تاريخ القدس المعروف بتاريخ أورشليم

خليل سركيس

تاريخ القدس المعروف بتاريخ أورشليم

المؤلف:

خليل سركيس


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
الصفحات: ١٤١

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وبه نستعين

مقدمة ، لناشر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل خلق الله محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه وبعد :

اليهود مشكلة كل العصور ، والتاريخ ملئ بالعديد والعديد من المشاكل على مر أحقاب الزمان ، وأيضا القدس أصبحت نقطة الصراعات بين العرب واليهود فكل طرف يقول أنها ملكه منذ خلق البشر ، والعجيب أن اليهود قد حرفوا وزورا فى التاريخ القديم بحجة ترجمتهم للتوارة والإنجيل ، وللأسف الآن يصدقون بعض الأمم والشعوب كلام اليهود.

فلهذا حرصت مكتبة الثقافة الدينية على تقديم عملا جديدا يستحق القراءة والرد عليه وهو كتاب «تاريخ القدس الشريف» المعروف بتاريخ أورشليم للمؤلف خليل بن خطار سركيس ، صحافى مولده فى عبية (بلبنان) سنة ١٢٥٨ ه‍ / ١٨٤٢ م ووفاته ببيروت سنة ١٣٣٣ ه‍ / ١٩١٥ م ، أصدر جريدة «لسان الحال» يومية فى بيروت ،

٣

مدة ٣٨ عاما. وله كتب ومصنفات منها «العادات» و «سلاسل القراءة» ستة أجزاء ، و «رحلة الآستانة وأوروبا وأمريكا» و «أستاذ الطباخين» وروايات ، والكتاب الذى بين أيدينا ، وعنى بإصلاح الطباعة وتجميلها فكان أول من صنع «أمهات» الحروف الفارسى.

فالكتاب «تاريخ القدس الشريف» يلقى الضوء على تاريخ اليهود منذ الوجود حتى نهاية الحرب العالمية الأولى ، وهناك بعض الإسرائيليات فى هذا الكتاب لنقل المؤلف بعض النصوص من كتب المستشرقين الأجانب اليهود ومع ذلك فالكتاب فى غاية الأهمية حيث يتناول بعض فترات اليهود وموقف الحكام منهم بطريقة تاريخية هامة ، وهناك نقطة هامة وهى اختلاف المصادر والمراجع فى أسماء ملوك اليهود على مر التاريخ. وقد تم طبع هذا الكتاب أول مرة سنة ١٨٧٤ م ببيروت ، وأتمنى من الله أن ينال هذا العمل رضاء الله والمسلمين والله خير معين.

الناشر

١٤٢١ ه‍ / ٢٠٠١ م

٤

تمهيد

لما كان كثيرون يرغبون فى الوقوف على حقائق تاريخ مدينة القدس الشريف لما لها من عظم الأهمية الدينية والتاريخية ولم يكن لها تاريخ خاص بها بين الكتب العربية أخذت منذ مدة فى بذل مدة الجد فى جمع تاريخ لها يتضمن كل ما جرى فيها منذ أقدم عهد عرفت فيه إلى الآن وبعونه تعالى قد تيسر لى ذلك فجاء طبق المرام وقد أسندت كل كلامى إلى أقوال معمول على صحتها مأخوذة من الكتب الدينية والكتب التاريخية المتضمنة شيئا من أخبار هذه المدينة الشهيرة التى كانت مدة طويلة من الأعصر القديمة أعظم مدينة فى العالم.

هذا ولما تم تأليفى هذا نقلا عن أصح المؤلفات بهذا الشأن أخذت فى مراجعته ومقابلته على التآليف التى نقلته عنها حذرا من الخطأ وأعتنيت بذلك إعتناء تاما راجيا أن يكون كتابا مفيدا نافعا لأبناء الوطن ولغيرهم من الذين يحبون أن يطالعوا التواريخ الشرقية وعلى الخصوص تاريخ هذه المدينة التى أكتسبت فى البلاد الأوروبية أعظم أهمية فأخذ السياح والزوار من كل قطر وناد يتهافتون إليها ليتحققوا حوادثها التاريخية بواسطة آثارها الباقية وغيرها. وأرجو أصحاب الخبرة والمعرفة أن يسبلوا ستر المعذرة فجل من لا يغلط والعصمة لله

٥

مقدّمة

فى مركز

أورشليم الجغرافى

أن هذه المدينة من أقدم مدن العالم على ما يظن غير أنه لا يعرف وقت تأسيسها وأول ما ذكر عنها ملاقاة ملكيصادق ملكها لإبراهيم الخليل حين كان راجعا من كسرة الملوك (١) وكانت تعرف وقتئنذ بمدينة ساليم أى مدينة السلام فيكون أول مرة ذكرت فى التواريخ سنة ١٩١٣ قبل المسيح وذكرت ثانية فى المريّا سنة ١٨٧٣ قبل المسيح إذ أمر الله إبراهيم أن يقدم بنه ذبيحة هناك ويظن ذلك على الصخرة التى أمست الآن داخل الحرام الشريف (٢) وهذه المدينة مبنية على أربعة جبال وهى : صهيون. ومريّا. واكرا. وبزيثا.

__________________

(١) كدر لعومر ملك عيلام وتدعال ملك جويم وأمر فال ملك شنعار واربوك ملك الأسر.

سفر التكوين ١٤ : ٩.

(جويم) : كلمة عبرية معناها الحيوانات أى كل ممن غير اليهود.

(٢) وهى صخرة كبيرة فى جبل مريّا محبطها نحو أربعين ذراعا وعلى ما يظن إن إبراهيم الخليل أعد الحطب عليها ليقدم أبنه إسحق ذبيحه لله وبعد أن نهاه الله عن ذلك قدم عليها ذبيحة كبشا أرسلة الله له.

إسماعيل هو الذبيح وليس إسحاق والذبح فى مكة المكرمة.

٦

ويحيط بها أودية غلّا من شمالها ومايليه إلى الغرب. فإلى الجنوب وادى ابن هينوم وإلى الشرق وادى قدرون وهو وادى يهو شافاط وهناك بستان الجسمانية وبقربه بركة سلوام وقرية يقال لها أيضا سلوام. وفى شرقى المدينة جبل الزيتون الذى صعد منه السيد المسيح إلى السماء وقرية بيت عنيا وتسمى الآن العازرية وبها القبر الذى أقام منه السيد المسيح لعازر من الموت وفى جنوبها الغربى ببيت لحم وهى القرية التى ولد المسيح فيها وهى تبعد عنها ساعتين وإلى جنوبى القدس على بعد ٣٠ ميلا الخليل وعن بعد ٣٣ ميلا البحر و ١٨ ميلا الأردن و ٣٦ ميلا السامرة ولا حاجة للتفصيل أكثر مما ذكر إذ أن فى ما مر تمهيدا كافيا.

٧

الفصل الأول

يحتوى على مدة دخول إبراهيم الخليل

أورشليم ودخول الإسرائيليين إليها

تحت قيادة

يشوع بن نون إلى ملك داود

أن هذه المدينة كانت أولا تحت حكم ملك ساليم كما ذكرنا فى المقدمة وذلك سنة ١٩١٣ قبل التاريخ المسيحى وعرف ذلك من دخول إبراهيم إليها سنة ١٨٧٣ ومن ثم لا نعرف شيئا عنها إلى أن دخلها الإسرائيليون وذلك سنة ١٤٥١ قبل الميلاد وعرف وقتئذ أنها مدينة لليبوسيين وهم قبيلة من قبائل الكنعانيين.

وإذ كانت هذه المدينة مختارة من الله لغايات معروفة وعد شعبه إسرائيل بها مع بقية أرض كنعان. فقدم إليها شعب إسرائيل الذى كان وقتئذ فى مصر تحت قيادة موسى النبى ولكن لتمرد الشعب على الله ومخالفتهم وصاياه غضب عليهم وأقسم أن لا يدخلها أحد من جميع الذين خرجوا من

٨

مصر وعددهم أكثر من ستمائة ألف رجل إلّا يشوع بن نون وكالب بن يفنّة وذلك لأنهما وجدا أمنيين حين أرسلهما موسى النبى ليتجسّسا أرض كنعان.

وسنة ١٤٥١ بينما كان شعب إسرائيل يتقدم فى أرض كنعان نحو أورشليم سمع أدونى صادق ملك أورشليم فخاف جدا وأرسل إلى هوهام ملك حبرون وفيرام ملك يرموث ويافيع ملك لخيش ودبير ملك عجلون وطلب معونتهم على ضرب جبعون لأنها صالحت يشوع بن نون قائد جيوش إسرائيل. فأجابوا طلبه وذهب خمسة ملوك الأمور بين فلما بلغ أهل جبعون ذلك طلبوا مساعدة يشوع. فأجاب طلبهم بأمر الله وأتى لمحاربة الملوك الخمسة بغتة فكسرهم كسرة عظيمة فأختبأوا فى مغارة فى مقيدة وإذ بلغ يشوع ذلك أمر بسد فم المغارة إلى حين وسار لمقاتلة جيوشهم فقتل منهم عددا غفيرا ولم يبق منهم إلّا القليلين الذين التجأو إلى الحصون وحينئذ أمر يشوع بفتح المغارة وإخراج الملوك وأمر قواد حربه أن يدوسوا أعناقهم. ثم علقوهم على أخشاب إلى المساء ثم طرحوهم فى المغارة التى أختبأوا بها وسدوا بابها حجارة عظيمة وهكذا هلك ملك أورشليم.

ثم فى ١٤٤٤ ق. م تقدم بنود يهوذا وبنيامين (من شعب إسرائيل) وحاربوا أورشليم فأمتلكوا الجهة السفلى منها وسكنوا مع اليبوسيين ووضعوا الخيمة التى فيها تابوت العهد والمذبح والمنارة فى جبل المريا وتم ذلك بإرادة كالب بن يفنّة الذى وكله يشوع بن نون.

٩

وسنة ١٤٣٥ ق. م صعد يهوذا قائد جيوش إسرائيل بعد يشوع لمحاربة الكنعانيين فضربوا أدونى بازق فى بازق مدينته وأخذوه أسيرا ثم قطعوا أباهم يديه ورجليه وكان هذا الملك قد فعل بسبعين ملكا كما فعل به فحصد ما زرع ثم مات فى أورشليم.

وفى تلك السنة حارب بنو يهوذا أورشليم ثانية فأمتلكوها وضربوا سكانها بحد السيف وحرقوا المدينة بالنار. وإذ كانت هذه المدينة من قسم بنى بنيامين سكن هؤلاء مع اليبوسيين إلى أن طردهم داود النبى كما سيأتى.

وسنة ١٠٤٨ ق. م دخل إليها الملك داود التبى وطرد اليبوسيين الذين كانوا يسكنون صهيون وباشر بناء بيت له بمساعدة حيرام ملك صور الذى أرسل له خشب أرز وبنائين وجعلها عاصمة مملكته عوضا عن شكيم التى تدعى الآن نابلس وبقى ملكا فيها ٣٣ سنة على إسرائيل ويهوذا وولد له أولاد وهم شموع وشوباب وناتان وسليمان.

١٠

الفصل الثانى

يحتوى على مدة ملك داود وسليمان أبنه وكلما

جرى لهما من الحوادث والحروب فى أورشليم

ولما خضعت تلك الأراضى لداود النبى أدخل إلى المدينة تابوت العهد الذى سار أمام بنى إسرائيل إلى أرض كنعان وذلك سنة ١٠٤٣ ق. م ، (١) وفى هذه السنة : ضرب داود ملك أورشليم الفلسطينيين وكسرهم وإذ لهم وضرب الموابيين أيضا وحارب هدر عزر فأتى لنجدته أرام دمشق فكسرهما وشتت شملهما.

وفى سنة : ١٠٣٧ ق. م مات ناحاش ملك بنى عمون وملك ابنه حانون عوضا عنه فأرسل داود الملك رسلا يعزونه فلما وصلوا قال عبيد حانون له : لا يغرّنك داود فأنه لم يرسل رسلا ليعزوك بل ليتجسسوا الأرض فحلق حانون حينئذ أنصاف لحاهم وشق ثيابهم من الوسط ثم أطلقهم ولما بلغ داود ذلك غضب ونهض لقتال بنى عمون.

__________________

(١) ٣ صموئيل ٦ : ١٢.

١١

أما بنو عمون فأستاجروا من يجاورهم من الأبطال وتقدموا لمحاربة إسرائيل فالتقاهم الإسرائيليون تحت قيادة يواب ابن صرويا وأخيه ابيشاى فضرباهم وكسراهم ورجعا بجيوشهما إلى أورشليم.

وسنة ١٠٣٦ ق. م اجتمع العمونيون ثانية وانضموا إلى قبائل أخرى وتقدموا لمحاربة إسرائيل فجمع داود الملك جنوده وضربهم فى عبر الأردن وكسرهم وقتل منهم سبعمائة مركبة (١) ، وأربعين ألف فارس وضرب شوبك رئيس جيشهم فمات هناك.

وسنة ١٠٣٥ ق. م أرسل داود الملك يواب قائد جيشه فحاصر؟؟؟ بّة بنى عمون وأخذها بعد حرب دامت نحو سنتين ورجعوا إلى أورشليم.

وسنة ١٠٣٣ ق. م جاهر ابشالوم بن داود بالعصيان على أبيه واسرق قلب الشعب ودخل بجيشه إلى أورشليم ، أما داود ففر من وجهه مع رجاله وعبر الأردن ثم رتب جيوشه وتقدم لمحاربة جيش ابشالوم فأنتصر عليه وقتل من الفريقين ٣٠ ألفا من جملتهم ابشالوم ورجع الملك إلى أورشليم.

وسنة ١٠٣١ ق. م حدثت حروب كثيرة بين داود والفلسطينيين وكان النصر بها لداود.

وسنة ١٠١٧ قبل المسيح أمر داود النبى يواب أن يحصى عدد شعبه فطاف تسعة أشهر وعشرين يوما ورجع إلى أورشليم وكان عدد الشعب ثمانمائة ألف رجل من إسرائيل ومن يهوذا خمسمائة ألف فمات منهم عدد كثير وحينئذ أمر ملاك الرب جاد النبى بأن يقول للملك داود أن يقيم مذبحا فى

__________________

(١) ٣ صموائيل ١٠ : ١٨.

١٢

بيدر أرنان اليبوسى فكان كذلك وبنى داود مذبحا للرب وأصعد محرقات ودعا الرب فأستجاب له وأرسل نارا من السماء على مذلح المحرقة وصفح الله لداود وأمر ملاكه أن يكف عن القتل. فكان عدد من قتل من الشعب سبعين ألف رجل.

وسنة ١٠١٥ ق. م توفى داود الملك وخلفه فى الملك أبنه سليمان وكان ملكا حكيما فطنا ذا سطوة وثروة عظيمتين وهو الذى بنى هيكل أورشليم المشهور فأنفق عليه أموالا جزيلة وأتى له بخشب من لبنان بمساعدة حيرام ملك صور وزين الهيكل بالنقوش المغشّاة بالذهب وكانت قيمة الذهب فى أورشليم فى أيامه كالتراب وكان الأبتداء فى بنائه سنة ١٠١٣ ق. م وانتهاء بنائه سنة ١٠٠٤ ق. م وفى هذه المدة أدخل تابوت العهد إلى الهيكل.

وسنة ١٠١٤ تزوج سليمان الحكيم بابنه فرعون ملك مصر وتزوج بنساء كثيرات غيرها بلغ عددهنّ ألف أمرأة وقد أجمع جميع المؤرخين على أنه هو الذى بنى مدينتى بعلبك وتدمر وكانت مدة ملكه أربعين سنة.

وفى هذه المدة كانت صداقة جارية بين سليمان ملك إسرائيل وحيرام ملك صور الذى أرسل له فعلة كثيرين حينما كان يبنى بيته والهيكل.

وسنة ٩٩٣ قبل المسيح أتت ملكة سبأ على أورشليم بموكب عظيم وهدايا فاخرة وسرّت بما شاهدت من حكمة سليمان وحسن إدارته وقالت له

١٣

أننى لم أسمع بنصف ما شاهدت فطوبى لرجالك ولعبيدك الواقفين أمامك دايما السامعين حكمتك وبعد أن أعطته مائة وعشرين وزنه ذهب وأطبابا كثيرة وحجارة كريمة رجعت إلى أرضها.

وسنة ٩٨٠ ق. م بينما كان يربعام بن ناباط خارجا من أورشليم لاقاه النبى أخيا الشيلونى وقال له أنه سيملك على أسباط إسرائيل خلا سبطى يهوذا وبنيامين اللذين يبقيان لنسل سليمان فلما عرف سليمان بذلك طلب قتل بريعام ففر من أمامه إلى مصر والتجأ بشيشق ملكها ولم يرجع حتى مات سليمان.

١٤

الفصل الثالث

حالة أورشليم

من ملك رحبعام إلى ملك حزقيا

وسنة ٩٧١ ق. م أتى شيشق ملك مصر إلى أورشليم وحاربها بألف ومائتى مركبة وستين ألف فارس وشعب عظيم وكان ملكها حينئذ رحبعام بن سليمان فأنتصر عليها وغلبها ونهب خزائن بيت المقدس وبيت الملك وأموالا كثيرة.

وفى تلك الأيام كانت حروب طويلة بين ملك إسرائيل وملك أورشليم وكانت الغلبة سجالا تارة لهذا وطورا لذلك.

أما بداية ملك رحبعام فكانت سنة ٩٧٥ قبل المسيح وكان عمره حين ملك ٤١ سنة ومات سنة ٩٥٨ ق. م وخلفه فى الملك ابيام ابنه وملك ثلاث سنين فى أورشليم ولم يحسن السيرة وكانت كل أيامه حربا مع بريعام.

وسنة ٩٥٥ ق. م بعد أن توفى ابيام ملك آسا على أورشليم ٤١ سنة وكان مستقيما أمام آلهه وأرسل فى مدة ملكه إلى بنهدد بن طبر يمون

١٥

ملك دمشق وطلب إليه أن يعينه على محاربة ملك إسرائيل فأرسل فرسانا وضربوا لإسرائيل فأنهزم ملك إسرائيل أمام آسا.

وسنة ٩١٤ ق. م توفى آسا وملك ابنه يهوشافاط عوضا عنه وسنة ٨٩٣ ق. م ملك يهورام على أورشليم.

وسنة ٨٨٥ ق. م ملك أخزيا وذهب مع يورام بن اخاب ملك إسرائيل لمقاتلة أرام وفى مدة حربه مع ارام صار مسح ياهوين يهوشافاط بن نمشى ملكا وهو الذى ضرب يورام فهرب إلى قرية مجدّو ومات هناك فنقله عبيده إلى أورشليم ودفنوه فى قبر أبائه.

ولما ملك ياهو قتل سبعين من أولاد اخاب واثنين وأربعين من أخوة أخزيا وقتل أيضا أنبياء البعل.

وسنة ٨٤٤ ق. م مات ياهو وملك ابنه يهواحاز عوضا عنه.

وسنة ٨٤٠ ق. م قبل الميلاد أتى حزائيل ملك أرام إلى أورشليم ليحاربها فأخذ يهو آش جميع انية الذهب من الهيكل ومن بيته وأعطاها لحزائيل.

ولما مات جزائيل وملك ابنه بنهدد قام يهواش وحاربه وأخذ كل القرى التى كان قد أخذها من إسرائيل فرجع عنه.

١٦

وفى هذه السنة : إذ كان زكريا بن يهوياداع الكاهن يوبخ شعب إسرائيل على تركهم الله وعبادتهم الأصنام قام كل الشعب عليه ورجموه بالحجارة بأمر يواش الملك فى دار الهيكل.

وسنة ٨٣٩ ق. م قام على بواش أثنان من عبيده وقتلاه وملك ابنه امصيا مكانه على يهوذا.

وسنة ٨٣٦ ق. م قام يواش ملك إسرائيل وحارب امصيا وأخذ المدينة وهدم أكثر سورها وأخذ ما وجد فى الهيكل من المال ولما تثبت ملكه قتل عبديه اللذين قتلا أياه. وحدثت فتنة فى أورشليم فطلب الشعب قتل امصيا فهرب إلى لخيش فتبعوه إلى هناك وقتلوه.

وفى هذه السنة : بعد موته قام شعب يهوذ وأخذوا عزيّا ابنه وملكوه عليهم وهو ابن ست عشرة سنة وكان مستقيما عادلا كأبيه وفى مدة ملكه حارب الفلسطينيين وقهرهم وهدم سور جت وسور يبنة وسور أشدود وبنى مدنا فى أرض أشدود وقهر العرب والمعونيين وبنى أبراجا فى أورشليم وفى البرية وحفر آبارا وكانت جيوش الحرب فى أيامه منظمة مع العدد الحربية الجيدة التى عملها.

وسنة ٧٦٥ ق. م إذ كان قد خان الهه باصطناعه مذبحا غريبا وتقديمه بخورا عليه ضربه الله بالبرص ولم يزل أبرص إلى أن مات بعد أن ملك أثنين وخمسين سنة.

١٧

وفى سنة ٧٥٨ ق. م موته ملك يوثام ابنه وكان ملكا شجاعا مستقيما وقد بنى مدنا فى جبل يهوذا وبنى فى الغابات قلعا وأبراجا وحارب العمونيين وغلبهم فأعطوه مائة وزنة من الفضة وعشرة آلاف كرقمح ومثله من الشعير وذلك على مدة ثلاث سنوات. وكان من الأنبياء فى مدة ملكه وملك احاز وحزقيا (أى من سنة ٧٥٩ ق. م إلى سنة ٧٠٠ ق. م) اشعيا النبى بن اموص وقد تنبأ نحو ٧٠ سنة.

وسنة ٧٤٣ ق. م كان رصين ملك ارام وفقح بن رمليا ملك إسرائيل ياتيان ويضايقان يهوذا.

وفيها : ملك احاز بن يوثام وفى مدة ملكه أتى ملك ارام وملك إسرائيل وحاربا احاز ولم يقدرا عليه حينئذ أرسل بتذلل لتغلث فلا صر ملك أشور طالبا إليه أن يخلصه من ملك ارام وملك إسرائيل وأهداه الذهب الذى كان فى الهيكل وفى بيته فسمع له وأتى بجيش عظيم وأخذ دمشق وقتل ملكها ومات احاز سنة ٧٢٦ ق. م وملك حزقيا ابنه عوضا عنه.

١٨

الفصل الرابع

حالة أورشليم

فى مدة حروبها مع ملوك آشور وتسلطهم عليها

وسنة ٧٣٠ ق. م أتى شلمنا صرملك أشور وحارب إسرائيل وسباهم إلى أرضه وأتى ملك أشور بقوم من بابل واسكنهم فى مدن إسرائيل عوضا عنهم فأغاظ ذلك آله إسرائيل فأرسل عليهم السباع فكانت تفترس منهم وإذ بلغ ملك آشور ذلك أرسل كاهنا من مسيى إسرائيل ليعلمهم شريعة الله فأرتدت السباع عنهم وهذا كان أصل السامريين.

أما حزقيا بن احاز فحكم بالعدل وكان مستقيما أمام آلهة وسحق الحية النحاسية (١) التى عملها موسى (٢) لأن إسرائيل مال إلى عبادتها.

وسنة ٧٣٣ ق. م صعد شلمنا صرّ ملك أشور على إسرائيل وحاربهم إلى سنة ٧٣١ ق. م إذ أخذ الأرض وسبى شعبها ثانية.

__________________

(١) سفر الملوك الثانى ص ١٨ : ٤.

(٢) سفر العدد ص ٣١ من عدد ٦ إلى ٩.

١٩

وسنة ٧١٣ ق. م صعد سنحاريب ملك أشور على مدن يهوذا وأخذها فأرسل حزقيا يتذلل لملك أشور قائلا له أرجع عنى فأفعل كل ما تطلبه منى فطلب منه ٣٠٠ وزنة فضة و ٣٠ وزنة ذهب فألتزم لدفع ذلك أن يعطيه ذهب الهيكل وبيته وإذ لم يكف قشر الذهب عن أعمدة الهيكل وأبوابه.

وسنة ٧١٠ ق. م أتى ملك أشور أورشليم وأرسل ثلاثة من قواده إلى الملك ليخاطبوه ولما قربوا إلى المدينة طلبوا حزقيا الملك فأرسل لهم ثلاثة من حشمه فأهان رسل ملك أشور رسل حزقيا بالكلام وبالتعبير لاله إسرائيل وملكه وشعبه فتذلل حزقيا أمام ألهه فأستجاب له وأرسل ملاكه وضرب من الأشوريين ٨٥ ألفا فى الليل ولما أصبح الصباح ورأى ملك أشور ذلك ارتد راجيا إلى بلاده مهزوما مقهورا لالهه قتله ابناه وهربا إلى أرمينية وملك اسرحدون ابنه عوضا عنه.

وأما حزقيا ملك أورشليم فكان ذا ثروة عظيمة وعمل لنفسه خزائن للفضة والذهب والحجارة الكريمة والاطياب والاتراس ومخازن للحنطة والزبيب واوارى لكل أنوع البهايم وهو الذى سد مخرج مياه جيحون الأعلى وأجراها تحت الأرض إلى أورشليم ولم يزل إلى الآن فى أورشليم بركة تدعى حزقيا.

ومات سنة ٦٩٨ ق. م وملك منسى ابنه مكانه ولم يكن مستقيما كأبيه سنة ٦٤٣ ق. م وملك آمون ابنه عوضا عنه واتفق عبيده على قتلوه

٢٠