كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

١

بيان الرموز :

نرمز إلى شرح المولى محمد تقي المجلسي ـ رحمه‌الله ـ المسمى بروضة المتقين في شرح أخبار الأئمة المعصومين بـ (م ت).

وإلى حاشية المولى مراد بن علي خان التفرشي ـ رحمه‌الله ـ بـ (مراد).

وإلى حاشية سلطان العلماء : الحسين بن محمد بن محمود الحسيني الآملي ـ رحمه‌الله ـ بـ (سلطان).

وإلى حاشية الحكيم الإلهي السيد محمد باقر الحسيني المعروف بميرداماد ـ رحمة الله عليه ـ بـ (م ح ق).

وإلى شرح العلامة المجلسي ـ قدس‌سره ـ على الكافي المعروف بمرآة العقول بـ (المرآة).

ونعبر عن المجلسي الأول بالمولى المجلسي وعن الثاني بالعلامة المجلسي.

__________________

حقوق الطبع والتقليد بهذه الصورة الموشحة بالتعاليق

محفوظة للناشر

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

أبواب الزكاة

باب

* (علة وجوب الزكاة) *

قال [الشيخ السعيد الفقيه] أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي [مصنف هذا الكتاب] ـ رضي‌الله‌عنه وأسكنه جنته ـ :

١٥٧٤ ـ روى عبد الله بن سنان (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن الله عزوجل فرض الزكاة كما فرض الصلاة ، فلو أن رجلا حمل الزكاة فأعطاها علانية لم يكن عليه في ذلك عيب (٢) وذلك أن الله عزوجل فرض للفقراء (٣) في أموال الأغنياء ما يكتفون به ، ولو علم أن الذي فرض لهم (٤) لا يكفيهم لزادهم ، وإنما يؤتى الفقراء فيما اتوا من منع من منعهم (٥) حقوقهم ، لا من الفريضة ».

__________________

(١) الطريق صحيح ، وعبد الله بن سنان ثقة لا يطعن عليه.

(٢) في بعض النسخ « عتب »

(٣) تعليل لوجوب المقدار المخصوص لا لعدم العيب والاعلان كما توهم.

(٤) أي قدر لهم وأوجب.

(٥) في القاموس : أتى عليه الدهر أهلكه. وقال في الوافي : « اتوا » على صيغة المجهول من الاتيان بمعنى المجيئ يعنى أن الفقراء لم يصابوا بالفقر والمسكنة من قلة قدر الفريضة المقدرة لهم في أموال الأغنياء وإنما يصابون بالفقر والذلة ويدخل عليهم ذلك في جملة ما دخل عليهم من البلاء من منع الأغنياء عنهم الفريضة المقدرة لهم في أموالهم.

٣

١٥٧٥ ـ وروى مبارك العقرقوفي (١) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : « إنما وضعت الزكاة قوتا للفقراء وتوفيرا لأموالهم » (٢).

١٥٧٦ ـ وروى موسى بن بكر (٣) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : « حصنوا أموالكم بالزكاة » (٤).

١٥٧٧ ـ وروى حريز ، عن زرارة ، ومحمد بن مسلم أنهما قالا لأبي عبد الله عليه‌السلام : أرأيت قول الله عزوجل (٥) : « إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين ، وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله » (٦)

__________________

(١) هو مجهول الحال والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان ، ورواه الكليني ـ رحمه الله ـ في الكافي ج ٣ ص ٤٩٨ عن علي عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن مبارك.

(٢) أي في أموال الأغنياء ، وفى بعض النسخ « في أموالكم » بلفظ الخطاب كما في الكافي.

(٣) في بعض النسخ « محمد بن بكر » والصواب ما اخترناه في المتن طبقا للكافي ج ٤ ص ٦١.

(٤) أي حصنوا أموالكم من السرقة والحرق والغرق باعطاء الزكاة وأدائها إلى مستحقها.

(٥) السند صحيح ، وقوله « أرأيت قول الله » أي أخبرني عن قوله الله تعالى.

(٦) المراد بالصدقات الزكوات ، واللام في قوله « للفقراء والمساكين » للتمليك و يشمل من لا يملك مؤونة سنته فعلا وقوة له ولعياله الواجبي النفقة بحسب حاله في الشرف وغيره. والمراد بالعاملين عليها العاملين في تحصيلها بجباية وولاية وكتابة وحفظ وحساب وقسمة بدون شرط الفقر فيهم.

« والمؤلفة قلوبهم » قال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : أجمع العلماء كافة على أن للمؤلفة قلوبهم سهما من الزكاة ، وإنما الخلاف في اختصاص التأليف بالكفار أو شموله للمسلمين أيضا ، فقال الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في المبسوط : والمؤلفة قلوبهم عندنا الكفار الذين يستمالون بشئ من مال الصدقات إلى الاسلام ويتألفون ليستعان بهم على قتال أهل الشرك ، ولا يعرف أصحابنا مؤلفة أهل الاسلام واختاره المحقق وجماعة ـ رحمهم‌الله ـ وقال المفيد ـ قدس‌سره ـ : المؤلفة قلوبهم ضربان مسلمون ومشركون وربما ظهر من كلام

٤

أكل هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرف؟ فقال : إن الامام يعطي هؤلاء جميعا لأنهم يقرون له بالطاعة ، قال زرارة : قلت : فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال : يا زرارة لو كان يعطى من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع (١) ، وإنما يعطى من لا يعرف (٢) ليرغب في الدين فيثبت عليه ، فأما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلا من

__________________

ابن الجنيد اختصاص التأليف بالمنافقين ـ انتهى.

وقوله تعالى « وفى الرقاب » جعل الرقاب ظرفا للاستحقاق تنبيها على أن استحقاقهم ليس على وجه الملك أو الاختصاص كغيرهم وهم المكاتبون مع قصور كسبهم عن أداء مال الكتابة ، والعبيد تحت الشدة عند مولاهم يشترون من مال الزكاة ويعتقون بعد الشراء. والغارمون هم الذين ركبتهم الديون في غير معصية ولا اسراف ولا يتمكنون من القضاء وعجزوا عن أدائه.

« وفى سبيل الله » كمعونة الحاج وقضاء الديون عن الحي والميت وجميع سبل الخير والمصالح وعمارة المساجد والمشاهد واصلاح القناطر وغير ذلك من القربات. والمراد بابن السبيل المنقطع به في غير بلده ، ولا يمنع غناه في بلده مع عدم تمكنه من الاعتياض عنه ببيع أو اقراض.

(١) المراد بالمعرفة معرفة الإمام عليه‌السلام أي لو كان يعطى من يعرف يعنى في ذلك الزمان لم يوجد لها موضع لقلة العارف يومئذ (الوافي) وقال العلامة المجلسي ـ رحمه الله ـ : لعله إشارة إلى مؤلفة قلوبهم فإنهم من أرباب الزكاة وأجمع العلماء كافة على أن للمؤلفة قلوبهم سهما من الزكاة وإنما الخلاف في اختصاص التأليف بالكفار أو شموله للمسلمين أيضا.

(٢) يؤيد ذلك أنه ينقل أن أمير المؤمنين عليه‌السلام فرق في الصدقات بين من قال بخلافته عن رسول الله (ص) وبين من قال إنه عليه‌السلام رابع الخلفاء (مراد) والمذهب مستقر على أنه لا يعطى الزكاة ألا أهل الولاية الا أن لا يوجدوا فيعطى المستضعفون. وهذا لا ينافي رواية محمد بن مسلم وزرارة من الإمام عليه‌السلام يعطى من لا يعرف وما روى من فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام لان الامام إذا كان مبسوط اليد يطيعه جميع الناس العارفون وغيرهم ، فهم باقرارهم بالطاعة له خارجون عن النصب والبغي بعدم اطاعتهم لغير الإمام الحق ، لا فئة لهم يرجعون إليها ، ولا محالة زكاة أموالهم تصل إلى الامام فيعطيها

٥

يعرف ، فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فأعطه دون الناس ، ثم قال : سهم المؤلفة قلوبهم وسهم الرقاب عام والباقي خاص (١) ، قال : قلت : فإن لم يوجدوا؟ قال : لا تكون فريضة فرضها الله عزوجل [و] لا يوجد لها أهل ، قال : قلت : فإن لم تسعهم الصدقات؟ قال : فقال : إن الله عزوجل فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم ، ولو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم ، إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله عز وجل ، ولكن أتوا من منع منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم ، ولو أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير.

فأما الفقراء فهم أهل الزمانة والحاجة (٢) ، والمساكين أهل الحاجة من غير أهل الزمانة ، والعاملون عليها هم السعاة ، وسهم المؤلفة قلوبهم ساقط بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، وسهم الرقاب يعان به المكاتبون الذين يعجزون عن أداء المكاتبة (٤) ، والغارمون المستدينون في حق ، وسبيل الله الجهاد (٥) ، وابن السبيل

__________________

أمثالهم لكونها أكثر من احتياج العارفين ، بخلاف ما إذا لم يكن مبسوط اليد ، فان زكاة المخالفين له يصل إلى أميرهم ولا يبقى لرفع حاجة العارفين الا زكاة العارفين فيجب تخصيصها بهم الا أن يزيد عن حاجتهم فتعطى المستضعفين الذين لا نصب لهم ولا مخالفة ولا يوالون غير الإمام الحق ولا الإمام الحق. (قاله الأستاذ في هامش الوافي).

(١) كان المراد بعموم سهم المؤلفة قلوبهم شموله لسائر أصناف الكفار وللمسلمين أيضا. « والباقي خاص » يعنى بالعارف.

(٢) من كلام المؤلف ـ رحمه‌الله ـ وقال الشيخ محمد حفيد الشهيد ـ رحمه‌الله ـ : لم أقف على دليل ما قاله المصنف (ره).

(٣) قال الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في المبسوط : وللمؤلفة سهم من الصدقات كان ثابتا في عهد النبي (ص) وكل من قام مقامه عليه‌السلام جاز له أن يتألفهم لمثل ذلك ويعطيهم السهم الذي سماه الله تعالى لهم ولا يجوز لغير الإمام القائم مقام النبي (ص) ذلك وسهمهم مع سهم العامل ساقط اليوم.

(٤) ظاهر كلام المؤلف انحصار سهم الرقاب بالمكاتبين ، والمشهور أن سهم الرقاب لثلاثة المكاتبين والعبيد الذين تحت الشدة والعبد يشترى ويعتق الا أن يقال غرض المصنف ليس هو الحصر وفيه ما فيه. (الشيخ محمد)

(٥) تصريح بأن سبيل الله الجهاد والمشهور ما تقدم.

٦

الذي لا مأوى له ولا مسكن مثل المسافر الضعيف ومار الطريق.

ولصاحب الزكاة أن يضعها في صنف دون صنف متى لم يجد الأصناف كلها. (١)

١٥٧٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام لعمار بن موسى الساباطي : « يا عمار أنت رب مال كثير؟ قال : نعم جعلت فداك ، قال : فتؤدي ما افترض الله عليك من الزكاة؟ فقال : نعم ، قال : فتخرج الحق المعلوم من مالك (٢)؟ قال : نعم ، قال : فتصل قرابتك؟ قال : نعم ، قال : فتصل إخوانك؟ قال : نعم ، فقال : يا عمار إن المال يفنى ، والبدن يبلى ، والعمل يبقى ، والديان حي لا يموت (٣) يا عمار أما إنه ما قدمت فلن يسبقك وما أخرت فلن يلحقك » (٤).

١٥٧٩ ـ وفي رواية أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي ـ رضي‌الله‌عنه ـ عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن عبد الله بن أحمد ، عن الفضل بن إسماعيل ، عن معتب مولى الصادق عليه‌السلام قال : قال الصادق عليه‌السلام : « إنما وضعت الزكاة اختبارا للأغنياء ومعونة للفقراء ، ولو أن الناس أدوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيرا محتاجا ، و لاستغنى بما فرض الله عزوجل له ، وإن الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا إلا بذنوب الأغنياء ، وحقيق على الله عزوجل أن يمنع رحمته من منع حق الله في ماله ، وأقسم بالذي خلق الخلق وبسط الرزق إنه ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بترك الزكاة ، وما صيد صيد في بر ولا بحر إلا بتركه التسبيح في ذلك اليوم وإن أحب الناس إلى الله عزوجل أسخاهم كفا ، وأسخى الناس من أدى زكاة

__________________

(١) راجع الكافي ج ٣ ص ٥٥٤ والتهذيب ج ١ ص ١٥٧.

(٢) إشارة إلى قوله تعالى « وفى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ».

(٣) الديان : المجازي على الأعمال ، وقيل : المراد به القهار والحاكم والقاضي.

(٤) « ما قدمت » أي من الوقف والصدقة وأمثالها « فلن يسبقك » أي لن يفوتك ولا يتجاوز منك إلى غيرك بل يصل ثوابه لا محالة إليك. « وما أخرت » أي ما تركت بعدك « فلن يلحقك » بل يكون لوارثك يفعل فيه ما يشاء فان صرفه في الخيرات يصل ثوابه إليه دونك.

٧

ماله (١) ولم يبخل على المؤمنين بما افترض الله عزوجل لهم في ماله ».

١٥٨٠ ـ وكتب الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب إليه من جواب مسائله : إن علة الزكاة من أجل قوت الفقراء ، وتحصين أموال الأغنياء لان الله عزوجل كلف أهل الصحة القيام بشأن أهل الزمانة والبلوى (٢) كما قال الله تبارك وتعالى : « لتبلون في أموالكم وأنفسكم » في أموالكم إخراج الزكاة وفي أنفسكم توطين الا نفس على الصبر مع ما في ذلك من أداء شكر نعم الله عزوجل والطمع في الزيادة مع ما فيه من الزيادة والرأفة والرحمة لأهل الضعف (٣) ، والعطف على أهل المسكنة ، والحث لهم على المواساة ، وتقوية الفقراء ، والمعونة لهم على أمر الدين ، وهو عظة لأهل الغنى وعبرة لهم ليستدلوا على فقراء الآخرة بهم (٤) و مالهم من الحث في ذلك على الشكر لله ـ تبارك وتعالى ـ لما خولهم (٥) وأعطاهم ، والدعاء والتضرع والخوف من أن يصيروا مثلهم في أمور كثيرة (٦) في أداء الزكاة

__________________

(١) الأفضلية إضافية بالنسبة إلى من لم يؤد الزكاة وان أعطى في غيرها كثيرا. وقال الفاضل التفرشي ـ رحمه‌الله ـ : لعل المراد بالأسخى من لم يكن فيه شئ من البخل وفى هذا المعنى يستوى جميع من أدى زكاة ماله سواء أتى بالعطايا زائدة على زكاة المال أم لا وإن كان الآتي بالعطايا بعد أداء الزكاة أسخى ممن لم يأت بها بمعنى آخر.

(٢) الزمانة : آفة في الحيوانات ورجل زمن أي مبتلى بين الزمانة. (الصحاح)

(٣) أي من حيث الشكر كما قال الله تعالى « لئن شكرتم لأزيدنكم » مع ما فيه من الزيادة أيضا من حيث خاصة الزكاة بخصوصها فلا تكرار ، ويحتمل أنه إشارة إلى تحقق المطموع قطعا أي في أداء الزكاة طمع الزيادة مع وقوعها البتة لا مجرد رجاء وقوع وان تخلف ويحتمل أن المراد بإحديهما الزيادة الدنيوية وبالأخرى الزيادة الأخروية. (سلطان)

(٤) المراد بفقراء الآخرة من ليس له من أعمال صالحه وذخيرة في الآخرة أي عبرة للأغنياء من حيث إنهم لما وقفوا من سوء حال الفقراء قاسوا عليهم أحوال فقر الآخرة وسوء أحوالهم وذلك موجب لتحصيل الأعمال والثواب والذخيرة في الآخرة. (سلطان)

(٥) خولهم أي أنعم عليهم.

(٦) ناظر إلى شكر الله تعالى ، وفى « أداء الزكاة » بدل منه (مراد) وقال في الوافي : يعنى ما ذكر من الأمور في جملة أمور أخر كثيرة هي العلة في ذلك.

٨

والصدقات ، وصلة الأرحام ، واصطناع المعروف.

١٥٨١ ـ وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : « من أخرج زكاة ماله تامة فوضعها في موضعها لم يسأل من أين اكتسب ماله » (١).

١٥٨٢ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إنما جعل الله عزوجل الزكاة في كل ألف خمسة وعشرين درهما لأنه عزوجل خلق الخلق فعلم غنيهم وفقيرهم وقويهم وضعيفهم فجعل من كل ألف (٢) خمسة وعشرين مسكينا [و] لولا ذلك لزادهم الله لأنه خالقهم وهو أعلم بهم ».

باب

* (ما جاء في مانع الزكاة) *

١٥٨٣ ـ روى حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله عزوجل يوم القيامة بقاع قرقر (٣) وسلط عليه شجاعا أقرع يريده وهو يحيد عنه (٤) فإذا رأى أنه لا يتخلص منه أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل (٥) ثم يصير طوقا في عنقه ، وذلك قول الله عزوجل

__________________

(١) أي يرتفع عنه مؤونة حساب ذلك المال ، لا أنه لو اكتسبه من الحرام يرتفع منه اثم ذلك الكسب (مراد) والخبر مروى في الكافي ج ٣ ص ٤. ٥ في الحسن كالصحيح.

(٢) أي من كل ألف انسان كما صرح به في الكافي ج ٣ ص ٥٠٨.

(٣) في الصحاح القاع : المستوى من الأرض. والقرقر : القاع الأملس. ولا يبعد أن يراد به هنا مالا شجر فيه ولا كلاء ولا ماء.

(٤) الشجاع والأشجع ضرب من الحيات أو الذكر منها ، والأقرع من الحيات المتمعط شعر رأسه لكثرة سمه يعنى قد تمعط وذهب شعر رأسها لكثرة سمها وطول عمرها « وهو يحيد عنه » أي يميل ويتنفر عنه.

(٥) القضم : كسر الشئ بأطراف الأسنان. وفى بعض النسخ « كما يقضم الفحل » بالحاء المهملة.

٩

« سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة » ، وما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر ، يطأه كل ذات ظلف بظلفها وينهشه كل ذات ناب بنابها (١) وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاة إلا طوقه الله تعالى ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة (٢).

١٥٨٤ ـ وروى معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إن الله تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال : « أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة » فمن أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فكأنه لم يقم الصلاة » (٣).

١٥٨٥ ـ وروى أيوب بن راشد عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء (٤) تأكل من دماغه ، وذلك قول الله عزوجل : « سيطوقون ما بخلوا يوم القيامة ».

١٥٨٦ ـ روى مسعدة عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « ملعون ملعون مال لا يزكى » (٥).

١٥٨٧ ـ وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب ، وهو قول الله عزوجل : « سيطوقون ما بخلوا به

__________________

(١) ينهشه ـ كيمنعه ـ أي يلسعه وعضه أو أخذه بأضراسه.

(٢) المراد بالريعة ههنا أصل أرضه التي فيها الكرم والنخل والزراعة الواجبة فيها الزكاة. أي تصير الأرض طوقا في عنقه إلى يوم القيامة بان يحشر وفى عنقه الأرض « إلى سبع أرضين » أي إلى منتهاها وفى الكافي « قلده الله تربة أرضه ».

(٣) فيه دلالة على اشتراط قبول الصلاة بايتاء الزكاة.

(٤) القرعاء مؤنث الأقرع.

(٥) المراد باللعن هنا عدم البركة والرحمة من الله فيه. أو ليس له بركة بل يذهب بصاحبه إلى النار كما في رواية.

١٠

يوم القيامة » يعني ما بخلوا به من الزكاة » (١).

١٥٨٨ ـ وروى عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « ما من رجل يمنع درهما في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه (٢) ، وما من رجل يمنع حقا في ماله إلا طوقه الله به حية من نار يوم القيامة ».

١٥٨٩ ـ وروى أبان بن تغلب (٣) عنه عليه‌السلام أنه قال : « دمان في الاسلام حلال من الله تبارك وتعالى لا يقضي فيهما أحد (٤) حتى يبعث الله عزوجل قائمنا أهل البيت فإذا بعث الله عزوجل قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله عزوجل : الزاني المحصن يرجمه ، ومانع الزكاة يضرب عنقه » (٥).

١٥٩٠ ـ وروى عنه عمرو بن جميع أنه قال (٦) : « ما أدى أحد الزكاة فنقصت من ماله ، ولا منعها أحد فزادت في ماله ».

١٥٩١ ـ وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من منع قيراطا من

__________________

(١) قوله « يعنى » من كلام الإمام عليه‌السلام كما يظهر من الكافي وفيه « قال : ما بخلوا به من الزكاة » ج ٣ ص ٤. ٥ ويحتمل كونه قول الراوي.

(٢) أي يمنع منه اللطف ويتسلط عليه الشيطان بان ينفقه في الباطل أو بأن يأخذ الظالم منه قهرا.

(٣) في الطريق أبو علي صاحب الكلل وهو مجهول الحال ورواه الكليني بسند ضعيف.

(٤) قال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : قوله « لا يقضى فيهما أحد » أي موافقا للحق والا فأبو بكر قاتل مانع الزكاة ومنعه عمر ولم يسمع قوله.

(٥) في المدارك نقلا عن التذكرة : أجمع المسلمون كافة على وجوب الزكاة في جميع الأعصار وهي أحد أركان الخمسة إذا عرفت هذا فمن أنكر وجوبها ممن ولد على الفطرة ونشأ بين المسلمين فهو مرتد يقتل من غير أن يستتاب وان لم يكن على فطرة بل أسلم عقيب كفر استتيب  ـ مع علمه بوجوبها ثلاثا فان تاب والا فهو مرتد وجب قتله وإن كان ممن يخفى عليه وجوبها لأنه نشأ بالبادية أو كان قريب العهد بالاسلام عرف وجوبها ولم يحكم بكفره ـ هذا كلامه  ـ رحمه‌الله ـ وهو جيد ، وعلى ما ذكره تحمل رواية أبان بن تغلب.

(٦) يعنى أبا عبد الله عليه‌السلام كما صرح به في الكافي.

١١

الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم ، وهو قول الله عزوجل (١) : حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت » (٢). وفي رواية أخرى « ولا تقبل له صلاة ».

١٥٩٢ ـ وروى ابن مسكان (٣) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد إذ قال : قم يا فلان ، قم يا فلان ، قم يا فلان حتى أخرج خمسة نفر ، فقال : اخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكون ».

١٥٩٣ ـ وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم ، وسأل الرجعة عند الموت ، وهو قول الله عزوجل : » حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت (٤).

١٥٩٤ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « صلاة مكتوبة خير من عشرين حجة ، وحجة خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق به في بر حتى ينفد ، ثم قال : ولا أفلح من ضيع عشرين بيتا من ذهب بخمسة وعشرين درهما ، فقيل له : وما معنى خمسة وعشرين [درهما]؟ قال : من منع الزكاة وقفت صلاته حتى يزكي ».

١٥٩٥ ـ وقال عليه‌السلام : « ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بتضييع الزكاة ، ولا يصاد

__________________

(١) لعل الاستشهاد بالآية الشريفة أن مانع الزكاة تتمنى الرجوع إلى الدنيا كالكافر فكان مثله في ذلك. (مراد)

(٢) « رب ارجعون » على صيغة الجمع في قوة تكرير رب ارجعني ، رب ارجعني على الحاح في سؤال الرجعة. (م ح ق)

(٣) فيه ارسال لان عبد الله بن مسكان لم يلق أبا جعفر عليه‌السلام بل قيل : إنه لم يرو عن أبي عبد الله عليه‌السلام الا حديث « من أدرك المشعر فقد أدرك الحج » وفى رجال الكشي « زعم أبو النضر محمد بن مسعود أن ابن مسكان كان لا يدخل على أبى عبد الله (ع) شفقة أن لا يوفيه حق اجلاله فكان يسمع من أصحابه ويأبى أن يدخل عليه اجلالا واعظاما له عليه‌السلام ». وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ، والخبر رواه الكليني في الكافي ج ٣ ص ٥٢٣ باسناده عن ابن مسكان يرفعه عن رجل عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٤) متحد مع الخبر الأسبق ولعل وجه التكرار اختلاف اللفظ.

١٢

من الطير إلا ما ضيع تسبيحه » (١).

باب

* (ما جاء في تارك الزكاة وقد وجبت له) *

١٥٩٦ ـ روى مروان بن مسلم ، عن عبد الله بن هلال قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : تارك الزكاة وقد وجبت له (٢) مثل مانعها وقد وجبت عليه ».

باب

* (الرجل يستحيى من أخذ الزكاة فيعطى على وجه آخر) *

١٥٩٧ ـ روى عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : « الرجل من أصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة فأعطيه من الزكاة ولا اسمي له أنها من الزكاة؟ فقال : أعطه ولا تسم له ولا تذل المؤمن » (٣).

باب

* (الأصناف التي تجب عليها الزكاة) *

١٥٩٨ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام « أنزلت إليه (٤) آية الزكاة » خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها « في شهر رمضان فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مناديه فنادى في الناس أن الله تبارك وتعالى قد

__________________

(١) تقدم في ذيل حديث مسندا وفى الكافي ج ٥٠٥.

(٢) أي صار مستحقا له ، أوصار مضطرا إلى أخذه بحيث لم يكن له وجه آخر ، والأول أظهر لفظا والثاني معنى.

(٣) يدل على كراهة ذكرها إذا صار سببا لاذلاله.

(٤) يعني إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. وفى الكافي ج ٣ ص ٤٩٧ « لما نزلت آية الزكاة : خذ من أموالهم ـ الآية ».

١٣

فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة ، ففرض الله عليكم (١) من الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، ونادى فيهم بذلك في شهر رمضان وعفا لهم عما سوى ذلك ، قال : ثم لم يتعرض لشئ من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا وأفطروا ، فأمر عليه‌السلام مناديه فنادى في المسلمين أيها المسلمون (٢) زكوا أموالكم تقبل صلاتكم ، قال : ثم وجه عمال الصدقة وعمال الطسوق » (٣).

فليس (٤) على الذهب شئ حتى يبلغ عشرين مثقالا ، فإذا بلغ عشرين مثقالا ففيه نصف دينار إلى أن يبلغ أربعة وعشرين ففيه نصف دينار وعشر دينار ، ثم على هذا الحساب متى زاد على عشرين أربعة أربعة (٥) ، ففي كل أربعة عشر إلى أن يبلغ أربعين مثقالا ، فإذا بلغ أربعين مثقالا ففيه مثقال (٦).

وليس على الفضة شئ حتى يبلغ مائتي درهم فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم ، ومتى زاد عليها أربعون درهما ففيها درهم (٧) ، وليس في النيف

__________________

(١) في الكافي « عليهم ».

(٢) في بعض النسخ « أيها الناس ».

(٣) الطسوق ـ بالفتح ـ : الوظيفة من الخراج أو ما يوضع من الخراج على الجربان جمع جريب ، وقيل : الظاهر أن المراد بها الخراج المأخوذ من الأرض المفتوح عنوة أجرة للأرض.

(٤) من هنا كلام المصنف وليس من تتمة الخبر كما يظهر من الكافي والتهذيب ونص عليه الشراح لكن جعله العلامة ـ رحمه‌الله ـ في المختلف من تتمة الخبر.

(٥) كما في صحيح ابن بشار المدائني عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام المروية في الكافي ج ٣ ص ٥١٦. وموثقة علي بن عقبة عن الصادقين عليهما‌السلام.

(٦) كما في حسنة الفضلاء المروية في التهذيب ج ١ ص ٣٥٠ والاستبصار ج ٢ ص ٢٣ على بيان الشيخ ـ رحمه‌الله ـ.

(٧) كما في موثقة زرارة وابن بكير عن أبي جعفر عليه‌السلام المروية في التهذيب ج ١ ص ٣٥٢.

١٤

شئ حتى يبلغ أربعين (١).

وليس في القطن والزعفران والخضر والثمار والحبوب زكاة حتى تباع و يحول على ثمنها الحول (٢).

فإذا اجتمعت للرجل مائتا درهم فحال عليها الحول فأخرج لزكاتها خمسة دراهم فدفعها إلى الرجل فرد درهما منها وذكر أنه شبه أو زيف (٣) فليسترجع منه الأربعة الدارهم أيضا لأن هذه لم تجب عليها الزكاة لأنه كان عنده مائتا درهم إلا درهم ، وليس على ما دون مائتي درهم زكاة.

وليس على السبائك زكاة إلا أن تفربها من الزكاة فإن فررت بها فعليك الزكاة (٤).

وليس على الحلي زكاة وإن بلغ مائة ألف (٥) ولكن تعيره مؤمنا إذا استعاره

__________________

(١) النيف ـ بالتشديد والتخفيف ـ : ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الثاني.

(٢) كما في حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام وصحيحة عبد العزيز بن المهتدي عن أبي الحسن عليه‌السلام المرويتين في الكافي ج ٣ ص ٥١٢. وصحيحه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام ج ٣ ص ٥١١.

(٣) الشبه ضرب من الدراهم المغشوش بالنحاس. وفى الصحاح : الشبه ـ بكسر الشين المعجمة ـ : ضرب من النحاس. وفى القاموس الشبه ـ محركة ـ : النحاس الأصفر ويكسر. وفيه زاف الدراهم زيوفا أي صارت مردودة.

(٤) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣٥٠ باسناده عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قلت له : الرجل يجعل لأهله الحلى من مائة دينار والمائتي دينار وأراني قد قلت : ثلاثمائة دينار فعليه الزكاة؟ قال : ليس فيه الزكاة ، قال : قلت فإنه فربه من الزكاة؟ فقال : ان فربه من الزكاة فعليه الزكاة ، وإن كان إنما فعله ليتجمل به فليس عليه زكاة ».

(٥) كما في حسنة رفاعة المروية في الكافي ج ٣ ص ٥١٨ قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام وسأله بعضهم عن الحلى فيه زكاة؟ فقال : لا ولو بلغ مائة ألف ».

١٥

منك فهذه زكاته (١).

وليس في النقير (٢) زكاة إنما هي على الدنانير والدراهم (٣).

١٥٩٩ ـ وروى زرارة ، وبكير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « ليس في الجوهر وأشباهه زكاة وإن كثر ».

وليس في نقر الفضة زكاة (٤) وليس على مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به ، فإن اتجربه ففيه الزكاة (٥) والربح لليتيم وعلى التاجر ضمان المال (٦). وقد رويت رخصة في أن يجعل الربح بينهما (٧).

__________________

(١) كما في مرسلة ابن أبي عمير عن الصادق عليه‌السلام قال : « زكاة الحلى عاريته ».

(٢) كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها « وليس في التبر زكاة » والفقير ـ على ما في هامش بعض الخطية ـ : القطعة المذابة من الذهب والفضة. والتبر ـ بالكسر ـ : الذهب والفضة أو فتاتهما قبل أن يصاغا فإذا صيغا فذهب وفضة.

(٣) لما روى الكليني في الكافي ج ٣ ص ٥١٨ باسناده عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا ـ مقطوعا ـ أنه قال : « ليس في التبر زكاة ، إنما هي على الدنانير والدراهم ».

(٤) النقر ـ جمع النقرة ـ : السبيكة.

(٥) في الكافي ج ٣ ص ٥٤٠ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في مال اليتيم عليه زكاة؟ فقال إذا كان موضوعا فليس عليه زكاة وإذا عملت به فأنت له ضامن والربح لليتيم ». وفى الحسن عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : هل على مال اليتيم زكاة؟ قال : لا الا أن يتجر به أو يعمل به ، وحمل على النقدين يعنى ما لم يتجر بهما ليس فيهما زكاة فان اتجر بهما فعلى الولي اخراج الزكاة من مال اليتيم تولية كما قال الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في كتابيه.

(٦) الظاهر أن المشهور إذا اتجر الولي أو الوصي لليتيم فالربح لليتيم والزكاة على الولي في المال اليتيم وان لم يكن مليا فالضمان على التاجر والربح لليتيم ولا زكاة فيه ، أما إذا ضمن الولي المال بأن يقترضه وكان مليا فالزكاة عليه ، والا فالربح لليتيم والضمان على التاجر ولا زكاة.

(٧) روى الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في التهذيب ج ١ ص ٣٥٦ في الموثق عن أبي الربيع

١٦

وقال أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ في رسالته إلي : لا يجزي في الزكاة أن يعطى أقل من نصف دينار (١).

١٦٠٠ ـ وقد روى محمد بن عبد الجبار « أن بعض أصحابنا كتب على يدي أحمد بن إسحاق (٢) إلى علي بن محمد العسكري عليهما‌السلام : أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة؟ فكتب : إفعل إن شاء الله » (٣).

وقد روي في تقديم الزكاة وتأخيرها أربعة أشهر وستة أشهر (٤) إلا أن المقصود

__________________

قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل في يده مال لأخ له يتيم وهو وصيه أيصلح له أن يعمل به؟ قال : نعم يعمل به كما يعمل بمال غيره والربح بينهما ، قال : قلت : فهل عليه ضمان؟ قال : لا إذا كان ناظرا له ».

(١) في التهذيب ج ١ ص ٣٦٦ عن معاوية بن عمار وعبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يجوز أن يدفع الزكاة أقل من خمسة دراهم فإنها أقل الزكاة ». وروى الكليني ج ٣ ص ٥٤٨ في الصحيح عن أبي ولاد عنه عليه‌السلام « لا يعطى أحد من الزكاة أقل من خمسة دراهم وهو أقل ما فرض الله عزوجل من الزكاة في أموال المسلمين فلا يعطوا أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم فصاعدا ».

(٢) أي دفع المكتوب إلى أحمد ليوصل إلى الهادي عليه‌السلام.

(٣) رواه نحوه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣٦٦ وقال : محمول على النصاب الذي يلي النصاب الأول ، لان النصاب الثاني والثالث وما فوق ذلك ربما كان الدرهمين والثلاثة حسب تزايد الأموال فلا بأس باعطاء ذلك لواحد ، فاما النصاب الأول فلا يجوز ذلك فيه.

(٤) في الكافي باسناد حسن كالصحيح عن عمر بن يزيد قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام الرجل يكون عنده المال أيزكيه إذا مضى نصف السنة؟ قال : لا ولكن حتى يحول عليه الحول ويحل عليه ، انه ليس لأحد أن يصلى صلاة الا لوقتها وكذلك الزكاة ، ولا يصوم أحد شهر رمضان الا في شهره الا قضاء ، وكل فريضة إنما تؤدى إذا حلت ». ج ٣ ص ٥٢٤ و روى الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في الاستبصار ج ٢ ص ٣٢ باسناد صحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قلت له : الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها إلى محرم؟ قال : لا بأس ، قال : قلت : فإنها لا تحل عليه الا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان؟ قال لا بأس ». باسناده عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين

١٧

منهما أن تدفعها إذا وجبت عليك ، ولا يجوز لك تقديمها ولا تأخيرها لأنها مقرونة بالصلاة ولا يجوز تقديم الصلاة قبل وقتها ولا تأخيرها إلا أن تكون قضاء ، وكذلك الزكاة فإن أحببت أن تقدم من زكاة مالك شيئا تفرج به عن مؤمن فاجعله دينا عليه ، فإذا حلت عليك فأحسبها له زكاة ليحسب لك من زكاة مالك ويكتب لك أجر القرض.

١٦٠١ ـ وقد روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « نعم الشئ القرض إن أيسر قضاك وإن أعسر حسبته من الزكاة ».

١٦٠٢ ـ وروي « أن القرض حمى للزكاة » (١).

__________________

وتأخيرها شهرين » وقال الشيخ رحمه‌الله : فالوجه في الجميع بين هذه الأخبار أن نحمل جواز تقديم الزكاة قبل حلول وقتها على أنه يجعلها قرضا على المعطى ، فإذا جاء وقت الزكاة وهو على الحد الذي تحل له الزكاة وصاحبها على الحد الذي يجب عليه الزكاة احتسب به منها ، وان تغير أحدهما عن صفته لم يحتسب بذلك ، ولو كان التقديم جائزا على كل حال لما وجب عليه الإعادة إذا أيسر المعطى عند حلول الوقت ، والذي يدل على ما قلناه ما رواه محمد بن علي بن محبوب عن أحمد عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن الأحول ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل عجل زكاة ماله ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة؟ قال : قال : يعيد المعطى الزكاة » انتهى ، أقول : هذا الحمل وكذا حمل المصنف رحمه‌الله إنما كان في وجه جواز التقديم وأما وجه جواز التأخير فلم يتعرضا له فلعله محمول على جواز تأخير التسليم بعد العزل أو لمانع كعدم حضور المستحق وأمثاله ، وقال في المدارك : اختلف الأصحاب في هذه المسألة فأطلق الأكثر عدم جواز التأخير من وقت التسليم الا لمانع لان المستحق مطالب بشاهد الحال فيجب التعجيل كالوديعة والدين ، وقال الشيخ في النهاية : فإذا حال الحول فعلى الانسان أن يخرج ما يجب عليه على الفور ولا يؤخره ، ثم قال : وإذا عزل ما يجب عليه فلا بأس أن يفرقه ما بين شهر وشهرين ولا يجعل ذلك أكثر منه. وقال ابن إدريس في سرائره : وإذا حال الحول فعلى الانسان أن يخرج ما يجب عليه إذا حضر المستحق فان أخر ذلك ايثارا به مستحقا غير من حضره فلا اثم عليه بغير خلاف الا أنه ان هلك قبل وصوله إلى من يريد اعطاءه إياه فيجب على رب المال الضمان.

(١) لأنه يدفع الفوت والتضييع عنها ويحفظها ، أو يوفق لأدائها ، والخبر في الكافي

١٨

وإن كان لك على رجل مال ولم يتهيأ لك (١) قضاؤه فاحسبه من الزكاة إن شئت (٢).

ولا بأس أن يشتري الرجل مملوكا مؤمنا من زكاة ماله فيعتقه ، فإن استفاد المعتوق مالا ومات فماله لأهل الزكاة لأنه اشتري بمالهم (٣).

وإن اشترى رجل أباه من زكاة ماله فأعتقه فهو جائز (٤).

وإذا مات رجل مؤمن وأحببت أن تكفنه من زكاة مالك فأعطها ورثته يكفنونه بها ، فإن لم يكن له ورثة فكفنه واحسبه من الزكاة ، فإن أعطى ورثته قوم آخرون ثمن كفن فكفنه أنت واحسبه من الزكاة إن شئت ويكون ما أعطاهم

__________________

ج ٣ ص ٥٥٨ عن الصادق عليه‌السلام ، وفيه في ج ٤ ص ٣٤ خبر آخر يقول : « قرض المؤمن غنيمة وتعجيل خير إن أيسر أداه وإن مات قبل ذلك احتسب به من الزكاة ».

(١) في بعض النسخ « ولم يتهيأ له ».

(٢) كما في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام المروية في الكافي ج ٣ ص ٥٥٨.

(٣) حمل على ما إذا لم يجد موضعا يدفع إليه. روى الكليني ج ٣ ص ٥٥٧ في الحسن عن عبيد بن زرارة قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه بتلك الألف درهم التي أخرجها من زكاته فأعتقه هل يجوز له ذلك؟ قال : نعم لا بأس بذلك ، قلت : فإنه لما أن أعتق وصار حرا اتجر واحترف وأصاب مالا ثم مات وليس له وارث فمن يرثه إذا لم يكن له وارث؟ قال : يرثه الفقراء المؤمنون الذي يستحقون الزكاة لأنه إنما اشترى بمالهم ».

(٤) في الكافي ج ٣ ص ٥٥٢ عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي محمد الوابشي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سأله بعض أصحابنا عن رجل اشترى أباه من الزكاة؟ زكاة ماله قال : اشترى خير رقبة ، لا بأس بذلك » وهذا الصحيح بعمومه يدل على جواز اعتاق الأب وان لم يكن مكاتبا ولا تحت شدة وان وجد المستحق. وفى المدارك : أما جواز شراء العبد من الزكاة وعتقه وان لم يكن في شدة بشرط عدم المستحق فقال في المعتبر ان عليه فقهاء الأصحاب ، وجوز العلامة في القواعد الاعتاق من الزكاة مطلقا وشراء الأب منها وقواه ولده في الايضاح ونقله عن المفيد وابن إدريس ، وهو جيد لاطلاق الآية الشريفة وخبر الوابشي هذا.

١٩

القوم لهم يصلحون به شؤونهم ، وإن كان على الميت دين لم يلزم ورثته قضاؤه مما أعطيتهم ولا مما أعطاهم القوم لأنه ليس بميراث وإنما هو شئ صار لورثته بعد موته (١).

وإذا كان مالك في تجارة وطلب منك المتاع برأس مالك ولم تبعه تبتغي بذلك الفضل فعليك زكاته إذا حال عليه الحول ، وإن لم يطلب منك المتاع برأس مالك فليس عليك زكاته (٢).

وإن غاب عنك مالك فليس عليك زكاته إلى أن يرجع إليك مالك ويحول عليه الحول وهو في يدك ، إلا أن يكون مالك على رجل متى أردت أخذه منه تهيأ لك فإن

__________________

(١) روى الشيخ في التهذيب في باب زيادات أحكام الأموات ج ١ ص ١٢٤ في الصحيح عن الفضل بن يونس الكاتب قال : « سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام فقلت له : ما ترى في رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به اشترى له كفن من الزكاة؟ فقال : اعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه ، قلت : فإن لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فأجهزه أنا من الزكاة؟ قال : كان أبى عليه‌السلام يقول : ان حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا ، فوار بدنه وعورته وجهزه وكفنه وحنطه واحتسب بذلك من الزكاة ، وشيع جنازته ، قلت : فان اتجر عليه * بعض إخوانه بكفن آخر وكان عليه دين أيكفن بواحد ويقضى دينه بالآخر؟ قال : لا ، ليس هذا ميراثا تركه ، إنما هذا شئ صار إليه بعد وفاته فليكفنوه بالذي اتجر عليه ويكون الاخر لهم يصلحون به شأنهم ».

(٢) اختلف الأصحاب في الزكاة التجارة فالأكثرون كما قيل على الاستحباب ، والبعض على الوجوب وكلام المصنف ـ رحمه‌الله ـ يقتضيه (الشيخ محمد) وفى الكافي ج ٣ ص ٥٢٨ في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اشترى متاعا وكسد عليه وقد زكى ماله قبل أن يشترى المتاع ، متى يزكيه؟ فقال : إن كان أمسك متاعه يبتغى به رأس ماله فليس عليه زكاة ، وإن كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال ، قال : وسألته عن الرجل يوضع عنده الأموال يعمل بها ، فقال إذا حال الحول فليزكها ». أقول : اعتبر الفقهاء في زكاة المال التجارة مضى الحول من حين التجارة ، وأن يطلب برأس المال أو الزيادة ، وبقاء قصد الاكتساب طول الحول ، وأن تكون قيمته نصابا فصاعدا.

__________________

* كذا ، وفى بعض النسخ « اتجر به ».

٢٠