المعجم المفصّل في علم الصّرف

المعجم المفصّل في علم الصّرف

المؤلف:


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٣٧

١
٢

الإهداء

إلى زوجتي وأولادي

٣
٤

المقدمة

هذا الكتاب حلقة من سلسلة الخزانة اللغويّة التي تصدرها دار الكتب العلميّة بإشراف الدكتور اميل بديع يعقوب ، ولذلك نهجت فيه نهج السلسلة بكاملها من ترتيب المصطلحات وفق الترتيب الألفبائيّ ، إلى طريقة معالجة هذه المصطلحات نفسها ، إلى نظام الإحالة ، وإلى غير ذلك من أمور تتعلّق بالمنهج ، وطبيعة العمل.

والصرف من أهمّ علوم العربيّة ، وأصعبها. والذي يبيّن أهمّيّته احتياج جميع المشتغلين بالعربيّة إليه أيّما حاجة ، لأنّه ميزان العربيّة ، فاللغة يؤخذ جزء كبير منها بالقياس ، ولا يعرف القياس إلّا كلّ من درس التصريف. و «كان ينبغي أن يقدّم علم التصريف على غيره من علوم العربيّة ، إذ هو معرفة ذوات الكلم في أنفسها من غير تركيب. ومعرفة الشيء في نفسه قبل أن يتركّب ينبغي أن تكون مقدّمة على معرفة أحواله التي تكون له بعد التركيب ، إلّا أنّه أخّر للطفه ودقّته ، فجعل ما قدّم عليه من ذكر العوامل توطئة له ، حتى لا يصل إليه الطالب إلّا وهو قد تدرّب وارتاض للقياس» (١).

أمّا غموضه فمتأتّ مما يتضمّنه من إعلال ، وإبدال ، وإدغام ، ووجوب معرفة الحروف الزوائد ، وكثرة أوزان الفعل ، وأوزان الاسم ، وكثرة الشّذوذ ، واختلاف الآراء ، وتعدّد المذاهب ، وكثرة المصطلحات ...

وحاولت التبسيط في كتابي هذا ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، وذلك سواء بإيراد الأمثلة ، أم بطريقة الشرح ، أم بإيراد تفصيلات المسألة الواحدة.

ولقد اعتمدت على عدد من المصادر والمراجع ، إلّا أنّني أكثرت من الاعتماد على

__________________

(١) ابن عصفور : الممتع في التصريف ص ٣٠ ـ  ٣١.

٥

كتاب ابن عصفور «الممتع في التصريف» ، وخاصّة في مسائل الإبدال ، والإدغام ، والحروف الزوائد ، وأوزان الاسم.

وقد ألحقت بكتابي هذا ملحقين ، جعلت في الأوّل منهما جداول تصريفيّة لبعض الأفعال ، اخترتها بحيث تمثّل كلّ الأفعال العربيّة من حيث التصريف ، وضمّنت الثاني أهمّ كتب الصرف العربيّ.

هذا ، وأختم مقدّمتي هذه آملا أن أكون وفّقت ، بكتابي هذا ، في خدمة لغتي ، وراجيا غضّ الطرف عن بعض الهنات التي أكون قد وقعت فيها ، فالكمال لله وحده ، وهو حسبي ، ونعم الوكيل.

المؤلّف

النفيسة ـ عكار ـ لبنان الشماليّ

٢ / ١ / ٩٣

٦

«إني رأيت أنّه لا يكتب أحد كتابا في يومه إلّا قال في غده : لو غيّر هذا لكان أحسن ، ولو زيد هذا لكان يستحسن ، ولو قدّم هذا لكان أفضل ، ولو ترك هذا لكان أجمل. وهذا من أعظم العبر ، وهو دليل على استيلاء النّقص على جملة البشر».

العماد الأصفهانيّ

«يتوق كلّ من يؤلّف كتابا إلى المديح ، أمّا من يصنّف قاموسا ، فحسبه أن ينجو من اللّوم».

الدكتور جنسن

٧
٨

باب الهمزة

الآحاد

هو ، في اللغة ، جمع أحد ، أي مفرد.

وفي الاصطلاح ، هو ما تفرد بنقله بعض اللّغويين ، ولم يوجد فيه شرط التواتر.

الآخر الحقيقيّ

هو ، في الاصطلاح ، الحرف الأخير من الكلمة ، كالراء في «بدور» والدال في «ثمود» والتاء في «فاطمة». راجع الآخر العارض.

الآخر العارض

هو ، في الاصطلاح ، الحرف الظاهر آخرا ، وليس هو بآخر لسبب ما كالترخيم مثلا ، نحو : «يا فاطم» بدلا من «فاطمة».

فالميم هي الآخر العارض ، والتاء المحذوفة هي الآخر الحقيقي. راجع الآخر الحقيقي.

الآلة

هي ، في اللغة ، أداة العمل. وفي الاصطلاح ، اسم الآلة. راجع : اسم الآلة.

آليّة الاشتقاق

راجع : الاشتقاق.

الإبدال

هو ، في اللغة ، وضع حرف محلّ حرف آخر ، وقد يكون الحرفان حرفي علّة ، نحو : «خاف» ، (أصلها : خوف) ، وقد يكونان صحيحين ، نحو «اصطبر» (أصلها : اصتبر) وقد يكونان مختلفين ، نحو اتّصل (أصلها : اوتصل).

أركانه : للإبدال ركنان :

أ ـ المبدل منه ، نحو : «خوف». (أصل : «خاف»)

ب ـ المبدل ، نحو : «خاف». (أصلها : «خوف»).

وهو أنواع سنفصّلها في المواد اللّاحقة.

إبدال الألف

«أبدلت الألف» من أربعة أحرف ، وهي : الهمزة ، والياء ، والواو ، والنون

٩

الخفيفة. إلا أنّ الذي يذكر هنا إبدالها من الهمزة والنون ، لأنّ إبدالها من الياء والواو من باب القلب.

فأبدلت من الهمزة ، باطّراد ، إذا كانت ساكنة وقبلها فتحة ، نحو : «رأس» و «كأس» ، تقول فيهما ، إذا خفّفتهما : «كاس» و «راس». إلّا أنّه إذا كان الحرف المفتوح الذي تليه الهمزة الساكنة همزة التزم قلب الهمزة الساكنة ألفا ، نحو : «آدم» و «آمن» ، أصلهما «أأدم» و «أأمن» ، إلّا أنه لا ينطق بالأصل ، استثقالا للهمزتين في كلمة واحدة.

وأبدلت ، على غير قياس ، من الهمزة المفتوحة المفتوح ما قبلها. وإنّما يحفظ حفظا ، نحو قوله :

إذا ملا بطنه ألبانها حلبا

باتت تغنيه وضرى ذات أجراس (١)

يريد «ملأ» فأبدل من الهمزة ألفا. ومن أبيات الكتاب :

راحت بمسلمة البغال عشيّة

فارعي ، فزارة ، لا هناك المرتع (٢)

يريد «لا هنأك» فأبدل الهمزة ألفا. ومن أبيات الكتاب أيضا :

سالت هذيل رسول الله فاحشة

ضلّت هذيل بما قالت ، ولم تصب (٣)

يريد «سألت» فأبدل.

وأبدلت أيضا من الهمزة المفتوحة الساكن ما قبلها ، إذا كان الساكن ممّا يمكن نقل الحركة إليه ، نحو «المراة» في «المرأة» ، و «الكماة» في «الكمأة». وذلك أنّهم نقلوا الفتحة إلى الساكن قبلها ، ولم يحذفوا الهمزة ، بل أبقوها ساكنة ، فجاءت ساكنة بعد فتحة ، فقلبت ألفا.

وأبدلت من النون الخفيفة ، في ثلاثة مواضع :

أحدها : في الوقف على المنصوب المنوّن غير المقصور ، نحو : «رأيت زيدا» و «أكرمت عمرا». وقد بيّن في الوقف لم كان ذلك ، وأنّهم قصدوا بذلك التّفرقة بين النون الزائدة على الاسم بعد كماله ، والنون التي هي من كمال الاسم.

فإن كان الاسم مقصورا ، فإنّك تقف عليه بالألف ، نحو : «عصا» و «رحى» ، لكن اختلفوا في الألف.

فمنهم من ذهب إلى أنّها بدل من التنوين ، في الرفع والنصب والخفض ، وهو مذهب المازنيّ. وحجّته أنّ الذي منع أن يبدل من التنوين في الرفع والخفض إنّما هو الاستثقال ، لأنّه إنما ينبغي أن تبدل من

__________________

(١) الوضرى : المرأة الوسخة. والبيت بلا نسبة في تاج العروس (وضر) ، ولسان العرب (وضر).

(٢) البيت للفرزدق في ديوانه ص ٥٠٨.

(١) البيت لحسّان بن ثابت في ديوانه ص ٣٤.

١٠

التنوين حرفا من جنس الحركة التي قبله ، فلو أبدلت في الرفع لقلت : «زيدو» ، وفي الخفض لقلت : «زيدي» ، والياء والواو ثقيلتان. وأمّا في النصب فتبدل ، لأنّ الذي قبل التنوين فتحة ، فإذا أبدلت فإنّما تبدل الألف وهي خفيفة ، نحو : «رأيت زيدا». فلمّا كان ما قبل التنوين في المنقوص فتحة في جميع الأحوال ساوى الرفع والخفض النصب ، فوجب الوقف عنده في الأحوال الثلاثة بالألف.

وهذا الذي ذهب إليه باطل ، إذ لو كان الأمر على ما زعم لم تقع الألف من المقصور قافية ، لأنّ مجيء الألف المبدلة من التنوين قافية لا يجوز.

ومنهم من ذهب إلى أنّ الألف هي الأصل ، والمبدلة من التنوين محذوفة في جميع الأحوال ، وهو الكسائيّ. وحجّته أنّ حذف الألف الزائدة أولى من حذف الأصليّة.

وذلك باطل ، لأنّ الزيادة لمعنى ، فإبقاؤها أولى من إبقاء الأصل. وممّا يدلّ على ذلك أنّهم إذا وصلوا قالوا : «هذه عصا معوجّة» ، فحذفوا الألف الأصليّة ، وأبقوا التنوين. فكذلك يجب في الوقف أن يكون المحذوف الألف الأصليّة ، ويكون الثابت ما هو عوض من التنوين.

ومنهم من ذهب إلى أنّ الألف في حال الرفع والخفض هي الألف الأصليّة ، والتنوين محذوف ، وفي النصب هي الألف المبدلة من التنوين ، والألف الأصليّة محذوفة ، قياسا للمعتلّ على الصحيح. وهو مذهب سيبويه ، وهو الصحيح. ومما يؤيّد ذلك كون المنقوص يمال في حال الرفع والخفض ، ولا يمال في حال النصب ، ومجيء الألف قافية في الرفع والخفض ، ولا تكون قافية في حال النصب إلّا قليلا جدّا ، على لغة من قال : «رأيت زيد». قال العجاج (١) :

خالط ، من سلمى ، خياشيم وفا

والثاني : الوقف على النون الخفيفة ، اللّاحقة للأفعال المضارعة للتأكيد ، نحو : «هل تضربن». فإنّك إذا وقفت عليه قلت : «هل تضربا». والسبب في ذلك أيضا ما ذكرناه في التنوين ، من قصد التفرقة بين النون التي هي من نفس الكلمة ، والنون التي تلحق الكلمة بعد كمالها. نحو قوله (٢) :

فإيّاك والميتات ، لا تقربنّها

ولا تعبد الشّيطان ، والله فاعبدا

يريد «فاعبدن».

__________________

(١) ديوانه ص ٨٣.

(٢) البيت للأعشى في ديوانه ص ١٨٧ حيث روي كما يلي :

فإيّاك والميتات لا تأكلنّها

ولا تأخذن سهما حديدا لتفصدا

وذا النّصب المنصوب لا تنسكنّه

ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا

١١

والثالث : الوقف على نون «إذن». تقول «أزورك إذا» تريد : إذن. وإنّما جاز ذلك في «إذن» ، وإن كانت النون من نفس الكلمة ، لمضارعتها نون الصّرف ونون التأكيد في السكون ، وانفتاح ما قبلها ، وكونها قد جاءت بعد حرفين ، وهما أقلّ ما يكون عليه الاسم المتمكّن ، نحو : «يد» و «دم». وليست كذلك في «أن» و «لن» و «عن» ، لمجيئها بعد حرف واحد ، فلم تشبه لذلك التنوين.

فهذه جملة النونات التي أبدلت منها الألف» (١).

وتبدل الألف من الواو والياء بالشروط العشرة التالية :

أ ـ أن تتحرّكا ، لذلك صحّتا في نحو : «ميل» و «صوم».

ب ـ أن تكون حركتهما أصليّة ، لذلك صحّتا في نحو : «جيل» (مخفّف «جيئل» ، وهو الضبع) ، و «توم» (مخفّف «توأم» ، وهو الذي يولد مع غيره).

ج ـ ألّا تكون الواو عينا لفعل ماض على وزن «افتعل» دالّ على المفاعلة ، فلا قلب في نحو «اشتوروا».

د ـ ألا تكون الواو أو الياء عينا لفعل ماض على وزن «فعل» ، والصّفة المشبّهة الغالبة فيه على وزن «أفعل» ، فلا إبدال في نحو : «حول» ، و «هيف».

ه ـ ألّا تكون الواو أو الياء عينا لمصدر «فعل» الذي تشتق الصفة المشبّهة منه على وزن «أفعل» ، فلا إبدال في نحو : «الحول» ، و «الهيف».

و ـ أن يكون ما قبلهما مفتوحا ، فلا إبدال في نحو : «الدّول» ، و «العوض».

ز ـ أن تكون الفتحة التي قبلهما متّصلة بهما في كلمة واحدة ، فلا إبدال في نحو : «إنّ زيدا وجد يزيد».

ح ـ أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا فاءين ، أو عينين للكلمة ، وألّا يقع بعدهما ألف ولا ياء مشدّدة إن كانتا لامين ، فلا إبدال في نحو : «خورنق» و «غيور» لسكون ما بعدهما ، ولا في نحو : «جريا» ، و «عصوان» لوقوعهما لاما وبعدهما ألف.

ط ـ ألّا تكون الواو أو الياء متلوّة بحرف يستحق هذا الإعلال ، لأنّ ثاني حرفي العلّة أحقّ بالإعلال ، فلا إبدال في نحو : «الهوى» و «الحيا» (الغيث).

ي ـ ألا تكون إحداهما عينا في كلمة مختومة بأحد الحروف الزائدة المختصّة بالأسماء ، كالألف والنون معا ، وكألف التأنيث المقصورة ، فلا إبدال في نحو : «الجولان» ، و «الهيمان».

ومن الأمثلة التي توافرت فيها الشروط العشرة :«مال»،و «قال» (أصلهما : «ميل» ، و «قول»).

__________________

(١) عن الممتع في التصريف ص ٤٠٤ ـ  ٤٠٩ ، وكذلك اقتبسنا منه بقية موادّ الإبدال.

١٢

إبدال التاء

وأما التاء فأبدلت من ستّة أحرف ، وهي :الواو ، والياء ، والسين ، والصاد ، والطاء ، والدال.

فأبدلت من الواو ، على غير اطراد ، في «تجاه» وهو «فعال» من «الوجه» ، و «تراث» : «فعال» من «ورث» ، و «تقيّة» : «فعيلة» من «وقيت» ، و «التّقوى» : «فعلى» منه ، و «تقاة» : «فعلة» منه ، و «توراة» عندنا «فوعلة» من «وري الزند يري» وأصله «ووراة» فأبدلوا الواو الأولى تاء ، لأنّهم لو لم يفعلوا ذلك لأبدلوا منها همزة هروبا من اجتماع الواوين في أوّل الكلمة. وكذلك «تولج» (١) : «فوعل» من «الولوج» أصله «وولج». وهو عند البغداديين «تفعل» ، والتاء زائدة. وحملها على «فوعل» أولى ، لقلّة «تفعل» في الكلام وكثرة «فوعل» ، وكذلك «توراة».

وكذلك «تخمة» لأنّها من الوخامة ، و «تكأة» لأنّها من «توكّأت» ، و «تكلان» لأنّه من «توكّلت». و «تيقور» (٢) : «فيعول» من الوقار ، أصله «ويقور». ومن أبيات الكتاب (٣) :

فإن يكن أمسى البلى تيقوري

يريد «وقاري». ورجل «تكلة» من «وكل يكل».

وقالوا «أتلجه» أي : أولجه. وكذلك ما تصرّف منه ، نحو : «متلج». و «أتكأه» وما تصرّف منه لأنّه من «توكّأت» أيضا.

وأبدلت من واو القسم في نحو «تالله» ، لأنّ الأصل الباء ، بدليل أنك إذا جررت المضمر أتيت بالباء فقلت : «به» و «بك» ، لأنّ المضمرات تردّ الأشياء إلى أصولها ، ثم أبدلت الواو من الباء ، ثم أبدلت التاء من الواو.

فإن قال قائل : ولعلّها أبدلت من الباء! فالجواب أنّ إبدال التاء من الواو قد ثبت ، ولم يثبت إبدالها من الباء ، فكان الحمل على ما له نظير أولى. وأيضا فإنّ العرب لمّا لم تجرّ بها إلّا اسم الله تعالى دلّ ذلك على أنّها بدل من بدل ، لأنّ العرب تخصّ البدل من البدل بشيء بعينه ، وقد تقدّم تبيين ذلك.

وكذلك «التّليد» و «التّلاد» من «ولد». و «تترى» : «فعلى» من «المواترة» وأصلها : «وترى». و «أخت» لأنّه من «الأخوّة». و «بنت» لأنّه من «البنوّة». و «هنت» لقولهم في الجمع «هنوات». و «كلتا» لأنّه لا يتصوّر أن تكون أصلا لحذفها في «كلا» ، ولا زائدة للتأنيث لسكون ما قبلها ، وهو حرف صحيح ، ولكونها حشوا ، ولا زائدة لغير تأنيث ، لأنّ التاء لا تزاد حشوا. فلم يبق إلا

__________________

(١) التولج : كناس الوحش.

(٢) التيقور : الوقار.

(٣) البيت للعجّاج في ديوانه ص ٢٧.

١٣

أن تكون ممّا انقلبت عنه ألف «كلا» ، وهو الواو ، لأنّ الألف إذا جهل أصلها حملت على الواو ، لأنّه الأكثر. وأيضا فإنّ إبدال التاء من الواو أكثر من إبدالها من الياء.

وأبدلت باطراد ، من الواو في «افتعل» وما تصرّف منه ، إذا كانت فاؤه واوا ، نحو : «اتّعد» ، و «اتّزن» ، و «اتّلج» ، فهو «متّعد» ، و «متّزن» ، و «متّلج» ، و «يتّعد» ، و «يتّزن» ، و «يتّلج» ، و «اتعاد» ، و «اتزان» ، و «اتلاج». قال (١) :

فإن تتّعدني أتّعدك مواعدا

وسوف أزيد الباقيات القوارصا

وقال طرفة (٢).

فإنّ القوافي يتّلجن موالجا

تضايق عنها أن تولّجها الإبر

وقال سحيم (٣) :

وما دمية من دمى ميسنا

ن معجبة نظرا واتصافا

والسبب في قلب الواو في ذلك تاء أنّهم لو لم يفعلوا ذلك لوجب أن يقلبوها ياء ، إذا انكسر ما قبلها ، فيقولوا : «ايتعد» و «ايتزن» و «ايتلج» ، وإذا انضمّ ما قبلها ردّت للواو فيقولون : «موتعد» ، و «موتزن» ، و «موتلج» ، وإذا انفتح ما قبلها قلبت ألفا ، فيقولون :«ياتعد» ، و «ياتزن» ، و «ياتلج». فأبدلوا منها التاء ، لأنّها حرف جلد لا يتغيّر لما قبله ، وهي مع ذلك قريبة المخرج من الواو ، لأنّها من أصول الثنايا ، والواو من الشفة. ومن العرب من يجريها على القلب ولا يبدلها تاء. فهذا جميع ما أبدلت فيه الواو تاء.

وأبدلت من الياء ، على قياس ، في «افتعل» ، إذا كانت فاؤه ياء ، وفيما تصرّف منه. فقالوا في «افتعل» من «اليسر» : «اتّسر» ، ومن «اليبس» : «اتّبس». والعلّة في ذلك ما ذكرناه في الواو ، من عدم استقرار الفاء على صورة واحدة ، لأنك تقلبها واوا ، إذا انضمّ ما قبلها نحو : «موتسر» ، و «موتبس» ، وألفا متى انفتح ما قبلها في نحو : «ياتسر» و «يانبس». فأبدلوها تاء لذلك ، وأجروها مجرى الواو. ومن العرب من لا يبدلها تاء ، بل يجريها على القلب.

فإن قال قائل : فلأي شيء قلبت الياء في مثل «ياتسر» إذا انفتح ما قبلها؟ فالجواب أنّه لمّا وجب في حرف العلّة أن يكون على حسب ما قبله إذا انكسر أو انضمّ ، فتقول : «ايتبس» و «موتبس» ، حملوا الفتح على الكسر والضمّ ، فجعلوا حرف العلّة إذا كان ما قبله مفتوحا ألفا. فيكون موافقا للحركة التي تقدّمته ، كما كان ذلك في حين انكسار ما قبله وانضمامه. ولهذه العلّة بنفسها قلبت

__________________

(١) البيت للأعشى في ديوانه ص ٢٠١.

(٢) ديوانه ص ١٨٢.

(٣) ديوانه ص ٤٣.

١٤

الواو ألفا في مثل «ياتعد» من «الوعد».أعني أنّه حمل الفتح على الكسر والضمّ في مثل «ايتعد»و «موتعد».

وأبدلت من الياء على غير اطراد في قولهم : «ثنتان». ويدلّ على أنّها من الياء أنها من «ثنيت» ، لأنّ «الاثنين» قد «ثني» أحدهما إلى صاحبه. وأصله «ثني» ، يدلّ على ذلك جمعهم إيّاه على «أثناء» بمنزلة أبناء وآخاء. فنقلوه من «فعل» إلى «فعل» ، كما فعلوا ذلك في «بنت».

وأبدلوا من الياء في «كيت وكيت» ، و «ذيت وذيت» ، وأصلهما «كيّة وكيّة» ، و «ذيّة وذيّة». ثم إنّهم حذفوا التاء وأبدلوا من الياء ـ التي هي لام ـ تاء.

وأبدلت من السين على غير اطّراد في «ستّ» في العدد. وأصله «سدس» ، بدليل قولهم في الجمع : «أسداس» ، وفي التصغير «سديسة». وسيذكر السبب في ذلك في الإدغام.

وقد أبدلوها أيضا من السين في «النّاس» و «أكياس» ، أنشد أحمد بن يحيى (١) :

يا قاتل الله بني السّعلاة

عمرو بن يربوع ، شرار النّات

غير أعفاء ، ولا أكيات

وإنّما أبدلت من السين لموافقتها إيّاها في الهمس ، والزيادة ، وتجاور المخرج.

وأبدلت أيضا منها في «طسّ» فقالوا «طست». وإنّما جعلت التاء في «طست» بدلا من السين ، ولم تجعل أصلا ، لأنّ «طسا» أكثر استعمالا من «طست».

وأبدلت من الصّاد في «لصت» ، و «لصوت» ، والأصل «لصّ» و «لصوص» ، لأنّهما أكثر استعمالا بالصاد من التاء.

وأبدلت من الطاء في «فستاط» ، والأصل : «فسطاط» ، بدليل قولهم : «فساطيط» ولا يقولون : فساتيط». وفي أستاع يستيع» والأصل : «أسطاع يسطيع».

وأبدلت من الدّال في قولهم : «ناقة تربوت»،والأصل : «دربوت» أي :مذلّلة ، لأنّه من «الدّربة» (٢).

الإبدال التصريفي

راجع : الإبدال الصرفي.

إبدال الجيم

أمّا الجيم فأبدلت من الياء ، لا غير ، مشدّدة ومخفّفة. فيبدلون من الياء المشدّدة جيما مشدّدة ، ومن الياء المخفّفة جيما مخفّفة.

فمن البدل من الياء المشدّدة ما أنشده الأصمعيّ عن خلف ، قال : أنشدني رجل من أهل البادية :

__________________

(١) الرجز لعلباء بن أرقم اليشكري في النوادر ص ١٠٤ ، ١٤٧.

السعلاة : أنثى الغول. وزعموا أنّ عمرو بن يربوع قد تزوج سعلاة.

(٢) عن الممتع في التصريف ص ٣٨٣ ـ  ٣٩٠.

١٥

خالي ، عويف ، وأبو علجّ

المطعمان اللّحم ، بالعشجّ

وبالغداة ، فلق البرنجّ (١)

يريد : «وأبو عليّ» و «بالعشيّ» و «فلق البرنيّ» (٢). ومنه أيضا ما حكاه أبو عمرو بن العلاء ، من أنّه لقي أعرابيّا فقال له : «ممّن أنت»؟ فقال : «فقيمجّ». فقال له «من أيّهم»؟ فقال «مرّجّ». يريد : «فقيميّ» و «مرّيّ». وهو مطّرد في الياء المشدّدة. قال يعقوب : وبعض العرب إذا شدّد الياء صيّرها جيما. وأنشد ابن الأعرابيّ (٣) :

كأنّ في أذنابهنّ الشوّل

من عبس الصّيف ، قرون الأجّل

يريد : «الأيّل».

ومن إبدال الجيم من الياء المخفّفة ما أنشده أبو عمرو بن العلاء ، لهميان بن قحافة ، من قوله :

يطير عنها الوبر ، الصّهابجا

يريد «الصّهابي» من الصّهبة. وأصله «الصهابيّ» فحذف إحدى الياءين. ومن ذلك ما أنشده الفرّاء ، من قول الشاعر :

لا همّ ، إن كنت قبلت حجّتج

فلا يزال شاحج يأتيك بج

أقمر ، نهّات ، ينزّي وفرتج (٤)

يريد : «حجّتي» و «يأتيك بي» و «ينزّي وفرتي». ومن ذلك أيضا قوله :

حتّى إذا ما أمسجت ، وأمسجا (٥)

يريد «أمسيت وأمسيا» ، فأبدل من الياء جيما ، ولم يبدلها ألفا. وهو غير مطّرد في الياء الخفيفة ، بل يوقف في ذلك عند السماع» (٦).

إبدال الدال

وأمّا الدال فأبدلت من التاء والذال. فأبدلت من تاء «افتعل» باطّراد ، إذا كانت الفاء زايا. فتقول في «افتعل» من «الزّين» : «ازدان» ، ومن «الزّلفى» : «ازدلف» ، ومن «الزّجر» : «ازدجر» ، ومن «الزيارة» : «ازدار». والأصل «ازتان»و «ازتجر»و «ازتلف» و «ازتار» ، فرفضوا الأصل ، وأبدلوا من التاء دالا.

__________________

(١) الرجز بلا نسبة في سّر صناعة الإعراب ١ / ١٩٢ ـ  ١٩٥ ؛ والكتاب ٢ / ٣١٤.

(٢) البرنيّ : نوع من التمر.

(٣) الرجز لأبي النجم في لسان العرب ٦ / ١٢٩ (عبس) ، ١١ / ١١ (أجل) ، ١١ / ٣٣ (أول) ، ١١ / ٣٧٥ (شول). الشوّل : الأذناب المرتفعة. العبس : ما يبس على الذنب من البعر والبول. الأيّل : ذكر الوعل.

(٤) الرجز بلا نسبة سر صناعة الإعراب ١ / ١٩٣ ؛ وشرح الشافية ٢ / ٢٨٧. والشاحج : الحمار أو البغل. الأقمر : الأبيض. النهات : النهاق.

ينزي : يحرّك. الوفرة : الشعر إلى شحمة الأذن ، وكنّى بها عن نفسه.

(٥) الرجز بلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ١ / ١٩٤ ؛ وشرح الشافية ٣ / ٢٣٠.

(٦) الممتع في التصريف ص ٣٥٣ ـ  ٣٥٥.

١٦

والسبب في ذلك أنّ الزاي مجهورة والتاء مهموسة ، والتاء شديدة والزاي رخوة ، فتباعد ما بين الزاي والتاء ، فقرّبوا أحد الحرفين من الآخر ، ليقرب النطق بهما ، فأبدلوا الدال من التاء ، لأنّها أخت التاء في المخرج والشّدّة ، وأخت الزاي في الجهر.

وكذلك تبدل فيما تصرّف من «افتعل». فتقول : «مزدلف» ، و «مزدجر» ، و «مزدان» ، و «مزدار» ، و «ازدجار» ، و «ازديان» ، و «ازديار» ، و «ازدلاف». ومن كلام ذي الرّمّة ، في بعض أخباره : «هل عندك من ناقة فنزدار عليها ميّا».

وكذلك أيضا تبدل منها ، إذا كانت الفاء دالا ، إلّا أنّ ذلك من قبيل البدل الذي يكون للإدغام. فتقول في «افتعل» من «الدّين» : «ادّان».

وقد قلبت تاء «افتعل» دالا ، بغير اطّراد ، مع الجيم في «اجتمعوا» ، و «اجتزّ» ، فقالوا : «اجدمعوا» ، و «اجدزّ». والأكثر التاء. قال (١) :

فقلت لصاحبي : لا تحبسنّا

بنزع أصوله ، واجدزّ شيحا

يريد «واجتزّ». ولا يقاس ذلك ، فلا يقال في «اجترأ» : «اجدرأ» ، ولا في «اجترح» : «اجدرح».

وأبدلت أيضا من تاء «افتعل» إذا كانت الفاء ذالا ، من غير إدغام. فقالوا «اذدكر» و «مذدكر» ، حكى ذلك أبو عمرو. وقال أبو حكاك :

تنحي على الشّوك جرازا مقضبا

والهرم تذريه اذدراء عجبا (٢)

يريد : «اذتراء» ، وهو «افتعال» من «ذراه يذريه». فأمّا «ادّكر» فإبدال إدغام ، فلا يذكر هنا.

وأبدلت من التاء في غير «افتعل» ، بغير اطّراد في «تولج» (٣). فقالوا : «دولج» ، فأبدلوا الدال من التاء المبدلة من الواو. لأنّ الأصل «وولج» ، لأنّه من الولوج ولا تجعل الدال بدلا من الواو ، لأنّه قد ثبت إبدال الدال من التاء في «افتعل» ، كما تقدّم ، ولم يثبت إبدالها من الواو ، في موضع من المواضع.

فهذا جميع ما أبدلت فيه الدال من التاء.

وأبدلت من الذال في «ذكر» جمع «ذكرة» ، فقالوا «دكر». قال ابن مقبل (٤) :

__________________

(١) البيت لمضرس بن ربعي الأسدي أو يزيد بن الطثريّة في سرّ صناعة الإعراب ١ / ٢٠١ ؛ وشرح الشافية ٣ / ٢٢٨ ؛ ولسان العرب (جزز).

(٢) الرجز بلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ١ / ٢٠٢ ؛ وشرح المفصل ١٠ / ١٥٠. والهرم :

ضرب من نبات الحمض.

(٣) التولج : كناس الوحش.

(٤)ديوانه ص ٨١.

١٧

يا ليت لي سلوة ، تشفى النفوس بها

من بعض ما يعتري قلبي ، من الدّكر

بالدال كذا رواه أبو عليّ. وكان الذي سهّل ذلك قلبهم لها في «ادّكر» و «مدّكر» ، فألف فيها القلب ، فقلبها دالا ، وإن كان موجب القلب قد زال ، وهو الإدغام (١).

إبدال الزاي

أبدلت الزاي من الصاد ، إذا كان بعدها قاف أو دال. فقالوا في «مصدق» و «مصدوقة» : «مزدق» و «مزدوقة». قال (٢) :

يزيد ، زاد الله في خيراته ،

حامي نزار ، عند مزدوقاته

وقال الآخر (٣) :

ودع ذا الهوى قبل القلى ، ترك ذي الهوى

متن القوى ، خير من الصّرم ، مزدرا.

وإبدال الزاي قليل جدا ، وإنّما تفعله قبيلة كلب (٤).

إبدال السّين

أبدلت السين من الشين في «الشّده» و «مشدوه» ، فقالوا : «السّده» و «مسدوه».

فأما قول سحيم عبد بني الحسحاس (٥).

فلو كنت وردا لونه لعسقتني

ولكنّ ربّي سانني بسواديا

فلم يبدل السين من الشين في «عشقتني» ولا في «شانني» ، بل كان له لثغ في الشين ، فكان يتعذّر عليه النّطق بها ، حتّى يجعلها سينا (٦).

وإبدال «السّين» قليل جدا.

الإبدال الشائع

راجع : الإبدال الصّرفيّ.

الإبدال الشاذّ

هو إبدال نادر الاستعمال ، يقع بين أحرف متباعدة صفة ومخرجا. ليس له وزن ولا قانون يقاس عليهما ، نحو : «الناس» و «النات». وله تسميات أخرى ، منها الإبدال غير القياسي ، والإبدال النادر ، والإبدال السماعيّ غير القياسيّ.

إبدال الشّين

أبدلت الشّين من كاف المؤنث في نحو : «ضربتك» ، فقالوا «ضربتش». ومنه قول :

مجنون ليلى :

فعيناش عيناها وجيدش جيدها

خلا أنّ عظم السّاق منش دقيق (٧)

__________________

(١) عن الممتع في التصريف ص ٣٥٦ ـ  ٣٥٩.

(٢) الرجز بلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ١ / ٢٠٨ ؛ ولسان العرب (صدق) والمزدوقات : المصدوقات ، جمع «مصدوقة» وهي الصدق.

(٣) البيت بلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ١ / ٢٠٨ ؛ وشرح المفصل ١٠ / ٥٢ ؛ ولسان العرب (صدر).

(٤) الممتع في التصريف ص ٤١٢.

(٥)ديوانه ص ٢٦.

(٦) الممتع في التصريف ص ٤١٠.

(٧)ديوانه ص ٢٠٧.

١٨

وأبدلت من الجيم في «مدمج» ، فقالوا : «مدمش». وذلك في الشعر ضرورة ، قال (١) :

إذ ذاك ، إذ حبل الوصال مدمش

يريد : مدمج.

وقالوا : «جعشوش» ، و «جعسوس» أي : صغير ذليل. والأصل السين ، بدليل قولهم في الجمع «جعاسيس». فلا يأتون بالشين.

وإبدال الشين قليل جدّا (٢).

إبدال الصاد

أبدلت الصاد من «السين» إذا كان بعدها قاف ، أو خاء ، أو طاء ، أو غين. فتقول في «سقر» و «سراط» و «سخر» و «أسبغ» : «صقر» و «صراط» و «صخر» وأصبغ».

والسبب في ذلك أنّ القاف ، والطاء ، والخاء ، والغين حروف استعلاء ، والسين حرف منسفل ، فكرهوا الخروج من تسفّل إلى تصعّد ، فأبدلوا من «السين» «صادا» ، ليتجانس الحرفان (٣).

الإبدال الصّرفيّ

١ ـ تعريفه :هو جعل حرف مكان حرف آخر في الكلمة الواحدة ، وفي الموضع نفسه ، نحو : خاف (أصلها : خوف).

وله تسميات أخرى هي : الإبدال ، الإبدال التصريفيّ ، الإبدال الشائع ، الإبدال الصرفيّ الشائع ، الإبدال الصرفي الضروريّ ، الإبدال الصرفيّ اللازم ، الإبدال القياسيّ ، الإبدال المطّرد ، البدل.

٢ ـ حروف الإبدال :هي الحروف التي يجري بينها الإبدال ، وقد اختلفت الآراء حول عددها ، فهي ثمانية عند السّيوطيّ ، يجمعها القول : طويت دائما ؛ وتسعة عند ابن مالك يجمعها القول : هدأت موطيا ؛ وعشرة عند بعضهم ، يجمعها القول : اصطدته يوما ؛ وأحد عشر عند الصبّان في حاشيته ، يجمعها القول : أجد طويت منها ؛ واثنا عشر عند أبي علي القالي ، يجمعها القول : طال يوم أنجدته ، وأربعة عشر عند بعضهم ، يجمعها القول : أنصت يوم زلّ طاه جدّ ، أو القول : أنجدته يوم صال زطّ ؛ وخمسة عشر عند الزمخشريّ ، يجمعها القول : إستنجده يوم صال زطّ ؛ وواحد وعشرون عند بعضهم ، يجمعها القول : لجد صرف شكس أمن طيّ ثوب عزّته. واثنان وعشرون عند بعضهم الآخر.

الإبدال الصّرفيّ الشائع

هو الإبدال الصرفيّ. راجع : الإبدال الصرفيّ.

الإبدال الصرفيّ الضروريّ

راجع : الإبدال الصرفيّ.

__________________

(١) الرجز بلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ١ / ٢١٥ ؛ ولسان العرب (دمج).

(٢) الممتع في التصريف ص ٤١١ ـ  ٤١٢.

(٣) الممتع في التصريف ص ٤١٠ ـ  ٤١١.

١٩

الإبدال الصرفيّ اللازم

راجع : الإبدال الصرفيّ.

إبدال الطاء

أبدلت الطاء من التاء ، لا غير. أبدلت باطّراد ألبتّة ، ولا يجوز غير ذلك ، من تاء «افتعل» ، إذا كانت الفاء صادا ، أو ضادا ، أو طاء ، أو ظاء. فتقول في «افتعل» من الصّبر : «اصطبر» ، ومن الضّرب : «اضطرب» ، ومن الظّهر : «اظطهر» ، ومن الطّرد : «اطّرد». فتدغم ، لأنّك لمّا أبدلت التاء طاء اجتمع لك مثلان ، الأوّل منهما ساكن ، فأدغمت. ولم تبدل التاء لأجل الإدغام ، بل للتباعد الذي بين الطاء والتاء ، كما فعلت ذلك مع الضاد والظاء والصاد ؛ ألا ترى أنّك أبدلت من التاء طاء ولم تدغم ، لمّا لم يجتمع لك مثلان.

والتباعد الذي بين التاء وبين هذه الحروف أنّ التاء منفتحة منسفلة ، وهذه الحروف مطبقة مستعلية. فأبدلوا من التاء أختها في المخرج ، وأخت هذه الحروف في الاستعلاء والإطباق ، وهي الطاء.

وأبدلت ، بغير اطّراد ، من تاء الضمير بعد الطاء والصاد ، فقالوا : «فحصط» و «خبطّ» ، يريدون «فحصت» و «خبطت». والأكثر التاء. والعلّة في الإبدال كالعلّة في «افتعل» ، من التباعد الذي ذكرنا بين التاء وبين الصاد والطاء. فقرّبوا ليسهل النّطق.

ومن ذلك قوله (١).

وفي كلّ حيّ قد خبطّ بنعمة

فحقّ لشأس ، من نداك ، ذنوب

رواه أبو عليّ ، عن أبي بكر ، عن أبي العباس : «خبطّ» ، على إبدال الطاء من التاء (٢).

إبدال العين

أبدلت العين من همزة «أن» فقالوا «عن». قال ذو الرمة (٣) :

أعن توسّمت من خرقاء منزلة

ماء الصّبابة من عينيك مسجوم؟

يريد «أأن توسّمت». وقال ابن هرمة :

أعن تغنّت على ساق مطوّقة

ورقاء ، تدعو هديلا فوق أعواد؟

يريد «أأن تغنّت»

وقد أبدلت من همزة «أنّ» ، فقالوا : «يعجبني عنّ عبد الله قائم» يريدون «أنّ عبد الله قائم». وأبدلت من الهمزة في «مؤتلي» ، فقالوا : «معتلي». قال الشاعر طفيل الغنوي :

فنحن منعنا ، يوم حرس ، نساءكم

غداة دعانا عامر ، غير معتلي (٤)

__________________

(١) البيت لعلقمة الفحل في ديوانه ص ٣٧.

شأس : أخو علقمة.

(٢) الممتع في التصريف ص ٣٦٠ ـ  ٣٦١.

(٣) ديوانه ص ٥٦٧.

(٤) ديوانه ص ٣٧.

٢٠