تاج العروس - ج ١٠

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي

تاج العروس - ج ١٠

المؤلف:

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي


المحقق: علي شيري
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٠٠

١

٢

المعجمة

وهُوَ حَرْفٌ من الحُرُوفِ المَجْهُورَةِ ، وهي تِسْعَةَ عَشَرَ حَرْفاً ، والجِيمُ والشينُ والضّادُ في حَيِّزٍ وَاحِدٍ ، وهذِهِ الحُرُوف الثَّلاثَةُ هي الحُرُوفُ الشَّجرِيَّةِ. وقال ابنُ عُصْفُورٍ ، في المُقَرّب : وتُبْدَلُ الضَّادُ المُعْجَمَةُ من الصَّادِ المُهْمَلَةِ ، قالُوا : مَصَّ الرُّمَانَةَ وَمضَّها. قال : والصَّادُ أَكْثَرُ. قال شيْخُنَا : وهو عَلَامَةُ أَصالَتِه وفَرْعِيَّةِ الضادِ المُعْجَمَة عنه. قال : وذَكَرَ الشيْخُ ابنُ مالِكٍ في «التَّسْهِيلِ» أَنَّهَا تُبْدَلُ من الَّلامِ أَيضاً ، حَكَى الجَوْهَرِيّ : رَجُلٌ جَضْدٌ ، أَي جَلْدٌ. قلت : وقال الكِسَائِيّ : العَرَبُ تُبْدِلُ من الصَّادِ ضاداً ، فتقولُ : مَا لَكَ في هذا الأَمْرِ مَنَاضٌ ، أَي مَناصٌ ، كما سَيَأْتِي في مَحَلِّهِ.

فصل الهمزة‌

مع الضاد المعجمة‌

[أبض] : أَبَضَ البَعِيرَ يَأْبِضُهُ أَبْضاً من حَدِّ ضَرَبَ ، وزَادَ في اللِّسَان : ويَأْبُضُهُ أُبُوضاً ، من حَدّ نَصَرَ شَدَّ رُسْغَ يَدهِ إلى عَضُدِهِ حَتَّى تَرْتَفِعَ يَدُهُ عن الأَرْضِ ، وقد أَبَضْتُهُ ، فهو مَأْبُوضٌ. وذلِكَ الحَبْلُ إِبَاضٌ ، ككِتَابٍ ، ج : أُبُضٌ ، بضَمَّتَيْن ، نقله الجَوْهَرِيّ عن الأَصْمَعِيّ : وقال أَبو زيْدٍ نَحْوٌ مِنْهُ ، وأَنشَدَ ابنُ بَرّيِّ لِلْفَقْعَسِيّ :

أَكْلَفُ لَمْ يَثْنِ يَدَيْهِ آبِضُ

والْإِبَاضُ أَيْضاً : عِرْقٌ في الرِّجْلِ ، عن أَبِي عُبَيْدَةَ.

ويُقَال لِلْفَرَسِ إِذَا تَوَتَّرَ ذلِكَ العِرْقُ منه مُتَأَبِّضٌ. ومن سَجَعَاتِ الأَسَاسِ : كَأَنَّهُ فِي الْإِبَاضِ من فَرْطِ الانْقِباضِ.

وعَبْدُ الله بنُ إِبَاضٍ التَّمِيمِيُّ ، الَّذِي نُسِبَ إِليْه الْإِبَاضِيَّةُ مِنَ الْخَوَارِجِ ، وهُمْ قَوْمٌ من الحَرُورِيَّةِ ، وزَعَمُوا أَنَّ مُخَالِفَهُمْ كافِرٌ لا مُشْرِكٌ ، تَجُوزُ مُنَاكَحَتُه ، وكَفَّرُوا عَلِيّاً وأَكْثَرَ الصَّحَابَةِ ، وكَان مَبدَأُ ظُهُورِهِ فِي خِلافَةِ مَرْوَانَ الحِمَارِ.

وأُبَاضُ ، كغُرَاب : ة ، بِالْيَمَامَةِ. وقال أَبو حَنِيفَةَ : عِرْضٌ باليمَامَةِ ، كَثِيرُ النَّخْلِ والزَّرْعِ ، وأَنْشَد مُحَمَّدُ بنُ زِيادٍ الأَعْرَابِيُّ :

أَلا يا جَارَتَا بِأُبَاضَ إِنِّي (١)

رَأَيْتُ الرِّيحَ خَيْراً مِنْكِ جَارَا

تُغَذِّينَا إِذا هَبَّتْ عَليْنَا

وتَمْلَأُ عَيْنُ (٢) نَاظِرِكُمْ غُبَارَا.

قال ياقوت : لَمْ يُرَ أَطْوَلُ من نَخِيلِها ، قال : وعِنْدَهَا كانَتْ وَقْعَةُ خالِدِ بنِ الوَلِيدِ بمُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ وأَنشد :

كَأَنَّ نَخْلاً من أُبَاضَ عُوجَا

أَعناقُهَا إِذْ هَمَّتِ (٣) الخُرُوجَا

زاد في اللّسَان : وقد قِيلَ : بِهِ قُتِلَ زيْدُ بنُ الخَطّابِ.

__________________

(١) في معجم البلدان «أَباض» : إنّا وجدنا الريح ...

(٢) معجم البلدان : وتملأ وجه.

(٣) معجم البلدان : حمّت.

٣

والمَأْبِضُ ، كَمَجْلِسٍ : بَاطِنُ الرُّكْبَةِ من كُلِّ شيْ‌ءٍ ، كما قَالَه الجَوْهَرِيّ ، والجَمْعُ : مَآبِضُ. ومنه‌ الحَدِيثُ : «أَنَّ النَّبِيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بَالَ قائِماً لِعِلَّةٍ بمَأْبِضَيْهِ» ‌أَيْ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ : إِنَّ الْبَوْلَ قَائِماً يَشْفِي من تِلْكَ العِلَّةِ.

والْمَأْبِضُ من البَعير : باطِنُ المِرْفَقِ. وفي التَّهْذِيب : مَأْبِضَا السَّاقَيْنِ : ما بَطَنَ من الرُّكْبَتيْنِ ، وهُمَا في يَدَيِ البَعِيرِ بَاطِنَا المِرْفَقَيْنِ. وقال غيرُه : الْمَأْبِضُ : كُلُّ ما ثَبَتَتْ عليه فَخِذُكَ. وقيل : المَأْبِضَانِ : ما تَحْتَ الفَخِذيْنِ في مَثَانِي أَسَافِلِهما. وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لِهمْيَانَ بنِ قُحَافَةَ :

أَوْ مُلْتَقَى فَائِلِه ومَأْبِضِهْ

قيل : الفَائِلانِ : عِرْقَانِ فِي الفَخِذَيْنِ. والمَأْبِضُ : بَاطِنُ الفَخِذَيْنِ إِلَى الْبَطْنِ ، كَالْأُبْضِ ، بالضَّمّ ، عن ابن دُرَيْد.

وأَنْشَد لهِمْيانَ :

كأَنَّمَا يَيْجَعُ عِرْقَيْ أَبْيَضِهْ

ومُلْتَقَى فَائِلهِ وأُبُضِهْ

هكَذَا هو مَضْبُوطٌ في نُسَخِ الصّحاح بضَمَّتَيْنِ في مَادّة «ب ي ض» (١) وضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ : وإِبِضِهِ بكَسْرَتيْن. يُقَال : أَخَذَ بِإِبِضِهِ ، إِذا جَعَلَ يَدَيْهِ من تَحْتِ رُكْبَتَيْهِ مِنْ خَلْفِه ، ثُمَّ حَمَلَهُ.

والْأَبَايِضُ : اسْمُ هَضَبَات تُوَاجِهُ ثَنِيَّةَ هَرْشى ، نَقَلَه ياقُوتٌ في المُعْجَمِ ، وقال : كأَنَّهُ جمع بَايِضٍ (٢). قلتُ : وفيه نَظَرٌ فإِنَّهُ إِنْ كَانَ جَمْعَ بَايِضٍ كما قالَهُ فَمَحَلُّ ذِكْره «ب ي ض» لا هُنَا فَتَأَمَّلْ.

يُقَال أَبَضَهُ أَبْضاً : أَصابَ عِرْقَ إِبَاضِهِ ، فهو مَأبُوضٌ. وفي إِضافَةِ العِرْقِ ، إِلى الْإِبَاضِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ الْإِبَاضَ هو نَفْسُ الْعِرْقِ ، والكَلَامُ فيه كَالْكَلَامِ في عِرْقِ النَّسَا. وأَبَضَ نَسَاهُ أَبْضاً : تَقَبَّضَ وشَدَّ رِجْلَيْهِ كَأَبِضَ ، بالكَسْر ، أَي كفَرِحَ ، نقلهما الجَوْهَرِيّ.

والْأَبْضُ : التَّخْلِيَةُ ، عن ابن الأَعْرَابِيّ ، وهو ضِدُّ الشَّدِّ ، قُلتُ : ونَصّ ابن الأَعْرَابِيّ : الْأَبْضُ : الشَّدُّ ، والْأَبْضُ : التَّخْلِيَةُ ، فهو إذن مع ما تَقَدَّمَ ضِدٌّ ، ولم يُصَرِّح به المُصَنِّفُ. والْأَبْضُ ، السُّكُونُ ، عنه أَيْضاً. والْأَبْضُ : الحَرَكَةُ ، عَنْه أَيْضاً. قُلْتُ : فهو إِذَنْ ضِدٌّ أَيضاً ، ولم يُصَرِّحْ به المُصَنِّفُ ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ في مَعْنَى الحَرَكَةِ :

تَشكُو العُرُوقُ الْآبِضَاتُ أَبْضَا

وفي المُحْكَم والصّحاح : الْأَبْضُ بالضَّمِّ : الدَّهْرُ ، قال رُؤْبةُ :

في حِقبَةٍ عِشْنَا بِذَاكَ أُبْضاً

خِدْنَ اللَّوَاتِي يَقْتَضِبْن النُّعْضَا

ج آبَاضٌ ، كقُفْلٍ وأَقْفَالٍ.

وإِبْضَةُ ، مُثَلَّثَةً ، واقتصر ياقُوتُ والصَّاغَانِيّ على الضَّمّ : ماءٌ لبَلْعَنبرِ. وقال أَبو القَاسِم جَارُ الله : ماءَةٌ لِطَيِّئٍ ، ثمّ لِبَنِي مِلْقَطٍ منْهُم ، عَليْه نَخْلٌ قُرْبَ المَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ ، على عَشَرَةِ أَمْيَال ، منها. قال مُسَاوِرُ بنُ هِنْدٍ :

وجَلَبْتُهُ من أَهْلِ أُبْضَةَ طَائِعاً

حَتَّى تَحَكَّمَ فِيه أَهْلُ إِرَابِ

__________________

(١) وضبط في الجمهرة أيضا بضمتين ١ / ٣٠٥ قال يروى مأبضِه. بدل «وأبضه» والفائل : عرق في الفخذ وفيها أيضا : الأبيض عرق في حالب البعير والإنسان. وانظر الصحاح «بيض» والتكلمة «بيض». وضبط أيضا في الجمهرة ٢ / ١٦٨ بضمتين : وأُبْضه ، وفيها قبل الرجزين :

قريبة ندوته من محمضه

(٢) في معجم البلدان «الأبايض» : أبيض.

٤

وقال ابنُ شُمَيْل : فَرَسٌ أَبُوضُ النَّسَا : شَدِيدُ السُّرْعَةِ ، كَأَنَّمَا يَأْبِضُ رِجْلَيْهِ مِنْ سُرْعَةِ رَفْعِهِمَا عِنْدَ وَضْعِهِمَا.

ومُؤْتَبِضُ النَّسَا : الغُرَابُ ، لِأَنَّهُ يَحْجِلُ كَأَنَّهُ مَأْبُوضٌ ، قال الشَّاعِرُ :

وظَلَّ غُرَابُ البَيْنِ مُؤْتَبِضَ النَّسَا

لَهُ في دِيَارِ الجَارَتيْنِ نَعِيقُ

والْمُتَأَبِّضُ : المَعْقُولُ بِالْإِبَاضِ ، يقال : قد تَقَبَّضَ ، كأَنَّمَا تَأَبَّضَ.

وقالَ لبِيد (١) :

كأَنَّ هِجَانَهَا مُتَأَبِّضَاتٌ

وفِي الْأَقْرَانِ أَصْوِرَةُ الرَّغَامِ

أَي مَعْقُولات بِالْإِبَاضِ (٢) وهي مَنْصُوبَةٌ على الحَالِ.

وتَأَبَّضْتُ البَعِيرَ : شَدَدْتُهُ بِالْإِبَاضِ ، فَتَأَبَّضَ هو ، لَازِمٌ مُتَعَدّ ، كما يُقَالُ زَادَ الشَّيْ‌ءُ وزِدْتُهُ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :

التَّأَبُّضُ : انْقِبَاضُ النَّسَا ، وهو عِرْقٌ ، نقله الجَوْهَرِيُّ.

وتَأَبَّضَ : تَقَبَّضَ. وقال أَبو عُبَيْدة : يُسْتَحَبّ من الفَرَسِ تَأَبُّضُ : رِجْليْهِ وشَنَجُ نَسَاهُ. ويُعْرَفُ شَنَجُ نَسَاهُ بتَأَبُّضِ رِجْلَيْهِ وتَوْتِيرِهِمَا (٣) إذا مَشَى. قال الزَّمَخْشرِيّ : وهو مَدْحٌ فيه. ويُقَال : تَأَبَّضَتِ المَرْأَةُ ، إِذا جَلَسَتْ جِلْسَةَ الْمُتَأَبِّضِ.

قال سَاعِدَةُ بنُ جُؤَيَّةَ يَهْجُو امْرَأَةً :

إِذا جَلَسَتْ في الدَّارِ يَوْماً تَأَبَّضَتْ

تَأَبُّضَ ذِئْبِ التَّلْعَةِ المُتَصَوِّبِ

أَراد أَنّهَا تَجْلِسُ جِلْسَةَ الذِّئْبِ إِذا أَقْعَى ، وإِذا تَأَبَّضَ عَلَى التَّلْعَةِ تَرَاهُ مُنْكَبَّا.

والْمَأْبِضُ : الرُّسْغُ ، وهو مَوْصِلُ الكَفِّ في الذِّراعِ.

وتَصْغِيرُ الْإِبَاضِ أُبَيِّضُ. قال الشَّاعِرُ :

أَقُولُ لِصاحِبِي واللَّيْلُ دَاجٍ

أُبَيِّضَكَ الأُسَيَّدَ لا يَضِيعُ

يقولُ : احْفَظْ إِبَاضَكَ الأَسْوَدَ لا يَضِيعُ ، فصَغَّرَه ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

[أرض] : الْأَرْضُ ، الَّتِي عَليْهَا النَّاسُ ، مُؤنَّثَةٌ ، قال الله تَعَالَى : (وَإِلَى) الْأَرْضِ (كَيْفَ سُطِحَتْ) (٤) اسْمُ جِنْسٍ ، قاله الجَوْهَرِيُّ ، أَوْ جَمْعٌ بِلا وَاحِدٍ ، ولم يُسْمَعْ أَرْضَةٌ ، وعِبَارَةُ الصّحاح : وكان حَقُّ الوَاحِدَةِ مِنْهَا أَن يُقَال أَرْضَةٌ ، ولكنَّهُم لَمْ يَقُولُوا. ج : أَرْضاتٌ هكذا بسُكُونِ الرَّاءِ في سَائِرِ النُّسَخِ ، وهو مَضْبُوطٌ في الصّحاح بَفتْحِهَا قال : لأَنَّهُمْ يَجْمَعون المُؤَنَّث الّذِي ليس فيه هَاءُ التَّأْنِيث بالأَلِفِ والتَّاءِ ، كَقوْلِهِم : عُرُسات ، قال : وقد يُجْمَعُ على أُرُوضٍ ، ونَقَلهُ أَبو حَنِيفَةَ عن أَبِي زَيْدٍ. وقال أَبو البَيْدَاءِ : يُقَال : ما أَكْثَرَ أُرُوضَ بَنِي فُلانٍ. وفي الصّحاح : ثُمَّ قالُوا : أَرَضُونَ ، فجَمَعُوا بِالْواوِ والنُّونِ ، والمُؤَنَّث لا يُجْمَع بالْوَاوِ والنّونِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَنْقُوصاً ، كثُبَةٍ وَظُبَةٍ ، ولكِنَّهم جَعَلُوا الوَاوَ والنُّونَ عِوَضاً من حَذْفِهِم الأَلِفَ والتَّاءَ ، وتَرَكُوا فَتْحَةَ الرَّاءِ على حَالِهَا ، ورُبَّمَا سُكِّنَتْ. انْتَهَى.

قُلْتُ : وقال أَبُو حَنِيفَةَ : يُقَال : أَرْضٌ وأَرْضُونَ بالتَّخْفِيف ، وأَرَضُون بالتَّثْقِيل ، ذَكَرَ ذلِكَ أَبُو زَيْدٍ. وقال عَمْرُو بنُ شَأْسٍ.

 وَلَنا مِنَ الأَرْضِينَ رَابِيَةٌ

تَعْلُو الإِكَامَ وَقُودُهَا جَزْلُ

وقال آخَرُ :

مِنْ طَيِّ أَرْضِينَ أَمْ مِنْ سُلَّمٍ نزلٍ

من ظَهْرِ رَيْمَانَ أَو مِنْ عِرْضِ ذِي جَدَنِ (٥)

وفي اللِّسَان : الواو في أَرَضُونَ عِوَضٌ من الهَاءِ المَحْذُوفَة المُقَدَّرَة ، وفتحوا الرَّاءَ في الجَمْع لِيَدْخُلَ الكَلِمَةَ ضَرْبٌ من التَّكْسِير استِيحَاشاً من أَنْ يُوَفِّرُوا لَفْظَ التَّصْحِيح لِيُعْلِمُوا أَنَّ أَرْضاً مِمَّا كان سَبِيلُه لَوْ جُمِعَ بالتَّاءِ أَنْ تُفْتَحَ رَاؤُهُ فَيُقَالُ أَرَضَاتٌ. وفي الصّحاح : وزَعَمَ أَبُو الخَطّاب أَنَّهُم‌

__________________

(١) في التهذيب : وقال بيد يصف إبل أَخيه.

(٢) في التهذيب واللسان : بالأبُض.

(٣) الأَصل واللسان ، وفي التهذيب : وتوترهما.

(٤) سورة الغاشية الآية ٢٠.

(٥) نسبه ياقوت في «جدن» لابن مقبل.

٥

يقولُونَ : أَرْضٌ آرَاضٌ ، كما قالُوا : أَهْلٌ وآهَالٌ. قال ابن بَرّيّ : الصَّحِيحُ عِنْد المُحَقِّقين فيما حُكِيَ عن أَبي الخَطَّاب أَرْضٌ وأَرَاضٍ ، وأَهْلٌ وأَهَالٍ ، كأَنَّهُ جمع أَرْضَاةٍ وأَهْلاةٍ ، كما قَالُوا : ليْلَةٌ ولَيَالٍ ، كأَنَّهُ جَمْعُ لَيْلاةٍ ، ثم قالَ الجَوْهَرِيُّ : والْأَرَاضِي غيْرُ قِيَاسِي ، أَي على غَيْرِ قِيَاسٍ ، قَالَ كَأَنَّهُمْ جَمَعُوا آرُضاً ، هكذا وُجِدَ في سَائِرِ النُّسَخِ مِنَ الصّحاح ، وفي بَعْضِها كَذَا وُجِدَ بخَطّه ، ووَجَدْتُ في هامِشِ النُّسْخَةِ ما نَصُّهُ : في قَوْلِه : كأَنَّهُم جَمَعُوا آرُضاً نَظَرٌ ، وذلِكَ أَنَّه لَوْ كانَ الْأَرَاضِي جَمْعَ الْآرُضِ لَكَان أَآرِض ، بوَزْنِ أَعارِض كَقَوْلِهِم أَكْلُبٌ وأَكَالِبُ ، هَلاَّ قال إنَّ الْأَرَاضِيَ جَمْعُ وَاحِدٍ مَتْرُوكٍ ، كَلَيَالٍ وأَهَالٍ في جَمْعِ لَيْلَةٍ وأَهْلٍ ، فكَأَنَّهُ جَمْعُ أَرْضَاةٍ ، كَمَا أَنَّ لَيَالٍ جَمْعُ لَيْلَاةٍ ، وإِنِ اعْتَذَرَ لَهُ مُعْتَذِرٌ فَقَالَ إِنَّ الْأَرَاضِيَ مَقْلُوبٌ مِنْ أَآرِضِ لم يَكُن مُبْعِداً ، فيَكُونُ وَزْنُه إِذَنْ أَعَالِفُ ، كَانَ أَرَاضِى‌ءَ ، فخُفِّفَتِ الهَمْزَةُ وقُلِبَت ياءً.

انْتَهَى. وقالَ ابنُ بَرّيّ : صوابُه أَنْ يقولَ جَمَعُوا أَرْضَى مِثْل أَرْطَى ، وأَمّا آرُض فَقِيَاسُ جَمْعِهِ أَوَارِضُ.

والْأَرْضُ : أَسْفَلُ قَوَائِمِ الدَّابَّةِ ، قاله الجَوْهَرِيّ. وأَنْشَدَ لِحُمَيْد يَصِفُ فَرَساً :

ولَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَهَا البَيْطارُ

ولا لِحَبْلَيْهِ بها حَبَارُ

يعني لم يُقَلِّبْ قَوَائِمَهَا لِعِلَّةٍ بَهَا.

وقال غَيْرُهُ : الْأَرْضُ : سَفِلَةُ البَعِيرِ والدَّابّةِ ، وما وَلِيَ الْأَرْضَ منه. يُقَال : بَعِيرٌ شَدِيدُ الْأَرْضِ ، إِذا كان شَدِيدَ القَوَائِمِ ، قال سُوَيْدُ بنُ كُرَاع :

فرَكِبْنَاهَا على مَجْهُولِهَا

بصِلَابِ الأَرْضِ فِيهِنَّ شَجَعْ (١)

ونقل شيخُنَا عن ابْنِ السَّيد في الفَرْقِ : زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنّ الْأَرْضَ بالضَّاءِ. المُشالَة : قَوَائِمُ الدَّابَّةِ خَاصَّةً ، ومَا عَدَا ذلكَ فهو بالضَّاد ، قال : وهذا غيْرُ مَعْرُوف. والمَشْهُور أَنَّ قَوَائِمَ الدَّابَّةِ وغيْرَهَا أَرْضٌ بالضَّاد ، سُمِّيَتْ لانْخِفَاضِها عن جِسْمِ الدَّابَّةِ ، وأَنَّهَا تَلِي الأَرْضَ. وكُلُّ ما سَفَلَ فهُوَ أَرْضٌ ، وبه سُمِّيَ أَسفَلُ الْقَوَائِمِ.

والْأَرْضُ الزُّكَامُ ، نَقلَه الجَوْهَرِيُّ وهو مُذَكَّر. وقال كُرَاع : هو مُؤَنَّثٌ ، وأَنشد لابن أَحْمَر : وقالوا : أَنَتْ أَرْضٌ به وتَحَيَّلَتْ فأَمْسَى لِمَا في الصَّدْرِ والرَّأَسِ شاكِيَا أَنَتْ : أَدْرَكَتْ. وَرَوَاه أَبُو عُبَيْدٍ أَتَتْ : وقد أُرِضَ أَرْضاً.

والْأَرْضُ : النُّفْضَةُ والرَّعْدَةُ ، ومنه قوْلُ ابنِ عَبّاسٍ : أَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ أَم بِي أَرْضٌ. كما في الصّحاح ، يعني الرَّعْدَةَ ، وقِيلَ يَعْنِي الدُّوَارَ. وأَنشدَ الجَوْهَرِيّ قَوْلَ ذي الرُّمَّة يَصفُ صائِدا :

إِذا تَوَجَّسَ رِكْزاً مِنْ سَنَابِكِها

أَوْ كَانَ صاحبَ أَرْض أَو به المُومُ

ويَقُولون : لا أَرْضَ لَكَ. كلَا أُمَّ لَكَ ، نقله الجَوْهَرِيّ.

وأَرْضُ نُوحٍ : ة ، بالبَحْرَين ، نقله ياقُوتٌ والصَّاغَانِيّ.

ويُقَال : هُوَ ابْنُ أَرْضٍ ، أَي غَرِيبٌ لا يُعْرَفُ له أَبٌ ولا أُمَّ. قال اللَّعِينُ المِنْقَرِيّ :

دَعانِي ابْنُ أَرْضِ يَبْتَغِي الزَّادَ بَعْدَ مَا

تَرَامَتْ حُلَيْمَاتٌ بِهِ وأَجارِدُ (٢)

ويُرْوَى : أَتَانَا ابنُ أَرْضِ.

وقال أَبو حَنِيفَةَ : ابنُ الْأَرْضِ : نَبْتٌ يَخرُجُ في رُؤُوسِ الْإِكَامِ ، لَهُ أَصْلٌ ولا يَطُولُ ، وكأَنَّه شَعرُ ، وهو يُؤْكَلُ ، وهو سَرِيعُ الخُرُوجِ سَرِيعُ الهَيْجِ.

والْمَأْرُوضُ : المَزْكُومُ. وقال الصَّاغَانِيّ : وهو أَحَدُ مَا جَاءَ على : أَفْعَلَهُ فهو مَفْعُولٌ ، وقد أُرِضَ كعُنِيَ أَرْضاً ، وأَرَضَهُ اللهُ إِيرَاضاً ، أَي أَزْكَمَهُ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ.

والمَأْرُوضُ : مَنْ بِهِ خَبَلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ والجِنّ. قال الجَوْهَرِيُّ : وهو المُحرِّكُ رَأْسَهُ وجَسَدَهُ بلا عَمْدٍ (٣) ، وفي بعض النُّسَخ بلا عَمَلٍ ، وهو غَلَطٌ.

__________________

(١) نسبه في اللسان «جهل» لسويد بن أَبي كاهل.

(٢) البيت في معجم البلدان «أَجارد» مع بيت آخر ، وفي «حلامات» من عدة أَبيات ، قال : ونزل باللعين المنقري ابنُ أَرض المريّ فذبح له كلباً فقال : البيت ، وعجزه :

ترامى حُلامات به وأَجاردُ

(٣) الصحاح واللسان : على غير عَمْدٍ.

٦

والْأَرْضُ : الخَشَبُ أَكَلَتْهُ الأَرَضَةُ ، مُحَرَّكَةً ، اسمٌ لِدُوَيْبَّةٍ ، فالْأَرْضُ هُنَا بمعنى الْمَأْرُوضِ ، وقد أَرِضَتِ الخَشَبَةُ ، كَعُنِيَ ، تُؤْرَضُ أَرْضاً ، بالتَّسْكِينِ ، فهي مَأَرُوضَةٌ ، إِذا أَكَلَتْهَا الْأَرَضَةُ ، كما في الصّحاح ، وزادَ غيْرُه : وأَرضَتْ أَرْضاً أَيْضاً ، أَي كسَمِعَ.

والْأَرَضَةُ م ، وهي دُودَةٌ بَيْضَاءُ شِبْهُ النَّمْلَةِ تَظْهَرُ في أَيَّامِ الرَّبِيع. وقال أَبو حَنيفَةَ : الْأَرَضَةُ ضَرْبانِ : ضَرْبٌ صِغَارٌ مثْل كِبَارِ الذَّرِّ ، وهي آفَةُ الخَشَبِ خَاصَّةً ، وضَرْبٌ مثْلُ كِبَارِ النَّمْل ، ذَواتُ أَجْنحَةٍ ، وهي آفَةُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ من خَشَب ونَبَات ، غيْرَ أَنَّهَا لا تَعْرضُ للرّطْبِ ، وهي ذَوَاتُ قَوَائمَ ، والجَمْعُ أَرَضٌ. وقيلَ الْأَرْضُ اسْمٌ للجَمْع. انْتَهَى. قُلْتُ : وفي تَخْصيصه الضَّرْبَ الأَوَّلَ بالخَشَب نَظَرٌ ، بل هي آفَةٌ له ولغَيْره ، وهي دُودَةٌ بَيْضَاءُ سَوْدَاءُ الرَّأْسِ ، وليْس لها أَجْنِحَةٌ ، وهي تَغوصُ في الْأَرْضِ ، وتَبْنِي لها كِنّا من الطِّين. قيل : هي الَّتي أَكَلَتْ مِنْسَأَةَ سَيِّدِنَا سُليْمَانَ عَلْيه السَّلامُ ، ولِذَا أَعانَتْهَا الجِنُّ بالطّينِ كما قالُوا ، وأَنْشَدَنَا بَعْضُ الشيُوخ لبَعْضِهِم :

أَكَلْتُ كُتْبِي كأَنَّنِي أَرَضَهْ

وأَرِضَتِ القَرْحَةُ ، كفَرِحَ تَأْرَضُ أَرَضاً : مَجلَتْ وفَسَدَتْ بالمِدَّةِ. نَقَلَه الجَوْهَرِيّ ، وزاد غيْرُه : وتَقَطَّعَتْ ، وهو المَنْقُولُ عَن الأَصْمَعِيّ ، كاستَأْرَضَت ، نقله الصّاغانِيّ.

وأَرُضَتِ الْأَرْضُ ، ككَرُمَ ، أَرَاضَةً ، كَسَحابَة ، أَي زَكَتْ ، فهي أَرْضٌ أَرِيضَةٌ ، وكَذلِكَ أَرِضَةٌ ، أَي زَكيَّةٌ كَرِيمَةٌ ، مُخَيِّلَةٌ للنَّبْت والخَيْرِ. وقال أَبو حَنِيفَةَ : هي التي تَرُبُّ الثَّرَى وتَمْرَحُ بالنَّبَات. ويُقال : أَرْضٌ أَرِيضَةٌ بَيِّنَةُ الْأَرَاضَةِ ، إِذا كانَتْ لَيِّنَةَ المَوْطِئِ ، طَيِّبَةَ المَقْعَدِ ، كَرِيمَةً ، جَيِّدَةَ النَّبَاتِ. قال الأَخْطَلُ :

 وَلَقَدْ شَرِبْتُ الخَمْرَ في حَانُوتِهَا

وشَرِبْتُهَا بِأَرِيضَةٍ مِحْلالِ

ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو ، يُقَال : نَزَلْنَا أَرْضاً أَرِيضَةً ، أَي مُعْجِبَة للعَيْن. وقال غيْرُهُ : أَرْضٌ أَرِيضَةٌ : خَلِيقَةٌ لِلْخَيْرِ وللنَّبَاتِ ، وإِنّهَا لَذَاتُ إِرَاضٍ. وقال ابنُ شُمَيْل : الأَرِيضَةُ : السَّهْلَةُ. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : هي المُخْصِبَةُ الزَّكِيَّةُ النَّباتُ. والأَرْضَة ، بالكَسْرِ ، والضَمّ ، وكَعِنَبَةٍ : الكَلا الكَثِيرُ.

وقيل : الْأَرْضَةُ من النَّبَاتِ : ما يَكْفِي المَالَ سَنَةً. رَوَاه أَبو حَنِيفَةَ عن ابنِ الأَعْرَابِيّ.

وأَرَضَتِ الْأَرْضُ ، من حَدِّ نَصَرَ : كَثُرَ فيها الكَلأُ.

وأَرَضْتُهَا : وجَدْتُهَا كَذلِكَ ، أَي كَثِيرَةَ الكَلإِ.

وقال الأَصْمَعِيُّ : يُقَال : هو آرَضُهُمْ به أَنْ يَفْعَل ذلِكَ ، أَي أَجْدَرُهُمْ وأَخْلَقُهُم به.

وشَيْ‌ءٌ عَرِيضٌ أَرِيضٌ ، إِتباعٌ له ، أَو يُفْرَدُ فيُقَالُ : جَدْيٌ أَرِيضٌ ، أَي سَمِينٌ ، هكذا نَقَلَه الجَوْهَرِيّ عن بَعْضِهِم.

وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ :

عَرِيضُ أَرِيضٌ بَاتَ يَيْعِرُ حَوْلَهُ

وبَاتَ يُسَقِّينَا بُطُونَ الثِّعالِبِ

وأَرِيضٌ ، كأَمِيرٍ ، وعليه اقْتَصَرَ يَاقُوتٌ في المُعْجَم ، أَو يَرِيضٌ ، باليَاءِ (١) التَّحْتيَّة : د ، أَوْ وَادٍ ، أَو مَوْضِعٌ في قَوْل امْرى‌ءَ القيْس :

أَصابَ قُطَيَّاتٍ فسَالَ اللِّوَى لَه

فوَادِي البَدِيِّ فانْتَحَى لِأَرِيضِ (٢)

يُرْوَى بالوَجْهَيْن ، وهُمَا كيَلَمْلَم وأَلَمْلَم ، والرَّمْحُ اليَزَنِيّ والأَزَنِيّ.

والْإِرَاضُ ككِتَابٍ : العِرَاضُ ، عن أَبي عَمْرٍو ، قال أَبو النَّجْم :

بحْرُ (٣) هِشَامٍ وهْوَ ذُو فِرَاضِ

بَيْنَ فُرُوعِ النَّبْعَةِ الغِضَاضِ

وَسْطَ بِطَاحِ مَكَّةَ الْإِرَاضِ

في كُلّ وَادٍ وَاسعِ المُفَاضِ

وكأَنَّ الهَمْزَةَ بَدَلٌ من العَيْن ، أَي الوِسَاعُ ، يُقَال : أَرْضٌ أَرِيضَةٌ ، أَي عَرِيضَةٌ.

__________________

(١) كذا بالأَصل والقاموس ومعجم البلدان «يريض» وعلى هامش القاموس عن نسخة أخرى : «بربض» بالباء الموحدة. قال الأَزهري : من رواه بالباء فقد صحّف.

(٢) روايته في معجم البلدان «أَريض» :

أَصاب قطاتين فسال لواهما

فوادي البدي فانتحى لأَريض

وفي «يريض» : «فانتحى لليربض».

(٣) في التهذيب : أَبحرُ هشامٍ ...

٧

وقال الجَوْهَرِيُّ : الْإِرَاضُ : بِسَاطٌ ضَخْمٌ مِنْ صُوفٍ أَو وَبَرٍ. وقُلتُ : ونَقَلَه غيْرُه عن الأَصْمَعيّ وعَلَّلَه غيْرُه بقَوْله : لأَنَّهُ يَلِي الْأَرْضَ ، وأَطْلَقَه بَعْضُهُم في البِسَاط.

وآرَضَهُ الله : أَرْكَمَهُ ، فهو مَأْرُوضٌ ، هكَذَا في الصّحاح ، وقد سَبَقَ أَيضاً ، وكَان القِيَاس فهو مُؤْرَضٌ.

والتَّأْرِيضُ : أَنْ تَرْعَى كَلأ الأَرْضِ ، فهو مُؤَرِّض نَقله الأَزْهَرِيّ ، وأَنْشَدَ لابْن دالان (١) الطّائيّ :

وهُمُ الحُلُومُ إِذا الرَّبيعُ تَجَنَّبَتْ

وهُم الربيعُ إِذا الْمُؤَرِّضُ أَجْدَبَا

قُلْتُ : ويُرْوَى :

وَهُم الجِبَالُ إِذا الحُلُومُ تَجَنَّنَت (٢)

وقيل : التَّأْرِيضُ في المَنْزل ، أَنْ تَرْتَادَهُ وتَتَخيَّرهُ للنُّزول.

يُقَال : تَرَكْتُ الحَيَّ يَتَأَرَّضُونَ للْمَنْزِل ، أَي يَرْتَادُون بَلَداً يَنْزِلُونَهُ.

والتَّأْرِيضُ : نِيَّةُ الصَّوْمِ وتَهْيِئَتُهُ من اللَّيْل ، كالتَّوْرِيضِ ، كما‌ في الحَديث : «لا صيَامَ لمَنْ لم يُؤَرِّضْهُ من الليْلِ» ‌أَي لم يُهَيِّئْهُ ، ولم يَنْوِه ، وسَيَأْتِي في «ورض».

والتَّأْرِيضُ : تَشْذِيبُ الكَلَامِ وتَهْذِيبُه ، وهو في مَعْنَى التَّهْيِئَةِ. يُقَالُ : أَرَّضْتُ الكَلَامَ ، إِذا هَيَّأْتَهُ وسَوَّيْتَهُ (٣).

والتَّأْرِيضُ : التَّثْقِيلُ ، عن ابن عَبَّادٍ.

والتَّأْرِيضُ : الإِصْلَاحُ ، يقال : أَرَّضْتُ بَيْنَهُم ، إِذا أَصْلَحْتَ.

والتَّأْرِيضُ : التَّلْبِيثُ ، وقد أَرَّضَهُ فتَأَرَّضَ. نَقَلَه ابنُ عَبَّادٍ.

والتَّأْرِيضُ : أَنْ تَجْعَلَ فِي السِّقَاءِ ، أَي في قَعْرِهِ ، لَبَناً أَو ماءً ، أَو سَمْناً أَوْ رُبّاً. وعبَارَةُ التَّكْملَة : لَبناً أَو ماءً أَوْ سَمْناً.

أَو رُبَّا ، وكأَنَّه لإِصْلاحه ، عن ابْن عَبَّادٍ.

والتَّأَرُّضُ : التَّثَاقُلُ إلى الْأَرْضِ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ ، وهو قولُ ابْن الأَعْرَابيّ ، وأَنْشَدَ للرّاجز :

فَقَامَ عَجْلانَ ومَا تَأَرَّضَا

أَي مَا تَثَاقَلَ (٤) ، وأَوَّلُه :

وصاحبٍ نَبَّهْتُه ليَنْهضَا

إِذا الكَرَى في عَيْنِه تَمَضْمَضَا

يَمْسَحُ بالْكَفَّيْن وَجْهاً أَبْيَضَا فَقَام إِلخ ، وقيل : مَعْنَاه : مَا تَلبَّثَ وأَنْشَدَ غيْرُهُ للجَعْديّ :

مُقيمٌ مع الحَيِّ المُقيمِ وقَلْبُه

مع الرَّاحلِ الغَادِي الَّذي ما تَأَرَّضَا

والتَّأَرُّضُ : التَّعَرُّضُ والتَّصَدِّي يُقَال : جَاءَ فُلَانٌ يَتَأَرَّضُ لي ، أَي يَتَصَدَّى ويَتَعَرَّضُ. نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ :

قَبُحَ الحُطيْئَةُ من مُنَاخِ مَطِيَّةٍ

عَوْجاءَ سائمَةٍ تَأَرَّضُ للقِرَى

والتَّأَرُّضُ : تَمَكُّنُ النَّبْتِ مِنْ أَنْ يُجَزَّ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ.

وفَسِيلٌ مُسْتَأْرِضٌ : له عِرْقٌ في الأَرْض ، فأَمّا إِذا نَبَتَ على جِذْع أُمِّه فهو الرَّاكِبُ ، وكَذلِكَ وَدِيَّةٌ مُسْتَأْرِضَةٌ ، نَقَلَه الجَوْهَريّ ، وقد تَقَدَّم في «ر ك ب».

* وممّا يُسْتَدْرَك عَليْه :

أَرْضُ الإِنْسَان : رُكْبَتَاه فَمَا بَعْدَهُمَا. وأَرْضُ النَّعْلِ : ما أَصَابَ الأَرْضَ منْهَا. ويُقَال : فَرَسٌ بَعيدٌ ما بَيْنَ أَرْضِه وسَمَائِهِ ، إذَا كَانَ نَهْداً ، وهو مَجَازٌ. قال خُفَافٌ :

إذ ما استَحَمَّت أَرْضُه منْ سَمَائهِ

جَرَى وهْوَ مَوْدُوعٌ ووَاعِدُ مَصْدَقِ

وتَأَرَّضَ فُلانٌ بالمَكَان إِذا ثَبَتَ فلم يَبْرَحْ ، وقيل : تَأَنَّى وانْتَظَر ، وقَامَ على الْأَرْضِ.

وتَأَرَّضَ بالمَكَان ، واستَأْرَضَ به : أَقَام ولَبِثَ. وقيل :تَمَكَّنَ.

وتَأَرَّضَ لي : تَضَرَّعَ.

ومن سَجَعَات الأَسَاس (٥) : فُلانٌ إِن رَأَى مَطْعَماً تَأَرَّضَ وإِن مطعماً أَعرَض.

__________________

(١) الأصل والتهذيب واللسان وفي التكملة : ابن رَأْلان.

(٢) وهي رواية التكملة.

(٣) في التكملة : «سدّيته» تصحيف.

(٤) جاء الرجز في التهذيب واللسان شاهدا على : التأرض : التأني والإنتظار.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : ومن سجعات الأَساس الخ الذي في النسخة التي بأَيدينا : فلان إن رأى مطمعاً تعرّض وإن أَصاب مطعماً تأَرض اه» وهي عبارة الأساس المطبوع.

٨

والأَرْضُ : دُوَارٌ يَأْخُذُ في الرَّأْسِ عَنِ اللَّبَنِ فتُهرَاقُ له الأَنْفُ والعَيْنَانِ.

يُقَال : بي أَرْضٌ فَآرِضُونِي ، أَي دَاوُونِي.

وشَحْمَةُ الْأَرْضِ : هي الْحُلْكَةُ تَفُوصُ في الرَّمْل ، ويُشبَّهُ بها بَنَانُ العَذَارَى.

ومن أَمْثَالهم : «آمَنُ منَ الْأَرْضِ» ، و «أَجْمَعُ من الأَرْض» ، و «أَشَدُّ من الأَرْضِ». و «أَذَلُّ من الأَرْضِ».

ويُقَال : مَا آرَضَ هذا المَكَانَ ، أَي مَا أَكْثَرَ عُشْبَهُ. وقيلَ : ما آرَضَ هذه الأَرْضَ : ما أَسْهَلَهَا وأَنْبَتَهَا وأَطْيَبَهَا. حكاهُ أَبُو حَنيفَةَ عن اللِّحْيَانيّ.

ورَجُلٌ أَرِيضٌ بَيِّنُ الْأَرَاضَةِ ، أَي خَلِيقٌ للخَيْر ، مُتَوَاضِعٌ ، وقد أَرُضَ ، نَقله الجَوْهَرِيُّ ، وتركَه المُصَنِّفُ قُصُوراً ، وزَادَ الزَّمَخْشَرِيّ (١) وأَرُوضٌ كَذلِك. واسْتَأْرَضَتِ الْأَرْضُ ، مثْل أَرُضَتْ ، أَي زَكَتْ ونَمَت.

وامرأَةٌ عَرِيضَةُ أَرِيضَةٌ : وَلُودٌ كَامِلَةٌ ، على التَّشبيه بِالْأَرْضِ.

وأَرْضٌ مَأْرُوضَةٌ : أَرِيضَةٌ ، وكَذلِكَ مُؤْرَضَةٌ.

وآرَضَ الرَّجُلُ إِيرَاضاً : أَقَامَ عَلَى الْإِرَاضِ. وبه فَسَّرَ ابنُ عَبَّاس‌

حَديثَ أُمِّ مَعْبَد : «فَشَرِبُوا حَتَّى آرَضُوا» ‌وقالَ غيْرُه أَي شَربوا عَلَلاً بعدَ نَهَلٍ حَتَّى رَوُوا ، من : أَرَاضَ الوَادِي إِذا اسْتَنْقَعَ فيه الماءُ. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : حَتَّى أَرَاضُوا ، أَي نامُوا على الْإِرَاضِ ، وهو البِسَاطُ (٢) وقيل : حَتَّى صَبُّوا اللَّبَنَ على الأَرْضِ.

وقَال ابن بَرِّيّ : المُسْتَأْرِضُ : المُتَثاقِلُ إلى الأَرْضِ ، وأَنشد لِساعِدَةَ يَصِفُ سَحَاباً :

مُسْتَأْرِضاً بَيْنَ بَطْنِ اللِّيثِ أَيْمَنُهُ

إِلَى شَمَنْصِيرَ غَيْثاً مُرْسَلاً مَعِجَا

وتَأَرَّضَ المَنْزِلَ : ارْتَادَهُ ، وتَخيَّرَهُ للنُّزُول ، قال كُثِّيرٌ :

تَأَرَّض أَخْفافُ المُنَاخَةِ مِنْهُمُ

مَكَانَ الَّتِي قد بُعِّثَتْ فازْلأَمَّتِ (٣)

واسْتَأْرَضَ السَّحَابُ : انبَسَطَ ، وقيلَ : ثَبَتَ ، وتَمَكَّن ، وأَرْسَى.

والْأَرَاضَةُ : الخِصْبُ وحُسْنُ الحَالِ.

ويُقَال : مَنْ أَطاعَنِي كُنْتُ له أَرْضاً. يُرَادُ التَّوَاضُعُ ، وهو مَجَاز. وفُلانٌ إِنْ ضُرِبَ فَأَرْضٌ ، أَي لا يُبَالِي بضَرْبٍ ، وهو مَجَازٌ أَيْضاً.

ومن أَمثالهم «آكَلُ مِنَ الأَرَضَةِ». «وأَفْسَدُ من الأَرَضَةِ».

[أضض] : الْإِضُّ ، بالكَسْرِ : الأَصْلُ كالإِصِّ ، بالصَّاد (٤) ، نقله الصَّاغَانِيّ عن ابْنِ عَبّادٍ.

والإِضَاضُ ، بالكَسْرِ : المَلْجَأُ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ ، وأَنْشَدَ للرَّاجز :

لأَنْعَتَنْ نَعامَةٍ مِيفاضَا

خَرْجاءَ ظَلَّتْ تَطْلُبُ الإِضَاضَا (٥)

أَي تَلجأُ إِليه.

ومن سَجَعاتِ الأَسَاس : ما كان سَبَبُ شِرَادِهِمْ وانْفِضَاضِهِم (٦) ، إِلاّ الثِّقَةَ بمَصَادِهِمْ وإِضاضِهِم.

والْإِضَاضُ : تَصَلُّق النّاقَةِ ظَهْراً لِبَطْنٍ عِنْدَ المَخَاضِ ووَجَدَتْ إِضَاضاً ، أَي حُرْقَةً أَو كالحُرْقَة عِنْدَ نِتَاجِها.

وأَضَّنِي الأَمْرُ أَضّاً : بَلَغَ مِنِّي المَشَقَّةُ ، وأَحْزَنَنِي.

وأَضَّنِي الفَقرُ إِلْيكَ : أَحْوَجَنِي وأَلْجَأَنِي ، يَؤُضُّ ويَئِضُّ.

والْأَضُّ : المَشَقَّةَ ، قاله اللَّيْثُ.

وأَضَّ الشَّيْ‌ءَ يَؤُضُّهُ أَضّاً : كَسَرَهُ ، مثل هَضَّه ، كما في الجَمْهرَة. وفي بَعْض نُسَخِهَا : الْأَضُّ : الكَسْرُ ، كالهَضّ (٧).

__________________

(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وزاد الزمخشري الخ لم نجد ذلك في نسخة الأساس التي بأيدينا ، فلعله ذكره في كتاب آخر اه».

(٢) قال الأَزهري معقّباً : والقول ما قاله غيره (يعني غير ابن الأَعرابي) : إنه بمعنى نقعوا ورووا.

(٣) أَزلأَمت : ذهبت فمضت.

(٤) في القاموس : الأَص ، مثلثة ، الأَصل.

(٥) في الأَساس :

خرجاء ظلت تبتغي الْإِضَاضَا

وفي اللسان :

تعدو تطلب الْإِضَاضَا

(٦) في الأَساس : وارفضاضهم.

(٧) عن اللسان وبالأَصل «كالعضّ».

٩

وأَضَّت النَّعَامَةُ إِلى أَدْحِيّها أَضّاً : أَرادَتْه ، كَآضَّتْ إِليْه مُؤَاضَّةً ، نقله الصَّاغَانيّ.

وائْتَضَّهُ ائْتِضَاضاً : طَلَبَهُ ، يُرِيغُه ويُريغُ لَهُ.

وائْتَضَّهُ مِائَةَ سَوْط : ضَرَبَهُ ، نَقَلَه الصَّاغَانيّ.

وائْتَضَّ إِليْه ائْتِضَاضاً : اضْطرَّ ، فهو مُؤْتَضٌّ ، أَي مُضْطَرُّ مُلْجَأٌ ، وبه فَسَّر أَبو عُبَيْدٍ قولَ رُؤْبةَ :

دَايَنْتُ أَرْوَى والدُّيُون تُقْضَى

فمَطَلتْ بَعْضاً وأَدَّتْ بَعْضَا.

وهْيَ تَرَى ذَا حَاجَةٍ مُؤْتَضَّا.

قال ابنُ سِيدَه : وأَحْسَنُ من ذلِك أَنْ تَقُولَ : أَيْ لاجِئاً مُحْتاجاً.

والْمُؤَاضُّ : المُبَادِرُ إِلى الشَّيْ‌ءِ ، عن ابْنِ عَبّادٍ.

والمُؤَاضُّ من الإبِل : الماخِضُ ، وهي الَّتِي أَخَذَهَا الْإِضَاضُ عِنْدَ النُتَاج ، عن ابنِ عَبَّادٍ.

* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :

الْأَضُّ : الإِجْهادُ كَالْإِضَاضِ ، وقَدِ ائْتَضَّ فُلانٌ ، إِذا بَلَغَ منه المَشَقَّةُ. وناقَةٌ مُؤْتَضَّةٌ : أَخذَهَا الْإِضَاضُ عن الأَصْمَعِيّ. والْإِضَاضُ : الحُرْقَةُ.

وائْتَضَضْتُ نَفْسِي لِفُلانٍ ، واحْتَضَضْتُهَا ، أَي استَزَدْتُهَا ، نَقله الصَّاغَانِيّ.

والمُؤْتَضُّ : المُحْتَاجُ والمُضْطَرُّ.

[أمض] : أَمِضَ ، كفَرِحَ ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَريّ. وقال الليْثُ : أَي عَزَمَ وَلَمْ يُبالِ من المُعَاتَبةِ ، وعَزِيمَتُه (١) باقِيةٌ في قَلبهِ ، فهو أَمِضٌ ، ككَتِفٍ. وكَذَا إِذَا أَبْدَى لِسَانُه غيْرَ ما يُرِيدُه فقد أَمِضَ فهُوَ أَمِضٌ.

* وممّا يُسْتَدْرَك عليْه :

الْأَمْضُ : البَاطِلُ ، وقِيلَ : الشَّكُّ ، عن أَبِي عَمْرٍو. ومن كَلامِ شِقٍّ : إِي (٢) ورَبِّ السَّمَاءِ والأَرْضِ ، وما بينهما من رَفْعٍ وخَفْض ، إِنَّ ما أَنْبَأْتُك به لَحَقٌّ ما فيه أَمْض.

[أنض] : الْأَنِيضُ ، كأَمِير : اللّحْمُ النِّيئُ لم يَنْضَجْ ، نقله الجَوْهَرِيّ. وقد أَنُضَ أَنَاضَةً ، ككَرُمَ ، يَكُونُ ذلِكَ في الشِّوَاءِ والقَدِيدِ. وقال أَبو ذُؤَيْب.

ومُدَّعَسٍ فيه الْأَنِيضُ اخْتَفَيْتُهُ بِجَرْدَاءَ يَنْتَابُ الثَّمِيلَ خمَارُهَا (٣) مُدَّعَسٌ : مَكَانُ المَلَّةِ.

والْأَنِيضُ : خَفَقانُ الأَمْعَاءِ فَزَعاً ، نَقَلَه الصَّاغَانِيّ في العبَاب.

وأَنَضَ اللَّحْمُ يَأْنِضُ أَنِيضاً ، إِذا تَغَيَّرَ. نقله الجَوْهَرِيّ ، وأَنْشَدَ لِزُهَيْرٍ في لِسَان مُتَكَلِّمٍ عابَهُ وهَجَاهُ :

يُلَجْلِجُ مُضْغَةً فِيهَا أَنِيضٌ

أَصَلَّتْ فَهْيَ تَحْتَ الكَشْحِ داءُ.

وآنَضَهُ إِيناضاً ، إِذَا شَوَاهُ ولم يُنْضِجْهُ ، عن أَبي زيْدٍ.

وزَادَ ابنُ القَطَّاع : أَنَضْتُه إِنَاضَةً.

وَذَكَر الجَوْهَرِيّ هُنَا : أَنَاضَ النَّخْلُ يُنِيضُ إِناضَةً ، أَي أَيْنَعَ ، وتَبِعَهُ صاحِبُ اللِّسَان. وهو غَرِيب ، فإِنَّ أَنَاضَ مادّته «ن وض» ، وقد ذَكَرهُ صاحِبُ المُجْمَلِ وغيْرُهُ على الصَّوَابِ في «ن وض» ، ونبَّه عليه أَبُو سَهْلٍ الهَرَوِيّ والصَّاغَانِيّ ، وقد أَغْفَلَه المُصَنِّفُ ، وهو نُهْزَتُهُ وفُرْصَتُهُ.

[أيض] : الْأَيْضُ : العَوْدُ إِلَى الشَّيْ‌ءِ ، آضَ يَئِيضُ أَيْضاً : عادَ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عن ابن السِّكِّيت.

وقال اللَّيْثُ : الْأَيْضُ : صَيْرُورَةُ الشَّيْ‌ءِ شيْئاً غيْرَهُ ، وتَحْوِيلُه من حالِهِ ، وأَنشد :

حَتَّى إِذا ما آضَ ذَا أَعْرَاف

كالكَرْدَنِ المَوْكُوفِ بالوِكَافِ (٤)

والْأَيْضُ : الرُّجُوعُ : يُقَال : آضَ فُلانٌ إِلَى أَهْلِهِ ، أَي رَجَعَ إِلَيْهِم ، قال اللَّيْثُ : وآضَ كَذَا ، أَي صَارَ. يُقَالُ : آضَ سَوادُ شَعْرِه بَياضاً.

وأَصْلُ الْأَيْضِ : الْعَوْدُ. تقول : فَعَلَ ذلِك أَيْضاً ، إِذا فَعَلَهُ مُعَاوِداً لَهُ ، راجِعاً إِليْه ، قاله ابنُ دُرَيْدٍ. وكَذا تَقُولُ :

__________________

(١) في القاموس واللسان والتكملة : وعزيمتُه ماضيةٌ في قلبه.

(٢) ضبطت في اللسان «أَي» بفتح الهمزة خطأَ وما أَثبتنا ضبطه هو الصواب ف «إي» هنا حرف جواب وليس حرف تفسير.

(٣) اللسان : «حمارها» بالحاء المهملة.

(٤) الثاني في اللسان «وكف» ونسبه لرؤبة وروايته :

كالكودنِ المشدودِ بالوكافِ

١٠

افْعَلْ ذلِكَ أَيْضاً ، فاسْتُعِيرَ لمَعْنَى الصَّيْرُورَةِ ، لتَقَارُبِهِمَا في مَعْنَى الانْتِظَارِ. تَقُولُ : صارَ الفَقِيرُ غَنِيَّا ، وعاد غَنِيَّا ، ومِثْلُه استِعَارتُهم النَّسْيَانَ للتَّرْكِ ، والرَّجَاءَ لِلْخَوْف ، لِمَا في النَّسْيَان من مَعْنَى التَّرْكِ ، وفي الرَّجَاءِ مِن مَعْنَى التَّوَقُّعِ ، وبابُ الاسْتِعارَة أَوْسَعُ من أَنْ يُحَاط به ، كما في العبَاب.

وفي حَدِيثِ سَمُرَةَ : «إِنَّ الشَّمْسَ اسْوَدَّتْ حتَّى آضَتْ كَأَنَّهَا تَنُّومَةٌ».

قال أَبو عُبَيْد : أَي صارَت ورَجَعَت.

بَقِيَ عليه : قَوْلُهُم : الْأَوْضَةُ ، بالفَتْحِ لِبَيْتٍ صَغِيرٍ يَأْوِي إِليْهِ الْإِنْسَانُ ، هكذا هو المَشْهُورُ عنْدَهم ، وكَأَنَّهُ من آضَ إِلى أَهْلِهِ ، إِذا رَجَعَ. والأَصْلُ الْأَيْضَةُ ، إِن كانَتْ عَرَبِيَّةً (١) ، أَو غيْر ذلك فتَأَمَّلْ.

فصل الباءِ

مع الضاد

[برض] : البَرْضُ : القَلِيلُ ، كالبُرَاضِ ، بِالضَّمِّ. ومَاءٌ بَرْضٌ : قَلِيلٌ ، وهو خِلافُ الغَمْرِ.

ج بِرَاضٌ ، بالكَسْرِ ، وبُرُوضٌ ، وأَبْرَاضٌ ، كما في الصّحاح.

وثَمَدٌ بَرْضٌ : مَاؤُه قَلِيلٌ. قال رُؤْبَةُ :

في العِدِّ لَمْ يَقْدَحْ ثِمَاداً بَرْضَا

وبَرَضَ المَاءُ من العَيْن يَبْرُضُ ويَبْرِضُ : قَلَّ. وقِيلَ : خَرَجَ وهُوَ قَلِيلٌ ، كما في الصّحاح. كابْتَرَضَ ، كما في العُبّابِ.

وبَرَضَ لِي من مَالِهِ يَبْرُضُ ويَبْرِضُ بَرْضاً ، أي أَعْطَانِي مِنْه شيْئاً قَلِيلاً. وقال أَبو زيْدٍ : إِذا كَانَت العَطِيَّةُ يَسِيرَةً قُلْتَ : بَرَضْتُ له أَبْرُضُ بَرْضاً.

وعن ابنِ الأَعْرَابِيّ : رَجُلٌ مَبْرُوضٌ ومَضْفُوه ، ومَطْفُوهٌ ، ومَضْفُوفٌ ، ومَحْدُودٌ (٢) : مُفْتَقِرٌ ، لكَثْرَةِ ، ونَصُّ النَّوادِرِ : إِذا نَفِذَ ما عِنْدَهُ من كَثْرَةِ عَطَائِهِ.

والبَرَّاضُ ، ككَتَّان : مَن يَأْكُلُ كُلَّ شَيْ‌ءٍ من مَالِهِ ، ويُفْسِدُه ، كَالْمُبْرِضِ ، أَي كمُحْسِنٍ ، كما هُوَ في سَائِر النُّسَخِ ، والصَّوابُ كمُحَدِّث (٣) ، كما هو نَصُّ العَيْنِ.

والْبَرَّاضُ بنُ قيْس الكِنَانِيُّ ، مِنْ وَلَدِ ضَمْرَةَ بنِ بَكْرِ بنِ عَبْدِ مَنَاةَ ، منهم ، أَحَدُ فُتَّاكِهمْ ، يُقَال : إِنّه خَلَعَهُ قَوْمُه لِكَثْرِة جِنَاياتِه ، فحَالَفَ حَرْبَ بنَ أَمَيَّةَ ، ثُمّ قَدِمَ على النُّعْمَانِ وسَأَلَهُ أَنْ يَجْعَلُه (٤) على لَطِيمَةٍ يُرِيدُ أَن يَبْعَثَ بِهَا إِلى عُكَاظ ، فلم يَلْتَفِتْ إِليْه ، وجَعَلَ أَمرَها إِلى عُرْوَةَ الرّحّالِ ، وهو ابنُ عُقبَةَ بنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ ، فسَار مَعَه حَتَّى وَجَدَ عُرْوَةَ خالِياً ، فَوَثَبَ عليه ، فضَرَبَهُ ضَرْبةً خَمَدَ منها ، واسْتَاقَ العِيْرَ ولَحِق بالحَرَمِ ، فكَفَّت عنه هَوَازِنُ ، وبسَبَبِهِ قامَت حَرْبُ الفِجَارِ بَيْن بَنِي كِنَانَةَ وقَيْسِ عَيْلانَ.

والْبُرْضَةُ ، بالضَّمِّ : مَوْضِعٌ لا يَنْبُتُ فِيهِ الشَّجَرُ ، ولو قال : أَرْضٌ لَا تُنْبِتُ شيْئاً ، كانَ أَخْصَرَ ، وهي أَصْغَرُ من البَلُّوقَةِ. قلتُ : وقد تَقدَّمَ للمُصَنِّف في الصَّاد المُهْمَلة : البِرَاصُ : بِقَاعٌ في الرَّمْلِ لا تُنبِتُ ، جمعُ بُرْصَةٍ ، وتَقَدَّم أَيضاً هُنَاكَ عن ابْنِ شُمَيْلٍ : أَنَّها البَلُّوقَة ، فليُنْظَرْ أَنَّهَا لُغَة أَو أَحَدهُمَا تَصْحِيفٌ عن الآخِرِ.

والْبُرْضَةُ ، أَيضاً : مَا تَبَرَّضْتَ مِنَ المَاءِ القَلِيلِ.

والبَرِيضُ ، كأَمِيرٍ : وَادٍ في شِعْرِ امْرِئِ القيْسِ ، وقد تَقَدَّم الإِنْشَادُ في «أَرض» أَو الصَّوَابُ فيه اليَرِيضُ ، بالمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة ، قال (٥) الأَزْهَرِيُّ : ومَنْ رَواه بالبَاءِ فقد صَحَّف.

والبَارِضُ : أَوَّلُ ما يَظْهَرُ من نَبْتِ الأَرْض ، وخَصَّ بَعْضُهم به الجَعْدَةَ ، والنَّزَعَةَ ، والبُهْمَى ، والهَلْتَى ، والقَبْأَةَ ، وقِيل : هو أَوّلُ ما يُعْرَفُ مِنَ النَّبَاتِ وتَتَنَاوَلُهُ النَّعَمُ ، وقال الأَصْمَعِيُّ : البُهْمَى : أَوَّلُ مَا يَبْدُو منها الْبَارِضُ ، فَإِذَا تَحَرَّكَ قَلِيلاً فهو جَمِيمٌ ، قال لبِيدٌ :

يَلْمُجُ الْبَارِضَ لَمْجاً في النَّدَى

مِنْ مَرَابِيعِ رِيَاضٍ وَرِجَلْ

وقيل : وهو أَوَّلُ ما تُخْرِجُ الأَرْضُ من نَبْتٍ ، وفي الصّحاح : من البُهْمَى والهَلْتَى وبِنْتِ (٦) الأَرْضِ قبْلَ أَنْ

__________________

(١) الظاهر أَنها معربة عن أَودة بالدال ، قاله نصر.

(٢) عن اللسان والتهذيب وبالأَصل «مجدود» وفي التهذيب : «مضيوف» بدل «مضفوف» والأَصل كاللسان.

(٣) وهي في التكملة ، وفي التهذيب ضبطت كمُحسِنٍ».

(٤) عن المطبوعة الكويتية وبالأَصل «يخلعه».

(٥) بالأَصل «قاله» والمثبت عن معجم البلدان «يريض».

(٦) عن الصحاح ، وبالأَصل «ونبت».

١١

تَتَبَيَّنَ أَجْنَاسُهُ ، وفي الصّحاح : لِأَنَّ نَبْتَةَ هذِه الأَشيَاءِ وَاحِدَةٌ ، ومَنبِتُهَا وَاحِدٌ ، فهي ما دَامَتْ صِغَاراً بَارِضٌ ، فإِذا طالَتْ تَبَيَّنَتْ أَجْنَاسُهَا. ومنه حَديثُ خُزيْمَةَ وذَكَرَ السَّنَةَ المُجْدِبَةَ : «أَيْبَسَتْ بَارِضَ الوَدِيسِ». وفي المُحْكَم : البَارِضُ من النَّبَات بَعْدَ البَذْرِ ، عن أَبي حَنِيفَةَ. وقد بَرَضَ النَّبَاتُ يَبْرُضُ بُرُوضاً.

ويُقَالُ : أَبْرَضَتِ الْأَرْضُ ، إِذا كَثُرَ بَارِضُهَا وتَعَاوَنَ.

ومَكانٌ مُبْرِضٌ : إِذا تَعَاوَنَ بَارِضُهُ وكَثُرَ ، كبَرَّضَت تَبْرِيضاً ، كما في العُبَابِ.

ومن المَجَازِ : تَبَرَّضَ الرَّجلُ ، إِذا تبَلَّغَ بالقَلِيل من العَيْشِ ، كما في الصّحاح. يُقَال : تَبَرَّضَهُ ، إِذا تَطَلَّبَهُ من هَاهُنَا وهَاهُنَا قَلِيلاً قَلِيلاً.

وتَبَرَّضَ سَمَلَ الحَوْضُ : إِذا كَانَ مَاؤُه قَلِيلاً فَأَخَذْتَهُ قَلِيلاً.

وفي الحَدِيثِ : «ماءٌ قَلِيلٌ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضاً

«أَيْ يَأْخُذُونَه قَلِيلاً قَلِيلاً.

ومن المَجَاز : تَبَرَّضَ الشَّيْ‌ءَ : أَخَذَه قَلِيلاً قَلِيلاً ، وتَبلَّغَ به.

ومِن المَجَازِ : تَبَرَّضَ فُلَاناً ، إِذَا أَصَابَ مِنْهُ الشَّيْ‌ءَ قبْلَ (١) الشَّيْ‌ءِ ، أَوِ الشَّيْ‌ءَ بَعْدَ الشَّيْ‌ءِ ، وتَبَلَّغَ به ، كما في العبَابِ.

* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :

تَبَرَّضَتِ الأَرْضُ : تَبَيَّن نَبْتُهَا ، كذا في المُحْكَم. وبِئْرٌ بَرُوضٌ : قَلِيلَةُ الماءِ.

وهو يَتَبَرَّضُ المَاءَ كُلَّمَا اجْتَمَع منه شَيْ‌ءٌ غَرَفَهُ.

والابْتِرَاضُ : تَطَلُّبُ العَيْشِ من هُنَا وهُنَا.

والْبَرَّاضُ ، ككَتَّانٍ : الَّذِي يُنِيلُ الشَّيْ‌ءَ ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ الشَّاعِر :

وقد كُنْتُ بَرَّاضاً لها قَبْلَ وَصْلِهَا

فكَيْفَ ولَزَّتْ حَبْلَهَا بحِبَالِي (٢)

وقال اللَّيْثُ في مَعْنَاه : كُنْتُ أَطْلُبَها في الفَيْنَة بَعْدَ الفَيْنَة أَحْيَاناً ، فَكيْفَ وقد عَلِقَ بَعْضُنَا ببَعْضٍ.

ويُقَال : إِنَّ المَالَ لَيَتَبَرَّضُ النَّبَاتَ تَبَرُّضاً ، وذلك قبْلَ أَنْ يَطُولَ ويَكُونَ فِيهِ شِبَعُ المَالِ.

ويُقَال : مَا فيهِ إِلاَّ شُفَافَةٌ لا تَفْضُل إِلاّ (٣) عن التَّبَرُّضِ ، أَي التَّرَشُّف. مِنْ مالِهِ بُرَاضَةٌ ، كثُمَامَةٍ ، أَي القَلِيلُ ، نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيّ.

[بضض] : الْبَضُّ من الرِّجَالِ : الرَّخْصُ الجَسَدِ ، عن الأَصْمَعِيّ ، قال : وليْسَ من البَيَاضِ خَاصَّةً ، ولكِنَّه من الرُّخُوصَةِ. وقال غيْرُهُ : هو الرَّقِيقُ الجِلْدِ المُمْتَلِى‌ءُ ، كما في الصّحاح ، وهي بِهَاء. قِيلَ : امرأَةٌ بَضَّةٌ : رَقِيقَةُ الجِلْدِ نَاعِمَةٌ ، إِنْ كانَتْ بَيْضَاءَ أَوْ أَدْمَاءَ. وقال أَبو عَمْرو : هي اللَّحِيمَةُ البَيْضَاءُ. وقال اللِّحْيَانِيّ : هي الرَّقِيقَة الجِلْد الظَّاهِرَةُ الدَّم.

وقال اللَّيْثُ : امْرَأَةٌ بَضَّةٌ : [تارَّةٌ] (٤) نَاعِمَةٌ مُكْتَنِزَةُ الَّلحْمِ ، في نَصَاعَةِ لَوْنٍ.

والبَضُّ : اللَّبَنُ الحَامِضُ ، كالبَضَّةِ. قال ابنُ شُمَيْلٍ : البَضَّةُ : اللبَنَةُ الحَارَّةُ الحَامِضَةُ ، وهي الصَّقْرَةُ. وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ : سَقَانِي بَضَّةً وبَضّاً ، أَي لَبناً حَامِضاً.

وجَارِيَةٌ بَضِيضَةٌ ، وبَاضَّةٌ ، وبَضْبَاضَةٌ ، أَي بَضَّةٌ ، أَي كَنِزَةٌ تَارَّةٌ ، في نَصَاعَةٍ. وقِيلَ : هي الناعِمَةُ ، سَمْرَاءَ كانَت أَو بَيْضَاءَ.

وبِئْرٌ بَضُوضٌ ، كصَبُورٍ : يَخْرُجُ مَاؤُهَا قَلِيلاً قَلِيلاً ، فهي قَلِيلَةُ الماءِ ، ج بِضَاضٌ ، بالكَسْرِ ، وفي بعض النُّسَخ : بَضَائِضُ. وما فِي البِئْرِ بَاضُوضٌ ، أَي بَلَلَةٌ ، عن ابن عَبّادٍ.

وقال أَبو سَعِيدٍ : مَا فِي السِّقَاءِ بُضَاضَةٌ من مَاءٍ ، بالضَّمّ ، أَي شَيْ‌ءٌ يَسِيرٌ. وقال غَيْرُه : ما في السِّقاءِ بَضِيضَةٌ كسَفِينَةٍ ، أَي يَسِيرُ مَاءٍ.

والبَضِيضَةُ : المَطَرُ القَلِيلُ ، نَقَلَه الصَّاغَانيّ.

والْبَضِيضَةُ ، أَيْضاً : مِلْكُ اليَدِ ، يُقَال : أَخْرَجْتُ له بَضِيضَتِي ، أَي مِلْكَ يَدِي.

وبَضَّ المَاءُ يَبِضُّ بَضّاً وبُضُوضاً وبَضِيضاً : سَالَ قَلِيلاً قَلِيلاً ، وقِيلَ : رَشَحَ مِنْ صَخْرٍ أَو أَرْضٍ. وفي حَدِيث تَبُوكَ : «والعَيْنُ تَبِضُّ بِشَيْ‌ءٍ من مَاءٍ». وفي الصّحاح : ولا‌

__________________

(١) على هامش القاموس عن نسخة أَخرى : «بَعْدَ».

(٢) في التهذيب واللسان :

فكيف ولّدت حبلها بحباليا

(٣) سقطت لفظة «إلا» في الأَساس.

(٤) زيادة عن التهذيب واللسان.

١٢

يُقَالُ بَضَّ السِّقاءُ ولا القِرْبَةُ ، أَي إِنَّمَا ذلِكَ الرَّشْحُ أَو النَّتْحُ ، فَإِنْ كَانَ دُهْناً أَو سَمْناً فَهُوَ النَّثُّ. قال (١) : وبَعْضُهُم يَقُولُه ويُنْشِدُ لِرُؤْبَةَ :

فَقلْتُ قَولاً عَرَبِيّاً غَضّاً

لو كَانَ خَرْزاً في الكُلَى ما بَضَّا

وفي الحَدِيثِ : «أَنَّه سَقَطَ من الفَرَسِ فإِذا هُوَ جَالِسٌ وعُرْضُ وَجْهِه يَبِضُّ مَاءً أَصْفَرَ».

وبَضَّ لَهُ يَبُضُّ ، بالضَّمِّ : أَعْطَاهُ شَيْئاً قَلِيلاً ، كأَبَضَّ له إِبْضَاضاً ، وأَنْشَدَ شَمِرٌ لِلْكُمَيْتِ :

ولمْ تُبْضِضِ النُّكْدَ للجَاشِرِين

وأَنْفَدَتِ النَّمْلُ ما تَنْقُلُ

قال : هكذا أَنْشَدَنِيهِ ابنُ أَنَس بِضَمِّ التَّاءِ ، ورَوَاهُ القَاسِمُ بفَتْحِها ، وهُمَا لُغَتَان (٢).

وقال الأَصْمَعِيُّ : نَضَّ لَهُ بشَيْ‌ءٍ ، وبَضَّ لَهُ بشَيْ‌ءٍ ، وهو المَعْرُوف ، القَلِيلُ.

والْبَضَضُ ، مُحَرَّكَةً ، المَاءُ القَلِيلُ ، نَقله الجَوْهَرِيّ.

وبَضَّ الحَجَرُ ونَحْوُهُ يَبِضُّ : نَشَغَ منه المَاءُ شِبْهَ العَرَقِ ، ومنه قَوْلُهُم : فُلانٌ مَا يَبِضُّ حَجَرُهُ ، أَي لا يُنَالُ منه خَيْرٌ ، وهو مَثَلٌ يُضْرَبُ لِلبَخِيلِ. وقال الجَوْهَرِيُّ : أَيْ ما تَنْدَى صَفَاتُهُ.

وبَضَّ أَوْتَارَهُ : حَرَّكَها لِيُهَيِّئَهَا لِلضَّرْبِ ، هكذا نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. ونقَل ابنُ بَرِّيٍّ عن ابن خالَوَيْه : بَظَّ أَوْتَارَهُ ، وبَضَّهَا ، بالظَّاءِ والضَّادِ. والظَّاءُ أَكْثَرُ وأَحْسَنُ.

ويُقَال : مَا عَلَّمَكَ أَهْلُكَ إِلاَّ مِضّاً ، وبِضّاً ، ومِيضاً وبِيضاً ، بكَسْرِهِنَّ ، وهو أَنْ يُسْأَلَ عَنِ الحَاجَةِ فَيَتَمَطَّقَ بَشَفَتَيْهِ ، نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ عَنِ الفَرّاءِ : وسَيَأَتِي مُفَسَّراً بأَكْثَرَ من ذلِكَ في «م ض ض».

والبَضْبَاضُ : الْكَمْأَةُ ، هكَذَا قَالُوه ، وليْسَت بمَحْضَةٍ.

ورَجُلٌ بُضَابِضٌ ، بالضَّمِّ : قَوِيُّ ، وكَذلِكَ ضُبَاضبٌ ، ورُبَّمَا استُعْمل في البَعِير أَيْضاً. وعن ابن الأَعْرَابِيّ : بَضَّضَ تَبْضِيضاً ، إِذا تَنَغَّمَ : وابْتَضَضْتُ نَفْسِي لَهُ ابْتِضَاضاً : استَزَدْتُهَا لَهُ ، كائْتَضَضْتُها لَهُ ، نَقَلَهُ الصَّاغَانيّ عن ابن عَبَّادٍ.

وابْتَضَضْتُ القَوْمَ : اسْتَأْصَلْتُهُمْ ، نَقَله الضاغانيّ عن ابنِ عَبّاد.

وتَبَضَّضْتُهُ (٣) : أَخَذْتُ كُلَّ شَيْ‌ءِ لَهْ ، عن ابن عَبّادٍ.

وتَبَضَّضْتُ حَقِّي منْه : استَنْظَفْتُه قَلِيلاً قَلِيلاً ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ هكذا.

* وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه :

بَضَّتِ العَيْنُ تَبِضُّ بَضّاً وبَضِيضاً : دَمَعَتْ. ويُقَال للرَّجُلِ إِذا نُعِتَ بالصَّبْرِ على المُصِيبةِ : مَا تَبِضُّ عَيْنُه.

وفي حَدِيثِ طَهْفَةَ : «ما تَبِضُّ بِبِلَالٍ» ‌، أَي ما يَقْطُرُ منها لَبَنٌ وبَضَّتِ الحَلَمَةُ ، أَي دَرَّت باللَّبَن.

وبَضَّتِ الرَّكِيَّةُ تَبِضُّ : قَلَّ مَاؤُهَا. قال أَبو زُبَيْدٍ :

يا عُثْمَ أَدْرِكْنِي فإِنَّ رَكِيَّتِي

صَلَدَتْ فأَعْيَتْ أَنْ تَبِضَّ بِمَائِهَا

وفي حَدِيث النَّخَعِيّ : «الشَّيْطَانُ يَجْرِي في الإِحْلِيل ويَبِضُّ في الدُّبُرِ أَي يَدِبُّ فيه فَيُخَيّل أَنَّه بَلَلٌ أَو رِيحٌ.

وامرأَةٌ بَضَاضٌ ، كسَحَابٍ : بَضَّةٌ.

والبَضَاضَةُ ، والبُضُوضَةُ : نُصُوعُ البَيَاضِ في سِمَنٍ ، وقد بَضَضْتَ يَا رَجُلُ وبَضِضْتَ ، بالفَتْح والكَسْرِ. وقيل : البَضَاضَةُ : رِقَّةُ اللَّوْنِ وصَفَاؤُه الَّذِي يُؤَثِّر فيه أَدْنَى شَيْ‌ءٍ (٤).

وهُوَ أَبَضُّ النَّاسِ ، أَي أَرَقُّهُمْ لَوْناً ، وأَحْسَنُهُم بَشَرَةً.

وبَضَّضَ عليه بالسَّيْفِ : حَمَلَ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ.

وبَضَّضَ الجِرْوُ ، مثل جَصَّصَ ، ويَضَّضَ ، ويَصَّصَ ، كُلُّهَا لُغَاتٌ.

[بعض] : بَعْضُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ : طائِفَةٌ مِنْه ، سَوَاءٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ ، يُقَالُ : بَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضٍ. ج أَبْعَاضٌ ، قال ابنُ سِيدَهْ : حَكَاهُ ابنُ جِنِّي ، فلا أَدْرِي ، أَهو تَسَمُّحٌ أَم هُو شَيْ‌ءٌ رَوَاهُ.

__________________

(١) أَي في الصحاح.

(٢) يعني : بضّ يَبُضُّ ، وأَبَضَّ يُبِضُّ ، كما في التهذيب.

(٣) في الأَصل والقاموس : «وتبضبضته» وما أَثبت عن الصحاح فالعبارة التالية المعطوفة تؤيد ما أَثبتناه.

(٤) وهو قول المبرد ، نقله عنه في الأَساس.

١٣

ولا تَدْخُلُهُ اللاَّمُ ، أَي لامُ التَّعْرِيف لِأَنَّهَا في الأَصْلِ مُضَافَةٌ ، فهي مَعرفةٌ بالإِضَافَةِ لَفظاً أَو تَقْدِيراً ، فلا تَقْبَل تَعْرِيفاً آخَرَ خِلافاً لابْنِ دَرَسْتَوَيْه والزّجَاجِيِّ فإِنَّهما قَالا : الْبَعْضُ والكُلُّ. قال ابنُ سِيدِه : وفِيه مُسَامَحَة ، وهُو في الحَقِيقَةِ غَيْرُ جَائِزٍ ، يَعْنِي أَنَّ هذا الاسْمَ لا يَنْفَصِلُ عن الإِضَافَةِ. وفي العُبَابِ : وقد خَالَفَ ابنُ دَرَسْتَوَيْهِ النَّاسَ قاطِبَةً في عَصْرِه ، وقال النَّاقِدِيّ :

فَتَى دَرَسْتَوِيّ إِلى خَفْضِ

أَخْطَأَ في كُلٍّ وفي بَعْضٍ

دِمَاغُه عَفَّنَه نَوْمُه

فصارَ مُحْتاجاً إِلى نَفْضِ

قال أَبُو حَاتم : قلت للأَصْمَعِيّ : رَأَيْت في كِتَابِ ابنِ المُقَفَّع : العِلْم كَثِير ، ولكِنَّ أَخْذَ البَعْضِ خيْرٌ من تَرْكِ الكُلِّ ، فأَنْكَرَهُ أَشَدَّ الإِنْكَارِ وقال : الأَلِفُ والَّلامُ لا يَدْخُلَان في بَعْضٍ وكُلٍّ لِأَنَّهُمَا مَعْرِفَةٌ بِغَيْرِ أَلفٍ ولَامٍ. وفي القُرْآنِ العَزِيز : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) (١). قال أَبو حاتِمٍ : لا تَقُولُ العَرَبُ الكُلَّ ولا البَعْضَ ، وقد اسْتَعْمَلَها النَّاسُ حَتَّى سِيبَويْه والأَخْفَشُ في كِتَابَيْهِما لِقِلَّة عِلْمِهِما بِهَذا النَّحْوِ ، فاجْتَنِبْ ذلِكَ ، فإِنَّهُ ليْسَ من كَلامِ العَرَب. انْتَهَى. قال شيْخُنَا : وهذا من العَجَائِب ، فلا يَحْتَاج إِلى كَلَامٍ. قُلتُ : وقالَ الأَزْهَرِيُّ : النَّحْوِيُّون أَجَازُوا الأَلِفَ واللاَّمَ في بَعْضٍ وكُلٍّ ، وإِنَّ أَبَاهُ الأَصْمَعِيُّ. قال شيْخُنَا أَيْ بِناءً على أنَّها عِوَضٌ عن المُضَافِ إِليْه ، أَو غيْرِ ذلِكَ ، وجَوَّزَهُ بَعْضٌ. على أَنَّهُ مُؤَوَّلٌ بالجُزْءِ ، وهو يَدْخُلُ عَليْه «ال» فَكَذَا ما قَامَ مَقَامَه ، وعُورِضَ بأَنَّه لَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ.

والبَعُوضَةُ : البَقَّةُ ، ج بَعُوضٌ ، قاله الجَوْهَرِيّ ، وقد وَرَدَ في الحَدِيث ، وهكذا فُسِّرَ ، وقال الشَّاعِرُ :

يَطِنُّ بَعُوضُ المَاءِ فَوْقَ قَذَالِهَا.

كمَا اصْطَخَبت بَعْدَ النَّجيِّ خُصُومُ

وأَنْشَدَ مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَعْرابِيُّ :

ولَيْلَةٍ لَمْ أَدْرِ ما كَرَاهَا

أَسَامِرُ البَعُوضَ في دُجَاهَا

كُلّ زَجُولٍ يُتَّقَى شَذَاهَا

لا يَطْرَبُ السَّامِعُ مِنْ غِنَاهَا.

وقال المُصَنِّف في البَصَائِر : إِنّما أُخِذَ لَفْظُه من بَعْضٍ ، لصِغَرِ جِسْمه بالإِضَافَةِ إِلى سائر الحَيَوانات.

والبَعُوضَةُ : مَاءٌ لبَنِي أَسَدٍ ، قَرِيبُ القَعْرِ ، كانَ لِلْعَرَب فيه يَوْمٌ مَذْكُورٌ. قال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ يَذْكُرُ قَتْلَى ذلِكَ اليَوْمِ (٢).

على مِثْلِ أَصْحَابِ البَعُوضَةِ فاخْمِشِي

لَكِ الوَيْلُ حُرَّ الوَجْهِ أَوْ يَبْكِ مَن بَكَى

ورَمْلُ البَعُوضَةِ : مَوْضِعٌ في البَادِية ، قالَهُ الكسَائِيّ.

وبُعِضُوا ، بالضَّمِّ ، آذَاهُم ، وفي الأَساسِ : أَكَلَهُمُ البَعُوضُ.

ولَيْلَةٌ بَعِضَةٌ ، كفَرِحَة ومَبْعُوضَةٌ ، وأَرْضُ بَعِضَةٌ ، أَي كَثِيرَتُه. وأَبْعَضُوا فهم مُبْعِضُونَ : صَارَ في أَرْضِهِمْ الْبَعُوضُ ، أَو كَثُرَ ، كما في الأَسَاس.

ومن المَجَاز : كَلَّفَنِي فُلانٌ مُخَّ الْبَعُوضِ ، أَي مَا لا يَكُون ، كما في التَّكْمِلَةِ. وفي الأساسِ : أَي الأَمْرَ الشَّدِيدَ.

وقال اللَّيْثُ : البُعْضُوضَةُ ، بالضَّمِّ : دُوَيْبَّة كالخُنْفَساءِ ، تَقْرِضُ الوِطَابَ ، وهي غيْرُ البُعْصَوصَةِ ، بالصادِ ، الّتي تَقَدَّم ذِكْرُها.

والْغِرْبَانُ تَتَبَعْضَضُ ، أَي يَتَنَاوَلُ بَعْضُهَا بَعْضاً ، نقله الصّاغَانِيّ.

وبَعَّضْتُهُ تَبْعِيضاً : جَزَّأْتُهُ ، فتَبَعَّضَ ، أَيْ تَجَزَّأَ ، نقله الجَوْهَرِيّ. ومنه : أَخَذُوا مالَه فَبَعَّضُوه ، أَي فَرَّقُوهُ أَجْزاءً.

وبَعَضَ (٣) الشَّاةَ وبَعَّضَهَا.

قال الصَّاغَانِيُّ : والتَّرْكِيب يَدُلُّ على تَجْزِئَةِ الشَّيْ‌ءِ ، وقد شَذَّ عَنْهُ البَعُوض.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

البَعْضُ : مَصْدَرُ بَعَضَهُ البَعُوض يَبْعَضُه بَعْضاً : عَضَّهُ ،

__________________

(١) سورة النمل الآية ٨٧.

(٢) وكان فيمن قُتل ذلك اليوم أخوه مالك بن نويرة اليربوعي ، قتلهم خالد بن الوليد ، انظر قصتهم في معجم البلدان «البعوضة» والبيت من أبيات فيه على رويّ الألف.

(٣) عن الأساس وبالأصل «وعضّ».

١٤

وآذَاهُ ، ولا يُقَال في غيْرِ البَعُوضِ. قال يَمْدَحُ رَجُلاً باتَ في كِلَّةٍ :

لَنِعْمَ البَيْتُ بَيْتُ أَبِي دِثَارٍ

إِذا ما خَافَ بَعْضُ القَوْمِ بَعْضاً

قوله بَعْضاً ، أَي عَضًّا. وأَبو دِثارٍ : الكِلَّةُ.

وقَوْمٌ مَبْعُوضُونَ ، وأَرْضُ مَبْعَضَةٌ ، كما يُقَال : مَبَقَّة ، أَيْ كَثِيرَتُهُمَا.

تَذْنِيبٌ : نُقِلَ عن أَبي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ جَعَلَ البَعْضَ من الأَضْدادِ ، وأَنَّهُ يَكُون بمَعْنَى الكُلِّ واسْتَدَلَّ له بقَوْلِه تَعالى : (يُصِبْكُمْ) بَعْضُ (الَّذِي يَعِدُكُمْ) (١) أَي كُلّه. واستَدَلَّ له بِقَوْلِ لبِيد :

أَوْ يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُها (٢)

فإِنَّهُم حَمَلُوه على الكُلِّ. قُلتُ : وهكذا فَسَّرَ أَبُو الهيْثَمِ الآيةَ أَيْضاً : قال ابنُ سِيدَه : وليْسَ هذَا عِنْدي على ما ذَهَب إِليْه أَهْلُ اللُّغَةِ مِنْ أَنَّ الْبَعْضَ في مَعْنَى الكُلّ. هذا نَقْضٌ ولا دَلِيلَ في هذا البَيْتِ ، لأَنَّهُ إِنّمَا عَنَى ببَعْضِ النُّفُوسِ نَفْسَهُ. قال أَبُو العَبّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى : أَجْمَع أَهْلُ النَّحْوِ على أنَّ البَعْضَ شَيْ‌ءٌ من أَشيَاءَ أَو شَيْ‌ءٌ من شَيْ‌ءٍ ، إِلاّ هِشَاماً فإِنَّه زَعَم أَنَّ قَوْلَ لبِيدٍ : أَوْ يَعْتَلِقْ إِلخ فادَّعَى وأَخْطَأَ أَنَّ الْبَعْضَ هُنَا جَمْعٌ ، ولم يَكُنْ هذَا مِنْ عَمَلِه ، وإِنّمَا أَرادَ لبِيدٌ ببَعْضِ النُّفُوسِ نَفْسَهُ. قال : وقَوْلُه تَعَالَى : (يُصِبْكُمْ) بَعْضُ (الَّذِي يَعِدُكُمْ) أَنَّه كان وَعَدَهُم بشَيئين : عَذَاب الدُّنيَا وعَذَاب الآخِرَة ، فقَال : يُصِبْكُمْ هذَا العَذَابُ في الدُّنيَا ، وهو بَعْضُ الوَعْدَين من غيْرِ أَنْ يَنْفي عَذَابَ الآخِرَة. وقال أَبو إِسْحَاقَ في قَوْله : بَعْضُ (الَّذِي يَعِدُكُمْ) من لَطِيفِ المَسَائِلِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إِذا وَعَدَ وَعْداً وَقَعَ الوَعْدُ بأَسْرِه ولم يَقَعْ بَعْضُهُ ، فمِنْ أَيْنَ جَازَ أَنْ يَقُولَ بَعْضُ (الَّذِي يَعِدُكُمْ) ، وحَقُّ اللَّفْظِ : كُلُّ الَّذِي يَعِدُكُم ، وهذا بَابٌ من النَّظَرِ يَذْهَبُ فيه المُنَاظِرُ إِلى إِلْزَام حُجَّتِهِ (٣) بأَيْسَرِ مَا فِي الأَمْرِ ، وليْس هذا في مَعْنَى الكُلِّ (٤) ، وإِنَّمَا ذَكَرَ البَعْضَ لِيُوجِبَ له الكُلَّ ، لِأَنَّ البَعْضَ هو الكُلُّ.

ونَقَل المصَنِّف في البَصَائر عن أَبِي عُبَيْدَةَ كَلَامَهُ السَّابِقَ ، إِلاّ أَنَّه ذَكَر في اسْتِدْلالِهِ قَوْلَهُ تَعَالَى : (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ) بَعْضَ (الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) (٥) أَي كُلَّ ، وذَكَر قَوْلَ لبِيدٍ أَيْضاً : قَال : هذا قُصُورُ نَظَرٍ منه ، وذلِكَ أَنَّ الأَشيَاءَ على أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ (٦) : ضَرْب في بَيانِهِ مَفْسَدَةٌ ، فلا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الشَّرِيعَةِ بَيَانُه ، كوَقْتِ القِيَامَة ، ووَقْتِ المَوْتِ.

وضَرْب مَعْقُول يُمْكِن لِلنَّاسِ إِدراكُه من غيْر نَبيّ ، كمَعْرِفة اللهِ ، ومَعْرِفَةِ خَلْقِ السَّموَاتِ والأَرْضِ ، فلا يَلْزَمُ صَاحِبَ الشَّرْعِ أَنْ يُبَيِّنَه ، أَلَا تَرَى أَنَّه أَحالَ مَعْرِفَتَه على العُقُول في نَحْوِ قَولِه (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٧) وقوله : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ) (٨).

وضَرْب يَجِبُ عليه بَيَانُه ، كأُصُولِ الشَّرْعِيّات المُخْتَصَّةِ بشَرْعِهِ.

وضَرْب يُمْكِنُ الوُقُوفُ عليه بِمَا يُبَيِّنُه صاحِبُ الشَّرْع ، كفُرُوعِ الأَحْكَام.

فإِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ في أَمْرٍ غيْرِ الَّذِي يَخْتَصُّ بالنَّبِيِّ بَيَانُه ، فهو مُخَيَّر بَيْنَ أَنْ يُبَيِّنَ وبَيْنَ أَنْ لا يُبَيِّنَ ، حَسْبَ ما يَقْتَضِيه اجْتِهَادُه وحِكْمَتُه. وأَمّا الشَّاعِرُ فَإِنّهُ عَنَى نَفْسَهُ.

والمَعْنَى إِلاّ أَنْ يَتَدَارَكَنِي المَوْتُ ، لكِنْ عَرَّضَ ولَمْ يُصَرِّح تَفَادِياً من ذِكْرِ مَوْتِ نَفْسِه ، فتَأَمَّلْ.

[بغض] : البُغْضُ بالضَّمِّ : ضِدُّ الحُبِّ ، نَقله الجَوْهَرِيّ.

قال شيْخُنَا ، ضِدُّ الحُبِّ يَلْزَمُه العَدَاوَةُ في الأَكْثَر ، لا أَنَّهما‌

__________________

(١) سورة غافر الآية : ٢٨.

(٢) من معلقته ، وصدره :

ترك أمكنةٍ إذا لم أرضها

(٣) الأصل واللسان وفي التهذيب : إلزام الحجة.

(٤) كذا بالأصل واللسان ، والعبارة في التهذيب : «وليس في هذا نفي إصابة الكل. ومثله قول القطامي :

قد يدرك المتأنيّ بعض حاجته

وقد يكون مع المستعجل الزلل

وإنما ذكر البعض ...».

(٥) سورة الزخرف الآية ٦٣.

(٦) انظر المفردات للراغب «بعض».

(٧) سورة يونس الآية ١٠١.

(٨) سورة الأعراف الآية ١٨٥.

١٥

بمَعْنَى ، لِظَاهِرِ : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ) الْبَغْضاءَ (١).

والْبِغْضَةُ ، بالكَسْرِ ، والْبَغْضَاءُ : شِدَّتُه ، وكَذلِكَ البَغَاضَةُ وبَغضَ ، ككَرُمَ ، ونَصَرَ ، وفَرِحَ ، بَغَاضَةً مَصْدرُ الأَوَّلِ.

فهو بَغِيضٌ ، مِنْ قَوْمٍ بُغَضَاءَ.

ومن المَجَازِ : يُقَالُ ، نَسَبَهُ ابنُ بَرِّيّ إِلى أَهْلِ اليَمَنِ : بَغَضَ (٢) جَدُّكَ ، كَتَعَسَ جَدُّكَ ، وهو من حَدِّ كَرُمَ.

ومن المجاز في الدُّعاءِ : نَعِمَ (٣) اللهُ بِكَ عَيْناً وبَغَضَ (٤) بعَدُوِّك عَيْناً ، وهو من حَدِّ نَصَرَ.

وقال : أَبو حَاتِمٍ : قَوْلُهُم أَنَا أَبْغُضُهُ ويَبْغُضُنِي ، بالضَّمِّ ، لُغَةٌ رَدِيئَةٌ ، من كَلام الحَشْوِ ، وأَثْبَتَها ثَعْلَبٌ وَحْدَهُ ، فإِنّه قالَ في قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ : (إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ) (٥). أَيْ الباغِضِين ، فَدَلَّ هذا على أَنَّ بَغَضَ عنْده لُغَةٌ ، ولَوْ لَا أَنَّهَا لُغَةٌ عِنْدَه لَقَالَ مِنَ المُبْغِضِينَ.

وقَوْلُهُم : مَا أَبْغَضَهُ لِي. شَاذٌّ لا يُقَاس عَليْه ، كما قَالَهُ الجَوْهَرِيّ. قال ابنُ بَرِّيّ : إِنَّمَا جَعَلَه شَاذًّا ، لأَنَّهُ جَعَلَهُ من أَبْغَضَ ، والتَّعَجُّب لا يكونُ من أَفْعَلَ إِلاَّ بِأَشَدَّ ونَحْوِه ، قال : وليْس كما ظَنَّ ، بَل هُوَ من بَغُضَ فُلانٌ إِلَيَّ. قال : وقد حَكَى أَهْلُ اللُّغَةِ والنَّحْو : ما أَبْغَضَنِي له ، إِذا كُنْتَ أَنْتَ المُبْغِضَ لَه ، وما أَبْغَضَنِي إِليْه ، إِذا كانَ هُوَ المُبْغِضَ لَكَ.

انْتَهَى. وقال ابنُ سِيدَه : وحَكَى سِيبَوَيْه : ما أَبْغَضَنِي لَهُ ، ومَا أَبْغَضَهُ إِلَيَّ. وقال : إِذا قُلْتَ : ما أَبْغَضَنِي لَهُ فإِنَّمَا تُخبِرُ أَنَّكَ مُبْغِضٌ لَه ، وإِذَا قُلْتَ : ما أَبْغَضَهُ إِلَيَّ فإِنَّمَا تُخْبِرُ أَنَّهُ مُبْغَضٌ عِنْدك.

وأَبْغَضُوهُ ، أَي مَقَتُوهُ ، فهو مُبْغَضٌ.

وبَغِيضُ بنُ رَيْثِ بنِ غَطَفَانَ بنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عَيْلَانَ : أَبُو حيٍّ مِنْ قَيْسِ.

والتَّبْغِيضُ ، والتَّبَاغُضُ ، والتَّبَغُّضُ : ضِدُّ التَّحْبِيبِ ، والتَّحابُبِ ، والتَّحَبُّبِ ، تقولُ : حَبُبَ إِليَّ زَيْدٌ : وبَغُضَ إِليَّ عَمْرٌو ، وتَحَبَّبَ لي فُلانٌ ، وتَبَغَّضَ لي أَخُوه. وما رَأَيْتُ أَشَدَّ تَبَاغُضاً منهما ، ولَمْ يَزَالا مُتَبَاغِضَيْنِ.

وبَغِيضُ التَّميمِيُّ الحَنْظَلِيّ غَيَّرَ النبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم اسْمَهُ حِينَ وَفَدَ عليه بحَبِيبٍ ، تَفَاؤُلاً.

* ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه :

البِغْضَةُ ، بالكَسْرِ : القَومُ يَبْغَضُونَ ، قاله السُّكَّرِيّ في شَرْحِ قَوْل سَاعِدَةَ بنِ جُؤيَّةَ :

ومِنَ العَوَادي أَنْ تَقَتْكَ بِبِغْضَةٍ

وتَقَاذُفٍ منها وأَنَّكَ تُرْقَبُ.

قال ابنُ سِيدَه : فَهُوَ على هذا جَمْعٌ ، كغِلْمَةٍ وصِبْيَةٍ ، ولو لا أَنَّ المَعْهُودَ من العَرَبِ أَن لا تَتَشَكَّى من مَحْبُوبٍ بِغْضَةً في أَشْعارِهَا لَقُلْنَا إِنَّ البِغْضَةَ هُنَا الإِبْغاضُ.

وبَغَّضَهُ اللهُ إِلى الناسِ ، فهُوَ مُبَغَّضٌ : يُبْغَضُ كَثِيراً.

والبَغَاضَةُ : شِدَّةُ البُغْضِ ، قال مَعْقِلُ بنُ خُوَيْلِدٍ الهُذَلِيّ :

أَبَا مَعْقِلٍ لا تُوطِئَنْكَ بَغَاضَتِي

رُؤُوسَ الأَفَاعِي مِن مَرَاصِدِها العُرْمِ

والبَغُوضُ : المُبْغِضُ ، أَنْشَدَ سِيبَوَيْه :

ولكِنْ بَغُوضٌ أَن يُقَالَ عَدِيمُ (٦)

قلتُ : وفيه دَلِيلٌ قَوِيٌّ لِمَا ذَهَبَ إِليه ثَعْلَبٌ من أَنَّ بَغَضْتُه لُغَةٌ ، لأَنَّ فَعُولاً إِنَّمَا هي في الأَكْثَرِ عن فاعِلٍ لا مُفْعِلٍ وقيل : البَغِيضُ المُبْغِضُ والمُبْغَضُ جَمِيعاً ، ضِدٌّ.

والمُبَاغَضَةُ : تَعَاطِي البَغْضَاءِ ، وقد بَاغَضْتُه. أَنْشَد ثَعْلبٌ :

يَا رُبَّ مَوْلًى سَاءَنِي مُبَاغِضِ

عَلَيَّ ذِي ضِغْنٍ وضَبَّ فَارِضِ

له قُرُوءٌ كقُرُوءِ الحَائِضِ (٧)

__________________

(١) سورة المائدة الآية ٩١.

(٢) ضبطت اللفظتان بغض وتعس بفتح وكسر ثانيهما عن القاموس ، والعبارة في اللسان : وأهل اليمن يقولون : «بَغُضَ جدّك كما يقولون عَثَر جدّك».

(٣) في الأساس : أنعم.

(٤) في اللسان والأساس : وأبغض.

(٥) سورة الشعراء الآية ١٦٨.

(٦) كتاب سيبويه ونسب فيه لمزاحم العقيلي وصدره فيه ٢ / ٢٩٨.

فرطن لا ردّ لما بتّ وانقضى

قال الشنتمري : وصف كبره وذهاب شبابه وقوته وفتوته فيقول : فرطن أي ذهبن وتقدمن ، فلا ردّ لما فات منهن.

(٧) بهامش اللسان : قوله : وضب فارض ، الضب : الحقد ، والفارض.

١٦

والبَغِيضُ : لَقَبُ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّادِق ، يُقَالُ لِوَلَدِهِ بَنُو البَغِيضِ.

[بوض] : بَاضَ بَوْضاً ، أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال ابن الأَعْرَابِيّ ، أَي أَقَامَ بالمَكَانِ ولَزِمَ.

وبَاضَ بَوْضاً إِذا حَسُنَ وَجْهُهُ بَعْدَ كَلَفٍ ، ومِثْلُه بَضَّ يَبِضُّ.

[بهض] : بَهَضَنِي هذا الأَمْرُ ، كمَنَعَ ، أَهملَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وكَذلِكَ أَبْهَضَنِي ، بالأَلِفِ ، وهي لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ ، كَذا نَقَلَه ابنُ عَبّادٍ عن الخَارْزَنْجِيّ. وقال أَبو تُرَابٍ : سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا من أَشْجَعَ يَقُولُ : بَهَضَنِي الأَمْرُ وبَهَظَنِي ، أَي فَدَحَنِي. قَال الأَزْهَرِيّ : ولم يُتَابِعْهُ عَلَى ذلِكَ أَحَدٌ. قُلْتُ : ولِذَا قَالَ المُصَنِّفُ : وبالظَّاءِ أَكْثَرُ.

وفي اللِّسَانِ : البَهْضُ : ما شَقَّ عَليْكَ ، عن كُرَاع ، وهي عَرَبِيَّةٌ البَتَّةَ.

[بيض] : الأَبْيَضُ : ضِدُّ الأَسْوَدِ ، من البَيَاضِ ، يَكُونُ ذلِكَ في الحَيَوَانِ والنَّبَاتِ وغيْرِ ذلِكَ مِمَّا يَقبَلُهُ غيْرُه ، وحَكَاه ابنُ الأَعْرَابِيّ في الماءِ أَيْضاً ، ج بِيضٌ ، بالكَسْرِ ، قال الجَوْهَرِيُّ : وأَصْلُهُ بُيْضٌ ، بالضَّمِّ ، أَبْدَلُوه بالكَسْرِ لتَصِحَّ الياءُ.

والأَبْيَضُ ، السَّيْفُ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ ، أَيْ لِبَيَاضِهِ. قال المُتَنَخِّلُ الهُذَلِيّ :

شَرِبْتُ بجَمِّه وصَدَرْتُ عَنْه

بأَبْيَضَ صَارِمٍ ذَكَرٍ إِباطِي

والْأَبْيَضُ : الْفِضَّةُ ، لِبَيَاضِهَا ، ومِنْه‌ الحَدِيثُ : «أُعْطِيتُ الكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ والأَبْيَضَ» ‌هُمَا الذَّهَبُ والفِضَّةُ (١).

والْأَبْيَضُ : كَوْكَبٌ في حَاشِيَةِ المَجَرَّةِ ، نَقَلَه الصَّاغَانِيّ.

ومن المَجَاز : الْأَبْيَضُ : الرَّجُلُ النَّقِيُّ العِرْضِ. قال الأزْهَريّ : إِذا قالَتِ العَرَبُ فُلانٌ أَبْيَضُ ، وفُلانَةُ بَيْضَاءُ ، فالمَعْنَى نَقَاءُ العِرْضِ من الدَّنَسِ والعُيُوبِ ، من ذلِكَ قَوْلُ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى يَمْدَحُ هَرِمَ بنَ سِنَانٍ :

أَشَمُّ أَبْيَضُ (٢) فَيّاضٌ يُفَكِّك عَنْ

أَيْدِي العُنَاةِ وعَن أَعْنَاقِهَا الرِّبَقَا

وقال ابنُ قَيْس الرُّقيّاتِ في عَبْدِ العَزيزِ بْن مَرْوانَ :

أَمُّكَ بَيْضَاءُ مِنْ قُضَاعَةَ في ال

بَيْتِ الَّذِي يُسْتَظَلُّ في طُنُبِهْ

قال : وهذا كَثِيرٌ في [كلامهم و] شِعْرِهم ، لا يُرِيدُون به بَيَاضَ اللَّوْنِ ، ولكِنَّهُم يُرِيدُون المَدْحَ بالكَرَمِ ، ونَقَاءِ العِرْضِ من العُيُوبِ [والأدناس] (٣).

وإِذَا قَالُوا : فُلانٌ أَبْيَضُ الوَجْهِ ، وفُلانَةُ بَيْضَاءُ الوَجْهِ ، أَرادُوا نَقَاءَ اللَّوْنِ من الكَلَفِ والسَّوَادِ الشَّائِنِ. قَال الصَّاغَانِيّ : وأَمَّا قَوْلُ الشَّاعِر :

بِيضٌ مفارِقُنَا تَغْلِي مَرَاجِلُنَا.

نَأْسُو بأَمْوالِنَا آثَارَ أَيْدِينا (٤)

فإِنَّهُ قِيلَ فيه مِائَتا قَوْلٍ ، وقد أُفْرِدَ لِتَفْسِيرِ هذَا البَيْتِ كِتَاب. والبَيْتُ يُروَى لِمِسْكِين الدَّارِميّ ، وليْسَ لَهُ. ولِبَشامَةَ ابْن حَزْنٍ النَّهْشَلِيّ. ولبَعْضِ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَة ، كذا في التَّكْمِلَةِ ، وفي العُبَاب : سَمِعْتُ وَالِدِي ، المَرْحُوم ، بغَزْنَةَ في شُهُورِ سَنَةِ نَيِّفٍ وثَمَانِينَ وخَمْسَمائةٍ يَقُولُ : كُنتُ أَقْرَأُ كِتَابَ الحَمَاسَةِ لابِي تَمّامٍ على شَيْخِي بغَزْنَةَ ، ففَسَّرَ لي هذا البَيْتَ ، وأَوَّلَ لي قَولَهُ : بِيضٌ مَفَارِقُنا مِائَتَيْ تَأْوِيلٍ ، فاسْتَغْرَبْتُ ذلِكَ حَتَّى وَجَدْتُ الكِتَابَ الَّذِي بُيِّنَ فيه هذِه الوُجُوهُ ببَغْدَادَ في حُدُودِ سَنَة أَرْبَعِينَ وسِتَّمِائةٍ ، والحَمْدُ لله على نِعَمِه.

قُلْتُ : وأَبْيَضُ الوَجْهِ : لَقَبُ أَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ ابن مُحَمَّدٍ ، أَبِي البَقَاءِ جَلالِ الدين البَكْرِيّ المُتَوَفَّى سنة‌

__________________

القديم وقيل العظيم. وقوله : له قروء يقول : لعداوته أوقات تهيج فيها مثل وقت الحائض.

(١) انظر النهاية : بيض ، ١ / ١٧٢.

(٢) في الديوان : أغرّ أبيض.

(٣) زيادة عن التهذيب.

(٤) البيت في شرح ديوان الحماسة للتبريزي ١ / ٥٣ ونسبها لبعض بني قيس بن ثعلبة ، قال : ويقال إنها لبشامة بن حزن النهشلي. من أبيات مطلعها :

إنا محبوك يا سلمى فحبينا

وإن سقيت كرام الناس فاسقينا

ويروى : بيض معارقنا ، قال : والأشهر بيض مفارقنا.

١٧

٩٥٢ المَدْفُون ببِرْكَةِ الرَّطْلِيّ ، وهو جَدُّ السَّادةِ المَوْجُودِين الآنَ بِمِصْرَ.

والأَبْيَضُ : جَبَلُ العَرْجِ ، على جَادَّةِ الحَاجِّ ، بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ.

والأَبْيَضُ : جَبَلٌ بِمَكَّةَ ، شَرَّفَهَا الله تَعالَى ، مُشرِفٌ على حُقِّ أَبي لَهَبٍ ، وحُقِّ إِبراهِيم بْنِ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ ، وكان يُسَمَّى في الجاهِليَّةِ المُسْتَنْذر ، قاله الأَصْمَعِي.

والأَبْيَضُ : قَصْرٌ لِلْأَكَاسِرَةِ بالمَدَائِنِ كَانَ مِنَ الْعَجَائِبِ ، لَمْ يَزَلْ قَائِماً إلى أَنْ نَقَضَهُ المُكْتَفِي بالله العَبّاسِيُّ ، في حُدُودِ سنة ٢٩٠ وبَنَى بِشُرَافَتهِ أَسَاسَ التَّاجِ الَّذِي بدَارِ الخِلافَةِ ، وبأَسَاسِهِ شُرَافاتِهِ ، فتُعُجِّبَ من هذا الانْقِلَابِ ، وإِيَّاه أَرادَ البُحْتُرِيّ بقَوْلِه :

 وَلَقَدْ رَابَنِي نُبُوُّ ابْنِ عَمِّي

بَعْدَ لِينٍ مِن جانِبَيْهِ وأُنْسِ

وإِذا ما جُفِيتُ كُنْتُ حَرِيًّا

أَن أُرَى غيْرَ مُصْبِح حَيْثُ أُمسِي

حَضَرَتْ رَحْلِيَ الهُمُومُ فوَجَّه

تُ إِلَى أَبْيَضِ المَدَائِنِ عَنْسِي

أَتَسَلَّى عَنِ الحُظوظِ وآسَى

لمَحَلٍّ من آلِ سَاسَانَ دَرْسِ

ذَكَّرَتْنِيهُمُ الخُطُوبُ التَّوَالِي

ولَقَدْ تُذْكِرُ الخُطُوبُ وتُنْسِي

والأَبْيَضَانِ : الَّلَبَنُ والماءُ ، نقله الجوْهَرِيُّ عن ابْنِ السِّكِّيت. وأَنْشَدَ لِهُذيْلِ بْنِ عَبْدِ الله الأَشْجَعِيّ :

ولكِنَّما يَمْضِي لِيَ الحَوْلُ كَامِلاً (١)

وما لِيَ إِلاَّ الأَبْيَضَيْنِ شَرَابُ

من الماءِ أو مِنْ دَرِّ وَجْناءَ ثَرَّةٍ

لهَا حَالِبُ لا يَشْتَكِي وحِلَابُ

أو الشَّحْمُ واللَّبَنُ ، قالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. أَو الشَّحْمُ والشَّبَابُ ، قاله أَبُو زيْد وابنُ الأَعْرَابِيّ ، ومنه قَولُهُم : ذَهَبَ أَبْيَضَاهُ. أَو الخُبْزُ والْمَاءُ ، قاله الأَصْمَعِيُّ وَحْدَه. أَو الحنْطَةُ والمَاءُ.

قاله الفَرّاءُ.

وقال الكِسَائِيّ : يُقَال : مَا رَأَيْتُه مُذْ أَبْيَضَانِ ، أي مُذْ شَهْرانِ أوْ يَوْمانِ ، وذلِكَ لبَيَاضِ الأَيّامِ ، وعلى الأَخِيرِ اقْتَصَر الزَّمَخْشَرِيّ. و‌في الحَدِيث : «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَظْهَرَ المَوْتُ الأَبْيَضُ والأَحْمَرُ» ‌، الأَبْيَضُ : الفَجْأَةُ ، أَيْ ما يَأْتِي فَجْأَةً ولم يَكُنْ قَبْلَهُ مَرَضٌ يُغَيِّر لَوْنَه. والأَحْمَرُ : المَوْتُ بالقَتْلِ لأَجْلِ الدَّمِ. وقِيلَ مَعْنَى البَيَاضِ فيهِ خُلُوُّه مِمَّا يُحْدِثُهُ مَنْ لا يُعَاقِصُ مِنْ تَوْبَةٍ ، واسْتِغْفَارٍ ، وقَضَاءِ حُقُوقٍ لازِمَةٍ ، وغيْرِ ذلِكَ ، من قَوْلهِم : بَيَّضْتُ الإِنَاءَ ، إِذا فَرَّغْتَهُ ، قاله الصَّاغَانيّ.

والْأَبَايِضُ ، ضَبَطَه هُنَا بالضَّمِّ ، والإِطْلاق هُنَا وفي أ ب ض يَدُلّ على أَنَّه بالفَتْح ، وهو الصَّوابُ فإِنَّ يَاقُوتاً قال في مُعْجَمِه كأَنَّه جَمْعُ بَايِضٍ (٢). وقد تَقَدَّمَ أَنَّه هَضَبَاتٌ يُوَاجِهْنَ ثَنِيَّةَ هَرْشَى.

والبَيْضَاءُ : الدَّاهِيَةُ ، نَقَله الصَّاغَانِيّ ، وكَأَنَّه على سَبِيلِ التَّفاؤُلِ ، كما سَمَّوُا اللَّدِيغَ سَليماً.

والْبَيْضَاءُ : الحِنْطَةُ وهي السَّمْرَاءُ أَيْضاً.

والبَيْضَاءُ أَيْضاً : الرَّطْبُ من السُّلْتِ ، قاله الخَطَّابِيّ.

وفي حَديثِ سَعْدٍ (٣) : «سُئِلَ عن السُّلْتِ بالبَيْضَاءِ فكَرِهَهُ» ‌، أَي لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ ، وخَالَفَهُ غيْرُهُ ، وعَلى قَوْلِ الخَطَّابيّ كرِهَ بَيعهُ باليَابِسِ منه ، لأَنَّهُ مِمّا يَدْخُلُه الرِّبَا ، فلا يَجُوزُ بَعْضُهُ ببَعْض إِلاّ مُتَمَاثِلَيْنِ ، ولا سَبِيلَ إِلى مَعْرِفَةِ التَّمَاثُلِ فِيهِمَا وأَحَدُهُمَا رَطْبٌ والآخَرُ يَابِسٌ ، وهذا‌ كقَوْلِهِ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أَيَنْقُصُ الرَّطْبُ إِذا يَبِسَ؟ فقِيلَ لَهُ : نَعَمْ. فَنَهَى عَنْ ذلِكَ» ‌والسُّلْتُ بَيْنَ الحِنْطَةِ والشَّعيرِ ، لا قِشْرَ له.

والبَيْضَاءُ : الخَرَابُ (٤) من الأَرْضِ ، وهُوَ‌ في حَدِيثِ ظَبْيَانَ ، وذَكَرَ حِمْيَرَ ، قال : «وكانَتْ لَهُمُ البَيْضَاءُ والسَّوْدَاءُ» ‌، أَرادَ الخَرَابَ والعَامِرَ من الأَرْضِ ، لأَنَّ المَوَاتَ مِنَ الأَرْضِ يَكُونُ أَبْيَضَ ، فإِذا غُرِسَ فيه الغِرَاسُ اسْوَدَّ واخْضَرَّ.

والبَيْضَاءُ : القِدْرُ ، عن أَبِي عَمْرٍو ، كأُمّ بَيْضَاءَ ، عنه أَيْضاً ، وأَنْشَدَ :

__________________

(١) صدره في التهذيب :

ولكنه يأتي إلى الحول كله

(٢) في معجم البلدان : أبيض ، وقد تقدم.

(٣) كذا بالأصل والنهاية واللسان ، وجاء في التكملة : «وسئل سعيد عن السُّلْت ...».

(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : الجِرابُ.

١٨

وإِذْ ما يُرِيحُ النَّاسُ صَرْماءُ جَوْنَةٌ

يَنُوسُ عَليْهَا رَحْلُهَا ما يُحَوَّلُ

فَقُلْتُ لَهَا : يا أَمَّ بَيْضَاءَ فِتْيَةٌ

يَعُودُكِ منهم مُرْمِلُون وعُيَّلُ

والْبَيْضَاءُ : حِبَالَةُ الصَّائِد ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ ، وأَنشد :

وبَيْضَاءَ مِنْ مَالِ الفَتَى إِنْ أَرَاحَهَا

أَفَادَ وإِلاَّ مالُه مالُ مُقْتِرٍ

يقول : إِنْ نَشِبَ فِيهَا عَيْرٌ فجَرَّهَا بَقِيَ صَاحِبُهَا مُقْتِراً.

والبَيْضَاءُ : فَرَسُ قَعْنَبِ بْنِ عَتَّاب بنِ الحارِثِ.

والبَيْضَاءُ : دارٌ بالبَصْرَةِ لعُبَيْدِ الله بْنِ زِيَاد ابنِ أَبِيه.

والبَيْضَاءُ : بَيْضَاءُ البَصْرَةِ ، وهيَ المُخَيَّس ، هكذا نَقَلَهُ الصَّاغَانِيّ. ويُفْهَم من سِيَاقِ المُصَنّف أَنَّ المُخَيَّس هو دَارُ عُبَيْدِ اللهِ ، وليْسَ كَذلِكَ. ويَدُلُّ لِذلِكَ‌ قَوْلُ سَيِّدِنا عَلِيٍّ رضِيَ الله عنه فيما رُويَ عنه :

أَمَا تَرَانِي كَيِّساً مُكيَّسَا

بَنَيْتُ بَعْدَ نَافِعٍ مُخَيَّسَا

قالَ جَحْدَرُ المُحْرِزِيّ ، اللِّصّ ، وكان قد حُبِسَ فيها :

أَقُولُ للصَّحْبِ والبَيْضَاءِ دُونكُمْ (١)

مَحلّةً سَوَّدَتْ بَيْضَاءَ أَقْطَارِي

والبَيْضَاءُ : أَرْبَعُ قُرًى بمِصْرَ ، اثْنَتَانِ مِنْهَا في الشَّرْقِيَّةِ ، ووَاحِدَةٌ من أَعْمَالِ جَزِيرَةِ قويسنا (٢) ، وأخْرَى من ضَوَاحِي الأسْكَنْدَرِيّة ، إِحدَاهُنّ تُذْكَر مع المليصِ ، والّتِي في الشَّرْقِيّة تُذْكَر مع مجول.

والبَيْضَاءُ : د ، بفَارِسَ ، سُمِّيَ لِبَيَاضِ طِينهِ ، ومنه القاضِي ناصِرُ الدين ، عَبْدُ الله بن عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بن عليٍّ البَيْضَاوِيّ المُفَسِّر ، تُوُفِّيَ بتْبرِيز سنة ٦٩١ وأَبُو الأَزْهَرِ عَبْدُ الوَاحِد بنُ مُحَمَّدِ بن حبّان الأَصْطَخْرِيّ ، صاحب الرِّبَاط بالبَيْضَاءِ ، والقَاضِي أَبُو الحَسَن مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله ابْنِ أَحْمَد البَيْضَاوِيّ ، حَدَّث عنه أَبُو بَكْرٍ الخَطِيبُ.

والبَيْضَاءُ : كُورَةُ بالمَغْرِب.

والبَيْضَاءُ : ع ، بحِيمَى الرَّبَذَةِ ، وفيه يَقُولُ الشَّاعِرُ :

لقد مَاتَ بالْبَيْضَاءِ من جانِبِ الحِمَى (٣)

والْبَيْضَاءُ : ع بِالْبَحْرَيْنِ ، كان لعبْدِ القيْسِ ، وهو ثَغْرٌ دُونَ ثاج ، فيه نَخِيلٌ ومِيَاهٌ وأَحْسَاءٌ عَذْبَةٌ ، وقُصُورٌ في حُدْودِ الخَطِّ ، وتُعْرَف ببَيْضَاءَ بَنِي جَذِيمَةَ. قال أَبو سَعِيد : وقد أَقمْتُ به مع القَرَامِطَة قَيْظَةً.

والْبَيْضَاءُ : عَقَبَةٌ بجَبَلٍ يُسَمَّى المَنَاقِب.

والْبَيْضَاءُ : مَاءُ بنَجْدٍ ، لبَنِي مُعَاوِيَةَ بن عُقيْل ، ومعهم فيه عامِرُ بنُ عُقيْلٍ.

والْبَيْضَاءُ : د ، خَلْفَ بابِ الأَبْوَابِ بِبِلادِ الخَزَرِ.

والبَيْضاءُ : اسْمٌ لحَلَبَ الشَّهْبَاءِ ، يُقَال لَهَا ذلِكَ ، كما يُقَالُ لَهَا الشَّهْبَاءُ.

والبَيْضَاءُ : ع ، بالقَطِيفِ ، وهُوَ قُرَيّاتٌ (٤) في رَمْلٍ فيها النَّخْلُ.

والبَيْضاءُ : عَقَبَةٌ ، وفي التَّكْمِلَة : ثَنِيَّةُ التَّنْعِيمِ.

والبَيْضَاءُ : مَاءٌ لِبَني سَلُول.

و‌قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ : «رَأَيْتُ في عامٍ كَثُرَ فيه الرِّسْلُ ، الْبَيَاض أَكْثَر من السَّوادِ» ‌أَي اللَّبَن أَكثَر من التَّمْر.

والْبَيَاضُ : لَوْنُ الْأَبْيَض ، كالبَيَاضَةِ ، كما قَالُوا : مَنْزِلٌ ومَنْزِلَةٌ ، كما في الصّحاح ، وزَادَ في العُبَاب : ودَارٌ ودَارَهٌ.

والبَيَاضُ : ع ، باليَمَامَةِ.

والبَيَاضُ : حِصْنٌ باليَمَنِ.

والْبَيَاضُ : أَرضٌ بنَجْدٍ لبَنِي عَامِر بنِ عُقَيْل. (٥)

وبَنُو بَيَاضَةَ : قَبِيلَةٌ من الأَنْصَارِ. ومنه‌ حَدِيثُ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ ، رَضِيَ الله عَنه : «إِنَّ أَوَّلَ جُمْعَةٍ جُمِعَتْ في الإِسْلامِ بالمَدِينَةِ في هَزْم بَنِي بَيَاضَةَ». قلتُ : وَهُوَ بَيَاضَةُ بن عَامِرِ ابنِ زُرَيْقِ بنِ عَبْدِ حَارِثَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ زيْدِ مَنَاةَ ، من وَلَدِ جُشَمَ بْنِ الخَزْرَجِ. منْ وَلَدِهِ زِيَادُ بنُ لَبِيدٍ ، وفَرْوَةُ‌

__________________

(١) في معجم البلدان : «في البيضاء : دونكم».

(٢) في معجم البلدان : قوسَنِيّا.

(٣) عجزه في معجم البلدان :

فتى كان زيناً للمواكب والشرب

(٤) عن معجم البلدان وبالأصل «قريان».

(٥) في معجم البلدان. لبني كعب بن عامر بن صعصعة‌

١٩

ابنُ عَمْرٍو ، وخَالِدُ بنُ قيْسٍ ، وغَنَّامُ بنُ أَوْسٍ ، وعَطِيَّةُ ابنُ نُوَيْرةَ ، الصَّحَابِيُّون ، رَضِيَ الله عنهُم.

وتَقُولُ : هذا أَشَدُّ بَيَاضاً مِنْه ، ويُقَالُ أَيْضاً : هذَا أَبْيَضُ مِنْه ، وهو شَاذُّ كُوفيّ. قال الجَوْهَرِيّ : وأَهْلُ الكُوفَةِ يَقُولُونَه ، ويَحْتَجُّون بقَوْلِ الرَّاجِزِ :

جَارِيَةُ في دِرْعِها الفَضَاض

أَبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَنِي إِبَاض.

قال المُبَرَّد : البَيْتُ الشَّاذُّ ليْسَ بحُجَّةٍ على الأَصْل المُجْمَعِ عليه.

قال : وأَمّا قَوْلُ الآخِرِ :

إِذا الرَّجَالُ شَتَوْا واشْتَدَّ أَكْلُهُمْ

فَأَنْتَ أَبْيَضُهُمْ سِرْبالَ طَبَّاخِ (١)

فَيَحْتَمِلُ أَن لا يَكُونَ بمَعْنَى أَفْعَلَ الَّذِي تَصْحَبُه مِنْ لِلْمُفَاضَلَةِ ، وإِنَّمَا هو بمَنْزِلَة قَوْلك : هو أَحْسَنُهم وَجْهاً وأَكْرَمَهُم أَباً ، تُريد : حَسَنُهُمْ وَجْهاً وكَرِيمُهُم أَباً ، فكَأَنَّه قال : فَأَنْتَ مُبْيَضُّهُم سِرْبالاً ، فَلَمَّا أَضافَهُ انْتَصَبَ مَا بَعْدَه عَلَى التَّمْيِيِز. انْتَهَى.

قُلتُ : البَيْتُ لِطَرَفَةَ يَهْجُو عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ ، ويُرْوَى :

إِن قُلتَ نَصْرٌ فنَصْرٌ كانَ شَرَّ فَتًى

قدْماً وأَبْيَضَهُم سِرْبَالَ طبَّاخِ

وهكذا رَوَاه صَاحِبُ العُبَاب.

والْبَيْضَةُ وَاحِدَةُ بَيْضِ الطَّائِرِ ، سُمِّيَتْ لِبَيَاضِهَا ، ج بُيُوضٌ ، بالضَّمِّ ، وبَيْضَاتٌ ، وبَيْضٌ. قال عُمْرو بنُ أَحْمَرَ :

أَرِيهِمْ سُهَيْلاً والمَطِيُّ كأَنَّهَا

قَطَا الحَزْنِ قد كانَتْ فِرَاخاً بُيُوضُهَا

قال الصَّاغَانِيّ : ولا تُحَرَّك اليَاءُ من بَيْضَاتٍ إِلاَّ في ضَرورةِ الشَّعْرِ ، قال :

أخُو (٢) بَيَضَاتٍ رائحٌ مُتَأَوَّبٌ

رَفيقٌ بِمَسْحِ المَنْكِبَيْنِ سَبُوحُ

وكَذلِكَ البَيْضَةُ وَاحدَةُ الْبَيْضِ من الحَدِيدِ ، على التَّشبِيهِ بِبَيْضَةِ النَّعَامِ ، قاله أَبو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بنُ المُثَنَّى التَّيْميّ في كِتَاب «الدُّروع» ، وأَنشد فيه :

كَأَنَّ نَعامَ الدَّوِّ بَاضَ عَليْهِمُ

وأَعْيُنُهُمْ تَحْتَ الحَبِيكِ حَوَاجِرُ

وقال آخَر :

كأَنَّ النَّعَامَ بَاضَ فوقَ رُؤُوسِنَا

بنِهْيِ القِذَافِ أَو بنِهْيِ مُخَفَّقِ

وقال فيه : البَيْضَةُ : اسمٌ جَامِعٌ لِمَا فِيهَا من الأَسْمَاءِ والصَّفات الَّتِي مِن غيْرِ لَفْظها ، ولَهَا قَبائِلُ وصَفَائِحُ كقبَائلِ الرَّأْسِ ، تُجْمَعُ أَطْرَافُ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ بِمَسَامِيرَ يَشُدُّونَ طَرَفَيْ كُلِّ قَبِيلَتْينِ. قال : ورُبما لم تَكُنْ مِنْ قبَائِلَ ، وكانَت مُصْمَتَةً مَسْبُوكَةً من صَفِيحَةٍ وَاحِدَةٍ ، فيُقَالُ لها صَمّاءُ. ثمّ أَطالَ فِيَها.

والبَيْضَةُ : الخُصْيَةُ ، جَمْعُه بِيضَانٌ ، بالكَسْرِ.

ومن المَجَازِ : الْبَيْضَةُ : حَوْزَةُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ ، يُقَال : اسْتُبِيحَتْ بَيْضَتُهُم ، أَي أَصْلُهُم ومُجْتَمَعُهُم ، ومَوْضِعُ سُلْطانِهِم ، ومُسْتَقَرُّ دَعْوَتِهِم.

والْبَيْضَةُ : سَاحَةُ القَوْمِ. قال لَقيطُ بنُ مَعْبَدٍ :

يا قَوْم بَيْضَتُكُمْ لا تُفْضَحُنَّ بِها

(٣) إِنَّي أَخافُ عَليْهَا الأَزْلمَ الجَذَعَا

يقول : احْفَظُوا عُقْرَ دَارِكُمْ. والأَزلَمُ الجَذَعُ : الدَّهْرُ ، لأَنَّهُ لا يَهْرَم أَبَداً.

وبَيْضَةُ الدارِ : وَسَطُها ومُعْظَمُهَا. وبَيْضَةُ الإِسْلامِ : جَمَاعَتُهُم : وبَيْضَةُ القَوْمِ : أَصْلُهُم ومُجْتَمَعُهُم. يقال : أَتَاهم العَدُوُّ في بَيْضَتِهِمْ. وَبَيْضَةُ القَوْمِ : عَشِيرَتُهم.

وقال أَبُو زيْدٍ : يُقَال لوَسَطِ الدَّارِ : بَيْضَةٌ ، ولجَمَاعَةِ المُسْلِمينَ : بَيْضَةٌ.

__________________

(١) البيت لطرفة يهجو عمرو بن هند وروايته في ديوانه :

أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم

لؤماً وأبيضهم سربال طبّاخ

(٢) في اللسان : أبو بَيَضات. قال ابن سيده في هذا القول : شاذ لا يعقد عليه باب ، لأن مثل هذا لا يحرك ثانيه.

(٣) ويروى : لا تُفجعُنَّ بها.

٢٠