إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٥

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٥

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٩

(وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. يلتفت : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره. منكم : جار ومجرور في محل نصب حال من «أحد» لأنه متعلق بصفة له قدمت عليه والميم علامة جمع الذكور. أحد : فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : وكن وراءهم للدفاع عنهم ولا يلتفت أحد منكم خلفه.

(وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) : الواو عاطفة. امضوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأنّ مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. حيث : اسم مبني على الضم في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بامضوا وقد عدّي «امضوا» إلى «حيث» تعديته إلى الظرف المبهم لأن «حيث» مبهم» في الأمكنة. تؤمرون : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.

(وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) (٦٦)

(وَقَضَيْنا إِلَيْهِ) : الواو عاطفة. قضي : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. إليه : جار ومجرور متعلق بقضينا بمعنى : وأوحينا إليه.

(ذلِكَ الْأَمْرَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به. اللام للبعد والكاف للخطاب. الأمر : بدل من اسم الإشارة ذلك منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة.

(أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. دابر : اسم «أنّ» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الهاء للتنبيه. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل جر بالإضافة. و «أنّ» مع اسمها وخبرها في محل نصب بدل من «ذلك الأمر» لأنها تفسير لاسم الإشارة «ذلك».

(مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) : خبر «انّ» مرفوع بالضمة المنونة. ويجوز أن تكون الجملة من «أنّ» وما تلاها في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : بأنّ

٣٢١

دابر هؤلاء مقطوع فيكون المصدر في موضع نصب بسقوط الخافض بقضينا و «مصبحين» حال من هؤلاء القوم منصوب وعلاة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم منصوب والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى : وهم داخلون في الصبح.

(وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ) (٦٧)

(وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ) : الواو استئنافية. جاء : فعل ماض مبني على الفتح. أهل : فاعل مرفوع بالضمة. المدينة : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(يَسْتَبْشِرُونَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «أهل المدينة» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : طامعين في ضيوف لوط.

(قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ) (٦٨)

(قالَ إِنَّ هؤُلاءِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. إنّ : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هؤلاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل نصب اسم «إنّ» و «إنّ» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ) : خبر «إنّ» مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. الفاء حرف استئناف للتعليل. لا : ناهية جازمة. تفضحون : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والنون الثانية نون الوقاية والياء المحذوفة خطا واختصارا ولأنها رأس آية ـ مراعاة لفواصل الآيات ـ ضمير متصل في محل نصب مفعول به وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة.

(وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ) (٦٩)

٣٢٢

(وَاتَّقُوا) : الواو عاطفة. اتقوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(اللهَ وَلا تُخْزُونِ) : لفظ الجلالة : مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة. الواو عاطفة. لا تخزون : تعرب إعراب «لا تفضحون».

(قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) (٧٠)

(قالُوا أَوَلَمْ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة بعده : في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. الواو استئنافية. لم : حرف نفي وجزم وقلب.

(نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة ـ الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن والكاف ـ ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. عن العالمين : جار ومجرور متعلق بننهى وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض عن الحركة والتنوين في الاسم المفرد وكسر آخر «عن» لالتقاء الساكنين.

(قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) (٧١)

(قالَ هؤُلاءِ بَناتِي) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو والجملة الاسمية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ هؤلاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. بناتي : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة

٣٢٣

جمع الذكور. فاعلين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. التقدير والمعنى : إن كنتم فاعلين فانكحوا بناتي أي فتزوّجوهنّ حلالا ولا تسيئوا لضيوفي وفي القول شك في قبولهم لقوله كأنه قال : فإن فعلتم ما أقول لكم وما أظنكم فاعلين. وفاعلين : جمع «فاعل» وهو اسم فاعل.

(لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٧٢)

(لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ) : اللام للتوكيد. عمرك : مبتدأ مرفوع بالضمة وخبره محذوف وجوبا. أي لعمرك يميني أو قسمي. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. إنّ : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إنّ» والجملة «إنّ» مع اسمها وخبرها : جواب القسم لا محل لها.

(لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) : اللام ابتدائية ـ مزحلقة ـ للتوكيد. في سكرة : جار ومجرور متعلق بيعمهون و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. يعمهون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إنّ» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) (٧٣)

(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) : الفاء استئنافية للتسبيب. أخذت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الصيحة : فاعل مرفوع بالضمة. مشرقين : حال من ضمير الغائبين في «أخذتهم» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى : داخلين في شروق الشمس أي وهم داخلون في الشروق أي بزوغ الشمس.

٣٢٤

(فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) (٧٤)

(فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها) : الفاء عاطفة. جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. عاليها سافلها : مفعولا «جعلنا» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي قرى قوم لوط.

(وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «جعلنا» وتعرب مثلها. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بأمطرنا بمعنى : وأنزلنا عليهم.

(حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. من سجّيل : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «حجارة» و «من» حرف جر بيانيّ .. بمعنى : حجارة من طين متحجر.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (٧٥)

(إِنَّ فِي ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في : حرف جر. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بخبر «إنّ» المقدم. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.

(لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) : اللام ابتدائية ـ لام التوكيد المزحلقة ـ آيات : اسم «إنّ» منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. للمتوسمين : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آيات» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد.

(وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) (٧٦)

(وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) : الواو عاطفة. إنّ : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إنّ» يعود على المدينة أو على آثار القرى. اللام ابتدائية للتوكيد ـ اللام المزحلقة ـ بسبيل :

٣٢٥

جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إنّ». مقيم : صفة ـ نعت ـ للموصوف «سبيل» مجرور مثله .. وعلامة جرّهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) (٧٧)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكرية الخامسة والسبعين. و «آية» اسم «إنّ» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

** (قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الخامسة والخمسين. أي قالوا ـ أي الملائكة ـ لإبراهيم : بشرناك بالأمر الذي لا شك فيه فلا تكن من اليائسين من رحمة الله .. و «القانطين» جمع «القانط ـ اسم فاعل ـ وفعله : قنط ـ يقنط ـ قنوطا ـ من بابي «ضرب وتعب» أو «جلس» دخل ـ طرب ـ سلم ـ بمعنى «يئس» وهو قنط وقنوط ـ فعل ـ فعول ـ بمعنى فاعل ـ وقانط. أما «قنط ـ يقنط بفتح النون في الفعلين فإنّما هو على الجمع بين اللغتين.

** (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الستين : المعنى : ما عدا امرأته فإنّها ستبقى مع الكفرة الباقين .. يقال : غبر ـ يغبر ـ الشيء ـ غبورا ـ من باب «دخل» بمعنى : بقي ويأتي بمعنى : مضى .. فهو من الأضداد ـ أي لها معنيان متضادان .. وفي استثناء «إلا امرأته» آراء متعددة تطرقت إليها كتب التفسير ارتأيت ـ من باب إحاطة القارئ الكريم علما بها ـ أن أذكر أوجه إعرابها استزادة في الفائدة .. فقد قيل إنّ «امرأته» استثنيت من الضمير المجرور في قوله «لمنجّوهم» وهو ليس من الاستثناء في شيء لأن الاستثناء من الاستثناء إنّما يكون فيما اتّحد الحكم فيه كأن يقال أهلكناهم إلّا آل لوط إلّا امرأته كما اتّحد الحكم في قول المطلق : أنت طالق ثلاثا إلّا اثنتين إلّا واحدة. وفي قول المقر : لفلان عليّ عشرة دراهم إلّا ثلاثة إلّا درهما. فأمّا الآية الكريمة فقد اختلف الحكمان لأنّ «آل لوط» متعلق بأرسلنا أو بمجرمين وإلّا امرأته : قد تعلق بمنجّوهم فأنّى يكون استثناء من استثناء؟ وقيل : إنّه استثناء ردّ على استثناء.

** (فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الحادية والستين .. أي فحين جاء آل لوط الملائكة المرسلون .. فحذف الموصوف «الملائكة» اختصارا وأقيم النعت ـ المرسلون ـ مقامه.

** (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة السادسة والستين أي إنّ دابر هؤلاء القوم مقطوع .. فحذفت الصفة أو البدل «القوم» اختصارا لأن ما قبله دالّ عليه. جاء في المصحف المفسّر : أي وأوحينا إلى إبراهيم أن هؤلاء سيستأصلون وهم داخلون في الصبح. القضاء فصل الأمر قولا كان ذلك أو فعلا وكل واحد منهما على وجهين : إلهي وبشري .. فمن القول الإلهي قوله : وقضى ربّك أن لا تعبدوا إلّا إياه : أي أمر بذلك. وقوله : وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب أي أعلمناهم وأوحينا إليهم ومنه الآية الكريمة المذكورة آنفا. والدابر : الأصل. وقطع الدابر كناية عن الاستئصال : وهو قلع الشيء من أصله.

٣٢٦

** (قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الثامنة والستين .. أي إنّ هؤلاء ضيوفي لأن «الضيف» مصدر في الأصل يطلق على المفرد والجمع ومثله «الضيافة» وهي أيضا اسم من الفعل «ضاف» ويقال : هذا رجل ضيفن : أي يجيء مع الضيف متطفّلا والنون زائدة. قال الشاعر :

والضيف أكرمه فإنّ مبيته

حقّ ولا تك لعنة للنزّل

واعلم بأنّ الضيف مخبّر أهله

بمبيت ليلته وإن لم يسأل

ويقال : إنّ أول من هشم الثريد للضيف في زمن الجوع والفقر هو هاشم بن عبد مناف فسمّي لذلك هاشما ـ اسم فاعل ـ للفعل «هشم» بمعنى : كسر ومنه القول : هشم الرجل الثريد لضيفه بمعنى : كسر الخبز وفتّه وبلّه بالمرق فجعله ثريدا فالخبز مثرود وثريد ـ صيغة فعيل بمعنى مفعول ـ.

** (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) : في هذا القول الوارد في الآية الكريمة السبعين يكون التقدير : عن ضيافة العالمين .. فحذف المضاف «ضيافة» اختصارا لأن ما سبقه يدل عليه وحلّ المضاف إليه «العالمين» محلّه.

** (قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الحادية والسبعين وفيه حذف المشار إليه اختصارا لأنه معلوم التقدير : هؤلاء النساء بناتي والمحذوف هو «النساء».

** (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الثانية والسبعين. و «يعمهون» بمعنى : يتحيرون .. والعمه للبصيرة كالعمى للبصر .. يقال : عمه ـ يعمه ـ عمها .. من باب «طرب» بمعنى : تحيّر وتردد فهو عمه وعامه. وهم عمّه. و «العمه» بفتح العين والميم : هو التحيّر والتردد .. وقد خصّوا القسم بفتح عين «عمر» لإيثار الأخفّ منه وذلك لأنّ الحلف كثير الدور على ألسنتهم .. ولذلك حذفوا الخبر .. يقول الزمخشريّ : لعمرك : على إرادة القول .. أي قالت الملائكة للوط ـ عليه‌السلام ـ : لعمرك. وقيل الخطاب لرسول الله محمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وإنّه سبحانه أقسم بحياته إكراما لمنزلته .. وما أقسم سبحانه بحياة أحد قطّ كرامة له عليه أفضل الصلاة والسلام. و «عمر» بفتح العين وسكون الميم في الأصل : مصدر الفعل : عمر ـ يعمر عمرا وعمرا ـ من باب «فهم» بمعنى : عاش زمانا طويلا .. أي طال عمره فهو عامر .. ـ اسم فاعل ـ وبه سمّي تفاؤلا وبالمضارع «يعمر» سمّي أيضا ومنه «يحيى بن يعمر» أمّا الفعل «عمر ـ يعمر» ـ نحو : عمر المنزل بأهله عمرا وهو من باب «قتل» فهو عامر ـ اسم فاعل أي كان مسكونا. أمّا لفظة «عمرو» فالواو فيها وضعت للتفريق بين هذا الاسم واسم «عمر» و «عمر» اسم معدول عن اسم الفاعل «عامر» و «عمر» اسم علم ممنوع من الصرف ومثله «عمرو» وتلحق بهذا الاسم الواو رفعا وجرا وفي حالة النصب تحذف الواو.

** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) : التقدير والمعنى : إنّ في ذلك العذاب لعبرة للمؤمنين وحذفت الصفة أو البدل المشار إليه «العذاب» اختصارا لأن ما قبله دال عليه وكذلك حذفت في الآية الكريمة الخامسة والسبعين : إنّ في ذلك لآيات للمتوسمين .. أي إنّ في ذلك العذاب النازل في قوم لوط لدلالات على قدرة الله تعالى .. و «المتوسّمين» أي المتفكرين المتفرسين الذين يعرفون حقيقة الشيء بسمته .. أي بعلامته .. يقال : وسم ـ يسم ـ وسما وسمة : أي جعل له علامة وهو من باب وعد.

٣٢٧

(وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ) (٧٨)

(وَإِنْ كانَ) : الواو حالية. إن : وصلية والجملة بعدها : في محل نصب حال. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح.

(أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ) : اسم «كان» مرفوع بالضمة. الأيكة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. ظالمين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ) (٧٩)

(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) : الفاء استئنافية للتسبيب. انتقم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. من : حرف جر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بانتقمنا.

(وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ) : الواو استئنافية. إنّ : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إنّ» و «ما» علامة التثنية أو تكون الميم علامة جمع الذكور والألف علامة التثنية. اللام ابتدائية للتوكيد ـ اللام المزحلقة ـ بإمام : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إنّ». مبين : صفة ـ نعت ـ لإمام مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف الكسرة المنونة. وضمير التثنية في «إنّهما» يعود على قرى قوم لوط والأيكة.

(وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) (٨٠)

(وَلَقَدْ كَذَّبَ) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. كذب : فعل ماض مبني على الفتح.

(أَصْحابُ الْحِجْرِ) : فاعل مرفوع بالضمة. الحجر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره : الكسرة.

٣٢٨

(الْمُرْسَلِينَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته.

(وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) (٨١)

(وَآتَيْناهُمْ آياتِنا) : الواو عاطفة. آتي : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. آيات : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) : الفاء استئنافية. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. عنها : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» معرضين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته.

(وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ) (٨٢)

(وَكانُوا يَنْحِتُونَ) : الواو عاطفة. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. ينحتون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «ينحتون» وما بعدها في محل نصب خبر «كان».

(مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ) : جار ومجرور متعلق بينحتون. بيوتا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة و «آمنين» حال من واو الجماعة منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته بمعنى : آمنين من عذاب الله.

٣٢٩

(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ) (٨٣)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثالثة والسبعين. و «مصبحين» بمعنى : وهم داخلون في الصبح.

(فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٨٤)

(فَما أَغْنى عَنْهُمْ) : الفاء استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أغنى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة للتعذر. عن : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بأغنى في محل نصب لأنه في مقام المفعول به المقدم بمعنى : فما نفعهم.

(ما كانُوا يَكْسِبُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يكسبون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «كانوا يكسبون» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما كانوا يكسبونه من بناء البيوت.

(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) (٨٥)

(وَما خَلَقْنَا) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. خلق : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم الواو حرف عطف. الأرض : معطوفة على «السموات» وتعرب إعرابها.

٣٣٠

(وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب معطوف على منصوب أي السموات والأرض. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد أو كان أو استقرّ والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. الميم حرف عماد والألف علامة التثنية والجملة الفعلية «استقر بينهما» صلة الموصول لا محل لها. إلّا : أداة حصر لا عمل لها. بالحقّ : جار ومجرور متعلق بصفة لمصدر محذوف. التقدير : إلّا خلقا ملتبسا بالحق. أو يكون في محل نصب حالا من ضمير الواحد المطاع في «خلقنا» بتقدير : ومعنا الحق.

(وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ) : الواو استئنافية. إنّ : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الساعة : اسم «إنّ» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اللام ابتدائية للتوكيد ـ مزحلقة. آتية : خبر «إنّ» مرفوع بالضمة المنونة.

(فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) : الفاء استئنافية. للتعليل. اصفح : فعل أمر مبني على السكون الذي حرّك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. أي اعف أو فأعرض عنهم واحتمل ما تلقى منهم. الصفح : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الجميل : صفة ـ نعت ـ للصفح منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة والعامل هو الفعل «اصفح» بمعنى : فاعف عنهم العفو الجميل.

(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ) (٨٦)

(إِنَّ رَبَّكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربك : اسم «إنّ» منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.

(هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إنّ». هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الخلاق العليم : خبرا «إنّ» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.

٣٣١

(وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (٨٧)

(وَلَقَدْ آتَيْناكَ) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. آتى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول بمعنى : منحناك يا محمّد.

(سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من المثاني : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «سبعا» و «من» للتبعيض أو تكون بيانية بتقدير : سبعا هي المثاني.

(وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) : معطوف بالواو على منصوب أو هو مفعول به بفعل محذوف تقديره وآتيناك القرآن وقد حذف الفعل اكتفاء بذكره أول مرة. وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة. العظيم : صفة ـ نعت للقرآن منصوب بالفتحة.

(لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٨٨)

(لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) : ناهية جازمة. تمدّن : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بلا ونون التوكيد لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. عينيك : مفعول به منصوب وعلاة نصبه الياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة ـ أصله : عينين ـ والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ) : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بإلى والجار والمجرور متعلق بتمدّن. متّعنا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. به : جار ومجرور متعلق بمتّعنا.

٣٣٢

(أَزْواجاً مِنْهُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «أزواجا».

(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تحزن : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بلا تحزن.

(وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) : الواو عاطفة. اخفض : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. جناحك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. للمؤمنين : جار ومجرور متعلق باخفض بمعنى : وتواضع وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) (٨٩)

(وَقُلْ إِنِّي) : الواو عاطفة. قل : فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. إنّي : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إنّ» أي وقل لهم والجملة من «إنّ» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إنّ». أنا : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. النذير : خبر المبتدأ «أنا» مرفوع بالضمة. المبين : صفة ـ نعت ـ للنذير مرفوع مثله بالضمة. أو يكون «أنا» في محل نصب توكيدا لضمير المتكلم ـ الياء ـ في «إنّي» ويكون «النذير» خبر «إنّ» و «النذير» من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أي المنذر.

(كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) (٩٠)

٣٣٣

(كَما أَنْزَلْنا) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب مفعول به بفعل مضمرة يفسره المذكور بعده أو يكون متعلقا بقوله ـ ولقد آتيناك ـ أي أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون وعلى هذا المعنى يكون الكاف نائبا أو صفة لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف بتقدير : أنزلنا إنزالا مثل إنزالنا على المقتسمين. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة أو تكون مصدرية. أنزلنا : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «أنزلنا ..» صلة الموصول لا محل لها أي أنزلنا القرآن.

(عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) : جار ومجرور متعلق بأنزلنا وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد.

(الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (٩١)

(الَّذِينَ جَعَلُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة ـ نعت ـ للمقتسمين. جعلوا : الجملة الفعلية وما بعدها صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(الْقُرْآنَ عِضِينَ) : مفعولا «جعلوا» منصوبان وعلامة نصب «القرآن» الفتحة و «عضين» الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد.

(فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٩٢)

(فَوَ رَبِّكَ) : الفاء استئنافية. الواو واو القسم ـ حرف جر ـ ربّك : اسم مجرور بواو القسم ـ مقسم به ـ وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف .. التقدير : أقسم قسما بربك أيّها النبيّ.

٣٣٤

(لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) : الجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها. اللام واقعة في جواب القسم المحذوف. نسألنّ : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. ونون التوكيد لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أجمعين : توكيد لضمير الغائبين «هم» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض عن حركة المفرد .. وفي السؤال تقريع ووعيد لهم أي للذين جزّءوا القرآن.

** (وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والسبعين .. أصحاب الأيكة : هم قوم شعيب. و «الأيكة» : الغيضة : وهي مجتمع الشجر الكثيف الكثير الملتف على بعضه بين ساحل البحر الأحمر ومدين.

** (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثمانين .. والحجر : هي منازل ثمود عند وادي القرى. وقيل : أصحاب الحجر : هم ثمود. و «الحجر» هو واديهم وقيل : أول من نحت الجبال والصخور والرخام هم «ثمود» وبنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلّها من الحجارة كقوله تعالى في سورة «الفجر» : (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ) أي قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتا كقوله تعالى (وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) وفي الآية الكريمة المراد بالمرسلين ـ أي الرسل ـ هم «صالح» عليه‌السلام وجاء بصيغة الجمع لأن تكذيب رسول هو تكذيب لباقي الرسل.

** (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والثمانين. التقدير : فأخذتهم صيحة العذاب الشديد وقت الصباح أي وهم داخلون في الصباح وبعد حذف المضاف إليه «العذاب» عوض المضاف «صيحة» عن المضاف إليه بالألف واللام.

** (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الخامسة والثمانين .. المعنى : فاعف العفو الجميل. يقال : صفح عن الذنب ـ يصفح ـ صفحا ـ من باب «نفع» بمعنى : عفا عنه .. وصفح عن الأمر : بمعنى : أعرض عنه وتركه. وصفحت الكتاب وتصفّحته : أي قلبت صفحاته وهي وجوه الأوراق. و «الصفح» من كل شيء : هو جانبه.

** (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والثمانين .. المعنى : ولقد منحناك سبعا أي سبع آيات من التي تثنّى وهي الفاتحة وقيل سبع سور وهي الطوال وسابعها الأنفال والتوبة. والمثاني : من التثنية فإنّ كلّ ذلك مثنّى تكرر قراءته في كل ركعة. وعطف «القرآن» على «سبعا» وهو عطف عام ـ كلّ ـ على خاص ـ جزء ـ وبعد حذف المضاف إليه «آيات .. أو سور ..» نوّن آخر «سبع» فصار «سبعا».

** (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الثامنة والثمانين بمعنى : وتواضع للمؤمنين .. لأنّ «خفض الجناح» هو كناية عن التواضع بلين ورفق. والفعل «خفض» من باب «ضرب».

٣٣٥

(عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩٣)

(عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) : مكونة من «عن» حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بنسألنّ. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «كانوا يعملون» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما كانوا يعملونه.

(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (٩٤)

(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) : الفاء استئنافية. اصدع : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت بمعنى : فاجهر. الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق باصدع. تؤمر : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. والجملة الفعلية «تؤمر» صلة الموصول لا محل لها وحذفت صلة الموصول «الجار» التقدير : بما تؤمر به. ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالباء التقدير : بأمرك أو بأمرنا إياك. وجملة «ما» صلة حرف مصدري لا محل لها.

(وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اصدع» وتعرب مثلها. عن المشركين : جار ومجرور متعلق بأعرض وكسر آخر «عن» لالتقاء الساكنين. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى وأعرض عن إجابتهم.

(إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (٩٥)

٣٣٦

(إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» المدغم بنون «إنّ» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إنّ». كفيناك : الجملة الفعلية وما بعدها : في محل رفع خبر «إنّ» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول. المستهزئين : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٩٦)

(الَّذِينَ يَجْعَلُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ للمستهزئين. يجعلون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها أو يكون الاسم الموصول في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : وهم الذين ..

(مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بيجعلون بمعنى : يتخذون : وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. إلها : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. آخر : صفة ـ نعت ـ للموصوف «إلها» منصوب مثله بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن أفعل.

(فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) : الفاء استئنافية أو سببية ويجوز أن تكون واقعة في جواب شرط مقدر. سوف : حرف استقبال ـ تسويف ـ للمستقبل. يعلمون : تعرب إعراب «يجعلون» وهي لا محل لها.

(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) (٩٧)

(وَلَقَدْ نَعْلَمُ) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق بمعنى لقد علمنا. نعلم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. أو تكون اللام واقعة وفي جواب قسم مقدر أي وتالله لقد ..

٣٣٧

(أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «أنّ» و «أنّ» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «نعلم». يضيق : فعل مضارع مرفوع بالضمة. صدرك : فاعل مرفوع بالضمة. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. والجملة الفعلية «يضيق صدرك» في محل رفع خبر «أنّ».

(بِما يَقُولُونَ) : الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بيضيق والجملة الفعلية «يقولون» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما يقولونه من الشرك والطعن في الإسلام أو بما يقولونه من أقاويل الطاغين فيك وفي القرآن. أو تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر التقدير والمعنى : بأقوالهم.

(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (٩٨)

(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) : الفاء استئنافية. سبّح : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. بحمد : جار ومجرور متعلق بسبّح. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان ويجوز أن يتعلق «بحمد» بحال من ضمير «سبّح» التقدير : حامدا.

(وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) : الواو عاطفة. كن : فعل أمر ناقص مبني على السكون وحذفت الواو ـ أصله كون ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. من الساجدين : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن الحركة والتنوين في الاسم المفرد وبمعنى فنزّه ربّك تنزيها مقرونا بالتحميد.

٣٣٨

(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (٩٩)

(وَاعْبُدْ رَبَّكَ) : معطوف بالواو على «سبح» ويعرب إعرابه. ربّك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة أي ودم على عبادة ربّك.

(حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) : حرف غاية وجر بمعنى : إلى أن. يأتيك : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «حتى» وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. اليقين : فاعل مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية «يأتيك اليقين» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحتّى والجار والمجرور متعلق باعبد.

** (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والتسعين .. المعنى : جعلوه أجزاء. و «عضين» جمع «عضة» وأصلها : عضوة على وزن «فعلة» وعن عكرمة : العضة : بمعنى : السحر بلغة قريش يقولون للساحر : عاضهة. وقيل : العضة. هي القطعة من الشيء والجزء منه ولامها واو محذوفة. والأصل : عضوة والجمع : عضون .. على غير قياس مثل «سنين».

** (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والتسعين .. أي فاجهر بما تؤمر .. قال الفيومي : هذا القول الكريم فعله من باب «نفع» نحو : صدعت الشيء ـ أصدعه ـ صدعا : أي شققته فانصدع وصدعت القوم صدعا فتصدعوا بمعنى : فرّقتهم فتفرّقوا والقول الكريم مأخوذ من هذا المعنى : أي شقّ جماعاتهم بالتوحيد وقيل : افرق بذلك بين الحق والباطل. وقيل : أظهر ذلك. ومنه : صدعت بالحق : أي تكلمت به جهارا.

** (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) : هذا القول الكريم هو نصّ الآية الكريمة الخامسة والتسعين .. المعنى : إنّا كفيناك شرّ المستهزئين من المشركين المكّيين وهم خمسة من رؤساء مكة : الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث والحارث بن الطلاطلة كفاهم الله بالإهلاك جميعا في يوم واحد. وبعد حذف المضاف «شر» أقيم المضاف إليه «المستهزئين» مقامه.

** (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم ورد في آخر الآية الكريمة السادسة والتسعين وفيه حذف مفعول «يعلمون» اختصارا التقدير : فسوف يعلمون أنّهم ضالّون أو فسوف يعلمون عاقبة أمرهم في الدارين.

** (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والتسعين .. أي متى يأتيك الموت .. سمّي باليقين لأنه أمر حتميّ أي حتم يقين .. فدم على عبادة ربك ولا تخلّ بالعبادة.

٣٣٩

سورة النحل

معنى السورة : النحل : هو الشيء المعطى .. نحو : نحلته ـ أنحله ـ نحلا : بمعنى : أعطيته شيئا من غير عوض. والمصدر «نحلا» بضم النون. و «النحل» بفتح النون اسم وهو جمع «نحلة» بفتح النون أيضا وهو اسم «حشرة» تمتصّ الزهر لغذائها وتعطي العسل وسمّيت بذلك لأنّ الله نحل الناس عسلها : أي أعطاهم عسلها الذي يخرج منها .. والعسل : هو لعاب النحلة وهو لفظة مذكّرة وقد يؤنث. وهو أيضا دبس الرطب .. ومن اشتقاقاته : المعسول ـ اسم مفعول ـ يقال : هذا رجل معسول الكلام : بمعنى : حلو المنطق طيّب النعمة. ويقال : شرت العسل : أي جنيته.

تسمية السورة : وردت لفظة «النحل» مرة واحدة في القرآن الكريم في سورة سميت بها في قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) أي ممّا يبنون من البيوت المسقوفة أي ذات السقوف .. من عرش ـ يعرش ـ عرشا .. من باب «ضرب» وباب «نصر» بمعنى : بنى بناء من خشب .. وعرش البيت وعرّشه ـ بتشديد الراء : بمعنى : رفع سقفه وعرش البيت : هو سقفه وسمّيت بيوت مكة المكرّمة عرشا ـ بضم العين والراء ـ لأنها كانت عيدانا تنصب ويظلل عليها ومثل «العرش» : العريش .. وجمعه : عروش وهو أيضا خيمة من خشب أو عيدان وفوقها نبات.

فضل قراءة السورة : قال نبيّ الرحمة والإنسانية محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «النحل» لم يحاسبه الله بما أنعم عليه في دار الدنيا وإن مات في يوم تلاها أو ليلة كان له من الأجر كالذي مات وأحسن الوصية «صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم». وعن هرم بن حيّان أنّه قيل له حين احتضر ـ بضم التاء وكسر الضاد أي حين حضرته الوفاة .. أوص. فقال : إنّما الوصيّة من المال ولا مال لي وأوصيكم بخواتم سورة «النحل» وهي جمع «نحلة» بفتح النون .. أما «النحلة» بكسر النون فمعناها : المذهب .. الديانة .. الدعوى .. العطية .. الهبة.

٣٤٠