئ الكريم يجول بناظريه في صفحات هذا الكتاب ليرى مدى أهميته في حفظ تاريخ هذه المدينة المنورة المباركة ، ويحصل منه ما لا يجده في كثير من المصادر.

٢٠