الإيضاح في شرح المفصّل - ج ١

ابن حاجب

الإيضاح في شرح المفصّل - ج ١

المؤلف:

ابن حاجب


المحقق: الدكتور إبراهيم محمّد عبد الله
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[وبه أتوكل](١). قال (٢) : «الله أحمد».

على طريقة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)(٣) تقديما للأهمّ ، وما يقال (٤) : إنّه للحصر لا دليل عليه (٥) ، [والتّمسّك فيه بقوله (٦) : (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ)(٧) ضعيف ، لأنّه قد جاء (فَاعْبُدِ اللهَ)(٨) ، و (اعْبُدُوا اللهَ)(٩)](١٠).

و «جعلني» ، جعله من علماء العربيّة [نعمة](١١) محمودة لما فيها من فهم معاني كتاب الله تعالى على وجهه ، وفهم معاني كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والتوصّل بها إلى إدراك الأحكام الشرعيّة التي بها السعادة الأخرويّة ، هذا وإنّ كلّ علم مفتقر إليها (١٢) وكلّ عليها (١٣).

و «جبلني» : طبعني ، «على الغضب للعرب» أي : على الانتصار لهم ، لأنّ الغضب من أجل

__________________

(١) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د ..

(٢) في ط : «قال الشيخ الإمام العالم جمال الدين أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر المعروف بابن الحاجب : قوله .....

(٣) الفاتحة : ١ / ٥ ، وتتمة الآية : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).

(٤) في ط : «ينقل».

(٥) خالف الرضيّ ابن الحاجب وذهب إلى أنّ المفعول المقدم على الفعل فيه معنى الحصر ، انظر شرح الكافية للرضي : ١ / ١٨٢.

(٦) في ط : «بمثل».

(٧) الزمر : ٣٩ / ٦٦ ، وتتمة الآية : (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ).

(٨) الزمر : ٣٩ / ٢ ، والآية : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ).

(٩) المائدة : ٥ / ٧٢ ، والآية : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) ، ووردت هاتان الكلمتان في غير سورة.

(١٠) سقط من الأصل ، وأثبته عن د. ط.

(١١) سقط من الأصل ، وأثبته عن د. ط.

(١٢) في د. ط : «إليه» ، تحريف.

(١٣) في د. ط : «عليه» ، تحريف».

١

هضم الشّيء سبب للانتصار (١) له (٢) ، يقال : غضبت له وغضبت به ، وقيل : له حيّا ، وبه ميتا (٣) ، و «العصبيّة» : الاحتماء ، «وأبى لي» أي : منعني ، «عن صميم» أي : خيار (٤) ، «وأمتاز» أي (٥) : أعتزل ، «وأنضوي» : أنضمّ ، «لفيف» : أخلاط ، «الشّعوبيّة» بضمّ الشين : قوم متعصّبون على العرب ، مفضّلون عليهم العجم ، وإن كان الشّعوب جيل العجم ، إلّا أنّه غلبت النّسبة إليه لهذا القبيل (٦) ، ويقال : إنّ منهم معمر بن المثنى (٧) ، وله كتاب في مثالب العرب (٨) وقد أنشد بعض الشعوبية الصاحب بن عباد (٩) يمدحه (١٠) :

غنينا بالطّبول عن الطّلول

وعن عنس عذافرة (١١) ذمول (١٢)

__________________

(١) في د. ط : «الانتصار».

(٢) في ط : «لهم» ، تحريف.

(٣) «غضب له : غضب على غيره من أجله ، وذلك إذا كان حيّا ، فإن كان ميتا قلت : غضب به» ، اللسان (غضب).

(٤) لم أجد في جمهرة اللغة : ٢ / ١٨٢ ، والصحاح وأساس البلاغة واللسان والتاج (صمم) أن صميما بمعنى خيار ، قال الزمخشري : «وهو من صميم القوم : أصلهم وخالصهم» الأساس (صمم).

(٥) سقط من د. ط : «أي».

(٦) «غلبت الشعوب بلفظ الجمع على جيل العجم ، حتى قيل لمحتقر أمر العرب :شعوبيّ» اللسان (شعب)

(٧) هو أبو عبيدة معمر بن المثنى التّيمي ، كان من أعلم الناس باللغة وأخبار العرب وأنسابهم توفي سنة ٢٠٩ أو ٢١٠ ه‍ ، انظر نزهة الألباء : ١٠٤ ـ ١١١.

(٨) ذكر ابن النديم والقالي والقفطي هذا الكتاب باسم «كتاب المثالب» ، انظر الفهرست : ٨٥ ، وأمالي القالي : ٢ / ١٩٢ ، وإنباه الرواة : ٣ / ٢٨٦ ، وذكره أبو عبيد البكري باسم «مثالب العرب» ، وذكر أنّ أصله لزياد بن أبيه وأنّ الهيثم بن عدي تابع زيادا في عمله وذمّه للعرب ، ثم جدّد أبو عبيدة هذا الكتاب وزاد فيه ، انظر سمط اللآلي : ٨٠٧ ـ ٨٠٨.

(٩) هو أبو القاسم إسماعيل بن عباد الطّالقانيّ ، كان عالما بالأدب ، ولقب بالصاحب لأنه كان يصحب أبا الفضل بن العميد ، توفي سنة ٣٨٥ ه‍ ، انظر نزهة الألباء : ٣٢٥ ـ ٣٢٧ ووفيات الأعيان : ١ / ٢٢٨ ـ ٢٣٣.

(١٠) وردت هذه الأبيات والجواب عنها في معاهد التنصيص : ٤ / ١١٨ ، وبلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب : ١ / ١٦١.

(١١) العذافرة : الناقة الشديدة الأمينة والمذكر عذافر ، انظر اللسان (عذفر).

(١٢) «الذّميل : ضرب من سير الإبل الليّن ، والذمول : الناقة التي تذمل في سيرها» ، اللسان (ذمل) وجاء بعد هذا البيت في معاهد التنصيص وبلوغ الأرب البيت التالي :

«وأذهلني عقارى عن عقارى

ففي است امّ القضاة مع العدول»

٢

فلست بتارك إيوان كسرى

لتوضح أو لحومل فالدّخول (١)

وضبّ بالفلا (٢) ساع وذيب

بها يعوي وليث وسط غيل (٣)

إذا ذبحوا فذلك يوم عيد

وإن نحروا ففي عرس جليل

[يسلّون السّيوف لرأس ضبّ

هراشا (٤) بالغداة وبالأصيل](٥)

بأيّة رتبة قدّمتموها (٦)

على ذي الأصل والشّرف الأصيل (٧)

أما لو لم يكن للفرس إلّا

نجار الصّاحب العدل الجليل (٨)

لكان لهم بذلك خير عزّ

وجيلهم بذلك خير جيل

فقال له الصّاحب : قدك ، ثمّ قال لبديع الزّمان (٩) : أجبه ، فأجابه مرتجلا :

أراك على شفا خطر مهول

بما أودعت رأسك (١٠) من فضول

طلبت (١١) على مكارمنا دليلا

متى احتاج النّهار إلى دليل /

ألسنا الضّاربين جزى عليكم (١٢)

فإنّ الخزي (١٣) أقعد بالذّليل

__________________

(١) توضح وحومل والدّخول : أسماء مواضع ذكرها امرؤ القيس في معلتقه ، انظر شرح القصائد السبع الطوال : ١٥ ، ٢٠.

(٢) الفلا : جمع الفلاة وهي المقفر من الأرض ، اللسان (فلا).

(٣) الغيل بكسر الغين : الأجمة وموضع الأسد ، اللسان (غيل).

(٤) في بلوغ الأرب : «حراشا» ، «والمهارشة في الكلاب ونحوها كالمحارشة» اللسان (هرش).

(٥) سقط من الأصل. وأثبته عن د. ط. ومعاهد التنصيص وبلوغ الأرب.

(٦) الضمير يعود إلى الطلول.

(٧) سقط هذا البيت من بلوغ الأرب.

(٨) في معاهد التنصيص وبلوغ الأرب : «النبيل».

(٩) هو أبو الفضل أحمد بن الحسين الهمذاني المعروف ببديع الزمان ، صاحب الرسائل والمقامات ، توفي سنة ٣٩٨ ه‍. انظر وفيات الأعيان : ١ / ١٢٧ ـ ١٢٩.

(١٠) في معاهد التنصيص : «نفسك» ، وفي بلوغ الأرب : «لفظك».

(١١) في بلوغ الأرب : «تريد».

(١٢) في معاهد التنصيص : «عليهم».

(١٣) في د وبلوغ الأرب : «الجزي».

٣

متى قرع المنابر فارسيّ

متى عرف الأغرّ (١) من الحجول

متى علقت ـ وأنت بها (٢) زعيم ـ

أكفّ الفرس أعراف الخيول

فخرت بملء ما ضغتيك (٣) فخرا (٤)

على قحطان والبيت الأصيل (٥)

فخرت بأنّ مأكولا ولبسا (٦)

وذلك فخر ربّات الحجول

تفاخرهنّ في خدّ أسيل (٧)

وفرع من مفارقه رسيل (٨)

وأمجد من أبيك إذا تزيّا (٩)

عراة كاللّيوث وكالنّصول (١٠)

فقال الصّاحب للشّعوبيّ : كيف ترى؟ فقال : لو سمعت ما صدّقت ، فقال له : جائزتك إن (١١) وجدتك بعدها في مملكتي ضربت عنقك.

[قوله](١٢) : «لم يجد عليهم» لم يأتهم بجدوى ، أي : بنفع ، و «الرّشق» الرّمي بالنّبل ، و «المشق» الطّعن (١٣) : وقوله : «وإلى أفضل» هو على طريقة «الله أحمد» في تقديمه المفعول لتعظيمه ، «السابقين والمصلّين» أي : الأوّلين والآخرين ، أخذه من السّابق والمصلّي في الحلبة ،

__________________

(١) «الأغر من الخيل : الذي غرته أكبر من الدرهم» اللسان «غرر».

(٢) في معاهد التنصيص «بهم».

(٣) «الماضغتان والماضغان : الحنكان لمضغهما المأكول» اللسان «مضغ».

(٤) في بلوغ الأرب «هجرا» ، والهجر : الخنا والقبيح من القول.

(٥) جاء بعد هذا البيت في معاهد التنصيص البيت التالي :

«وحقك أن تبارينا بكسرى

فما ثور ككسرى في الرّعيل»

(٦) في معاهد التنصيص : «فخرت بنحو مأكول ولبس» ، وهذه الرواية أصحّ.

(٧) الأسيل : الأملس المستوي.

(٨) في الأصل ، ط : «أسيل» ، وما أثبت عن د. ومعاهد التنصيص وبلوغ الأرب ، والرّسيل : السهل.

(٩) في معاهد التنصيص : «أثرنا»،و «أثر الحديث عن القوم : أنبأهم بما سبقوا فيه من الأثر» اللسان«أثر».

«والزّيّ : الهيئة من الناس وقد تزيا الرجل» اللسان «زيا».

(١٠) سقط هذا البيت من د. ط ، وفي الأصل : «النضول» تصحيف. وما أثبت عن معاهد التنصيص ، «نصل السيف : حديده» اللسان «نصل» ، وفي بلوغ الأرب «كالليوث على الخيول».

(١١) في د. وبلوغ الأرب «جائزتك جوازك إن ..».

(١٢) سقط من الأصل. وأثبته عن د. ط.

(١٣) «المشق : سرعة في الطعن والضرب» ، القاموس (مشق).

٤

والحلبة : الخيل (١) تجمع للسّباق (٢) ، ومنه قيل : أبو بكر السابق وعمر المصلّي رضي‌الله‌عنهما ، «أفضل صلوات المصلّين» أي : أفضل دعاء الداعين ، «المحفوف» المستدار حوله ، لأنّ الحفاف الجانب (٣) ، و «عدنان» بن أدّ أبو معدّ (٤) ، و «الجماجم» : الرؤوس السادة ، و «الأرحاء» : الثابتة (٥) لأنّهم لا ينتجعون (٦) غير أرضهم ، و «السّرّة» الوسط ، و «البطحاء» المسيل الواسع (٧) ، وقريش البطحاء من نزل ببطحاء (٨) مكّة حرسها الله تعالى ، وقريش الضّواحي من خرج عنها ، والنّازلون البطحاء خيرهم ، والنّازلون وسطها خير الخير (٩) «إلى الأسود والأحمر» الأسود : العرب ، والأحمر : العجم (١٠) ، لأنّ الشّقرة عليهم أغلب ، ومنه الحديث : «بعثت إلى الأسود والأحمر» (١١) ، «ولآله الطّيّبين» على طريقه «الله أحمد» ، وأصله الأهل وغلّب على الأتباع (١٢) ، «بالرّضوان» بالرّضا ، «الشّقاق» العداوة والمجانبة ، لأنّ كلا من المتعاندين (١٣) / يكون في شقّ وفي عدوة وفي جانب ، «والعدوان» : الظّلم ، «يغضّون من العربيّة» يحطّون من قدرها ، من «غضّ» أي : نقص ، «من منارها» : من قدرها ، وأصله العلم الذي يهتدى به في الطريق ، ثمّ قيل لكلّ ذي

__________________

(١) في د. ط : «خيل».

(٢) «الحلبة بالتسكين : خيل تجمع للسباق» ، اللسان (حلب).

(٣) «حفافا كل شيء : جانباه» اللسان (حفف).

(٤) قال المصعب الزبيري : «نسب معدّ بن عدنان : معدّ بن عدنان بن أدد بن الهميسع بن أشجب» ، نسب قريش : ٣ ، وأكّد ابن حزم أنّ عدنان من ولد إسماعيل وقال : «إلا أن تسمية الآباء بينه وبين إسماعيل قد جهلت» جمهرة أنساب العرب : ٧ ، وانظر : جمهرة اللغة : ١ / ١٥ واللسان (أدد).

(٥) قال الزمخشري : وهؤلاء رحىّ من أرحاء العرب وهي قبائل لا تنتجع ولا تبرح مكانها ، أساس البلاغة (رحى).

(٦) في ط : «يحبون».

(٧) قال الجوهري : «الأبطح : مسيل واسع فيه دقاق الحصى» ، الصحاح (بطح).

(٨) في ط : «بطن».

(٩) انظر معجم ما استعجم : ١ / ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ، والخزانة : ١ / ٤١٣ ، والتاج (ظهر).

(١٠) في الأصل : «والأحمر ، أي : العرب والعجم» وما أثبت عن د. ط ، وهو أوضح.

(١١) الحديث في مسند الإمام أحمد : ٨ / ٦٧ ، وكنز العمال : ١١ / ٤٤٥ ، وأوله «أوتيت خمسا لم يؤتهن نبيّ كان قبلي ...».

(١٢) انظر سر صناعة الإعراب : ١٠٠ ـ ١٠١ ، وشرح الملوكي في التصريف : ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

(١٣) جاء مكان «المتعاندين» في د : «منهم» ، وفي ط : «منها» ، تحريف في الأخير.

٥

قدر مشهور : رفيع المنار (١) ، ويعني (٢) بالذين يغضّون علماء ناحيته ، لأنّه غالب في كثير منهم ، «حيث لم يجعل» ، أي : يغضّون من أجل ذلك ، جعله الحامل لهم على الغضّ ، و «لا يبعدون» خبر «لعل» ، ولعمري لقد بالغ حتى ناقض ، لأنّ ذلك يكون كفرا ومراغمة (٣) ، وقد أخبر بأنّهم لا يبعدون عن الشّعوبيّة ، فأثبت لهم الكفر ، ثم جعلهم به دون الشّعوبيّة ، وإنّما يغضّون منها لأنّهم يرون غيرها أهمّ منها ، و «الخيرة» بفتح الياء اسم المختار ، وأصله الاختيار ، ويقال : محمّد خيرة الله ، أي مختاره (٤) ، وقال الله تعالى : (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)(٥) أي : الاختيار ، والخيرة بسكون الياء بمعنى (٦) الخير (٧) ، «وخير كتبه» أي : أفضل ، وأصله أفعل ، ولذلك يقال : هما خير القوم ، وهم خير القوم ، وقوله (٨) :

ألا نعب النّاعي بخيري بني أسد

بعمرو بن مسعود وبالسيّد الصّمد

مؤوّل بخيّري (٩) فخفّف ، «منابذة» : محاربة ، و «الأبلج» : المشرق ، من بلج يبلج ، ومنه «الحقّ أبلح والباطل لجلج» (١٠) ، و «زيغا» : ميلا ، و «عن سواء» : عن وسط ، و «المنهج» : الطّريق الواضح ، و «منابذة» و «زيغا» نصب على المفعول من أجله لما تضمّنه [معنى](١١) «لا يبعدون» كأنّه

__________________

(١) قال الجوهري : «والمنار علم الطريق ، وذو المنار ملك من ملوك اليمن» ، الصحاج (نور).

(٢) أي : الزمخشري.

(٣) في ط : «ومراوغة» ، راوغه : خادعه ، وراغ يروغ : حاد يحيد ، والمراغمة : الهجران. اللسان (روغ ، رغم)

(٤) «الخيرة والخيرة كل ذلك لما تختاره ، من رجل أو بهيمة» ، اللسان (خير) ، وقول ابن الحاجب ، «ويقال : محمد خيرة الله» قاله الجوهري في الصحاح (خير).

(٥) سورة القصص : ٢٨ / ٦٨ ، والآية : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ).

(٦) في ط : «معنى» تحريف.

(٧) «والخيرة بكسر فسكون .. كثير الخير» ، التاج (خير).

(٨) نسب الأصفهاني البيت إلى نادبة بني أسد ، الأغاني : ١٩ / ٨٨ ، ونسبه الجوهري وأبو عبيد البكري إلى سبرة بن عمرو الأسدي ، الصحاح (خير) وسمط اللآلي : ٩٣٣ ، ونسبه البغدادي إلى هند بنت معبد بن نضلة ، الخزانة : ٤ / ٥٠٩ ، وورد بلا نسبة في معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٦٨ ، ومجاز القرآن : ٢ / ٣١٦ ، وإصلاح المنطق : ٤٩ ، وأمالي القالي : ٢ / ٢٨٨ ، واللسان (خير) ، ونعب : صاح وصوّت.

(٩) في ط : «بخير» ، تحريف. قال الجوهري : «فإنما ثناه لأنه أراد : خيّري ، فخففه ، مثل ميّت وميت» الصحاح (خير).

(١٠) انظر مجمع الأمثال : ١ / ٢٠٧ ، «الأبلج : الواضح ، واللّجلج : المختلط الذي ليس بمستقيم» اللسان (لجج).

(١١) سقط من الأصل ، وأثبته عن د. ط.

٦

قيل : يقربون منهم من أجل المنابذة ، أو انتفى بعدهم من أجل المنابذة ، لا ب «يبعدون» ، فإنه يفسد المعنى ، وكذلك لو قدّرته حالا بمعنى منابذين (١) ، «يقضى منه العجب» : ينهى ، أي : يبلغ نهايته ، من «قضى حاجته» ، أو يفعل من : «قضيت كذا» أي : فعلته ، أو يحكم منه بالعجب من «قضيت كذا» أي حكمت به (٢) ، والعجب يكون للتعجّب ولما يكون منه التعجب (٣) ، وقول الأصمعيّ : «العرب تقول : ما كدت أقضي العجب ، والعامّة تقول : قضيت العجب» (٤) لم يوافق عليه ، والتحقيق يأباه ، كان المنفيّ مثبتا ما بعد كاد أو لم يكن (٥) ، و «حال» أفصح من حالة ، وتأنيث الحال أكثر (٦) ، ويقال حالة أيضا لواحدة الحال كحاجة وحاج ، و «الإنصاف» النّصفة ، وهو إعطاء / الحقّ ، من النّصف ، كأنّه لزم النّصف المخصوص به (٧) ، ولذلك سمّي نصفا أيضا ، قال الفرزدق (٨) :

ولكنّ نصفا لو سببت وسبّني

بنو عبد شمس من مناف وهاشم

و «الفرط» : تجاوز الحدّ ، و «الجور» : الميل عن القصد ، و «الاعتساف» : سلوك غير الطريق ، «لا يدفع» : لا ينكر ، «لا يتقنّع» : لا يتستّر ، «مشحونة» : مملوءة ، و «الاستظهار» : الاستعانة ، و «التّشبّث» : التّعلّق ، «بأهداب» : بأطراف ، جمع هدب وهدبة ، وهي الخملة (٩) ، «مناقلتهم» : مفاعلة من النّقل ، أي : ينقل إليهم وينقلونه (١٠) ، و «محاورتهم» : مراجعتهم ، والمناظرة : إمّا من

__________________

(١) جعل ابن يعيش «منابذة» منصوبا على أنه مصدر في موضع الحال. انظر شرح المفصل : ١ / ٨.

(٢) انظر هذه المعاني في اللسان (قضى).

(٣) انظر اللسان (عجب).

(٤) نقل ابن يعيش عن الأصمعي في كتابه «فيما يلحن فيه العامة» قوله : «يقولون : قضيت العجب من كذا ، والصواب ما كدت أقضي منه العجب» وعقب فقال : «ولا يبعد جوازه إذا أريد الإكثار من العجب تفخيما لسببه». شرح المفصل : ١ / ٨. وقال الزبيدي : «وقولهم : لا أقضي منه العجب قال الأصمعي : لا يستعمل إلا منفيا». التاج (قضي) ، ولم يعقب الزبيدي بشيء على كلام الأصمعي.

(٥) سيتكلم الشارح على هذه المسألة بالتفصيل في باب الأفعال الناقصة الورقة : ٢١٠ ب من الأصل.

(٦) انظر المذكر والمؤنث لأبي بكر الأنباري : ١ / ٣٧٨ ، والمذكر والمؤنث لابن جني : ٦٥ ، والمخصص : ١٧ / ١٤.

(٧) سقط من ط : «به».

(٨) البيت في ديوانه : ٨٤٤ والكتاب : ١ / ٧٧ ، والمقتضب : ٤ / ٧٤ ، والإنصاف : ٨٧ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ١ / ٧٨ ، ومعاهد التنصيص : ١ / ٤٧.

(٩) «الهدبة : الشعرة النابتة على شفر العين ، والجمع هدب .. وجمع الهدب : أهداب» اللسان (هدب).

(١٠) في ط : «وينقلونها» تحريف. والضمير يرجع إلى «العلم» من كلام الزمخشري.

٧

قولهم : دور متناظرة أي : متقابلة ، لأنّهما متقابلان (١) وإمّا من النّظر وهو البحث ، لأنّ كلا منهما (٢) ينظر فيما ينظر فيه الآخر ، وإمّا من النظر وهو الرّويّة (٣) ، وإمّا من النظير وهو المثل ، «الصّكوك والسّجلّات» : الكتب ، «ملتبسون» : متّصلون ، وأصله الاختلاط ، «أيّة سلكوا» أي : أيّة (٤) وجهة سلكوا ، «أينما وجّهوا» : أيّ : موضع توجّهوا ، «كلّ» : عيال وثقل (٥) ، «حيث سيّروا» أي : ساروا ، «في تضاعيف ذلك» : أي : في أثناء ما ذكرت من مواضع استعمالهم العربيّة ، «يجحدون فضلها» : وصف لهم إمّا بالبله والغفلة ، وإمّا بإنكار الحقّ مع العلم به ، و «الخصل» : ما يراهن عليه في الرّمي ، ثمّ غلّب في الفضل والغلبة لكونه عنه (٦) ، «ويذهبون عن توقيرها» : أي يفارقون تعظيمها أو يغفلون ، و «يمزّقون أديمها» : أي يخرقون جلدها لذمّهم (٧) لها ، «ويمضغون لحمها» : إمّا كناية عن الذّمّ مثل من يأكل لحم أخيه ، فيكون مثل «يمزّقون أديمها» ، وإمّا كناية عن الانتفاع ، والمثل السّائر في ذمّ المحسن «الشعير يؤكل ويذمّ» (٨) ، وكذلك «يجري بليق ويذمّ» (٩) و «قطّعت الأسباب بيني وبينه» (١٠) استعارة في إزالة الوصلة (١١) ، «فيطمسوا» : فيمحوا ، «نفضت غبار كذا عنّي» (١٢) استعارة في إذهابه ألبتّة ، «وفي الفرق بين إن وأن» : يعني في مثل : «أنت طالق إن دخلت الدار ، وأن دخلت الدّار» ، ويقال : إنّ الكسائيّ سأل أبا يوسف (١٣) في حضرة الرشيد ولفظ بأن مفتوحة فقال : «تطلق إن دخلت» ، فقال الكسائيّ : أخطأت ، وبيّن أنّها للتعليل (١٤) ، ومحمّد

__________________

(١) عدّ ابن الحاجب الدور المتقابلة طرفين وأعاد الضمير عليهما.

(٢) سقط من ط : «منهما». أعاد ابن الحاجب ضمير المثنى على المتناظرين.

(٣) في ط : «الرؤية» ، تحريف. «النظر : الفكر في الشيء .. ونظر الرجل ينظره : تأنىّ عليه» اللسان (نظر)

(٤) قال ابن يعيش :«وأيّ قد تؤنث إذا أضيفت إلى مؤنث وترك التأنيث أكثر فيها»،شرح المفصل : ١ / ٩.

(٥) «الثّقل : الحمل الثقيل» ، اللسان (ثقل).

(٦) «الخصل في النضال : الخطر الذي يخاطر عليه ، الخصلة : وهي الغلبة في النضال والقرطسة في الرّمي» اللسان (خصل).

(٧) في د. ط : «جلدها عنه لذمهم».

(٨) انظر جمهرة الأمثال : ٢ / ٤٢٥ ، ومجمع الأمثال : ١ / ٣٦٥ ، وفيه «يقال:خبز الشعير يؤكل ويذم».

(٩) انظر جمهرة الأمثال : ٢ / ٤٢٤ والمستقصى : ٢ / ٤٠٩ ومجمع الأمثال : ٢ / ٤١٤ ، وبليق : اسم فرس كان يسبق ومع ذلك يعاب.

(١٠) يريد قول الزمخشري : «ولا يقطعون بينهما وبينهم الأسباب» المفصل : ٣.

(١١) بعدها في د : «ومنه قول الشاعر : فقطعت الأسباب بيني وبينه».

(١٢) إشارة إلى قول الزمخشري : «وينفضوا من أصول الفقه غبارهما» المفصل : ٣.

(١٣) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري ، أبو يوسف القاضي ، توفي سنة ١٨٢ ه‍. انظر وفيات الأعيان : ٦ / ٣٧٨ ـ ٣٩٠.

(١٤) انظر هذه المسألة في معجم الأدباء : ١٣ / ١٧٥ ، والأشباه والنظائر في النحو : ٣ / ٥٣٤ ـ ٥٣٥.

٨

ابن الحسن الشيباني (١) صاحب أبي حنيفة (٢) رضي‌الله‌عنهما ، له كتاب في الأيمان (٣) ، فيه مسائل كثيرة بناها على العربيّة ، ومن غريبها أنّه قال : لو قال : «إن دخل داري هذه أحد / فأنت طالق» فدخلها هو لم يحنث ، ولو قال : «هذه الدار» فدخلها حنث ، فجعل الإضافة إليه قرينة تخصّص أحدا وتخرجه منه (٤) ، ومنها أنّه لو قال : «أنت طالق إن دخلت الدار» ، ثم قال (٥) : لا بل هذه ، فدخلت الأولى طلقتا معا ، ولو دخلت الثانية فقط لم تطلق واحدة منهما ، وهو صحيح إن لم يكن عرف ولا نيّة «لم يتراطنوا» : لم يتكلّموا بالعجميّة (٦) ، و «حلق» : جمع حلقة ، وهو نادر ، وعن أبي عمرو (٧) حلقة وحلق بالتحريك فيهما (٨) ، وعن الأصمعيّ : حلقة وحلق كبدرة وبدر (٩) ، و «الأبّهة» : العظمة ، و «الهزأة» (١٠) : ما يهزأ به ، والهزأة : الذي يهزأ (١١) ، كضحكه وضحكة (١٢) «هذا» : أي : خذ هذا الذي ذكرت ، ثم ابتدأ (١٣) في أمر آخر فقال : «وإنّ الإعراب» ، فيجوز «أنّ»

__________________

(١) هو صاحب أبي حنيفة وناشر مذهبه ، توفي سنة ١٨٩ ه‍. انظر وفيات الأعيان : ٤ / ١٨٤ ـ ١٨٥.

(٢) هو النعمان بن ثابت ، كان عالما زاهدا ، وهو صاحب المذهب الحنفي ، توفي سنة ١٥٠ ه‍. انظر وفيات الأعيان : ٥ / ٤٠٥ ـ ٤١٥.

(٣) ذكره ابن النديم باسم «كتاب الأيمان والنذور والكفارات» ، انظر الفهرست : ٣٠٢.

(٤) في د. ط : «منهم» ، وكل جائز.

(٥) سقط من ط قوله : «أنت طالق إن دخلت الدار ثم قال» ، وهو مخلّ بالمعنى.

(٦) في ط : «بالعجمة» ، «رجل أعجمي وأعجم إذا كان في لسانه عجمة» ، اللسان (عجم).

(٧) هو أبو عمرو بن العلاء ، واسمه زبّان ، وهو العلم المشهور في علم القراءة واللغة والعربية ، توفي سنة ١٥٤ ه‍ ، انظر نزهة الألباء : ٢٤ ـ ٢٩.

(٨) انظر الكتاب : ٣ / ٥٨٣ ـ ٥٨٤ ، وإصلاح المنطق : ١٨٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ١ / ١٥ ، واللسان (حلق) ، والمعروف عن أبي عمرو الشيباني أنه ليس في الكلام حلقة ، انظر إصلاح المنطق : ١٨٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ١ / ١٥.

(٩) قال ابن منظور : «وقال الأصمعي : حلقة من الناس ومن حديد والجمع حلق مثل : بدرة وبدر» ، اللسان (حلق). وانظر شرح المفصل لابن يعيش : ١ / ١٥.

(١٠) في ط : «والهزء» ، تحريف.

(١١) سقط من د. ط : «يهزأ» ، خطأ.

(١٢) «رجل هزأة بالتحريك : يهزأ بالناس ، وهزأة بالتسكين : يهزأ به» اللسان (هزأ). و «ضحكة : كثير الضحك : وضحكة بالتسكين : يضحك منه» اللسان (ضحك).

(١٣) أي : الزمخشري.

٩

بالفتح ، أو هذا باب ، ثمّ ابتدأ في باب (١) آخر فيه ، «أجدى» : أنفع ، «من تفاريق العصا» مثل يضرب في كثرة المنافع (٢) لكثرة منافعها ، لأنّها ينتفع بها عصا ، فتنكسر فيتّخذ منها ساجور (٣) ، فينكسر فيتّخذ منه (٤) وتد (٥) ، [فينكسر فيتّخذ شظاظا](٦) فينكسر فيتّخذ منه عران (٧) ، وهو عود يجعل في أنف البختيّ ، فينكسر فيتّخذ منه تودية (٨) وهو عود التّصرية (٩) ، وأصله أنّ امرأة كان لها ابن يجرح كثيرا فتأخذ أرشه (١٠) حتى استغنت فقالت : (١١)

أحلف بالمروة حقّا والصّفا

إنّك أجدى من تفاريق العصا

و «العديد» : العدد ، «فاجترأ» : فأقدم ، و «تعاطي الشيء» : الأخذ فيه ، و «العمياء» : العماية ، وهو الباطل ، و «العشواء» : الناقة التي لا تبصر قدّامها ، فتخبط كلّ شيء ، فقيل لكلّ من ركب أمرا من غير بصيرة : «يخبط خبط عشواء» (١٢) ، «التّقوّل والافتراء» : الكذب : و «الهراء» : القول الخطأ ، و «براء» : بمعنى بريء وهو مصدر وصف به ، «وهو» أي : الإعراب ، «المرقاة» بفتح الميم وكسرها : الدّرجة ، فالفتح على الموضع ، والكسر على الآلة ، «إلى علم البيان» ، وهو العلم

__________________

(١) في د : «أمر».

(٢) ذكره الميداني بلفظ : «إنك خير من تفاريق العصا» ، مجمع الأمثال : ١ / ٣٧.

(٣) «الساجور : القلادة أو الخشبة التي توضع في عنق الكلب» ، اللسان (سجر).

(٤) في ط : «منها» ، تحريف.

(٥) «الوتد بالكسر : مارزّ في الحائط والأرض والخشب» ، اللسان (وتد).

(٦) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د. قال الميداني : «ويفرق الوتد فتصير كل قطعة شظاظا» مجمع الأمثال : ١ / ٣٧.

«والشّظاظ : العود الذي يدخل في عروة الجوالق» اللسان (شظظ) «والجوالق بكسر اللام وفتحها : وعاء من الأوعية معروف ، معرب» اللسان (جلق) وانظر المعرب : ١٥٨.

(٧) في د : «عوان» تحريف. وانظر اللسان (عرن) ، وجاء مكان كلمة «عوان» كلمة «مهار» عند الميداني وابن يعيش. انظر مجمع الأمثال : ١ / ٣٧ وشرح المفصل لابن يعيش : ١ / ١٥. «والمهار : العود يدخل في أنف البعير». مجمع الأمثال : ١ / ٣٧.

(٨) التّودية : هي الخشبة التي تصرّبها أطباء الناقة إذا صرّت لئلا يرضعها الفصيل والجمع : تواد ، انظر مجمع الأمثال : ١ / ٣٧ وشرح المفصل لابن يعيش : ١ / ١٥ واللسان (ودي).

(٩) انظر اللسان (صري).

(١٠) «الأرش : الدّية» ، اللسان (أرش).

(١١) هي غنيّة الكلابية كما في شرح المفصل لابن يعيش : ١ / ١٥ ، وذكرها الميداني باسم غنية الأعرابية في مجمع الأمثال : ١ / ٣٧ وكذلك ورد اسمها في اللسان (فرق).

(١٢) قال الميداني : «يضرب للذي يعرض عن الأمر كأنه لم يشعر به ، ويضرب للمتهافت في الشيء» مجمع الأمثال : ٢ / ٤١٤.

١٠

بالمعاني الحاصلة عن الإعراب ، «المطّلع» و «الكافل» و «الموكّل» : صفات لعلم البيان ، لأنّ تلك المعاني الحاصلة عن الإعراب هي المطّلعة على نكت نظم القرآن ، «الكافل» : الضّامن ، «الموكّل» : المجعول وكيلا به ، و «المعادن» : مواضع الذهب والفضّة ، فاستعاره لذلك ، و «نكت نظم القرآن» : المعاني الدقيقة المفهومة منه ، «فالصّادّ عنه» : فالصّارف عن الإعراب ، و «المريد» : أي : وكالمريد ، و «الموارد» : جمع مورد ، وهو موضع ورود الماء ، أي : بموارد الخير ، «أن تعاف» تترك ، «ندبني» : دعاني ، «من الأرب» : من الحاجة ، «الشّفقة» : الحنوّ والرّقّة ، و «الحدب» : العطف ، / و «الأشياع» : الأتباع ، «والحفدة» : الخدم ، جمع حافد ، و «الإنشاء» : الاختراع ، «محيط» : جامع ، كأنّه قد أحدق به (١) ، و «الترتيب» : وضع كلّ شيء في رتبته (٢) ، أي : في منزلته ، و «الأمد» : الغاية ، و «أقرب السعي» : أدناه ، و «سجالهم» : دلاؤهم (٣) ، وهذا تصريح منه بافتقار النّاس قبل كتابه إلى تعلّم العربيّة بكتاب صالح للتعليم ، «فأنشأت» : أي : فكان ما تقدّم سببا للإنشاء ، و «النّصاب» : الأصل ، و «المركز» : الموضع ، و «الإيجاز» : الاختصار غير المخلّ بقصره (٤) ، لأنّه لا يكاد ينفكّ عنه ، «والتلخيص» : التّبيين ، «غير المملّ» (٥) بطوله ، لأنّه لا يكاد ينفكّ عنه ، «لمقتبسيه» : أي لمستفيديه ، يقال : اقتبست علما وقبسته نارا ، فاقتبسه ، وقيل : اللغتان معا فيهما (٦) ، «مليء بكذا» : أي : قادر عليه (٧) ، والهاء في «فيه» (٨) للكتاب في «فأنشأت هذا الكتاب» ، أو للطالب لتقدّم ما يدلّ عليه.

__________________

(١) «حدق به الشيء وأحدق : استدار .. وكل شيء استدار بشيء وحاط به فقد أحدق به» اللسان (حدق)

(٢) في د : «موضعه».

(٣) «السّجل : الدلو الضخمة المملوءة ماء مذكر .. ولا يقال لها فارغة سجل ولكن دلو» اللسان (سجل).

(٤) في ط : «بقصده».

(٥) في ط : «المخل» ، وهو مخالف لنص المفصل ص : ٥.

(٦) سقط من ط : «فيهما». قال الزبيدي : «وقبس يقبس منه نارا من حدّ ضرب واقتبسها : أخذها واقتبس العلم ومن العلم : استفاده ، وكذلك اقتبس منه نارا ، قال الكسائي : اقتبست منه علما ونارا سواء ، قال : وقبست أيضا فيهما». التاج (قبس) ، وانظر إصلاح المنطق : ٢٤٤.

(٧) قال الزبيدي : «مليء ككريم مهموز كثير المال أو الثقة الغني أو الغني المقتدر» التاج (ملأ).

(٨) في الأصل. ط : «له» ، تحريف. وما أثبت عن د. وهو موافق لنص المفصل ص : ٥.

١١

قال صاحب الكتاب :

«فصل في معنى الكلمة والكلام

الكلمة هي اللّفظة الدّالّة على معنى مفرد بالوضع».

قال الشيخ الإمام أبو عمرو عثمان بن الحاجب رحمه‌الله إملاء (١) : قدّم هذا الفصل قبل الشّروع في الأقسام لكونه خليقا بالمشترك باعتبارها ، وتقدمته أولى لتنجّز الحاجة إليه قبلها ، لأنّ الكلام في الأنواع وتركيبها متوقّف على معرفة الجنس ، واللّفظ ما لفظ به الإنسان قلّت حروفه أو كثرت ، وقوله : «اللّفظة» إن أراد به (٢) أقلّ ما ينطلق عليه اللفظ كضربة ففاسد ، لأنّ أقلّه حرف واحد ، وإن أراد عددا مخصوصا ينتهي إليه فليس مشعرا به ، وإن أراد معنى اللفظ كان اللفظ أولى للاختصار ورفع الاحتمال.

وقوله : «الدالّة (٣) على معنى» حذرا ممّا لا يدلّ على معنى كديز ، فإنّها لفظة ولا تدلّ على معنى (٤) ، وقوله : «مفرد» حذرا ممّا يدلّ على معنى مركّب ملفوظ بجزأيه أو بجزئه ، نحو «قام زيد» و «قم» و «اقعد» ، فنحو هذا ليس بكلمة (٥) ، وقوله : «بالوضع» حذرا مما يدلّ على معنى مفرد بالعقل ، وذلك أنّا لو سمعنا لفظ «ديز» من وراء جدار لعلمنا بالعقل أنّها لفظة قامت بذات ، فهي لفظة (٦) دالّة على معنى مفرد بالعقل لا بالوضع.

قوله : «وهي جنس تحته ثلاثة أنواع الاسم والفعل والحرف».

فالجنس هو الذي يدخل تحته أنواع مختلفة لحقيقة (٧) كلّيّة ، فالكلمة تطلق على الاسم والفعل والحرف ، فهي بهذا / الاعتبار جنس لشمولها لكلّ واحد منها ، وكلّ واحد منها نوع ، إذ حقيقة

__________________

(١) سقط من ط من قوله : «الإمام» إلى «إملاء».

(٢) سقط في ط : «به».

(٣) في ط : «الدال» ، وهو مخالف لنص المفصل : ٦.

(٤) وقع اضطراب في العبارة في ط إذ جاءت : «وقوله : الدال على معنى ، كديز فإنها لفظة ولا تدل على حذرا مما لا يدل على معنى».

(٥) في ط : «فهذا عنده ليس بكلمة».

(٦) سقط من د : «لفظة».

(٧) في د. ط : «بحقيقة».

١٢

الجنس فيه موجودة وهي الكلمة ، [والدليل على الحصر أنّ](١) الكلمة إمّا أن تدلّ على معنى في نفسها أولا ، الثاني الحرف ، والأوّل إمّا أن يدلّ على الاقتران بأحد الأزمنة الثلاثة أولا ، [الأوّل الفعل](٢) ، والثاني الاسم (٣) ، وقد علم بذلك حدّ كلّ واحد منها.

ومعنى قوله : «في نفسه» (٤) أنّه يستقلّ بالمفهوميّة ، والحرف لا يستقلّ بالمفهوميّة ، ومعنى ذلك أنّ نحو «من» و «إلى» مشروط في وضعها دالّة على معناها الإفراديّ ذكر متعلّقها ، ونحو «الابتداء» و «الانتهاء» و «ابتدأ» و «انتهى» (٥) غير مشروط فيه (٦) ذلك.

وقد أورد على ذلك نحو : ذوو وأولو وأولات والموصولات وقاب (٧) وقيس (٨) وأيّ وبعض وكلّ وفوق وتحت وأمام وقدّام وخلف ووراء ، فإنّها لا تستعمل إلّا كذلك (٩) ، فيجب أن تكون حروفا ، والجواب أنّها وإن لم تستعمل اتّفاقا إلّا كذلك فذلك لعارض (١٠) ، لا أنّها مشروط (١١) في وضعها دالة على ذلك ، لأنّ وضع «ذو» بمعنى صاحب ، والتزم (١٢) ذكر المضاف إليه لكونها وضعت ليتوصّل بها إلى الوصف بأسماء الجنس (١٣) ، ووضع «فوق» بمعنى مكان له علوّ على غيره ، فالتزم ذكر المضاف إليه ليتّضح المستعلى عليه (١٤) ، كأفعل بالنّسبة إلى المفضّل عليه ، وكذا

__________________

(١) سقط من الأصل. وأثبته عن د. ط.

(٢) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.

(٣) نقل الرضي كلام ابن الحاجب بشيء من التصرف في شرح الكافية : ١ / ٧ ، وانظر الهمع : ١ / ٤.

(٤) في د : «ومعنى قولنا في نفسها» ، تحريف. وهنا بدأ ابن الحاجب بمناقشة تعريف الزمخشري للاسم. انظر المفصل : ٦.

(٥) في د. ط : «وابتداء وانتهاء» مكان «ابتدأ وانتهى».

(٦) في د : «فيهما».

(٧) «القاب : ما بين المقبض والسّية» ، اللسان (قوب).

(٨) «القيس والقاس : القدر ، يقال : قيس رمح وقاسه» ، اللسان (قيس).

(٩) أي مضافة ، انظر شرح المفصل لابن يعيش : ٢ / ١٢٩.

(١٠) في د : «فلعارض».

(١١) العبارة في ط : «وإن لم يتفق استعمالها إلا كذلك لعارض إلا أنها غير مشروط ..».

(١٢) في د : «ثم التزم».

(١٣) في د : «إلى وصف الأسماء بالجنس» ، تحريف.

(١٤) في ط : «على غيره».

١٣

البواقي ، ونحو «عن» و «على» والكاف في الاسميّة يجب (١) ردّه إلى ذلك بعد ثبوت الاسميّة بخصائصها (٢) ، وإن لم يقو هذا التقدير فيه (٣) إجراء للبابين على ما علم من لغتهم فيهما (٤).

قوله : «والكلام هو المركّب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى». يريد بالإسناد إسنادا له (٥) إفادة لا إخبار فقط (٦) ، بدليل قولهم : «هل زيد قائم» ، فإنّ الإسناد موجود وليس بخبر.

قوله : «ولا يتأتّى ذلك إلّا في اسمين أو في فعل واسم» (٧).

والدّليل على الحصر فيما ذكر أنّا علمنا من كلامهم ما يخبر به ويخبر عنه (٨) ، فسمّيناه اسما (٩) ، وما يخبر به ولا يخبر عنه فسمّيناه فعلا (١٠) ، ولا يخبر به ولا يخبر عنه فسمّيناه حرفا (١١) ، فإذا عرفنا ذلك من كلامهم تعيّن ذلك (١٢) ، وذلك لأنّ القسمة ستّة : قسمان مفيدان ، وأربعة غير مفيدة ، اسم واسم ، وفعل وفعل ، وحرف وحرف ، واسم وفعل ، واسم وحرف ، وفعل وحرف ، فالاسم مع الاسم أحد القسمين ، والفعل مع الفعل لا يفيد (١٣) لعدم المخبر عنه ، والحرف مع الحرف لا يفيد لعدمهما جميعا ، والاسم مع الفعل هو القسم الآخر ، والاسم مع الحرف لا يستقيم (١٤) لعدم المخبر عنه أو المخبر به (١٥). والفعل مع الحرف لا يفيد لعدم المخبر عنه.

__________________

(١) سقط من ط : «يجب» ، خطأ.

(٢) انظر من أجل اسمية «عن» و «على» المقتضب : ٤ / ١٤٠ ، وسر صناعة الإعراب : ٢٨٢ ، ومغني اللبيب : ١٥٥ ـ ١٥٦ ، ١٦٠ ، ١٩٦.

(٣) سقط من ط : «فيه».

(٤) في الأصل. ط : «فيها» ، وما أثبت عن د.

(٥) في د : «ذا».

(٦) في ط : «له إفادة ، وهو أن يحكم بشيء على شيء يقصد بذلك إفادة السامع لا إخبارا ..».

(٧) تصرف ابن الحاجب بعبارة الزمخشري. انظر المفصل : ٦.

(٨) في ط : «أو يخبر عنه».

(٩) في د : «وهو الاسم» مكان «فسميناه اسما».

(١٠) في د : «وما يخبر به لا عنه وهو الفعل».

(١١) في د : «ولا عنه وهو الحرف».

(١٢) أي أنّ الإسناد لا يكون إلا بين اسمين واسم وفعل.

(١٣) في ط : «يستقيم».

(١٤) في د : «يفيد».

(١٥) سقط من ط : «أو المخبر به» خطأ.

١٤

فإذا (١) أورد «يا زيد» ، وهو حرف مع اسم وقد أفاد ، فالجواب : أنّ «يا» قامت مقام الجملة على قول أكثر النحويّين (٢) ، وعلى قول بعضهم أنّ «يا» اسم فعل (٣) ، فعلى كلا القولين لا يرد على (٤) ما ذكرناه.

وقد أورد على قول النحويين : «إنّ الحرف لا يخبر عنه» أنّه تهافت في الكلام (٥) ، لأنّ قولكم (٦) : «لا يخبر عنه» خبر عنه ، وكذلك قولكم (٧) : الحرف أحد أنواع الكلمة ، وذلك كثير ، وكثر الخبط فيه.

والجواب أنّ المراد أنّ نفس صيغ الحروف مستعملة في معناها لا يكون مخبرا عنها ، فلا يوجد لفظة «من» ولا غيرها من نوع الحروف مستعملة في معناها وهي مخبر عنها ، فاندفع الإشكال ، وهذا هو الجواب في أنّ الفعل أيضا لا يخبر عنه.

قوله : «وتسمّى الجملة» (٨) يجوز أن يكون بالتاء والياء (٩) ، وضابط هذا (١٠) أنّ كلّ لفظتين وضعتا لذات واحدة ، إحداهما (١١) مؤنّثة والأخرى مذكّرة وتوسّطهما ضمير جاز تأنيث الضمير (١٢) وتذكيره ، والتأنيث ههنا أحسن ، لأنّ الجملة مؤنّثة وهي خبر عنها (١٣) ، ثم أخذ (١٤) يتكلّم على الأقسام الأربعة.

__________________

(١) في د. ط : «فإن».

(٢) انظر الكتاب : ١ / ٢٩١ ، والمقتضب : ٤ / ٢٠٤ ، وذهب ابن جني إلى أن «يا» نفسها هي العامل الواقع على المنادى ، انظر الخصائص : ٢ / ٢٧٦ ـ ٢٧٧.

(٣) ممن ذهب إلى هذا أبو علي الفارسي ، انظر كتاب الشعر : ٦٧ ـ ٦٨ ، وشرح الكافية للرضي : ١ / ١٣٢ وما سيأتي : ق : ٥٦ ب من الأصل.

(٤) في د : «عليه».

(٥) سقط من د. ط : «في الكلام».

(٦) في ط : «قولهم».

(٧) في د. ط : «قولهم».

(٨) عاد ابن الحاجب إلى كلام الزمخشري على الكلمة.

(٩) في شرح ابن يعيش : ١ / ١٨ «ويسمى الجملة» بالياء وفي المفصل : ٦ «وتسمى الجملة» بالتاء.

(١٠) في ط : «وضابطه». (ـ ١٠) في ط : «وإحداهما».

(١١) في د : «جاز تأنيثه».

(١٢) بعدها في ط : «القسم الأول من الكتاب وهو قسم الأسماء. قال الشيخ : ثم أخذ يتكلم ..».

(١٣) أي الزمخشري.

١٥

فأوّلها قسم الأسماء ، وسمّي هذا النوع اسما من السموّ ، وهو العلوّ لأنّه (١) رفع أو علا كالعلم عليه ، أو لأنّه رفع مسمّاه عند ذكره إلى الأذهان ، وعند الكوفيّين من السّمة وهي العلامة ، وتصغيره على سميّ ، وجمعه على أسماء حجّة واضحة للبصريين (٢).

ثمّ قال في حدّ الاسم : «ما دلّ على معنى في نفسه دلالة مجرّدة عن الاقتران».

فالحدّ لا بدّ أن يكون مركّبا من جنس وفصل ، فالجنس (٣) يحصر المحدود وغيره ، والفصل (٤) يفصله عن غيره ، فقوله : «ما دلّ على معنى» حصر الاسم والفعل والحرف ، وقوله : «في نفسه» فصل الاسم والفعل عن الحرف ، وقوله : «دلالة مجرّدة عن الاقتران» فصل الاسم عن الفعل.

قال الشيخ : هذا الحدّ يرد عليه أمور :

أحدها : أنّ الغبوق (٥) والصّبوح (٦) لا يدخلان (٧) في هذا الحدّ ، لدلالتهما (٨) على الزّمان ، وهما من قبيل الأسماء (٩) بالاتّفاق.

والجواب : أنّه لا يدلّ (١٠) على زمان من الأزمنة (١١) الثلاثة ، وإنّما يدلّ (١٢) على الزّمان الذي هو (١٣)

__________________

(١) في الأصل. ط : «كأنه» ، وما أثبت عن د.

(٢) انظر هذه المسألة في معاني القرآن وإعرابه للزجاج : ١ / ٣٩ ـ ٤١ ، وأمالي ابن الشجري : ٢ / ٦٦ ـ ٦٨ ، والإنصاف : ٦ ـ ١٦ ، وشرح الملوكي : ٤٠٤ ـ ٤٠٥ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ١ / ٢٣.

(٣) سقط من د : «وفصل فالجنس» ، خطأ.

(٤) في د : «وفصل».

(٥) «الغبوق : الشرب بالعشيّ ، وخصّ بعضهم به اللبن المشروب في ذلك الوقت» اللسان (غبق).

(٦) «الصّبوح : كلّ ما أكل أو شرب غدوة» اللسان (صبح).

(٧) في الأصل. ط : «يدخل» ، وما أثبت عن د.

(٨) في الأصل. ط : «لدلالته» ، وما أثبت عن د.

(٩) في د. «وهما اسمان باتفاق».

(١٠) في د : «عدم الدلالة» مكان «أنه لا يدل».

(١١) سقط من د : «الأزمنة».

(١٢) في د : «يدلان».

(١٣) سقط من د : «الزمان الذي هو».

١٦

أوّل النهار وآخره ، وقد قيّدنا الأزمنة (١) بالماضي والحاضر والمستقبل ، فيجب دخوله (٢) في الحدّ.

فإن قيل : فالأفعال المضارعة لا دلالة لها (٣) على أحد الزّمانين بعينه ، فهي (٤) تحتمل / الحال والاستقبال كالغبوق والصّبوح في احتماله بالنسبة إلى الأزمنة الثلاثة ، فلتكن [كالغبوق والصّبوح](٥) فتدخل في حدّ الأسماء ، وهي أفعال بالاتّفاق.

فالجواب : أنّ الفعل المضارع يدلّ على أحد الزّمانين [بعينه](٦) ، ولا ينطق العربيّ ولا من يتكلّم بكلامه إلّا وهو قاصد به دلالته على أحد الزّمانين (٧) ، وإنّما اتّفق أنّ دلالته مشتركة بينهما فيقع اللّبس عند عدم القرائن على السّامع ، فيتوهّم أنّه لا دلالة له ، وليس كالغبوق والصّبوح ، فإنّه لا دلالة لهما على أحد الأزمنة الثلاثة ألبتّة ، لا بتعيّن ولا باشتراك (٨) ، وإنّما احتمالهما للأزمنة احتمال وجودي ، وغرضنا الدّلالة اللّغويّة لا الاحتمالات الوجوديّة.

قال الشيخ رحمه‌الله تعالى : وأشكل ما يرد على هذا الحدّ الأفعال التي لا تتصرّف ، مثل نعم وبئس وليس وحبّذا وعسى ، فإنّها تدلّ على معنى في نفسها من غير زمان ، فيجب دخولها في حدّ الاسم ، وهي أفعال عند البصريّين (٩).

والجواب : أنّ هذه (١٠) الأشياء دالّة (١١) على الأزمنة في أصل الوضع دلالة (١٢) تقديرا في بعضها

__________________

(١) في الأصل : «الأسماء» ، تحريف. وما أثبت عن د. ط.

(٢) في د : «دخولهما».

(٣) في د : «فإن قيل : فإن المضارع لا دلالة له ..».

(٤) في د : «بل».

(٥) سقط من الأصل ، وأثبته عن د. ط.

(٦) سقط من الأصل ، ط ، وأثبته عن د.

(٧) في د. «أحدهما» مكان «به دلالته على أحد الزمانين».

(٨) في ط : «بالاشتراك».

(٩) وذهب الكوفيون إلى أن نعم وبئس اسمان لا يتصرفان ، انظر الإنصاف : ٩٧ ـ ١٢٦ ، وذكر ابن هشام مذهب ابن السراج والكوفيين في حرفية ليس ، انظر مغني اللبيب : ٣٢٥ ـ ٣٢٧ ، ونقل السيوطي مذهب ابن السراج في حرفية ليس في الأشباه والنظائر : ٣ / ١٠ ، ولكن ابن السراج صرح بفعليتها ، واستدل لذلك في الأصول : ١ / ٨٢.

(١٠) في د : «لهذه» ، تحريف.

(١١) سقط من د : «دالة» ، خطأ.

(١٢) سقط من ط : «دلالة».

١٧

وتحقيقا في بعضها ، والألفاظ إذا خرجت عن دلالتها الأصليّة لغرض آخر من الدلالة لا يخرجها ذلك عن حدّها وإعرابها ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «بعت» وأنت تريد الإنشاء فإنّه لا دلالة لها على زمان أصلا ، ومع ذلك فإنّك تحكم بأنّه فعل ماض ، وكذلك إذا قلت : «ما أحسن زيدا» فإنّك تقول : «ما» : مبتدأ ، و «أحسن» : فعل ماض ، وفيه فاعل (١) ، و «زيدا» مفعول بوقوع الفعل عليه ، ولا يصحّ ذلك إلّا بتقدير أصل كان فيه كذلك ، وإلّا فهو بعد إيراده للتعجّب (٢) لا يفهم منه هذا المعنى أصلا ، إذ ليس لك غرض في أن تخبر بأنّ شيئا حسّن زيدا ، بل قصدك إلى التعجّب لا غير ، وإنّما ذلك شيء يقدّر أصلا له ، ثمّ نقل عنه إلى هذا المعنى ، فبقي إعرابه بعد النّقل إلى هذا المعنى كما كان في الأصل ، وكذلك قول من يقول : إنّ أصله استفهام (٣) ، أو اسم موصول (٤) ، ومن ثمّ كان المختار أنّه لا يلزم من كلّ مجاز أن يكون له حقيقة ، ولمّا قامت الدلالة على فعليّتها (٥) بالخصائص كان هذا (٦) التقدير أحقّ لثبوت مثله ، وكذلك إذا قلنا : ضارب فإنّه يدلّ على معنى في نفسه من غير زمان ، وقد يستعمل دالا على الزمان ، كقولهم : «مررت برجل ضارب زيدا» ، ومع ذلك فلم يخرجه عن الاسميّة ، لأنّ أصل وضعه لا دلالة فيه على الزمان ، فكذلك هذه الأفعال أصل وضعها الدّلالة على الزمان ، ثمّ استعملت / لمعانيها الخاصّة مجرّدة عن معاني الزمان ، فلا يخرجها ذلك عن حقيقة الفعليّة كما لم يخرج ضاربا دلالته (٧) على الزمان عن حقيقة الاسم.

وقد أورد على حدّ الاسم قولهم : المستقبل والماضي ونحوهما (٨) ، فإنّها تدلّ على الحدث والزمان ، فأجيب بأمرين :

__________________

(١) في ط : «وفاعل» وسقط «فيه» ، خطأ.

(٢) في ط : «بعد إرادة التعجب».

(٣) ممن قال بهذا الفراء وابن درستويه ، انظر ما سيأتي ورقة : ١٢٠ ب من الأصل ، وورقة : ٢١٦ ب من الأصل.

(٤) جوّز الأخفش أن تكون «ما» معرفة موصولة والجملة بعدها صلة لا محل لها ، انظر شرح الكافية للرضي : ٢ / ٣١٠ ، ومغني اللبيب : ٣٢٩ ، وردّ المبرد هذا القول في المقتضب : ٤ / ١٧٧ ، وانظر الكتاب : ١ / ٧٢ ـ ٧٣ ، وانظر ورقة : ٢١٦ أمن الأصل.

(٥) أي فعلية نعم وبئس وليس وحبذا وعسى.

(٦) في د : «كان فيها هذا».

(٧) في د : «ضارب بدلالته».

(٨) في الأصل. ط : «ونحوه» ، وما أثبت عن د.

١٨

أحدهما : أنّ المستقبل والماضي يراد (١) بهما نفس الزمان ، فإذا قيل : الفعل مستقبل فالمعنى مستقبل زمانه ، ثمّ حذف للكثرة.

والثاني : سلّمنا أنّه (٢) للفعل لكن لا دلالة على الزمان بالوضع ، وإنّما لزم الزمان المستقبل من حيث المعقول ، كقولك : الاستقبال والمضيّ (٣) والانتظار ونحوه ، لأنّ المستقبل إنّما يدلّ على ما يدلّ قولك : متعلّق الاستقبال ، فلو كان له دلالة على الزمان لكان الاستقبال (٤) نفسه (٥).

والكلام على قولهم (٦) : «في نفسه» ، الضمير في «ما دلّ على معنى في نفسه» يرجع إلى «معنى» ، أي : ما دلّ على معنى باعتباره في نفسه وبالنّظر إليه في نفسه ، لا باعتبار أمر خارج عنه (٧) ، كقولك : «الدار في نفسها حكمها كذا» ، أي : لا باعتبار أمر خارج عنها (٨) ، ولذلك قيل في الحرف : ما دلّ على معنى في غيره (٩) ، أي : حاصل في غيره (١٠) ، أي : باعتبار متعلّقه لا باعتباره في نفسه.

ومن قال : الضمير في «نفسه» يرجع إلى «ما دلّ» أي : اللفظ الدّالّ على معنى بنفسه من غير ضميمة يحتاج إليها في دلالته الإفراديّة ، لخلاف الحرف فإنّه يحتاج إلى ضميمة في دلالته على كمال معناه الإفراديّ ، يرد (١١) عليه أنّ «في» لا تستعمل بهذا المعنى ، وأنّ المقابل ـ وهو الحرف ـ لا يجري فيه النقيض ، فإنّه إذا قيل : الحرف ما دلّ على معنى في غيره (١٢) بعد أن يجعل «في غيره» تتمة لقولك : «ما دلّ» فيكون المعنى : ما دلّ بغيره ، أي : بلفظ آخر معه على معنى ، وإذا جعل «في غيره» صفة لمعنى كان ما دلّ على معنى حاصل في غيره ، أي باعتبار متعلّقه ، فيتطابق الحدّان في مقصود التّقابل.

__________________

(١) في د : «والماضي ونحوهما يراد ..».

(٢) يعود الضمير إلى «المستقبل والماضي».

(٣) في ط : «والماضي».

(٤) في ط : «للاستقبال».

(٥) في د : «كذلك» ، وسقط من ط : «نفسه».

(٦) كذا وردت ، ولعله يريد النحويين ، إلا أن «في نفسه» من كلام الزمخشري.

(٧) انتقد السيوطي رأي ابن الحاجب في كون الضمير في «نفسه» راجعا إلى «معنى» وردّ عليه. انظر الهمع : ١ / ٤.

(٨) سقط من ط : «عنها».

(٩) انظر الأشباه والنظائر في النحو : ٣ / ٣ ـ ٦ ، وما سيأتي ورقة : ٢٢٥ أمن الأصل.

(١٠) سقط من ط : «أي حاصل في غيره».

(١١) قوله «يرد» جواب قوله : «ومن قال : الضمير ..».

(١٢) سقط من د : «في غيره» ، خطأ.

١٩

قال صاحب الكتاب : «وله خصائص».

قال الشيخ : الفرق بين الحدّ والخاصّة (١) أنّ الحدّ لا بدّ أن يكون في جميع آحاد المحدود (٢) ، أمّا الخاصّة فهي التي تكون في بعض آحاده خاصّة.

وقوله : «منها جواز الإسناد إليه» يريد بالإسناد إليه ههنا الإخبار عنه بأن يقع مبتدا أو ما هو (٣) في معناه ، لأنّ أصل وضعه لأن يخبر به وعنه ، واختصّ بلام التعريف ليختصّ ، فيفيد الإخبار عنه ، وقول الشاعر (٤) :

ما أنت بالحكم التّرضى حكومته

ولا الأصيل ولا ذي الرّأي والجدل

ونحوه مردود لا يعتدّ به ، كأنّه لمّا رأى الألف واللّام ههنا بمعنى الذي وصلها بما يوصل به الذي.

قال الشيخ رحمه‌الله تعالى : لأنّ / الألف واللّام منزّلة منزلة الصّفة ، والدّليل على أنّها بمنزلة الصفة أنّك إذا قلت : رجل ، ثمّ قلت (٥) : الرّجل ، فلولا معهود بينك وبين المخاطب لم يكن ذلك كلاما ، والصّفات لا تكون إلّا للأسماء ، والدّليل عليه أنّ (٦) العرب وضعت الأسماء وضعا عاما (٧) ، وهو كونها يخبر عنها وبها ، ووضعت ما سواها ـ وهو الأفعال ـ وضعا خاصّا (٨) ، فلم يحتج إلى ذلك فيه (٩).

وإنّما اختصّ بالجرّ (١٠) لأنّ المضاف إليه مخبر عنه من حيث المعنى (١١) والأفعال وضعت ليخبر

__________________

(١) ميز الرضي الحدّ من الخاصة ، انظر شرح الكافية : ١ / ١٢ ـ ١٣.

(٢) في د : «في آحاد المحدود كلها».

(٣) في ط : «وما هو».

(٤) هو الفرزدق كما في الإنصاف : ٥٢١ ، والمقاصد للعيني : ١ / ١١١ ، وشرح التصريح : ١ / ٣٨ ، ١ / ١٤٢ ، والخزانة : ١ / ١٤ ، ولم أجد البيت في ديوانه ، وورد بلا نسبة في الأشموني : ١ / ١٥٦ والهمع : ١ / ٨٥.

(٥) سقط من د. من قوله : «والدليل» إلى قوله : «قلت» ، خطأ.

(٦) في ط : «والدليل على أن الصفات لا تكون إلا للأسماء أن ...».

(٧) في د : «والصفات لا تكون إلا أسماء لأنها موضوعة وضعا عاما ..».

(٨) في د : «ووضعوا الأفعال وضعا خاصا ..».

(٩) في د : «منها» ، تحريف.

(١٠) في ط : «بحرف الجر» ، تحريف.

(١١) في د : «لأن المضاف إليه في المعنى مخبر عنه».

٢٠