وقال الآخر :
حتّي إذا قملت بطونكم |
|
ورأيتم أبناءكم شبّوا |
وقلبتم ظهر المجنّ لنا |
|
إنّ اللئيم العاجز الخبّ (١) |
قملت : سمنت وكبرت.
قوله : (قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ) [٧٢].
وقوله : الصّواع ذكر. وهو الإناء الذي كان الملك يشرب فيه. والصاع يؤنّث ويذكّر. فمن أنّثه قال : ثلاث أصوع مثل ثلاث أدؤر. ومن ذكّره قال : ثلاثة أصواع مثل أبواب. وقوله (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) يقول : كفيل. وزعيم القوم سيّدهم.
وقوله : (تَاللهِ) [٧٣] العرب لا تقول تالرحمن ولا يجعلون مكان الواو تاء إلّا فى الله عزوجل. وذلك أنها أكثر الأيمان مجرى فى الكلام ؛ فتوهّموا أنّ الواو منها لكثرتها فى الكلام ، وأبدلوها تاء كما قالوا : التّراث ، وهو من ورث ، وكما قال : (رُسُلَنا) (٢) (تَتْرا) وهى من المواترة ، وكما قالوا : التّخمة وهى من الوخامة ، والتّجاه وهى من واجهك. وقوله (لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ) يقول القائل : وكيف علموا أنهم لم يأتوا للفساد ولا للسرقة؟ فذكر أنهم كانوا فى طريقهم لا ينزلون بأحد ظلما ، ولا ينزلون فى بساتين الناس فيفسدوها فذلك قوله (ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ) يقول : لو كنّا سارقين ما رددنا عليكم البضاعة التي وجدناها فى رحالنا.
وقوله : (قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) [٧٥] (من) فى معنى جزاء وموضعها رفع بالهاء التي عادت. وجواب الجزاء الفاء فى قوله : (فَهُوَ جَزاؤُهُ) ويكون قوله (جَزاؤُهُ) الثانية
__________________
(١) المجن : الترس ، ويقال : قلب له ظهر المجن إذا كان ووادا له ثم تغير عن مودته. والخب : الخداع. وانظر الخزانة ٤ / ٤١٤.
(٢) الآية ٤٤ سورة المؤمنين.