النشر فى القراءات العشر - ج ١

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي

النشر فى القراءات العشر - ج ١

المؤلف:

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٠
الجزء ١ الجزء ٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

قال مولانا الإمام شيخ الإسلام ، مقتدى العلماء الأعلام ، مقرئ ديار مصر والشام ، افتخار الأئمة ، ناصر الأمة ، أستاذ المحدثين ، بقية العلماء الراسخين ، شمس الملة والدين ، أبو الخير محمد بن الجزرى الشافعى رحمه‌الله ورضى عنه.

الحمد لله الذى أنزل القرآن كلامه ويسره ، وسهل نشره لمن رامه وقدره ، ووفق للقيام به من اختاره وبصره ، وأقام لحفظه خيرته من بريته الخيرة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مقر بها بأنها للنجاة مقررة ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل « إن الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة » ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين جمعوا القرآن فى صدورهم السليمة وصحفه المطهرة ، وسلم وشرف وكرم. ورضى الله عن أئمة القراءة المهرة.

خصوصا القراء العشرة ، الذين كل منهم تجرد لكتاب الله فجوده وحرره ، ورتله كما أنزل وعمل به وتدبره ، وزينه بصوته وتغنى به وحبره. ورحم الله السادة المشايخ الذين جمعوا في اختلاف حروفه ورواياته الكتب المبسوطة والمختصرة ؛ فمنهم من جعل تيسيره فيها عنوانا وتذكرة ، ومنهم من أوضح مصباحه ارشادا وتبصرة ، ومنهم من أبرز المعانى في حرز الأمانى مفيدة وخيرة ، أثابهم الله تعالى أجمعين ، وجمع بيننا وبينهم فى دار كرامته فى عليين ، بمنه وكرمه.

( وبعد ) فإن الإنسان لا يشرف إلا بما يعرف ، ولا يفضل إلا بما يعقل ، ولا ينجب إلا بمن يصحب ؛ ولما كان القرآن العظيم أعظم كتاب أنزل ، كان المنزل عليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أفضل نبى أرسل ، وكانت أمته من العرب والعجم أفضل

١

أمة أخرجت للناس من الأمم ، وكانت حملته أشرف هذه الأمة ، وقراؤه ومقرءوه أفضل هذه الملة.

كما أخبرنا الشيخ الإمام العالم أبو العباس أحمد بن محمد الخضر الحنفى رحمه‌الله بقراءتى عليه بسفح قاسيون ظاهر دمشق المحروسة في أوائل سنة إحدى وسبعين وسبعمائة قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبى طالب بن نعمة الصالحى سماعا عليه سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة قال أخبرنا أبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن القبيطى في آخرين إذنا قالوا أخبرنا أبو بكر أحمد بن المقرب الكرخى أخبرنا الإمام أبو طاهر أحمد بن على بن عبيد الله البغدادى أخبرنا شيخنا أبو على المقرى يعنى الحسن بن علىّ بن عبيد الله العطار أخبرنا إبراهيم بن أحمد الطبرى حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل العجلى قال حدثنى عمر بن أيوب السقطى حدثنا أبو إبراهيم البرجمانى يعنى إسماعيل بن إبراهيم حدثنا سعد بن سعيد الجرجانى وكنا نعده من الأبدال عن نهشل أبى عبد الرحمن القرشى عن الضحاك عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « أشرف أمتى حملة القرآن ، نهشل هذا ضعيف وقد رواه الطبرانى فى المعجم الكبير من حديث الجرجانى هذا عن كامل أبي عبد الله الراسبى عن الضحاك به إلا أنه قال « أشرف أمتى حملة القرآن » ولم يذكر نهشلا في إسناده والصواب ذكره كما أخبرتنا ست العرب ابنة محمد بن علىّ مشافهة في دارها بسفح قاسيون سنة ست وستين وسبعمائة قالت أنا جدى علىّ بن أحمد بن عبد الواحد أنا أبو سعد الصفار فى كتابه أنا زاهر بن طاهر سماعا أنا أحمد بن الحسين الحافظ أنا أبو عبد الرحمن السلمى وأبو الحسين محمد بن القاسم الفارسى إملاء قالا حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن قريش حدثنا الحسين بن سفيان حدثنا أبو إبراهيم البرجمانى حدثنا سعد بن سعيد الجرجانى أخبرنا نهشل بن عبد الله عن الضحاك عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « أشراف أمتى حملة القرآن

٢

وأصحاب الليل » كذا رواه البيهقى فى شعب الإيمان وهو الصحيح وروينا فيه عن ابن عباس أيضا قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « ثلاثة لا يكترثون للحساب ولا تفزعهم الصيحة ولا يحزنهم الفزع الأكبر : حامل القرآن يؤديه إلى الله يقدم على ربه سيدا شريفا حتى يرافق المرسلين ، ومن أذن سبع سنين لا يأخذ على أذانه طمعا ، وعبد مملوك أدى حق الله من نفسه وحق مواليه » وروينا أيضا فى الطبرانى بإسناد جيد من حديث عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « خيركم من قرأ القرآن وأقرأه » ورواه البخارى فى صحيحه عن عثمان بن عفان رضى الله عنه ولفظه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « خيركم من تعلم القرآن وعلمه » وكان الإمام أبو عبد الرحمن السلمى التابعى الجليل يقول لما يروى هذا الحديث عن عثمان هذا الذى أقعدنى مقعدى هذا ، يشير إلى كونه جالسا فى المسجد الجامع بالكوفة يعلم القرآن ويقرئه مع جلالة قدره وكثرة علمه وحاجة الناس إلى علمه ، وبقى يقرئ الناس يجامع الكوفة أكثر من أربعين سنة وعليه قرأ الحسن والحسين رضى الله عنهما ؛ ولذلك كان السلف رحمهم‌الله لا يعدلون باقراء القرآن شيئا ، فقد روينا عن شقيق أبى وائل قال قيل لعبد الله بن مسعود رضى الله عنه إنك تقل الصوم قال إنى إذا صمت ضعفت عن القرآن وتلاوة القرآن أحب إلىّ ؛ وفى جامع الترمذى من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول الله عزوجل « من شغله القرآن عن ذكرى ومسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين » قال الترمذى حديث حسن غريب ؛ وقد جمع الحافظ أبو العلاء الهمذانى طرق هذا الحديث وفى بعضها « من شغله قراءة القرآن فى أن يتعلمه أو يعلمه عن دعائى ومسألتي » وأسند الحافظ أبو العلاء أيضا عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم « أفضل العبادة قراءة القرآن » وروينا عن النعمان بن بشير رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « أفضل عبادة أمتى

٣

قراءة القرآن » أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان وعن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحمانى سألت سفيان الثورى عن الرجل يغزو أحب اليك أو يقرئ القرآن فقال يقرئ القرآن لأن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال « خيركم من تعلم القرآن وعلمه ، وروينا عن ابن عباس رضى الله عنهما قال « من قرأ القرآن لم يردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا » وذلك قوله تعالى ( ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) قال إلا الذين قرءوا القرآن ؛ وعن عبد الملك بن عمير « أبقى الناس عقولا قراء القرآن » وأنبأنا أحمد بن محمد بن الحسين الينا عن على بن أحمد أن أبا محمد عبد الغنى بن عبد الواحد بن على بن سرور المقدسى الحافظ أخبره قال أنا عبد الرزاق بن إسماعيل القوسيانى سماعا أنا أبو شجاع الديلمى الحافظ أنا أبو بكر أحمد بن معمر الأثوابى الوراق أنا أبو الحسن طاهر بن حمد بن سعدويه الدهقان بهمذان حدثنا محمد بن الحسين النيسابورى بها حدثنا أبو بكر الرازى ( ح ) وأخبرنى محمد بن أحمد الصالحى شفاها عن أبى الحسن بن أحمد الفقيه قال كتب إلى الحافظ عبد الرحمن بن على السلامى أنا ابن ناصر أنبأنا أبو على الحسن بن أحمد أنا أبو محمد الخلال أنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهرى أنا أحمد بن محمد بن مقسم قال سمعت أبا بكر الرازى قال سمعت عبد العزيز بن محمد النهاوندى يقول سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول سمعت أبى رحمة الله عليه يقول : رأيت رب العزة فى النوم فقلت يا رب ما أفضل ما يتقرب المتقربون به اليك؟ فقال بكلامى يا أحمد فقلت يا رب بفهم أو بغير فهم؟ فقال بفهم وبغير فهم.

وقد خص الله تعالى هذه الأمة فى كتابهم هذا المنزل على نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما لم يكن لأمة من الأمم فى كتبها المنزلة فانه تعالى تكفل بحفظه دون سائر الكتب ولم يكل حفظه الينا قال تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) وذلك إعظام لأعظم معجزات النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأن الله تعالى تحدى بسورة منه أفصح العرب لسانا وأعظمهم عنادا وعتوا وإنكارا فلم

٤

يقدروا على أن يأتوا بآية مثله ثم لم يزل يتلى آناء الليل والنهار من نيف وثمانمائة سنة مع كثرة الملحدين وأعداء الدين ولم يستطع أحد منهم معارضة شيء منه ؛ وأى دلالة أعظم على صدق نبوّته صلى‌الله‌عليه‌وسلم من هذا؟ وأيضا فإن علماء هذه الأمة لم تزل من الصدر الأول وإلى آخر وقت يستنبطون منه من الأدلة والحجج والبراهين والحكم وغيرها ما لم يطلع عليه متقدم ولا ينحصر لمتأخر بل هو البحر العظيم الذى لا قرار له ينتهى اليه ، ولا غاية لآخره يوقف عليه. ومن ثم لم تحتج هذه الأمة إلى نبى بعد نبيها صلى‌الله‌عليه‌وسلم كما كانت الأمم قبل ذلك لم يخل زمان من أزمنتهم عن أنبياء يحكمون أحكام كتابهم ويهدونهم إلى ما ينفعهم فى عاجلهم ومآبهم قال تعالى ( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ ) فوكل حفظ التوراة إليهم فلهذا دخلها بعد أنبيائهم التحريف والتبديل.

ولما تكفل تعالى بحفظه خص به من شاء من بريته وأورثه من اصطفاه من خليقته قال تعالى ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ) وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم « إن لله أهلين من الناس ، قيل من هم يا رسول الله؟ قال أهل القرآن هم أهل الله وخاصته » رواه ابن ماجة وأحمد والدارمى وغيرهم من حديث أنس بإسناد رجاله ثقات.

وقد أخبرتنا به عاليا أم محمد ست العرب ابنة محمد بن على بن أحمد بن عبد الواحد الصالحية مشافهة أنا جدى قراءة عليه وأنا حاضرة أنا أبو المكارم أحمد بن محمد اللبان فى كتابه من أصبهان أنا الحسن بن أحمد الحداد سماعا أنا أبو نعيم الحافظ أنا عبد الله بن جعفر أنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسى حدثنا عبد الرحمن بن بديل العقيلى عن أبيه عن أنس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « إن لله أهلين من الناس ؛ قيل يا رسول الله من هم؟ قال :

٥

أهل القرآن هم أهل الله وخاصته » وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدى عن عبد الرحمن بن بديل.

ثم إن الاعتماد فى نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة ففي الحديث الصحيح الذى رواه مسلم أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : « إن ربى قال لى قم فى قريش فانذرهم فقلت له رب إذا يثلغوا رأسى حتى يدعوه خبزة فقال مبتليك ومبتلى بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان فابعث جندا أبعث مثلهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وأنفق ينفق عليك » فأخبر تعالى أن القرآن لا يحتاج فى حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرءوه فى كل حال كما جاء فى صفة أمته « أناجيلهم فى صدورهم » وذلك بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه لا فى الكتب ولا يقرءونه كله إلا نظرا لا عن ظهر قلب ولما خص الله تعالى بحفظه من شاء من أهله أقام له أئمة ثقات تجردوا لتصحيحه وبذلوا أنفسهم فى إتقانه وتلقوه من النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حرفا حرفا لم يهملوا منه حركة ولا سكونا ولا إثباتا ولا حذفا ولا دخل عليهم فى شىء منه شك ولا وهم وكان منهم من حفظه كله ومنهم من حفظ أكثره ومنهم من حفظ بعضه كل ذلك فى زمن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد ذكر الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام فى أول كتابه فى القراءات من نقل عنهم شىء من وجوه القراءة من الصحابة وغيرهم. فذكر من الصحابة أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليا ، وطلحة ، وسعدا ، وابن مسعود. وحذيفة ، وسالما ، وأبا هريرة ، وابن عمر ، وابن عباس ، وعمرو بن العاص ، وابنه عبد الله ، ومعاوية ، وابن الزبير ، وعبد الله بن السائب ، وعائشة ، وحفصة ، وأم سلمة ؛ وهؤلاء كلهم من المهاجرين وذكر من الأنصار أبى من الأنصار أبى بن كعب. ومعاذ ابن جبل. وأبا الدرداء ، وزيد بن ثابت ، وأبا زيد ، ومجمع بن جارية ، وأنس ابن مالك رضى الله عنهم أجمعين.

٦

ولما توفى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقام بالأمر بعده أحق الناس به أبو بكر الصديق رضى الله عنه وقاتل الصحابة رضوان الله عليهم أهل الردة وأصحاب مسيلمة وقتل من الصحابة نحو الخمسمائة أشير على أبى بكر بجمع القرآن فى مصحف واحد خشية أن يذهب بذهاب الصحابة فتوقف فى ذلك من حيث إن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يأمر فى ذلك بشيء ثم اجتمع رأيه ورأى الصحابة رضى الله تعالى عنهم على ذلك فأمر زيد بن ثابت بتتبع القرآن وجمعه فجمعه فى صحف كانت عند أبى بكر رضى الله عنه حتى توفى ثم عند عمر رضى الله عنه حتى توفى ثم عند حفصة رضى الله عنها.

ولما كان فى نحو ثلاثين من الهجرة فى خلافة عثمان رضى الله عنه حضر حذيفة بن اليمان فتح أرميلية وآذربيجان فرأى الناس يختلفون فى القرآن ويقول أحدهم للآخر قراءتى أصح من قراءتك فأفزعه ذلك وقدم على عثمان وقال أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلى إلينا بالصحف ننسخها ثم نردها إليك فارسلتها إليه فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها فى المصاحف وقال إذا اختلفتم أنتم وزيد فى شىء فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم فكتب منها عدة مصاحف فوجه بمصحف إلى البصرة ومصحف إلى الكوفة ومصحف إلى الشام وترك مصحفا بالمدينة وأمسك لنفسه مصحفا الذى يقال له الإمام ووجه بمصحف إلى مكة وبمصحف إلى مكة وبمصحف الى اليمن وبمصحف إلى البحرين وأجمعت الأمة المعصومة من الخطا على ما تضمنته هذه المصاحف وترك ما خالفها من زيادة ونقص وإبدال كلمة بأخرى مما كان مأذونا فيه توسعة عليهم ولم يثبت عندهم ثبوتا مستفيضا أنه من القرآن. وجردت هذه المصاحف جميعها من النقط والشكل ليحتملها ما صح نقله وثبت تلاوته عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ كان الاعتماد على الحفظ لا على مجرد الخط وكان من جملة الأحرف التى

٧

أشار اليها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوله « أنزل القرآن على سبعة أحرف » فكتبت المصاحف على اللفظ الذي استقر عليه في العرضة الاخيرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كما صرح به غير واحد من أئمة السلف كمحمد بن سيرين وعبيدة السلمانى وعامر الشعبى قال على بن أبى طالب رضى الله عنه لو وليت فى المصاحف ما ولى عثمان لفعلت كما فعل ؛ وقرأ كل أهل مصر بما فى مصحفهم وتلقوا ما فيه عن الصحابة الذين تلقوه من فى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قاموا بذلك مقام الصحابة الذين تلقوه عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ( فمن كان بالمدينة ) ابن المسيب ، وعروة ، وسالم ، وعمر بن عبد العزيز ، وسليمان وعطاء ابنا يسار ، ومعاذ بن الحارث المعروف بمعاذ القارئ ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، وابن شهاب الزهرى ، ومسلم بن جندب ، وزيد بن أسلم ( وبمكة ) عبيد بن عمير ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وابن أبي مليكة ( وبالكوفة ) علقمة ، والأسود ، ومسروق ، وعبيدة وعمرو بن شرحبيل ، والحارث بن قيس ، والربيع بن خثيم ، وعمر وبن ميمون ، وأبو عبد الرحمن السلمى ، وزر بن حبيش ، وعبيد بن نضيلة ، وأبو زرعة ابن عمرو بن جرير ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم النخعى ، والشعبى. ( وبالبصرة ) عامر بن عبد قيس ، وأبو العالية ، وأبو رجاء ، ونصر بن عاصم ، ويحيى بن يعمر ، ومعاذ ، وجابر بن زيد ، والحسن ، وابن سيرين ، وقتادة ( وبالشام ) المغيرة بن أبى شهاب المخزومى صاحب عثمان بن عفان فى القراءة وخليد بن سعد صاحب أبى الدرداء. ثم تجرد قوم للقراءة والأخذ واعتنوا بضبط القراءة ، أتم عناية حتى صاروا فى ذلك أئمة يقتدى بهم ويرحل اليهم ويؤخذ عنهم ، أجمع أهل بلدهم على تلقى قراءتهم بالقبول ولم يختلف عليهم فيها اثنان ولتصديهم للقراءة نسبت اليهم ( فكان بالمدينة ) أبو جعفر يزيد بن القعقاع ثم شيبة بن نصاح ثم نافع بن أبي نعيم ( وكان بمكة ) عبد الله بن كثير وحميد بن قيس الأعرج ومحمد بن محيصن ( وكان بالكوفة ) يحيى ابن وثاب وعاصم بن أبي النجود وسليمان الأعمش ثم حمزة ثم الكسائى ( وكان

٨

بالبصرة ) عبد الله بن أبى إسحاق وعيسى بن عمر وأبو عمرو بن العلاء ثم عاصم الجحدرى ثم يعقوب الحضرمى ( وكان بالشام ) عبد الله بن عامر وعطية بن قيس الكلابى وإسماعيل بن عبد الله بن المهاجر ثم يحيى بن الحارث الذمارى ثم شريح ابن يزيد الحضرمى.

ثم إن القراء بعد هؤلاء المذكورين كثروا وتفرقوا فى البلاد وانتشروا وخلفهم أمم بعد أمم ، عرفت طبقاتهم ، واختلفت صفاتهم ، فكان منهم المتقن للتلاوة المشهور بالرواية والدراية ، ومنهم المقتصر على وصف من هذه الأوصاف ، وكثر بينهم لذلك الاختلاف ، وقلّ الضبط ، واتسع الخرق ، وكاد الباطل يلتبس بالحق ؛ فقام جهابذة علماء الأمة ، وصناديد الأئمة ، فبالغوا فى الاجتهاد ، وبينوا الحق المراد وجمعوا الحروف والقراءات ، وعزوا الوجوه والروايات ، وميزوا بين المشهور والشاذ ، والصحيح والفاذ ، بأصول أصلوها ، وأركان فصلوها ، وها نحن نشير إليها ونعول كما عولوا عليها فنقول :

كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التى لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها بل هى من الأحرف السبعة التى نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها ، سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين ؛ ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم ؛ هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف ، صرح بذلك الإمام الحافظ أبو عمر وعثمان بن سعيد الدانى ، ونص عليه فى غير موضع الإمام أبو محمد مكى بن أبى طالب وكذلك الإمام أبو العباس أحمد ابن عمار المهدوى وحققه الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبى شامة وهو مذهب السلف الذى لا يعرف عن أحد منهم خلافه ( قال أبو شامة ) رحمه‌الله فى كتابه « المرشد الوجيز » فلا ينبغى أن يغتر بكل قراءة

٩

تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وإن هكذا أنزلت إلا إذا دخلت فى ذلك الضابط وحينئذ لا ينفرد بنقلها مصنف عن غيره ولا يختص ذلك بنقلها عنهم بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا عمن تنسب إليه فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ ؛ غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه فى قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم.

( قلت ) وقولنا فى الضابط ولو بوجه زيد به وجها من وجود النحو سواء كان أفصح أم فصيحا مجمعا عليه أم مختلفا فيه اختلافا لا يضر مثله إذا كانت القراءة مما شاع وذاع وتلقاه الأئمة بالإسناد الصحيح ؛ إذ هو الأصل الأعظم والركن الأقوم ، وهذا هو المختار عند المحققين فى ركن موافقة العربية ؛ فكم من قراءة أنكرها بعض أهل النحو أو كثير منهم ولم يعتبر إنكارهم بل أجمع الأئمة المقتدى بهم من السلف على قبولها كإسكان ( بارِئِكُمْ ) و ( يَأْمُرُكُمْ ) ونحوه وسبأ ، و ( يا بَنِي ) ، و ( مَكْرَ السَّيِّئِ ) ، و ( نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) فى الأنبياء والجمع بين الساكنين فى تاءات البزى وإدغام أبي عمرو واسطاعوا لحمزة وإسكان نعما و ( يَهْدِي ) وإشباع الياء فى نرتعى ، و ( يَتَّقِي ) ، و ( يَصْبِرْ ) ، وأفئيدة من الناس وضم الملائكة اسجدوا ونصب ( كُنْ فَيَكُونُ ) وخفض ( وَالْأَرْحامَ ) ونصب وليجزى قوما والفصل بين المضافين فى الأنعام وهمز ( ساقَيْها ) ووصل ( وَإِنَّ إِلْياسَ ) وألف ( إِنْ هذانِ ) وتخفيف ( وَلا تَتَّبِعانِ ) وقراءة ليكة فى الشعراء وص وغير ذلك ( قال الحافظ أبو عمرو الدانى ) فى كتابه « جامع البيان » بعد ذكره إسكان ( بارِئِكُمْ ) و ( يَأْمُرُكُمْ ) لأبى عمرو وحكاية إنكار سيبويه له فقال أعنى الدانى والإسكان أصح فى النقل وأكثر فى الأداء وهو الذي أختاره وآخذ به ، ثم لما ذكر نصوص رواته قال : وائمة القراء لا تعمل فى شىء من حروف القرآن على الأفشى فى اللغة

١٠

والأقيس فى العربية بل على الأثبت فى الأثر والأصح فى النقل والرواية إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها.

قلنا ونعنى بموافقة أحد المصاحف ما كان ثابتا فى بعضها دون بعض كقراءة ابن عامر ( قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ) فى البقرة بغير واو ( وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ ) بزيادة الباء فى الاسمين ونحو ذلك فإن ذلك ثابت فى المصحف الشامى وكقراءة ابن كثير ( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ) فى الموضع الأخير من سورة براءة بزيادة من فإن ذلك ثابت فى المصحف المكى وكذلك ( فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) فى سورة الحديد بحذف هو وكذا ( سارِعُوا ) بحذف الواو وكذا منهما منقلبا بالتثنية فى الكهف إلى غير ذلك من مواضع كثيرة فى القرآن اختلفت المصاحف فيها فوردت القراءة عن أئمة تلك الأمصار على موافقة مصحفهم فلو لم يكن ذلك كذلك فى شىء من المصاحف العثمانية لكانت القراءة بذلك شاذة لمخالفتها الرسم المجمع عليه وقولنا بعد ذلك ولو احتمالا نعنى به ما يوافق الرسم ولو تقديرا إذ موافقة الرسم قد تكون تحقيقا وهو الموافقة الصريحة وقد تكون تقديرا وهو الموافقة احتمالا فإنه قد خولف صريح الرسم فى مواضع إجماعا نحو ( السَّماواتِ ) و ( الصَّالِحاتِ ) و ( اللَّيْلِ ) و ( الصَّلاةَ ) و ( الزَّكاةَ ) و ( الرِّبَوا ) ونحو ( لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) وجىء فى الموضعين حيث كتب بنون واحدة وبألف بعد الجيم فى بعض المصاحف ؛ وقد توافق بعض القراءات الرسم تحقيقا ويوافقه بعضها تقديرا نحو ملك يوم الدين فإنه كتب بغير ألف فى جميع المصاحف فقراءة الحذف تحتمله تخفيفا كما كتب ( مَلِكِ النَّاسِ ) وقراءة الألف محتملة تقديرا كما كتب ( مالِكَ الْمُلْكِ ) فتكون الألف حذفت اختصارا وكذلك ( النشأة ) حيث كتبت بالألف وافقت قراءة المد تحقيقا ووافقت قراءة القصر تقديرا إذ يحتمل أن تكون الألف صورة الهمزة على غير القياس كما كتب ( موئلا ) وقد توافق اختلافات القراءات الرسم تحقيقا نحو

١١

( أَنْصارُ اللهِ ) ، و ( فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ ) ، و ( يَغْفِرْ لَكُمْ ) ، و ( يَعْمَلُونَ ) ، و ( هَيْتَ لَكَ ) ونحو ذلك مما يدل تجرده عن النقط والشكل وحذفه وإثباته على فضل عظيم للصحابة رضي‌الله‌عنهم فى علم الهجاء خاصة وفهم ثاقب فى تحقيق كل علم ، فسبحان من أعطاهم وفضلهم على سائر هذه الأمة ( ولله در الإمام الشافعى رضى الله عنه ) حيث يقول فى وصفهم فى رسالته التى رواها عنه الزعفرانى ما هذا نصه : وقد أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فى القرآن والتوراة والإنجيل وسبق لهم على لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من الفضل ما ليس لأحد بعدهم فرحمهم‌الله وهنأهم بما أثابهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين ، أدّوا إلينا سنن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وشاهدوه والوحى ينزل عليه فعلوا ما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عاما وخاصا وعزما وإرشادا وعرفوا من سننه ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا فى كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به ، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا.

( قلت ) فانظر كيف كتبوا ( الصِّراطَ ) و ( الْمُصَيْطِرُونَ ) بالصاد المبدلة من السين وعدلوا عن السين التى هى الأصل لتكون قراءة السين وإن خالفت الرسم من وجه قد أتت على الأصل فيعتدلان وتكون قراءة الإشمام محتملة ولو كتب ذلك بالسين على الأصل لفات ذلك وعدت قراءة غير السين مخالفة للرسم والأصل ، ولذلك كان الخلاف فى المشهور فى بسطة الاعراف دون ( بَسْطَةً ) البقرة لكون حرف البقرة كتب بالسين وحرف الأعراف بالصاد ؛ على أن مخالف صريح الرسم فى حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يعد مخالفا إذا ثبتت القراءة به ووردت مشهورة مستفاضة ؛ ألا ترى أنهم لم يعدوا إثبات ياءات الزوائد وحذف ياء ( تَسْئَلْنِي ) فى الكهف وقراءة وأكون من الصالحين والظاء من ( بضين ) ونحو ذلك من مخالفة الرسم المردود فإن الخلاف

١٢

فى ذلك يغتفر إذ هو قريب يرجع إلى معنى واحد وتمشيه صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول وذلك بخلاف زيادة كلمة ونقصانها وتقديمها وتأخيرها حتى ولو كانت حرفا واحدا من حروف المعانى فإن حكمه فى حكم الكلمة لا يسوغ مخالفة الرسم فيه وهذا هو الحد الفاصل فى حقيقة اتباع الرسم ومخالفته ( وقولنا ) وصح سندها فانا نعنى به أن يروى تلك القراءة العدل الضابط عن مثله كذا حتى تنتهى وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذ بها بعضهم ؛ وقد شرط بعض المتأخرين التواتر فى هذا الركن ولم يكتف فيه بصحة السند وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر وأن ما جاء مجىء الآحاد لا يثبت به قرآن وهذا مما لا يخفى ما فيه فان التواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الأخيرين من الرسم وغيره ، إذ ما ثبت من أحرف الخلاف متواترا عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجب قبوله وقطع بكونه قرآنا سواء وافق الرسم أم خالفه ، وإذا اشترطنا التواتر فى كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم ولقد كنت قبل أجنح إلى هذا القول ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف ( قال ) الإمام الكبير أبو شامة فى « مرشده » : وقد شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن القراءات السبع كلها متواترة أى كل فرد فرد ما روى عن هؤلاء الأئمة السبعة قالوا والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب ونحن بهذا نقول ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت عليه الفرق من غير نكير له مع أنه شاع واشتهر واستفاض فلا أقل من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر فى بعضها ( وقال ) الشيخ أبو محمد إبراهيم بن عمر الجعبرى أقول : الشرط واحد وهو صحة النقل ويلزم الآخر ان فهذا ضابط يعرف ما هو من الأحرف السبعة وغيرها ؛ فمن أحكم معرفة حال النقلة وأمعن فى العربية وأتقن الرسم انحلت له هذه الشبهة ( وقال ) الإمام أبو محمد مكى فى مصنفه الذى ألحقه بكتاب « الكشف » له : فإن سأل

١٣

سائل فقال فما الذى يقبل من القرآن الآن فيقرأ به وما الذى لا يقبل ولا يقرأ به وما الذى يقبل ولا يقرأ به؟ فالجواب أن جميع ما روى فى القرآن على ثلاثة أقسام : قسم يقرأ به اليوم وذلك ما اجتمع فيه ثلاث خلال وهن أن ينقل عن الثقات عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويكون وجهه فى العربية التى نزل بها القرآن سائغا ويكون موافقا لخط المصحف فاذا اجتمعت فيه هذه الخلال الثلاث قرئ به وقطع على مغيبه وصحته وصدقه لأنه أخذ عن اجماع من جهة موافقة خط المصحف وكفر من جحده ؛ قال ( والقسم الثانى ) ما صح نقله عن الآحاد وصح وجهه فى العربية وخالف لفظه خط المصحف فهذا يقبل ولا يقرأ به لعلتين إحداهما أنه لم يؤخذ باجماع إنما أخذ بأخبار الآحاد ولا يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد ، والعلة الثانية أنه مخالف لما قد أجمع عليه فلا يقطع على مغيبه وصحته وما لم يقطع على صحته لا يجوز القراءة به ولا يكفر من جحده ولبئس ما صنع إذا جحده ، قال ( والقسم الثالث ) هو ما نقله غير ثقة أو نقله ثقة ، ولا وجه له فى العربية فهذا لا يقبل وإن وافق خط المصحف قال ولكل صنف من هذه الأقسام تمثيل تركنا ذكره اختصارا ( قلت ) ومثال القسم الأول ( مالِكِ ) و ( مُلْكِ ). و ( يَخْدَعُونَ ) و ( يُخادِعُونَ ). وأوصى و ( وَصَّى ). ويطوع وتطوع ونحو ذلك من القراءات المشهورة ، ومثال القسم الثانى قراءة عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء : والذكر والأنثى فى ( وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ) وقراءة ابن عباس وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وأما الغلام فكان كافرا ونحو ذلك مما ثبت برواية الثقات ( واختلف العلماء ) فى جواز القراءة بذلك فى الصلاة فأجازها بعضهم لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرءون بهذه الحروف فى الصلاة وهذا أحد القولين لأصحاب الشافعى وأبى حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وأحمد. وأكثر العلماء على عدم الجواز لأن هذه القراءات لم نثبت متواترة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن ثبتت بالنقل فإنها منسوخة بالعرضة الأخيرة أو بإجماع الصحابة على المصحف العثمانى أو أنها

١٤

لم تنقل إلينا نقلا يثبت بمثله القرآن أو أنها لم تكن من الأحرف السبعة ؛ كل هذه مآخذ للمانعين ( وتوسط بعضهم ) فقال إن قرأ بها فى القراءة الواجبة وهى الفاتحة عند القدرة على غيرها لم تصح صلاته لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة لعدم ثبوت القرآن بذلك وإن قرأ بها فيما لا يجب لم تبطل لأنه لم يتيقن أنه أتى فى الصلاة بمبطل لجواز أن يكون ذلك من الحروف التى أنزل عليها القرآن وهذا يبتنى على أصل وهو أن ما لم يثبت كونه من الحروف السبعة فهل يجب القطع بكونه ليس منها؟ فالذى عليه الجمهور أنه لا يجب القطع بذلك ، إذ ليس ذلك مما وجب علينا أن يكون العلم به فى النفى والاثبات قطعيا وهذا هو الصحيح عندنا واليه أشار مكى بقوله ولبئس ما صنع إذا جحده ؛ وذهب بعض أهل الكلام إلى وجوب القطع بنفيه حتى قطع بعضهم بخطا من لم يثبت البسملة من القرآن فى غير سورة النمل وعكس بعضهم فقطع بخطا من أثبتها لزعمهم أن ما كان من موارد الاجتهاد فى القرآن فانه يجب القطع بنفيه والصواب أن كلا من القولين حق وأنها آية من القرآن فى بعض القراءات وهى قراءة الذين يفصلون بها بين السورتين وليست آية فى قراءة من لم يفصل بها والله أعلم ؛ وكان بعض أئمتنا يقول وعلى قول من حرم القراءة بالشاذ يكون عالم من الصحابة وأتباعهم قد ارتكبوا محرما بقراءتهم بالشاذ فيسقط الاحتجاج بخبر من يرتكب المحرم دائما وهم نقلة الشريعة الإسلامية فيسقط ما نقلوه فيفسد على قول هؤلاء نظام الإسلام والعياذ بالله ؛ قال ويلزم أيضا أن الذين قرءوا بالشواذ لم يصلوا قط لأن تلك القراءة محرمة والواجب لا يتأدى بفعل المحرم وكان مجتهد العصر أبو الفتح محمد بن على بن دقيق العيد يستشكل الكلام فى هذه المسألة ويقول : الشواذ نقلت نقل آحاد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ فيعلم ضرورة أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قرأ بشاذ منها وإن لم يعين ، قال فتلك القراءة تواترت وإن لم تتعين بالشخص فكيف يسمى شاذا والشاذ لا يكون متواترا؟ قلت وقد تقدم آنفا ما يوضح هذه الاشكالات

١٥

من مآخذ من منع القراءة بالشاذ ؛ وقضية ابن شنبوذ فى منعه من القراءة به معروفة وقصته فى ذلك مشهورة ذكرناها فى كتاب الطبقات ؛ وأما اطلاق من لا يعلم على ما لم يكن عن السبعة القراء أو ما لم يكن فى هذه الكتب المشهورة كالشاطبية والتيسير أنه شاذ فانه اصطلاح ممن لا يعرف حقيقة ما يقول كما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى. ومثال ( القسم الثالث ) مما نقله غير ثقة كثير مما فى كتب الشواذ مما غالب إسناده ضعيف كقراءة ابن السميفع وأبى السمال وغيرهما فى ( نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ ) ننحيك : بالحاء المهملة وتكون لمن خلفك آية بفتح سكون اللام وكالقراءة المنسوبة إلى الامام أبى حنيفة رحمه‌الله التى جمعها أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعى ونقلها عنه أبو القاسم الهذلى وغيره فإنها لا أصل لها قال أبو العلاء الواسطى إن الخزاعى وضع كتابا فى الحروف نسبه إلى أبى حنيفة فأخذت خط الدارقطنى وجماعة أن الكتاب موضوع لا أصل له ( قلت ) وقد رويت الكتاب المذكور ومنه ( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) برفع الهاء ونصب الهمزة وقد راج ذلك على أكثر المفسرين ونسبها اليه وتكلف توجيهها وإن أبا حنيفة لبرىء منها ؛ ومثال ما نقله ثقة ولا وجه له فى العربية ولا يصدر مثل هذا إلا على وجه السهو والغلط وعدم الضبط ويعرفه الأئمّة المحققون والحفاظ الضابطون وهو قليل جدا بل لا يكاد يوجد وقد جعل بعضهم منه رواية خارجة عن نافع ( مَعايِشَ ) بالهمز وما رواه ابن بكار عن أيوب عن يحيى عن ابن عامر من فتح ياء ( أَدْرِي أَقَرِيبٌ ) مع اثبات الهمزة وهى رواية زيد وأبى حاتم عن يعقوب وما رواه أبو على العطار عن العباس عن أبى عمرو ساحران تظاهرا بتشديد الظاء والنظر فى ذلك لا يخفى ، ويدخل فى هذين القسمين ما يذكره بعض المتأخرين من شراح الشاطبية فى وقف حمزة على نحو أسمايهم ، ( وَأُولئِكَ ) بياء خالصة ونحو ( شُرَكاؤُهُمْ ) و ( أَحِبَّاؤُهُ ) بواو خالصة ونحو ( بَدَأَكُمْ ) و ( أَخاهُ ) بألف خالصة ونحو رأى ، را. وتراى. ترا. واشمازت. اشمزت. و ( فَادَّارَأْتُمْ ). فادارتم بالحذف فى ذلك كله مما يسمونه التخفيف الرسمى ولا يجوز فى وجه

١٦

من وجوه العربية فانه إما أن يكون منقولا عن ثقة ولا سبيل إلى ذلك فهو مما لا يقبل إذ لا وجه له وإما أن يكون منقولا عن غير ثقة فمنعه أحرى ورده أولى مع أنى تتبعت ذلك فلم أجده منصوصا لحمزة لا بطرق صحيحة ولا ضعيفة وسيأتى بيان ذلك فى بابه إن شاء الله وبقى قسم مردود أيضا وهو ما وافق العربية والرسم ولم ينقل البتة فهذا رده أحق ومنعه أشد ومرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر ، وقد ذكر جواز ذلك عن أبى بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادى المقرى النحوى وكان بعد الثلاثمائة قال الإمام أبو طاهر بن أبى هاشم فى كتابه البيان وقد نبغ نابغ فى عصرنا فزعم أن كل من صح عنده وجه فى العربية بحرف من القرآن يوافق المصحف فقراءته جائزة فى الصلاة وغيرها فابتدع بدعة ضل بها عن قصد السبيل ( قلت ) وقد عقد له بسبب ذلك مجلس ببغداد حضره الفقهاء والقراء وأجمعوا على منعه وأوقف للضرب فتاب ورجع وكتب عليه بذلك محضر كما ذكره الحافظ أبو بكر الخطيب فى تاريخ بغداد واشرنا اليه فى الطبقات ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق وهو الذى ليس له أصل فى القراءة يرجع اليه ولا ركن وثيق فى الأداء يعتمد عليه كما روينا عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت رضى الله عنهما من الصحابة وعن ابن المنكدر وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وعامر الشعبى من التابعين أنهم قالوا القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول فاقرءوا كما علمتموه ولذلك كان كثير من أئمة القراءة كنافع وأبى عمرو يقول لو لا أنه ليس لى أن أقرأ إلا بما قرأت لقرأت حرف كذا كذا وحرف كذا كذا ( أما ) إذا كان القياس على إجماع انعقد أو عن أصل يعتمد فيصير اليه عند عدم النص وغموض وجه الأداء فانه مما يسوغ قبوله ولا ينبغى رده لا سيما فيما تدعو اليه الضرورة وتمس الحاجة مما يقوى وجه الترجيح ويعين على قوة التصحيح بل قد لا يسمى ما كان كذلك قياسا على الوجه الاصطلاحى إذ هو فى الحقيقة نسبة جزئى إلى كلى كمثل ما اختير فى تخفيف بعض الهمزات لأهل الأداء فى إثبات

١٧

البسملة وعدمها لبعض القراء ونقل ( كِتابِيَهْ إِنِّي ) وإدغام ( مالِيَهْ هَلَكَ ) قياسا عليه وكذلك قياس ( قالَ رَجُلانِ ). و ( قالَ رَجُلٌ ) على ( قالَ رَبِ ) فى الإدغام كما ذكره الدانى وغيره ونحو ذلك مما لا يخاف نصا ولا يرد إجماعا ولا أصلا مع أنه قليل جدا كما ستراه مبينا بعد إن شاء الله تعالى وإلى ذلك أشار مكى بن أبى طالب رحمه‌الله فى آخر كتابه التبصرة حيث قال فجميع ما ذكرناه فى هذا الكتاب ينقسم ثلاثة اقسام : قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص فى الكتب موجود. وقسم قرأت به وأخذته لفظا أو سماعا وهو غير موجود فى الكتب وقسم لم أقرأ به ولا وجدته فى الكتب ولكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية فى النقل والنص وهو الأقل ( قلت ) وقد زل بسبب ذلك قوم وأطلقوا قياس ما لا يروى على ما روى وما له وجه ضعيف على الوجه القوى كأخذ بعض الأنبياء باظهار الميم المقلوبة من النون والتنوين وقطع بعض القراء بترقيق الراء الساكنة قبل الكسرة والياء وإجازة بعض من بلغنا عنه ترقيق لام الجلالة تبعا لترقيق الراء من ( ذِكْرِ اللهِ ) إلى غير ذلك مما تجده فى موضعه ظاهرا فى التوضيح مبينا بالتصحيح بالتصحيح مما سلكنا فيه طريق السلف ولم نعدل فيه إلى تمويه الخلف ولذلك منع بعض الأئمة تركيب القراءات بعضها ببعض وخطأ القارئ بها فى السنة والفرض ( قال ) الإمام أبو الحسن على بن محمد السخاوى فى كتابه جمال القراء وخلط هذه القراءات بعضها ببعض خطأ ( وقال ) الحبر العلامة ابو زكريا النووى فى كتابه التبيان وإذا ابتدأ القارئ بقراءة شخص من السبعة فينبغى أن لا يزال على تلك القراءة ما دام للكلام ارتباط فاذا انقضى ارتباطه فله أن يقرأ بقراءة آخر من السبعة والأولى دوامه على تلك القراءة فى ذلك المجلس ( قلت ) وهذا معنى ما ذكره أبو عمرو بن الصلاح فى فتاويه وقال الأستاذ أبو إسحاق الجعبرى والتركيب ممتنع فى كلمة وفى كلمتين إن تعلق أحدهما بالآخر وإلا كره ( قلت ) وأجازها أكثر الأئمة مطلقا وجعل خطا مانعى ذلك

١٨

محققا والصواب عندنا فى ذلك التفصيل والعدول بالتوسط إلى سواء السبيل فنقول إن كانت إحدى القراءتين مترتبة على الأخرى فالمنع من ذلك منع تحريم كمن يقرأ ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ ) بالرفع فيهما أو بالنصب آخذا رفع آدم من قراءة غير ابن كثير ورفع كلمات من قراءة ابن كثير ونحو ( وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا ) بالتشديد مع الرفع أو عكس ذلك ونحو ( أَخَذَ مِيثاقَكُمْ ) وشبهه مما يركب بما لا تجيزه العربية ولا يصح فى اللغة وأما ما لم يكن كذلك فانا نفرق فيه بين مقام الرواية وغيرها فان قرأ بذلك على سبيل الرواية فانه لا يجوز أيضا من حيث إنه كذب فى الرواية وتخليط على أهل الدراية وإن لم يكن على سبيل النقل والرواية بل على سبيل القراءة والتلاوة فانه جائز صحيح مقبول لا منع منه ولا حظر وإن كنا نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الروايات من وجه تساوى العلماء بالعوام ، لا من وجه أن ذلك مكروه أو حرام إذ كل من عند الله نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين تخفيفا عن الأمة ، وتهوينا على أهل هذه الملة. فلو أوجبنا عليهم قراءة كل رواية على حدة لشق عليهم تمييز القراءة الواحدة وانعكس المقصود من التخفيف وعاد الأمر بالسهولة إلى التكليف وقد روينا فى المعجم الكبير للطبرانى بسند الصحيح عن إبراهيم النخعى قال قال عبد الله بن مسعود « ليس الخطأ أن يقرأ بعضه فى بعض ولكن الخطأ أن يلحقوا به ما ليس منه » وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه » متفق عليه وهذا لفظ البخارى عن عمر. وفى لفظ البخارى أيضا عن عمر سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الحديث. وفى لفظ مسلم عن أبى أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم « كان عند أضاة بنى غفار فأتاه جبريل فقال إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف فقال أسأل الله معافاته ومعونته وإن أمتى لا تطيق ذلك ثم أتاه الثانية على حرفين فقال له مثل ذلك ثم أتاه الثالثة بثلاثة

١٩

فقال له مثل ذلك ثم أتاه الرابعة فقال إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا » ورواه أبو داود والترمذى وأحمد وهذا لفظه مختصرا وفى لفظ للترمذى أيضا عن أبى قال لقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جبريل عند أحجار المراء قال فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لجبريل « إنى بعثت إلى أمة أميين فيهم الشيخ الفانى والعجوز الكبيرة والغلام قال فمرهم فليقرءوا القرآن على سبعة أحرف » قال الترمذى حسن صحيح وفى لفظ « فمن قرأ بحرف منها فهو كما قرأ » وفى لفظ حذيفة « فقلت يا جبريل إنى أرسلت إلى أمة أمية الرجل والمرأة والغلام والجارية والشيخ الفانى الذى لم يقرأ كتابا قط قال إن القرآن أنزل على سبعة أحرف » وفى لفظ لأبى هريرة « أنزل القرآن على سبعة احرف عليما حكيما غفورا رحيما وفى رواية لأبى « دخلت المسجد أصلى فدخل رجل فافتتح النحل فقرأ فخالفنى فى القراءة فلما انفتل قلت من أقرأك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم جاء رجل فقام يصلى فقرأ وافتتح النحل فخالفنى وخالف صاحبى فلما انفتل قلت من أقرأك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فدخل قلبى من الشك والتكذيب أشد مما كان فى الجاهلية فأخذت بأيديهما فانطلقت بهما إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت استقرئ هذين فاستقرأ أحدهما قال أحسنت فدخل فلبى من الشك والتكذيب أشد مما كان فى الجاهلية ثم استقرأ الآخر فقال أحسنت فدخل صدرى من الشك والتكذيب أشد مما كان فى الجاهلية فضرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صدرى بيده فقال أعيذك بالله يا أبىّ من الشك ثم قال إن جبريل عليه‌السلام أتانى فقال إن ربك عزوجل يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد فقلت اللهم خفف عن أمتى ثم عاد فقال إن ربك عزوجل يأمرك أن تقرأ القرآن على حرفين فقلت اللهم خفف عن أمتى ثم عاد فقال إن ربك عزوجل يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف وأعطاك بكل ردة مسألة » الحديث رواه الحارث بن أبي أسامة

٢٠