الجوهرة في نسب الإمام علي وآله

محمّد بن أبي بكر الأنصاري التلمساني [ البرّي ]

الجوهرة في نسب الإمام علي وآله

المؤلف:

محمّد بن أبي بكر الأنصاري التلمساني [ البرّي ]


المحقق: الدكتور محمّد التونجي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مكتبة النوري
الطبعة: ١
الصفحات: ١٢٧

١
٢

٣
٤

كلمة عجلى

بسم الله الرحمن الرحيم

نسخة فريدة في العالم ، نادرة ومهمة ، جديرة بالدراسة والطلاع ، هي «الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة» للكاتب الأندلسي «محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري التلمساني بالبري».

ومع اننا ذكرنا مدى أهمية الكتاب ، فإننا نعلن أسفنا حيال هذا المؤلف المجهول ، الذي عانى الكثير حتى انهى كتابه في الرواية والتراجم أكبر عناء. وكل ما نعرفه أنه ألف كتابه وانتهى منه سنة ٦٤٥ ه‍ ، وهو من سكان جزيرة منورقة في الأندلس ، عاش في أواسط القرن السابع الهجري ، وأهدى كتابه الى أمير الجزيزة الصغيرة «سعيد بن حكم بن عمر بن حكم القرشي أبو عثمان».

وسبب ضياع ترجمة هذا الكاتب في نظرنا يرجع إلى انه عاش في مرحلة كان العرب فيها ضعفاء ، وإلى أنه عاش في جزيرة صغيرة نائية لا يؤبه لها في الأندلس.

وقد تلمسنا أغلب كتب التراجم ، ونقَّبنا في كتب الأندلس ، فعثرنا في كتاب كشف الظنون علي اسم لهذا الكتاب ، ولكن

٥

لمؤلف آخر هو « كمال الدين عبد الرحمن بن محمد الأنباري» المتوفى سنة ٥٧٧ ه‍. وهذا مخالف لسنة تأليف الجوهرة المسجل في ختامها ، وللخط المغربي الصعب الذي لا يجيد المشارقة رسمه ، ثم إن الكتاب بخط ، مؤلفه ، وهي نسخته الخاصة.

وقد رأينا ان نطبع الفصل الخاص بالأمام علي وآله نظرا الى أهميته وانفصاله وتفصيله في نسبه ونسب أبناه السيدة فاطمة الزهراء عليها‌السلام. على ان أنشعل بعد ذلك بتحقيق الجوهرة الكاملة عن النسخة الوحيدة والفريدة.

ولا نبعي من أعمالنا هذه سوى مرضاة الله.

حلب : ١٨ / ١٠ / ٨٠

المحقق

٦

أمير المؤمنين

أبو الحسن علي بن أبي طالب

ابن عبد المطلب ، ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، القريب القرابة. وهو أول بالنبي عليه‌السلام من الصبيان. قيل إنه أسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، روى ذلك نافع عن ابن عمر. وقيل إنه أسلم ، وهو ابن عشر سنين ، قاله ابن اسحاق. وذكر أبو زيد عمر بن شبه قال : نا سريج بن النعمان قال : نا الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر فقال : أسلم علي بن أبي طالب وهو ابن ثلاث عشرة ، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين ، وهذا أصلح ما قيل في ذلك. وقد روي عن ابن عمر من وجهين جيدين.

وروى شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبة العرني (١) قال : سمعت عليا يقول : أنا أول من صلى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقال

__________________

(١) هو حبة بن جوين ثم العرني ، أبو قدامة. كوفي من أصحاب علي. روى حديث غدير خم ، وكان يومئذ مشركا.

أسد الغابة ١ / ٣٦٣

٧

زيد بن أرقم (١) : أول من آمن بالله بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم علي بن أبي طالب. وعن أنس بن مالك قال : استنبئ النبي عليه‌السلام يوم الاثنين ، وصلى علي يوم الثلاثلاء. وروى سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل ، عن أبي صادق ، عن حنش بن المعتمر (٢) ، عن عليم الكندي ، عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أولكم ورودا علي الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب».

وحدث عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال : حدثنى عمر مولى غفرة قال : سئل محمد بن كعب القرظي (٢) عن أول من أسلم علي أو أبو بكر. قال : سبحان الله علي أولهما إسلاما!.

وعن معاذة بنت عبد الله العدوية (٣) قالت : سمعت علي بن أبي طالب

__________________

(١) هو زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان الأنصاري الخزرجي ، أبو سعيد. صحابي غزا مع رسول الله سبع عشرة غزوة ، وقد استصغره يوم أحد ، وكان يتيما في حجر عبد الله بن رواحة ، وسار معه في غزوة مؤتة. روى سبعين حديثا. نزل الكوفة وتوفي بها سنة ست وخمسين ، وقيل سته ثمان وستين.

تهذيب الأسماء : ١ / ١٩٩

(٢) ذكر حنش بن المعتمر في الصحابة ، ولا يصح حديثه. ذكر أبن الأثير ذلك في أسد الغابة : ٢ / ٥٥

(٣) منسوب الى بني قريظه الطائفة اليهودية المعروفة. وهو تابعي جليل ، أبو حمزة. كان أبوه من سبي قريظة. سكن محمد الكوفة ثم عاد إلى المدينة. وقد ولد في حياة رسول الله. وسمع ابن عباس وزيد بن أرقم ومعاوية. وروى عن كثير من الصحابة ، وروى عنه آخرون. توفي سنة ١٠٨ ه‍ ، وقيل بعد ذلك.

تهذيب الأسماء : ١ / ٩٠

(٤) تكن معاذة أم الصهباء. وهي امراة فاضلة من العالمات بالحديث من أهل البصرة. روت عن علي وعائشة. وروى عنها عاصم جماعة. توفيت سنة ٨٣ ه‍.

رغبة الأمل : ٨ / ١٨٤

٨

على منبر البصرة وهو يقول : «أنا الصديق الأكبر ، آمنت قبل ان يؤمن أبو بكر ، وأسلمت قبل أن يسلم».

وروى ابراهيم بن سعيد الزهري عن ابن اسحاق ، قال : حدثني يحيى بن أبي الأشعث ، عن اسماعيل بن إياس بن عفيف الكندي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كنت امرا تاجرا. فقدمت الحج ، فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه بعض التجارة ، وكان امرا تاجرا. فوالله إني لعنده إذ خرج رجل من خباء في بيت ، فنظر إلى الشمس ، فلما رآها قد مالت قام يصلي. قال : ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل ، فقامت خلقه تصلي. ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء ، فقام معه يصلي. فقلت للعباس : من هذا يا عباس؟ قال : هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي. قلت : من هذه المرأة؟ قال : هذه امرأته خديجة بنت خويلد. قلت : من هذا الفتى؟ قال : علي بن أبي طالب ابن عمه. قلت : ما هذا الذي يصنع؟ قال : يصلي. وهو يزعم أنه نبي ، ولم يتبعه على أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الغالم. وهو يزعم أنه ستفتح عليه إمره إلا امرأته وابن عمه هذا الغلام. وهو يزعم أنه ستفتح عليه كنوز كسرى وقيصر. فكان عفيف يقول ، وقد أسلم بعد ذلك ، وقد حسن إسلامه : لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ بعد ذلك ، وقد حسن إسلامه : لو كان الله رزقيي الإسلام يومئذ فأكون ثانيا مع على.

وقال مجاهد بن جبر أبو الحجاج (١) : كان من نعمة الله

__________________

(١) مجاهد بن جبر أبو الحجاج المكي ، مولى بني مخزوم. تابعي من أهل مكة. أخذ التفسير عن ابن عباس ، وتنقل في اساره ثم استقر في الكوفة. مات وهو ساجد سنة ١٠٤. انفرد أبو زكرياء النووي الأسماء في أن جعل أباه «جبيرا» بالتصغير ، وهذا ما لم يرد في المخطوطة وفي أغلب المراجع.

طبقات الفقهاء : ٤٥

٩

تعالى على علي بن أبي طالب ، ومما صنع الله تعالى له ، وأراد به من الخير أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة. وكان أبو طالب ذا عيال كثير. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم للعباس عمه ، وكان من أيسر بني هاشم : «يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال ، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأرمة. فانطلق بنا إليه ، فلنحفف من عياله. آخذ من بنيه رجلا ، وتأخذ أنت رجلا ، فنكفهما عنه». قال العباس : نعم. فانطلقا حتى أتيا أبا طالب : فقالا له : إنا نريد ان نخفف عنك من عيالك ، حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه. فقال لهما أبو طالب : إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما. فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا فضمه إليه. وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه. فلم يزل علي مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى بعثه الله نبيا ، فأتبعه علي ، وآمن به وصدقه. ولم يزل جعفر العباس حتى أسلم علي ، وآمن به وصدقه. ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه.

وذكر ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أول الإسلام كان إذا حضرته الصلاة خرج إلى شعاب مكة ، وخرج معه علي ابن أبي طالب مستخفيا من عمه أبي طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه ، فيصليان الصلوات فيها. فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله تعالى أن بمكثا.

ثم إن أبا طالب عثر عليهما يوما ، وهما يصليان. فقال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا بن أخي ، هذا الدين الذي أراك تدين به؟ قال : «أي عم ، هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا ابراهيم». أو كما قال صلى الله عليه

١٠

وسلم : «بعثني الله به رسولا إلى العباد. وأنت أي عم أحق من بذلك له النصيحة ، ودعوته إلى الهدى ، وأحق من أجابني إليه ، وأعانني عليه» ، أو كما قال. فقال أبو طالب : أي ابن أخي ، إني لا أستطيع ان افارق دين آبائي وما كانوا عليه ، ولكن والله لا يخلص إليك بشئ تكرهه ما بقيت. وقال لعلي بن أبي طالب : أي بني ، ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال : يا أبت ، آمنت برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصدقته بما جاء به ، وصليت معه لله تعالى ، وأتبعته.

فزعموا أنه قال له : أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه.

وروى سلمة بن كهيل عن حبة بن جوين قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول : «لقد عبدت الله قبل ان يعبده أحد من هذه الأمامة خمس سنين».

ولما دبرت قريش في دار الندوة في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل الهجرة بيسير ما دبرت ، وأرادؤا المكر به ، ومعهم إبليس في صورة شيخ نجدي ، أتى جبريل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه. قال : فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام ، فيثبون عليه. فلما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب : «نم على فراشي ، وتسج بردي هذا الحضرمي الأخضر ، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شئ تكرهه منهم.

قال محمد بن كعب القرظي : اجتمعوا له وفيهم أبو جهل

١١

بن هشام فقال ، وهم على بابه : إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ، ثم بعثتم من بعد موتكم ، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن ، وإن لم تفعلوا كان لكم فيه ذبح ، ثم بعثتم من بعد موتكم ، فجعلت لك نار تحرقون فيها. قال : وخرج عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال : «نعم ، أنا أقول ذلك ، أنت أحدهم». وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه ، فلا يرونه. فجعل ينثو (١) ذلك التراب على رؤوسهم ، وهو يتلو هؤلاء الآيات من يس : (يس ، والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين). إلى قوله تعالى : (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (٢). حتى فرغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من هؤلاء الآيات ، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا. ثم انصرف إلى حيث أراد. فأتاهم آت ممن لم يكن معهم ، فقال : ما تنتظرون ها هنا؟ قالوا : محمد. قال : خيبكم الله ، قد والله خرج عليكم محمد ، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا ، وانطلق لحاجته. أفما ترون ما بكم؟ قال : فوضع كل رجل منهم يده على رأسه ، فإذا عليه تراب. ثم جعلوا يطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فيقولون : والله إن هذا لمحمد نائما ، عليه برده. قال : فلم يبرحوا كذلك حتى اصبحوا. فقام علي عن الفراش. فقالوا : والله لقد كان صدقنا الذي كان حدثنا. وكان مما انزل الله تعالى من القرآن في ذلك اليوم ، وما

__________________

(١) ينئو التراب : يفرقه.

(٢) سورة يس : ٣٦ / الاية : ١ ـ ١٠

١٢

كانوا اجمعوا له من المكر بالنبي عليه‌السلام : (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك. ويمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين) (١).

ولما هاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى المدينة أقام علي بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزل معه على كلثوم بن هدم الأوسي (٢).

وأجمع رواة الآثار على آن عليا صلى القبلتين ، وهاجر ، وشهد بدرا والحديبية وسائر المشاهد ، وأنه أبلى ببدر وبأحد والخندق وخيبر بلاء عظيما ، وأنه أغنى في تلك المشاهد ، وقام فيها المقام الكريم. وكان لواء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيده في مواطن كثيرة. وكان يوم بدر بيده على اختلاف في ذلك.

ولما قتل مصعب بن عمير (٣) يوم أحد ، وكان اللواء بيده

__________________

(١) سورة الأنفال : ٨ / الآية : ٢٩.

(٢) ذكر ابن الأثير أنه ابن هرم بن امرئ القيس بنى الحارث .. ابن أوس الأنصاري الأوسي ، بينما ضبطه مؤلف الجوهرة بالدال الساكنة. كان يسكن قباء ويعرف بصاحب رسول الله. وكان شيخا كبيرا ، أسلم قبل وصول رسول الله إلى المدينة. وهو الذي نزل عليه رسول الله بقباء. وأقام عنده أربعة أيام ، ثم خرج الى أبي أيوب الأنصاري. قيل إنه أول من مات من صحابة رسول الله بعد قدومه المدينة ، ولم يدوك شيئا من مشاهده. وقيل توفي قبل بدر بيسير.

أسد الغابة : ٤ / ٢٥٣

(٣) مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف ، أبو عبد الله. من فضلاء الصحابة وخارهم ، ومن السابقين إلى الإسلام. أسلم ورسول الله في دار الأرقم. وكتم إسلامه خوقا من أمه وأبيه. وحين علما به حبساه إلى أن هاجر الى الحبشة ، بعثه رسول =

١٣

دفعه رسول الله صلى الله وسلم عليه وسلم إلى علي : وشهد بدرا وهو ابن خمس وعشرين سنة ، قاله ابن اسحاق.

وذكر ابن السراج في تاريخه عن مقسم ، عن ابن عباس قال : دفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الراية يوم بدر إلى علي ، وهو ابن عشرين سنة.

ولم يتخلف عن مشهد شهده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مذ قدم إلى المدينة إلا في غزوة تبوك ، خلفه فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على عياله ، وقال له : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي». وروي قوله عليه‌السلام لعلي : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» جماعة من الصحابة ، وهو من أثبت الآثار وأصحها. رواه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : سعد بن أبي وقاص ، وطرق حديث سعد فيه كثيرة جدا ، وقد ذكرها ابن أبي خيثمة (١) وغيره. ورواه جابر بن عبد الله ، وأسماء بنت عميس (٢) ، وابن عباس ، وأبو سعيد

__________________

= الله مع الاثني عشر أهل العقبة الثانية ليفقه أهل المدينة ويقرئهم القرآن. وهو أول من جمع الجمعة بالمدينة. أسلم على يديه سعد بن معاذ. شهد بدرا واستشهد بأحد وكان عمره أربعين سنة. وزوجه حمنة بنت جحش.

تهذيب الأسماء : ١ / ٩٧

(١) اسمه أحمد بن زهير بن حرب النسائي ثم البغدادي ، أبو بكر. وهو مؤرخ من حفاظ الحديث ومن رواة الآدب. مولده ووفاته ببغداد (١٨٩ ـ ٢٧٩)

الأعلام : ١ / ١٢٣

(٢) أسماء بنت عميس ، امرأة أبي بكر ، وأمها هند بنت عوف. كانت تحت جعفر بن أبي طالب ، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة ، ثم قتل عنها يوم مؤتة ، فتزوجها أبو بكر ، فصات عنها ثم تزوجها على. وولدت لجعفر عند الله ومحمدا وعونا. وولدت لأبي بكر

١٤

الخدري ، وأم سلمة.

الترمذي : حدثنا القاسم بن دينار الكوفي : نا أبو نعيم ، عن عبد السلام بن حرب ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لعلي : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى». قال : هذا حديث حسن صحيح.

الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان : نا أبو أحمد الزبيري : نا شريك عن عبد الله بن محمود بن غيلان : نا أبو أحمد الزبيري : نا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لعلي : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي»

وحدت يحيى بن معين (١) قال : نا مروان بن معاوية الفزاري ، عن موسى الجهني ، عن فاطمة بنت علي قالت : سمعت أسماء بنت عميس تقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول لعلي : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، الا

__________________

= محمدا ، وولدت لعلي يحيى. وروى عنها بعض الصحابة كعمر وأبي موسى الأشعري وابن عباس. وهي أخت ميمونة زوج النبي أسلمت قبل دخول رسول الله دار الأرقم بمكة ، وبايعت رسول الله. توفيت نحو ٤٠ ه‍.

تهذيب الأسماء : ١ / ٣٣٠

(١) يحيى بن معين بن عون بن زياد ، أبو زكرياء ، مولى بني مرة غطفان. أصله من الأنبار ، وإمام الحديث في زمانه. كان إماما ربانيا عالما حافظا ثبتا. يقول عنه ابن حنبل : كل حديث لا يعرفه يحى ليس بحديث. توفي بالمدينة وغسل على السرير الذي غسل عليه رسول الله ، ودفن بالبقيع ، ورثاه الشعراء سنة ٢٣٤ ، وله من العمر سبع وسبعون سنة.

تهذيب الأسماء : ١ / ١٥٩

١٥

أنه ليس بعدي نبي».

وتزوج علي فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في صفر في العام الثاني من الهجرة ، وابتنى بها في ذي الحجة من آخر العام. وروي أنه مهرها درعه ، إذ لم يكن له في ذلك الوقت صفراء ولا بيضاء. وقيل إن عليا رحمه الله ، تزوج فاطمة على أربع مئة وثمانين درهما. فأمره النبي عليه‌السلام أن يجعل ثلثها في الطيب. وقيل إن عليا قدم الدرع من اجل الدخول بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إياه بذلك. وكان سنها يوم تزوجها خمس عشرة سنة وخمسة اشهر ونصفا. وكانت سن علي ، رحمه الله ، يومئذ إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر.

وقالت عائشة ، رضي الله عنها : ما رأيت أحدا كان اشبة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلاما وحديثا من فاطمة ابنتة. وكان يحبها حبا شديدا. وكانت إذا دخلت عليه قام إليها ، وقبل بين عينيها ورحب بها وأجلسها في مجلسه. كما كانت تصنع هي به صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقال ابن السراج محمد بن اسحاق بن ابراهيم أبو العباس : حدثنا محمد بن حميد : نا سلمة عن ابن اسحاق ، عن يحيى بن عباد ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : ما رأيت أحدا أصدق لهجة من فاطمة. إلا ان يكون الذي ولدها صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وذكر ابن السراج أيضا : نا محمد بن عبد الأعلى قال : نا عبد الرزاق عن معمر ، عن قتاده ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «حسبك من تساء العالمين مريم

١٦

بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون». وروى عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي عليه‌السلام : «فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، إلا ما كان من مريم بنت عمران».

وذكر ابن السراج قال : نا محمد بن الصباح قال : نا علي ابن هاشم عن كثير النواء عن عمران بن حصين ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عاد فاطمة ، وهي مريضة فقال لها : « كيف تجدينك يا بنية؟» قالت : إني وجعة ، وإنه ليزيدني أني ما لي طعام آكله. فقال : يا بنية ، أما ترضين إنك سيدة نساء العالمين؟ فقالت : يا أبت ، فأين مريم بنت عمران؟ قال : «تلك سيدة نساء عالمها ، وأنت سيدة نساء عالمك. أما والله ، لقد زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة».

ابن السراج بسنده عن جميح بن عمير قال : دخلت على عائشة فسئلت : أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قالت : فاطمة. قلت : فمن الرجال؟ قالت : زوجها ، إن كان ما علمتة صواما قواما.

مسلم : حدثني زهير بن حرب قال : نا يعقوب بن ابراهيم قال : نا أبي عن أبيه ان عروة بن الزبير حدثه أن عائشة ، رضوان الله عليها ، حدثته أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا فاطمة ابنته ، رضي الله عنها ، فسارها ، فبكت. ثم سارها ، فضحكت. فقالت عائشة : فقلت لفاطمة : ما هذا الذي سارك به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فبكيت ، ثم سارك به فضحكت؟

١٧

قالت : سارني فأخبرني بموته فبكيت. ثم سارني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت.

وتوفيت فاطمة بعد موت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بسبعين ليلة. قاله ابن بريدة عن أبيه. وقال عمرو بن دينار : توفيت فاطمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بثمانية أشهر. وقيل : توفيت بعده بستة اشهر ، وهو قول اكثر أصحاب التواريخ والأثار ، وقاله مسلم في الصحيح ، وقال ذلك محمد بن علي أبو جعفر الباقر وابن هشام.

وقال محمد بم عمر الواقدي : حدثنا معمر عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قال : وأخبرنا ابن جريح عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة أن فاطمة توفيت بعد النبي عليه‌السلام بسته أشهر. قال : محمد بن عمرو : هو الثبت عندنا.

وقال المدائني : ماتت فاطمة ليلة الثلاثاء خلون من شهر رمضان ، سنة إحدى عشرة ، وهي ابنة تسع وعسرين سنة. ولدت قبل النبوة بخمس سنين ، وصلى عليها العباس. وقال عبد الله ابن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب : بلغت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاثين سنة. وقيل : صلى عليها علي ، وهو الذي غسلها مع أسماء بنت عميس ، ودفنت ليلا. ودخل قبرها العباس وعلي والفضل وهي أول من غطي نعشها من النساء في الإسلام. إذ حكت لها أسماء بنت عميس ما يصنع للمرأة إذا ماتت بأرض الحبشة ، فأمرتها أن تصنع ذلك لها. وكذلك صنع بزينب بنت جحش زوج النبي عليه‌السلام. ولم يخلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بنية غيرها.

١٨

ويروى أن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، لما رأى فاطمة ، رضي الله عنها ، مسبجاة بثوبها بكى حتى رثي له. ثم قال :

لكل اجتماع من خليلين فرقه

وإن دون الممات قليل

وإن افتقادي واحدا بعد واحد

دليل على أن لا يدوم خليل

«طويل»

وولدت فاطمة لعلي رضي الله عنهما : الحسن ، والحسين ، ومحسنا درج صغيرا ، وأم كلثوم الكبرى أم زيد بن عمر بن الخطاب (١) ، وقد تقدم ذكرها ، وزينب الكبرى وكانت عند عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (٢) ، فولدت له جعفرا الأكبر ، وعليا ، وعونا الأكبر ، وعباسا ، أم كلثوم.

__________________

(١) ولدت أم كلثوم قبل وفاة رسول الله ، وخطبها عمر بن الخطاب إلى أبيها علي ، فقال له إنها صغيرة. فقال عمر : زوجنيها يا أبا الحسن ، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فتزوجها على مهر أربعين ألفا. فولدت له زيد بن عمر الأكبر ورقيه. توفيت أم كلثوم وابنها زيد في وقت واحد ، وصلى عليهما عبد الله بن عمر.

أسد الغابة : ٥ / ٦١٤

(٢) جعفر أكبر من أخيه علي بعشر سنين. كان آية الكرم وغاية النجدة. لقبه ذو الجناحين ، لأنه قطعت يداه في حرب مؤته ، وقال لرسول الله إن الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء.

١٩

الحسن بن علي

رضي الله عنهما. ولدت فاطمة الحسن للنصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة قبل وقعة أحد بشهر ، هذا أصح ما قيل في ذلك إن شاء الله. وعق عنه (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم سابعه بكبش ، رأسه ، وأمر أن يتصدق بزنته فضة.

مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه قال : وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم فتصدقت بزنة ذلك فضة. مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه قال : وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم ، فتصدقت بزتة ذلك فضة.

وقال ابن الجارود : حدثنا أبو بكر محمد بن اسحاق

__________________

(١) عق بكبش : القعة : شعر كل مولود لأنه يشق الجلد. والعقيقة الجلد. والعقيقة : اشاة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه عند حلق شعره. ومن عادة العرب أن يزنوا شعر الطفل فضة أو ذهبا ويوزعوه.

٢٠