تاج العروس - ج ٣

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي

تاج العروس - ج ٣

المؤلف:

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي


المحقق: علي شيري
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٣

١
٢

بَابُ التّاء

المُثَنَّاة الفَوْقِيَّة من الحروف المهموسة ، وهي من الحروف (١) النِّطْعِيَّة ، الطاءُ والدالُ والتَّاءُ ، ثلاثة في حَيِّزٍ واحد. وأكثرُهم يتكلَّم على إبدالها من بقيَّة الحروف ، لِأَنها من حروف الإبدال. انْظرْهُ في شرح شيخنا.

فصل الألف

مع التاءِ

[أبت] : أَبِتَ اليوم ، كسَمِعَ ، ونَصَرَ ، وضَرَب ، وأشهر اللُّغَاتِ فيه ، كَفرحَ ؛ وعليه اقتصر الجَوْهَريُّ ، ونَسبَه إلى أَبي زَيْد ، وسَقَطَ لفظُ ضَرَبَ من بعض النُّسَخ ، ورأَيْت ، في هامِشِ الصّحاح ، ما نصُّه : الذِي قرأْتُه بخطِ الأَزهريّ في كتابه : أَبَتَ يأْبُتُ ، وكذا وَجَدْتُه في كتابِ الهَمْزِ ، لأَبِي زيد ، وقد وَهِمَ الجَوْهَريّ. أَبْتاً بفتْح فسُكون ، وَأُبُوتاً بالضَّمّ : اشْتَدَّ حَرُّهُ وَغَمُّهُ ، وسَكَنَتْ رِيحُهُ ، فهو آبِتٌ بالمدِّ ، وأَبِتٌ كفَرِحٍ وَأَبْتٌ بفتح فسكون ، كُلُّه بمعنى واحدٍ ، هكذا في النُّسخة ، وضبَطهُ الجَوْهَرِيُّ : الأُولى كضَخْمٍ ، والثانيةَ ككَتِفٍ ، والثالثةَ بالمدِّ ؛ قال رُؤْبَةُ :

*مِنْ سافِعاتٍ وهَجِيرٍ أَبْتِ*

فهو يَوْمٌ أَبْتٌ ، وليلة آبِتَةٌ بالمدِّ ، وأَبِتَةٌ كَكَتِفَةٍ ، وأَبْتَهٌ كضَخْمَةٍ ؛ وكذلك حَمْتٌ وحَمْتَةٌ ، ومَحْتٌ ومَحْتَة ، كل هذا في شِدّة الحَرِّ.

وأَبِتَ من الشَّرَابِ : انْتَفَخَ (٢) ، وذا من زياداته.

ويقَالُ : رَجلٌ مَأْبوتٌ : أي مَحرورٌ.

وأَبْتَةُ الغَضَبِ ، بالفتح : شِدَّتُه وسَوْرَتُه.

ويقال : تَأَبَّتَ الجَمْر : إذا احْتَدَم ، افتعلَ ، من : حَدَمَ بالحَاءِ والدال المهْمَلَتَيْنِ.

[أتت] : أَتَّه ، يَؤُتُّه ، أَتّاً : غَتَّه بالكلام ، أو غَلَبَه بالحُجَّةِ وكَبَتَهُ والمَئِتَّةُ مفْعِلَةٌ منه ، كذا في الصّحاح ولسان العربِ.

وأَتَّ رَأْسَهُ : شَدَخَهُ (٣) ، وذا من زياداته.

[أرت] : الأُرْتَةُ ، بالضَّم : الشَّعَرُ الذِي في رَأْسِ الحِرْباءِ ، عن أبي عَمْرِو ، وفي نسخةٍ : على رَأْسِ الحِرْبَاءِ : والأُرَتَانُ ، بضمّ الهَمْزة وفتح الرَّاءِ : ع.

[أست] : أَسْتُ الدَّهْر بالفتح ، جاءَ عن أَبي زَيْدٍ :قَوْلُهُم : ما زال على اسْتِ الدَّهْرِ مَجْنوناً ، أَي : لم يَزَلْ يُعْرَفُ بالجُنون ، وهو مثلُ أُسِّ الدَّهْر ، وهو قِدَمُهُ ، فأبْدَلُوا من إِحدى السِّينَيْنِ تاءً ، كما قالُوا : للِطَّسِّ : طَسْتٌ ، وأَنشد لأَبي نُخَيْلَةَ :

ما زالَ مُذْ كانَ علَى اسْتِ الدَّهْرِ

ذا حُمُقٍ يَنْمِي وعَقلٍ يَحْرِي

وجدت ، في هامش نسخةِ الصِّحاحِ ما نصّهُ : كان يَزِيدُ بْنُ عَمْرو (٤) بنِ هُبَيْرَةَ الفَزاريّ قد أَخَذَ ابْنَ النَّجْمِ بْنِ بِسْطَامِ بْنِ ضرارِ بْنِ قَعْقَاعِ (٥) بنِ زُرَارةَ ، في الشُّراةِ ، فَحَبَسَهُ ، فدخلَ عليه أبو نُخَيْلَةَ فسأَلَه في أَمْرهِ ، وذكر أَنه مجنونٌ ، لِيَهُونَ أَمرُه على يَزِيدَ ، وقَبْلَهُ :

__________________

(١) عن اللسان ، وبالأصل «حروف» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله من حروف» والظاهر : الحروف النطعية. قال المجد : والحروف النطعية ط د ت».

(٢) قال في التكملة : ويقال إنه بالثاء المثلثة ، وهو الصحيح. (٤) عن جمهرة ابن حزم ، وبالأصل «عمرو».

(٣) في التكملة عن ابن دريد : أته يؤته : إذا شدخه. (٥) عن الأغاني ، وبالأصل «تعتاع»

٣

أَقْسَمْتُ إِنْ لم يَشْرِ فِيمَنْ يَشْرِي

ما زالَ مَجْنُوناً على اسْتِ الدَّهْرِ

في حَسَبٍ عالٍ وحُمْقٍ يَحْرِي (١)

فأطلقَه.

قال ابنُ بَرِّيّ : معنى يَحْرِي أَي يَنْقُصُ. وقوله : على اسْتِ الدَّهْرِ ، يُرِيدُ ما قَدُمَ من الدَّهْرِ ؛ قال : وقد وَهِمَ الجَوْهَريّ في هذا الفصْلِ بأن جعَلَ اسْتاً في فصلِ أَسَتَ ، وإِنما حقُّه أَن يَذكُرَه في سَتَه ، وقد ذكرَهُ أَيضاً هناك. قال : وهو الصَّحِيحُ ، لأَن هَمْزَةَ اسْتٍ مُوصولةٌ ، بإجماعٍ ، وإذا كانت موصولةً فهي زائدةٌ. قال : وقولُه : إِنهم أَبدلُوا من السِّين في أُسِّ التاءَ كما أَبدلُوا من السين تاءً في قَوْلِهم : طَسّ ، فقالوا : طَسْت ، غَلَطٌ ؛ لأَنَّه كان يَجبُ أَنْ يُقَالَ فيه :أَسْتُ الدَّهْر ، بقَطْع الهمزة. قال ونَسَبَ هذا القَوْلَ إلى أبي زيدٍ ولَمْ يَقُلْه ، وإنمَا ذَكَرَ اسْتَ الدَّهْرِ مع أُسِّ الدَّهْرِ ، لاتفاقهما في المعنى لا غير. وأَسْت الكَلْبَةِ ، بالفتح الدَّاهيَة ، والشِّدَّة ، والمَكْرُوه.

وأَسْتُ المَتْنِ ، أَيضاً : الصَّحْرَاءُ الواسِعَةُ. وأَما الأَسْتُ التي بمعنى السافِلَةِ وهي الدُّبُرُ ، فإنه يأْتي بيانها في س ت ه في حرف الهاءِ. وأُسْيُوتُ ، بالضَّم (٢) : جَبَلٌ قربَ حَضْرَمَوْتَ ، مُطِلٌّ على مدينة مِرْبَاط ، يُنْبِتُ الداذِيَّ الذي يُصْلَح به النَّبِيذُ ، وفيه يكون شَجَرُ اللُّبَانِ ، ومنه يُحْمَلُ إِلى سائر الدُّنْيا ، بينَه وبين عُمَانَ ، على ما قيل ، ثلاثُمِائَةِ فَرْسَخٍ. كذا في المُعْجَم. وفي الأساس (٣) : من المجاز : ما زال زيدٌ محزوناً على اسْتِ الدَّهْرِ ، أي : على وَجْهِهِ.

وأُسْتِيُّ الثَّوْبِ ، بالضَّم : سَدَاهُ. حكى أَبو عليِّ القالِي : قالَ الأصْمَعِيّ : هو الأُزْدِيُّ (٤) ، والأُسْتِيُّ. والسَّدَاءُ والسَّتَاءُ لِسَدَى الثَّوْبِ قال : وأَما السَّدَى من النَدَى ، فبالدَّال لا غَيْرُ ، يقال : سَدِيَتِ الأَرْضُ : إذا نَدِيَتْ. قلتُ : وذكر الرّشاطِيُّ الأُسْتِيَّ. في الأَلف والسين ، وقال : هو الأُزْدِيّ والأُسْدِيّ ، ويُقَالُ فيه على الإبدال : الأُسْتِيّ ، وتَبِعَهُ البُلْبَيْسِيُّ في الأَنساب. ذِكْرُهُ هُنا وَهَمٌ ، وَوَزْنُهَا أُفْعُولٌ ، فمحلُّه المعتلُّ اللّامِ ، ولم يخصِّص في تَوهيمِه صاحبَ ، العينِ ، ولا غيرَه ، حتى يَتَوجَّهَ عليه اعتراضُ شيخِنا ، كما لا يَخْفَى ، وإِنما الذِي ذكَر الأَسْتَ هنا لُغَةً في الأَسْد ـ كما تقدَّمَ عن الرِّشاطِي وغيرهِ ـ ليس بواهمٍ ، وهذا قد أغفله شيخُنا كما أَغفله المصنِّفُ مع تَتَبُّعِه.

وأَسْتَواءُ (٥) ، كدَسْتَوَاءَ : مقتضاه أن يكونَ بفتح الأوّل والثالث ، ومثله ضبطه الذَّهَبِيُّ ، والَّذِي في كتاب الرِّشاطيّ والبُلْبَيْسيّ والمَراصِد : أَن ضَمَّ الأول والثالث لغةٌ (٦) فيه : رُسْتَاقٌ ، بالضَّمّ ، أي كُورَةٌ كثيرة القُرى بِنَيْسَابورَ ، منه أَبو جعفرٍ محمد بن بِسْطَامِ بنِ الحسن الأَديب ، والقاضي أبو العَلاءِ صاعِد بن محمدِ بن أَحْمَد بنِ عَبْدِ الله ؛ وعمر بن عُقْبَةَ الأَسْتَوَائِيُّ ، قال الذهبيُّ : روى عن ابْنِ المُبَارَك ، وعنه محمدُ بْنُ أَشْرَسَ [السُّلَمي].

[أشته] : أَشْتَهُ ، بالفتح وسكون الشِّين المُعْجَمة لَقَبُ جَماعةٍ من أَهْلِ أَصْفَهانَ مِنَ المُحَدِّثينَ (٧) ، وغَيْرِهم. وهو أَيضاً جَدُّ أَبي مُسْلِمٍ عبد الرَّحْمن بْنِ بِشْرِ بْنِ أَشْتَة المُؤدب الأَصبهَانيّ عن القاضي أبي محمدٍ إسحاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ البُشْتِيّ وغيره.

[أصت] : أَصَتَتِ الأَرْضُ ، تأصِتُ ، أَصْتاً ، من باب ضرَبَ : إِذا لَمْ يكن فيها بَقْلٌ ولا كلأٌ ، قال ابْنُ دُرَيْد : ليس بثَبتٍ.

__________________

(١) بهامش المطبوعة المصرية : «وأنشده في الأساس هكذا :

من كان لا يدري فإني أدري

ما زال مجنونا على است الدهر

ذا جسد ينمى وعقل يحري

هبة لأخوانك يوم النحر»

وردت في الأساس في مادة ستة ...

(٢) في معجم البلدان : «أسيوت بالفتح ثم السكون وياء مضمومة» ومثله في التكملة.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وفي الأساس الخ ذكره في مادة «ستة».

(٤) في التكملة : الأسْدِي.

(٥) وفي معجم البلدان بالضم ثم السكون وضم التاء المثناة وواو وألف (أستوا). معناه بلسانهم : المضحاة والمشرقة. وبهامش المطبوعة المصرية : «أستواء بضم الألف وسكون السين المهملة وفتح المثناة من فوقها أو ضمها وبعدها واو وألف ناحية بنيسابور ، انظر تقويم البلدان.»

(٦) عن معجم البلدان.

(٧) في القاموس : جماعة من المحدثين من أهل أصفهان.

٤

[أفت] : الأَفْتُ ، بالفَتْحِ ذِكْرُ الفَتْح مُسْتَدْرَك ، قاله شيخُنَا : الناقَةُ التي عندَهَا من الصَّبْر والبَقَاء ما لَيْسَ عند غَيْرِهَا ، قاله ابْنُ الأَعْرَابيّ وابْنُ أَحمَر. والأَفْتُ : السَّريعُ الَّذي يَغْلِبُ الإِبِلَ على السَّيْرِ ، عن ثعلب ، وكذلك الأُنثى ، وأَنشد لِابْنِ أَحمرَ :

كأَنّي لَمْ أَقلْ عاجٍ لِأَفْتٍ

تُرَاوِحُ بعْدَ هِزَّتِهَا الرَّسِيمَا

والأَفْت : الكَرِيم ، قاله أَبو عَمْرٍو ، كذا في نسخة قُرِئَت على شَمِر ، وقَيِّد غيرُه : مِنَ الإِبِلِ ، وكذلك الأُنْثَى ويُكْسَر ، كذا في نسخة من التهذيب ، وأنشد للعَجّاج :

إذا بنات الأَرْحَبِيّ الأَفْتِ (١)

والأَفْتُ ، بالفَتْح : الدّاهِيَةُ ، والعَجَبُ. وَحَيٌّ مِن هُذَيْلٍ. والإفْتُ ، بالكَسْرِ : لُغَةٌ في الإِفْكِ ، ويقَال : أَفَتَه عَنْه ، كأَفَكَه ، إذا صَرَفَه.

[أقت] : الأَقْتُ ، بالقاف لغةٌ في الوقْت ، كذا صَحَّحَه جماعة ، أَو إِبدالٌ ، أَو لحْن ، والتَّأْقِيت كالتَّوْقِيتِ : تَحْدِيد الأوْقَاتِ. وهو مُؤَقَّت ، من ذلك.

[ألت] : أَلَتَه مالَه ، وحَقَّهُ ، يَأْلِتُه ، أَلْتاً ، من حَدِّ ضَرَب : نَقَصَهُ ، وفي التَّنزِيل : (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ) (٢) قال الفَرّاءُ : الأَلْت : النقص. كآلَتَهُ إيلاتاً ، مثل أَكرَمَ إكراماً ، وَأَلأَتَهُ إِلْآتاً رباعيّا ، مثلُه ، غير أنّه مهموز العين ، وهكذا ضُبِط في نسختنا ، وصوّب عليه ، وضبطه شيخُنا من باب المُفَاعَلَة ، ومصدرُه إلاتٌ ، بغير ياءٍ ، كقِتال ، واستشهد من شواهدِ المُطوَّل نظيرَه في قوله :

لهمْ إِلْفٌ وليْسَ لكُمْ (٣) إِلافُ

قُلت : ويشْهَدُ له أَيضاً ما في لسان العرب : أَلَتَه يَأْلِتُه أَلْتاً ، وأَلاتَهُ (٤) أي : فهو مصدرُ أَلاتَهُ ، يُليتُهُ. وأَلَتَهُ عن وجْهِه : حَبَسَهُ وَصَرَفَهُ ، كلَاتَهُ يَلِيتُهُ ، وهما لُغَتَانِ ، حكاهما اليَزِيديُّ عن أَبي عَمْرُو بْنِ العَلاءِ. ولاتَهُ أَيضاً : نَقَصَهُ ؛ قال الفَرّاءُ : وفي الآيةِ لُغَةٌ أُخْرَى : وما لِتْنَاهُم ، بالكسر ؛ وأَنشد في الأَلْتِ :

أَبْلِغْ بَني ثُعَلٍ عَنِّي مُغَلْغَلَةً

جهْدَ الرِّسَالَةِ لا أَلْتاً ولا كَذِبَا

يقول : لا نقصانَ ولا زيادةَ. وفي لسان العرب : وفي حديث عبدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ ، يومَ الشُّورَى : «ولا تَغْمِدُوا سُيُوفَكُمْ عن أَعدائكم ، فَتُولِتُوا أَعْمَالَكم» (٥) قال القُتَيْبِيُّ : أَي تَنْقُصُوها ، يُرِيدُ أَنّه كانت لَهُم أَعمالٌ في الجِهاد مع رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإذا هم تَرَكُوها ، وأَغْمَدُوا سُيُوفَهم ، واخْتَلَفوا ، نَقَصُوا أَعمالَهُم. يقال : لَاتَ يَلِيت ، وأَلَتَ يَألِت ، وبِهما نَزَلَ القرآنُ ، قال : ولم أَسمَعْ أَوْلَتَ يُولِتُ ، إلّا في هذا الحديث قال : (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ) يجوز أَن يكون من : أَلَتَ ، ومن : أَلاتَ ، قال : ويكون أَلاتَهُ يُليِته : إذا صَرَفَهُ عن الشّيْ‌ءِ. قال شيخنا : وقد استعملوه لازماً ، قالوا : أَلت الشَّيْ‌ءُ ، كضَرَبَ : إذا نَقَصَ ، كما في المِصْباحِ وغيرِه ، وزاد بعضهم لغَةً أُخْرى ، وهي أنّه يُقَال : أَلِت ، كفَرِحَ ، ويدُلُّ له قِراءَة ابْنِ كَثِيرٍ : وما أَلِتْنَاهُمْ ، في الطور ، بكسر اللام ، حكاه ابْن جِنِّي ، وأَغْفَلَه المصنِّفُ وغيرُه. قلت : ولعلَّها هي اللُّغَة التي نقلها القُتَيْبِيُّ ، ونقلَ عنه ابْنُ مُكَرَّمٍ ، وإنَّما تَصَحَّف على شيخنا ، فلْيُراجَعْ في محلّه. والأَلْتُ : الحَلِفُ ، ورُويَ عن الأَصمعيّ أَنَّه قال : أَلَتَه يَمِيناً ، يَأْلِته ، أَلْتاً : إذا حَلَّفَهُ ، وفي الصّحاحِ : أَحْلَفَهُ. وقال غيرُهُ : ألَتهُ باليَمِين (٦) ، أَلْتاً : شدَّدَ عليه ، ورُويَ عن عُمَرَ ، رضي‌الله‌عنه : «أنَّ رَجُلاً قال له : اتَّقِ الله ، يا أَمِيرَ المؤْمِنِين ، فسَمِعَهَا رجلٌ ، فقال : أَتألِت على أميرِ المؤمنين؟ فقال عمَرُ : دَعْه» ، الحديث. قال ابْن الأَعْرَابيّ : معنَى قولِهِ : أَتَأْلِته؟ أَتَحُطُّه بذلك؟ أَتَضَع منه؟ أَتُنَقِّصُهُ؟ قال أَبو

__________________

(١) بهامش المطبوعة المصرية : «بقيته كما في التكملة :

قاربن أقصى غوله بالمتِّ

(٢) سورة الطور الآية ٢١.

(٣) عن اللسان (الف) وفي الأصل «لهم».

(٤) عن اللسان ، وبالأصل «ألاتة».

(٥) بالأصل «فيولتوا أعمالكم» وما أثبتناه عن اللسان. وفي النهاية «فتؤلتوا» وبهامش المطبوعة المصرية : قوله فيولتوا أعمالكم ، عبارة التكملة : ولا تغمدوا سيوفكم عن أعدائكم فتوتروا ثأركم وتولتوا أعمالكم. يروى بالهمز وتركه». (٦) اللسان : بيمين.

٥

منصور : وفيه وجهٌ آخرَ ، وهو أَشْبَه بما أراد الرجلُ ، فذكَرَ قولَ الأَصمَعِيَّ السابقَ ، ثم قال : كأنه لما قال : اتَّقِ الله ، فقد نَشَدَهُ باللهِ. تقول العرب : أَلَتُّكَ باللهِ لَمَا فَعَلْتَ كذا ، معناه : نَشدْتُكَ باللهِ والأَلْتُ : القَسَمُ ، يقال : إذا لم يُعْطِكَ حَقَّكَ ، فَقَيِّدْهُ بالأَلْتِ.

أو أَلَتَهُ : طَلَبَ منه حَلِفاً ، أَو شَهَادَةً ، يَقومُ له بها. وعن أبي عَمْرٍو : الأُلْتَة ، بالضَّم : العَطِيَّة القَلِيلَة (١). واليَمين الغَمُوسُ.

وأُلْتِي ، بالضَّمِّ وكَسْرِ التاءِ المثناة ، بهذا ضبَط ياقوت ، وأُلْتَى كحُبْلَى ، والمشهور الأوّلُ : قَلْعَةٌ في بِلاد الرُّوم ، وهي د حَصينةٌ في بلاد الكُرْجِ قُرْبَ تَفْلِيسَ ، كما أخبرني مَنْ دخَلَها. والأَلْتُ ، بفتح فسكون : البُهْتَان ، عن كُراع.

وَأَلِّيتُ ، بالفتح وشدّ اللّام مع كسرها : ع ، قال كُثَيِّر عَزَّةَ :

بروضة أَلَّيتَ قَصْرَا خَنَاثَا

وَمَا له نظِيرٌ سِوَى : كَوْكَبٌ دُرِّي‌ءٌ وقد سبق بيانه. وفي المحْكَمِ : هذا البناءُ عزيزٌ ، أو معدوم ، إلّا ما حَكاه أَبو زَيْد من قَوْلِهِم : عليه سَكَّينَةٌ قلتُ : وسيأتي له رابع في برت.

[أمت] : أَمَتَه ، يَأْمِتُه ، أَمْتاً : قَدَّرَه وحَزَرَه ، كأَمَّته تَأميتاً. ويقال : كم أَمْتُ ما بَينَك وبين الكُوفِةِ؟ أي : قَدْرُ. وأَمَتُّ القَومَ ، أَمْتاً : إذا حَزَرْتَهم. وأَمَتُّ الماءَ ، أَمْتاً : إِذا قَدَّرْتَ ما بينك وبَيْنَه ، قال رُؤبَةُ :

في بَلْدة يَعْيَا بِها الخِرِّيتُ

رَأيُ الأَدِلَّاءِ بها شَتِيتُ

أَيْهاتَ منها ماؤُها المَأْموتُ

أي : المحزورُ. ويُقالُ : ايْمِتْ يا فلانُ هذا لي (٢) ، كم هو؟ أي : احْزِرْهُ كم هو. وأَمَتَهُ ، أَمْتاً : قَصَدَهُ.

ويقالُ : هو إلَى أجَلٍ مَأْمُوتٍ ، أي : مُؤَقَّت. وعبارة الصَّحاح : مَوْقُوت. وشيْ‌ءٌ مَأْموتٌ : مَعروف.

والأَمْتُ : المَكَان المُرْتَفِع. والأمْتُ : الرَّوَابِي الصِّغارُ.

والأَمْتُ : النَّبَكُ ، وكذلك عَبَّر عنه ثعلب. وقال الفَرَّاءُ : الأَمْتُ : النَّبْكُ من الأرْض : ما ارتَفعَ ، ويُقال : مسايِلُ الأَوْدِيَة : ما تَسفَّلَ. وفي الصّحاح الأمْت : النِّبَاكُ ، وهي التِّلالُ الصِّغارُ. زاد غيرُه ، عن ابن الأَعْرَابيّ : والأَمْت : الوَهْدَة بين كلِّ نَشْزَيْنِ.

والأَمت : الانخِفاض ، والارْتفاعُ ، وبه فُسِّر قولُه تعالَى : (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) (٣) أي : لا انْخفاضَ فيها ولا ارتفاع ، ومنه قولُهم : اسْتَوتِ الأرْضُ ، فما بها أَمْتٌ. والأَمْتُ : الاخْتِلافُ في الشَّيْ‌ءِ.

وج إِمَاتٌ بالكسر ، وأُمُوتٌ بالضَّمِّ ، قال شيخُنا : على الشُّذُوذ ، كأنَّهُم أَلْحَقوه بالمعتلّ. والأَمْتُ : الضَّعْفُ والوَهْنُ ، يقال : سِرْنا سَيْراً لا أَمْتَ فيه ، أي : لا ضَعْفَ فيه ولا وَهْنَ ؛ وقال العجّاجُ :

ما في انْطِلاقِ رَكْبِهِ منْ أَمْتِ (٤)

أي من فُتُورٍ واسترخاءٍ. والأَمْت : الطَّرِيَقَةُ الحَسَنَةُ. والأَمْتُ : العِوَجُ ، قال سيبَوَيْه : وقالوا أَمْتٌ في الحَجَر ، لا فِيكَ ، أي : لِيَكُن الأمْتُ في الحِجَارة لا فيك. ومعناه : أَبقاكَ الله تعالَى بعد فَناءِ الحِجَارَة ، وهي ممّا تُوصَفُ (٥) بالخلود والبَقاءِ. قال ابنُ سِيدَهْ : رفعوه وإنْ كان فيه معنى

__________________

(١) في التكملة : العطية الشقنة ، أي القليلة.

(٢) في الأصل : «هذا إلى» وما أثبتناه عن اللسان.

(٣) سورة طه الآية ١٠٧.

(٤) بعده في التكملة :

إلا بتقحيم النجاء الكفت

هو لرؤبة ويروى للعجاج قاله الصاغاني.

(٥) في اللسان : مما يوصف.

٦

الدُّعَاءِ ، لأنّه ليس بجارٍ على الفِعل ، وصار كقولك : التُّرابُ له ، وحَسُن الابتداءُ بالنَّكِرَة ؛ لأنّه في قوّة الدُّعَاءِ. وهذا المَثل ، نقله شُرّاحُ التَّسهيل وغيره ، وأَغفلَه المَيْدَانيُّ وغيره. والأَمْت : العَيْبُ في الفَمِ ، وفي الثَّوْبِ والحَجَرِ هكذا بالجرّ في غير ما نُسْخةٍ ، وضبطه بعضهم بالرّفْع ، كأنَّهُ يريد : والأَمْت : الحَجَرُ ، وما رأَيْته في ديوانٍ.

والأَمْت : أَنْ يَغْلُظَ مكانٌ وَيرِقَّ مَكانٌ أي : يكون بعضُه أَشرَفَ من بعض.

والأَمْتُ : تَخَلْخُلُ القِرْبَةِ إِذا لم تُحْكَمْ أَفْرَاطُهَا. قال الأَزهريّ : سَمِعْتُ العربَ تقول : قد مَلأ القِرْبَةَ مَلْأً لا أَمْتَ فيه ، أَيْ ليس فيه اسْترخاءٌ من شِدَّةِ امْتِلائِها. وفي قَوْل بعض : الأَمْتُ : أن تَصُبَّ في القِرْبَة حَتَّى تَنْثَنِيَ ولا تَمْلأها ، فيكون بعضُها أَشرفَ من بعض ، والجمعُ إمَاتٌ ، وأُمُوتٌ.

والمُؤَمَّتُ ، كمُعَظَّم : المَمْلُوءُ. وفي الأَساس : وامتلأ السِّقاءُ ، فلم يَبْقَ فيه أَمْتٌ.

وأُمِّتَ بالشَّرِّ : أُبِنَ به ، قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ :

يَؤُوب أُولُوا الحَاجاتِ منه إِذا بَدَا

إلى طَيِّبِ الأَثْوَابِ غَيْرِ مُؤَمَّتٍ

المُؤَمَّتُ : هو المُتَّهَمُ بالشَّرِّ ونَحْوِه. وحكى ثعلبٌ : الخَمْرُ حَرُمَتْ من بابِ كَرُمَ. وفي نسخة : بالمبنيّ للمجهول من باب التّفعيل : لا أَمْتَ فِيهَا ، أي : لا شَكَّ في حُرْمَتِهَا وقد ورَدَ هذا في حديثِ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ : أَنَّ النَّبيَّ ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : «إنَّ الله حَرَّمَ الخَمْرَ ، فلا أَمْتَ فيها ، وأَنا أَنْهَى عن السَّكَرِ والمسْكِر» قوله : لا أَمْتَ فيها ، أَي : لا عَيْبَ فيها. وقال الأَزهريّ : لا شَكَّ فيها ، ولا ارْتِيابَ. وقيل لِلشَّكِّ وما يُرْتَابُ فيه : أَمْتٌ ، لأَنَّ الأَمْتَ : الحَزْرُ والتَّقدير ، ويَدخُلُهما الظَّنُّ والشَّكُّ. وقولُ ابْنِ جابِرٍ ، أَنشدَه شَمِرٌ :

ولا أَمْتَ في جُمْلٍ لَيالِيَ سَاعَفَتْ

بها الدّارُ إِلّا أَنَّ جُمْلاً إِلى بُخْلِ (١)

قال : لا أَمْتَ فِيهَا ، أَي : لا عَيْبَ فيها. وقال أَبو منصور : معنَى قولِ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ في الحديث المتقدِّم غَيْرُ معنَى ما في البيت. أراد : أنَّه حَرَّمها تَحريماً (٢) لا هَوَادَةَ فيه ولا لِينَ ، ولكنّه شَدَّد في تَحريمها ، وهو من قولك : سِرْتُ سَيْراً لا أَمْتَ فيه ، أَي : لا وَهْنَ فيه ، ولا ضَعْفَ (٣). وجائزٌ أَن يكونَ المعنَى أَنه حَرَّمَها تحريماً لا شَكَّ فيه ، وقد تقدّم.

[أنت] : أَنَتَ ، يَأْنِتُ ، أَنِيتاً ، كنَأَتَ نَئِيتاً ، وسيأْتي ذِكرُه : أَنَّ ، عن أَبي زيدٍ. والأَنِيتُ : الأَنِينُ. وأَنَتَ فُلاناً : إذا حَسَدَه ، فهو مَأْنُوتٌ وأَنِيتٌ (٤). هذا قولُ أبي عَمْرٍو.

وأَنَتَ الشَّيْ‌ءَ : قَدَّرَه ، وذا من زياداته ، كأنَّ النُّونَ بدلٌ عن الميم.

فصل الباء

[ببرت] : مِمّا يسْتَدْركُ عليه فيه : بابِرْتُ ، بكسر الباءِ الثّانية وسكون الرّاءِ : مدينةٌ حَسَنَةٌ من نواحي أَرْزَنِ الرُّومِ وأَرْمِينِيَة ، كذا في المعجم : وفي أَنساب البُلْبَيْسِيّ : بابَرْتَا : قرية بأَعمال المَوْصِل (٥) من نواحي بَغْدَادَ ، منها : أَبو القاسِم هِبَةُ الله بن محمَّدِ بن الحَسَنِ بن أَبي أَلاصابع الحَرْبِيّ البَابَرْتِيّ ، وُلِدَ بِهَا ، ونشأ بالحربيّة (٦) ، أَخذ عنه السّمْعانيُّ.

[بتت] : البَتُّ : الطَّيْلَسَانُ من خَزٍّ ونَحْوهِ هذِه عبارة الجَوْهَرِيّ. وفي المحْكَم : هو كِساءٌ غَلِيظ ، مُهَلهَلٌ ، مُرَبَّعٌ ، أَخضرُ. وقيل : هو من وَبَرٍ وصُوفٍ. وفي كفاية المتحفِّظ : هو كِساءٌ غَلِيظٌ ، من صُوفٍ أَو وَبَرٍ. وفي التَّهْذيب : البَتُّ : ضَرْبٌ من الطَّيَالِسَةِ ، يُسَمَّى السّاجَ ، مُرَبَّعٌ ، غَليظٌ ، أَخضرُ. والجمع البُتُوتُ. وفي المحكم : أبُتُّ. وبِتَاتٌ. وفي حديث

__________________

(١) في الأصل : «حملّ ... حملا» وما أثبت عن اللسان.

(٢) في التكملة : تحريما بليغا.

(٣) في النهاية : ولا فتور.

(٤) في التكملة : الأنيت : المحسود. فعيل بمعنى مفعول.

(٥) معجم البلدان : قرية من أعمال دجيل بغداد.

(٦) عن معجم البلدان ، وبالأصل : بالجزيرة.

٧

دارِ النَّدْوَةِ (١) : «فاعْتَرَضَهم إِبْلِيسُ في صورَةِ شَيْخٍ جَليلٍ عليه بَتُّ» وفي حديث عليّ ، رضي‌الله‌عنه : «أنّ طائفةً جاءَت إِليه فقال لِقَنْبَرٍ : بَتِّتْهُمْ» ، أَي : أَعْطِهِمُ البُتُوتَ. وفي حديث الحسن : «ولَبِسُوا البُتُوتَ والنَّمِراتِ».

وبائِعه ، وزادَ في الصّحاح : والّذي يَعْمَلُه : بَتِّيٌّ ، وَبَتّاتٌ مِثْلُه ، ومنه عُثْمَانُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ جُرْمُوزٍ البَتِّيُّ مولى بَنِي زُهْرَةَ ، من أَهل الكُوفَة ، وانتقل إِلى البَصْرة كان يَبيع البُتُوت (٢). رأَى أَنَساً ، ورَوَى عن صالحِ بْنِ أَبي مَرْيَمَ والحَسَنِ وعنه شُعْبةُ والثَّوْرِيُّ. وقال الدّارقُطْنِيُّ : هو عُثْمَانُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ (٣). وأَحدُ القَولَيْنِ تصحيفٌ. والبَتُّ : فَرَسان. والبَتُّ : ة كالمدينة بالعِرَاقِ قُرْبَ راذَانَ (٤) ، وكان أَهلُهَا قد تظلَّمُوا قديماً إِلى الوزير محمّد بنِ عبد الملك بن الزَّيّات من آفةٍ لَحِقَتْهُم فوَلَّى عليهم رَجُلاً ضَعِيفَ البَصرِ ، فقال شاعرٌ منهم :

أَتَيْتَ أَمْراً يا أَبا جَعْفَرٍ

لَمْ يَأْتِهِ بَرٌّ ولا فاجِرُ

أَغَثْتَ أَهْلَ البَتِّ إِذْ أَهْلِكُوا

بناظِرٍ ليس له ناظِرُ

ومنها أَبو الحسن أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الكاتبُ البَتِّيُّ ، أَديبٌ كَيِّسٌ ، له نَوَادرُ حَسَنةٌ ، مات سنة ٤٠٥ (٥) ، وكان كتب للقادِرِ باللهِ مُدَّةً. كذا في المُعْجَم. وعُثْمَانُ الفَقِيهُ البَصْريُّ ، رَوَى الحديثَ ، فسَمِعَهُ منه أَبو القاسم التَّنُّوخِيُّ وغيرُه (٦). وقال الذَّهَبِيُّ : هو فقيهُ البصرة ، زمنَ أَبي حَنيفةَ. قلتُ : وهو بعَينِه الّذِي تَقدَّم ذِكرُهُ ، وقد اضطرب هُنا كلامُ أَئمّة الأنساب وكلامُ صاحبِ المُعجمِ ، فَلْيُنْظَر : والبَتُّ : ة أُخْرَى ، بَيْنَ بَعْقُوبا بالباءِ الموحَّدة في أَوّله ، وفي نسخة : بالمُثنّاة التَّحْتِيّة ، وبُوهِرْز (٧) ، بكسر الهاء وسكون الرّاءِ وآخره زاي ، وهي قرية كبيرة.

وَبتَّةُ ، بالهاء : ة بِبَلَنْسِيَةَ ، بفتح المُوَحَّدة واللّام وسكونِ النُّون ، وهي من مُدُن الغَرْب ، مِنْهَا أَبو جَعْفَرٍ أَحمدُ بْنُ عبد الوَلِيِّ بْنِ أَحمدَ بْنِ عبد الوَلِيّ ، الكاتبُ الشّاعرُ الأَدِيبُ ، ومن شعره :

غَصَبْت الثُّرَيّا في البِعَادِ مَكَانَها

وأَوْدَعْت في عَيْنَيَّ صادِقَ نَوْئِها

وفي كُلِّ حالٍ لم تُضِى‌ءْ لي بحِيلَةٍ

فكَيْفَ أَعَرْت الشَّمْسَ حُلَّةَ ضَوْئِها

أَحرقه النّسطورُ بها سنةَ ثَمَان وثمانِينَ وأَرْبَعِمِائَة.

والبَتُّ : القَطْعُ المستأْصِلُ ، يقال : بَتَتُّ فانْبتَت (٨). وفي المحكم : بَتَّ الشَّي‌ءَ ، يَبُتُّ بالضَّمّ ، ويَبِتُّ بالكسر ، الأوّل على القِيَاس ؛ لأنّه المعروف في مضارع فَعَل المفتوحِ المتعدِّي ، والثّاني على الشُّذُوذ ، بَتًّا ، كالإِبْتَاتِ : قَطعَه قَطْعاً مُستأْصلاً ؛ قال :

فَبَتَّ حِبَالَ الوَصْلِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا

أَزَبُّ ظُهُورِ السّاعِدَيْنِ عَذَوَّرُ

وفي الصّحاح : يَبُتُّه ، ويَبِتُّه ، وهذا شاذٌ ؛ لأنَّ باب المُضَاعَف إِذا كان يَفْعِلُ منه مكسورا ، لا يجي‌ءُ متعدِّياً ، إلّا أَحرُفٌ معدودةٌ ، وهي : بَتَّه يَبُتَّه ويَبِتُّه ، وعَلَّه في الشُّرْب يَعُلُّه ويَعِلُّه ، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ، وَيَنِمُّه ، وشَدَّه يَشُدُّه وَيَشِدُّه ، وحَبَّه يَحِبُّه (٩) وهذِهِ وَحْدَها على لُغَةٍ واحِدةٍ ، وإِنّما

__________________

(١) عبارة النهاية : في حديث دار الندوة وتشاورهم في أَمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(٢) في اللباب لابن الاثير «البتي» هذه النسبة إِلى البت وهو موضع ، قال : أظنه بنواحي البصرة ، منه عثمان البتي ، وأبو الحسن أحمد بن علي الكاتب ، الذي سيرد قريبا.

(٣) في تهذيب التهذيب في ترجمتين منفصلتين : عثمان بن مسلم بن هرمز وعثمان بن مسلم بن جرموز البتي أبو عمرو البصري ، ونسبه إلى بيع البتوت.

(٤) كذا في القاموس ، وفي الأصل «زاذان» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله زاذان كذا بخطه وفي المتن المطبوع راذان ، وقد ذكر المجد أن راذان كورتان بالعراق».

(٥) ومثله في اللباب.

(٦) كذا بالأصل ، وفي اللباب وخلال روايته عن أبي الحسن الكاتب قال : روى الحديث فسمع منه أبو القاسم التنوخي وغيره. ولم يرد في تهذيب التهذيب في ترجمة عثمان البتي (أبو عمرو البصري) فيمن روى عنه اسم أبي القاسم التنوخي. فالعبارة هنا مضطربة وهذا ما أشير إليه قريبا.

(٧) في الأصل «أبو هرز» وما أثبت عن القاموس. وأشار إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.

(٨) عبارة اللسان : بتتُّ الحبلَ فانبتَّ. (٩) في الأصل : «وحبه يحبه ويحبه» وما أثبتناه يوافق سياق الصحاح والنقل عنه.

٨

سَهَّلَ تَعدَّي هذه الأَحرفِ إِلى المفعولِ اشتراكُ الضَّمِّ والكسر فيهنَّ. وبَتَّتَه تَبْتِيتاً ، شُدِّدَ للمبالغة. انتهى.

والبَتُ : الانْقِطاعُ ، أَشارَ إِلى أَنَّه يُستعملُ لازماً أَيضاً ، كالانْبِتات مصدر انْبَتَّ ، يقال : سار حتّى انْبَتَّ. ورجل مُنْبَتٌّ : أي مُنْقَطَعٌ به ، وهو مُطاوعُ بَتَّ ، كما يأْتي ، وصرَّحَ النَّوَوِيُّ في تهذيب الأَسماءِ واللُّغَات بأنّ كُلّا منهما يُستعملُ لازماً ومتعدِّياً ، تقول : بَتَّهُ وأَبَتَّهُ ، فبَتَّ وأَبَتَّ.

وعن الليث : أَبَتَّ فلانٌ طلاقَ امرأتِه ، أَي : طَلَّقَها طلاقاً باتَّا. والمجاوِزُ منه الإِبْتاتُ. قال أَبو منصور قولُ اللَّيْثِ في الإِبْتاتِ والبَتِّ موافِقٌ قولَ أَبي زيد ، لأَنّه جعل الإبتاتَ مُجَاوِزاً ، وجعل البَتَّ لازِماً (١). ويقال : بَتَّ فلانٌ طلاقَ امرأَتِهِ ، بغير أَلِف ، وأَبَتَّه بالألِف ، وقد طَلَّقها البَتَّةَ. ويقال : الطَّلْقَةُ (٢) الواحِدَة تَبُتُّ وتَبِتُّ ، أَي : تَقطعُ عِصْمَةَ النِّكاحِ إِذا انقضتِ العِدَّةُ. وطَلَّقَها ثلاثاً بَتَّةً ، وبَتَاتاً (٣) : أي بتْلَةً بائِنَةً يعني : قَطْعاً لا عَوْدَ فيها. وفي الحديث (٤) «طَلَّقَها ثَلاثاً بَتَّةً» ، أَي : قاطِعَةً. وفي الحديث : «لا تَبِيتُ المَبْتُوتَةُ إِلّا في بَيْتِها» هي المُطَلَّقةُ طلاقاً بائناً ، قال شيخُنا : وقولُه «بائنة» ، غير جارٍ على قواعد الفُقَهَاء ؛ فإنّ البائنةَ هي الّتي تَمْلِكُ المرأةُ بها نَفْسَها بحيثُ لَا يَرُدُّها إِلا برِضاها ، كطلاقِ الخُلْع ونحوهِ. وأَما البَتَّةُ ، فهي المُنْقَطِعَةُ الّتي لا رَجْعَةَ فيها إِلّا بعدَ زَوْجٍ. انتهى.

ولا أَفْعَلُه أَلْبَتَّةَ ، بقطع الهمزة ، كما في نسختنا ، وضُبِط في الصِّحاح بوصلها ، قالوا : كأَنَّه قَطَعَ فِعْلَهُ. ولا أَفْعَلُهُ بَتَّةً بغيرِ اللَّام ، لِكُلِّ أَمْرٍ لا رَجْعَةَ فيه ، ونَصْبُه على المَصْدر.

قال ابْنُ بَرِّيّ : مذهبُ سِيبَوَيْه وأَصحابِه أَنَّ البَتَّةَ لا تكون إِلّا مَعْرِفَةً : الْبَتَةَ ، لا غيرُ (٥) ، وإِنّمَا أَجاز تَنْكِيرهَ الفَرَّاءُ وَحْدَهُ ، وهو كُوفيٌّ. ونقل شيخُنا عن الدَّمامِينيّ في شرْحِ التَّسهيل : زَعَم في اللُّبَاب أَنّه سُمع في البَتَّةِ قطعُ الهمزة ، وقال شارحه في العُبَاب : إنّه المسموع. قال البَدْرُ : ولا أَعرِفُ ذلك من جهةِ غَيرِهِمَا ؛ وبالغ في رَدِّه وتَعقّبه ، وتَصدَّى لذلك أَيضاً عبدُ المَلِكِ العِصَامِيُّ في حاشيته على شرح القَطْرِ للمصنِّف. وفي حديثِ جُوَيْرِيَةَ ، في صحيح مُسلِم : «أَحْسِبُه قال جُوَيْرِيَة ، أَو البَتَّةُ» قال : كأنَّه شَكَّ في اسْمها ، فقال : أَحْسِبُهُ جُوَيْرِيَة ، ثمّ استدرك فقال : أَو أَبُتُّ ، أَي أقْطَعُ أَنّه قال جُوَيْرِيَة ، لا أَحْسِبُ وأَظُنُّ.

والبَتَّةُ اشتقاقُها من القَطْع ، غير أَنّه يُستعملُ في كلّ أَمر يَمضِي لا رَجْعَةَ فيه ولا الْتِواءَ.

والبَاتُّ : المَهْزُولُ الّذِي لا يَقْدِرُ أَنْ يقوم. وقَدْ بَتَّ ، يبتُّ بالكسر ، بُتُوتاً بالضَّمِّ.

ويقالُ ل لْأَحْمَق المَهْزُول : هو بَاتٌّ. وأَحْمقُ باتٌّ : شديدُ الحُمْق. قال الأَزهريّ : والّذِي حَفظناه من أَفواهِ الثِّقاتِ (٦) : أَحْمَقُ تَابٌّ من التَّبَاب ، وهو الخُسْران (٧) ، كما قالوا : أَحمقُ خَاسِرٌ ، دابِرٌ ، دامِرٌ.

والبَاتُّ : السَّكْرَانُ يقال : سَكْرانُ باتٌّ : مُنقطِعٌ عن العَمل بالسُّكْرِ ، وذا عن أَبي حَنيفةَ.

وهُوَ أي السَّكْرانُ لا يَبُتُّ كَلاماً ، بالضَّمِّ ، ولا يَبِتُّ بالكسر ، وهما ثُلاثِيّان ، ولا يُبِتُّ رُبَاعِيَّا ، الثّانيةُ أَنكرها الأَصمعيُّ ، وأَثْبَتَهَا الفَرّاءُ : أَيْ ما يُبَيِّنُه. وفي المُحْكم : أي ما يَقْطَعُه. وعن الأَصمعيّ : سَكْرانُ ما يَبُتُّ ، أَي : صار بحَيْثُ لَا يَقْطَعُ أَمراً ، وكان يُنْكِرُ يُبِتُّ ، أَي بالكسر. وقال الفَرّاءُ : هما لغتَانِ ، ويقال : أَبْتَتُّ عليه القضاءَ ، وبَتَتُّهُ : أي قَطَعْتُهُ.

وخُذْ بَتَاتَكَ ، البَتَاتُ : الزّادُ ، وأَنشد لطَرَفَةَ :

ويأْتِيكَ بالأَنْبَاءِ مَنْ لَمْ تَبِعْ لَه

بَتَاتاً ولَمْ تَضْرِبْ له وَقْتَ مَوْعِدِ

وقال ابنُ مُقْبِلٍ :

أَشاقَكَ رَكْبٌ ذو بَتاتٍ ونِسْوَةٌ

بِكَرْمانَ يُغْبَقْنَ السَّوِيقَ المُقَنَّدَا

والبَتَاتُ : الجَهَازُ ، بالفتح. والبَتَاتُ : مَتَاعُ البَيْتِ ،

__________________

(١) زيد في التهذيب : وكلاهما متعدٍّ.

(٢) عن التهذيب ، وبالأصل «المطلقة».

(٣) عن القاموس ، وبالأصل «وإبتاتا».

(٤) كذا بالأصل والنهاية ، وفي التهذيب : «وقال الاصمعي : يقال ..»

(٥) قال سيبويه : وقالوا فعد البتّة مصدر مؤكّد ، ولا يستعمل إلا بالألف واللام.

(٦) في التهذيب : حفظناه عن الثقات.

(٧) التهذيب : الخسار.

٩

والجَمْعُ أَبِتَّةٌ.

وفي الحديث «أنّه كَتَبَ لحارثَةَ بْنِ قَطَنٍ ومَنْ بِدُومَةِ الجَنْدَلِ مِنْ كَلْبٍ : إنّ لنا الضّاحيَةَ من البَعْلِ ، ولكم الضّامِنةُ (١) من النَّخْل (٢) ، ولا يُحْظَرُ عليكُم النَّباتُ ، ولا يُؤْخَذُ منكم عُشْرُ البَتَاتِ» قال أَبو عُبَيْدٍ : [وقوله : ولا يُؤْخَذُ منكم عُشْرُ البَتاتِ] (٣) يعني المَتَاعَ ليس عليه زَكاةٌ ، مِمّا لا يكون للتِّجارة. ج أَبِتَّةٌ.

وبَتَّتُوه : زَوَّدُوهُ وأَعْطَوهُ (٤) البُتُوت ، وقد تقدّم في كلام سيّدنا عليّ رضي‌الله‌عنه لقَنْبَر.

وتَبَتَّتَ الرَّجُلُ : تَزَوَّدَ ، وتَمتَّعَ ، من الزّاد ، والمَتَاع.

وَبَتَّى ، كحَتَّى ، ويُكْتَبُ بالألف أَيضا : ة من قُرَى النَّهْرَوَانِ من نَواحِي بغْدَادَ ، وقيل : هي قَريةٌ لبني شَيْبَانَ وَرَاءَ حَوْلَايَا ، وفي نسخة المُعْجَم : وراءَ حولى (٥) ، قال : كذا وَجَدْتُه مُقَيَّداً بخطّ أَبي محمّدٍ عبد الله بْنِ الخَشّاب النَّحْويّ ، قال عبيدُ الله (٦) بن قَيْس الرُّقَيّاتِ :

انْزِلَا بِي فَأَكْرِمانِي بِبَتَّا

إِنّما يُكْرِمُ الكريمَ كَريمُ

وَبَتّانُ ، ككَتّان : ناحِيَةٌ بِحَرّانَ ، يُنسب إِليها محمَّدُ بْنُ جابِرِ بْنِ سِنانٍ البَتّانيّ الصّابي صاحب الزيجِ (٧) قال ياقوت : وذَكَرَهُ ابْنُ الأَكْفانيّ بكسر الباءِ ، هلك بعد الثلَاثِمائَة.

وأَمّا بُتَان ، بالضَّمِّ فتخفيفِ المُثَنَّاةِ الفَوْقيّة : من قُرَى نَيْسَابُور من أَعمال طُرَيْثِيث (٨) ذكرها غيرُ واحدٍ.

وعن الكِسائِيِّ : انْبَتَّ الرَّجُلُ ، انْبِتاتاً : إِذا انْقَطَعَ ماءُ ظَهْرِهِ ، وزاد في الأَساس : من الكِبَرِ ؛ وأَنشد الكِسَائيُّ :

لَقَدْ وَجَدْتُ رَثْيَةً من الكِبَرْ

عِنْدَ القِيَامِ وانْبِتاتاً في السَّحَرْ

ويقال : هُوَ على بَتَاتِ أَمْرٍ ، أَي : مُشْرِفٌ عَلَيْهِ ؛ قال الرّاجِزُ :

وحَاجَةٍ كنتُ على بَتَاتِها

وطَحَنَ بَتّاً : أي ابتَدَأَ في الإدارة باليَسَارِ ، قال أَبو زيد : طَحَنْتُ بالرَّحى شَزْراً ، وهو الّذِي يَذْهَبُ بالرَّحَى عن يمينه ، وبَتَّا : أدارَ بها عن يَساره ، وأَنشد :

ونَطْحَنُ بالرَّحَى شَزْراً وبَتّاً

ولَوْ نُعْطَى المَغَازِلَ ما عَيِينا

وفي الحديث : فُأُتِيَ بثلاثةِ أَقْرِصَة على بَتِّيٍّ ؛ أَي : منْدِيلٍ من صُوفٍ ، ونَحْوِهِ ، أَو الصَّوابُ (٩) بُنِّيٍّ ، بالضَّمّ ، أي بضم الموحَّدة وبالنُّون المكسورة مع تشديدها وآخِرُه ياءٌ مشدَّدة ، أَي : طَبَقٍ ، أَو نَبِيٍّ بتقديم النُّونِ على الموحَّدَة ، أَي : مائدَةٍ مِنْ خُوصٍ. قال شيخنا : الّذِي ذكرَهُ أَهلُ الغَرِيب : فوُضِعت على نَبِيٍّ ، كغَنِيّ ، وفسَّروه بالأَرْض المرتفعة ، وهو الصَّوَابُ الّذِي عليه أَكثَرُ أَئمّة الغَريب ، وعليه اقتصر ابْنُ الأَثِيرِ وغيره. وأَمّا ما ذكره المصنِّف من الاحتمالات ، فإِنّها ليست بثَبتٍ.

وأَبو الحَسَنِ عليُّ بنُ عبدِ الله بنِ شَاذَانَ بْنِ البُتَتِيِّ القَصّار ، كعُرَنِيّ بالضَّمّ ، هكذا في نسختنا ، ومثلُه في أَنساب البُلْبَيْسيّ نقلاً عن الذَّهَبِيّ ، وشَذَّ شيخُنا فضبطه كعَرَبِيٍّ ، محرَّكَةً ، خلاف العجمِيّ : مُقْرِئ مُجِيدٌ خَتَم في نَهَارٍ واحِد أَرْبَعَ خَتَمَاتٍ ، إِلَّا ثُمْناً ، مع إِفهامِ التِّلاوَةِ ، ذكره الحافظ الذَّهَبِيُّ ، ولم يُبَيِّنِ النِّسبةَ ، وزاد الحافظُ تلميذُ المصنِّف : ذكره ابنُ النَّجّار ، وأَنّ قراءَتَه تلك كانت على أَبي شُجَاعِ بْن المقرون ، بمَحْضَرِ جمعٍ من القُرّاءِ ، مات سنة ٦٠٧ وقد ضبطه ابْنُ الصّابُونِيّ بمُثَلَّثَة قبلَ ياءِ النَّسَب. قُلتُ : وهذا من قبيل طَيِّ الزَّمَان. وهذِه الغريبة ، وإِن لم تتعلَّقْ باللُّغَة ، فقد أَوردها في بحره المحيط ، لئلّا يَخْلُوَ عن النُّكَت والنَّوادِر : * ومما يتعلَّقُ بالمادَّةِ : قولُهُم ، تَصَدَّق فلانٌ صَدَقَةً بَتَاتاً ، وَبَتَّةً بَتْلَةً : إذا قَطَعَهَا المُتَصدِّقُ بها من ماله ، فهي بائنةٌ من صاحبها ، قد انقطعت

__________________

(١) عن غريب الحديث للهروي. وبالأصل «الضاحية». والضاحية يعني الظاهرة التي في البر من النخل. والضامنة : ما تضمنها أمصارهم وقراهم من النخل.

(٢) زيد في غريب الهروي : «لا تجمع سارحتكم ولا تعد فاردتكم».

(٣) زيادة عن غريب الحديث للهروي.

(٤) بالأصل «وأعطوا له». (٧) عن معجم البلدان ، وبالأصل «الزنج».

(٥) في معجم البلدان : حولايا. (٨) عن معجم البلدان ، وبالأصل «طرثيث».

(٦) في الأصل والمطبوعتين المصرية والكويتية «عبد الله» والتصويب عن معجم البلدان. (٩) في القاموس : ونحوه أو الصواب.

١٠

منه. وفي النَّهاية : صدَقَةٌ بَتَّةٌ ، أَي : مُنقطِعَةٌ عن الإِمْلاك.

وفي الحديث : «لا صِيَامَ لِمَنْ لم يَبُتَّ (١) الصِّيامَ من اللَّيْل» وذلك من العَزم (٢) والقَطع بالنِّيَّة ، ومعناه : لا صيامَ لِمَنْ لم يَنْوِه قبل الفجر ، فَيَجْزمْه ويَقْطَعْهُ من الوقت الذي لا صومَ فيه ، وهو اللَّيْل. وأَصلُه من البَتِّ : القَطْعِ ، يُقَال : بَتَّ الحاكمُ القَضاءَ على فُلانٍ : إِذا قَطَعَهُ وفَصَلَهُ ، وسُمِّيَت النِّيَّةُ بَتّاً ؛ لأَنَّها تَفْصِلُ بينَ الفِطْر والصَّوْم. [وبين النفل والفرض] (٣).

وفي الحديث : «أَبِتُّوا نكاحَ هذه النّساءِ» أَي : اقطعوا الأَمرَ فيه ، وأَحكموه بشرائطه ، وهو تَعريضٌ بالنَّهْيِ عن نِكاحِ المُتْعَة ؛ لأَنّه نِكاحٌ غيرُ مَبتوتٍ ، مُقَدَّرٌ بمُدّة.

وأَبَتَّ يَمِينَهُ : أَمْضاها ، وبَتَّتْ هي : وَجَبَتْ [تَبُتُّ] (٤) بُتُوتاً. وهي يَمِينٌ باتَّةٌ. وحَلَفَ على ذلك يَمِيناً بَتّاً ، وبَتَّةً ، وبَتَاتاً. ويقال : أَعْطَيْتُهُ هذه القَطِيعةَ بَتّاً بَتْلاً.

وأَبَتَّ الرَّجُلُ بَعيرَهُ من شِدَّة السَّيْر. ولا تُبِتَّهُ (٥) حَتَّى يَمْطُوَهُ السَّيْرُ. والمَطْوُ : الجِدُّ في السَّيْر.

وأَبَتَّ بَعيرَهُ : قَطَعَه بالسَّيْر.

والمُنْبَتُّ في الحديث : الّذِي أَتْعَبَ دابَّتَهُ حتّى أَعْطَبَ (٦) ظهرَه ، فَبَقِيَ مُنْقَطَعاً به. ويقال للرَّجُل إِذا انقطعَ في سفَرِه ، وعَطِبَتْ راحِلَتُهُ : صار مُنْبَتًّا ؛ ومنه قولُ مُطَرِّفٍ (٧) : «إِنَّ المُنْبَتَّ لا أَرْضاً قَطَعَ ولا ظَهْراً أَبْقَى». وقال غيرُه : يقالُ إِذا انْقُطعَ به في سَفَرِه ، وعَطِبَتْ راحِلَتُهُ : قد انبَتَّ ، من البَتِّ : القَطْعِ ، وهو مُطاوِعُ بَتَّ ، يقال : بَتَّهُ ، وأَبَتَّهُ ، يُريدُ أَنَّه بَقِيَ في طريقه عاجزاً عن مَقْصِدِه ، ولم يَقْضِ وَطَرَهُ ، وقد أَعطبَ ظَهرَهُ.

وبَتَّ عليه الشَّهَادَةَ ، وأَبَتَّها : قَطَعَ عليه بِها ، وأَلزَمَه إِيّاها.

وقال اللَّيْثُ : يقالُ انقطَعَ فُلانٌ عن فُلانٍ ، فانْبَتَّ حَبْلُه عنه ، أَي : انقطَع وِصالُه وانقبَضَ ؛ وأَنشد :

فَحَلَّ في جُشَمٍ وانْبَتَّ مُنْقَبِضَاً

بحَبْلِهِ من ذَوِي الغُرِّ (٨) الغَطارِيفِ

[بجخست] : * بَاجَخُسْت (٩) ، بالجيم بعدَ الأَلف ثمّ خاء : قريةٌ بمَرْوَ ، على أَربع (١٠) فراسِخَ ؛ منها : أَبو سَهْلٍ النُّعْمَانِيُّ (١١) الأَكَّارُ ، عابِدٌ صالح ، كتب عنه السَّمْعَانِيّ.

[بجست] : وبِجِسْتانُ ، بالكسر : قَريةٌ بنواحِي نَيْسَابُورَ ، منها أَبو القاسمِ المُوَفَّقُ بنُ محمّدِ بن أَحمدَ المَيْدانِيُّ ، من أَصحاب مُحَمَّدِ بنِ كَرّام. رَوَى ، وحَدَّثَ.

[بحت] : البَحْتُ : الصِّرْفُ ، يقال : شَرَابٌ بَحْتٌ : غيرُ مَمزوجٍ ، وفي حديث عُمَرَ ، رضيَ الله عنه : «وكَرِهَ للمسلمينَ مُبَاحَتَةَ الماءِ» ، أَي : شُرْبَه بَحْتاً غيرَ ممزوجٍ بعَسَلٍ ، أَو غيرِه.

والبَحْتُ : الخالِصُ من كُلِّ شَي‌ءٍ ، يُقَال : عَرَبِي بَحْتٌ ، وأَعْرَابِيٌّ بَحْتٌ. وهي بهاءٍ.

وخَمْرٌ بَحْتٌ ، وخُمُورٌ بَحْتَةٌ.

وفي الصِّحاح : عربيّ بَحْتٌ : أَي مَحْضٌ ، وكذلك المؤنَّثُ والاثْنَانِ والجَمْعُ ، وإِنْ شِئتَ ، قلت : امرأَةٌ عَربِيَّةٌ بَحْتَةٌ ، وثَنَّيْت ، وجَمَعْت ، وقيلَ : لا يُثَنَّى ، ولا يُجْمَعُ ، ولا يُحَقَّرُ.

وأَكَلَ الخُبزَ بَحْتاً : بغير أُدْمٍ ، وأَكَلَ اللَّحْمَ بَحْتاً : بغير خُبْزٍ.

وقال أَحمدُ بنُ يَحْيَى : كُل ما أُكِلَ وَحْدَه مِمّا يُؤْدَمُ ، فهو بَحْتٌ ، وكذلك الأُدْم دونَ الخُبْز.

وقد بَحُتَ الشَّيْ‌ءُ ، كَكَرُم ، بُحُوتَةً : صارَ بَحْتاً ، أَي مَحْضاً ، ويُقَال : بَرْدٌ بَحْتٌ لَحْتٌ ، أي : شَديدٌ.

وبَاحَتَ فلانٌ القِتَالَ إِذا صَدَقَ القِتَال وجَدَّ فيه ، ولم يَشُبْهُ بِهَوادَة.

__________________

(١) في الصحاح : «يبُتّ» وفي النهاية : «يبِتّ» وفي التهذيب واللسان «يبت» كله ضبط قلم.

(٢) الأصل والصحاح ، وفي اللسان : «الجزم».

(٣) زيادة عن التهذيب. (٧) كذا بالأصل والتهذيب ، وفي اللسان والنهاية «حديث عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» وذكر في اللسان قولا آخر نسب إلى مطّرف ، وهو القول المثبت في الأصل بعد هذا القول مباشرة «يقال إذا انقطع ...»

(٤) زيادة عن اللسان. (٨) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : «العزّ».

(٥) عن اللسان ، وبالأصل «ولا يبته». (٩) في معجم البلدان : «باجخوست» ومثله في اللباب.

(٦) اللسان : عطب ظهره. (١٠) المناسب : أربعة كما في اللباب. (١١) في اللباب : النعمان.

١١

وباحَتَهُ الوُدَّ : خَالَصَهُ. وفي المحكم : باحَتَهُ الوُدَّ : أَخْلَصه له.

وباحَتَ الرجل فلاناً : كاشَفَهُ. والمُبَاحَتةُ : المُكَاشفةُ.

وباحَتَ دابَّتَهُ بالضَّرِيعِ ، وهو يَبِيسُ الكَلإِ ، وَنَحْوِه : أَطْعَمَهَا إِيّاهُ بَحْتاً خالِصاً. وذا من زياداته.

ومُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْنِ بَحْتٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ : مَحَدِّتٌ ، كتب أَبو سَعْد الإِدْرِيسِيّ ، عن رَجُل ، عَنْهُ.

[بحرت] ؛ البِحْرِيتُ ، بالكسر : أَهمله الجَوْهَرِيُّ. وقال ابنُ الأَعْرَابيّ : هو الخَالِصُ المُجرَّدُ الّذي لا يَسْتُرُه شَيْ‌ءٌ ، يقال : كَذبٌ حِبْرِيتٌ ، وبِحْرِيتٌ ، وحَنْبَرِيتٌ : كلّ ذلك بمعنى واحدٍ.

[بخت] : البَخْتُ : الجَدُّ ، والحَظُّ مُعَرَّبٌ ، أَو مُوَلَّد. وفي العِنَايَة ، في الجِنِّ (١) : أَنَّهُ غيرُ عربِيٍّ فصيح. وفي المصباح : هو عَجَمِيٌّ. وفي شِفاءِ الغَلِيل : أَنّ العرب تكلَّمَت به قديماً ، ومثلُه في لسان العرب ، قال الأَزهريُّ : لا أَدري أَعربيُّ هو ، أَمْ لا؟ والبُخْتُ ، بالضَّم : الإِبِلُ الخُراسانِيَّةُ تُنْتَجُ من بينِ عَرَبِيَّةٍ وفالِجٍ (٢) ، دخيلٌ في العربيَّة أَعْجَمِيّ مُعَرَّبٌ ، وبعضُهم يقولُ : إِنّ البُخْتَ عربيُّ ، ويُنْشِد لابْنِ قَيْسِ الرُّقَيّاتِ (٣) :

إِنْ يَعِشْ مُصْعَبٌ فَإِنّا بِخَيْرٍ

قد أَتَانا من عَيْشِنا ما نُرَجِّي

يَهَبُ الأَلْفَ والخُيُولَ ويَسْقِي

لَبَنَ البُخْتِ في قِصاعِ الخَلَنْجِ

كالبُخْتِيَّةِ. جَمَلٌ بُخْتِيُّ ، وناقَةٌ بُخْتِيَّةٌ.

وفي الحديث : «فَأُتِيَ بسارِقٍ قد سرَقَ بُخْتِيَّةً» وهي الأُنثَى من الجِمَال البُخْتِ ، وهي جِمالٌ طِوالُ الأَعْنَاق (٤) ، كذا في النّهاية.

وج : بَخاتِيُّ غيرُ مصروفٍ ، لأَنّه بزِنَةِ جمع الجمع ، وبخَاتَى كصَحارى ، وبَخَاتٍ بحذف الياء ، ولك أَنْ تُخَفِّفَ الياءَ فتقول : البَخَاتِي ، والأَثافي ، والمَهارِي. وأَمّا مساجِدِيٌّ ومَدَائِنيٌّ ، فمصروفانِ ، لأَنَّ اليَاءَ فيهما غيرُ ثابتة في الواحد ، كما يَصْرِفُ المَهَالِبَةَ والمَسامِعَةَ إِذا أَدْخَلتَ عليها هاءَ النَّسب.

والبَخّاتُ : مُقْتَنِيهَا ، ومُسْتَعملُها.

والبَخِيتُ : ذُو الجَدِّ (٥) ، قال ابنُ دُرَيْد : ولا أَحسَبها فصيحةً.

والمَبْخُوت : المَجْدُود.

وبُخْتُ نَصَّرَ ، بالضَّمِّ ، أَي : أَوّله وثالِثُه وفتح النّون وتشديد الصّاد المُهَمَلَة : مَلِكٌ م ، أَي : معروف ، وهو الّذِي سَبَى بني إِسرائيلَ ، وسيأتي ذكرُه في ن ص ر إِنْ شاءَ الله تعالى.

وعَطَاءُ بْنُ بُخْتٍ ، بالضَّمّ ، تابِعِيٌّ.

وعبدُ الوَهّابِ بْنُ بُخْت ، وسلَمَةُ بْنُ بُخْتٍ : محدِّثانِ. وبُخَيْتٌ ، كزُبَيْرٍ : اسْمُ جَماعة ، ومحمَّدُ بْنُ أَحمدَ بْنِ بُخَيْت ، عن الحسن بن ناصِحٍ ، وعنه ابْنُ عَدِيٍّ في الكامل. وبُختِيٌّ ، كَكُرْدِيٍّ ، واسْمُهُ يَحْيَى بنُ عُمَرَ الكُوفِيُّ الثَّقَفِيُّ : عَبّادٌ ، زاهدٌ ، رَوَى عنه الحسينُ بنُ عليّ الجُعْفِيَّ.

وأَبو بَكْرٍ مُحَمّدُ بْنُ عبْدِ اللهِ بْنِ خَلَفِ بْن بُخَيْت ، كزُبَيْرٍ ، الدَّقّاقُ البُخَيْتِيُّ نِسبةً إِلى جدّه المذكور لَهُ جُزْءٌ طَبَرْزَدِيٌّ.

رَوَى له المالِينِيُّ ، عن جابِرٍ ، عن النَّبِيّ ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. «إِذا كان يوم القيامَة يَرْجعُ القُرْآنُ من حَيْثُ نَزل ، له دَوِيٌّ كدَوِيِّ النَّحْلِ» ، الحديث. وَبَخَتَهُ : إِذا ضَرَبَه ، نقله الصّاغانيُّ.

والبَخَاتِيُّ ، على لفظة الجمع : قرية بمصرَ من المنوفيّة.

[برت] : البُرْتُ ، بالضَمِّ : السُّكَّرُ الطَّبَرْزَدُ ، بإعجام الذّال ، وهو لغَة اليَمَن ، نقله شَمِرٌ ، كالمِبْرتِ ، كمِنْبَرٍ ، هكذا ضَبَطَه غيرُ واحِد ، ورواه المصنِّف ، وهو الثّابت في أُصوله. وقال شَمِرٌ : يُقال للسُّكَّرِ الطَّبَرْزَدِ : مِبْرَتٌ ،

__________________

(١) أي في تفسير سورة الجن.

(٢) في التهذيب : «بين الإبل العربية والفالج» والفالج : الحجل الضخم ذو السنامين يحمل من الهند للفحلة. (٤) عن اللسان ، وفي الأصل «العناق».

(٣) من أبيات يمدح بها مصعب بن الزبير. (٥) في التكملة : ذو بخت.

١٢

ومُبَرَّتٌ (١) ، بفتح الرّاءِ مشدَّدةً. قلت : وعلى الثّاني اقتصر الجوهريّ ، كما أَنّ المؤلّف اقتصر على الأَوّل ، وكِلاهُما وارِدٌ صحيح.

والبُرْت : الفَأْسُ ، يَمانِيَة ، ويُفْتَح.

وكلّ ما قُطِعَ به الشَّجَرُ : بُرْتٌ.

والبُرْت : الرَّجُل الدَّليل الماهِرُ ، ويُثَلَّث ، والجمع أَبْرَاتٌ. وعن الأَصمعيّ : يقال للدَّليل الحاذق : البُرْت والبِرْت ، وقاله ابن الأَعْرَابيّ أَيضاً ، رواه عنهما أَبو العَبّاس ؛ قال الأَعْشَى يَصف جَمَلَهُ :

أَدْأَبْتُه بمَهَامِهٍ مَجْهُولَةٍ

لا يَهْتَدِي بُرْتٌ بِهَا أَنْ يَقْصِدَا

يَصِفُ قَفْراً قطَعَهُ ، لا يَهتَدِي به دليلٌ (٢) إِلى قَصْد الطّرِيق ؛ قال : ومثله قول رُؤبَةَ :

تَنْبُو بإِصْغاءِ الدَّلِيلِ البُرْتِ

والبَرْت ، بالفتحِ (٣) : القَطْعُ. وكُلّ ما قُطِعَ به الشَّجر : بَرْتٌ.

والبَرَنْتَى ، كحَبَنْطَى : السَّيِّي‌ءُ الخُلُقِ.

والمُبْرَنْتِي : القَصيرُ المُخْتَالُ في جِلْسَته ورِكْبَته ، فإذا كان ذلك فيه ، فكان يحتمله في فعاله وسُؤْدَده ، فهو السَّيِّدُ.

والمُبْرَنْتِي ، أَيضاً : الغَضْبَانُ الَّذي لا يَنْظُرُ إِلى أَحَدٍ.

والمُبْرَنْتِي : المُسْتَعِدُّ المُتَهَيِّى‌ءُ للأَمْرِ. ابْرَنْتى لِلأَمْرِ : إِذا تَهَيَّأَ.

وعن أَبي زيد : ابْرَنْتيْتُ للأَمْر ، ابْرِنْتاءً : إِذا استعددتَ له ، مُلْحَقٌ بافْعَنْلَلَ بياءٍ انتهى. وفي لسان العرب عن اللِّحْيانِيّ : ابْرَنْتَى فُلانٌ علينا ، يَبْرَنْتِي : إِذا انْدَرَأَ علينا.

وبَيْرُوتُ : د بالشّام بساحِلِه ، منه أَبو محمَّدٍ سَعْدُ بْنُ محمّدِ ، مُحدِّث. وأَبو الفضل العَبّاسُ بْن الوَلِيد ، من خِيارِ عباد اللهِ ، ذكره ابْنُ الأَثيرِ ، مات سنة ٢٧٠.

والبِرِّيتُ ، كسكِّيت : الخِرِّيتُ ، أَي : الدَّليلُ الماهرُ ، قاله شَمرٌ.

وقال أَبو عُبَيْدٍ : البِرِّيتُ : المُسْتَوِي من الأَرْضِ ، ويُقَال : هو الجَدْبَةُ المُسْتَوِيَةُ ، وأَنشد :

بِرِّيتُ أَرْض بَعْدَها بِرِّيتُ

وقال ابنُ سيدَهْ : البِرِّيتُ في شعر رُؤبَة ، فِعْلِيتٌ ، من البَرّ ، قال : وليس هذا موضِعَهُ. وقال اللَّيْثُ : البِرِّيتُ اسمٌ اشْتُقَّ من البَرِّيَّة ، فكأَنّما سُكِّنَت الياءُ فصارتِ الهاءُ تاءً لازمةً كأَنّها أَصليّة : كما قالوا : عِفْريتٌ ، والأَصل عِفْرِيَة.

والبِرِّيتُ بالضَّبْطِ السّابق : مَوْضِعَانِ بالبَصْرَةِ. والَّذِي نُقِلَ عن شَمِر : يُقَال : الحَزْنُ والبِرِّيتُ أَرْضان بناحيةِ البصرةِ لبني يَرْبُوع (٤) وفي لسان العرب : البِرِّيتُ مكانٌ معروفٌ ، كثيرُ الرَّمْلِ ، وقال رُؤْبَةُ :

كَأَنَّني سَيْفٌ بها إِصْلِيتُ

تَنْشَقُّ عَنِّي الحَزْنُ والبِرِّيتُ

والبَرِّيتُ ، بفَتْح البَاءِ صريحُهُ أَنَّهُ بفتح الأَوّل مع بقاءِ التَّشْدِيد ، فيُسْتَدْرَكُ على أَلِّيت وَدَرِّى‌ءٍ وسَكِّينة ، كما تقدّم في أَ ل ت. وهكذا ضبطه الصَّاغانيُّ ، فَرَسُ إِياسِ بْن قَبِيصَةَ الطّائِيِّ ، أَو هو كَزُبَيْرٍ ، وعلى الوجهين شواهدُ الأَشعار ، كما قاله الصّاغانيُّ ، وشَذَّ شيخُنا فجوَّزَ أَن يكون كأَمِيرٍ ، وهو قياس باطل في اللُّغَة. وعن أَبي عَمْرو : بَرِتَ الرَّجُلُ ، كسَمِعَ ، إِذا تَحَيَّرَ.

والبُرْتَةُ ، بالضَّمّ. الحَذاقةُ بالأَمْرِ ، كالإِبْراتِ ، يُقَال : أَبْرَت الرَّجُلُ : إِذا حَذَقَ صِناعَةً ما. وعبدُ اللهِ بْنُ عيسَى بْنِ بِرْتِ ، بالكسر ، بْنِ الحُصَينِ البَعْلَبَكِّيُ مُحَدِّث عن أَحمَدَ بْنِ أَبي الحواري.

والقَاضِي أَبو العَبّاس أَحمدُ بن محمّد بن عيسَى ، قال الذَّهَبِيّ : لقيَ مُسْلِمُ بنَ إِبراهيمَ وطَبَقَتَهُ. وابنُهُ أَبو حَبِيبٍ العبّاسُ بْنُ أَحمدَ ، يَرْوِي عن عبد الأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ وغيرِه مات سنة ٣٠٨.

__________________

(١) في التهذيب : مبرت ومبرّت.

(٢) عن اللسان ، وبالأصل «بعير».

(٣) وعليه اقتصر في اللسان ، وقد مرّ بضم الباء.

(٤) لم ترد «لبني يربوع» في التهذيب ومعجم البلدان ، وأثبتت في التكملة. وعن نصر ـ كما في معجم البلدان : من مياه كلب بالشام.

١٣

وأَحمدُ بْنُ القاسم ؛ البِرْتِيَّانِ مُحَدِّثان الأَخيرُ شيخٌ للطَّبَرانِيّ ، ولكنّه لم يذكُرْ أَنّ البِرْتِيَّ نِسبةٌ إِلى أَيّ شيْ‌ءٍ.

وقرأَتُ في معجم البُلْبَيْسيّ أَنّه نِسْبَةٌ إِلى البِرْت ، مدينةٍ بينَ واسِطَ (١) وبغدادَ.

* وممّا يُستدركُ عليه : برْتَا بْنُ الأَسْوَد بْنِ عبدِ شَمْسِ القُضَاعِيُّ ، قال ابنُ يُونُسَ : له صحبة كذا في معجم ابْنِ فهد.

والقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ البِرْتيُّ ، بالكَسْر شيخٌ للطَّبَرانيّ أَيضاً.

وعليّ بنُ محمّد بن عَبْدِ الله البِرْتِيّ الواسطيّ ، عن أَبي صاعدٍ والبَغَوِيّ.

وزيدانُ بن محمّد بن زيدانَ البِرْتيُّ شيخٌ للدّارقُطْنِيِّ وابنِ شاهين (٢).

وأَبو جعفر محمّدُ بْنُ إِبراهِيمِ البِرْتِيُّ الأَطروشُ عن عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ.

وأَحمدُ بْنُ محمَّدِ بنِ مُكرمٍ البِرْتِيُّ ، عن عليّ بنِ المَدِينيّ ، وعنه أَبو الشَّيْخِ (٣).

وخَمْر بِرْت (٤) ، بفتح فسكون وكسر الموحَّدة : قرية من نواحِي خِلَاطَ.

[برهت] : بَرَهُوتُ ، مُحَرَّكَةً كجَمَلُون وحَلَزُون : وادٍ معروفٌ ، أَو بِئرٌ عميقة بحَضْرَمَوْت اليَمَن ، لا يُستطاعُ النُّزُولُ إِلى قَعْرها ، وهو مَقرُّ أَرْواحِ الكُفَّار ، كما حقَّقه ابنُ ظهيرَةَ في تاريخ مَكَّةَ. ويقال : بُرْهُوت ، بضمّ الباءِ وسكون الرّاءِ ، كعُصْفُور ، فتكون تاؤُها على الأَوّل زائدةً ، وعلى الثّاني أَصليّةً ، وأَخرج الهَرَويُّ عن عليٍّ ، رضي‌الله‌عنه ، والطَّبَرَانِيُّ في المُعْجَم عن ابْن عَبّاس ، رضي‌الله‌عنهما : «شَرُّ بِئرٍ في الأَرْضِ بَرَهُوتُ». وقد أَعادَه المصنّف في بره ، وذكر اللُّغَتَيْنِ هناك ، ودلَّ كلامُه أَنَّ التاءَ زائدة على اللُّغَتينِ ، كمَا دَلَّ هُنَا على أَنَّها أَصليَّةٌ ، على اللغة الّتي ذَكَر ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

[بست] : بَسْتُ ، بالفتح : أَهمله الجَوْهريُّ وقال الصّاغانيُّ : هو وادٍ بأَرْضِ إِرْبِلَ (٥). وأَمّا أَبو نصرٍ أَحمدُ بنُ [محمد بن] (٦) زِياد الزَّرّادُ الدّهْقَانُ المعروف بابْنِ أَبي سَعيد السَّمَرْقَنْديّ ، فإنّه كان قَصيراً فلُقِّب «بَسْتْ» بالعَجَمِيَّة ، وهو القصير. ونُسِب إِليه أَبو بكر محمّد بن أَحمد بن أَسد الحافظ ، كذا في الأَنساب. ويقال أَيضاً البَسْتانيّ ، بإِثْباتِ الأَلف. وهو بَغْدادِيٌّ هَرَوِيُّ الأَصلِ.

وبُسْتُ ، بالضَّمِّ : د ، بِسِجِسْتَانَ وقال ابنُ الأَثيرِ : مدينةٌ بكابُلَ ، بينَ (٧) هَراةَ وغَزْنَة ، كثيرهُ الخُضْرَةِ والأَنْهارِ ، أَبو حاتِمٍ محمدُ بنُ حَبَّانَ (٨) بن أَحمد بن حِبّانَ التَّميميّ إِمام عصره ، له تصانيفُ لم يُسبق إِلى مثلها ، أَخذ الفقهَ عن أَبي بكرِ بْنِ خُزَيْمَةَ بنَيْسَابُورَ ، وتولَّى القضاءَ بسَمَرْقَنْدَ وغيرها ، وتوفَّى سنة ٣٥٤ بها.

وإِسحاقُ بْنُ إِبراهيمَ بْنِ عبد الجَبَّارِ (٩) القاضِي أَبو محمّدِ ، وله مُسْنَدٌ ، رَوَى عن قُتَيْبَةَ وابْنِ راهَوَيّهِ ، مات سنة ٣٥٧ (١٠) ، وهو شيخ ابْنِ حِبّانَ.

وأَبو سُليمانَ حَمَدُ بْنُ مُحَمَّد الخَطَّابِيُّ ، قد أَعاده في خ ط ب ، صاحبُ معالِم السُّنَن وغَريب الحديث وغيرِهما ، إِمام عصرِه.

وأَبو الفَتْح علِيُّ بنُ مَحَمَّدٍ (١١) الشّاعِرُ المشهور.

وعبدُ الغَفّار بْنُ فاخر بن شريف أَبو سَعْد الحَنَفِيُّ البُسْتِيُّ ، محدِّثٌ.

ويَحْيَى بْنُ الحَسَنِ.

__________________

(١) في اللباب : قرية بنواحي بغداد. وفي معجم البلدان : بليدة في سواد بغداد قريبة من المزرفة.

(٢) وهو عمر بن أحمد بن شاهين.

(٣) هو عبد الله بن محمد بن جعفر بن حبان الحافظ الأصبهاني.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله خمر برت هكذا في نسخة المؤلف التي بخطه وهو سبق قلم والصواب خرت برت كما سيأتي في المتن» قال ياقوت في معجم البلدان : خَمْر بَرت بلد من نواحي خلاط غير خرتبرت.

(٥) في التكملة : «بابل».

(٦) زيادة عن اللباب.

(٧) عن اللباب ، وفي الأصل «من»

(٨) كذا ضبطت حبان ضبط قلم في القاموس. وضبط في معجم البلدان : حبان ضبط قلم بكسر أوله. (١٠) معجم البلدان : ستة ٣٠٧.

(٩) معجم البلدان : بن اسماعيل. (١١) ويقال : ابن أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد العزيز.

١٤

والخَلِيلان ابْنا أَحمد القاضي.

وابْنُ أَحمدَ الفَقيهِ ، البُسْتِيُّونَ مُحَدِّثُونَ.

وبِسْت (١) ، بالكسرِ ثُمَّ مُثَنَّاة تحتيَّة ساكنة ، ثمّ سين مُهملَة ساكِنَة أَيضاً وتاءٌ مُثنّاةٌ فوقِيّة : قريَةٌ بالرَّيِّ ، منها أَبو عبد الله أَحمدُ بْنُ مُدْرِكٍ عن عَطَّافِ بْنِ قَيْس الزّاهد.

والبَسْتُ ، بالفتح : نوعٌ من السَّيْرِ ، قيل : هو لُثْغَةٌ ، وأَصلُه بَسْسُ بسينَيْنِ ، أَو هو سيرٌ فَوْقَ العَنَقِ ، أَو السَّبْقُ في العَدْوِ ، كالسَّبْتِ في الكُلِّ.

والبُسْتَانُ ، بالضَّمّ : الحَدِيقَةُ من النَّخْل ، كما ورد في شعر الأَعْشَى. ونُقل عن الفَرّاءِ أَنَّهُ عربيّ ، وأَنكره ابنُ دُرَيْد. وفي شفاءِ الغليل : بُسْتان ، مُعَرّبُ بُوسْتَان ، قيل : معناهُ بحَسَبِ الأَصل : آخذُ الرّائحة ، وقيل : معناه مَجمَعُ الرّائحة ، قاله شيخنا. قلتُ : مقتضَى تركيبه من «بو» و«ستان» أنّ يكون آخِذَ الرّائحة كما قاله ، وهو المعروف في اللِّسان ، وسقط الواوُ عندَ الاستعمال ، ثم تُوُسِّع فيه حتّى أطلقوه على الأَشجار.

وبُسْتَان ابْنِ مَعْمَر على أَميالٍ يَسيَرةٍ من مَكَّةَ ، والعَامَّةُ تقول : ابنُ عامرٍ (٢) وبمِصْرَ : البُستانُ : حيثُ مَدْفَنُ العُلماءِ.

وعليُّ بن زِياد البُسْتَانِيُّ ، محدِّث ، روَى عن حَفْصِ بْنِ غِياث ، وعنه عبدُ الله بن زَيْدانَ البَجَلِيُّ ، ذكره [ابن] (٣) النَّرْسِيُّ.

والبُسْتَنْبانُ : هو حافظُ البُسْتانِ ، وقد نُسِب إِليه جماعَةٌ من المُحَدِّثينَ.

[بسكت] : * ومما يُستدركُ عليه : بِسْكَت ، كِدْرَهم : بلدةٌ بالشَّاش ، منها أَبو إِبراهيمَ إسماعيلُ بنُ أَحمد بن سَعِيدِ بنِ النَّجْمِ ، ماتَ بعدَ الأربَعمائة.

[بشت] : بُشْتُ ، بالضّمِّ والشين المُعْجَمة : أهمله الجَوْهَرِيُّ ، وهو د ، بِخُراسانَ (٤) ، منه أبو يعقوبَ إسحاقُ بنُ إِبراهِيمَ ابْنِ نَصْرٍ الحافِظُ البُشْتِيُّ صاحِبُ المُسْنَدِ المشهورِ بأَيدي النّاس ، روى عن ابْنِ راهَوَيْهِ وغيرِهِ. والحَسَنُ بنُ عَلِيّ بْنِ العَلَاءِ ، عن ابْن مَحْمِش وطبقتِه ، مات سنة ٤٥٨.

وأبو صالح مُحَمَّدُ بنُ مُؤَمَّلٍ العابِدُ ، عن أَبي عبد الرَّحمن السُّلَمِي وغيره ، مات سنة ٤٨٣ (٥). وأَحْمَدُ بْنُ محمّدٍ اللُّغَوِيُّ الخارْزَنْجِيُّ ، البُشْتِيُّونَ مُحَدِّثُونَ.

وبَشِيت ، كَأَميرٍ : ة بِفِلَسْطِينَ بظاهر الرَّمْلَة ، كذا بخط الرَّوّاسي ، منها أَبو القاسم خَلَفُ بْنُ هِبَةِ الله بن قاسمِ بن سراج (٦) المَكِّي ، تُوُفِّيَ بعدَ ثلاثٍ وستّين وأَربعمائة بمكَّةَ.

وبَشْتانُ ، بالفتح : ة بنَسَفَ ، منها : بِشْرُ بْنُ عِمْرَانَ ، عن مَكِّيّ بنِ إِبراهيمَ البَلْخِيّ.

وبَاشْتانُ : موضعُ بأَسْفرايين ، كذا في المعجم. وقريةٌ بهَراةَ ، منها : أَبو عبدِ اللهِ محمّدُ بنُ أَحمدَ بنِ عبد اللهِ المُفَسِّرُ ، رَوَى له أَبو سَعْدٍ (٧) المالِينيُّ.

* وممّا يُسْتَدركَ عليه : بُشْت بالضَّمّ : لَقَبُ عبدِ الواحدِ بنِ أَحمدَ الأَصبهانيّ الحلاويّ ، حَدّث عن ابنِ المقري ، ومات سنة ٤٣٥.

[بعت] : المَبْعُوتُ ، بالعين والتّاء المُثَنّاة في آخره.

أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وصاحبُ اللِّسان. وقال الصّاغانيُّ : هو بمعنى المَبْعوث ، كما يُقَالُ للخبيث : خَبِيتٌ. وقال شيخُنا : استُعْمِل هكذا من غير تصريف فيه ، ولذا قيلَ : إنّه لحن ، أو لُثْغَة.

[بغت] : البَغْت ، بالفتح وإِعجام الغين ، وروى شيخُنا

__________________

(١) في معجم البلدان : بيستي.

(٢) عقب ياقوت على قول العامة بقوله : وهو غلط. ونقل أن بستان ابن عامر هو لابن عامر بن كريز ، وبستان ابن معمر إِنما هو لعمر بن عبيد الله بن معمر.

(٣) زيادة عن اللباب.

(٤) في اللباب : ناحية من نيسابور.

(٥) كذا بالأصل أبو صالح محمد بن المؤمل العابد ، عن أبي عبد الرحمن السلمي وغيره ، مات سنة ٤٨٣. ثمة ملاحظات تسجل :

(١) محمد بن المؤمل يكني بأبي القامس البصري.

(٢) مات في حدود سنة ٢٥٠.

(٣) لم يرد فيمن روى عنه أبو عبد الرحمن السلمي (عبد الله بن حبيب) الذي مات في حدود سنة ١٧٠. هذا يدل على أن ثمة نقصا وسقطا في الكلام. وورد في معجم البلدان هنا أبو صالح محمد بن اسحاق بن إبراهيم مات سنة ٤٨٣.

(٦) في اللباب : «ساج» وفي معجم البلدان : «سماح». (٧) في الأصل «أبو سعيد» خطأ.

١٥

فيه التّحْرِيكَ لكونه حَلْقِيَّ العين ، والبَغْتَةُ ، والبَغَتَةُ ، محرَّكَةً ، وقال الزَّمَخْشَرِي : قرأ أَبو عَمْرٍو : حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغَّتَةً (١) بتشديد الفَوْقيّة بوزن جَرَبَّة ، ولم يَرِدْ في المصادر مثلُها. وأَشار البُلْقِينِيُّ إِلى هذا ، كما قالَه شيخُنا : الفَجْأَةُ بالضَّمّ (٢) فسكون ، ويُمَدُّ ، وهو أَن يَفْجَأَك الشَّيْ‌ءُ. وفي التّنزيل العزيز : (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً) (٣) ، قال يَزِيدُ بْنُ ضَبَّةَ الثَّقَفِيُّ :

وَلكِنَّهُم بانُوا ولَمْ أَدْرِ بَغْتَةً

وأَعْظَمُ شَيْ‌ءٍ (٤) حين يَفْجَؤُكَ البَغْتُ

وقد بَغَتَهُ ، كمَنَعَهُ بَغْتاً : إِذا فَجَأَهُ (٥).

والمُبَاغَتَةُ : المُفَاجَأَةُ ، بَاغَتَه مُبَاغَتَةً وبِغَاتاً : فاجَأَهُ ، ويُقَال : لستُ آمَنُ من بَغَتاتِ العَدُوِّ ، أَي : فَجَآته.

وفي حديث صُلْح نصارى الشّام : «ولا يُظْهِرُوا باغُوتاً» البَاغُوتُ : عِيدٌ للنَّصَارَى ، قال ابن الأَثير : كذا رَوَاه بعضُهُم ، وقد رُوِيَ : باعُوثاً ، بالعين المُهْمَلة والثّاء المُثَلَّثَة ، وسيأتي ذكره.

والبَاغُوتُ : ع قال النّابغة :

نَشْوَانُ في جَوَّةِ البَاغُوتِ مَخْمُورُ.

وما رَأَيْتُه في المُعْجَم.

وفي الأَساس ، يقالُ : لَا رَأْيَ لمبغوتٍ. والمبغوتُ المبهوتُ (٦).

[بقت] : بَقَتَ الأَقِطَ ، كضَرَبَ : أهمله الجَوْهَرِيُّ ، وصاحب اللّسان. وقال الصّاغَانيّ : أيْ خَلَطَهُ ، كبَقْطَعَهُ (٧).

والمُبَقَّت ، كمُعَظَّمٍ : الأَحْمَقُ المخَلَّطُ العقلِ.

وهو لَقَبُ عبدِ الله بن مُعَاوِيَةَ بن أَبي سُفْيَانَ الأُمَوِيّ ، وأُمه فاخِتَةُ بنتُ قَرَظَة ، كان من أَضعف النّاس عُقْدَةً ، وأَحمقِهم ، ويُكْنَى أَبا سُلَيْمَانَ ، شَهِدَ مَرْجَ راهِطٍ مع الضّحّاك بن قيسٍ ثمّ هَرَب. قال أَبُوه : سَلْنِي حوائجَكَ قال : عَبِيدٌ يمشون معي ويحفظونّي. وكان يُمْدَحُ ، فيَسُرُّ ذلك أُمَّهُ ، فتَصِلُ مادحِيه ، وتَستميحُ لهم معاوِيَةَ ، فقال فيه الأَخطلُ في قصيدته :

لأُحَبِّرَنْ لِابْنِ الخَلِيفَةِ مِدْحَةً

ولأَقْذِفَنَّ بها إِلى الأَمْصارِ

قَرْمٌ تَمَهَّلَ في أُمَيَّةَ لم يَكُنْ

فيها بِذِي أُبَنٍ ولا خَوّار

بأبِي سُلَيْمَانَ الَّذي لَوْ لا يَدٌ

منه عَلِقْتُ بظَهْرِ أَحْدَبَ عارِي

كذا في أَنساب البَلاذُرِيّ. ولَقَبُ بَكَّارِ بْنِ عبد المَلِك بن مَرْوَانَ ، ويُعْرَف بأَبي بَكْر ، أُمُّه عائشةُ بنتُ مُوسَى بن طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ الله. قال البَلاذُرِيّ : وكان أَبو بكر ضعيفا ، حجَّ من المدِينَة حين وَرَدهَا ماشياً على اللُّبُودِ.

[بكت] : بَكتَهُ ، يَبْكُتُه ، بَكْتاً ، من باب كَتَبَ ، كما صرّح به القُرْطُبِيُّ في كتابه «المِصْباح الجامع بين أَفعال ابن القَطّاع والصّحاح». قال شيْخُنا : وهو كتابٌ غريب جامع مختصر. قلتُ : ولم أَطَّلعْ عليه. وأَشار بذلك للرَّدِّ على مَنْ قال إِنَّه من باب ضَرَبَ : ضَرَبَهُ بالسَّيْفِ والعَصَا ونَحْوِهما ، وعن الأَصمعيّ : بَكَتَه : إِذا اسْتَقْبَلَهُ بما يَكْرَهُ ، كَبَكَّتَهُ تَبْكِيتاً ، فيهما.

والتَّبْكِيتُ : التَّقْرِيعُ والتَّعْنِيف وعن اللَّيْث : بَكَّتَه بالعَصَا تَبْكِيتاً ، وبالسَّيْفِ ونحوِه. وقال غَيْرُهُ : بَكَّته تَبْكِيتاً : إِذا قَرَّعهُ بالعَذْلِ تقريعاً ؛ وفي الحديثِ «أَنّه أُتِيَ بشارِب ، فقال بَكِّتُوه». التَّبكيت : التَّقْريع والتَّوبيخ ، يُقَالُ له : يا فاسِقُ : أَما اسْتَحَيْتَ؟ أَما اتَّقَيْت الله؟ قال الهَرَوِيّ : و[قد] (٨) يكون باليَد وبالعَصا ونحوِهَا.

والتَّبْكيتُ والبَكْتُ : الغَلَبَةُ بالحُجَّةِ ، يقال : بَكَتَهُ ، وبَكَّته ، حتى أَسْكتَه. وفي الأَساس (٩) : أَلزمه بالسَّكْت ، لعجزه عن الجواب عنه.

__________________

(١) سورة الانعام الآية ٣١. (٥) في القاموس : فجِئَه.

(٢) كذا بالأصل ، وضبط القاموس بالفتح. (٦) الأساس : مبهوت.

(٣) سورة العنكبوت الآية ٥٣. (٧) في التكملة : وبقت الأقط وبقطه : إذ خلطه.

(٤) في التهذيب واللسان : وأفظع شي‌ء. (٨) زيادة عن الهروي. (٩) بهامش المطبوعة المصرية : قوله وفي الأَساس الخ : عبارة الأساس : وبكّته قرّعه على الأَمر وألزمه ما عيى بالجواب عنه.

١٦

والمُبَكِّتُ ، كمُحَدِّثٍ : المَرْأَةُ المِعْقَابُ ، وهي الّتي من عادتِها تَلِدُ ذَكَراً بعدَ أُنْثَى ، كما تقدّم.

وبِنْكَتُ كدِرْهَمٍ : قرية من سُغْدِ سَمَرْقَنْدَ ، منها أَبو الحسنِ عليُّ بنُ يُوسُفَ بنِ محمَّد الفَقِيهُ ، سمِع بِمَكَّةَ أَبا محمَّدٍ عبدَ الملك بْنَ محمّدِ بْنِ عُبَيْد الله الزُّبَيْدِيِّ.

[بلت] : بَلَتَهُ ، يَبْلِتُهُ (١) ، بَلْتاً : قَطَعَهُ. وبَلِتَ ، كَفَرِحَ ونَصَرَ : انْقَطَعَ ، كانْبَلَتَ. قال ابنُ منظور : زَعَمَ أَهلُ اللَّغَة أَنَّ بَلَتَهُ ، مقلوبٌ عن : بَتَلَهُ ، قال : وليس كذلك ، لوجود المَصْدَر ، وأَنشد في الصَّحاحِ لِلشَّنْفَرى :

كَأَنّ لها في الأَرْضِ نِسْياً تَقُصّهُ (٢)

على أُمِّها وإِنْ تُخَاطِبْكَ تَبْلَتِ

أي : تَنْقَطِع حَياءً. ومن رواه ، بالكسر ، يعني : تَقْطَع وتَفْصِل ولا تُطَوِّل. وانْبَلَتَ الرَّجُلُ : انْقَطَعَ في كُلِّ خيرٍ وشَرٍّ.

وَبَلَتَ الرَّجُلُ يَبْلُت ، وبَلِتَ ، بالكسر ، وأَبْلَتَ : انْقَطَع من الكلام ، فلم يتكلم. وبَلِتَ يَبْلَتُ : إِذا لم يَتَحَرَّكْ ، وسَكَت.

وقيل : بَلَتَ الحياءُ الكلامَ : إذا قَطعَه. والبِلِّيتُ ، كسِكِّيتِ لَفْظاً ومَعْنًى وهو الزِّمِّيتُ ، عن أَبي عَمْرٍو.

والبِلِّيتُ : الرَّجُلُ الفصيحُ الّذِي يَبْلِتُ النّاسَ ، أَي : يَقْطَعُهم. وقيل : البِلِّيتُ من الرِّجال : البَيِّنُ العاقِلُ (٣) اللَّبِيبُ الأريبُ ، عن أَبي عَمْرٍو أَيضاً ، وأَنشد :

أَلا أَرَى ذا الضَّعْفَةِ الهَبِيتَا

المُسْتَطَارَ قَلْبُهُ المَسْحُوتَا

يشَاهِلُ العَمَيْثَلَ البِلِّيتَا

الصَّمَكِيكَ الهَشِمَ الزّمِّيتَا (٤)

وعَبَّر ابنُ الأَعْرَابِيّ عنه بأَنه التّامُّ ، وأَنشد :

وصاحِبٍ صاحَبْتُهُ زَمِيتِ

مُيَمِّنٍ في قَوْلِهِ بِلِّيتِ

لَيْسَ على الزّادِ بِمُسْتَمِيتِ

قال : وكأنه ضِدُّ ، وإِن كان الضِّدّانِ في التَّصريف. وقَدْ بَلُتَ كَكَرُمَ : إِذا فَصُحَ.

وعن أَبي عَمْرٍو : يقالُ : أَبْلَتَهُ يَمِيناً : إذا حَلَّفَهُ ، وبَلَتَ هو. والبُلَتُ ، كصُرَدٍ : طائرٌ ، سيأتي في كلام المصنّف فيما بعدُ مُكَرَّراً.

ومَبْلَت ، كمَقْعَد : ع ، والّذي في الجَمْهَرَة : مَبْلَث ، آخره ثاءٌ مثلّثة ، فليُنْظَرْ.

والمُبَلَّتُ ، كمُعظَّمٍ (٥) ، المُحَسَّنُ من الكلام كالمُسَرَّج ، عن الكِسَائيّ.

والمُبَلَّتُ ، أَيضاً : المَهْرُ المَضْمُونُ ، بلغةِ حِمْيَرَ ، قال : وما زُوِّجَتْ إِلّا بمَهْرٍ مُبَلَّتٍ أَي مضمون. هكذا أَنشده الجوهريّ ، وهو للطّرِماح ، والرِّوايةُ :

وما ابْتَلَتِ الأَقوامُ لَيْلَةَ حُرَّةٍ

لَنَا عَنْوَةً إِلّا بِمَهْرٍ مُبَلَّتٍ

وبَلْتَيْتُهُ بَلْتَاتاً كَقَلْسَيْتُهُ قَلْساءً : قَطَعْتُهُ. وبَلْتٌ ، بفتح فسكون : اسْمٌ.

وفي حديث سليمانَ ، على نبيّنا وعليه الصّلاة والسَّلام : «احْشُروا الطَّيْرَ ، إلّا الشَّنْقَاءَ ، والرَّنْقَاءَ ، والبُلَتَ» قال ابنُ الأثير : الشَّنْقَاءُ : الّتي تَزُقُّ فِراخَهَا. والرَّنْقَاءُ : القاعدةُ على البَيْضِ والبُلَتُ ، كَصُرَدٍ : طائرٌ مُحْتَرِقُ الرِّيشِ ، إِنْ (٦)

__________________

(١) في الصحاح : بَلَتَه بالفتح يبلته.

(٢) عن الصحاح ، وبالأصل «يقصها» ونبه إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.

(٣) كذا بالأصل والتكملة ، وفي اللسان : الفصيح.

(٤) الهبيت : الأحمق. والعميثل : السيد الكريم. والمسحوت الذي لا يشبع. والهشم : السخي. والزميّت : الحليم للصمكيك الصميان من الرجال ، الأهوج الشديد.

(٥) في إحدى نسخ القاموس : كمحمد.

(٦) التكملة : «وإن» وفي النهاية واللسان : «إذا».

١٧

وَقَعَتْ رِيشَةٌ منه في الطَّيْرِ أَحْرَقَتْهُ. هكذا نصُّ عبارته.

* وممّا يتعلّق به : البَلَتُ (١) ، مُحَرَّكَةً : الانقطاع. ورَجُلٌ بَلْتٌ ، كزَيْدٍ : عَدْلٌ.

وبَلَّتَ الكَلَام : فصَّله تفصيلاً. وتَبّاً له بَلْتاً : أَي قَطْعاً ، أَرادَ : قاطعاً ، فوضعَ المصدرَ موضعَ الصِّفة. ويُقَالُ : لئِنْ فعلتَ كَذَا وكَذَا ، لَيَكونَنّ (٢) بَلْتَةَ ما بَيْني وبَيْنكَ ، إِذا أَوْعَده بالهِجْرَان وكذلك ، بَتْلَةَ ما بَيْنِي وبَيْنَكَ ، بمعناه.

وبابُلُتُّ : موضعٌ بالرَّيّ (٣) ، منه يَحْيَى بْنُ عبدِ الله بن الضَّحّاك الحَرّانيُّ الرّازِيُّ ، عن الأَوزاعيّ. ذكره ابْنُ أَبي مَرْيَمَ.

[بلخت] : البِلِخْتَةُ ، بكَسْرِ الباءِ واللّام وسُكُونِ الخاءِ المُعْجَمَة (٤) ، أَهمله الجماعةُ ، وهو نَباتٌ يَنْبَسِطُ على الأَرْضِ ، ولا يَعْلُو ، ومن خَوَاصّه المُجَرَّبة إِذا تُغُرْغِرَ بِهِ أَي بمائهِ أَسْقَطَ العَلَقَ من الحَلْقِ. وهذا النَّبْتُ غريب ، ذَكَرَه حُذَّاقُ الأَطِبّاءِ.

[بلهت] : وممّا يُسْتدرَكُ عليه : بُلْهُوت ، بالضَّمّ : وادٍ بِحَضْرَمَوْتَ ، فيه بئرُ بَرَهُوت ، أَو بالعَكْس ، كما جاءَ في حديث عَليٍّ ، رضِيَ الله عنه.

[بنت] : بُنْتُ ، بالضَّمّ : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وهي ة بِبَلَنْسِيَةَ من بلاد المَغْرِب ، وفيها يقولُ :

البُنْتُ شَرُّ مَكَانٍ

لا أَعْدِمَنْ فيه بُوسَا

عَدِمْتُ هارُونَ فيه

فَابْعَثْ إِلَيَّ بمُوسَى

هكذا أَنشدَناه شيوخُنا ، وهو من بَديع الجِنَاس.

وبُنْتَهُ ، أَيضاً : قَرْيَةٌ ببَاذَغِيسَ (٥) ، منها أَبو عبد الله محمّد بْنُ بِشْرٍ ، روى عن أَبي العبّاس الأَصَمّ وغيرِه ، قاله ابنُ الأَثِيرِ.

وقال أَبو عَمْرٍو : بَنَّتَ عنه ، تَبْنِيتاً : إِذا استَخْبَرَ عنه ، فهو مُبَنِّتٌ ، وأَكْثَرَ السُّؤالَ عنه ، وأَنشد :

أَصْبحْتَ ذا بَغْيٍ وذا تَغَبُّشٍ (٦)

مُبَنِّتاً عن نَسبَاتِ الحِرْبِشِ

وعن مَقَالِ الكاذِبِ الْمُرَقِّشِ

وبَنَّتَهُ بكَذَا : بَكَّتَهْ به ، نقله الصّاغانيُّ.

وبَنَّتَهُ الحَدِيثَ : إذا حَدَّثَهُ بكُلِّ ما في نَفْسِهِ ، عن الفَرّاءِ.

[بنكت] : * وممّا يُسْتَدرَكُ عليه : بُنْكُت ، كقُنْفُذٍ : بلدةٌ بما وراءَ النَّهْرِ ، ومنها نصير بن الحُسينِ البُنْكُتِيُّ ، قَيَّده الحافظ هكذا.

[بوت] : البُوتُ ، بالضَّمِّ : أهمله الجَوْهَرِيّ وقال أَبو حَنيفَةَ : هو شَجَرٌ من أَشجار الجِبال ، جمع بُوتَةٍ ، ونَباتُه كالزُّعْرُورِ ، وكذلك ثَمَرَتُهُ ، إلّا أَنّها إِذا أَيْنَعَت اسودَّت سواداً شديداً ، وحَلَتْ حَلا وةً شديدةً ، ولها عَجَمَة صغيرةٌ مُدَوَّرَة ، وهي تُسَوِّدُ فَمَ آكِلِيها (٧) ويَدَ مُجْتَنيها ، وثمرتُهَا عَنَاقِيدُ كعناقيدِ الكَبَاثِ والنّاسُ يأْكُلُونَهَا ، حكاه أَبو حنيفةَ ، قال : وأَخبرني بذلك الأَعرابُ.

وبُوتَةُ : ة بِمَرْوَ ، والنِّسْبَةُ بُوتَقِيٌّ ، منها أَبو الفضل (٨) أَسْلَمُ بنُ أَحمدَ بْنِ محمَّد بْنِ فَرَاشة (٩) البُوتَقِيُّ المحَدّثُ ، روى عن أَبي العَبّاس أَحمد بنِ محمَّد بنِ محبوب المحْبوبيِّ. وغَيْرِه ، وعنْهُ أَبو سَعيد محمّدُ بنُ علِيّ النَّقّاشُ.

وتُوفِّيَ بعدَ سنةِ خمسينَ وثلاثِمائَة.

__________________

(١) الأصل والصحاح. وفي التكملة : الانبلات.

(٢) بالأصل : «إن ... لتكون» وما أثبت عن التكملة.

(٣) في اللباب : موضع بالجزيرة.

(٤) في تذكرة داود : بلختى : مغربي تلعب قضبانه على الأرض فوق بعضها ويستدير بزهر أحمر ترياق لاسقاط العلق. (٧) في اللسان والتكملة : آكلها.

(٥) عن معجم البلدان ، وبالأصل «بادغيس». (٨) «أبو الفضل» سقطت من القاموس. وذكرها صاحب اللباب.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «اسقط بعد هذا المشطور مشطورا ذكره في التكملة وهو : وذا أضاليل وذا تأرش. (٩) عن اللباب ، وبالأصل «فراسة». وقال : التغبش : الركوب بالظلم اه».

١٨

[بونت] : بُوَنْتُ ، بضَمِّ أَوَّلِهِ وفتحِ الواو وسُكُونِ النُّونِ : د بالمغْرِب بالأَنْدَلُس ، وفيه حِصْنٌ مَنيعٌ قيل : إنّه لغةٌ في بُنْت السابق ؛ مِنْهُ أَبو الطّاهر إِسماعيلُ بْنُ عُمرَ البُوَنْتِيّ ، علَّق عنه السِّلَفِيُّ ، وأَبو محمد عَبدُ اللهِ بنُ فَتَّوح بنِ مُوسَى بن عبدِ الوَاحد الفِهرِيّ البُوَنْتِيّ ، مؤلفُ كتابِ الشُّروط والوثائق.

[بهت] : بَهَتَه ، كمَنَعُه ، يَبْهَتُه ، بَهْتاً بفتح فسكون ، وَبَهَتاً محرَّكةً ، وبُهْتاناً بالضمّ ، أَي : قالَ عَلَيْهِ ما لَمْ يفْعَلْ.

والبَهِيتَةُ : البُهْتَانُ ، وقال أَبو إِسحاقَ : البُهْتانُ : الباطِلُ الّذِي يُتَحيِّرُ من بُطْلانِهِ ، وهو من البَهْتِ ، بمعنى التَّحَيُّر ، والأَلِفُ والنُّونُ زائدتانِ ، وبه فُسِّر قولُه عزوجل : (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (١) ، أَي : مُبَاهتِينَ آثِمِين.

والبُهْتُ ، والبَهِيتَةُ : الكَذِبُ. بهت فُلانٌ فلاناً : إِذا كذَبَ عَلَيْه ، وفي حديث الغِيبَةِ : «وإِنْ لم يَكُنْ فيه ما تَقُولَ ، فقد بَهَتَّه» ، أَي : كذَبتَ وافتريْتَ عليه.

وبهَتُّ الرَّجُلَ بَهْتاً : إِذا قابلتَه بالكَذِب ، كالبُهْت بالضَّمِّ فالسّكون ، فيهما.

والبَهْتُ بالفتح : حَجَرٌ ، م ، أَي : معروف.

والبَهْتُ : الأَخْذُ بَغْتَةً وفَجْأَةً ، وفي التَّنْزِيلِ العزيزِ : (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ) (٢) هكذَا استدَلَّ له الجَوْهريُّ ، قال شيخُنا : والاستدلالُ فيه نَظَرٌ ؛ لأَنَّ المفَاجَأَةَ في الآية مأخوذَة من لفظ بغْتَةً ، لا من البَهْت ، كما هو ظاهر. قلتُ : وقال الزّجّاج : فتَبْهَتُهم ، أَي : تُحَيِّرهم حينَ تُفاجِئُهم بَغْتَةً.

والبَهْتُ : الانْقِطَاعُ والحَيْرَةُ. وقد بَهُتَ ، وبَهِتَ : إذا تَحَيَّر. رَأَى شيئاً فَبُهِتَ : يَنْظُرُ نَظَرَ المُتعَجِّبِ ، فِعْلُهُما كَعَلِمَ ونَصَرَ وكَرُمَ ، أَي مُثَلَّثاً ، وبها قُرِى‌ءَ في الآية كما حكاه ابنُ جِنِّي في المحْتَسب. وبُهِتَ ، مثلُ زُهِيَ ، أَفصحها ، وهو الّذي في الفَصِيح وغيره ، وصرَّح به ابنُ القَطّاعِ والجوهريُّ وغيرهما ، بل اقتصر عليه ابْنُ قُتَيْبَةَ في أَدب الكاتب ومنع غَيْرَه ، تَقْلِيداً لِثَعلب. وفي التَّكْمِلة : وقرأ الخليلُ : «فباهَتَ الَّذِي كَفَر» وقرأ غيرُه : فبَهتَ ، بتَثْلِيث الهاءِ. وفي اللِّسان : بَهُتَ ، وبَهِتَ ، وبُهِتَ الخَصْمُ : استولتْ عليه الحُجَّةُ. وفي التنزيل العزيز (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) (٣) تأَويلُه : انقطعَ وسكَتَ متحيِّراً عنها. قال ابنُ جِنّي : قِرَاءَةُ ابن السَّمَيْفَعِ فَبَهَتَ الَّذِي كفر ، أَرادَ : فَبَهَت إِبراهيمُ الكافرَ ، ف «الَّذي» على هذا في موضع نصْبٍ. قال : وقِرَاءَةُ ابْنِ حَيْوَةَ : فبَهُت ، بضمّ الهاءِ ، [لغة] (٤) في بَهِت. قال : وقد يجوز أَن يكون بَهَت ، بالفتح ، لغةً في : بَهِت ، قال : وحكى أَبو الحسن الأَخْفشُ قراءَة : فبَهِت ، كخَرِقَ [و] دَهِشَ ، قال : وَبَهُت ، بالضّمّ ، أَكثرُ من بَهِت ، بالكسر ، يعني : أَنّ الضَّمَّةَ تكونُ للمبالغة ، كقولِهم : قَضُوَ الرَّجُلُ.

قلت : فظهر بما ذُكِرَ أَنّ الفتحَ فيه ليس ممّا تفرَّدَ به المَجْدُ ، بل قرأ به ابنُ السَّمَيْفَعِ ، ونقله التَّيّانِيّ في مختصر الجَمْهرة وغيره ، وقال أَبو جعفر اللَّبْلِيُّ نقلاً عن الواعي : فَبَهَتَ الذِي كَفَرَ ، أَي : بَقِيَ متحيراً ، ينظرُ نَظرَ المُتعجِّبِ.

وفي الصِّحاح : وهو مبْهُوتٌ ، ولا يُقَال : باهِتٌ ، ولا بَهِيتٌ. وهكذا قاله الصّاغانيّ ، وأَصله للكسائيّ ، وهو مبنيُّ على الاقتصار في الفعل على : بُهِتَ ، كعُنِيَ ؛ وأَمّا من قال : بهَت ، كنصَرَ ومنَعَ ، فلا مانعَ له في القياس ، وقد نقلَه اللَّبْلِيُّ في شرح الفصيح. قالوا : باهِتٌ وبَهّاتٌ ، وبَهِيتٌ ، يَصلحُ لكونه بمعنَى المفعولِ كمَبهوت ، وبمعنَى الفاعلِ كباهتٍ ، والأَوّل أَقْيَسُ وأَظْهرُ ، قاله شيخُنا.

والبَهُوتُ ، كصَبُورٍ : المُبَاهِتُ وقد باهَتَه. وبينَهُمَا مُبَاهَتةٌ وعادَتُه (٥) أَنْ يُبَاحِثَ ويُبَاهِتَ. ولا تَبَاهَتُوا ولا تماقَتوا ، كما في الأَساس. والمُرَاد بالمُبَاهِت الّذي يَبْهَتُ السّامعَ بما يَفترِيه عليه. وج ، بُهُتٌ ، بضَمَّتَيْنِ ، وبالضَّمّ ؛ وفي حديثِ ابن سَلامٍ ، في ذكر اليهود : «إِنهُم قَوْمٌ بُهْتٌ» ؛ قال ابنُ الأَثيرِ : هو جمعُ بَهُوت ، من بناءِ المُبَالغة في البَهْت ، مثلُ صَبُورٍ وصُبُر ، ثم يُسَكَّنُ تخفيفاً وبُهُوتٌ بالضَّمّ ، قال شيخُنا : لا يُدْرَى هو جمعٌ لماذا؟ أو اسم جمع ، ولا يصلُحُ فيما ذكر أَن يكونَ جمعاً إِلّا لباهِت ، كقاعِدٍ وقُعُود ، وهو قد نفاه عن الكلامِ ، فَلْيُتَأَمل.

__________________

(١) سورة النساء الآية ٢٠.

(٢) سورة الأنبياء الآية ٤٠.

(٣) سورة البقرة الآية ٢٥٨.

(٤) زيادة عن اللسان. (٥) الأساس : ومن عادته.

١٩

قلت : قال ابنُ سيدَهْ : وعندي أَنَّ بُهوتاً جمعُ باهتِ ، لا جمعُ بَهُوت ، لأَنّ فاعِلاً ممّا يُجْمَعُ على فُعُولٍ ، وليس فَعُولٌ ممّا يُجمع على فُعُولٍ. قال : فأمّا ما حكاه أَبو عُبَيْدٍ ، من أَنَّ عُذُوباً جمعُ عَذُوبٍ ، فَغَلَطٌ ، إنّمَا هو جمع عاذِبٍ. فأَمّا عَذُوبٌ ، فجمعُه عُذُبٌ ، اه.

وابْنُ بَهْتَةَ ، بتسكين الهَاء ، وقَدْ يُحَرَّكُ : أَبو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ بَهْتَةَ مُحَدِّث ، عن أَبي مسلمٍ الكَجِّيّ وابنه أَبو الحسن محمّد بن عُمَرَ ، عن المَحَامِليّ (١) ، هكذا قيَّدَهُ الأَمير بَهْتَة بالفتح ، ومثلُه للصّاغانيّ ، وهو في تاريخ الخَطيب بالتَّحْريك مُجَوَّدُ الضَّبْط.

وقَوْلُ الجَوْهَرِيّ : فابْهَتِي عليها (٢) ، أَي : فابْهَتِيها ، لأَنَّهُ لا يُقال : بَهَتَ عَلَيْه عَلى ما تقدَّم تَصْحِيفٌ وتحريف ، والصَّوابُ : فانْهَتِي عَلَيْهَا بالنُّونِ ، لا غَيْرُ (٣). ولنذكر أَوَّلاً نصَّ عبارةِ الجَوْهَرِيّ ، ثم نتكلّم عليه. قال : وأَمّا قولُ أَبي النَّجْم :

سُبِّي الحمَاةَ وابْهَتِي عَلَيْهَا

فإِنَّ «عَلى» مُقْحَمَةٌ ، لا يُقَال : بَهَتَ عليه ، وإِنّما الكلامُ بَهَتَه ، انتهى. فبَيَّنَ أَنَّه قولُ أَبي النَّجْمِ ، وأَنه «وابْهَتِي» بالواو دُونَ الفَاءِ.

قال شيخنا : قد سبقه إِليه ابنُ بَرّيّ ، والصّاغانيُّ ، وغيرُهما. ورواه المصنِّف على ما أَثبت في صِحاحه. فإن كانت روايةً ثابتةً ، فلا يُلْتَفَتُ لِدَعوَى التَّصحيف ؛ لأَنّها في مثله غير مسموعة والحذف والإيصال بابٌ واسع لمُطْلَق النحَاة وأَهل اللّسَان ، فضلاً عن العرب الّذين هم أَئمّة الشّأْن. وإِنْ لم تَثْبُت الرِّواية كما قال ، وصَحَّت الرّواية معهم ، ثبتَ التَّصحِيفُ حينئذٍ بالنَّقْل ، لا لأَنّه يُقَالُ ، كما قال : وليس عندي جَزْمٌ في الرِّواية حتى أُفصِّلَ قوليهما ، وأَنظُرَ ما لهما وما عليهما ؛ وإِنما ادِّعَاءُ التَّحْرِيف بمُجَرَّد أَنَّه لا يَتعدَّى بَهَتَ بعلَى ، دَعوَى خاليةٌ عن الحُجَّة ، انتهى.

قلت : وأَمَّا نصُّ ابْنِ بَرِّيّ في حواشيه على ما نقلَه عن ابنُ منظور وغيره : زعم الجوهَرِيّ أَنّ «على» في البيت مُقْحَمَةٌ ، أَي زائدة ؛ قال : إنّما عَدَّى ابْهَتِي بعَلَى ، لأَنّه بمعنى : افْتَرِي عليها ، والبُهْتَانُ : افتراءٌ ، وقال : ومثلُه ممّا عُدِّيَ بحرف الجَرّ ، حَمْلاً على معنَى فِعْلٍ يُقَارِبُه بالمعنى ، قولُه عزوجل : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) (٤) تقديرُه : يَخْرجونَ عن أَمْرِه ؛ لأَن المخَالفةَ خُروجٌ عن الطّاعة.

قال : ويجب على قول الجوهريّ أَنْ تُجْعَلَ «عَنْ» في الآية زائدة ، كما جعل «على» في البيت زائدة. وعن ، وعلى : ليستا ممّا يزدادُ كالباءِ ، انتهى. وهو قولُ أَبي النَّجْمِ يُخَاطب امرأَتَه (٥) ، وبعدَه :

فإِنْ أَبتْ فازْدَلِفي إِلَيْهَا

وأَعْلِقِي يديْكِ في صُدْغَيْهَا (٦)

ثمّ اقْرَعِي بالوَدِّ مِرْفَقَيْهَا

ورُكْبتَيْهَا واقْرَعِي كَعْبَيْهَا

وظاهِري النَّذْرَ به عَلَيْهَا (٧)

لا تُخْبري الدهْرَ به إِبْنَيْهَا (٨)

هكذا أَنشده الأَصمعيّ : * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : بَهَتَ الفَحْلَ عن النَّاقَة : نَحَّاه ، لِيَحْمِلَ عليهَا فَحْلٌ أَكرمُ منه.

__________________

(١) هو أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي قاضي الكوفة مات سنة ٣٣٠ (الأنساب للسمعاني).

(٢) يريد قول أبي النجم :

سُبّي الحماة وابهتي عليها.

وسيرد بعد أسطر ، وقد نقله الجوهري في الصحاح وعقّب عليه ، وهي ليست عبارته. وانظر اللسان والتكملة. قال المبرد في الكامل : إنما يريد ابهتيها ، فوضع ابهتي في موضع اكذبي ثم وصلها بعلى. والذي يستعمل في صلة الفعل اللام ، لأنها لام الإضافة تقول : لزيد ضربت ولعمرو أكرمت وإنما تقديره إكرامي لعمرو وضربي لزيد ، فأجري الفعل مجرى المصدر. وأحسن ما يكون ذلك إذا تقدّم المفعول ، لأن الفعل إنما يجى‌ء وقد عملت اللام.

(٣) قال في التكملة : النهيت : وهو الصوت.

(٤) سورة النور الآية ٦٣.

(٥) في الكامل للمبرد ٢ / ٩٩٧ قالها ويوصي ابنته لما أهداها إلى زوجها.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «وفي رواية ذكرها الصاغاني بدل هذا المشطور :

وانتزعي من خصل صدغيها

(٧) في الكامل للمبرد :

وجددي الحلف به عليها

(٨) في الكامل للمبرد : بذاك ابنيها. وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله به ابنيها كذا بخطه ، والذي في التكملة : بذاك ابنيها ، وعلى رواية الشارح يتعين قطع الهمزة من ابنيها ليستقيم الوزن».

٢٠