بحار الأنوار - المقدمة

بحار الأنوار - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥

١
٢

٣

٤

كلمة تفضل بافادتها الحبر العلام حجة الإسلام

الحاج المرزا أبو الحسن الشعراني دامت بركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلوة على عبادة الذين اصطفى.

وبعد فيقول العبد أقل خدمة أهل العلم أبو الحسن بن محمد المدعو بالشعراني أصلح الله حاله : إن كتاب بحار الأنوار للشيخ الجليل المحدث العلامة الحفظة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي قدس الله روحه باتفاق أهل الحل والعقد من علماء أهل البيت أجمع الكتب المصنفة لشتات الأحاديث الشريفة وأشملها لمتفرقات الأخبار المنيفة وأحصاها لأغراض المذهب وأبينها لمقاصد رواد هذا المشرب وأكملها في نقل أقوال العلماء ، وأسهلها لطالبي الارتواء مع غزارة مادتها وهو بحيث لا يستغني عنه أحد من المنتحلين إلى الدين سواء كان فقيها أو محدثا أو واعظا أو مؤرخا أو مفسرا أو متكلما ، بل ولو فيلسوفا حكيما إلهيا لجمعه جميع الأغراض ، نعم لا يجوز الغوص في البحار إلا للماهر في السباحة حتى لا يغرق في تيار أمواجها ، ولا يجتني من قعرها إلا درها من أثباجها.

وكان مؤلفها أعلى الله مقامه وفق للعثور على كنوز علم لا يتفق لكل أحد فقد اجتمع عنده من كتب أصحابنا الأوائل والنسخ النادرة الوجور ما لا يحصل في كل زمان وكل بلد فاغتنم الفرصة وجمعها في كتاب لئلا تتفرق وتضيع ولو كان غرضه الاكتفاء بنقل السمين وترك الغث لفعل لكن لم يفعل لأغراض ولعل منها قصر الوقت وضيق الفرصة أو فتح باب الاجتهاد ودفع توهم من يظن أن المحدثين يتركون ما يخالف غرضهم ويباين مذهبهم عمدا حسما لاحتجاج الخصم به كما ترك بعضهم من غيرنا نقل حديث الغدير فجمع رحمه الله كل شيء وجده وترك البحث فيها لمن بعده.

٥

وكان هذا الكتاب مع سعته وطوله وثقل حجمه وكثرة أجزائه مرغوبا متداولا ، وقد طبع جميع مجلداته وأحسن الطبعات هي المشهورة بطبع الكمباني متشملة على جميع أجزاء الكتاب إذ تصدى لتصحيحها ومقابلتها جماعة من أعاظم علماء وقته من الماهرين في الأدب والحديث المتتبعين للكتب بعناية تامة ، إلا أن الزمان طال عليها ، وفقدت نسخه في زماننا مع كثرة طالبيه ، وزاد قيمتها على طاقة المستفيدين ، وربما اجتهد أحدهم في الطلب حتى يحصل على دورة كاملة فلا يرجع إلا بخفي حنين ولا يتفق له إلا مجلدات مبتورة بعد أعوام وسنين ، إلى أن حدا دواعي النفوس جماعة إلى تجديد طبعه فشرعوا فيه وخرج منه مجلدات بجهد جهيد وكد كديد وحدثت حوادث فحالت بينهم وبين الطبع موانع الأسباب وقصرت بهم الازمات ، وبذل الناس لطبعه أموالا جزيلة رجاء الحصول على أمل لم يتحقق فأيسوا عن الكتاب وعما بذلوا حتى وكان يسئل بعضهم بعضا « متى هذا الوعد إن كنتم صادقين » وكان الجواب لن يخرج إلى الوجود « ما اختلف الملوان وتعاقب العصران وكر الجديدان واستقبل الفرقدان ».

إلى أن طلع نجم ولاح ضوء وبرق لامع واستنار أفق ، أزال ظلمة اليأس وتصدى له من لا يثنيه عن عزمه الحدثان ، ولا يبطئه تلاعب الأزمان ، ووقعت القوس في يد باريها ، وظهر بعض مجلدات الكتاب مطبوعة على أحسن صورة وكانت بشارة بسرعة العمل ووعدا قريبا بحصول الأمل من المكتبة الإسلامية الشريفة المشهورة باتقان الصنع وإنجاز الوعد والإسراع في الوفاء بالعهد ، وكان من محاسن ما رأيت من الأجزاء المطبوعة ، الصحة ومطابقة نسخة الكمباني ، ويزيد عليها بذكر بعض كلمات تخالف المصادر ومما يمتاز به إنشاء الله أن يتجرد عن ذكر امور تافهة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا فائدة فيها ، ولا حاجة للعلماء إليها ولا يعجز عنها أحد وصرف الوقت والعمل فيها تسويف بغير علة وترجئة لغير سبب وهم إلى أصل الكتاب أحوج ، والإسراع إلى إكمال الطبع عندهم أرضى وأحب.

وفق الله الناشرين والمصححين والساعين في طبع الكتب الدينية وشركهم في ثواب علم العالمين وعمل العاملين بمحمد وآله الطاهرين.

٦