محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-106-0
الصفحات: ٤٩٣
المأموم علىٰ سفينة الامام ، فلو استصحب نيّة الائتمام بعد التقدّم بطلت صلاته . وقال الشيخ ـ في الخلاف ـ : لا تبطل ، لعدم الدليل (١) .
الخامس : كل ما ذكرناه في سنّة الموقف ، فانّه لا يبطل الائتمام بتركه ، وان نقص الفضل .
السادس : لو قام الواحد عن يمين الامام فدخل آخر ، فان لم يكن الاول قد أحرم تأخّر ووقفا معاً خلف الامام ، وكذا لو كان قد أحرم إذا لم يكن مؤدياً الىٰ فعل كثير .
ولو قدّم الامام ثم تحاذيا جاز ، وان كان تأخر الاول وتحاذيهما افضل ، إلّا ان يكون لا موقف من ورائهما ، فيتقدم الإمام اذا كان امامه موقف .
وروىٰ عمار عن الصادق علیهالسلام ، قال : سألته عن الرجل يدرك الامام وهو قاعد يتشهد ، وليس خلفه إلّا رجل واحد عن يمينه ، قال : لا يتقدّم الامام ولا يتأخّر الرجل ، ولكن يقعد الذي يدخل معه خلف الامام ، فاذا سلّم الامام قام الرجل فأتمّ الصلاة » (٢) .
ويجوز الوقوف بحذاء الامام اذا لم يجد موضعاً ، رواه سعيد الاعرج عن الصادق علیهالسلام (٣) .
السابع : يستحب اقامة الصفوف استحباباً مؤكداً .
قال ابن بابويه : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اقيموا صفوفكم ، فاني أراكم من خلفي كما اراكم من بين يدي ، ولا تخالفوا فيخالف الله بين
__________________
(١) الخلاف ١ : ١٢٤ المسألة ٢٩ .
(٢) الكافي ٣ : ٣٨٦ ح ٧ ، التهذيب ٣ : ٢٧٢ ح ٧٨٨ .
(٣) الكافي ٣ : ٣٨٥ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ٢٧٢ ح ٧٨٦ .
قلوبكم » (١) .
وروىٰ الشيخ باسناده الىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآله انه قال : « سدّوا بين صفوفكم ، وحاذوا بين مناكبكم ، لا يستحوذ عليكم الشيطان » (٢) .
ورُوي في صحاح العامة : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يسوّي صفوفنا كانما يسوّي القداح (٣) ، وقال : « اقيموا صفوفكم فاني أراكم من وراء ظهري » (٤) .
وقال : « سووا صفوفكم ، فان تسوية الصفوف من تمام الصلاة » (٥) .
وكان يمسح مناكبهم في الصلاة ويقول : « استووا ، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم » (٦) .
الثامن : يستحب لمن وجد خللاً في صف ان يسعىٰ . روىٰ العامة ـ في الحسان ـ عنه صلىاللهعليهوآله : « انّ الله وملائكته يصلّون علىٰ الذين يلون الصفوف الاُول ، وما من خطوة أحب الىٰ الله من خطوة يمشيها يصل بها صفا » (٧) ونحوه ما يأتي عن أبي عبد الله علیهالسلام (٨) .
التاسع : يستحب للامام أمرهم بتسوية الصفوف ، لانّ النبي صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٥٢ ح ١١٣٩ ، المقنع : ٣٤ ، بصائر الدرجات : ٤٤٠ .
(٢) التهذيب ٣ : ٢٨٣ ح ٨٣٩ .
(٣) صحيح مسلم ١ : ٣٢٤ ح ٤٣٦ ، سنن أبي داود ١ : ١٧٨ ح ٦٦٣ ، مصابيح السنة ١ : ٣٩٧ ح ٧٧٤ ، سنن النسائي ٢ : ٨٩ .
(٤) صحيح البخاري ١ : ١٨٤ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ١٠٠ .
(٥) مسند احمد ٣ : ٢٧٤ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٩ ، صحيح مسلم ١ : ٣٣٤ ح ٤٣٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣١٧ ح ٩٩٣ ، سنن ابي داود ١ : ١٧٩ ح ٦٦٨ ، مسند ابي يعلىٰ ٥ : ٣٥٤ ح ٢٩٩٧ .
(٦) المصنف لعبد الرزاق ٢ : ٤٥ ح ٢٤٣٠ ، صحيح مسلم ١ : ٣٢٣ ح ٤٣٢ ، سنن ابي داود ١ : ١٧٨ ح ٦٦٣ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٩٧ .
(٧) سنن أبي داود ١ : ١٤٩ ح ٥٤٣ ، مصابيح السنة ١ : ٤٠٠ ح ٧٨٤ .
(٨) يأتي في الفروع الآتية .
روي انه كان يقول عن يمينه : « اعتدلوا سووا صفوفكم » وعن يساره : « اعتدلوا سووا صفوفكم » (١) . اما استحباب إلتفات الامام عن اليمين واليسار ، لا بهذا الاعتبار ، فليس بمستحب عندنا .
العاشر : يستحب تقارب الصفوف ، فلا يزيد ما بينها علىٰ مسقط الجسد اذا سجد ، رواه زرارة عن أبي جعفر علیهالسلام (٢) .
وقدّر ايضا بمربض عنز ، ذكره في المبسوط (٣) .
الحادي عشر : يجوز التأخّر الىٰ صف فيه فرجة اذا وجد ضيقاً في صفه ، لقول أبي عبد الله علیهالسلام : « أتمّوا الصفوف اذا رأيتم خللاً ، ولا يضرّك ان تتأخر وراءك اذا وجدت ضيقاً في الصف الاول الىٰ الصف الذي خلفك وتمشي منحرفاً » (٤) .
وروىٰ التقدّم والتأخّر أيضاً علي بن جعفر عن أخيه علیهالسلام (٥) .
وفي رواية زرارة عن الباقر علیهالسلام : « ينبغي للصفوف ان تكون تامة متواصلة بعضها الىٰ بعض » (٦) .
وفي رواية محمد بن مسلم ، قال : قلت له : الرجل يتأخّر وهو في الصلاة ، قال : « لا » . قلت : فيتقدّم . قال : « نعم ، ماشياً الىٰ القبلة » (٧) ويحمل علىٰ عدم الحاجة الىٰ ذلك فيكره .
__________________
(١) سنن ابي داود ١ : ١٧٩ ح ٦٧٠ .
(٢) الفقيه ١ : ٢٥٣ ح ١١٤٣ .
(٣) المبسوط ١ : ١٥٩ .
(٤) الفقيه ١ : ٢٥٣ ح ١١٤٢ ، التهذيب ٣ : ٢٨٠ ح ٨٢٦ .
(٥) التهذيب ٣ : ٢٧٥ ح ٧٩٩ .
(٦) الفقيه ١ : ٢٥٣ ح ١١٤٣ .
(٧) التهذيب ٣ : ٢٧٢ ح ٧٨٧ .
الشرط الخامس : توافق نظم الصلاتين في الافعال لا في عدد الركعات ، فلا يقتدىٰ في اليومية بالكسوف ولا بالجنازة والعيد ، ولا بالعكس ، لقوله صلىاللهعليهوآله : « انما جعل الامام إماماً ليؤتم به » الخبر (١) وهو غير حاصل مع الاختلاف .
ولا يشترط توافق الصلاتين نوعاً ولا صنفا ، فيجوز اقتداء المفترض بالمتنفل وبالعكس ، وبالظهر في العصر والمغرب والصبح وبالعكس ، وقد سبق . وروىٰ حماد بن عثمان عن الصادق علیهالسلام في رجل أمّ قوماً فصلّىٰ العصر وهي لهم ظهر ، فقال : « اجزأت عنه وعنهم » (٢) .
فلو اقتدىٰ مصلّي الظهر بمصلي المغرب ، فانتهىٰ الامام الىٰ التسليم ، أتمّ المأموم وله الانفراد عقيب السجدة الأخيرة ، والاول افضل .
ولو اقتدىٰ مصلّي الصبح بمصلّي الظهر ، فحكمه ما مرّ في اقتداء المسافر بالحاضر ، فيتخيّر عند انتهاء صلاته بين التسليم والانتظار ليسلّم الامام ، وهو الافضل .
ولو اقتدىٰ في المغرب بالظهر ، فاذا قام الامام الىٰ الرابعة لم يتابعه ، بل يجلس للتشهد والتسليم ، والاقرب استحباب انتظاره كما قلناه في الصبح وصلاة المسافر .
لا يقال : انه احدث تشهداً مانعاً من الاقتداء ، بخلاف مصلّي الصبح
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ١٨٤ ، ١٧٧ ، صحيح مسلم ١ : ٣٠٨ ح ٤١١ ، ٣٠٩ ح ٤١٢ ، ٤١٤ ، سنن أبي داود ١ : ١٦٤ ح ٦٠١ ، ٦٠٣ ، ١٦٥ ح ٦٠٥ ، سنن النسائي ٢ : ٨٣ ، ١٤٢ ، سنن الترمذي ٢ : ١٩٤ ح ٣٦١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٩٢ ح ١٢٣٧ ، ١٢٣٨ ، ٣٩٣ ح ١٢٣٩ . ويوجد في غيرها من المصادر .
(٢) التهذيب ٣ : ٤٩ ح ١٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤٣٩ ح ١٦٩١ .
مع الظهر ، فانه تشهّد مع الامام .
لانا نقول : لا نسلم ان ذلك مانع من الاقتداء ، وما هو إلّا كتأخّر المأموم عن الامام في تشهّده اذا كان مسبوقاً .
ويجوز الاقتداء في القضاء بالاداء وبالعكس ، كما يجوز في الاداء بالاداء وفي القضاء بالقضاء .
الشرط السادس : المتابعة للامام ، وفيه مسائل :
الاُولىٰ : يجب كون أفعال المأموم غير متقدمة علىٰ أفعال الامام اجماعاً .
فلو تحرّم قبله بطلت القدوة . ولو تحرّم معه ففيه قولان ، أصحهما المنع .
ولو ركع قبله ، فان كان لم يفرغ الإمام من القراءة ، وتعمّد المأموم الركوع ولما يقرأ ، أو قرأ وقلنا بعدم اجتزائه بها اذ الندب لا يجزئ عن الفرض ، بطلت الصلاة .
وان كان بعد قراءة الامام أثم ، وفي بطلان الصلاة قولان :
ففي المبسوط : من فارق الامام لغير عذر بطلت صلاته (١) . ولعلّه للنهي عن المفارقة الدال علىٰ الفساد ، ولكن يمكن ان يقال : صار منفرداً ، لانّ المفارقة المنهي عنها ما دام مؤتماً .
وقال المتأخرون : لا تبطل الصلاة والا الاقتداء وان أثم ، لقضية الاصل (٢) . وحينئذ يستمر حتىٰ يلحقه الامام ، فلو عاد الىٰ الركوع بطلت ،
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٥٧ .
(٢) لم نعثر عليه إلّا في المهذب البارع ١ : ٤٧٢ ـ ٤٧٣ لابن فهد الحلّي .
وكذا في السجود لو سجد قبله ، وكذا في الرفع منهما .
اما لو فعل ذلك سهواً لم يأثم ويعود مع الامام ، لرواية محمد بن سهل الاشعري عن أبيه عن أبي الحسن الرضا علیهالسلام فيمن رفع رأسه قبل الامام ، قال : « يعيد ركوعه » (١) .
وعن الفضيل بن يسار عن الصادق علیهالسلام في الرجل يرفع رأسه من السجود قبل ان يرفع الامام رأسه من السجود ، قال : « فليسجد » (٢) .
وهاتان الروايتان وان كانتا مطلقتين فانهما تحملان علىٰ الناسي ، اذ الزيادة عمداً مبطلة فلا يؤمر بالعود ، وللجمع بين ذينك وبين رواية غياث عن الصادق علیهالسلام في الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الامام ، أيرجع اذا ابطأ الامام ؟ قال : « لا » (٣) .
فرع :
لو ترك الناسي الرجوع ، ففي بطلان صلاته وجهان :
احدهما : نعم ، لان المعتدّ به انما هو الثاني ولم يأت به متعمّداً ، فيبقىٰ في العهدة .
والثاني : لا ، لانّ الرجوع لقضاء حق المتابعة لا لكونه جزءاً من الصلاة ، ولانه بترك رجوعه يصير في حكم المتعمد الذي عليه الاثم لا غير .
وفي التذكرة لم يوجب بالعود علىٰ الناسي وان كان جائزاً (٤) . وروى
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٥٨ ح ١١٧٢ ، التهذيب ٣ : ٤٧ ح ١٦٣ ، الاستبصار ١ : ٤٣٨ ح ١٦٨٨ .
(٢) الفقيه ١ : ٢٥٨ ح ١١٧٣ ، التهذيب ٣ : ٤٨ ح ١٦٥ .
(٣) الكافي ٣ : ٣٨٤ ح ١٤ ، التهذيب ٣ : ٤٧ ح ١٦٤ ، الاستبصار ١ : ٤٣٨ ح ١٦٨٩ .
(٤) تذكرة الفقهاء ١ : ١٨٥ .
الحسن بن علي بن فضال ، قال : كتبت الىٰ أبي الحسن الرضا علیهالسلام : فيمن ركع لظنه ركوع الامام ، فلما رآه لم يركع رفع رأسه ، ثم اعاد الركوع مع الامام ، فكتب : « يتم صلاته ، ولا تفسد بما صنع صلاته » (١) .
ويمكن ان يستدل ـ رحمهالله ـ بمفهوم هذا الخبر .
الثانية : لو اضطر الىٰ الصلاة مع غير المقتدىٰ به تابعه ظاهراً ولا ينوي الاقتداء ، ولا عبرة هنا بالتقدّم والتأخّر ، وقع عمداً أو سهواً .
ويقرأ لنفسه ولو سراً في الجهرية ، لقول الصادق علیهالسلام : « يجزئك اذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النفس » (٢) .
وتجزئه الفاتحة وحدها مع تعذّر السورة ، ولو ركع الامام قبل قراءته قرا في ركوعه ، ولو بقىٰ عليه شيء فلا بأس . وروىٰ ابو بصير عن الباقر علیهالسلام : « ان فرغ قبلك فاقطع القراءة واركع معه » (٣) وسأله عن الائتمام بمن لا يقتدىٰ به .
ولو اضطر الىٰ القيام قبل تشهده قام وتشهد قائماً .
وجوّز في التهذيب ترك القراءة للضرورة هنا ، لرواية اسحاق بن عمار عن الصادق علیهالسلام ، انه قال له : « ادخل معهم في الركعة واعتدّ بها ، فانها من أفضل ركعاتك » . قال : فسمعت أذان المغرب فقمت مبادراً ، فوجدت الناس قد ركعوا فركعت مع أول صف ادركت واعتددت بها ، ثم صليت بعد الانصراف أربع ركعات ثم انصرفت ، واذا خمسة أو ستة من جيراني من المخزوميين والأمويين قد قاموا اليّ ، وقالوا : يا ابا هاشم جزاك
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٧٧ ح ٨١١ .
(٢) الكافي ٣ : ٣١٥ ح ١٦ ، التهذيب ٢ : ٩٧ ح ٣٦٦ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ ح ١١٩٧ .
(٣) التهذيب ٣ : ٢٧٥ ح ٨٠١ .
الله عن نفسك خيراً ، فقد والله رأينا خلاف ما ظننا بك وما قيل فيك ، تبعناك حين قمت الىٰ الصلاة ونحن نرىٰ انك لا تقتدي بالصلاة معنا ، فقد وجدناك قد اعتددت بالصلاة معنا ، فرضىٰ الله عنك وجزاك خيرا . فقلت لهم : سبحان الله ألمثلي يقال هذا ! ! » (١) .
الثالثة : للمأموم أحوال :
احداها : ان يدرك الامام قبل ركوعه ، فيحتسب بتلك الركعة اجماعاً ، سواء ادرك تكبيرة الركوع أو لا .
الحالة الثانية : ان يدركه حال ركوعه ، فيركع قبل رفع الامام ، والأصح ادراك الركعة كما قاله المرتضىٰ (٢) وابن الجنيد (٣) وابن ادريس (٤) والمتأخرون (٥) لصحيح سليمان بن خالد عن الصادق علیهالسلام : في الرجل اذا أدرك الامام وهو راكع فيكبر الرجل وهو مقيم صلبه ، ثم يركع قبل أن يرفع الامام رأسه ، فقد ادرك الركعة (٦) ، ونحوه حسن الحلبي عنه علیهالسلام (٧) .
وقال الشيخ وتلميذه ابن البراج : اذا لم يلحق تكبيرة الركوع فقد فاتته الركعة (٨) لصحيح محمد بن مسلم عن الباقر علیهالسلام ، قال : قال لي : « اذا لم
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٣٧ والحديث فيه برقم ١٣٣ ، وفي الاستبصار ١ : ٤٣١ ح ١٦٦٦ .
(٢) جمل العلم والعمل ٣ : ٤١ .
(٣) مختلف الشيعة : ١٥٨ .
(٤) السرائر : ٦١ .
(٥) راجع المعتبر ٢ : ٤٤٣ ، شرائع الاسلام ١ : ١٢٥ ، مختلف الشيعة : ١٥٨ .
(٦) الكافي ٣ : ٣٨٢ ح ٦ ، التهذيب ٣ : ٤٣ ح ١٥٢ ، ٢٧١ ح ٧٨١ ، الاستبصار ١ : ٤٣٥ ح ١٦٧٩ .
(٧) الكافي ٣ : ٣٨٢ ح ٥ ، الفقيه ١ : ٢٥٤ ح ١١٤٩ ، التهذيب ٣ : ٤٣ ح ١٥٣ ، الاستبصار ١ : ٤٣٥ ح ١٦٨٠ .
(٨) التهذيب ٣ : ٤٣ ، المهذب ١ : ٨٢ .
يدرك القوم قبل أن يكبر الامام الركعة (١) ، فلا يدخل معهم في تلك الركعة » (٢) . وفي عبارة اُخرىٰ له عنه : « لا يعتد بالركعة التي لم يشهد تكبيرها مع الامام » (٣) .
واجيب بان التكبير يعبّر به عن نفس الركوع ، فتتفق الاخبار .
الحالة الثالثة : ان يدركه بعد ركوعه قبل السجدتين ، فيستحب التكبير والدخول معه في السجدتين .
وهل يحتاج الىٰ استئناف النيّة بعد ذلك ؟
قال الشيخ (٤) : لا لانّ زيادة الركن مغتفرة في متابعة الامام .
وقال الفاضلان : نعم ، لانها زيادة عمداً (٥) ، ولا فرق هنا بين ان يكون ذلك في السجدتين من الركعة الأخيرة أو باقي الركعات .
والذي في رواية المعلىٰ بن خنيس عن الصادق علیهالسلام : « اذا سبقك الامام بركعة ، فادركته وقد رفع رأسه ، فاسجد معه ولا تعتدّ بها » (٦) . فهذا يحتمل عدم الاعتداد بهما من الصلاة ، وان كانت النية صحيحة . ويحتمل عدم الاعتداد بهما ولا بالصلاة .
وعبارة المبسوط كالرواية (٧) .
__________________
(١) في المصدرين : « للركعة » .
(٢) التهذيب ٣ : ٤٣ ح ١٤٩ ، الاستبصار ١ : ٤٣٤ ح ١٦٧٦ . وفيهما باختلاف في الضمائر .
(٣) التهذيب ٣ : ٤٣ ح ١٥٠ ، الاستبصار ١ : ٤٣٥ ح ١٦٧٧ .
(٤) المبسوط ١ : ١٥٩ .
(٥) المعتبر ٢ : ٤٤٧ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٨٢ ، نهاية الاحكام ٢ : ١٣٢ .
(٦) التهذيب ٣ : ٤٨ ح ١٦٦ .
(٧) المبسوط ١ : ١٥٩ .
الحالة الرابعة : ان يدركه وقد سجد واحدة ، فيكبر ويسجد معه الاُخرىٰ ، وفي الاعتداد بها الوجهان .
وروىٰ محمد بن مسلم : متىٰ يكون مدرك الصلاة مع الامام ؟ قال : « اذا ادرك الامام وهو في السجدة الأخيرة من صلاته ، فهو مدرك لفضل الصلاة مع الامام » (١) . وهنا أولىٰ بالاعتداد ، لان المزيد ليس ركناً .
والوجه الاستئناف كالاول ، لان الزيادة عمداً مبطلة وان لم تكن ركناً .
الحالة الخامسة : ان يدركه بعد السجود ، فيكبّر ويجلس معه : اما جلسة الاستراحة ، أو جلسة التشهد الأول ، أو التشهد الأخير .
وتجزئ هذه التكبيرة قطعاً ، فان كان قد بقي شيء من صلاة الامام بنىٰ عليه ، وإلّا نهض بعد تسليم الامام وأتمّ صلاته .
وممّن روىٰ الاجتزاء بذلك عمار (٢) ولكن روىٰ ايضاً عن الصادق علیهالسلام في رجل ادرك الإمام جالساً بعد الركعتين ، قال : « يفتتح الصلاة ، ولا يقعد مع الامام حتىٰ يقوم » (٣) . والجمع بينهما بجواز الأمرين ، وان كان الافضل الجلوس مع الامام حتىٰ يسلم .
وروىٰ ابن بابويه ان منصور بن حازم كان يقول : اذا أتيت الامام وهو جالس قد صلّىٰ ركعتين فكبّر ثم اجلس ، واذا قمت فكبّر (٤) . وفي هذا ايماء الىٰ عدم الاجتزاء بالتكبير ، إلّا أن يجعله تكبير القيام ، وهو نادر .
والظاهر انه يدرك فضل الجماعة اذا كان التأخير لا عمداً ، لانه مأمور
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٥٧ ح ١٩٧ .
(٢) الكافي ٣ : ٣٨٦ ح ٧ ، التهذيب ٣ : ٢٧٢ ح ٧٨٨ .
(٣) التهذيب ٣ : ٢٧٤ ح ٧٩٣ .
(٤) الفقيه ١ : ٢٩١ ح ١١٨٤ .
به مندوب اليه ، وليس إلّا لادراك الفضيلة ، واما كونها كفضيلة من ادرك قبله فغير معلوم .
وقال ابن بابويه فيمن أدركه في السجدة الاخيرة أو في التشهد : انه أدرك فضل الجماعة (١) .
وقال ابن إدريس : يدرك فضيلة الجماعة بادراك بعض التشهد (٢) وظاهره انه يدرك ذلك وان لم يتحرّم بالصلاة .
المسألة الرابعة : كل ما يدركه المأموم فهو أول صلاته ، سواء كان أول صلاة الامام أم لا .
قال المحقق : وهو مذهب علمائنا كافة ، لقول النبي صلىاللهعليهوآله : « ما ادركتم فصلّوا ، وما فاتكم فأتموا » ، ولرواية زرارة عن الباقر علیهالسلام قال : « اذا ادرك الرجل بعض الصلاة جعل ما ادرك أول صلاته . ان ادرك من الظهر أو العصر ركعتين ، قرأ فيما ادرك مع الامام مع نفسه اُمّ الكتاب وسورة ، فاذا سلم الامام قام فصلّىٰ ركعتين لا يقرأ فيهما ، لانّ الصلاة انما يقرأ فيها في الاوليين » (٣) .
وروىٰ عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألت ابا عبد الله علیهالسلام عن
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٦٥ .
(٢) السرائر : ٦٢ .
(٣) المعتبر ٢ : ٤٤٦ .
وقول النبي صلىاللهعليهوآله في : صحيح البخاري ١ : ١٦٣ ، ١٦٤ ، صحيح مسلم ١ : ٤٢٠ ح ٦٠٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٥٥ ح ٧٧٥ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٩ ، ٢٧٠ ، المصنف لابن أبي شيبة ٢ : ٣٥٨ ، السنن الكبرىٰ ٢ : ٢٩٧ . ورواية زرارة في الفقيه ١ : ٢٥٦ ح ١١٦٢ ، التهذيب ٣ : ٤٥ ح ١٥٨ ، الاستبصار ١ : ٤٣٦ ح ١٦٨٣ ، باختصار في الالفاظ .
الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الامام ، كيف يصنع اذا جلس الامام ؟ قال : « يتجافىٰ ولا يتمكن من القعود . فاذا كانت الثالثة للامام ـ وهي له ثانية ـ فليلبث قدر ما يتشهد ، ثم يلحق بالامام » . وسألته عن الرجل يدرك مع الامام الركعتين الاخيرتين ، قال : « اقرأ فيهما فانّهما لك اُوليان ، ولا تجعل أول صلاتك آخرها » (١) .
فان قلت : فقد روىٰ ما يعارض ذلك ، كرواية معاوية بن وهب عنه علیهالسلام : انه يقضي القراءة في آخر صلاته (٢) .
قلت : حملها الشيخ علىٰ قراءة الحمد في الاخيرتين ، ولا يلزم منه قراءة السورة (٣) .
الخامسة : لو سُبق المأموم بعد انعقاد صلاته ، أتىٰ بما وجب عليه والتحق بالامام ، سواء فعل ذلك عمداً أو سهواً أو لعذر ، وقد مر مثله في الجمعة .
ولا تتحقق فوات القدوة بفوات ركن ولا أكثر عندنا . وفي التذكرة توقّف في بطلان القدوة بالتأخر بركن (٤) ، والمروي بقاء القدوة ، رواه عبد الرحمن عن أبي الحسن علیهالسلام فيمن لم يركع ساهياً حتىٰ انحط الامام للسجود : « يركع ويلحق به » (٥) .
السادسة : لو احسّ الامام وهو راكع بداخل ، استحب له تطويل
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٨١ ح ١ ، التهذيب ٣ : ٤٦ ح ١٥٩ ، الاستبصار ١ : ٤٣٧ ح ١٦٨٤ .
(٢) التهذيب ٣ : ٤٧ ح ١٦٢ ، ٢٧٤ ح ٧٩٧ ، الاستبصار ١ : ٤٣٨ ح ١٦٨٧ .
(٣) الهامش السابق .
(٤) تذكرة الفقهاء ١ : ١٨٥ .
(٥) التهذيب ٣ : ٥٥ ح ١٨٨ .
ركوعه بمقدار ركوعين ، ونقل الشيخ فيه الاجماع (١) ، ورواه جابر الجعفي عن أبي جعفر علیهالسلام : « انتظر مثليّ ركوعك ، فان انقطعوا وإلّا فارفع رأسك » (٢) .
وقال في المبسوط : فان احسّ بداخل لم يلزمه التطويل ليلحق الداخل الركوع ، وقد رُوي انه يطوّل ركوعه مقدار الركوع مرتين (٣) . فكانّ عنده توقفاً في الرواية ، والوجه القطع باستحباب ذلك .
وقال ابن الجنيد : فان تنحنح بالامام مريد الدخول في صلاته ، انتظره بمقدار لبثه في ركوعه مرة ثانية ، فان لحقه وإلّا رفع رأسه (٤) .
فروع :
الاول : لو احسّ في أثناء القراءة بداخل ، لم يستحب له تطويل القراءة ، لحصول الغرض بادراكه في الركوع .
ولو قلنا باشتراط ادراك تكبير الركوع ، فلا بأس بتطويل القراءة ، بل يستحب .
وهل يكره تطويلها علىٰ القول بادراكه راكعا ؟ .
قال الفاضل : لا يكره ، لما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله انه قال : « اني أحياناً أكون في الصلاة ، فافتتح السورة اُريد ان اتمّها فاسمع بكاء صبي ، فاتجوز في صلاتي مخافة أن تفتتن امه » . فاذا جاز الاختصار رعاية لحق الطفل
__________________
(١) الخلاف ١ : ١٢١ المسألة ٧ .
(٢) التهذيب ٣ : ٤٨ ح ١٦٧ .
(٣) المبسوط ١ : ١٥٣ .
(٤) مختلف الشيعة : ١٥٦ .
جازت الزيادة رعاية لحق اللاحق (١) .
وتتأكد زوال الكراهية بعلمه انه لا يلحق بتطويل الركوع ، بل يستحب هنا تطويل القراءة .
الثاني : لا يستحب تطويل القراءة رجاءً لمن عساه يدخل ، لما فيه من الاضرار بالباقين ، بل يكره . نعم ، لو علم منهم الرضا بذلك لم يكره . ويكره ان يفرّق بين من له قدر وبين غيره في الانتظار ، لاستواء الجميع في المعونة علىٰ الفضيلة .
الثالث : لو احسّ به بعد رفع رأسه من الركوع ، فلا انتظار هنا اجماعاً ، لأنّ الغرض من الفضيلة تحصل له بما أدرك من الافعال ، اذ لا اقتداء حقيقي هنا . نعم ، لو كان في التشهد الأخير استحب تطويله اذا توقّف ادراكه علىٰ التطويل ، لتحصل له ثواب الجماعة .
الرابع : لو انتظر مثلي ركوعه لداخل ، ثم دخل آخر ، لم ينتظره خوفاً من التطويل علىٰ المأمومين .
السابعة : قد سبق جواز المشي راكعاً لمن خاف فوت الاقتداء ، ورواه الاصحاب أيضاً عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام (٢) .
وفي رواية : « يجر رجليه ولا يرفعهما » (٣) .
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ١ : ١٨٢ .
والحديث النبوي في : مسند احمد ٣ : ١٠٩ ، صحيح البخاري ١ : ١٨١ ، صحيح مسلم ١ : ٣٤٣ ح ١٩٢ ، مسند ابي يعلىٰ ٥ : ٤٤١ ح ٣١٤٤ ، مسند ابي عوانة ٢ : ٨٨ ، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٣ : ١٨٠ ح ١٨٨٣ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ١١٨ .
(٢) الفقيه ١ : ٢٥٧ ح ١١٦٦ ، التهذيب ٣ : ٤٤ ح ١٥٤ ، الاستبصار ١ : ٤٣٦ ح ١٦٨١ .
(٣) الفقيه ١ : ٢٥٤ ح ١١٤٨ ، المقنع : ٣٦ .
قال في المبسوط : والافضل السجود مكانه ، ثم الالتحاق اذا قام (١) .
وشرط ذلك ان لا يكثر المشي بحيث يخرج عن اسم المصلي ، وان يكون الموضع الذي يركع فيه مما يصحّ الاقتداء فيه ، فلو تباعد أو سفل بالمعتد بطل الاقتداء .
ولو سجد الامام قبل انتهائه الىٰ الصف ، وخاف فوت السجود بوصوله الىٰ الصف ، سجد مكانه قطعاً ثم قام والتحق بالصف . ولو رفع رأسه من الركوع ومشىٰ قائماً جاز . ولو انّه سجد في غير الصف ، ثم قام ليلتحق فركع الامام ثانياً ، ركع مكانه ومشىٰ في ركوعه ايضاً .
الثامنة : لا يتحمل الامام عن المأموم شيئاً من أفعال الصلاة سوىٰ القراءة . وفي قراءة المأموم للاصحاب اقوال نحكيها بألفاظهم .
قال ابو جعفر بن بابويه ـ في المقنع ـ : واعلم انّ علىٰ القوم في الركعتين الاوليين ان يستمعوا الىٰ قراءة الامام ، واذا كان في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة سبّحوا ، وعليهم في الركعتين الاُخريين ان يسبحوا (٢) . وروىٰ في من لا يحضره الفقيه عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر علیهالسلام ، قال : « كان أمير المؤمنين علیهالسلام يقول : من قرأ خلف إمام يأتمّ به فمات بُعث علىٰ غير الفطرة » (٣) .
وروىٰ عن الحلبي عن الصادق علیهالسلام : « اذا صليت خلف إمام تأتمّ به فلا تقرأ خلفه ، سمعت قراءته أو لم تسمع ، إلّا ان تكون صلاة يجهر فيها
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٥٥ .
(٢) المقنع : ٣٦ .
(٣) الفقيه ١ : ٢٥٥ ح ١١٥٥ ، وايضاً في : المحاسن : ٧٩ ، الكافي ٣ : ٣٧٧ ح ٦ ، ثواب الاعمال : ٢٧٤ ، التهذيب ٣ : ٢٦٩ ح ٧٧٠ .
بالقراءة فلم تسمع فاقرأ » (١) .
قال : وفي رواية عبيد بن زرارة عنه : « انه من سمع الهمهمة فلا يقرأ » (٢) .
وفي رواية زرارة عن أبي جعفر علیهالسلام : « ان كنت خلف امام فلا تقرأنّ شيئاً في الاوليين وانصت لقرائته ، ولا تقرأنّ شيئاً في الاخيرتين » (٣) .
وروىٰ بكر بن محمد عن الصادق علیهالسلام : « اني لأكره للمؤمن (٤) ان يصلي خلف الامام صلاة لا يجهر فيها فيقوم كانّه حمار » . قلت : فيصنع ماذا ؟ قال : « يسبّح » (٥) .
وقال المرتضىٰ : لا يقرأ المأموم خلف الموثوق به في الاوليين في جميع الصلوات من ذوات الجهر والاخفات ، إلّا ان تكون صلاة جهر لم يسمع فيها المأموم قراءة الامام ، فيقرأ كل واحد لنفسه . وهذه اشهر الروايات . ورُوي : انه لا يقرأ فيما جهر فيه الامام ، وتلزمه القراءة فيما يخافت فيه الامام . ورُوي : انه بالخيار فيما خافت فيه . فاما الأخيرتان فالاولىٰ ان يقرأ المأموم أو يسبّح فيهما (٦) (٧) .
وقال الشيخ في النهاية : اذا تقدم من هو بشرائط الامامة فلا تقرأنّ
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٥٥ ح ١١٥٦ ، وايضاً في : الكافي ٣ : ٣٧٧ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ٣٢ ح ١١٥ ، الاستبصار ١ : ٤٢٨ ح ١٦٥٠ .
(٢) الفقيه ١ : ٢٥٦ ح ١١٥٧ .
(٣) الفقيه ١ : ٢٥٦ ح ١١٦٠ ، وأيضاً في السرائر : ٤٥ ، ٤٨٠ .
(٤) في م ، ط : « لكم » .
(٥) الفقيه ١ : ٢٥٦ ح ١١٦١ ، وايضاً في : قرب الاسناد : ١٨ ، التهذيب ٣ : ٢٧٦ ح ٨٠٦ .
(٦) جمل العلم والعمل ٣ : ٤٠ .
(٧) في ط زيادة : وروي انه ليس عليه ذلك ، وهي موجودة في المصدر .
خلفه ، جهرية أو اخفاتية ، بل تسبح مع نفسك وتحمد الله . وان كانت جهرية فانصت للقراءة ، فإن خفىٰ عليك قراءة الامام قرأت لنفسك ، وان سمعت مثل الهمهمة من قراءة الامام جاز لك إلّا تقرأ وأنت مخيّر في القراءة . ويستحب ان تقرأ الحمد وحدها فيما لا يجهر الامام بالقراءة فيها ، وان لم تقرأها فليس عليك شيء (١) . وكذا في المبسوط معبراً بعبارة ، وقال في آخرها : لانّ قراءة الامام مجزئة عنه (٢) .
وقال ابن البراج : ومتىٰ أمّ من يصح تقدمه بغيره في صلاة جهر وقرأ ، فلا يقرأ الماموم بل يسمع قراءته ، وان كان لا يسمع قراءته كان مخيّراً بين القراءة وتركها ، وان كانت صلاة اخفات استحب للمأموم ان يقرأ فاتحة الكتاب وحدها ، ويجوز ان يسبح الله ويحمده (٣) .
وقال ابو الصلاح : ولا يقرأ خلفه في الاوليين من كل صلاة ولا في الغداة ، الا ان يكون بحيث لا يسمع قراءته ولا صوته فيما يجهر فيه فيقرأ .
وهو في الاخيرتين من الرباعيات وثالثة المغرب بالخيار بين قراءة الحمد والتسبيح ، والقراءة افضل (٤) .
وقال ابن حمزة ـ في الواسطة ـ : فالواجب أربعة اشياء : متابعة الامام في أفعال الصلاة ، والانصات لقراءته ، ونية الاقتداء ، والوقوف خلفه أو عن أحد جانبيه . واذا اقتدىٰ بالامام لم يقرأ في الاوليين ، فان جهر الامام وسمع أنصت ، وان خفي عليه قرأ ، وان سمع مثل الهمهمة فهو مخيّر . [ و ] إن
__________________
(١) النهاية : ١١٣ .
(٢) المبسوط ١ : ١٥٨ .
(٣) المهذب ١ : ٧٩ .
(٤) الكافي في الفقه : ١٤٤ .
خافت الامام سبّح في نفسه . وفي الاخيرتين : ان قرأ كان افضل ، وان لم يقرأ جاز ، وإن سبح كان افضل من السكوت (١) .
وقال سلار ـ في قسم المندوب ـ : ولا يقرأ المأموم خلف الامام . وروي ان ترك القراءة في صلاة الجهر خلف الامام واجب . والأثبت الاول (٢) .
وقال ابن زهرة ـ رحمهالله ـ : ويلزم المؤتم ان يقتدي بالامام عزماً وفعلاً ، فلا يقرأ في الأوليين من كل صلاة ولا في الغداة ، الا ان تكون صلاة جهر وهو لا يسمع قراءة الامام . فاما الاخريان وثالثة المغرب فحكمه فيها حكم المنفرد (٣) .
وهذه العبارة ، وعبارة ابي الصلاح ، تعطي ، وجوب القراءة أو التسبيح علىٰ المؤتم في الاخيرتين ، وكانهما أخذاه عن كلام المرتضىٰ .
وقال ابن ادريس : اختلفت الرواية في القراءة خلف الامام الموثوق به ، فروي انّه لا قراءة علىٰ المأموم في جميع الركعات والصلوات ، سواء كانت جهرية أو اخفاتية في اظهر الروايات ، والذي يقتضيه اُصول المذهب انّ الامام ضامن للقراءة بلا خلاف . ورُوي انّه لا قراءة علىٰ المأموم في الاوليين في جميع الصلوات الجهرية والاخفاتية ، إلّا أن [ تكون ] صلاة جهر لم يسمع فيها المأموم قراءة الامام فيقرأ لنفسه . ورُوي انه ينصب فيما جهر فيه الامام بالقراءة ولا يقرأ هو شيئا ، وتلزمه القراءة فيما خافت ؛ وروي انه بالخيار فيما خافت فيه الامام . فاما الركعتان الاخيرتان فقد روي انه لا قراءة
__________________
(١) كتاب الواسطة لم يطبع ، وتجد بعض هذا المعنىٰ في الوسيلة : ١٠٦ .
(٢) المراسم : ٨٧ .
(٣) الغنية : ٤٩٨ .
فيهما ولا تسبيح . وروي انه يقرأ فيهما أو يسبّح . والأول اظهر لما قدمناه (١) .
وقال الشيخ نجم الدين بن سعيد : وتكره القراءة خلف الامام في الاخفاتية علىٰ الاشهر ، وفي الجهرية لو سمع ولو همهمة ، ولو لم يسمع قرأ .
وقال : تسقط القراءة عن المأموم ، وعليه اتفاق العلماء .
وقال الشيخان : لا يجوز ان يقرأ المأموم في الجهرية اذا سمع قراءة الامام ولو همهمة . ولعله استناداً الىٰ رواية يونس عن أبي عبد الله علیهالسلام ، قال : « من رضيت قراءته فلا تقرأ خلفه » (٢) . وفي رواية الحلبي عنه علیهالسلام : « اذا صليت خلف امام تأتم به فلا تقرأ خلفه ، ( سمعت قراءته ) ، أو لم تسمع ، الا ان تكون صلاة يجهر فيها ولم تسمع قرائته » (٣) . والاولىٰ ان يكون النهي علىٰ الكراهة ، لرواية عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله علیهالسلام ، قال : « انما أمرنا بالجهر لينصت من خلفه ، فان سمعت فأنصت ، وان لم تسمع فاقرأ » والتعليل بالانصات يؤذن بالاستحباب (٤) .
ثم قال : اذا لم تسمع في الجهرية ولا همهمة فالقراءة أفضل ، وبه
__________________
(١) السرائر : ٦١ .
(٢) التهذيب ٣ : ٣٣ ح ١١٨ وفيه « به » بدل « قراءته » ، والكلمتان ليستا في الاستبصار ١ : ٤٢٨ ح ١٦٥٣ .
(٣) الكافي ٣ : ٣٧٧ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٢٥٥ ح ١١٥٦ ، التهذيب ٣ : ٣٢ ح ١١٥ ، الاستبصار ١ : ٤٢٨ ح ١٦٥٠ وفي م ، ط : « سمع قراءة » بدل « سمعت قراءته » .
(٤) الكافي ٣ : ٣٧٧ ح ١ ، علل الشرائع : ٣٢٥ ، التهذيب ٣ : ٣٢ ح ١١٤ ، الاستبصار ١ : ٤٢٧ ح ١٦٤٩ .
روايات منها : رواية عبد الله بن المغيرة عن قتيبة عن ابي عبد لله علیهالسلام ، قال : « اذا كنت خلف من ترتضي به في صلاة يجهر فيها فلم تسمع قراءته فاقرأ ، وان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ » (١) . ويدلّ علىٰ انّ ذلك علىٰ الفضل لا علىٰ الوجوب رواية علي بن يقطين عن ابي الحسن علیهالسلام في الرجل يصلي خلف من يقتدي به يجهر بالقراءة فلا يسمع القراءة ، قال : « لا بأس ان صمت وان قرأ » (٢) .
ثم قال : اطلق الشيخ ـ رحمهالله ـ استحباب قراءة الحمد في الاخفاتية للمأموم ، والأولىٰ ترك القراءة في الاوليين ، وفي الاخيرتين روايتان :
احداهما : رواية ابن سنان عن أبي عبد الله علیهالسلام : « اذا كان مأموناً علىٰ القراءة فلا تقرأ خلفه في الاخيرتين » .
والاُخرىٰ رواية ابي خديجة عنه علیهالسلام ، قال : « اذا كنت في الاخيرتين فقل للذين خلفك يقرؤون فاتحة الكتاب » (٣) .
وقال ابن عمه نجيب الدين ـ رحمهالله ـ : ولا يقرأ المأموم في صلاة جهر بل يصغي لها ، فان لم يسمع وسمع كالهمهمة أجزأه وجاز ان يقرأ . وان كان في صلاة اخفات سبح مع نفسه وحمد الله ، وندب الىٰ قراءة الحمد فيما لا يجهر فيه (٤) .
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٧٧ ح ٤ ، التهذيب ٣ : ٣٣ ح ١١٧ ، الاستبصار ١ : ٤٢٨ ح ١٦٥٢ .
(٢) التهذيب ٣ : ٢٤ ح ١٢٢ ، الاستبصار ١ : ٤٢٩ ح ١٦٥٧ .
(٣) المعتبر ٢ : ٤٢٠ ـ ٤٢١ .
ورواية ابن سنان الموجودة في التهذيب ٣ : ٣٥ ح ١٢٤ ، يختلف مضمونها عن المنقول هنا ويوافق ما سيأتي من نقل العلّامة .
ورواية ابي خديجة في : التهذيب ٣ : ٢٧٥ ح ٨٠٠ .
(٤) الجامع للشرائع : ٩٩ .