تاج العروس - ج ٩

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي

تاج العروس - ج ٩

المؤلف:

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي


المحقق: علي شيري
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٦

١

٢

فصل النون مع السين

[نأَمس] :

* ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

النَّأْمُوسُ ، يُهْمَز ولا يُهْمَز : قُتْرَةُ الصّائدِ. هُنَا أَوْرَدَه صاحِبُ اللِّسَانِ ، وأَهْمَلَه الجَماعَةُ ، وسَيَأْتِي للمُصَنِّف في «ن م س».

[نبرس] : النِّبْرَاسُ ، بالكَسْرِ : الْمِصْباحُ ، كما في الصّحاح ، والنُّونُ أَصْلِيَّة ، وقالَ ابنُ جِنِّي : هو نِفْعَالٌ ، مِن البِرْسِ ، وهو القُطْنُ ، والنُّون زائِدَةٌ ، قالَ شيخُنَا : ورَدَّه ابنُ عُصْفُورٍ بأَنَّه اشْتِقَاقٌ ضَعِيفٌ.

والنِّبْراسُ : السِّنَانُ العَرِيضُ.

والنَّبَارِيسُ : شِبَاكٌ لِبَنِي ، كُلَيْب (١) وهي الآبارُ المُتَقَارِبَةُ ، قاله السُّكَّرِيُّ ، وأَنْشَدَ قولَ جَرِيرٍ :

هَلْ دَعْوَةٌ من (٢) جِبَالِ الثَّلْجِ مُسْمِعَةٌ

أَهْلَ الإِيَادِ وحَيًّا بالنَّبارِيسِ

* ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

النِّبْراسُ : الأَسَدُ ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ في التَّكْملَة.

وابنُ نِبْرَاسٍ : اسمُ رَجُلٍ ، عن ابنِ الاعْرَابِيّ ، وأَنشد :

اللهُ يَعْلَمُ لَوْلَا أَنَّنِي فَرِقٌ

مِنَ الأُمُورِ لَعَاتَبْتُ ابْنَ نِبْرَاسِ

والنَّبْرِيسُ ، بالفَتْحِ : الحاذِقُ المُتَبَصِّرُ.

[نبس] : نَبَسَ يَنْبِسُ نَبْساً ونُبْسَةً ، الأَخِيرُ بالضَّمِّ ، أَي تَكَلَّمَ وتَحَرَّكتْ شَفَتَاه بشَيْ‌ءٍ ، وهو أَقَلُّ الكَلامِ يقال : ما نَبَسَ ولا رَتَمَ. وقال أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ : السِّينُ في أَوّلِ سِنْبِسٍ زائدةٌ ، يقال : نَبَسَ ، إِذا أَسْرَعَ والسِّين مِن زوائِد الكَلام. قلتُ : وهذا غَرِيبٌ ، فَإِنَّ السِّينَ تُزَاد أَوّلاً مع التاءِ ، كما في استفعل ، وأَمّا بغيرِها فنادِرٌ.

قال : ونَبَسَ الرَّجُلُ ، إِذا تَكَلَّم فَأَسْرَعَ.

وقِيلَ : نَبَسَ ، إِذا تَحَرَّكَ ، عن ابنِ عَبّادٍ.

وأَكْثَرُ ما يُسْتَعْملُ في النَّفْيِ ، إِنّما قال بالأَكْثَرِيَّةِ وعَدَل عن قولِ غَيْرِه «ولم يُسْتَعْمل إِلاّ في النَّفْي» إِشارَةً إِلى ما سَبق في قول أَبي عُمَرَ الزَّاهِدِ حيثُ ذَكَرَه في الإِثْبَات دُونَ الجَحْدِ.

ويُقَال : هو أَنْبَسُ الوَجْهِ ، أي عابِسُهُ كَريهُهُ ، قالَ ابنُ فارِسٍ : فيه نَظَرٌ.

وقال ابنُ الأعْرابِيّ : النُبُسُ ، بضمَّتَيْن : النّاطِقُون.

وأَيْضاً : المُسْرِعُونَ في حَوَائجِهِم.

* ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه :

نَبَّسَ الرجُلُ تَنْبِيساً ، إِذا تَكلَّم يقال : ما نَبَسَ بكَلِمَةٍ ، وما نَبَّسَ ، بالتَّشْديدِ ، ذَكَرَه الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ قولَ الرّاجِزِ :

إِنْ كُنْتَ غَيْرَ صائِدِي فنَبِّسِ

وإِنّمَا تَرَكَه المُصَنِّفُ اعْتِمَاداً على ما نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ في «ب ن س» قال اللِّحْيَانيُّ : بَنَّس وبَنَّشَ ، إِذا قَعَدَ ، وأَنْشَدَ :

إِن كُنْتَ غَيْرَ صائِدِي فبَنِّشِ

أَي اقْعُدْ ، قال الأَزْهَرِيُّ : وذِكْرُ الجَوْهَرِيِّ له في النُّونِ تَصْحِيفٌ ، وقد تقدَّم شيْ‌ءٌ من ذلكَ في «بنس» ، ويأْتي أَيضاً في «بنش».

وأَنْبَسَ الرّجُلُ : أَسْرَعَ ، ومنه قولُ القَائِل لأُمِّ سِنْبِسٍ في المَنَام :

إِذَا وَلَدْتِ سِنْبِساً فأَنْبِسِي

أَي أَسْرِعِي ، كما رَواهُ ابنُ الأَعْرَابِيِّ وأَبو عمرو (٣).

وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ أَيْضاً : أَنْبَسَ ، إِذا سَكَتَ ذُلًّا.

ومَنْبَسَةُ ، بالفَتْحِ : مَدينةٌ كبيرةٌ بأَرْضِ الزَّنْجِ ، نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ وياقُوتٌ.

والأَنْبَسَةُ (٤) : طائرٌ حادٌّ البَصَرِ حَسَنُ الصَّوْتِ ، يَتَوَلَّدُ من الشِّقِرَّاقِ والغُرَابِ ، يُشْبِه صَوْتُه صَوْتَ الحَمَلِ ، وقَرْقَرَتُه كالقُمْرِيِّ.

* ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :

[نبلس] نابُلُسُ ، هكذا يُكْتَبُ متَّصِلاً ، وأَصْلُه : نابُ لُس (٥) : بلدٌ مَشْهُورٌ بأَرْض فِلَسْطِينَ ، بَيْنَ جَبَلَيْنِ ، مستطيلٌ لا عَرْضَ له ، كثيرُ الماءِ ، بينَه وبينَ بيتِ المَقْدِسِ عَشْرَةُ فَرَاسخَ ، وله كُورَةٌ وَاسعَةٌ ، وبظاهِرِه جَبَلٌ يَعْتَقِدُ اليَهُودُ أَن الذَّبْحَ كَانَ عليه ، وعِنْدَهُم أَنَّ الذَّبيحَ إِسْحَاقُ ، ولَهُمْ في هذا الجَبَلِ اعْتِقادٌ عَظِيمٌ ، وهوَ مَذْكُورٌ في التَّوراةِ ، والسَّامِرَةُ ، تُصَلِّي‌

__________________

(١) عن معجم البلدان وبالأصل «كلب». (٢) بالأصل «وجبال» وما أثبتناه عن الديوان.

(٣) في اللسان : «أبو عمر».

(٤) في حياة الحيوان للدميري : الأنيس وتسمية الرماة الأنيسة.

(٥) نابُ لُس أي ناب الحية ، ولُس اسم حية عظيمة بلغتهم امتنعت بواد لهم قتلوها وانتزعوا نابها وعلقوها على باب هذه المدينة فقيل هذا ناب لس عن معجم البلدان (نابلس).

٣

إليه ، وبه عَيْنٌ تَحْتَ كَهْفٍ يَزُورُونَه ، وقَدْ نُسِبَ إِليه جَمَاعَةٌ من المُحَدِّثين ، والعَجَبُ من المصنِّف كيف تَرَكَ ذِكْرَه ، مع أَنّه يُورِدُه اسْتِطْرَاداً في مَوَاضِعَ من كتابِه.

[نتس] : ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :

نَتَسَهُ يَنْتِسُه نَتْساً : نَتَفَه : أَهْمَلَه الجَمَاعَةُ ، وأَوْرَدَه صاحِبُ اللِّسَانِ هكذا. قلتُ : ونقلَه أَيضاً ابنُ القَطّاعِ ، وقال : بالسِّين والشّين.

[نجس] : النَّجْسُ ، بالفتح ، وبه قَرَأَ بَعْضُهُم. إِنّما قَيَّدَه لِجَمْعِ اللُّغَاتِ الَّتِي يَذْكُرها بَعْدُ وهي النِّجْسُ ، بالكسر ، قالَ أبو عُبَيْدٍ : زعم الفَرَّاءُ أَنَّهُم إِذَا بَدَءُوا بالنَّجَسِ ولم يَذْكُرُوا الرِّجُسَ ، فَتَحُوا النُّونَ والجِيمَ ، وإِذا بَدءُوا بالرِّجْسِ ثُمَّ أَتْبَعُوه بالنّجس ، كَسَرُوا النونَ ، فهُمْ إِذا قالُوه مع الرِّجْسِ أَتْبَعُوه إِيّاه ، وقالُوا : رِجْسٌ نِجْسٌ ، كَسَرُوا لمَكانِ رِجْس ، وثَنَّوْا وجَمَعُوا ، كما قالُوا : جاءَ بالطِّمِّ والرِّمِّ ، فإِذا أَفْرَدُوا قالُوا : بالطَّمِّ ، ففَتَحُوا. قَالَ ابنُ سِيدَه : وكذلِكَ يَعْكِسُونَ فيَقُولُونَ : نِجْسٌ رِجْسٌ ، فيَقُولُونها بالكسرِ ، لمَكانِ رِجْسٍ ، الذي بَعْدَه ، فإِذا أَفْرَدُوه قالُوا : نَجَسٌ ، وأَمّا رِجْسٌ مُفْرَداً ، فمَكْسُورٌ على كُلِّ حالٍ ، هذا على مَذْهَبِ الفَرّاءِ. قال شَيْخُنا : واعْتَمَدَ الحَرِيرِيُّ في دُرَّةِ الغَوَّاصِ أَنه لا يَجِي‌ءُ إِلاّ إِتْبَاعاً لِرِجْسٍ ، والحَقُّ أَنَّه أَكْثَريُّ ، لقرَاءَةِ ابنِ حَيْوَةَ به في : (إِنَّمَا المُشْركُونَ نِجْسٌ) (١). قلتُ : وهو أَيْضاً قراءَةُ الحَسنِ بنِ عِمْرَانَ ونُبَيْحٍ وأَبِي وَاقِدٍ والجَرّاحِ وابنِ قُطَيْبٍ ، كما صَرَّح به الصّاغانِيُّ في التَّكْمِلَة والعُبَابِ ، والمُصَنِّف في البَصَائِر.

والنَّجَسُ بالتَّحْرِيك. والنَّجِسُ ، ككَتِفٍ ، وبه قَرَأَ الضَّحَاكُ ، قِيلَ : النَّجَسُ بالتَّحْرِيكِ يكونُ للواحِدِ والاثْنين والجَمْعِ والمؤنَّثِ ، بلُغةٍ وَاحدَةٍ ، رجُلٌ نَجَسٌ ، ورجُلانِ نَجَسٌ ، وقَوْمٌ نَجَسٌ. قال الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ) نَجَسٌ فإِذا كَسَرُوا ثَنَّوْا وجَمَعُوا وأَنَّثُوا فقالُوا : أَنْجَاسٌ ونَجِسَةٌ. وقال الفَرّاءُ : نَجَسٌ ، لا يُجْمَع ولا يُؤَنَّث. وقال أَبو الهَيْثَمِ في قَوْلِه تَعالَى : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ) نَجَسٌ ، أَي أَنْجَاسٌ أَخْبَاثُ. والنَّجُسُ مثْلُ عَضُدٍ ، قال الشِّهَابُ الخَفَاجيُّ ، كما وُجِدَ بخَطِّه ، بَعْدَ ما سَاقَ عِبَارَةَ المُصَنِّف هذه ، أَقول : بَيَّنَ أَنَّ نُونَه تُفْتَح وتُكْسَر مع سُكُونِ الجِيم ، بقَرِينَةِ قولِه «وبالتَّحْرِيك» أَي تَحْرِيكِ الجيمِ بفَتْحٍ ، لأَنّ التَّحْرِيك المُطْلَقَ ينصرفُ للفَتْحِ عنْدَ اللُّغَويِّينَ والقُرَّاء ، واسْتَغْنَى عن التَّصْرِيحِ بالسُّكُون ، لِدَلَالَة مَفْهُومِ التَّحْرِيك ، مع أَنّه الأَصْلُ ، فحاصِلُه أَنَّ فيه خَمْسَ لُغَاتِ : فَتْح النُّون وكَسْرهَا مع سُكُونِ الجيم ، والحَرَكَات الثَّلاث في الجِيم مع فَتْحِ النُّون. وتَوْضِيحُه ما في العُبَاب ، وعبارته : النَّجَسُ ، بفتحتين ، والنَّجِسُ ، بفتحٍ فكسرٍ ، والنَّجُسُ ، بفتحٍ فضَمٍّ ، والنَّجْسُ ، بفتحٍ فسُكونٍ ، والنِّجْسُ بكسرٍ فسُكُون : ضِدُّ الطاهِرِ ، وقد نَجُسَ ثَوْبِه ، كسَمِعَ وكَرُمَ ، نَجْساً ونَجَاسَةً.

وقال الرّاغبُ في المُفْرَدات ، وتَبِعَه المصنِّف في البَصَائِر : النَّجاسَةُ ضَرْبَانِ (٢) : ضَرْبٌ يُدْرَكُ بالحَاسَّةِ ، وضَرْبٌ يُدْرَك بالبَصِيرَةِ ، وعلى الثّانِي وَصَفَ الله به المُشْرِكِينَ في الآيَة المُتَقَدِّمة. قلْتُ : وذكرَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّه مَجَازٌ.

وأَنْجَسَهُ غَيْرُه ونَجَّسَه تَنْجِيساً نجَّسَ ، والفُقَهَاءُ يُفَرِّقُون بَيْنَ النَّجِسِ والمُتنَجِّسِ ، كما هو مُصَرَّحٌ به في مَحَلِّه.

و‌في الحَدِيثِ ، عن الحَسَنِ ، في رَجُلٍ زَنَى بامْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا ، فقال : «هُو أَنْجَسَهَا وهو أَحَقُّ بهَا». ودَاءٌ نَاجِسٌ ونَجِيسٌ ، ككَرِيم ، وكذا داءٌ عُقَامُ ، إِذا كان لا يُبْرَأُ منه. وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : أَعْيَا المُنَجِّسِين. قال الشاعِر :

وداءٌ قَدَ أَعْيَا بالأَطبَاءِ ناجِسُ (٣)

وقال ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّةَ :

والشَّيْبُ دَاءٌ نَجِيسٌ لا شِفَاءَ لَهُ

للْمَرْءِ كَانَ صَحِيحاً صائِبَ القُحَمِ (٤)

وتَنَجَّسَ : فَعَلَ فِعْلاً يَخْرُجُ (٥) به عَنِ النَّجَاسَةِ ، كما قيل : تَأَثَّمَ وتَحَرَّجَ وتَحَنَّثَ ، إِذا فَعَل فِعْلاً يَخْرُجُ به عن الإِثْمِ والحَرَجِ والحِنْثِ.

والتَّنْجِيسُ : اسمُ شَيْ‌ءٍ كانَت العَرَبُ تَفْعَلُه : وهو تَعْلِيقُ شيْ‌ءٍ من القَذَرِ أَوْ عِظَام الموْتَى أَو خِرْقَة الحائضِ ، كان يُعَلَّقُ علَى مَن يُخَافُ عَلَيْه من وَلُوعِ الجِنِّ بِه ، كالصِّبْيَان وغيرِهم ، ويَقُولُون : الجِنُّ لا تَقْرَبُهَا. وعِبَارَة الصّحاحِ :

__________________

(١) سورة التوبة الآية ٢٨.

(٢) نص المفردات : النجاسة : القذارة ، وذلك ضربان.

(٣) عجز بيت لأبي ذؤيب كما في الأساس وصدره فيها :

لشانئه طول الضراعة منهُمُ

وقد نبه إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.

(٤) بعده في الأساس : أي هو داء عياء للرجل الصحيح الجلد الذي إذا تقحم في الشدائد صاب فيها ولم يخطى‌ء.

(٥) على هامش القاموس عن نسخة ثانية : تحرّج.

٤

والتَّنْجِيسُ : شيْ‌ءٌ كانَت العربُ تفعلُه ، كالعُوذَةِ تَدْفَعُ بها العَيْنَ ، ومنه قَوْلُ الشاعر :

وعَلَّقَ أَنْجَاساً علَيَّ المُنَجِّسُ

قلْتُ : وصَدْرُه :

ولو كانَ عِنْدِي كاهِنَانِ وحَارِسٌ

وقال ابنُ الأَعْرَابيّ : من المَعَاذَاتِ : التَّميمَةُ والجُلْبَةُ والمُنَجّسَة. ويقال : المُعَوَّذُ مُنَجَّسٌ (١) ، قال ثَعْلَبٌ : قلت له : لِمَ قِيلَ للمُعَوَّذِ : مُنَجَّسٌ ، وهو مأْخُوذٌ من النَّجَاسَة؟

فقالَ : لأَنَّ للعَرَبِ أَفْعَالاً تُخَالِفُ مَعانِيهَا أَلْفَاظَهَا ، يُقَال ؛ فُلانٌ يَتَنَجَّسُ إِذا فَعل فِعْلاً يَخْرُج به مِن النَّجَاسَة ، وسَاقَ العِبَارَةَ الَّتي سُقْنَاهَا آنِفاً.

قلتُ : وسَبَقَ أَيضاً إِنْشَادُ قولِ العَجّاج في «ح م س» :

وَلَمْ يَهَبْنَ حُمْسَةً لأَحْمَسَا

ولَا أَخَا عَقَدٍ ولا مُنَجِّساً

ومن سَجَعَاتِ الأَسَاس : إِذا جاءَ القَدَرُ لَم يُغْنِ المُنَجِّمُ ولا المُنَجِّسُ (٢) ، ولا الفَيْلَسُوفُ ولا المُهَنْدِس (٢). قالَ وهو الَّذِي يُعَلِّقُ على الَّذِي يُخافُ عليه الأَنْجَاسَ ، مِن عِظَامِ المَوْتَى ونَحْوِهَا ، لِيَطْرُدَ الجِنَّ : لنُفْرَتِهَا من الأَقْذَارِ.

* ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه :

النَّجْسُ ، بالفَتْحِ ، وككَتِفٍ : الدَّنِسُ القَذِرُ مِن النّاسِ.

ودَاءٌ نَجِسٌ ، ككَتِفٍ : عَقِيمٌ ، وقد يُوصَفُ به صاحِبُ الداءِ ، وكذلِكَ في أَخَواتِه الّتِي ذَكَرَهَا المصنِّف.

والنَّجْسُ ، بالفَتْح : اتِّخَاذُ عُوذَةِ الصَّبِيِّ ، وقد نَجَسَ له ونَجَّسه : عَوَّذَه.

والنِّجَاسُ ، بالكَسْرِ : التَّعْوِيذُ ، عن ابنِ الأَعْرابِيِّ ، قالَ : كأَنَّهُ الاسْمُ من ذلِكَ.

قالَ : والنُّجُسُ : بضَمَّتَيْنِ : المُعَوِّذُون ، وفي بعض النُّسَخِ : المُعَقِّدُون ، والمَعْنَى وَاحِدٌ : وهم الّذِين يَرْبِطُون على الأَطْفَالِ ما يَمْنَع العَيْنَ والجِنَّ.

ومِن المجازِ : نَجَّسَتْه الذُّنُوبُ.

والنَّاسُ أَجْنَاسٌ ، وأَكثَرُهم أَنْجَاس. وتقول : لا تَرَى أَنْجَسَ من الكافِر ، ولا أَنْحَسَ من الفَاجِر ، كما في الأَساس.

والمَنْجَسُ : جُلَيْدَةٌ تُوضَعُ على حَزِّ الوَتَرِ.

[نحس] : النَّحْسُ ، بالفَتْحِ : الأَمْرُ المُظْلِمُ ، عن ابنِ عَبّادٍ.

وقالَ الأَزْهَرِيُّ : والعَرَبُ تُسَمِّي الرِّيح البارِدَة إِذَا (٣) أَدْبَرَتْ نَحْساً. وقِيلَ : هو الرِّيحُ ذاتُ الغُبَارِ.

وقال ابنُ دُرَيْدٍ (٤) : النَّحْسُ الغُبَارُ في أَقْطَارِ السَّمَاءِ إِذا عَطَف المَحْلُ ، قال الشّاعِرُ ؛

إِذا هَاجَ نَحْسٌ ذُو عَثَانِينَ والْتَقَتْ

سَبَارِيتُ أَغْفَالٌ بهَا الآلُ يَمْصَحُ

والنَّحْسُ : ضِدُّ السَّعْدِ من النُّجُومِ وغيرِهَا ، والجَمْع : أَنْحُسٌ ونُحُوسٌ.

وقد نَحِسَ ، كفَرِحَ وكَرُمَ نَحَساً ونُحُوسَةً ، الثاني لُغَةٌ في نَحِسَ ، بالكَسْر ، ومنه قِراءَةُ عبد الرحمن بن أَبي بَكْرَةَ :

(مِنْ نَارٍ ونَحُسَ) (٥) على أَنه فِعْلٌ ماضٍ : أَي نَحُسَ يَوْمُهُمْ أو حالُهم فهو نَحِسٌ ، بالفَتْح ، وككَتِفٍ ، ونَحِيسٌ ، كأَمِيرٍ ، ويومٌ نَحِسٌ ، وأَيّامٌ نَحْسٌ ، وهي أَيَّامٌ نَحِيسَةٌ ونَحِسَةٌ ونَحِساتٌ ، بسكون الحاءِ وكسرها ، وقرأ أبو عمرو (فَارْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيّامٍ نَحْسَاتٍ) (٦) قال الأَزْهَرِيُّ : هي جَمع أَيّامٍ نَحْسَةٍ (٧) ، ثُمَّ نَحْسَات : جَمْعُ الجَمْع.

وقُرِى‌ءَ نَحِساتٍ وهي المَشْؤوماتُ عليهِم ، في الوَجْهَيْنِ ، بكسرِ الحاءِ ، وقَرَأَ به قَرَأَ به قُرّاءُ الكُوفَةِ والشّامِ ويَزِيدُ ، والبَاقُونَ بسُكُونها.

وفي الصّحاحِ : وقُرِى‌ءَ قولُه تَعالى : (فِي يَوْمٍ نَحْسٍ) (٨) على الصِّفَةِ. والإِضَافَةُ أَكْثَرُ وأَجْوَدُ ، وقد نَحِسَ الشي‌ءُ. بالكَسْرِ ، فهو نَحِسٌ أَيضاً ، قالَ الشاعِرُ :

أَبْلِغْ جُذَاماً ولَخْماً أَن إِخْوَتَهُمْ

طَيًّا وبَهْرَاءَ قَوْمٌ نَصْرُهُم نَحِسُ

__________________

(١) في القاموس ضبط المعوّذ منجس بالكسر فيهما وضبطت عن التهذيب واللسان وفيهما : ويقال للمعوَّذ : منجَّس.

(٢) في الأساس : «والمنجس ... والمهندس» باسقاط «لا».

(٣) في التهذيب واللسان : إذا دبرت.

(٤) جمهرة ٣ / ١٥٧.

(٥) سورة الرحمن الآية ٣٥ وقراءة الجمهور : (مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ) ، وقرى‌ء : ونِحاس.

(٦) سورة فصلت الآية ١٦.

(٧) عن التهذيب وبالأصل «نحيسة».

(٨) سورة القمر الآية ١٩.

٥

والنَّحْسَانِ مِن الكَوَاكِبِ : زُحَلُ والمِرِّيخُ كَمَا أَنَّ السَّعْدان (١) الزُّهَرَةُ والمُشْتَرِي ، قالَهُ ابنُ عَبّادٍ.

ومِن المَجَازِ : عَامٌ ناحِسٌ ونَحِيسٌ أَي مُجْدِبٌ غيرُ خَصِيبٍ ، نقلَه ابنُ دُرَيْدٍ وقال : زَعَمُوا.

والمَنَاحِسُ : المَشَائِمُ ، عن ابنِ دُرَيْدٍ ، وهو جَمْعُ نَحْسٍ على غيرِ قِيَاس ، كالمَشَائِمِ ، جَمْع شُؤْمٍ كذلك.

والنّحَاسُ ، مُثلَّثَةً الكَسْرُ عنِ الفَرّاءِ ، وبه قَرَأَ مُجَاهِدٌ مع رَفْعِ السِّين. والفَتْحُ عن أَبي العَبّاس الكَواشِيّ المُفَسِّر : القِطْرُ عَربِيٌّ فَصِيحٌ وقال ابنُ فارِسٍ : النُّحَاسُ : النّارُ قال البَعِيثُ :

دَعُوا النَّاسَ إِنِّي سَوْفَ تَنْهَى مَخَافَتي

شَيَاطِينَ يُرْمَى بالنُّحَاسِ رَجِيمُهَا

وقال أَبو عُبَيْدَةَ : النُّحَاسُ : مَا سَقَطَ مِن شِرَارِ الصُّفْرِ ، أَو من شِرَارِ (٢) الحَدِيدِ إِذا طُرِقَ ، أَي ضُرِبَ بالمِطْرَقَةِ.

وأَمّا قولُه تعالَى : (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَ) نُحاسٌ فقِيلَ : هو الدُّخَانُ ، قالَهُ الفَرّاءُ ، وأَنْشَدَ قولَ الجَعْدِيّ :

يُضِي‌ءُ كضَوْءِ سِرَاجِ السَّلِي

طِ لَمْ يَجْعَلِ الله فِيهِ نُحَاسَا

قال الأَزْهَرِيُّ : وهو قولُ جَمِيعِ المفَسِّرِينَ ، وقِيلَ : هو الدُّخَانُ الّذِي لا لَهَبَ فيه ، وقالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه‌الله : النُّحَاس ، الدُّخَانُ الَّذِي يَعْلُو وتَضْعُفُ حَرَارَتُه ويَخْلُص مِن اللهَب. وقالَ ابنُ بُزُرْج : يَقُولُونَ : النُّحَاسُ : الصُّفْرُ نَفْسُه ، وبالكَسْرِ : دُخَانُه. وغيرُه يقول للدُّخَانِ : نُحَاسٌ. والعَجَبُ مِن المُصَنِّف كيفَ أَسْقَطَ مَعْنَى الدُّخَانِ الَّذِي فُسِّرَتْ به الآيَةُ. وحَكَى الجَوْهَرِيُّ ذلك ، وأَنشَدَ قَولَ الجَعْدِيّ ، وحَكَى الأَزْهَرِيُّ اتِّفاقَ المُفَسِّرينَ عليه ، فإِنْ لم يَكُنْ سَقَطَ من النُّسَّاخ ، فهو قُصُورٌ عَظِيمٌ.

والنُّحَاسُ والنِّحَاسُ : الطَّبِيعَةُ والأَصْلُ والخَلِيقَةُ السَّجِيَّةُ ، يُقَال : فلانٌ كَرِيمُ النُّحاسِ ، أَي كَرِيمُ النِّجَارِ ، قال لَبِيدٌ :

وكَمْ فِينَا إِذَا مَا الْمَحْلُ أَبْدَى

نُحَاسَ القَوْمِ مِنْ سَمْحٍ هَضُومِ

وعن ابنِ الأَعْرَابِيِّ :

النُّحَاس : مَبْلَغُ أَصْلِ الشَّيْ‌ءِ.

ونَحَسَه ، كَمَنَعَه ، نَحْساً : جَفَاهُ كما في العُبَابِ ، عن أَبي عَمْرٍو.

ونَحَسَت الإِبلُ فُلاناً : عَنَّتْهُ ، أَي أَتْعَبَتْه ، وأَشْقَتْه ، أَي أَوْقَعَتْه في المَشَقَّةِ ، عن أَبِي عَمْرٍو أَيضاً.

ونقل الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي زَيْدٍ قال : يُقَال : تَنَحَّسَ الأَخْبَارَ ، وتَنَحَّسَ عَنْهَا ، أَي تَخَبَّرَ عنها وتَتَبَّعَها بالاسْتِخْبَارِ ، يكونُ ذلك سرًّا وعَلانِيَةً ، ومنه حَدِيثُ بَدْرٍ : «فَجَعَل يَتَنَحَّسُ الأَخْبَارَ» ‌أَي يَتَبَّعُ. وهو قولُ ابنِ السِّكِّيتِ أَيْضاً كاسْتَنْحَسَهَا واسْتَنْحَسَ عنها ، أَي تَفَرَّسَهَا وتَجَسَّسَ عنها.

وتَنَحَّسَ الرجُلُ ، إِذا جاعَ ، وهو من قَوْلِهم : تَنَحَّسَ لِشُرْبِ الدَّوَاءِ ، إِذا تَجَوَّع له.

وقال ابنُ دُرَيْدٍ تَنَحَّسَ النَّصَارَى : تَرَكُوا أَكْلَ اللَّحْمٍ.

ونَصُّ ابنِ دُرَيْدٍ : لَحْمَ (٣) الحَيَوَانِ. قالَ : وهو عَربيٌّ صحيحٌ ، ولا أَدْرِي ما أَصْلُه ولكنَّ عِبَارَةَ الصّاغَانِيّ صَرِيحَةٌ في بيان عِلَّة التَّسْمِيَة ، فإِنّه نَقَلَ عنه ما نَصُّه : تَنَحَّسَ النصَارَى ، كلامٌ عربيٌّ فصيحٌ ؛ لتَرْكِهم أَكْلَ الحَيَوَانِ ، وتَنَهَّسَ ، في هذَا ، مِن لَحْنِ العامةِ ، فتأَملْ.

والنُّحَسُ ، كصُرَدٍ ، ثَلاثُ لَيَالٍ بعْدَ الدُّرْع ، وهي الظُّلَمُ أَيضاً قالَه ابنُ عَبّادٍ.

* ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه :

والنَّحْسُ : الجَهْدُ والضُّرُّ. والجَمْع أَنْحُسٌ.

ويومٌ نَحْسٌ ونَحُوسٌ ونَحِيسٌ ، من أَيَّامٍ نَوَاحِسَ ونَحِسَاتٍ ونَحْسَاتٍ ، مَن جَعَلَه نَعْتاً ثَقَّلَه ، ومَن أَضافَ اليومَ إِلى النَّحْسِ فالتَّخْفِيفُ لا غيرُ.

والنَّحْسُ : شِدَّةُ البَرْدِ ، حَكَاه الفارِسِيُّ ، وأَنشَدَ لابن أَحْمَرَ :

__________________

(١) كذا وردت بالأصل «السعدان» بالرفع.

(٢) ضبطت في المطبوعة الكويتية بفتح الشين.

(٣) في الجمهرة ٢ / ١٥٧ والتكملة «أكل الحيوان».

٦

كأَنَّ مُدَامَةً عُرِضَتْ لنَحْسٍ

يُحِيلُ شَفِيفُهَا المَاءَ الزُّلَالا

وفَسَّرَه الأَصْمَعيُّ فقال : لنَحْسٍ ، أَي وُضِعَتْ في رِيحٍ فبَرَدَتْ. وشَفِيفُها : بَرْدُهَا ومَعْنَى يُحِيلُ : يَصُبُّ. يقول :فَبَرْدُهَا يَصُبُّ الماءَ في الحَلْقِ ، ولو لَا بَرْدُهَا لم يُشْرَبِ الماءُ.

والنُّحَاسُ : ضَرْبٌ من الصُّفْر شَدِيدُ الحُمْرَة ، وقال ابنُ يُزْرُج : الصُّفْرُ نَفْسُه كما تقدَّم.

ويومٌ مَنْحُوسٌ ورجُلٌ مَنْحُوسٌ ، من مَنَاحِيسَ.

والمُنَحَّسُ ، كَمُعَظَّمٍ : الحَزِينُ.

وتَنَاحَسَ فُلانٌ وانْتَحَس : انْتَكَسَ ، وأَنْحَسَ جَدُّه (١).

وأَنْحَسَتِ النَّارُ : كَثُر نُحَاسُهَا ، أَي دُخَانُهَا. نَقَلَه ابنُ القَطّاعِ.

وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ المِصْرِيُّ النَّحْوِيُّ النَّحّاسُ ، كشَدَّادٍ ، مات سنةَ ٣٣٨ وهو صَاحِبُ التَّصَانِيفِ الكَثِيرَةِ.

وأَبُو الحُسَيْنِ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ النَّحَّاسِيُّ ، بياءِ النِّسْبَةِ ، عن الحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ البَجَلِيِّ وعنه أَبُو الحَسَن العَلَوِيُّ.

والشَّمْسُ أَبُو الوفاءِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمْدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ موسى الغَزِّيُّ ، قاضِيها ، عُرِف بابنِ النَّحّاسِ ، قَرَأَ على زَكَرِيّا والسَّخاوِيّ ، والجَوْهَرِيّ.

[نخس] : نَخَسَ الدَّابَّةَ ، كنَصَر وجَعَلَ ، الأَخِيرَةُ عنِ اللِّحْيَانِيّ ، نَخْساً : غَرَزَ مُؤَخَّرَهَا أَو جَنْبَها بِعُودٍ ونَحْوِه وفي الأَساسِ : بنَحْوِ عُودٍ (٢).

والنَّخّاسُ ، كشَدَّادٍ : بَيَّاعُ الدَّوَابِّ ، سُمِّيَ بذلِك لِنَخْسِه إِيّاهَا حتَّى تَنْشَطَ (٣) وقد يُسَمَّى بائِعُ الرَّقِيقِ نَخّاساً ، قال ابنُ دُرَيْدٍ : وهو عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ. والأوّلُ هو الأَصْلُ. والاسْمُ : النَّخَاسَةُ ، بالكَسْرِ والفَتْح وهي حِرْفَتُه.

ويقال : نَخَسُوه ، أَي طَرَدُوه ناخِسِينَ بِه بَعِيرَه. وعِبَارَةُ الأَسَاس : نَخَسُوا بِفُلَانٍ : نَخَسُوا دَابَّتَه وطَرَدُوه. وفي اللِّسَان : نَخَسَ بالرَّجُلِ : هَيَّجَه وأَزْعَجَه ، وكذلِك إِذا نَخَسُوا دَابَّتَه وطَرَدُوه ، قالَ الشّاعِرُ :

النَّاخِسِينَ بِمَرْوَانٍ بِذِي خُشُبٍ

والمُقْحِمِينَ بِعُثْمَانٍ علَى الدَّارِ (٤)

أَي نَخَسُوا به مِن خَلْفِه حَتَّى سَيَّرُوه من البِلاد مَطْرُوداً.

والنَّاخِسُ : ضاغِطٌ في إِبْطِ البَعِيرِ ، قاله ابنُ دُرَيْدٍ (٥).

والنّاخِسُ أَيضاً : جَرَبٌ يكونُ عِنْدِ ذَنَبِه ، وهو مَنْخُوسٌ ، وقد نُخِسَ نَخْساً ، واستعار ساعِدَةُ ذلِكَ للمَرْأَةِ ، فقال :

إِذا جَلَسَتْ فِي الدَّارِ حَكَّتْ عِجَانَهَا

بِعُرْقُوبِهَا مِنْ نَاخِسٍ مُتَقَوِّبِ

والناخِسُ : الوَعِلُ الشابُّ المُمْتلى‌ءُ شَبَاباً ، وقال أَبو زَيْدٍ : هو وَعِلٌ ثُمَّ نَاخِسٌ ، إِذا نَخَسَ قَرْنَاهُ ذَنَبَه من طُولهِمَا ، ولا سِنَّ فوقَ الناخِسِ ، كالنَّخُوسِ ، كصَبُورٍ ، قالَ : وإِنَّمَا يكونُ ذلِكَ في الذُّكُورِ ، وأَنْشَدَ :

يا رُبَّ شاةٍ فارِدٍ نَخُوسِ

وهو مَجَازٌ.

ودَائِرَةُ النّاخِسِ : هي الّتِي تكُونُ تَحْتَ جاعِرَتَيِ الفَرَسِ إِلى الفَائِلَيْنِ كذا نَصُّ الصّحَاح ، وفي التَّهْذِيب :على جاعِرَتَيِ الفَرَسِ (٦) ، وتُكْرَهُ ، هكذا في النُّسَخِ ، أي الدّائِرَةُ ، وفي بعض النُّسَخِ : و «يُكْره» أَي يُكْرَه ذلِك عند العَرَبِ ، وفي التَّهْذِيب : دَائِرتانِ يَكُونانِ في دائِرَةِ (٧) الفَخِذَيْنِ ، كدائِرَةِ كَتِفِ الإِنْسَان ، والدّابَّةُ مَنْخُوسَةٌ (٨) : يُتَطَيَّرُ مِنْهَا.

والنَّخِيسُ كأَمِيرٍ : مَوْضِعُ البِطَانِ نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.

والنَّخِيسُ : البَكَرَةُ يَتَّسِع ثُقْبُها الذي يَجْرِي فيه المِحْوَرُ‌

__________________

(١) نص الأساس : وانتحس فلان وانتكس ، وانتحس جدّه.

(٢) كذا بالأصل ، ولم يرد هذا المعنى في الأساس.

(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : تنبسط.

(٤) عجزه في التهذيب :

والمقحمين على عثمان في الدار

وورد البيت فى العمدة لابن رشيق منسوباً للأحوص يخاطب الوليد بن عبد الملك ويغريه بابن حزم أمير المدينة وعجزه.

والداخلين على عثمان في الدار

(٥) الجمهرة ٢ / ٢٢٢.

(٦) في التهذيب : الناخس وهي التي تكون على الجاعرتين إلى القائلين.

(٧) عن التهذيب وبالأصل «دائر».

(٨) عن التهذيب وبالأصل «منخوس».

٧

من أَكْل المِحْوَرِ فتُثْقَبُ خُشَيْبَةٌ في وسَطِهَا وتُلْقَمُ ذلك الثُّقْبَ المُتَّسِعَ ، وتلك الخَشَبَةُ نِخَاسٌ ونِخَاسَةٌ ، بكسرِهما كذا هو نَصُّ الصّحاح ، مع تَغْيِيرٍ يسيرٍ ، ولم يَذكُرِ النِّخاسَةَ ، وإِنّمَا ذَكرها اللَّيْثُ ، وأَنْشد الجوهريّ للراجز :

دُرْنَا ودَارَتْ بَكْرَةٌ نَخِيسُ

وآخِرُه :

لا ضَيْقَهُ المَجْرَى ولا مَرُوسُ

قالَ : وسَأَلتُ أَعرابيًّا مِن بَنِي تَمِيمٍ ، بنَجْدٍ ، وهو يَسْتَقِي وبَكَرَتُه نَخِيسٌ ، فوضَعْتُ إِصْبَعِي على النِّخَاسِ فقُلْتُ : مَا هذَا؟ وأَرَدْتُ أَنْ أَتَعَرَّفَ منه الخاءَ والحَاءَ ، فقال : نِخَاسٌ.

بالمُعْجَمة ، فقُلْتُ : أَلَيْس قال الشاعِر :

وَبكْرَةٍ نِحَاسُهَا نُحَاسُ

فقال : (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ).

وقد نَخَسَ البَكَرَةَ ، كجَعَلَ وضَرَبَ ، وعلى الأَوّلِ اقْتصَر الجَوْهَرِيُّ يَنْخِسُهَا ويَنْخَسُهَا نَخْساً ، فهي مَنْخُوسَةٌ ونَخِيسٌ.

وقال أَبُو زَيْدٍ : إِذا اتَّسَعَتِ البَكَرةُ واتَّسَع (١) خَرْقُهَا عنها ، قيل : أَخَقَّتْ إِخْقاقاً فانْخِسُوهَا نَخْساً ، وهو أَنْ يُسَدَّ ما اتَّسَع منها بخَشَبةٍ أَو حَجَرٍ غيرِه (٢).

والنَّخِسَةُ : لَبَنُ العَنْزِ والنَّعْجَةِ يُخْلَطُ بَيْنَهُمَا ، عن أَبِي زَيْدِ ، حكاهُ عنه يَعْقُوبُ ، هكذا فِي الصّحَاحِ.

وقالَ غيرُه : لَبَنُ المَعْزِ والضَّأْنِ يُخْلَطُ بَيْنَهما ، وهو أَيْضاً لَبَنُ النّاقَةِ يُخْلَطُ بلَبَنِ الشّاةِ ، و‌في الحَدِيثِ : «إِذا صُبَّ لَبَنُ الضَأْنِ على لَبَنِ الماعِزِ فهو النَّخِيسَةُ» وكذَا الحُلْوُ والحامِضُ إِذا خُلِطَ بَيْنَهُما فهو النَّخِيسَةُ ، قالَهُ أَبو عَمْرٍو.

ونُخِسَ لَحْمُه ، كعُنِيَ : قَلَّ ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.

قلْت : وفي الصّحاح في «ب خ س» : ويقال : نَخَّسَ المُخُّ تَنْخِيساً : بمَعْنَى بَخَّسَ ، أَي نَقَصَ ولم يَبْقَ إِلاّ في السُّلامَى والعَيْنِ ، يُرْوَى بالباءِ والنُّونِ ومثلُه بخَطِّ أَبي سَهْل.

ومن المجازِ : يُقَال : هُو ابْنُ نِخْسَةٍ بالكَسْرِ أَي ابنُ زِنْيَةٍ وفي التَّكْمِلَة مضبوطٌ بالفَتْح (٣) ، قال الشَّمَّاخُ :

أَنَا الجِحَاشيُّ شَمَّاخٌ ولَيْس أَبي

بنِخْسةٍ لدَعِيٍّ غَيْرِ مَوْجُودِ

ومِن المجاز : الغُدْرَانُ تَنَاخَسُ ، أَي يَصُبُّ بَعْضُهَا في بَعْضٍ ، قالَه أَبو سَعِيد : كَأَنَّ الوَاحِدَ يَنْخُسُ الآخَرَ ويَدْفَعُه ، ومنه‌ الحَدِيثُ : «أَنَّ قادِماً قَدِمَ فسَأَلَ عن خِصْب البِلادِ ، فحَدَّثه أَنَّ سَحَابَةً وَقَعَتْ فاخْضَرَّ لهَا الأَرْضُ ، وفيهَا غُدُرٌ تَنَاخَسٌ» ‌وأَصْلُ النَّخْسِ : الدَّفْعُ والحَرَكَةُ ، ونَصُّ الأَزْهَريّ :كتَنَاخُس الغَنَمِ إِذا أَصَابَهَا البَرْدُ ، فاسْتَدْفأَ بَعْضُها ببَعْضٍ.

ومِثْلُه للصّاغَانِيّ ، وزاد الزَّمَخْشَرِيُّ : كقولِهم : الأَمْواجُ تَنَاطَحُ.

وفي العُبابِ : والتَّرْكيبُ يَدُلُّ على تَرْكِ شَىْ‌ءِ ، وقد شَذَّتِ النَّخِيسَةُ عن هذا التَّرْكيب.

* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :

نَخَسَ الدّابَّةَ ، مِن حَدِّ ضَرَبَ ، عن اللِّحْيَانِيِّ.

وفَرَسٌ مَنْخُوسٌ : به دائِرَةٌ النَّاخِسِ.

ونِخَاسَا البَيْتِ : عَمُودَاهُ ، وهُمَا في الرُّوَاقِ من جَانِبَيِ الأَعْمِدَة ، والجَمْع : نُخُسٌ.

والنَّخِيسَةُ : الزُّبْدَةُ.

وأَنْخَسَ به : أَبْعَدَه ، وهو مَجَازٌ. وتَكلَّم فنَخَسُوا به ، مَجَازٌ أَيضاً.

والنَّخَّاسُ ، كَشدَّادٍ : عَلَمُ جَمَاعَةٍ من المُحَدِّثِينَ ، أَوْرَدَهُم الحافِظ في التَّبْصِيرِ.

ونُوخَسُ ، بضَمّ فسُكُون : قَريَةٌ من رُسْتَاقِ بُخَارَى.

[ندس] : النَّدْس : الطَّعْنُ ، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لجَرِيرٍ :

نَدَسْنا أَبا مَنْدُوسَةَ القَيْنَ بِالقَنَا

ومارَ دَمٌ مِنْ جارِ بَيْبَةَ ناقِعُ (٤)

وقيل : نَدَسَهُ نَدْساً : طَعَنه طَعْناً خَفِيفاً ، وقد يكونُ النَّدْسُ الطَّعْنَ بالرِّجْلِ ، ومنه‌ حديثُ أَبِي هُرَيْرةَ رضِيَ الله تَعالَى عنه : «أَنَّه دَخَل المَسْجِدَ وهو يَنْدُسُ الأَرْضَ برِجْلِه» ‌أَي يَضْرِبُ بِها.

__________________

(١) في التهذيب : أو اتسع.

(٢) التهذيب : أو بحجرٍ أو بغيره.

(٣) وضبطت أيضاً اللفظتان بالفتح في التهذيب واللسان.

(٤) عن الديوان والصحاح ، وبالأصل «نافع».

٨

والنَّدْسُ (١) : الرَّجُلُ السَّرِيعُ الاسْتِماعِ للصَّوْتِ الخَفِيِّ قالَهُ اللَّيْثُ.

والنَّدْسُ الفَهِمُ الفَطِنُ الكَبِيرُ كالنَّدُسِ ، كَعَضُدٍ وكَتِفٍ ، الأَخِيرَان ذَكَرَهُما الجَوْهَرِيُّ ، والثَّلاثةُ عن الفَرّاءِ ، قال يَعْقُوبُ : هو العالِمُ بالأُمُورِ والأَخْبَارِ ، وقد نَدِسَ ، كفَرِحَ ، يَنْدَسُ نَدَساً.

وقال السِّيرافِيُّ : النَّدُسُ ، كَعُضُدٍ : الذي يُخَالِطُ النّاسَ ويَخِفُّ عليهم ، قال سِيبَوَيْه : والجَمْع : نَدُسُونَ ، ولا يُكَسَّر ، لِقِلة هذا البِناءِ في الأَسْماءِ ، ولأَنَّه لم يَتمكَّنْ فيها للتَّكْسِير ، كفَعِلٍ ، فلمّا كانَ كذلِك وسهُلَتْ فيه الواوُ والنُّونُ تَركُوا التَّكْسِيرَ وجَمعُوه بالواو والنُّون.

والمَنْدُوسَةُ : الخُنْفَسَاءُ ، وهي الفاسِيَاءُ أَيضاً ، عن ابنِ الأَعْرابِيّ.

والنَّدُوسُ ، كَصَبُورٍ : النّاقَةُ الّتِي تَرْضَى بأَدْنَى مَرْتَعٍ ، كما في العُباب.

ونَدَسَ به الأَرْضَ : ضَرَبَه برِجْلِه وصَرَعَه ، فَتَنَدَّسَ ، أَي وَقَعَ مَصْرُوعاً. وقِيلَ : تَنَدَّسَ ، إِذا صَرَعَ إِنْسَاناً فوَضَع يَدَه علَى فَمِه ، كما نَقَلَه الصّاغَانِيُّ ، عن ابنِ عَبّادٍ.

ونَدَس الشْي‌ءَ عَنِ الطرِيقِ : نَحَّاه.

ونَدَسَ عَلَيْه الظَّنَّ نَدْساً ، إِذا ظَنَّ به ظَنَّا لم يُحِقَّهُ ولم يُبْحَثْ عنه.

والْمِنْدَاسُ ، كمِحْرَابٍ : المَرْأَةُ الخَفِيفَةُ ، نقلَه الجَوْهَرِيُّ.

ونَادِسَهُ مُنَادَسَةً : طَاعَنَهُ بالرُّمْحِ.

ونَادَسَهُ سَايَرَه في الطَّاعَةِ.

ونَادَسَهُ : نَابَزَهُ ، وهذا نقَلَه الصّاغَانِيُّ.

وتَنَدَّسَ الأَخْبَارَ : تَنَحَّسَها ، أَي تَجَسَّسَهَا ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ. وقالَ أَبُو زَيْدٍ : تَنَدَّسْتُ الأَخْبَارَ ، وعن الأَخْبَارِ (٢) ، إِذا تَخَبَّرْتَ عنها مِن حَيْثُ لا يُعْلَمُ بك ، مِثْل (٣) تَحَدَّسْتَ وتَنَطَّسْتَ. قالَهُ الجَوْهَرِيُّ. وفي الأَسَاسِ : تَنَدَّسَ عَنِ الأَخْبَارِ : تَبَحَّثَ عنها لِيَعْلَمَ [منها] (٤) ما هُوَ خَفِيٌّ على غَيْرِه. وتَنَدَّسَ ماءُ البِئْرِ : فاضَ مِن جَوَانِبِهَا ، وفي التَّكْمِلَة : فاضَ مِن حَوَالَيْهَا.

والتَّنَادُسُ : التَّنَابُزُ بالأَلْقَابِ ، نقلَه الصّاغَانِيُّ ، عنِ ابنِ عَبّادٍ.

* وممَّا يُسْتَدْرَك عليه :

النَّدْسُ ، بالفَتْحِ : الصَّوْتُ الخَفِيُّ.

ونَدَسَهُ بكَلِمَةٍ : أَصابَهُ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ ، وهو مَجَازٌ.

ورِمَاحٌ نَوَادِسٌ ، قال الكُمَيْتُ :

ونَحْنُ صَبَحْنَا آلَ نَجْرَانَ غارَةً

تَمِيمَ بْنَ مُرٍّ والرِّمَاحَ النَّوَادِسَا (٥)

ومَنْدَسُ ، بالفَتْح : مِن قُرَى الصَّعِيدِ في غَربِيِّ النِّيلِ. قاله ياقُوت.

[نرجس] : النَّرْجِسُ ، بالكسرِ ، من الرَّياحِينِ ، معروفٌ ، هكذا ذَكَرَه ابنُ سِيدَه في الرُّباعِيّ ، وذَكَرَه في الثُّلاثِيّ بالفَتْحِ أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ هنا ، ويُقَال : بالفَتْحِ ، وكسر النُّون إِذا أَعْرِبَ أَحْسَنُ. قال ابنُ دُرَيْدٍ (٦) : أَمّا فِعْلِلٌ فلم يَجِى‌ءْ منه إِلاَّ نِرْجِسٌ ، وقد ذكره النَّحْوِيُّونَ في الأَبْنِيَةِ ، وليس له نَظِيرٌ في الكَلَامِ ، فَإِنْ جَاءَ بِنَاءٌ على فِعْلِلٍ في شِعْرٍ قَدِيمٍ فارْدُدْه ، فإِنّه مَصْنُوعٌ ، وإِنْ بَنَى مُوَلِّدٌ هذا البِنَاءَ واسْتَعْمَلَه في شِعْرٍ أَو كلامٍ فالرَّدُّ أَوْلَى به. وقد مَرَّ ذِكْرُه في ر ج س.

* وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه به :

النَّرْجِسِيَّةُ مِن الأَطْعِمَة ، معرُوفَةٌ : وهي أَنْ تُدَبَّرَ كَتَدْبِيرِ المُدَقَّقَةِ ثُمّ يُجْعلَ عليها البَيْضُ عُيُوناً وتُزَيَّنَ بالفُسْتُقِ واللَّوْزِ.

نقلَه الصّاغَانِيُّ ، رحمه‌الله تعالَى.

[نرس] : نَرْسُ ، بالفَتْح ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَريُّ ، وهي : ة ، بالعِرَاقِ ، قِيلَ : كانَ يَنْزِلُهَا الضَّحّاكُ بيوراسف ، وهذا النَّهْرُ (٧)

__________________

(١) ضبطت في التكملة بضم فكسر ، ومقتضى السياق أنها بالفتح والسكون كاللسان.

(٢) الأصل والصحاح ، وفي اللسان : وتندس عن الأخبار.

(٣) عن الصحاح وبالأصل «ثم تحدست».

(٤) زيادة عن الأساس.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله تميم بن مر ، هو منصوب على الإختصاص لقوله :

نحن صبحنا ..

كقول الآخر :

نحن بني ضبة أصحاب الجمل

ولا يجوز أن يكون تميم بدلا من آل نجران ، لأن تميما التي غزت آل نجران ... ا هـ عن اللسان باختصار».

(٦) الجمهرة ١ / ٨٩ وفيها : «ليس في كلامهم نون بعدها راء بغير حاجز ، فأما نرجس فأعجمي معرب».

(٧) عن معجم البلدان «نرس» وبالأصل «الشهر».

٩

منسوبٌ إِليه ، مِنْهَا الثِّيَابُ النَّرْسِيَّةُ ، نقَلَه الأَزْهَرِيُّ وقَال : هو ليس بعَرَبِيٍّ.

وقال ابنُ دُرَيْدٍ (١). ونَرْسٍ : مَوْضِعٌ ولا أَحْسَبُه عَرَبِيًّا ، ولا أَعرفُ له في اللُّغَةِ أَصْلاً ، إِلاَّ أَنَّ العَرَبَ سَمَّوْا نَارِسَةَ ، قالَ : ولم أَسْمَعْ فيه شيئاً مِنْ عُلَمَائِنَا. قلْت : وقد سَبَق له في «نرز» أَنَّ العَرَبَ سَمَّتْ نَرْزَةَ ونَارِزَةَ ، وتقدَّم أَيضاً أَنَّه ليس في الكلامِ نُونٌ فَراءٌ بلا فاصِلٍ ، وتقدَّم البَحْثُ فيه في «هنر». وقال ابنُ فارِسٍ : النُّونُ والرّاءُ لا تَأْتَلِفَان ، وقد يكونُ بينَهما دَخِيلٌ.

والنِّرْسِيَانُ ، بالكَسْرِ : مِن أَجْوَدِ التَّمْرِ بالكُوفَةِ ، وليسَ بعَرَبِيّ مَحْضٍ ، الوَاحِدَةُ بِهاءٍ قال الأَزْهَرِيُّ : وقد جَعَلَه ابنُ قُتَيْبَةَ صِفَةً أَو بَدَلاً ، فقال : تَمْرَةٌ نِرْسِيَانَةٌ ، بالكَسْرِ ، وأَهْلُ العِرَاقِ يَضْرِبُونَ الزُّبْدَ بالنِّرْسِيَانِ مَثَلاً لِمَا يُسْتَطَابُ ، قالَ الأَزْهَرِيُّ وابنُ دُرَيْدٍ : وليسَ بِعَرَبِيّ ، وقد تَقَدَّم في «برس» أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ ضَبَطَه بالمُوَحَّدَة ، ولعَلَّه مِن النُّسّاخِ سَبْقُ قَلَمٍ ، فانْظُرْه.

* ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه :

عبدُ الأَعْلَى بنُ حَمّادٍ النَّرْسِيُّ ، بالفتح ، وآخَرُون ، يُنْسَبُون إِلى جَدِّهم نَصْرٍ ، وكانَتْ الفُرْسُ يقولُونه : نَرْس ولا يُفْصِحُون به ، فغَلبَ عليهِ ، وهُمْ بَيْتُ حَدِيثٍ.

ونَرْسُ ، الّذِي ذكره المُصَنِّف : اسْمُ نَهْرٍ بَيْنَ الحِلَّةِ والكُوفَةِ وهو (٢) نَهْرٌ حَفَرَهُ نَرْسى (٢) بن بَهْرَامَ بنِ بَهْرَامَ بن بَهرامَ ، مَأْخَذُه من الفُرات ، عليه عِدَّةُ قُرىً منه عبدُ الله ابنُ إِدْرِيس النَّرْسِيُّ ، شيخٌ لِأَبِي العَبّاسِ السَّرّاجِ ، وأَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ عليّ بنِ مَيْمُونٍ النَّرْسِيُّ ، من شُيُوخِ أَبِي الفَتْحِ نَصْرِ بنِ إِبْرَاهِيمَ المَقْدسيّ (٣).

ونِرْسِيَانُ أَيْضاً : اسمُ ناحِيَةٍ بالعِرَاقِ ، لها ذِكْرٌ في الفُتُوح ، قالَ عامِرُ بنُ عَمْرٍو :

ضَرَبْنَا عُمَاةَ النِّرْسِيَانِ بكَسْكَرٍ

غَدَاةَ لَقِيناهُمْ بِبِيضٍ بَوَاتِرِ

والنَّوْرَسُ : طَيْرُ الماءِ الأَبْيَضِ ، وهو الزُّمَّجُ ، جَمْعُه النَّوَارِسُ.

[نسس] : النَّسُّ : السَّوْقُ ، يُقَال : نَسَسْتُ النَّاقَةَ نَسّاً ، أَي سُقْتُهَا. وقال شَمِرٌ : سَمِعْتُ ابنَ الأَعْرَابِيِّ يقول : النَّسُّ : السَّوْقُ الشَّديدُ ، وقَالَ غيرُه : النَّسُّ : هو السَّوْقُ الرَّفِيقُ ، وبه فُسِّر‌ الحَدِيثُ ، في صِفَتِه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كانَ يَنُسُّ أَصْحَابَه» ‌أَي يَمْشِي خَلْفَهمَ ، كما في النِّهَايَةِ.

وفي الصّحاح : النَّسُّ : الزَّجْرُ ، وقد نَسَّهَا نَسَّا. قالَه الجوْهريُّ ، كالنَّسْنَسَةِ فيهما ، وقال شَمِرٌ : نَسْنَسَ ونَسَّ ، مثْل نَشْنَشَ ونَشَّ ، وذلك إِذا ساقَ وطَرَد ، وقال الكِسائِيُّ : نَسَسْتُ النَّاقَةَ والشَّاةَ أَنُسُّهَا نَسًّا ، إِذا زَجَرْتَها فقُلْتَ لها : إِسْ إِسْ ، وقال غيرُه : أَسَسْتُ ، وقد ذُكِر في مَحَلِّه.

والنَسُّ : اليُبْسُ ، عن الأَصْمَعِيّ ، كالنُّسُوسِ ، بالضّمّ ، والنَّسِيسِ ، كأَمِير ، يُقَال : نَسَّ اللَّحْمُ والخُبْزُ يَنُسُّ ويَنِسُّ ، من حَدِّ نَصَرَ وضَرَبَ ، وهي خُبْزَةٌ نَاسَّةٌ : يَابِسَةٌ وقال الرّاجِز :

وبَلَدٍ تُمْسِي قَطَاهُ نُسَّسَا

أَي يَابِسَةً من العَطَشِ ، وهو مَجازٌ.

وقال اللَّيْثُ : النَّسُّ : لُزُومُ المَضَاءِ في كُلِّ أَمْرٍ ، أَو هو سُرْعَةُ الذَّهابِ ووُرُودُ الماءَ ، ونَصُّ الليْث : لِوُرُودِ الماءِ خاصَّةً ، كالتَنْساسِ ، بالفَتْح ، قال الحُطَيْئَةُ :

وقَدْ نَظَرْتُكُمْ إِينَاءَ صَادِرَةٍ

لِلْخِمْسِ طَالَ بِهَا حَوْزِي وتَنْسَاسِي (٤)

والمِنَسَّةُ ، بالكَسْرِ : العَصَا التي تَنُسُّها بِهَا ، مِفْعَلَةٌ مِن النَّسِّ ، بمعنَى الزَّجْرِ ، فإِنّ هَمَزْتَ كان من نَسَأْتُهَا ، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وقال غيرُه : من النَّسِّ ، بمَعْنَى السَّوْقِ.

والنَّاسَّةُ ، هكذا بلام التعْريفِ في الصّحاح ، وفي المُحْكَم : ناسَّةُ ، والنَّسَّاسَّةَ ، وهذه عن ثَعْلَبٍ : من أَسْماءِ مَكَّةَ ، حَرَسها الله تعالى ، قيل : سُمِّيَتْ لِقِلَّةِ الماءِ بها إذ ذاك ، أَي أَمّا الآنَ فَلَا ، وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : لِجدْبِها ويُبْسِهَا‌

__________________

(١) الجمهرة ٢ / ٣٣٨ والتكملة وانظر نصهما.

(٢) بالأصل : «يعرف بنهر صفر بن موسى بن بهرام ...» وما أثبت عن معجم البلدان «نرس».

(٣) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «القوسى».

(٤) روايته في الديوان :

وقد نظرتكم عشاء صادرة

للخمس طال بها حبسي وتناسي

وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله» : إيناء ، هو الإنتظار كما في اللسان».

١٠

وقِلَّةِ الماءِ بها ، أَو لأَنَّ مَن بَغَى فِيهَا أَو أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً سَاقَتْهُ ودَفَعَتْه عَنْها ، أَي أَخْرِجَ عنها ، وهو مَجازٌ ، وقال ياقوت : كَأَنَّهَا تَسُوقُ النَّاسَ إِلى الجَنَّةِ ، والمُحْدِثَ بِهَا إِلى جَهَنَّمَ.

ومِن المَجاز : نَسَّتِ الجُمَّةُ ، إِذا تَشَعَّثَتْ ، عن ابنِ دُرَيْدٍ.

والنَّسِيسُ ، كأَمِيرٍ : الجُوعُ الشَّدِيدُ ، عن ابنِ السِّكِّيتِ وقال اللَّيْثُ : هو غَايَةُ جُهْدِ الإِنْسَانِ ، وأَنْشَدَ :

باقِي النَّسِيسِ مُشْرِفٌ كاللَّدْنِ

وقال غيرُه : النَّسِيسُ : الجُهْدُ وأَقْصَى كلِّ شَيْ‌ءٍ.

والنَّسِيسُ : الخَلِيقَةُ والطَّبيعَةُ ، كالنَّسِيسَةِ.

والنَّسِيسُ : النَّسِيسَةُ : بَقِيَّةُ النَّفْسِ ، ثُم اسْتُعْمِل في سِوَاه ، وأَنْشَدَ أَبُو عبيدَةَ (١) لأَبِي زُبَيْدٍ الطّائِيّ يَصِف أَسداً :

إِذا عَلِقَتْ مَخَالِبُهُ بِقِرْنٍ

فَقَدْ أَوْدَى إِذَا بَلَغَ النَّسِيسُ

كأَنَّ بِنَحْرِه وبِمَنْكِبَيْهِ

عَبِيراً بدت تَعْبَؤُه عَرُوسُ

قال : أَراد به بَقيَّةَ الرُّوحِ الَّذِي به الحياةُ ، سُمِّيَ نَسِيساً ، لأَنَّهُ يُسَاقُ سَوْقاً ، وفُلان في السِّيَاقِ ، وقد ساق يَسُوقُ ، إِذا حَضَر رُوحَه المَوْتُ.

والنَّسِيسُ : عِرْقَانِ في اللَّحْم يَسْقِيَانِ المُخَّ والنَّسِيسَةُ السِّعَايَةُ ، وقال الكِلابِيُّ : هو الإِيكالُ بَيْنَ النَّاسِ والجَمْعُ : النَّسائِسُ ، وهي النَّمَائِمُ ، عن ابِن السِّكِّيتِ ، كما نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، يُقال : آكَلَ بَيْنَ النّاسِ ، إِذا سَعَى بَيْنَهُمْ بالنَّمِيمَةِ.

والنَّسِيسَةُ : البَلَلُ يكونُ برأْسِ العودِ إِذا أُوْقِدَ ، عن ابنِ السِّكِّيت ، وقد نَسَّ الحَطَبُ يَنِسُّ نُسُوساً : أَخْرجَتِ النَّارُ زَبَدَه على رأْسِه ، ونَسِيسُه : زَبَدُه وما نَسَّ مِنه.

والنَّسِيسَةُ : الطَّبِيعَةُ والخَلِيقَةُ.

ويُقَالُ : بَلَغَ مِنْه ، أَيْ من الرّجُلِ نَسِيسَه ونَسِيسَتَه ، أَي كادَ يَمُوتُ وأَشْرَفَ على ذَهَابٍ (٢) ، ويُقَال أَيْضاً : سَكَن نَسِيسُها ، أَي ماتَتْ.

وعنِ ابنِ الأَعْرَابِيِّ : النُّسُسُ ، بضمَّتَيْن : الأُصُولُ الرَّدِيئَةُ ، هذا هو الصَّوَابُ ، وقد غَلِطَ الصّاغَانِيُّ حيثُ ذكره في «ت س س» في كتابَيْه العُبَابِ والتَّكْمِلَة ، وقد نَبَّهْنَا هُنَاكَ على تَصْحِيفِه ، فانْظُرْه.

والنَّسْنَاسُ ، بالفَتْحِ ، ويُكْسَرُ : جِنْسٌ من الخَلْقِ ، يَثِبُ أَحَدُهم على رِجْل وَاحِدَةٍ ، كذا في الصّحَاح. و‌في الحَدِيثِ : أَنَّ حَيًّا من عادٍ عَصَوْا رَسُولَهُم فمَسَخَهُم الله نَسْنَاساً ، لكلِّ إِنْسَانٍ مِنْهم يَدٌ ورِجْلٌ من شِقٍّ وَاحِدٍ يَنْقُزُونَ كما يَنْقُزُ الطَّائِرُ ويَرْعَوْنَ كما تَرْعَى البَهائِمُ‌ ويُوجَدُ في جَزَائِرِ الصِّينِ ، وقيل : أُولئِكَ انْقَرَضُوا ، لأنَّ المَمْسُوخَ لا يَعِيشُ أَكثَرَ من ثَلاثَةِ أَيّامِ ، كما حَقَّقه العُلَمَاءُ. والمَوْجودُ علَى تِلْك الخِلْقَةِ خَلْقٌ عَلَى حِدَةٍ ، أَو هم ثَلَاثَةُ أَجْنَاسٍ : ناسٌ ونَسْنَاسٌ ونَسَانِس ، قالَه الجاحِظُ (٣) ، وأَنْشد لِلْكُمِيْتِ.

فما النَّاسُ إِلاَّ تَحْتَ خَبْ‌ءِ فِعالِهِمْ

ولَو جَمَعُوا نَسْنَاسَهُمْ والنَّسَانِسَا

وقيلَ : النَّسْنَاسُ : السَّفِلَةُ والأَرْذَالُ أَو النَّسَانِسُ : الإِنَاثُ مِنْهُمْ ، كما قَالَهن أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ. أَو هُمْ أَرْفَعُ قَدْراً من النَّسْنَاس ، كما في العُبَاب أَو هُمْ يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ ، في قولِ ابنِ الأَعْرابِيّ أَوْ هُمْ قَوْمٌ مِن بَنِي آدَمَ ، أَوْ خَلْقُ علَى صُورَةَ النَّاسِ ، أَشْبَهُوهم في شَيْ‌ءٍ ، وخَالَفُوهم فِي أَشْيَاءَ (٤) ، ولَيْسُوا منْهُمْ ، كما في التَّهْذِيبِ.

وقال كُراع : النَّسْنَاسُ فيما يُقَال : دابَّةٌ في عِدَادِ الوَحْشِ ، تُصَادُ وتُؤْكَلُ ، وهي علَى شَكْلِ الإِنسان ، بعَيْنٍ وَاحدَةٍ ورِجْلٍ ويَدٍ تَتَكَلَّم مثْلَ الإِنْسَانِ.

وقَال المَسْعُودِيُّ في النّسْنَاسِ : حَيَوَانٌ كالإِنْسَان ، له عَيْنٌ ، وَاحِدَةٌ ، يَخْرُجُ مِن الماءِ وَيَتَكَلَّمُ ، وإِذا ظَفِرَ بالإِنْسَانِ قَتَلَه.

وفي المُجَالَسَة ، عن ابنِ إِسْحَاق : أَنَّهُمْ خَلْقٌ باليَمَنِ.

وقال أَبو الدُّقَيْشِ : يُقَال : إِنَّهُمْ من وَلَدِ سامِ بن سامِ‌

__________________

(١) في التهذيب : أبو عبيد.

(٢) في التهذيب واللسان : أشرف على ذهاب نكيسته.

(٣) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «الحافظ».

(٤) في التهذيب واللسان : شي‌ء.

١١

إِخْوَة عادٍ وثَمُودَ ، ولَيْسَ لهُم عُقُولٌ ، يَعيشُون في الآجَامِ على شَاطى‌ءِ بحرِ الهِنْدِ ، والعَرَبُ يَصْطَادُونَهْمْ ويُكَلِّمُونَهُمْ ، وهم يَتكلَّمُون بالعَرَبيَّةِ ويَتَنَاسَلُون وَيَقُولُون الأَشْعَارَ ويَتَسَمَّوْن بأَسْمَاءِ العَربِ.

و‌في حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضِيَ الله تَعالى عنه : «ذَهَبَ النّاسُ وَبَقِيَ النِّسْنَاسُ. قيل : فما النِّسْنَاسُ؟ قال : الَّذين يَتَشبَّهون بالنّاسِ ولَيْسُوا مِن النَّاسِ» وأَخْرَجَه أَبو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ ، عن ابنِ عَبّاسٍ.

قال السُّيُوطيّ في دِيوَان الحَيَوانِ : أَمّا الحَيَوَانُ الَّذي تُسَمَّيه العَامَّةُ نِسْنَاساً فهو نَوْعٌ من القِرَدَةِ ، لا يَعيشُ في الماءِ ، ويَحْرُم أَكْلُهُ ، وأَمَّا الحَيَوَانُ البَحْرِيُّ ففيه وَجْهَانِ ، واخْتَارَ الرُّويَانِيُّ وغيرُه الحِلَّ. وقال الشيخُ أَبو حامِدٍ : لا يَحِلُّ أَكْلُ النِّسْنَاسِ ، لأَنَّه على خِلْقةِ بَنِي آدَمَ.

وقال الغَنَوِيُّ : ناقَةٌ ذاتُ نَسْنَاسٍ ، أَي ذاتُ سَيْرٍ باقٍ ، هكذا نَقَلَه عنه أَبُو تُرَابٍ ، وبه فُسِّر ما أَنْشَدَه ابنُ الأَعْرَابِيِّ :

ولَيْلَةٍ ذاتِ جَهَامٍ أَطْبَاقْ

سُودٍ نَوَاحِيهَا كَأَثْنَاءِ الطَّاقْ

قَطَعْتُهَا بذَاتِ نَسْنَاسٍ بَاقْ

وقِيلَ : النَّسْنَاسُ هنا صَبْرُها وجَهْدُها.

وقَرَبٌ نَسْنَاسٌ : سَرِيعٌ ، نقلَه ابنُ عَبّادٍ في المُحِيطِ.

ويَقُولونَ في الدُّعَاءِ : قَطَع الله تَعَالَى نَسْنَاسَهُ ، أَي سَيْرَه وأَثَرَه [من] الأَرْض.

وقال ابنُ شُمَيْلٍ : نَسَّسَ الصَّبِيَّ تَنْسِيساً : قالَ له : إِسْ إِسْ ، لِيَبُولَ أَو يَتَغَوَّطَ ، ونَصُّ ابنِ شُمَيْلٍ : أَو يَخْرَأَ ، وكأَنهُ عَدَلَ عنه إِلى التَّغَوُّطِ لِيَكْنِيَ.

ونَسَّسَ (١) البَهِيمَةَ : مَثَّاها. فَقالَ لَها : إِسْ إِسْ.

ونَسْنَسَ : ضَعُفَ ، عِن ابنِ دُرَيْدٍ ، قِيلَ : ومنه اشْتِقَاقُ النِّسْنَاس. لضَعْفِ خَلْقِهِمْ.

ونَسْنَسَ الطّائِرُ : أَسْرَع في طَيَرَانِهِ ، كنَصْنَصَ ، والاسْمُ : النَّسِيسَةُ (٢) ، قالَه اللَّيْث. ونَسْنَسَتِ الرِّيحُ : هَبَّتْ هُبُوباً بارِداً ، وكذا سَنْسَنَتْ.

ورِيحٌ نَسْنَاسَةٌ وسَنْسَانَةٌ : بارِدَةٌ ، كذا في النَّوادِرِ.

وتَنَسَّسَ منه خَيْراً : تَنَسَّمَه.

* ومِما يُسْتَدْرَك عليه :

قالَ أَبُو زَيْدٍ : نَسَّ الإِبِلَ : أَطْلَقَهَا وحَلَّهَا.

وأَنْسَسْتُ الدَّابَّةَ : أَعْطَشْتُها.

ونَسَّتْ دَابَّتُكَ : يَبِسَتْ مِن الظَّمَإِ ، وهو مَجَازٌ.

ويُقَال للفَحْلِ إِذا ضَرَبَ النّاقَةَ عَلَى غَيْرِ ضَبَعَة : قد أَنَسَّهَا.

والمَنْسُوسُ : المَطْرُودُ والمَسُوقُ. والنَّسِيسُ : المَسْوقُ.

وَنَسِيسُ الإِنْسَانِ ونَسْنَاسُه : مَجْهُودُه وصَبْرُه.

وقيل : نَسْنَاسٌ : مِن الدُّخانِ ، وسَنْسَانٌ : يريد دُخَانَ نارِ.

والنِّسْنَاسُ ، بالكَسْر : الجُوعُ الشَّدِيدُ ، عن ابنِ السِّكِّيت ، وأَمّا ابنُ الأَعْرَابِيّ فَجَعَله وَصْفاً ، وقال : جُوعٌ نِسْناسٌ ، قال : ويَعْنِي به الشدِيدَ ، وأَنْشَدَ :

أَخْرَجَها النِّسْنَاسُ من بَيْتِ أَهْلِها (٣)

وأَنْشَد كُراع :

أَضَرَّ بِها النِّسْنَاسُ حَتَّى أَحَلَّها

بدَارِ عَقِيلٍ وابْنُهَا طاعِمٌ جَلْدُ

وعنْ أَبِي عَمْرٍو : جُوعٌ مُلَعْلِعٌ ومُضَوِّرٌ ونِسْنَاسٌ ومُقَحِّزٌ ومُمَشْمِسٌ : بمَعْنًى وَاحِدٍ.

ونَسَّ فُلانٌ لفُلانٍ ، إِذا تَخَبَّر.

ونَسَّ الرّجل : اشْتَدَّ عَطَشُه.

والنَّسُوسُ : طائِرٌ رُبِّيَ بالجَبَلِ ، له هامَةٌ كَبيرَةٌ.

[نسطس] : نِسْطَاسٌ ، بالكَسْر ، أَهْملَه الجوْهَريُّ : وهو عَلَمٌ.

ونِسْطَاسٌ بالرُّومِيَّةِ : العالِمُ بالطِّبِّ ، نقلَه الصّاغَانِيُّ.

وعُبَيْدُ بنُ نِسْطَاسٍ العامِرِيُّ البَكَّائِيُّ الكُوفِيُّ : محدِّثٌ.

__________________

(١) بالأصل «ونسنس» وسياق القاموس يقتضي ما أثبتناه.

(٢) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : الليث : النسنسة في سرعة الطيران ، يقال : نسنس ونصنص.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : أخرجها ، كذا في اللسان أيضاً ، وكان حق الوزن ، وأخرجها إلا أن يكون دخله الخرم ، فحرره».

١٢

* وممّا يُسْتَدْركُ عَلَيْهِ :

النِّسْطَاسُ : رِيشُ السَّهْمِ. هكَذا فُسِّرَ بهِ حَدِيثُ قُسٍّ (١) ، ولا تُعْرَفُ حَقيقَتُه ، كذا في اللِّسَانِ.

* وممّا يسْتَدْرَك عليه :

نَسْطَوِيسُ ، بالفَتْح : قَرْيَتَانِ بِمصْرَ ، إِحْدَاهُمَا بالقُرْب مِن فُوَّةَ ، وتُعْرَف بِنَسْطَوِيسِ الرُّمَّانِ ، ومنها الزَّيْنُ الفَنَارِي بنُ أَبِي بَكْرِ بنِ محَمّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ الضَّرِيرُ ، سَمِعَ على الدِّيَمِيِّ والسَّخاوِيِّ وزَكَرِيّا والشّادِي والمَشْهَدِيِّ. ومنها أَيْضاً عبد الوَهّاب بنُ عليِّ بنِ حَسَنٍ المَالِكِيُّ ، نَزِيلُ الظّاهِرِيّةِ ، قرأَ على الحافِظ ابنِ حَجَرٍ ، وسَمِع البُخَارِيَّ على مَشَايخِ الظَّاهِريَّة ، مات سنة ٨٦٨ والثانية مِن قُرى الغَربيَّة ، تُعْرَف بِنَسْطَوِيسِ البَصَلِ.

[نشس] (٢) :

* ومِمّا يسْتَدْرَك عليه :

النَّشْسُ ، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وأَوْرَدَه ابنُ دُرَيْدٍ (٣) ، وقال : لغةٌ في النَّشْزِ : وهي الرَّبْوَةُ من الأَرْضِ.

وامْرَأَةٌ نَاشِسٌ : نَاشِزٌ ، وهي قَلِيلَةٌ. كذا في المُحْكَم.

[نطس] : النَّطْسُ ، بالفَتْحِ ، وككَتِفٍ وعَضُدٍ : العالِمُ بالأُمورِ والحَاذِقُ بها ، عن ابنِ السِّكِّيتِ ، وهو بالرُّوميّة : نِسْطَاسٌ ، وقد نَطِسَ ، كفَرِحَ ، نَطَساً.

والنِّطَاسِيُّ ، بالكَسْرِ ، وحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ الفَتْحَ أَيْضاً : العَالِمُ بالطِّبِّ ، قالَ البَعِيثُ بنُ بِشْرٍ ، يصفُ شَجَّةً أَو جِرَاحَةً :

إِذا قاسَها الآسِى النِّطاسِيُّ أَدْبَرَتْ

غَثِيثَتُهَا وازْدادَ وَهْياً هُزُومُها

والنِّطِّيسُ ، كسِكِّيتٍ : المُتَطَبِّبُ الدَّقِيقُ نَظَرُه في الطِّبِّ.

والنّاطِسُ : الجَاسُوسُ ، لِتَنَطُّسِه عنِ الأَخْبَارِ وبَحْثِه.

والنَّطِسُ ، ككَتِفٍ : المُتَقَزِّزُ المُتَقَذِّرُ ، المُتَأَنِّقُ في الأُمُورِ. والنُّطُسُ ، بضَمَّتيْنِ : الأَطِبَّاءُ الحُذَّاقُ المُدَفِّقُونَ.

والنُّطُسُ أَيْضاً : المُتَقَزِّزُون عن الفُحْشِ.

والنُّطَسَةُ ، كهُمَزَةٍ : الرَّجُلُ الكَثِيرُ التَّنَطُّس ، وهو التَّقَذُّرُ والتَّأَنُّقُ في الطَّهَارَةِ وفي الكَلامِ والمَطْعَمِ والمَلْبَسِ ، فلا يَتكلَّم إِلاّ بالفَصاحَةِ ، ولا يَلْبَس إِلاّ طَيِّباً ، ولا يَأْكُلُ إِلاّ نَظيفاً ، وكذا فِي جَمِيعِ الأُمُورِ. و‌في حَدِيثِ عُمَرَ رَضيَ الله تَعَالَى عنه : «أَنَّه خَرَجَ من الخَلاءِ فَدَعَا بَطَعامٍ فقِيلَ له : أَلَا تَتَوضَّأُ ، فقال : لو لَا التَّنَطُّسُ ما بَالَيْتُ أَلاَّ أَغْسِلَ يَدِي» ‌قال الأَصْمَعِيُّ : وهو المُبَالَغةُ في الطُّهُورِ والتَّأَنُّق فيه.

وكلُّ مَن تَأَنَّق في الأُمُورِ ودَقَّقَ النَّظَرَ فيها فهو نَطِسٌ ومُتَنَطِّسٌ ، وكذلك كلُّ مَن أَمْعَنَ النَّظَرَ في الأُمورِ واسْتَقْصَى عَلَيْهَا فهو مُتَنَطِّسٌ.

* ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه :

رَجَلٌ نِطيسٌ ، كأَمِيرٍ أَي حاذِقٌ ، قال رُؤْبَةُ :

وقَدْ أَكُونُ مَرَّةً نِطِّيسَا (٤)

طَبا بِأَدْواءِ الصِّبَا نِقْرِيسَا

والنِّقْرِيسُ : قَرِيبُ المَعْنَى مِن النِّطِّيسِ ، وهو الفَطِنُ للأُمُورِ العالِمُ بها ، ويُقَال : ما أَنْطَسَهُ.

وتَنَطَّسَ عن الأَخْبَارِ : بَحَث ، وكُلُّ مُبَالِغ في شَيْ‌ءٍ : مُتَنَطِّسٌ. وتَنَطَّسْتُ الأَخْبَارَ : تَجَسَّسْتُهَا.

وقال أَبُو عَمْرو : امرأَةٌ نَطِسَةٌ ، على فَعِلَة ، إِذا كانَتْ تَنَطَّسُ مِن الفُحْشِ ، أَي تَقَزَّزُ.

وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : المُتَنَطِّسُ والمُتَطَرِّسُ : المُتَنَوِّقُ المُخْتَارُ.

والنَّطْسُ (٥) : الحَرِيقُ ، وهذِه عن الصّاغَانِيِّ.

[نعس] : النُّعَاسُ بالضَّمِّ : الوَسَنُ ، كما في الصّحَاحِ ، قال الله تَعَالَى : (أَمَنَةً) نُعاساً (٦) وقالَ الأَزْهَرِيّ : حَقِيقَةُ النُّعَاسِ : السِّنَةُ من غيرِ نَوْمٍ ، كما قَالَ عَدِيُّ بنُ الرِّقاعِ :

__________________

(١) نصه في النهاية : «كحذو النسطاس» وفي رواية : كحدّ النسطاس.

(٢) كان موقعها بالأصل ضمن مادة نسطس ، بعد قوله : كذا في اللسان ، فأخرت إلى هنا حفظا للترتيب.

(٣) الجمهرة ٣ / ٢٤.

(٤) ضبطت عن اللسان على وزن سِكِّيت ، وقد تقدم قريباً بهذا التنظير ، وهو يخالف ما ورد عند الشارح أنه كأمير.

(٥) ضبطت بفتح فسكون عن التكملة.

(٦) سورة آل عمران الآية ١٥٤.

١٣

وَسْنَانُ أَقْصَدَهُ النُّعَاسُ فَرَنَّقَتْ

فِي عَيْنه سِنَةٌ وَلَيْسَ بِنَائِمِ

أَوْ هو فَتْرَةٌ في الحَواسِّ تَحْصُلُ مِن ثِقَلِ النَّومِ ، نَعَسَ ، كمَنَعَ يَنْعَسُ نُعَاساً ، وللمُصَنِّف في البَصَائِرِ : وقد نَعَسْتُ أَنْعُسُ نُعَاساً ، بالضّمّ ، وهكذا هو مَضْبُوطٌ في نُسْخَةِ الصّحاحِ ، فهُوَ ناعِسٌ وَنَعْسَانُ ، وهي ناعِسَةٌ ونَعَّاسَةٌ ونَعْسَى ، وقِيلَ : لا يُقَالُ : نَعْسَانُ ، وهي قَلِيلَةٌ ، قاله ثَعْلَبٌ ، وقال الفَرّاءُ : لا أَشْتَهِيهَا ، يَعْنِي هذِه اللُّغَةَ «نَعْسَان» وقال اللَّيْثُ : رجُلٌ نَعْسَانُ وامرأَةٌ نَعْسَى ، حَمَلُوا ذلك على وَسْنَانَ ووَسْنَى ، ورُبّمَا حَمَلُوا الشَّيْ‌ءَ على نَظَائِرِه ، وأَحْسَنُ ما يَكُونَ ذلِكَ في الشِّعْر.

وناقَةٌ نَعُوسٌ ، كَصَبُورٍ : سَمُوحٌ بالدَّرِّ ، كما في الصّحاحِ. وفي المُحْكَمِ : أَي غَزِيرَةٌ تَنْعَسُ إِذا حُلِبَتْ.

وقالَ الأَزْهَرِيُّ : تُغْمِضُ عَيْنَهَا عِنْدَ الحَلْبِ ، قال الرَّاعِي يَصِفُ ناقَةً بالسَّمَاحَةِ بالدَّرِّ ، وأَنَّهَا إِذا دَرَّتْ نَعَسَتْ :

نَعُوسٌ إِذا دَرَّتْ جَزُوزٌ إِذا غَدَتْ

بُوَيْزِلُ عامٍ أَو سَديسٌ كَبَازِلِ (١)

وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : النَّعْسُ : لِيْنُ الرأْي والْجِسْمِ وضَعْفُهُما.

وقالَ غيرُه : النَّعْسُ : كَسَادُ السُّوقِ.

وتنَاعَس الرَّجُلُ : تَنَاوَمَ ، أَي أَرَاه من نَفْسِه كَاذِباً.

وقال أَبُو عَمْرٍو : أَنْعَسَ : جاءَ بَبنِينَ كُسَالَى.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :

النَّعْسَةُ : الخَفْقةُ.

وتَنَاعَسَ البَرْقُ : فتَر.

وجَدُّه ناعِسٌ ، وهو مَجازٌ.

وفي المَثَل : «مَطْلٌ كنُعَاسِ الكَلْبِ» : أَي مُتَّصِلٌ دائِمٌ ، والكَلْبُ يُوصَفُ بكَثْرَةِ النُّعَاسِ ، كما في الصّحاحِ ، وزاد المُصَنِّفُ في البَصَائِرِ : ومِن شَأْنِ الكَلْبِ أَن يَفْتَحَ مِن عَيْنَيْه بِقَدْرِ ما يَكْفِيهِ للحِرَاسَةِ ، وذلك ساعةً فَساعةً. و‌في الحَدِيث : «إنّ كَلِمَاتِه بَلَغَتْ نَاعُوسَ البَحْر». قالَ ابنُ الأَثِيرِ : قال أَبُو مُوسَى : كَذَا وَقَعَ في صَحِيح مُسْلِمٍ (٢) ، وفي سائِرِ الرِّوايات : «قامُوسَ البَحْر». ولعلّه تصحيفٌ ، فَلْيُتَنَبَّه لذلك.

والنَّعُوسُ ، كصبُورٍ : عَلَمٌ على ناقَةٍ بِعَيْنِها ، كما في العُبابِ.

وعبدُ الرَّحْمنِ بنُ أَبِي النَّعَّاسِ ، عن عَبْدِ الله بنِ عبدِ الجَبّارِ ، عن الحَكَمِ ابنِ خُطّافٍ (٣).

[نفس] : النَّفْسُ : الرُّوحُ ، وسَيَأْتِي الكلامُ عليها قَرِيباً.

وقال أَبو إِسْحَاقَ : النَّفْسُ في كلام العَرَبِ يَجْرِي على ضَرْبَيْن : أَحَدُهما قولُك : خَرَجَتْ نَفْسُه ، أَي رُوحُه ، والضَّرْبُ الثانِي : مَعْنَى النَّفْسِ فيه جُملةُ الشَيْ‌ءِ وحَقِيقتُه ، كما سَيَأْتِي في كَلَامِ المصنِّف ، وعلى الأَوَّلِ قالَ أَبو خِراشٍ :

نَجَا سالِمٌ والنفْسُ مِنْهُ بشِدْقِهِ

ولم يَنْجُ إِلاَّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرَا

أَي بِجَفْنِ سَيْفٍ ومِئْزَرٍ ، كذا في الصّحاحِ ، قال الصّاغَانِيُّ : ولم أَجِدْه في شِعْرِ أَبي خِراشٍ. قلتُ : قال ابنُ بَرِّيّ : اعْتَبَرْتُه في أَشْعَارِ هُذَيْلٍ فوَجَدْتُه لحُذَيْفَةَ بنِ أَنَسٍ وليسَ لأَبِي خِراشٍ ، والمَعْنَى (٤) : لم يَنْجُ سالِمٌ إِلاّ بِجَفْنِ سَيْفه ومِئْزَرِه ، وانْتِصَابُ الجَفْنِ على الاسْتِثْنَاءِ المنْقَطِع ، أَي لم يَنْجُ سالمٌ إِلاّ جَفْنَ سَيْفٍ ، وجَفْنُ السَّيْفِ مُنْقَطِعٌ منه.

ومِن المجاز : النَّفْسُ : الدَّمُ ، يقال : سالَتْ نَفْسُه ، كم في الصّحاحِ ، وفي الأَسَاس : دَفَق نَفْسَه ، أَي دَمَه.

و‌في الحَدِيثِ : ما لا نَفْسَ لَهُ‌ وَقَع في أُصُول‌

__________________

(١) ديوانه ص ٢٠٨ وانظر تخريجه فيه ، والجروز : الشديدة الأكل ، وبويزل عام أي بزلت حديثا ، والبازل من الإبل الذي له تسع سنين.

(٢) قال النووي : «قال القاضي عياض : أكثر نسخ صحيح مسلم وقع فيه «قاموس» بالقاف والعين. قال : ووقع عند أبي محمد بن سعيد تاعوس بالتاء .. قال ورواه بعضهم ناعوس بالنون والعين شرح النووي ٦ / ١٥٧ قال وذكره أبو مسعود الدمشقي في أطراف الصحيحين ، والحميدي في الجمع بين رجال الصحيحين : قاموس ، بالقاف والميم.

(٣) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «خطاب».

(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قال في اللسان : نجا سالم .. ولم ينج كقولهم : أفلت فلان ولم يفلت : إذا لم تُعدّ سلامته سلامة. والمعنى .. الخ ما في الشارح».

١٤

الصّحاحِ : ما لَهُ (١) نَفْسٌ سائِلَةٌ فإِنَّه لا يُنَجِّسُ المَاءَ إِذا مَاتَ فيه». قلت : وهذا الّذِي في الصّحاحِ مُخَالِفٌ لِمَا في كُتُبِ الحَدِيثِ ، و‌في رِوَايَةِ أُخْرَى : «مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ» ‌و‌رُوِيَ [عن] (٢) النَّخَعِيّ أَنَّه قال : «كُلُّ شَيْ‌ءٍ له نَفْسٌ سائِلَةٌ فماتَ في الإِنَاءِ فإِنّه يُنَجِّسُه» وفي النِّهَايَةِ عنه : «كُلُّ شَيْ‌ءٍ لَيْسَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فإِنه لا يُنَجِّسُ الماءَ إِذا سَقَطَ فيه» ‌أَي دَمٌ سائِلٌ ، ولذَا قالَ بعضُ مَن كَتَبَ على الصِّحّاحِ : هذا الحَدِيثُ لم يَثْبُتْ ، قالَ ابنُ بَرِّيّ : وإِنَّمَا شاهِدُه قولُ السَّمَوْألِ :

تَسِيلُ عَلى حَدِّ الظُّبَاةِ نُفُوسُنَا

ولَيْسَتْ عَلَى غَيْرِ الظُّباةِ تَسِيلُ

قال وإِنَّمَا سُمِّيَ الدَّمُ نَفْساً ، لأَنّ النَّفْسَ تَخْرُج بِخُرُوجِه.

والنَّفْسُ : الجَسَدُ ، وهو مَجَازٌ ، قال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ ، يُحَرِّضُ عَمْرو بنَ هِنْدٍ عَلى بَنِي حَنِيفَة ، وهم قَتَلَهُ أَبيه المُنْذِر بنِ ماءِ السماءِ ، يومَ عَيْنِ أَبَاغٍ ، ويزْعُم أَن عَمْروَ بن شَمِرَ (٣) الحَنَفِيّ قَتَله :

نُبِّئْتُ أَنَّ بَنِي سُحَيْمٍ أَدْخَلُوا

أَبْيَاتَهُمْ تامُورَ نَفْسِ المُنْذِرِ

فَلَبِئْسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمْرٍو رَهْطَهُ

شَمِرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وَبِمَنْظَرِ

والتامُورُ : الدّمُ ، أَي حَمَلُوا دَمَه إِلى أَبْيَاتِهِم.

والنَّفْسُ : العَيْنُ التي تُصِيبُ المَعِينَ ، وهو مَجَازٌ. يُقَال :نَفَسْتُه بِنَفْسٍ ، أَي أَصَبْتُه بِعَيْنٍ ، وأَصابَتْ فُلاناً نَفْسٌ ، أَي عَيْنٌ. و‌في الحَدِيث ، عن أَنَسٍ رَفَعَهُ : «أَنَّه نَهَى عَنِ الرُّقْيَةِ إِلاّ فِي النَّمْلَةِ والحُمَةِ والنَّفْسِ» ‌أَي العَيْنِ ، والجَمْعُ :أَنْفُسٌ ، ومنه‌ الحديث : «أَنه مَسَح بَطْنَ رافِعٍ فأَلْقَى شَحْمَةً خَضْرَاءَ ، فقال : إِنه كانَ فِيهَا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ» يريدِ عُيُونَهُمْ.

ورَجُلٌ نافِسٌ : عائِنٌ ، وهو مَنْفُوسٌ : مَعْيُونُ.

والنَّفْسُ : العِنْدُ ، وشَاهِدُه قولُه تعالَى ، حِكَايَةً عَن عِيسَى عَليه وعلى نِبِيِّنا مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ : تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ (٤) أَي تَعْلَمُ ما عِنْدِي ، ولا أَعْلَمُ ما عِنْدَكَ ، ولكن يَتَعَيَّن أَنْ تَكُونَ الظَّرْفِيَّةُ حِينَئِذٍ ظرفِيَّةَ مَكَانَةٍ لا مَكَانٍ ، أَو حَقِيقَتِي وحَقِيقَتِكَ ، قال ابنُ سِيْدَه : أَي لا أَعْلَمُ ما حَقِيقَتُكَ ولا ما عِنْدَكَ عِلْمُه ، فالتَّأْوِيلُ : تَعْلَمُ ما أَعْلَمُ ، ولا أَعْلَمُ ما تَعْلَمُ ، والأَجْوَدُ في ذلِكَ قولُ ابنِ الأَنْبَارِيّ : إِنَّ النَّفْسَ هنا الغَيْبُ ، أَي تَعْلَمُ غَيْبِي ، لأَنَّ النَّفْسَ لمّا كانتْ غَائِبَةً أَوقِعَتْ على الغيْبِ ، ويَشْهَدُ بصِحَّتِه قولُه في آخرِ الآيَة (إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ) كأَنَّه قال : تَعْلمُ غَيْبِي يا عَلاَّم الغُيُوبِ.

وقال أَبو إِسْحَاق : وقدْ يُطْلَقُ ويُرَادُ به جُمْلَةُ الشَّيْ‌ءِ وحَقِيقتُه ، يُقال : قَتَلَ فُلانٌ نَفْسَه ، وأَهْلَكَ نَفْسَه : أَي أَوْقَعَ الهَلَاكَ بذَاتِهِ كُلِّهَا وحَقِيقَتِه. قُلتُ : ومنه أَيضاً ما حكاهُ سِيبوَيْه ، من قَولِهِمْ : نَزَلْتُ بِنَفْسِ الجَبَلِ ، ونَفْسُ الجَبَلِ مُقَابِلِي.

والنَّفْسُ : عَيْنُ الشَّيْ‌ءِ وكُنْهُه وجَوْهَرُه ، يُؤَكَّدُ به ، يُقَالُ : جَاءَنِي المَلِكُ بِنَفْسِه ، ورَأَيْتُ فَلاناً نَفْسَه.

وقَوْله تَعَالى : (اللهُ يَتَوَفَّى) الْأَنْفُسَ (حِينَ مَوْتِها) (٥) ‌رُوِيَ عنِ ابنِ عَبّاسِ رضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قالَ : لكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانٍ : إِحْدَاهُمَا (٦) نَفْسُ العَقْلِ الذي يكونُ به التَّمْييزُ ، والأُخْرى نَفْسُ الرُّوحِ الَّذِي به (٦) الحَيَاةُ.

وقال ابن الأَنباريّ : من اللُّغويِّينَ مَنْ سَوَّى بَيْنَ النَّفْسِ والرُّوحِ ، وَقَالَ : هما شَيْ‌ءٌ وَاحِدٌ ، إِلاّ أَنْ النَفْسَ مؤنثَةٌ والرُّوحَ مُذكَّرَةٌ (٧). وقال غيرُهُ : الرُّوحُ الَّذي به الحَيَاةُ ، والنَّفْسُ : التي بها العَقْلُ ، فإِذا نامَ النائمُ قَبَضَ الله نَفْسَه ، ولم يَقْبِضْ رُوحَه ، ولا تُقْبَضُ الرُّوحُ إِلاَّ عِنْدَ المَوْت ، قال : وسُمِّيَت النَّفْسُ نَفْساً لتَوَلُّد النَّفْس منها واتّصَاله (٨) بها ، كما سَمَّوُا الرُّوحَ رُوحاً ، لأَنَّ الرَّوْحَ مَوجُودٌ (٩) به.

__________________

(١) في الصحاح : ما ليس له نفس.

(٢) زيادة عن اللسان.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : عمرو بن شمر ، تأمله مع قوله في البيت الثاني : ما كسب ابن عمرو الخ فإنه يقتضي العكس».

(٤) سورة المائدة الآية ١١٦.

(٥) سورة الزمر الآية ٤٢.

(٦) التهذيب : أحدهما : .. التي يكون بها .. التي بها الحياة ، والأصل كاللسان.

(٧) التهذيب واللسان : مذكر.

(٨) بالأصل «واتصالها به» والمثبت عن التهذيب.

(٩) عن التهذيب وبالأصل «موجودة».

١٥

وقالَ الزَّجَّاجُ : لكُلِّ إِنْسَانٍ : نَفْسَانِ : إِحْدَاهُمَا نَفْسُ التَّمْييز ، وهي الّتِي تُفَارِقُه إِذا نامَ ، فلا يَعْقِلُ بهَا ، يَتَوَفَّاهَا الله تَعَالَى ، والأُخْرَى : نَفْسُ الحَيَاة ، وإِذَا زَالَت زالَ مَعَهَا النَّفْسُ ، والنَّائمَ يَتَنَفَّسُ ، قال : وهذا الفَرْقُ بينَ تَوفِّي نَفْسِ النائم في النَّوْم ، وتَوَفِّي نَفْسِ الحَيِّ. قال : ونَفْسُ الحَيَاة هي الرُّوحُ وحَرَكَةُ الإِنْسَان ونُمُوُّه [يكون به] (١).

وقال السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْض : كَثُرت الأَقَاويلُ في النَّفْس والرُّوح ، هل هُمَا وَاحدٌ؟ أَو النَّفْسُ غيرُ الرُّوح؟ وتَعَلَّقَ قومٌ بظَوَاهَر من الأَحاديثِ ، تدُلُّ على أَنَّ الرُّوحَ هي النَّفْسُ ، كقول بلالٍ : «أَخَذَ بِنَفْسِك» ‌مع‌ قولِه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إِنّ الله قَبَضَ أَرْوَاحَنا» ‌وقولِه تعالَى : (اللهُ يَتَوَفَّى) الْأَنْفُسَ والمَقْبُوضُ هو الرُّوحُ ، ولم يُفَرِّقُوا بَيْنَ القَبْضِ والتَّوَفِّي ، وأَلْفَاظُ الحَدِيثِ مُحْتَملَةُ التَّأْوِيلِ ، وَمَجَازَاتُ العَرَبِ واتِّسَاعاتُها كَثِيرَةٌ ، والحَقُّ أَنَّ بَيْنَهمَا فَرْقاً ، ولو كانا اسْمَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، كاللَّيْثِ والأَسَدِ ، لَصَحَّ وُقُوعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهما مكانَ صاحِبِه ، كقوله تعالى : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) (٢) ، ولم يَقُلْ : مِن نَفْسِي. وقوله : (تَعْلَمُ ما فِي) نَفْسِي ولم يَقُلْ : ما فِي رُوحِي. ولا يَحْسُنُ هذا القَولُ أَيْضاً مِن غيرِ عِيسَى عليه‌السلامُ. (وَيَقُولُونَ فِي) أَنْفُسِهِمْ (٣) ولَا يَحْسَن في الكلام : يَقُولُون في أَرْوَاحهم. وقال : (أَنْ تَقُولَ) نَفْسٌ (٤) ولم يَقل : أَنْ تَقُولَ رُوحٌ ، ولا يَقُولُه أَيْضاً عَرَبِيٌّ ، فَأَيْنَ الفَرْقُ إِذا كَانَ النَّفْسُ والرُّوحُ بَمَعْنًى وَاحِدٍ؟ وإِنَّمَا الفَرْقُ بَيْنَهُمَا بالاعْتبَارَات ، ويَدُلُّ لذلك ما‌ رَوَاهُ ابنُ عَبْد البَرِّ في التَّمْهيدِ ، الحَدِيث : «إِنَّ الله تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وجَعَلَ فِيه نَفْساً ورُوحاً ، فمن الرُّوحِ عَفَافُه وفَهْمُه وحِلْمُه وسَخَاؤُه ووَفَاؤُه ، ومِن النَّفْسِ شَهْوَتُه وطَيْشُه وسَفَهُه وغَضَبُهُ» ‌فلا يُقَالُ في النَّفْسِ هي الرُّوحُ عَلى الإِطْلاق حَتَّى يُقَيَّدَ ، ولا يُقَال في الرُّوحِ هي النَّفْسُ إِلاَّ كما يُقَالُ في المَنِيِّ هو الإِنْسَانُ ، أَو كما يُقَالُ للمَاءِ المُغَذِّي لِلْكَرْمَةِ هو الخَمْرُ ، أَوْ الخَلُّ ، على معنَى أَنه سَيْضَافُ إِليه أَوْصَافٌ يُسَمَّى بها خَلًّا أَو خَمْراً ، فَتَقَيُّدُ الأَلْفَاظِ هو مَعْنَى الكلامِ ، وتَنْزِيلُ كُلِّ لَفْظٍ في مَوْضِعه هو مَعْنَى البَلاغةِ ، إِلى آخِر ما ذَكرَه. وهو نَفِيسٌ جدًّا ، وقد نَقَلْتُه بالاخْتصَار في هذا المَوْضع ، لأَنّ التَّطْويلَ كَلَّتْ منه الهِمَمْ ، لا سيَّمَا في زَماننا هذا.

والنَّفْسُ : قَدْرُ دَبْغَةٍ ، وعَلَيْه اقتصر الجَوْهَرِيُّ ، وزاد غَيرُه : أَو دَبْغَتَيْن. والَّدِبْغَةُ ، بكسر الدال وفتحها ممَّا يُدْبَغُ به الأَديمُ من قَرَظٍ وغيره ، يُقَال : هَبْ لي نَفْساً مِن دِبَاغٍ ، قال الشَّاعِرُ :

أَتَجْعَلُ النَّفْسَ الَّتِي تُدِيرُ

فِي جِلْدِ شاةٍ ثُمَّ لا تَسِيرُ

قال الجَوْهَرِيُّ : قال الأَصْمَعِيُّ : بَعَثت امرأَةٌ مِن العربِ بِنْتاً لها إِلى جارَتِهَا ، فقالت لها : تقولُ لك أُمِّي : أَعْطِينِي نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بِه مَنِيئَتِي فإِنِّي أَفِدَةٌ. أَي مُسْتَعْجِلَةٌ ، لا أَتفرَّغُ لاتِّخاذِ الدِّباغِ مِن السُّرْعَةِ. انتَهَى. أَرَادَتْ : قَدْرَ دَبْغَة أَو دَبْغَتَيْن من القَرَظ الّذِي يُدْبَغُ به. المَنِيئَةُ : المَدْبَغَةُ (٥) ، وهي الجُلُودُ الّتِي تُجْعَلُ في الدِّباغ. وقيل : النَّفْسُ مِن الدِّباغِ : مِلْ‌ءُ الكَفِّ ، والجَمْعُ : أَنْفُسٌ ، أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :

وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ بِهِ

عَلَى المَاءِ إِحْدَى اليَعْمَلاتِ العَرامِسِ

يَعْنِي الوَطْبَ مِن اللبَنِ الذِي طُبِخَ بهذا القَدْرِ مِن الدِّبَاغِ.

وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ : النَّفْسُ : العَظَمَةُ والكِبْرُ ، والنَّفْسُ : العِزَّةُ. والنَّفْسُ : الأَنْفَسةُ. والنَّفْسُ : العَيْبُ ، هكذا في النُّسخِ بالعَيْنِ المُهْمَلَة ، وصَوَابُه بالغَيْنِ المُعْجَمَة ، وبه فَسَّر ابْنُ الأَنْبَارِيّ قوله تعالَى (تَعْلَمُ ما فِي) نَفْسِي الآيَةَ ، وسَبَقَ الكلامُ عليه. والنَّفْسُ : الإِرادَةُ. والنَّفْسُ : العُقُوبَةُ ، قيل : ومنه قولُه تَعَالَى وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ (٦) أَي عُقُوبَتَه ، وقال غيرُه : أَي يُحَذِّرُكُم إِيّاه.

وقد تَحَصَّل مِن كلامِ المصنِّف ، رحمَه الله تعالى ، خَمْسَةَ عَشَرَ مَعْنًى للنَّفْسِ ، وهي : الرُّوح (١) ، والدَّمُ (٢) ،

__________________

(١) زيادة عن التهذيب.

(٢) سورة الحجر الآية ٢٩.

(٣) سورة المجادلة الآية ٨.

(٤) سورة الزمر الآية ٥٦.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : المدبغة ، بفتح الميم هي بدل من المنيئة».

(٦) سورة آل عمران الآية ٢٨.

١٦

والجَسَدُ (٣) ، والعَيْنُ (٤) ، والعِنْدُ (٥) ، والحَقِيقَةُ (٦) ، وعَيْنُ الشَّيْ‌ءِ (٧) ، وقَدْرُ دَبْغَةٍ (٨) ، والعَظَمَةُ (٩) ، والعِزَّةُ (١٠) ، والهِمَّةُ (١١) ، والأَنَفَةُ (١٢) ، والغَيْبُ (١٣) ، والإِرادَةُ (١٤) ، والعُقُوبَةُ (١٥). ذَكر منها الجَوْهَرِيُّ : الأَوَّلَ ، والثّانِيَ ، والثالثَ ، والرّابعَ ، والسابعَ ، والثامَن ، وما زدْناه على المُصَنِّف ، رحِمَه الله ، فسيأْتي ذِكْرُه فيما اسْتُدْرِك عليه. وجَمْعُ الكُلِّ : أَنْفُسٌ ونُفُوسٌ.

والنَّفَسٌ ، بالتَّحْرِيك : وَاحِدُ الأَنْفَاسِ ، وهو خُرُوجُ الرِّيحِ من الأَنْفِ والفَمِ. ويُرَادُ به السَّعَةُ ، يُقَال : أَنْتَ فِي نَفَسٍ مِن أَمْرِك ، أَي سَعَةٍ ، قاله الجَوْهَرِيُّ ، وهو مَجازٌ ، وقال اللَّحْيَانِيُّ : إِنَّ في الماءِ نَفَساً لِي ولَكَ ، أَي مُتَّسَعاً وَفَضْلاً. ويُقَال : بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ نَفَسٌ ، أَي مُتَّسَعٌ.

والنَّفَسُ أَيضاً : الفُسْحَةُ فِي الأَمْرِ ، يقال : اعْمَلْ وأَنْتَ في نَفْسٍ ، أَي فُسْحَةٍ وسَعَةٍ ، قَبْلَ الهَرَمِ والأَمْرَاضِ والحَوَادِثِ والآفاتِ.

وفي الصَّحاح : النَّفسُ : الجَرْعَةُ ، يُقَال : اكْرَعْ من الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْنِ ، أَي جُرْعَةً أَو جُرْعَتَيْنِ ولا تَزِدْ عليه.

والجَمْع : أَنْفَاسٌ ، كَسَببٍ وأَسْبَابٍ ، قال جَرِيرٌ :

تُعَلِّلُ وَهْيَ ساغِبَةٌ بَنِيهَا

بأَنْفَاسٍ مِنَ الشَّبِمِ القَرَاحِ

انتَهَى. قال مُحَمدُ بن المُكَرّم : وفي هذا القَوْل نَظَرٌ.

وذلك لأَن النَّفَسَ الوَاحدَ يَجْرَع فيه الإِنْسَان عِدَّةَ جُرَعٍ ، يَزيدُ ويَنْقصُ علَى مقْدَار طُولِ نَفَسِ الشّارب وقِصَره ، حتّىً إِنّا نَرَى الإِنْسَانَ يَشربُ الإِنَاءَ الكَبِيرَ في نَفَسٍ وَاحِدٍ على عِدَّةِ جُرَعٍ. ويُقَال : فُلانٌ شَرِبَ الإِنَاءَ كُلَّه عَلَى نَفَسٍ وَاحدٍ. والله تَعَالَى أَعْلَم.

وعن ابن الأَعْرَابيِّ : النَّفَسُ الرِّيّ ، وسيأْتي أَيْضاً قريباً.

والنَّفَسُ : الطَّويلِ من الكَلام ، وقد تَنَفَّسَ. ومنه‌ حديث عَمَّارٍ : «لقد أَبْلَغْتَ وأَوْجَزْتَ ، فلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ» ‌، أَي أَطَلْت. وأَصْله : أَنَّ المُتَكَلِّمَ إِذا تَنَفَّسَ استأْنَفَ القَوْل وسَهُلَت عليه الإِطالَة. وقال أَبُو زَيْدٍ : كَتَبْت (١) كِتَاباً نَفَساً ، أَي طِويلاً.

وفي قَوْله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ولا تَسُبُّوا الرِّيح» ‌، والوَاو زائدة ، وليست في لَفْظ الحَديث ، «‌فإِنَّهَا منْ نَفَسِ الرحْمن». وكذا‌ قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ ، وفي رِواية : «نَفَسَ الرَّحْمن» وفي أُخْرَى : «إِنّي لأَجدُ منْ قِبَل اليَمَن» ‌قَال الأَزْهَريُّ : النَّفَسُ في هذين الحَديثَيْن : اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَرِ الحَقيقيِّ مِن نَفَّسَ يُنَفَّسُ تَنْفيساً ونفَساً ، أَي فَرَّجَ عنه الهَمَّ تَفْريجاً ، كأَنَّه قال : تَنْفيسَ رَبِّكم من قِبَل اليَمَنِ. وإِنَّ الرِّيحَ مِن تنفِيسِ الرَّحْمنِ بها عن المَكْرُوبِينَ (٢) ، فالتَّفْرِيج : مَصْدَرٌ حقيقيٌّ ، والفَرَجُ ، اسمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ المصدرِ ، والمَعْنَى : أَنَّهَا ، أَي الرِّيحُ تُفَرِّجُ الكَرْبَ ، وتُنْشِ‌ءُ السَّحابَ ، وتَنْشُرُ الغَيْثَ ، وتُذْهِبُ الجَدْبَ ، قال القُتَيْبِيُّ (٣) : هَجَمْتُ على وَادٍ خَصِيبٍ وأَهْلُه مُصْفَرَّةٌ أَلْوَانُهُم ، فسأَلْتُهُم عن ذلك ، فقال شيخٌ منهم : ليسَ لنارِيحٌ. وقولُه‌ في الحَدِيثِ : «مِن قِبَل اليَمَن» لمُرَادُ والله أَعْلَمُ : مَا تَيَسَّر له صلى‌الله‌عليه‌وسلم منْ أَهْل المَدينَةِ المُشَرَّفَة وهُم يَمَانُونَ يَعْني الأَنْصَارَ ، وهم من الأَزْد ، والأَزْدُ من اليَمَن ، من النُّصْرَةِ والإِيواءِ له ، والتَّأْييد له برِجَالهم وهو مُسْتَعَارٌ من نَفَس الهَوَاءِ الَّذي يُرَدِّدُه (٤) المُتَنَفِّسُ إِلى الجَوْف ، فيُبَرِّدُ من حَرَارتِه ويُعَدِّلُها ، أَو من نَفَسَ الرِّيح الّذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوحُ إِليه ، أَو من نَفَس الرَّوْضة ، وهو طِيبُ رَوائحها فيَنْفَرجُ به عنه.

ويقال : شَرَابٌ ذُو نَفَسٍ : فيه سَعَةٌ ورِيٌّ ، قالَه ابنُ الأَعْرَابيّ ، وقد تقدَّم للمصنِّف ذِكْرُ مَعْنَى السَّعَةِ والرِّيِّ ، فلو ذَكَرَ هذا القولَ هناك كانَ أَصابَ ، ولعلَّه أَعادَه ليُطَابقَ مع الكَلام الّذي يَذْكُرُه بَعْدُ ، وهو قوله : ومن المَجازِ : يقال : شَرَابٌ غَيْرُ ذِي نَفَسٍ أَي كَرِيه الطَّعْمِ آجِنٌ مُتَغَيِّرٌ ، إِذا ذاقَه ذائق لم يَتَنَفَّسْ فِيه ، وإِنَّمَا هي الشَّرْبَة الأولَى قَدْرَ مَا يُمْسِك رَمَقَه ، ثُمَّ لا يَعُودُ له ، قال الرَّاعِي ويُرْوَى لأبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيّ :

وشَرْبَة مِنْ شَرَابٍ غَيْرِ ذِي نَفَسٍ

في كَوْكَبٍ مِن نُجُومِ القَيْظِ وهَّاج

__________________

(١) في القاموس : «كتب» وما بالأصل يوافق التهذيب.

(٢) في التهذيب زيد : وتفريجه عن الملهوفين.

(٣) في النهاية واللسان : العتبي.

(٤) في النهاية واللسان : يردّه التنفس.

١٧

سَقَيْتُهَا صَاديَا تَهوي مَسامِعهُ

قَدْ ظَنَّ أَنْ لَيْسَ مِن أَصْحَابِهِ نَاجِي (١)

أَي في وَقْتِ كَوْكَبٍ ، ويُرْوَى : «في صَرَّةٍ».

والنَّافِسُ : الخَامِسُ مِن سِهَام المَيْسِرِ ، قال اللحْيَانِيُّ : وفيه خَمْسَةُ فُرُوض ، وله غُنْمُ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِن فازَ ، وعَلَيْه غُرْمُ خمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِنْ لم يَفُز ، ويقَالُ : هُو الرابعُ ، وهذا القَوْلُ مَذْكُورٌ في الصّحاح ، والعَجَبُ من المُصَنفِ في تَرْكِه.

وشَيْ‌ءٌ نَفِيسٌ ومَنْفوسٌ ومُنْفسٌ كمُخْرجٍ ، إِذا كانَ يُتَنَافَس فيه ويُرْغَبُ إِليه لِخَطَرِه ، قالَ جَريرٌ :

لَوْ لَمْ تُرِدْ قَتْلَنا جادَتْ بِمُطَّرَفٍ

مِمَّا يُخَالِطُ حَبَّ القَلْبِ مَنْفوسِ

المُطَّرَف : المُسْتَطْرَف. وقال النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ ، رضي الله تعالَى عنه :

لا تَجْزَعِي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُهُ

فإِذَا هَلَكْتُ فعِنْدَ ذلِك فاجْزَعي

وقد نَفُسَ ، ككَرُمَ ، نَفَاسَةً ، بالفَتْحِ ، ونِفَاسا ، بالكَسْرِ ، ونَفَساً ، بالتَّحْرِيك ، ونُفُوساً ، بالضّمّ.

والنَّفِيسُ : المالُ الكَثيرُ الّذِي له قَدْرٌ وخَطَرٌ ، كالمُنْفِس ، قالَه اللِّحْيَانِيُّ ، وفي الصّحاحِ : يُقَال : لفُلانٍ مُنْفِسٌ ، أَي مالٌ كَثيرٌ. وفي بعض النُّسَخ : مُنْفِسٌ ، بغير واو.

ونَفِسَ به ، كفَرِحَ ، عَن فُلانٍ : ضَنَّ عَلَيْه وبه ، ومنه قَوْلَه تَعَالَى (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ) نَفْسِهِ (٢) والمَصْدَرُ : النَّفَاسَةُ والنَّفَاسِيَةُ ، الأَخِيرَةُ نادرَةٌ.

ونَفِسَ عَلَيْه بِخَيْرٍ قَليلٍ : حَسَدَ ، ومنه‌ الحَديثُ : «لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فما نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ».

ونَفِسَ عَلَيْهِ الشَّي‌ءَ نَفَاسَةً : ضَنَّ به ، ولم يَرَهُ يَسْتَأْهِلُه ، أَي أَهْلاً لَهُ ، ولم تَطِبْ نَفْسُه أَنْ يَصِلَ إِليه.

ومِنْ المَجَازِ : النِّفَاسُ ، بالكَسْر : وِلَادَةُ المَرْأَةِ وفي الصّحاحِ وِلَادُ المَرْأَةِ ، مَأْخُوذٌ مِن النَّفْسِ ، بِمَعْنَى الدَّمِ ، فإِذا وَضَعَتْ فَهي نُفَسَاءُ (٣) ، كالثُّؤَبَاءِ ، ونَفْسَاءُ ، بالفَتْح ، مِثَالُ حَسْنَاءَ ، ويُحَرَّكُ ، وقَال ثَعْلَبٌ : النُّفَساءُ : الوَالِدَةُ والحَامِلُ والحَائِضُ ، وج نِفَاسٌ ونُفُسٌ* ، كجِيَادٍ ورُخَالٍ نَادِراً ، أَي بالضّمّ ، ومِثْل كُتُبٍ ، بضَمَّتَيْنِ ، ومِثْل كُتْبٍ ، بضمٍّ فسُكُون. ويُجْمَعُ أَيْضاً على نُفَسَاءَ (٤) ونُفَسَاوَاتٍ ، وامْرَأَتَانِ نُفَسَاوَانِ ، أَبْدَلُوا من هَمْزَة التّأْنِيثِ وَاواً ، قال الجَوْهريُّ : ولَيْسَ في الكَلامِ فُعَلاءُ يُجْمَع على فِعَالٍ ، بالكَسْرِ ، غَيْرَ نُفَسَاءَ وعُشَرَاءَ. انتهى. وليس لهم فُعَلاءُ يُجْمَع عَلى فُعَالٍ ، أَي بالضَّمّ غَيْرَهَا ، أَي غيرَ النُّفَسَاءِ ، ولذا حُكِمَ عليه بالنَّدْرَة.

وقد نُفِسَتِ المَرْأَهُ كسَمِعَ وعُنِيَ نَفَساً ونَفَاسَةً ونِفَاساً ، أَي وَلَدَتْ ، وقال أَبو حَاتِمٍ : ويُقَال : نُفِسَتْ ، على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه. وحَكَى ثَعْلَبٌ : نُفِسَتْ وَلَداً ، على فِعْل المَفْعُول ، والوَلَدُ مَنْفُوسٌ ، ومنه‌ الحَدِيث : «مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ» ‌أَي مَوْلُودةٍ ، و‌في حَدِيث ابنِ المُسَيِّبِ : «لا يَرثُ المَنْفُوسُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صارِخاً» ‌أَي حَتّى يُسْمَعَ له صَوْتٌ ، ومنه قَوْلُهم : وَرِثَ فُلانٌ هذا قبل أَن يُنْفَسَ فُلانٌ ، أَي قبلَ أَن يُولَدَ.

ونُفِسَتِ المَرْأَةَ ، إِذا حَاضَتْ ، رُوِيَ بالوَجْهَيْنِ ، ولكِن الكَسْرِ فيه أَكْثَرُ ، وأَمّا قولُ الأَزْهَرِيّ : فأَمّا الحَيْضُ فلا يُقَال فيه إِلاّ نَفِسَتْ ، بالفَتْح : فالمُرَاد به فَتْحُ النُّونِ لا فَتْحُ العَيْنِ في الماضِي.

ونَفِيسُ بنُ مُحَمَّدِ ، مِنْ مَوَالِي الأَنْصَارِ ، وقَصْرُه علَى مِيلَيْنِ مِن المَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ ، على ساكِنها أَفْضَلُ الصّلاةِ والسلامِ ، وقد قدَّمْنا ذِكْرَه في القُصُور.

ويقال : لَكَ في هذا الأَمْرِ نُفْسَةٌ ، بالضّمّ ، أَي مُهْلَةٌ ومُتَّسَعٌ.

ونَفُوسَةُ ، بالفَتْح : جِبَالٌ بالمَغْرِبٍ بَعْدَ إِفريقِيَّةَ ، عاليةٌ نَحْوَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ في أَقلَّ من ذلِك ، أَهْلُهَا إِباضِيَّةٌ ، وطُولُ هذا الجَبَلِ مَسِيرةُ سِتَّةِ أَيامٍ من (٥) الشَّرْقِ إِلى الغَرْبِ ، وبينَه‌

__________________

(١) البيتان في ديوان الراعي ص ٣١ من قصيدة من ٣٢ بيتاً أولها :

ألا اسلمي اليوم ذات الطوق والعاج

والدلّ والنظر المستأنس الساجي

(٢) سورة محمد الآية ٣٨.

(٣) على هامش القاموس عن نسخة ثانية : النُّفَسَاء.

(*) بعدها في القاموس : نُفْسٌ.

(٤) في القاموس : «نوافس».

(٥) عن معجم البلدان ، وبالأصل «في».

١٨

وبينَ طَرَابُلُسَ ثلاثَةُ أَيّامٍ ، وإِلى القَيْروَانِ سِتَّةُ أَيّامٍ ، وفي هذا الجبلِ نَخْلٌ وزَيْتُونٌ وفَواكِهُ ، وافْتَتَح عَمْرُو بن العاصِ ، رضي الله تعالى عنه ، نَفُوسَةَ ، وكانُوا نَصَارَى.

نَقَلَه ياقُوت.

وأَنْفَسَهُ الشَّيْ‌ءُ : أَعْجَبَهُ بنَفْسِه ، ورَغَّبَه فيها ، وقال ابنُ القَطّاعِ : صار نَفِيساً عِنْدَه ، ومنه‌ حَدِيثُ إِسماعِيلَ عليه‌السلامُ : «أَنَّهُ تَعَلَّم العَرَبِيَّةَ وأَنْفُسَهُم». وأَنْفَسَه في الأَمْرِ : رَغَّبَهُ فيه ويُقَالُ منه : مالٌ مُنْفِسٌ ومُنْفَسٌ ، كمُحْسِنٍ ومُكْرَمٍ ، الأَخِيرُ عن الفَرّاءِ : أَي نَفِيسٌ ، وقيلَ : كَثِيرٌ ، وقيل : خَطيرٌ ، وعَمَّه اللَّحْيَانِيُّ ، فقال : كُلُّ شيْ‌ءٍ له خَطَرٌ فهو نَفِيسٌ ومُنْفِسٌ.

ومِن المَجَازِ : تَنَفَّسَ الصُّبْحُ أَي تَبَلَّجَ وامتدَّ حتى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً (١) ، وقال الفَرّاءُ في قولِه تعالَى (وَالصُّبْحِ إِذا) تَنَفَّسَ (٢) قال : إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً.

و‌قال مُجَاهِدٌ : (إِذا) تَنَفَّسَ ، إِذا طَلَع‌ ، وقال الأَخْفَشُ : إِذا أَضاءَ ، وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه (٣).

ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ، ونَفَّسَها هُو : صَدَّعَها ، عن كُرَاع ، وإِنَّمَا يَتَنَفَّسُ مِنْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ ، وهو خَيْرُ القِسِيِّ ، وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَنَفَّسُ. يُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ.

وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ ، وهو مَكرُوهٌ.

وتَنَفَّسَ أَيْضاً : شَرِبَ من الإِنَاءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس ، فأَبَانَهُ (٤) عن فِيهِ في كُلِّ نَفَسٍ ، فهو ، ضِدٌّ ، وفي الحَدِيث «أَنَّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً» ‌و‌في حَدِيثٍ آخَرَ : «أَنه نَهَى عَنِ التَّنَفُّسِ في الإِناءِ‌ ، قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ ، والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ ، فَذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ. ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةٌ ونِفَاساً ، إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم ، كَتَتَنافَسَ ، والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَة فِي الشَّيْ‌ءِ والانْفرَادُ به ، وهو منَ الشَّيْ‌ءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه ، وقولُه عَزّ وجلّ : (وَفِي ذلِكَ) فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٥) أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ.

* وممَّا يُسْتَدْرَك عليه :

قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ ، قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى) أَنْفُسِكُمْ (٦) قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ) بِأَنْفُسِهِمْ (خَيْراً) (٧) أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم.

والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه ، رُوحُه وجَسَدُه ، كقولهم : عنْدي ثَلَاثَةُ أَنْفُس ، وكقوله تَعَالَى : (أَنْ تَقُولَ) نَفْسٌ (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (٨) قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنَّمَا اتُّسِعَ في النَّفْسِ وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة ، لغَلَبَةِ أَوْصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يُسَمَّى نَفْساً ، وطَرَأَ عليه هذا الاسْمُ بسَبَبِ الجَسَد ، كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب اخْتِلافِ أَنواع الشَّجَر ، من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ ، وغير ذلك. انتهى.

وقال اللِّحْيَانِيُّ : الغَرَبُ تقولُ : رَأَيْتُ نَفْساً وَاحِدَةً ، فَتُؤنَّثُ ، وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن ، فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنْفُسٍ ، ذَكَّرُوا ، وكذلك جميعُ العَدَد ، قال : وقد يكونُ التَّذْكِيرُ في الواحِدِ والاثْنَيْنِ ، والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ ، قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عن الكِسَائِيّ. وقال سِيبَوَيْه : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ ، يُذكِّرُونَه ، لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُمْ يُرِيدُون به الإِنْسَانَ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُم يَقُولُونَ : نَفْسٌ وَاحِدٌ ، فلا يُدخِلون الهاءَ ، قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رُؤْيَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ ، على تَأْنِيثِ النَّفْسِ ، كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ ، للعَيْنِ مِن النّاسِ ، وكما قالُوا : ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ ، وقال الحُطَيْئَةُ :

__________________

(١) هذا قول الزجاج في تفسير قوله تعالى : (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ).

(٢) سورة التكوير الآية ١٨.

(٣) لفظة «منه» أقحمت في العبارة كما يتضح من عبارة التهذيب ، وفيه : حتى يتبيّن ، ومنه يقال : تنفست القوس ...

(٤) في النهاية : «يفصل فيها فاه عن الإناء» وفي التهذيب : «بين فاه عن الإناء».

(٥) سورة المطففين الآية ٢٦.

(٦) سورة النور الآية ٦١.

(٧) سورة النور الآية ١٢.

(٨) سورة الزمر الآية ٥٦.

١٩

ثَلَاثَةُ أَنْفُسِ وثَلَاثُ ذَوْدٍ

لَقَدْ جارَ الزَّمَانُ علَى عِيَالِي

وقَولُه تعالَى : (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ) نَفْسٍ (واحِدَةٍ) (١) يَعْنِي آدَم ، و [(زَوْجَها) يعني] (٢) حَوَّاءَ ، عليهِمَا السلام ويقال : ما رأَيْتُ ثُمَّ نَفْساً ، أَي أَحَداً.

ونَفَسُ السَّاعَةِ ، بالتَّحْرِيك ، آخِرُ الزَّمَانِ ، عن كُراع.

والمُتَنَفِّسُ : ذو النَّفَسُ ، ورَجُلٌ ذو نَفس ، أَي خُلُقٍ.

وثَوْبٌ ذو نَفسٍ ، أَي جَلَدٍ وقُوَّةٍ.

والنَّفُوسُ ، كصَبُورٍ ، والنَّفْسَانِيُّ : العَيُونُ الحَسُودُ المُتَعَيِّنُ لأَموالِ النَّاسِ ليُصِيبَها ، وهو مَجَازٌ ، وما أَنْفَسَهُ ، أَي ما أَشَدَّ عَيْنَه ، هذِه عن اللِّحْيَانِيّ ، وما هذا النَّفْسُ؟ أَي الحَسَدُ ، وهو مَجَازٌ.

والنَّفْسُ : الفَرَجُ مِن الكَرْبِ ، ونَفَّسَ عنه : فَرَّج عنه ، ووَسَّع عليه ، ورَفَّه له ، وكُلُّ تَرَوُّحٍ بَيْنَ شَرْبَتَيْن : نَفَسٌ.

والتَّنَفُّسُ : استِمْدادُ النَّفْسِ ، وقد تَنَفَّسَ الرجُلُ ، وتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ. وكُلُّ ذِي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ ودَوَابُّ الماءِ لا رِئَاتِ لَهَا.

ودَارُكَ أَنْفَسُ مِنْ دَارِي أَي أَوْسَعُ ، وهذا الثَّوبُ أَنْفَسُ مِن هذا ، أَي أَعْرَضُ وأَطْوَلُ وأَمْثَلُ. وهذا المكانُ أَنْفَسُ مِن هذا ، أَي أَبْعَدُ وأَوسَعُ.

وتَنَفَّس في الكلامِ : أَطالَ. وتَنَفَّسَتْ دِجْلَةُ : زادَ ماؤُها.

وزِدْنِي نَفَساً في أَجَلِي أَي طَوَّلِ الأَجَلَ. عن اللِّحْيَانِيّ ، وعنه أَيضاً : تَنَفَّسَ النَّهَارُ : انتصَفَ ، وتَنَفَّس أَيضاً : بَعُدَ.

وتَنَفَّسَ العُمْرُ ، مِنْه ، إِمّا تَرَاخَى وتَبَاعَدَ ، وإِمّا اتَّسَع.

وجَادَتْ (٣) عينُه عَبْرَةً أَنْفَاساً ، أَي ساعةً بَعْدَ ساعةٍ.

وشي‌ءٌ نافِسٌ : رَفُعَ وصارَ مَرْغُوباً فيه وكذلِكَ رجُلٌ نافِسٌ ونَفِيس ، والجَمْع : نِفَاس.

وأَنْفَسَ الشَّيْ‌ءُ : صار نَفِيساً. وهذا أَنْفَسُ مالِي ، أَي أَحَبُّه وأَكْرَمُه عِنْدِي ، وقد أَنْفَسَ المالُ أَنْفَاساً. ونَفَّسَنِي فيه : رَغَّبَنِي ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ وأَنْشَدَ :

بأَحْسَنَ مِنْه يَوْمَ أَصْبَحَ غادِياً

وَنَفَّسَنِي فِيه الحِمَامُ المُعَجَّلُ

قلت : هو (لأُحَيْحَةَ بنِ الجَلاحِ ، يَرْثِي ابْنَا له ، أَو أَخَاً له ، وقد مَرَّ ذَكْرُه في «هبرز».

ومالٌ نَفِيسٌ : مَضْنُونٌ بهِ.

وَبَلَّغَكَ الله أَنْفَسَ الأَعْمَارِ. وفي عُمُرِه تَنَفُّسٌ ومُتَنَفَّسٌ.

وغائِطٌ مُتَنَفَّسٌ : بَعِيدٌ ، وهو مَجَازٌ.

ويُجْمَعُ النُّفَسَاءُ أَيْضاً علَى نُفَّاسٍ ونُفَّسٍ ، كرُمّانٍ وسُكَّرٍ ، الأَخِيرَةُ عنِ اللِّحْيَانِيّ.

وتَنَفَّسَ الرجُلُ : خَرَجَ مِن تَحْتِه رِيحٌ ، وهو على الكِنَايَةِ.

وقال ابنُ شُمَيْلٍ : نَفَّسَ قَوْسَه ، إِذا حَطَّ وَتَرَهَا ، وتَنَفَّسَ القِدْحُ ، كالقَوْسِ ، وهو مَجازٌ.

وأَنْفٌ (٤) مُتَنَفِّسٌ : أَفْطَسُ ، وهو مَجازٌ.

وفُلانٌ يُؤامِرُ نَفْسَيْهِ : إِذا اتَّجَه له رَأْيَانِ ، وهو مَجازٌ ، قالَه الزَّمَخْشَرِيُّ. قلتُ : وبَيَانُه أَنَّ العَرَبَ قد تَجعَلُ النَّفْسَ الّتِي يكونُ بها التَّمْيِيزُ نَفْسَيْن ، وذلِكَ أَنَّ النَّفْسَ قد تَأْمُره بالشَّيْ‌ءِ أَو تَنْهَاه عنه ، وذلِكَ عندَ الإِقْدامِ على أَمْرٍ مَكْرُوه ، فجَعَلُوا الّتي تَأْمُره نَفْساً ، وجَعَلُوا الّتي تَنْهَاه كأَنَّهَا نَفْسٌ أُخْرَى ، وعلى ذلك قولُ الشاعِرِ :

يُؤامِرُ نَفْسَيْه وفِي العَيْشِ فُسْحَةٌ

أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبانَ أَمْ لَا يَطُورُها (٥)

__________________

(١) سورة النساء الآية الاولى.

(٢) زيادة عن اللسان.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وجادت ... الخ عبارة اللسان : وقول الشاعر :

عيني جودا عبرة أنفاسا

أي ساعة بعد ساعة».

(٤) عن الأساس وبالأصل «وأنت».

(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «وأنشد الطوسي :

لم تدر ما لا ولست قائلها

عمرك ما عشت آخر الأبد

ولم توامر نفسيك ممترياً

فيها وفي أختها ولم تكد

وقال آخر :

فنفساي نفس قالت : انت ابن بحدل

تجد فرجاً من كل غمّى تها بها

ونفس تقول : أجهد نجاءك لا تكن

كخاضبة لم يغن عنها خضابها

كذا في اللسان»

٢٠