افحام الأعداء والخصوم

السيد ناصر حسين بن حامد حسين الموسوي الهندي

افحام الأعداء والخصوم

المؤلف:

السيد ناصر حسين بن حامد حسين الموسوي الهندي


المحقق: الدكتور الشيخ محمّد هادي الأميني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة نينوى الحديثة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٨٦

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

إلهي .. لم يزل برك علي أيام حياتي .. فلا تقطع برك عني في مماتي ..

إلهي .. كيف آيس من حسن نظرك لي بعد مماتي ، وأنت لم تولني إلا الجميل في حياتي ..

إلهي .. هب لي قلبا يدنيه منك تشوقه ، ولسانا يرفع إليك صدقة ، ونظرا يقر به منك حقه ..

إلهي إن من تعرف بك غير مجهول ، ومن لأذبك غير مخذول ، ومن أقبلت عليه غير مملوك ..

إلهي .. إن كانت الخطايا قد أسقتني لديك ، فأصفح عني بحسن توكلي عليك.

٣
٤

شمس العلماء السيد ناصر حسين بن السيد حامد حسين الموسوي ..

إمام في الرجال والحديث ، واسع التتبع ، كثير الإطلاع ، قوي الحافظة ، لا يكاد يسأله أحد عن مطلب إلا ويحيله إلى مظانه من الكتب ، مع الإشارة الى عدد الصفحات ، وكان أحد الأساطين والمراجع بالهند ، وله وقار وهيبة في قلوب العامة ، وأستبداد في الرأي ، ومواظبة على العبادة ، وهو معروف بالأدب والعربية ، معدود من أساتذتها ، واليه يرجع في مشكلاتها ، وخطبه مشتملة على عبارات جزلة ، وألفاظ متطرفة ، وله شعر جيد.

أعيان الشيعة ١٩ : ١٠٧

٥
٦

السيد ناصر حسين .. الملقب ب‍ ـ شمس العلماء ـ إبن صاحب العبقات السيد مير حامد حسين المتقدم الذكر والمتوفى ١٣٠٦ ، عالم متبحر فقيه أصولي محدث رجالي واسع التتبع ، وافر الأطلاع ، دائم المطالعة ، من كبار علماء الأمامية في الهند ، والمفتي والمرجع في تكلم الديار ، تتلمذ على والده والسيد محمد عباس ، وورث عن أبيه كافة الفضائل الانسانية والقيم الأخلاقية ، فكان نعم الخلف لذلك السلف الطاهر ، رجل الفضل ومنبع الشرف.

ريحانة الأدب ٦ : ٩٧

٧
٨

المير السيد ناصر حسين .. نجل ذلك العملاق ، الذي أوتي كافة الكمالات والمثل المستجمعة في أبيه .. وأصبح بحرا ذاخرا كوالده ، وكان كما قال الشاعر :

إن السرى أذا سرى فبنفسه

وإبن السري أذا سرى أسراهما

لم يترك جهاد والده الفكري أن يذهب سدى ، فقد شمر الساعد وسعى في تتميم كتابه العبقات وقد طبعت منه عدة مجلدات ، ادام الباري بركات وجوده الشريف ، وأعانه على نصرة الدين الحنيف.

هدية الأحباب : ١٧٧

٩
١٠

المقدمة :

في طوايا التاريخ على امتداده ، يجد الباحث والمتتبع ، رجالا وعباقرة غيروا مسير التاريخ بعلمهم ، وفنهم ، وأقتادوا الشعوب الي شواطئ المجد والخلود ، وجداول الحق والواقع ، وأوقفوهم على المهيع القويم ، والسراط المستقيم.

نستوقف على نفر من الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ، ولا يخشون أحد إلا الله وكفى بالله حسيبا (١) ويدفعون الأمة الى قمة الأنسانية ، والتكامل ، وفي أيديهم قبس من تلك الحرائق التي يشعلها الأنبياء ، أضواء هداية على الطرق ، وزيتها من دمهم الذي يتوهج زيتا ، لا أكرم في الزيوت ولا أضوأ في الأنارة ، ويقودون الأشرعة التائهة في اليم .. والقافلة الضالة الحائرة في البيداء .. الى موانئ السلامة ، وسواء السبيل والهداية.

يجد الباحث ببطن التاريخ صور الذين كانوا على إمتداد التاريخ في الشموخ مشاعل وهاجة ، ومنارات شاهقة ، حادوا قافلة الجهاد الفكري ، في ظروف قاسية ..

في الاسار ، وقبضة الارهاب والبطش التي كانت تلاحق كل من همس بايمانه ، ناهيك عن الهتاف بعقيدته ، واعلانها على رؤوس الأشهاد.

في ظروف حالكة وعهود قاتمة .. والسلطة الحاكمة فيها قيد في الأيدي ، وعلى الأفواه والسجون والمنافي جعلت بيوتا ومأوى للفقهاء والعلماء والشعراء ، برغم هذا التعسف كله تعمل نفر منهم جاهدة لأبادة الجهل والكفر والباطل ،

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٣٩

١١

وإزاحة الكابوس اللا عقائدي الذي يهدف بمساندة اذنابه وعملائه اغراء الشعب ، ودفعه الى أحضان الجهل والفساد ، وتفريق صفوفه ، وتمزيق شمله ، وفساد نظام مجتمعه ، وفصم عرى الأخوة الأسلامية ، واثارة الأحقاد الخامدة ، وحش نيران الضغاين في نفوس الشعب الاسلامي ، ونفخ جمرة البغضاء والعداء المحتدم بين فرق المسلمين ، يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور.

أجل لم تثن السجون والشهادة والتشريد وضرب السياط .. عزائم قادة الدين الصحيح .. ولم تردعهم عن رسالتهم الصادقة .. وإنما شقوا عباب تلكم الظروف القاسية ، بالمثابرة والصبر والنضال والمقاومة ، والبذل والمفاداة .. وحملوا راية المقاومة على جبهة الفكر الكريمة ، وحملوها عالية ، وان سقطت واستشهدت دونها العشرات الفطاحل ، أمثال الفقيه أبي علي محمد بن الحسن بن علي بن احمد بن علي القتال النيسابوري.

وأمين الاسلام الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي.

والفقيه شهاب الدين الحسين بن محمد بن علي الميكالي.

وعلم الاسلام شمس الملة والدين محمد بن مكي بن محمد بن حامد بن احمد العاملي.

وشرف الاسلام زين الدين بن الشيخ نور الدين علي بن أحمد العاملي الجبعي الشامي. والمولى الفقيه شهاب الدين عبد الله بن محمود بن السعيد التستري الخراساني. والأمام القاضي نور الله بن السيد شريف بن نور الله المرعشي التستري.(١).

الى الكثيرين من أمثالهم ، وهو بين فقيه ، ومجتهد ، وعالم ، ومؤلف ، وأديب ، وشاعر ، فبلغوا وأدوا رسالاتهم ، وحكوا كل شئ بمن ألقى السمع وهو شهيد.

__________________

(١) راجع شهداء الفضيلة.

١٢

لقد استحوذ الحق .. وتغلب الواقع على هؤلاء العباقرة منذ نعومة اظفارهم .. وحلت الهداية الآلهية في قلوبهم .. فرأوا ازهار الجهل والفساد التي كانت تنبت بكل مكان تتحول الى أظافر وأنياب في لحومهم ، وفي جسم الشريعة الأسلامية .. فثاروا في سبيل الحق ، ونهضوا في الذب عن الحقيقية ، والواقع إن الشعوب مدينة لهؤلاء المجاهدين المبدعين والأعلام النابهين الذين كانوا في كل دور وعهد ، مصدر المعرفة الأنسانية في آفاقها ، التي لاتحد.

(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) (١).

***

يمكن القول هنا بصراحة إن السيد ناصر حسين ، يعتبر في الطليعة والمجاهدين الذين حفظوا التراث الاسلامي والسنة النبوية .. وخالطت اثاره من النثر والنظم حياة الأمة .. وكانت كالنقش على حجر .. وظلت في أعماق روحها كما يتذكر الانسان حبه الطفلي الأول كان أسمه وأثره دائما في قلوبنا رمزا لهذا النوع المتميز من البشر ، الذين إستطاعوا أن يجسدوا في كلام موجز ، وبحث قليل ، أجمل وأنبل ما يمكن أن تجود به النفس الأنسانية من مشاعر في حب الحق ، والدفاع عنه ، والدعوة إليه.

وقد كان هذا ديدنه في كافة مراحل حياته الدراسية والعلمية ، في النثر. والنظم ، والخطابة والأنشاء ، وكلها جاءت بعبارة جزلة ، وبيان صافي ، وتحقيق دقيق ، وبأسلوب يحيط بالبحث والتتبع بأوجز عبارة ، حتى ليقرأها المتعلم المثقف وغير المثقف ، فلا يجهد نفسه في تفهم شئ من معانيها ، وكلما خطرت له خاطرة أو بدت نظرية ، أو أنتهى به المطاف الى مناقشة صورها وكتبها بأسلوبه الممتع ، وأشركه معه في متعته ولذته.

__________________

(١) سورة فصلت : ٣٠.

١٣

حقا أن شمس العلماء .. في أسلوبه وبيانه الممتنع الجزل المفيد الوجيز ، ليعكس في أذهاننا جميع عباراته ، ببراعة الخالد الذي لا ينسى وقعه ولا يمحى أثره.

والغريب الذي لمسته في شخصيته الفكرية خلال أشتغالي بتحقيق كتابه هذا ..

وفور معلوماته وكثرة محفوظاته ، وعلمه بكافة التصانيف ، وحفظه بما في الكتب من البحوث وكأن الله سبحانه .. أودع في ذاكرته خلاصة مكتبات ، وخميرة آلاف التصانيف ، فلا غرابة بعد هذا أذا قال عنه السيد الأمين : إمام في الرجال ، والحديث ، واسع التتبع ، كثير الأطلاع ، قوي الحافظة ، لا يكاد يسأله أحد عن مطلب ألا ويحيله الى مظانه من الكتب ، مع الاشارة الى عدد الصفحات ، وكان أحد الأساطين والمراجع في الهند (١).

هذا بالاضافة الى حيوية اسلوبه ، وبيانه الذي لا يزال رطبا غضا ، كأنه لم يكتبه قبل نصف قرن أو أكثر .. بل كأنه كتبه في هذه الأيام والساعات ، لأنه لا يزال قرعة للأسماع شديدا ، ووقعه في النفوس بليغا ، مع أنه مضى على أكثر من ستين عاما ، سلفت فيها أمم ، وتعاقبت شعبوب ودول ، وتغيرت ظروف وأحوال ، ولكن اسلوبه الرصين الخالد الذي أستعمله لخدمة دينه ، وأمته ، وعقيدته ، وشريعته ، وبني قومه ، لم يتبدل ولم يتغير لأنه استمده من روحه وقلبه ، ومن فكره واخلاصه ، وعقله المستخمر بحب الامام أمير المؤمنين (ع) والأئمة الهداة من ولده.

ويجب أن يكون هكذا .. ولا غرابة إذا كان هكذا .. لأنه من ذرية علي (ع) والصديقة الكبرى فاطمة (ع) درس وتخرج على مدرسة الامام امير المؤمنين (ع) النجف الاشرف ، وقد قلت في فصول كتاب صدر لي :

لأبناء فاطمة الزهراء .. وذريتها المتفرعة من تلك الشجرة الطيبة الواردة في القرآن الكريم .. والتي أصلها ثابت وفرعها في السماء .. روح وثابة الى الحق

__________________

(١) أعيان الشيعة ٤٩ : ١٠٧.

١٤

والخير .. المتطلقة الى العدالة والانسانية .. التواقة الى القيم العالية واعلاء كلمة التوحيد .. وتوحيد الكلمة ، الى جانب العلم والشجاعة والصبر والتضحية والايثار ، وهذا المثل فيهم ذاتية فطموا عليها .. فهم منذ الطفولة تراهم في جهاد متواصل في سبيل الله .. ونضال مستمر ديني .. ودعوة صادقة للدين الذي ارتضاه الله لنفسه .. بشتى العوامل ومختلف الأساليب والصور.

ان تلك الروح على ماهي عليها من قيم لم تكن الا نتيجة الوراثة والتربية ، تقوم على أسس قويمة واهداف سامية لها كل الارتباط بالحق والعقيدة ، فيستمدون منها السند والعون في حركاتهم وثوراتهم لايعرف الناس عنها إلا نتائجها الحسنة في أكثر الأحيان (١).

هذا وخشية الأبتعاد عن صميم الدراسة ، نعود الى ماكنا نتحدث عنه ، وهو الوقوف على حياة المؤلف العظيم كرم الله وجهه .. فحمل قلم الجهاد ، ودخل معترك النضال ، وشق عبابه بيقضة وانطلاق ، وجعل الطريق امام الأجيال مستقيمة ، واضحة بعيدة ، من كل تسيب واعوجاج ، وحيرة ، وتخبط وتغلب على العراقيل وازاحة ما يمنع مسير المجتمع الاسلامي الحثيث ، لأن الجهل والباطل وزبانيتهما كانوا في الواقع يشكلون خطرا على الحق ، ويهدد الواقع.

وما أعظم هذا الايثار والتفاني والجهاد ، بصور المختلفة الرائعة ذات معنى واحد في سبيل الحق المغتصب ـ الخلافة الآلهية .. والفئ المهتضم حقوق العترة الطاهرة وفي مقدمتها فدك .. فكانت شهامة وتضحية في أسمى صورها التي يتصورها البشر ، وتهتز لها قلبه هزا ، وتدفع به الى ساحات النضال ، والكفاح في ساحات الحق والعدل ، والدعوة الى الله بجلال الايمان ، وحرارة الأخلاص.

ان أبا محمد سعيد .. بهذا الواجب والشعور ، والفتوة والمناعة وضع مؤلفاته وبحوثه .. لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله

__________________

(١) بطل فخ : ٣٦.

١٥

ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو أخوانهم أو عشيرتهم اولئك في قلوبهم الأيمان وأيديهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضو عنه اولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون (٢).

نسبه :

السيد ناصر حسين ـ شمس العلماء ـ بن السيد مير حامد حسين بن المفتى السيد محمد قلى بن السيد محمد حسين المعروف بالسيد الله كرم ابن السيد حامد حسين بن السيد زين العابدين بن السيد محمد المشهور بالسيد البولاقي بن السيد محمد المعروف بالسيد مدا بن السيد حسين المشهور بالسيد ميتم ابن السيد حسين بن السيد جعفر بن السيد علي بن السيد بن السيد كبير الدين بن السيد شمس الدين بن السيد جمال الدين بن السيد شهاب الدين أبي المظفر حسين الملقب بسيد السادات والمعروف بالسيد علاء الدين أعلى بزرك بن السيد محمد المعروف بالسيد عز الدين بن السيد شرف الدين أبي طالب المشهور بالسيد الأشرف بن السيد محمد الملقب بالمهدي المعروف بالسيد محمد المحروق بن حمزة بن علي بن أبي محمد بن جعفر بن مهدي بن أبي طالب بن علي بن حمزة بن أبي القاسم حمزة إبن الإمام أبي إبراهيم موسى الكاظم بن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق بن الإمام أبي جعفر محمد الباقر إبن الإمام أبي محمد علي زين العابدين إبن السبط الشهيد الإمام الحسين بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (١) الموسوي النيتاموري الكنتوري الهندي.

مشاهير هذه الأسرة في التاريخ :

حين نتصفح التاريخ نجد هذه الأسرة في طليعة البيوتات العريقة التي أسبغ الله سبحانه .. عليهم نعمه ظاهرة وباطنة .. فتركت مآثر وأيادي موفقة ، وناجحة في التراث الفكري الأسلامي ، وخدموه من كل الجوانب ، وجاهدو في

__________________

(١) المجادلة : ٢٢.

(٢) تكملة نجوم السماء ٢ : ٢٥. عبقات الأنوار ـ حديث الثقلين ـ ١ : ٢٢ ـ المقدمة.

١٦

خلوده ، وحيويته ، وحفظه ، ولذلك نجد المؤرخين وأحباء التحقيق يتلقون هذه الأسرة بالتعظيم والتجليل ، ويذكرون رجالاتها بالتكريم والثناء البالغ ، لأن عبقرية وبطولة البيت الكريم هذا لم تقتصر بزمن خاص ، وأنما كانت قديمة كقدم نسبهم ، فيقول صاحب الذريعة بهذا الصدد مانصه.

ـ إن هذا البيت الجليل ، من البيوت التي غمرها الله برحمته ، فقد صب سبحانه وتعالى على أعلامه المواهب ، وأمطر عليهم المؤهلات ، وأسدل عليهم القابليات ، وغطاهم بالألهام ، وأحاطهم بالتوفيق ، فقد عرفوا قدر نعم الله عليهم ، فلم يضيعوها ، بل كرسوا حياتهم وبذلوا جهودهم وأثنوا أعمارهم في الذب عن حياض الدين ، وسعوا سعيا حثيثا في تشييد دعائم المذهب الجعفري ، فخدماتهم للشرع الشريف ، وتفانيهم دون إعلان كلمة الحق ، غير قابلة للحد والاحصا ، ولذا وجب حقهم على جميع الشيعة الأمامية ، ممن عرف قدر نفسه وأهتم لدينه ومذهبه (٢) ـ.

ويطول بنا المقام لو بسطنا الحديث عن مشاهير هذه الأسرة الكريمة ، ولذلك نقتصر على ذكر أسماءهم مع بيان موجز عن مكانتهم العلمية ، وفي الأخير مصادر حياتهم :

١ ـ المفتي السيد محمد علي قلي بن السيد محمد حسين بن حامد حسين بن زين العابدين الموسوي النيشابوري الكنتوري الهندي المتوفى ١٢٦٠.

كان متكلما بارعا في علم المعقول ، حسن المناظرة ، جيد التحرير ، واسع التتبع ، تلمذ على السيد ولداد علي ، وأشتغل في الرد على المخالفين ، فقام به أحسن قيام ، وله ما يربو على ١٥ كتابا في الفقه ، والصرف ، والإمامة ، والسيرة ، والسنة ، ومنه الكتاب العظيم ، تشييد المطاعن طبع عام ١٢٨٣ في الهند ، وأعيد في إيران سنة ١٤٠١ هج‍ (٣)

__________________

(١) اعلام الشيعة ـ القرن الرابع عشر ـ ٢ : ١٤٨.

(٢) أعيان الشيعة ٤٦ : ١٦١. لماذا أخترت مذهب أهل البيت : ١٣٠٣ ختران تانباك : ٣٨٧. طبقات أعلام

(٣) الشيعة ت ٩٤٨ ـ قرن الثالث عشر. ريحانة الأدب ٥ : ٣٥٦. كتابهاي جابي فارسي ١ : ١٣٥٥

١٧

٢ ـ السيد إعجاز حسين بن المفتى السيد محمد علي قلي الكنتوري المتوفى ١٢٨٦. عالم جليل خبير محقق عارف بالعلوم والأخبار ، ومن كبار رجالات الشيعة في الهند ومن أعاظم علمائهم ، ولع بالوراثة عن آبائه بالتتبع والتنقيب ، والبحث ، والتحقيق ، سيما فيما يعود الى مسائل الخلاف بين الجمهورين الشيعة الامامية ، والسنة ، وكان من جلالة القدر وعظيم الشأن بمكان ، له تصانيف كثيرة ، وأشهرها كتاب ـ كشف الحجب والاستار عن وجه الكتب والأسفا ـ وهو عمل فهرسي قدير ، ذكر ما للشيعة من مؤلفات في خزانة كتبهم طبع عام ١٣٣٣ ويعتبر من المطبوعات النادرة (١).

٣ ـ السيد حامد حسين بن السيد محمد قلي المتوفي ١٣٠٦.

كان من أكابر المتكلمين والباحثين عن أسرار الديانة ، والذابين عن بيغة الشريعة ، وحوزة الدين الحنيف ، علامة نحريرا ماهرا بصناعة الكلام والجدل ، محيطا بالاخبار والاثار ، واسع الأطلاع ، كثير التتبع ، دائم المطالعة لم ير مثله في صناعة الكلام ، والأحاطة بالأخبار والأثار في عصره بل وقبل عصره بزمان طويل ، وبعد عصره حتى اليوم.

ولو قلنا : أنه لم ينبغ مثله في ذلك بين الإمامية بعد عصر المفيد والمرتضى لم نكن مبالغين ، يعلم ذلك من مطالعة كتابه ـ العبقات ـ وساعده على ذلك ما في بلاده من حرية الفكر ، والقول والتأليف والنشر ، وطار صيته في الشرق والغرب ، وأذعن لفضله عضماء العلماء.

وكان جامعا لكثير من فنون العلم متكلما ، محدثا ، رجاليا ، اديبا ، قضى عمره في الدرس والتصنيف والتأليف والمطالعة (٢).

__________________

(١) ريحانة الأدب ٥ : ٣٥٦. الذريعة ١٨ : ٢٧. اعلام الشيعة ١ : ٣٠٢. معجم المؤلفين ٢ : ٣٠٣ اعيان الشيعة ١٢ : ٢٧٩. الأعلام ١ : ٣٣٨. برو كلمان ١١ : ٨٥٥. أحسن الوديعة ١ : ١٠٧. كتابهاي جابي عربي : ٨٣٨.

(٢) أعيان الشيعة ١٨ : ٣٧١.

١٨

وفي معاجم السير والتاريخ الكثير من كلمات الثناء ، والاكبار في حقه ، وجاء : أنه صرح بعض الأكابر ببلوغ مألفاته المأتين مجلدا (١) وبيد إنه اشتهر وعرف بكتابه ـ عبقات الأنوار ـ ويحدثنا الحجة شيخنا الاكبر الأميني .. رضي الله عنه .. عن هذا الكتاب فيقول :.

ـ السيد مير حامد حسين بن السيد محمد تلي الموسوي الهندي اللكهنوي المتوفي ١٣٠٤ عن ٣٠ سنة. ذكر حديث الغدير ، وطرقه ، وتواتره ، ومفاده ، في مجلدين ضخمين ، في ألف وثمان صحايف ، وهما من مجلدات كتابه الكبير ـ العقابات ـ وهذا السيد الطاهر العظيم كوالده المقدس ، سيف من سيوف الله المشهورة علي اعدائه ، وراية ظفر الحق والدين ، وآية كبرى من آيات الله سبحانه ، قد أتم به الحجة ، وأوضح المحجة ، وأما كتابه ـ العقبات ـ فقد فاح أريجه بين لايتي العالم ، وطبق حديثه المشرق والمغرب ، وقد عرف من وقف عليه أنه ذلك الكتاب المعجز المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وقد استفدنا كثيرا من علومه المودعة في هذا السفر القيم ، فله ولوالده الطاهر منا الشكر المتواصل ، ومن الله تعالى لهما أجزل الأجور (٢).

وقد نقلت وترجمت تصانيفه الى سائر اللغات ، توفي في ١٨ صفر ١٣٠٦ ودفن في حسينيته الخاصه (٣).

٤ ـ السيد سراج حسين بن المفتي السيد محمد قلي المتوفي ١٢٨٦.

عالم كبير ، وحكيم فاضل ، حكيم عصره وفيلسوف دهره ، له تصانيف وكتابات غير ان لم تكن له شهرة كسائر مشاهير ، ورجلات هذه الأسرة. (٤).

__________________

(١) ريحانة الأدب ٣ : ٣٧٩.

(٢) الغدير ١ : ١٥٦.

(٣) أعيان الشيعة ١٨ : ٣٧١. ريحانة الادب ٣ : ٣٧٧. الغدير : ١٥٦. اختران تابناك : ١٣٨ اعلام الشيعة ١ : ٣٤٨. مصفى المقال : ١٤٩. هدية الأحباب : ١٧٧. الفوائد الرضوية ٩١. الذريعة ١٥ : ٢١٤. المآثر والاثاء : ١٦٨. تكملة نجوم السماء ٢ : ٢٤. معجم المؤلفين ٣ : ١٧٨. إيضاح المكنون ٢ : ٩٢. هدية العارفين ١ : ١٦٢. علماء معاصرين : ٣٠.

(٤) أعلام الشيعة ـ ترجمة : ١٠٧٢

١٩

٥ ـ السيد ذاكر حسين بن السيد حامد حسين المتوفى ..

من كبار العلماء البارزين في الهند ، وكان أديبا شاعرا له تصانيف منها : الأدعية المأثورة ـ ديوان شعر بالفارسية والعربية. حواشي على عبقات والده (٧).

مولده ونشأته :

أنا لاأريد أن يقتصر القارئ على هذا المقدار من المعرفة بالمؤلف ..

كرم الله وجهه ، كما لا أستسيغ أن يكتفي بطائر أسمه ، وسعت شهرته في العالم الأسلامي ، وذيوع براعته وتفوقه في التراث الفكري ، وإنما أرغب أن يتجاوز القارئ هذا الحد من المعرفة ، ويتطلع الى شئ من حياته ، وبيسير من ظروفه التي هيأت له هذه الحياة ، ومراحلها الثقافية.

ولد السيد ناصر حسين .. في لكهنو ١٩ جمادي الثانية عام ١٢٨٤ ه‍ من أبوين جليلين كريمين عريقين ، وترعرع ودرج في بيت أذن الله أن ترفع وتقلد الزعامة الدينية ، وقامت دعائمه على العلم ، والتقوى ، والزهد ، والصلاح ، والرئاسة ، والرفعة فكانت طبيعة الأرث الأثيل ، تدفعه للقيام من جهة بمسؤولية الرسالة الكبرى .. الزعامة الفكرية .. ودواعي الحياة وبواعثها تشحذ ثباته وتسقل مواهبه من جهة أخرى.

درج الشبل .. في مراتع العلم والأخلاق ، وتوقل في مدارج الفضيلة والكرامة ، حتى إذا ما أنتهى الى مدارج الشباب الفض تراكمت واصطلحت عليه بواعث الخير والمجد ، وجعلت منه صورة حية للفضيلة ، صورة متكاملة ومستجمعة ، ومنتزعة من بيته ، وبيئته ، وتربيته وفطرته الصحيحة السليمة ، فكانت لهذه العناصر الأربعة المقدسة ، أثرها المشرق الواضح في نشأته العلمية ، ومكانته الدينية بعدها ، فلم يكد يجتاز الشوط الأول في حياته الثقافية ، حتى دلت عليه قابليته وكفايته ، فولى وجهه شطر باب مدينة علم النبي الأقدس (ص) النجف الأشرف .. وكان لابد له من إتيانه بعد أن قرأ قوله (ص) : أنا مدينة

__________________

(١) أعلام الشيعة ٢ : ٧١٤. الذريعة ١ : ٣٩٩.

٢٠