الوهابيّة جذورها التاريخيّة.. مواقفها من المسلمين

حسين أبو علي

الوهابيّة جذورها التاريخيّة.. مواقفها من المسلمين

المؤلف:

حسين أبو علي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-515-1
الصفحات: ١٤٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

١

٢

٣

٤



مقدّمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على خاتم المرسلين محمّد وآله الغرّ الميامين

من الثوابت المسلّمة في عملية البناء الحضاري القويم ، استناد الأُمّة إلى قيمها السليمة ومبادئها الأصيلة ، الأمر الذي يمنحها الإرادة الصلبة والعزم الأكيد في التصدّي لمختلف التحدّيات والتهديدات التي تروم نخر كيانها وزلزلة وجودها عبر سلسلة من الأفكار المنحرفة والآثار الضالة باستخدام أرقى وسائل التقنية الحديثة.

وإن أنصفنا المقام حقّه بعد مزيد من الدقّة والتأمّل ، نلحظ أنّ المرجعية الدينية المباركة كانت ولا زالت هي المنبع الأصيل والملاذ المطمئن لقاصدي الحقيقة ومراتبها الرفيعة ، كيف ؟! وهي التي تعكس تعاليم الدين الحنيف وقيمه المقدّسة المستقاة من

٥

مدرسة آل العصمة والطهارة عليهم‌السلام بأبهى صورها وأجلى مصاديقها.

هذا ، وكانت مرجعية سماحة آية الله العظمى السيّد علي الحسيني السيستاني ـ مدّ ظلّه ـ هي السبّاقة دوماً في مضمار الذبّ عن حمى العقيدة ومفاهيمها الرصينة ، فخطت بذلك خطوات مؤثّرة والتزمت برامج ومشاريع قطفت وستقطف أينع الثمار بحول الله تعالى.

ومركز الأبحاث العقائدية هو واحد من المشاريع المباركة الذي أُسس لأجل نصرة مذهب أهل البيت عليهم‌السلام وتعاليمه الرفيعة.

ولهذا المركز قسم خاص يهتم بمعتنقي مذهب أهل البيت عليهم‌السلام على مختلف الجهات ، التي منها ترجمة ما تجود به أقلامهم وأفكارهم من نتاجات وآثار ـ حيث تحكى بوضوح عظمة نعمة الولاء التي مَنّ الله سبحانه وتعالى بهم عليهم ـ إلى مطبوعات توزّع في شتى أرجاء العالم.

وهذا المؤلَّف ـ « الوهابية جذورها التاريخية .. مواقفها من المسلمين » ـ الذي يصدر ضمن « سلسلة الرحلة إلى الثقلين » مصداق حيّ وأثر عملي بارز يؤكّد صحة هذا المدعى.

على أنّ الجهود مستمرة في تقديم يد العون والدعم قدر المكنة لكلّ معتنقي المذهب الحقّ بشتى الطرق والأساليب ،

٦

مضافاً إلى استقراء واستقصاء سيرة الماضين منهم والمعاصرين وتدوينها في « موسوعة من حياة المستبصرين » التي طبع منها ثلاثة مجلّدات لحدّ الآن ، والباقي تحت الطبع وقيد المراجعة والتأليف ، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يتقبّل هذا القليل بوافر لطفه وعنايته.

ختاماً نتقدّم بجزيل الشكر والتقدير إلى كلّ من ساهم في إخراج هذا الكتاب , ونخصّ بالذكر فضيلة الشيخ حكمت الرحمة الذي قام بمراجعة هذا الكتاب وإعداده للطبع, والحمد لله ربّ العالمين.

محمّد الحسّون

مركز الأبحاث العقائدية

٢٢ ربيع الآخر ١٤٢٨ ه‍

الصفحة على الانترنت : site.aqaed.com / Mohammad

البريد الالكتروني : muhammad@aqaed.com

٧
٨



الإهداء ..

إلى وجه الحقّ..

إلى شمس الحقيقة الكونية..

إلى كلّ طالب حقّ.. وباحث عن حقيقة..

أُهدي هذه الوريقات..

المؤلّف

٩
١٠



شكرٌ وتقدير

الشكر لله بالاستحقاق ..

ولرسوله الكريم وآله الأطهار بالسباق ..

والشكر جزيل إلى الأخ الفاضل والصديق العزيز « أبو مهدي ».

أشكره على الفكرة والتأييد المعنوي الذي رافقني حتى إخراج هذا الكتاب إلى حيِّز الوجود..

وشكرٌ خاص جداً.. لنصف نفسي ، لأهلي وعرسي.. زوجتي ( أم علي ) الغالية على ما تحملته من كَلِّي ، وحملته من همّي وغمّي..

لها الشكر والتقدير عرفاناً مني بالجميل ، ووفاء لعملها الجليل..

وأسأل الله أنْ يوفقنا لمراضيه ، ويجنّبنا معاصيه.. وأنْ يحفظنا ولا يفرّقنا بعد أن جمعنا القرآن ، إلّا بالأجل ورفقة الجنان.. إنّه سميع قريب.. حنّان منّان.. والحمد لله وحده على كل حال وبكل لسان..

١١
١٢



المقدّمة

لم يعان أحد كما عانى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الأمة.. لأنّه وكما قال : « ما أوذي أحد ما أوذيت » (١) ، فبأي شيء أوذي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ ومن الذي آذاه ؟ والقرآن الكريم يشدّد النهي عن إيذاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسميه إيذاءً لله قبل رسوله.. بآيات مباركة منها :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَىٰ ) (٢).

( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ ) (٣).

( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ) (٤).

( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (٥).

( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) (٦).

___________________

(١) صحيح الجامع الصغير للألباني : ٢ / ٩٧٥.

(٢) الأحزاب : ٦٩.

(٣) الأحزاب : ٥٣.

(٤) التوبة : ٦١.

(٥) التوبة : ٦١.

(٦) الأحزاب : ٥٧.

١٣

( إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ) (١).

بماذا أوذي كليم الله موسى عليه‌السلام ؟ وهل تصدق تلك الروايات التي تتحدث عن هذا الأذى كروايات أبي هريرة الدوسي ، وكعب الأحبار اليهودي ، التي تنسب إلى ذاك الرسول العظيم ما يخجل منه ويأباه على نفسه وأهله ؟

وهل تعلم أنّ أكبر أذى للرسول أو النبي هو عدم اتّباع نهجه ورسالته ، ، أو أذاه بأهله ووصيّه من بعده ، كما فعل بنو إسرائيل بالرسالة ، وهارون عليه‌السلام حيث كانوا يريدوا قتله ، لأنّه يأمرهم بالمعروف والرسالة ، وينهاهم عن المنكر وعبادة العجل ؟

وهكذا فعل بهارون هذه الأمة الأخيرة المرحومة.. نعم ، إنّه أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام الذي قال له صاحب الرسالة الخاتمة صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي » (٢).

وهل تعلم أنّه جاء مسخ حاقد آخر الزمان ، وأراد أنْ يصحّح قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما يعتقد ويظن ، فقال : « إنّما قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت مني بمنزلة قارون من موسى » وحذف آخر الرواية الشريفة

___________________

(١) الأحزاب : ٥٣.

(٢) صحيح مسلم : ٧ / ١٢٠.

١٤

بهذه الرواية وعليه إثم ما يقول.

ومن الذي اتهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجاسوسية ، أو ضعف الشخصية ، وقال عنه بأنّه أُذن يسمع ما يقوله له علي بن أبي طالب عليه‌السلام وبنو هاشم لمصالحهم لا للدين ولا للرسالة ؟

مَن الذي اتهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك ، ونسي قول الله عز وجل عنه : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ) (١).

وكم كان جواب الوحي المقدّس رائع وجميل بحيث أراد أن ، يصدقهم بالقول ولكن يصحح المعنى المتبادر والمفهوم من الكلمة « أذن خير لكم » نعم.. إنّه أذن ولكن سمعه كان إلى السماء والوحي ، لا إلى الأرض والبشر العاديين ، لذا فإنّ ما يلقى إليه كان الخير وكل الخير فيه لهذه الأمة.

ومن الذي كان يؤذي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الطعام ، ومحادثة نسائه وزوجاته ، وكان ـ روحي له الفداء ـ يستحيي منهم فلا يطردهم ولا ينهاهم ، حتى يحافظ على شعورهم وكرامتهم ، إلا أنّهم تمادوا في عملهم حتى أنزل الله جبرائيل عليه‌السلام بهذه الآيات ليطردهم ويعلمهم أصول التعامل مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

___________________

(١) سورة النجم : ٣ ـ ٥.

١٥

وعلى كل حال فكل من آذى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعليه اللعنة في الدنيا ؛ لأنّه يستحقها وله العذاب الأليم في الآخرة ، والآية تؤكد أنّ أذى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو أذى لله تعالى ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « ما أوذي أحد ما أوذيت » (١).

من الذي آذاه وكيف ؟ ومتى ؟ وكل أدوات الاستفهام وأسمائه يمكن لنا أن نستخدمها في هذا المجال.. ولكن البحث يطول ويتشعب ولا حاجة لنا لكل ذلك.

ولكن ويا للأسف الشديد ما زالوا يؤذون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذاته المقدسة ، ورسالته المباركة ، وأهل بيته الأطهار ، وأمته المرحومة ، فيوجهون كل أنواع الأذى لكل ذلك تحت راية الإسلام ، وباسم الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

نعم ، إنّهم خوارج هذه العصور المتأخرة الذين جاء بهم الزمان ورعفت بهم الأيام ـ وليتها لم تفعل ـ وتمخضت عنهم السنوات بعد هياط ومياط وطلق يقطع الأنياط ، جاؤوا إلى هذه الأمة ليقولوا لها أنت كافرة ، ومشركة ويجب أبادتك عن خريطة الزمان والمكان.

إنّها قصة الألم المتفجر.. إنّها حكاية الدم السائل الفوَّار والمسفوح ظلماً وعدواناً في الكثير من بقاع العالم الإسلامي ، أو غير

___________________

(١) صحيح الجامع الصغير للألباني : ٢ / ٩٧٥.

١٦

الإسلامي على حد سواء ، من أفغانستان وباكستان إلى مصر والجزائر.. وما بين اليمن وحتى العراق.. ومن الشيشان والبلقان حتى برج التجارة العالمي في نيويورك وملفاتها في واشنطن ، والحرب الصليبية الثانية على الإسلام باسم ( الإرهاب )..

إنّه الحقد العجيب ، والحسد الغريب ، يحقدون علينا كأمة فيكفرونا ويقتلونا ، ويحسدون الآخرين على ما هم فيه فيدمروهم ويقتلوهم بلا سبب ولا ذنب.. وبدم بارد وأساليب همجية يندى لها جبين الإنسانية لماذا ؟ لست أدري.

نعم ، إنّها السلفية البغيضة.. ونسختها المعدَّلة وراثياً : الوهابية المقيتة ، فما هي السلفية ، ومن هم الوهابيون في هذا الزمان ؟

١٧
١٨

١٩

٢٠