المدارس النحويّة

الدكتور شوقي ضيف

المدارس النحويّة

المؤلف:

الدكتور شوقي ضيف


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار المعارف
الطبعة: ٧
الصفحات: ٣٧٥

الماضى» (١). ويتوقف بإزاء اختيار المصنف للضمير المتصل فى مثل «كنته وخلتنيه» مخالفا بذلك سيبويه الذى كان يختار كما قدمنا الضمير المنفصل فيقال «كنت إياه وخلتنى إياه» ، قائلا : «وافق الناظم [للألفية] أى ابن مالك فى التسهيل سيبويه على اختيار الانفصال فى باب خلتنيه لأنه خبر مبتدأ فى الأصل وقد حجزه عن الفعل منصوب آخر بخلاف هاء كنته فإنها خبر مبتدأ فى الأصل ولكنه شبيه بهاء ضربته فى أنه لم يحجزه إلا ضمير مرفوع ، والمرفوع كجزء من الفعل. أما ما اختاره الناظم هنا فهو مختار الرمانى وابن الطراوة» (٢). وعلى هذا النحو لا يزال يقابل آراء ابن مالك فى الألفية على آرائه فى التسهيل وآراء النحاة المختلفين من بصريين وكوفيين وبغداديين وأندلسيين ومصريين ، وكثيرا ما يفصح عن رأيه مبينا وجهة نظره.

وتظل الدراسات النحوية ناشطة فى العصر العثمانى ، ويتكاثر الشراح وأصحاب الحواشى ، ومن أشهرهم فى القرن الحادى عشر الهجرى الشنوانى المتوفى سنة ١٠١٩ والدنوشرى المتوفى سنة ١٠٢٥ والشيخ يس صاحب حاشية التصريح على التوضيح المتوفى سنة ١٠٦١. ويلقانا فى القرن الثانى عشر الهجرى الحفنى المتوفى سنة ١١٧٨ ومحمد الأمير وله حاشية على المغنى مطبوعة فرغ من تأليفها ـ كما قال فى خاتمتها ـ سنة ١١٨٨. ولعل أكثر أصحاب الحواشى والشروح فى هذا العصر شهرة الصبان (٣) محمد بن على المتوفى سنة ١٢٠٦ للهجرة ، وله مصنفات مختلفة فى المنطق والعروض والبلاغة ، وأهم مصنفاته حاشية على شرح الأشمونى ، وقد طبعت مرارا ، ونراه يقول فى فاتحتها إنه سيلخص فيها زبد ما كتبه على هذا الشرح أعلام النحو السابقون مع تنبيهه على كثير مما وقع لهم من أسقام الأفهام وأوهام الأذهان ، ومع جلبه فرائد من بنات فكره ، تقرّ بها عين الناظر. وربما كان أكثر من عارضهم فى حاشيته أستاذه الحفنى ، وكانت له هو الآخر حاشية على الأشمونى ، ويكنى دائما عنه بكلمة «البعض» (٤). وهو يحمل مادة واسعة من خلافات النحاة يكمل

__________________

(١) الشرح المذكور ١ / ٥٧.

(٢) شرح الأشمونى ١ / ١٠٣.

(٣) راجع فى ترجمة الصبان تاريخ الجبرتى ٢ / ٢٢٧ والخطط التوفيقية ٣ / ٨٤.

(٤) انظر المقدمة ١ / ٢ وقابل ب ١ / ٢٢ ، ٤٣ وفى مواضع مختلفة.

٣٦١

بها ما ذكره الأشمونى فى شرحه ، كما يحمل مادة واسعة من الاعتراضات والأجوبة.

ونمضى إلى العصر الحديث ، ويلقانا فى فاتحته الشيخ محمد (١) الدسوقى المتوفى سنة ١٢٣٠ ه‍ / ١٨١٥ م وكان يتصدر للإقراء فى الأزهر ، وله حاشية مطولة على المغنى لابن هشام ، وهى مطبوعة بمصر مرارا ، وتضم بين دفّتيها عتاد الشروح والحواشى التى وضعت على المغنى منذ ألفه صاحبه ، وتضم أيضا مباحث لغوية وأصولية مختلفة. وللشيخ حسن (٢) العطار المتوفى سنة ١٢٥٠ ه‍ / ١٨٣٤ م حاشية مختصرة على شرح الأزهرية للشيخ خالد الأزهرى طبعت بمصر مرارا. وربما كانت أهم الحواشى التى ألفت بمصر بعد ذلك حاشية الشيخ محمد الخضرى الدمياطى على ابن عقيل وقد توفى سنة ١٨٧٠ م ، وهى تمتاز بالوضوح وغزارة المادة وخاصة فى بيان الخلافات النحوية وفى عرض آراء النحاة المتأخرين وخلاصة ما حشدوه فى حواشيهم وشروحهم من اعتراصات وأجوبة وحجج وأدلة. ومنذ أن أنشئت دار العلوم فى القرن الماضى يعم بمصر اتجاه جديد فى تصنيف النحو تصنيفا يقصد به إلى تيسيره على الناشئة ، وتلك وجهة أخرى غير وجهات المدارس التى حاولنا تصويرها فى هذا الكتاب ، ولعل من الخير أن نعود إلى الوراء ثانية لنترجم ترجمة موجزة للسيوطى ونعرّف تعريفا مختصرا بكتبه وآرائه النحوية.

السيوطى (٣)

هو جلال الدين عبد الرحمن بن أبى بكر بن محمد المتوفى سنة ٩١١ للهجرة ، عكف على الدرس والتحصيل منذ نعومة أظفاره ، ولم يلبث أن أخذ فى التأليف والتدريس للطلاب فى المدرستين الشيخونية والبيبرسية. وهو أغزر العلماء المصريين

__________________

(١) انظر فى ترجمة الدسوقى تاريخ الجبرتى ٤ / ٢٣١.

(٢) انظر فى ترجمة العطار تاريخ الجبرتى ٤ / ٢٣٣ والخطط التوفيقية ٤ / ٤٨ وتاريخ الآداب العربية فى القرن التاسع عشر لشيخو ١ / ٥١.

(٣) راجع فى ترجمة السيوطى ترجمته لنفسه فى حسن المحاضرة ١ / ١٨٨ والضوء اللامع ج ٤ رقم ٢٠٣ والكواكب السائرة ١ / ٢٢٦ والبدر الطالع ١ / ٣٢٨ والنور السافر للعيدروسى ص ٥٤ وذيل الطبقات الكبرى للشعرانى ص ٤.

٣٦٢

فى عصره تأليفا فى جميع الميادين : فى التفسير والحديث والفقه والتاريخ والتراجم واللغة والنحو. ومن أنفس كتبه اللغوية كتابه «المزهر فى علوم اللغة» وهو يضم مباحث واسعة فى فقه العربية. وله فى النحو مصنفات مختلفة ، منها شرحه لمغنى ابن هشام وشرحه لشواهده ، وكتاب الاقتراح فى أصول النحو ، ألّفه كما يقول فى مقدمته على هدى كتاب الخصائص لابن جنى ، وقد لخص فيه جميع ما يتعلق بتلك الأصول ، ورجع أيضا إلى كتابى «لمع الأدلة» و «الإغراب فى جدل الإعراب» لابن الأنبارى ، وأخذ من الأول لبابه وأدخله فى ثنايا كتابه وضم خلاصة الثانى إلى مباحثه فى العلة. وهو يتناول فى الكتاب السماع والإجماع والقياس والاستصحاب والأدلة والتعارض والترجيح بين مذهبى البصريين والكوفيين ، ويتضح فى الأبواب الأخيرة أثر استضاءته بعلم أصول الفقه.

ومن مصنفاته فى أصول النحو وقواعده الكلية كتاب الأشباه والنظائر المطبوع مثل سالفه بحيدر آباد فى الهند ، وهو فى أربعة مجلدات ، وفيه يطبق على العربية المنهج الذى اتخذه الفقهاء فى مصنفاتهم للأشباه والنظائر فى الفقة ، ويصرح بذلك فى مقدمته له. ونراه يستعرض أهم ما ألفه الفقهاء فى هذا الموضوع. قائلا إنه وضع كتابه فى العربية على ضوء كتاب القاضى تاج الدين السبكى ، ما عدا صدره فإنه استلهم فيه كتاب الزركشى ، والكتابان جميعا فى الأشباه والنظائر الفقهية. وكتاب السيوطى موزع على سبعة فنون : الأول فن القواعد والأصول التى تردّ إليها الجزئيات والفروع .. وهو ـ كما يقول ـ معظم الكتاب ومهمه ، والثانى فن الضوابط والاستثناءات والتقسيمات ، والثالث فن بناء المسائل بعضها على بعض ، والفن الرابع فن معرفة الجمع والفرق ، والخامس فن الألغاز والأحاجى والمطارحات ، والسادس فن المناظرات والمحاورات والفتاوى ، والسابع فن الأفراد والغرائب.

وله فى قواعد النحو والتصريف كتاب «همع الهوامع شرح جمع الجوامع» وهو موسوعة ضخمة لآراء النحاة فى تلك القواعد من بصريين وكوفيين وبغداديين وأندلسيين ومصريين ، ومع كل رأى حججه وأدلته ، جمعها من نحو مائة مصنف ، لعل أهمها ارتشاف الضّرب لأبى حيان. وهو يتعقب فيه آراء النحاة حتى عصره ،

٣٦٣

مستقصيا لها استقصاء دقيقا ، على نحو ما يتضح من ذكرنا له الدائم فى هوامش هذا الكتاب. ومن حين لآخر تلقانا آراؤه النحوية ، وهى فى جمهورها اختيارات من آراء سابقيه ، من ذلك أنه كان يختار ـ وفاقا لأبى حيان ـ أن الأسماء قبل تركيبها فى العبارات لا مبنيّة ولا معربة لعدم الموجب لكل منهما (١). وجاء عن العرب «وجدنى» فى وجدننى مع نون الإناث ، واختلف النحاة أى النونين المحذوفة : نون الوقاية أو نون الإناث ، وقال سيبويه : نون الإناث واختار قوله ابن مالك ، وقال المبرد وابن جنى وأبو حيان : نون الوقاية ، لأن الأولى ضمير فاعل فلا تحذف ، واختار السيوطى رأيهم (٢). وكان البصريون يمنعون تقديم الظرف والجار والمجرور المتعلقين بالصلة على الموصول ، بينما كان الكوفيون ـ ومعهم السيوطى ـ يجيزون ذلك مطلقا (٣). وقد صوّب رأى أستاذه الكافيجى فى إعراب «بحسبك درهم» إذ كان يرى أن بحسبك خبر مقدم ودرهم مبتدأ مؤخر (٤). واختار رأى الكوفيين فى أن المبتدأ والخبر مترافعان كل منهما يرفع صاحبه (٥). وفى باب كاد يقول : «زعم قوم أن نفى كاد إثبات للخبر وإثباتها نفى له ، وشاع ذلك على الألسنة .. والتحقيق أنها كسائر الأفعال نفيها نفى وإثباتها إثبات إلا أن معناها المقاربة لا وقوع الفعل فنفيها نفى لمقاربة الفعل ، ويلزم منه نفى الفعل ضرورة أن من لم يقارب الفعل لم يقع منه الفعل ، وإثباتها إثبات لمقاربة الفعل ولا يلزم من مقاربته وقوعه ، فقولك كاد زيد يقوم معناه قارب القيام ولم يقم ومنه (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) أى يقارب الإضاءة (٦). وكان الجمهور يذهب فى مثل «لا أبالك» إلى أن أبا مضافة إلى المجرور باللام الزائدة وذهب الفارسى ـ وتبعه السيوطى ـ إلى أن أبا مفردة جاءت على لغة القصر والمجرور باللام هو الخبر ، يقول : «وإنما اخترت رأى أبى على لسلامته من التأويل والزيادة والحذف وكلها خلاف الأصل» (٧). ويقول فى باب النداء إن ابن مالك ذهب

__________________

(١) الهمع ١ / ١٩.

(٢) الهمع ١ / ٦٥.

(٣) الهمع ١ / ٨٨.

(٤) الهمع ١ / ٩٣.

(٥) الهمع ١ / ٩٥.

(٦) الهمع ١ / ١٣٢.

(٧) الهمع ١ / ١٤٥.

٣٦٤

إلى أن النداء بالهمزة قليل ويذكر أنه وقف على أكثر من ثلاثمائة شاهد لها وأنه لذلك أفردها بتأليف خاص (١). ويعرض الآراء المختلفة فى سبب بناء «الآن» ويختار أنها معربة بالنصب على الظرفية (٢) ، كما يختار عدم بناء المضاف لبناء المضاف إليه فى مثل يومئذ ، متابعا فى ذلك ابن مالك (٣) ، ويتابع الشلوبين فى أن الجملة المفسرة تكون ذات محل أو غير ذات محل حسب ما تفسره (٤) ، كما يتابع الفارابى فى أن رب تأتى للتقليل غالبا وللتكثير نادرا (٥). وعلى هذا النحو لا يزال السيوطى يختار لنفسه من مذاهب النحويين ما يتجه عنده تعليله وما يراه أكثر سدادا. وهو بذلك يجرى فى اتجاه مدرسته التى كان أفرادها من المصريين لا يزالون يتخيرون من الآراء النحوية ما تستقيم حججه وبراهينه.

__________________

(١) الهمع ١ / ١٧٣.

(٢) الهمع ١ / ٢٠٨.

(٣) الهمع ١ / ٢١٨ وما بعدها.

(٤) الهمع ١ / ٢٤٨.

(٥) الهمع ٢ / ٢٥.

٣٦٥

خاتمة

هذا البحث موزّع على ثلاثة أقسام ، أما القسم الأول فخاص بمدرسة البصرة ، وقد تحدثت فيه عن وضع البصرة للنحو ، مصوّرا الأسباب التى دفعت إلى ذلك ، وكيف أن جهود أبى الأسود الدّؤلى وتلاميذه إنما تقف عند أول نقط يحرّر حركات أواخر الكلمات فى الذكر الحكيم وكذلك عند أول نقط للحروف المعجمة فى المصاحف تمييزا لها من الحروف المهملة.

وأول نحوى بصرى بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة نجد عنده مقدمات واضحة لوضع قواعد النحو هو ابن أبى إسحق الحضرمى ، وخلفه تلاميذه البصريون يتقدمهم عيسى بن عمر ، يتشددون فى اطراد القواعد النحوية مع دعمها بالعلل والأقيسة ، ومع الاستقراء الدقيق لقراءات القرآن الكريم مشتقين قواعدهم منها ومما كان يجرى على أفواه العرب الفصحاء فى بوادى نجد والحجاز وتهامة. وكانت الكوفة حتى منتصف القرن الثانى الهجرى مشغولة عن ذلك كله بترتيل القرآن ورواية الشعر والأخبار ، ولم تكن قد بلغت من الرقى العقلى ما بلغته البصرة ، مما أتاح لها وضع النحو وقواعده وأصوله وضعا نهائيّا. وللخليل بن أحمد فى ذلك القدح المعلّى ، فهو الذى أقام صرح النحو ، وهو الذى شاد قواعده وأركانه بحيث لم يعد فيها أى أمت أو عوج أو انحراف ، وهو الذى صاغ قوانين أبنيته واشتقاقاته وإعلالاته وإبدالاته ، وهو الذى ضبط نظرية العوامل والمعمولات وبسط ظلالها على جميع الكلمات والعبارات وكلّ ما يتصل بها من تقديرات وتأويلات واحتمالات ، وهو الذى أرسى قواعد السماع والتعليل والقياس ، فلا بد أن يشتقّ كل قانون نحوى إما من استقراءات القراءات للذكر الحكيم وإما من مشافهة البدو الخلّص الذين لم تفسد سلائقهم ولا ألسنتهم ، ولا بد لكل قانون من علة أو علل عقلية تسنده ، ولا بد له من أن يقوم على القياس ، قياسا يجرى على الكثرة المطردة من كلام العرب ، ويتسع ليجرى عليه كل ما ينشئ النحاة من صياغات

٣٦٦

بقصد تمرين الناشئة. ويخلفه على هذه المادة النحوية العلمية الخصبة تلميذه سيبويه ، ويعكف عليها محللا مستنبطا ، وما يلبث أن يؤلف فيها «الكتاب» الذى أحاط فيه بأصول النحو وقواعده ودقائقه والذى لم يترك فيه ظاهرة من ظواهره إلا أتقنها علما وفقها وتحليلا ، ولم يعن فيه عناية واسعة بالحدود والتعريفات ، إنما عنى بالتقسيمات والتفريعات ، وكأنما كان يعنيه المنطق العملى بأكثر مما كان يعنيه المنطق النظرى التجريدى. ولا نبالغ إذا قلنا إنه هو الذى أعطى نظرية العوامل والمعمولات كل ما اتصفت به من حدّة ومناهج صارمة فى الحذف والتقدير. وكان لا يبارى فى تحليل العبارات وبيان ما يداخلها من وفرة الاحتمالات الإعرابية. ووضع نصب عينيه استقراء كلام العرب الفصحاء والنقل عن القرّاء ، بحيث لا يسجّل شارة نحوية دون شاهد أو مثال ، مع الإكثار من التعليلات لا للقواعد المطردة فحسب ، بل أيضا للأمثلة الشاذة ، ومع وصل ذلك كله دائما بالأقيسة المنطقية السديدة. وحمل الأخفش الأوسط تلميذه الكتاب عنه ، وأخذ يقرئه تلاميذه من البصريين كما أقرأه الكسائى ، وهو فى تضاعيف ذلك يضيف مادة غزيرة من التعليلات ، مع فتحه الأبواب للإدلاء بآراء نحوية جديدة. وبذلك أعدّ النحاة من بعده كى تكثر اجتهاداتهم ، ولا شك فى أنه هو الذى ألهم الكسائى إمام الكوفة أن ينفذ إلى مذهب نحوى مستقل يقابل مذهب المدرسة البصرية ، يدل على ذلك أكبر الدلالة التقاؤه معه فى كثير من الآراء النحوية ، بل أيضا التقاؤه بعامة مع أئمة المدرسة الكوفية. وقد مضوا يتابعونه ـ باستثناء الفرّاء ـ فى الاحتجاج للقراءات الشاذة بأقوال العرب وما كانوا ينشدونه من أشعار. وفسح أيضا للأشعار النادرة الخارجة على مقاييس مدرسته ، وخالف سيبويه والخليل فى كثير من المسائل النحوية والصرفية ، مع نثره لكثير من الآراء والمقترحات ، مما يدل دلالة واضحة على خصب ملكاته. وأخذ عنه الكتاب قطرب والجرمى ، ولهما فى النحو آراء كثيرة تدل على بعد غورهما ودقتهما فى التفكير والاستنباط. وأنبه منهما وأشهر المازنى رفيق الجرمى ووارث حلقته ، وله فى النحو آراء طريفة ، وهو الذى فصل التصريف عنه وصنّف فيه مصنفات قيمة نظّم فيها قواعده ومسائله ، وجعله علما مستقلا بأبنيته وأقيسته وتمارينه. وخلفه تلميذه المبرد وهو آخر أئمة

٣٦٧

المدرسة البصرية النابهين ، وكان يكثر من التعليلات والأقيسة ونثر الآراء ، كما كان ينكر بعض القراءات الشاذة مثل أستاذه المازنى والفرّاء الكوفى من قبله. وربما كان أهم تلاميذه الزجاج وابن السراج ، ولهما فى المسائل النحوية خواطر ومقترحات كثيرة ، وتلاهما السيرافى شارح كتاب سيبويه ، وهو فيه يتسع فى التعليلات والتأويلات والتخريجات ، ويعدّ خاتمة نحاة البصرة المهمين.

والقسم الثانى من الكتاب خاص بمدرسة الكوفة ، وقد بدأت البحث فيها بالحديث عن نشأة النحو الكوفى وطوابعه ، ونقضت ما يقال من أن نشاط الدراسات النحوية فى الكوفة بدأ مبكرا عند الرّواسى وأن معاذا الهرّاء الكوفى معاصره وضع علم الصرف ، إذ لا شك فى أن القول بذلك إنما هو ضرب من الوهم والبعد فى الخيال ، والصحيح أن هذا النشاط إنما بدأ بدأ حقيقيّا مع الكسائى وتلميذه الفرّاء. فهما اللذان رسما حدود النحو الكوفى وفصوله ووضعا أسسه وأصوله ، بحيث أصبح للكوفة مدرسة نحوية تستقل بطوابع خاصة من حيث الاتساع فى الرواية والقياس ومن حيث وضع مصطلحات جديدة وما يجرى معها من عوامل ومعمولات. وبتوضيح هذه الطوابع المستقلة نقضت ما زعمه قايل من أنه لم تكن للكوفة مدرسة نحوية خاصة ، كما نقضت ما توهمه بعض المعاصرين من بغدادية الفراء لما فى ذلك من مخالفة لطبائع الأشياء ، إذ لم تكن المدرسة البغدادية قد نشأت حتى عصره ، وأيضا فإنه هو الذى أعطى النحو الكوفى صيغته النهائية ، ولولاه ما استقام هذا النحو ولا وضع منهاجه ولا صحّحت حدوده ولا فصّلت مصطلحاته. وقد ثبّت الكسائى أستاذه الأسس الأولى للمدرسة ، وكان يكثر من الخلاف على سيبويه والخليل فاسحا فى قواعده للغات الشاذة ولغات البدو من أهل الحاضرة كما فسح لبعض القراءات الشاذة ، وكان أحيانا يتجاوز السماع محتكما إلى حسه اللغوى. ودائما نجده يلتمس مخالفة المدرسة البصرية فى التوجيهات الإعرابية. وكان ينهج نهجه تلاميذه وخاصة هشاما الضرير ، وألمعيّهم الفراء ، وهو ـ كما أسلفنا آنفا ـ الذى رسّخ أصول النحو الكوفى وفروعه وصاغ مصطلحاته ورفعها علما منصوبا ، مع ما نثره من الخواطر التى لا تكاد تحصى فى تفسير بعض الأدوات وفى العوامل والمعمولات ، وهو لا يبارى فى تحليله لآى الذكر الحكيم وتوجيهاته لما يجرى فيها

٣٦٨

من إعراب. ومع أنه كان يتسع ـ على هدى أستاذه ـ فى بسط ظلال السماع والقياس على الصيغ والعبارات نجده يتوقف أحيانا وخاصة إزاء بعض القراءات الشاذة ، بل إنه ليصوغ توقفه أحيانا فى صورة إنكار عنيف ، وهو بذلك يعد الملهم الحقيقى للبصريين الذين جاءوا من بعده وحملوا على بعض القراءات من مثل المازنى والمبرد ، وهى حملات لم يكن يراد بها ـ كما ظن بعض المعاصرين ـ الطعن على قرّاء الذكر الحكيم ، إنما كان يراد بها التثبت الدقيق إزاء ما رسم فى المصاحف. وأهم خالفى الفراء فى إمامة المدرسة الكوفية ثعلب ، وهو يعدّ شارحا لآراء إمامى المدرسة : الفراء والكسائى أكثر منه مستنبطا للآراء النحوية الجديدة. ومن أنبه تلاميذه أبو بكر بن الأنبارى ، وكان حاذقا فطنا فدعم النحو الكوفى بكثير من العلل القويمة السديدة. وظل هذا النحو حيّا وظل علمه خفاقا حتى العصور المتأخرة ، على نحو ما يلقانا فى القرن الثامن الهجرى عند ابن آجروم الصنهاجى المغربى.

وأما القسم الثالث فيتناول ثلاث مدارس ، أولها المدرسة البغدادية ، وقد لاحظت أنه تداولها جيلان : أول ، ثم ثان ، أما الجليل الأول فغلبت عليه النزعة الكوفية على نحو ما نجد عند ابن كيسان ، وإلى هذا الجليل يرجع الفضل فى دعم المدرسة الكوفية بالبراهين والأدلة والتعليلات البينة ، مما ينقض زعم فايل من أن الاحتجاجات التى ساقها صاحب الإنصاف للكوفيين من عمل بصريين متأخرين ، وهى من عمل البغداديين الأولين الذين نبهوا فى النحو الكوفى ، وصنّفوا فيه محتالين له بالحجج والعلل ، ثم درسوا النحو البصرى ، ومزجوا بين النحوين. وأما الجيل الثانى فكانت تغلب عليه النزعة البصرية على نحو ما يلقانا عند الزجاجى وأبى على الفارسى وابن جنى ، ويكثر الأخيران من الحديث عن البصريين باسم «أصحابنا» مما جعل بعض المعاصرين أو قل كثرتهم يظنون أنهما بصريان حقّا ، وهما بغداديان أصيلان ، إذ كانا يمزجان ـ مثل الزجاجى وابن كيسان وأضرابهما ـ بين آراء المدرسة البصرية وآراء المدرسة الكوفية ، نافذين مع ذلك إلى آراء جديدة كثيرة. وقد أوضحت هذه الأصول التى اعتنقها البغداديون عند ابن كيسان والزجاجى. وكان عقل أبى على الفارسى خصبا إلى أبعد حد ، وكأنه كان كنزا

٣٦٩

سيّالا. ونرى تلميذه ابن جنى فى كتابه الخصائص يعترف دائما بأنه هو الذى فتح له هذا الباب أو ذاك فاكّا لطلاسمه وألغازه ومثيرا لمشاكله ومسائله. وكان تارة ينتخب لنفسه من الآراء البصرية ، وتارة ثانية ينتخب من الآراء الكوفية ، وتارة ثالثة يجتهد وينفرد بآرائه ، موثقا لها بالسماع والتعليل الرائق والقياس الثاقب. وعلى أقباس من هذا المنهج البغدادى للفارسى استضاء ابن جنى فى آرائه النحوية ، فمرة يوافق البصريين ومرة يوافق الكوفيين ، وقد يخالفهما جميعا كما يخالف البغداديين الأولين ، وهو كذلك قد يوافق أستاذه وقد يخالفه حسب ما يرشده إليه اجتهاده. وربما كان أروع أعماله وضعه لأصول التصريف الكلية على نحو ما يرى القارئ فى كتابه الخصائص. وقد استطاع هو وأستاذه بقوة شخصيتيهما أن يدفعا النحاة من بعدهما فى اتجاههما ، فقلما ظهر نحوى لم ينضو تحت لوائهما مستظهرا لمنهجهما وما أخذا به أنفسهما من الاختيار الحر من آراء المدرستين البصرية والكوفية وكذلك من آرائهما مع محاولة الاجتهاد والنفوذ إلى استنباط آراء جديدة على نحو ما يلقانا عند الزمخشرى وابن الشجرى وأبى البركات بن الأنبارى وأبى البقاء العكبرى وابن يعيش.

وأخذت أبحث بعد ذلك فى المدرسة الأندلسية ، وحاولت أن أستبين خطواتها الأولى فى اتصالها بالمدرستين الكوفية والبصرية ، وكيف استقام لها منذ القرن الخامس الهجرى تمثّل المنهج البغدادى ، مع الإكثار من التفريعات والتعليلات واستنباط الآراء ، ولا يكاد يمرّ عصر أو تمر فترة دون أن يظهر هناك إمام نحوى كبير ، بل مجموعة من الأئمة الكبار ، وقد حاولت الإحاطة بهم وبآرائهم ، بادئا بالأعلم الشنتمرى ، ومتحولا منه على الترتيب إلى ابن السيد البطليوسى وابن الباذش وابن الطراوة وابن الرمّاك وابن طاهر والسهيلى والجزولى وابن خروف والشلوبين وابن هشام الخضراوى. وعرضت فى إيجاز ثورة ابن مضاء على النحو ومباحثه لتضخم ما شاع فيه بسبب نظرية العامل من تقديرات وتأويلات وأقيسة وتعليلات وتفريعات لا تكاد تنحصر ، كما عرضت لابن عصفور واختياراته من آراء البصريين والكوفيين والبغداديين واجتهاداته المستقلة. وبسطت القول فى ابن مالك واجتهاداته واختياراته وكيف كان يذكر الشواذ ولا يقيس عليها مثل الكوفيين ، وأيضا لا يؤوّلها

٣٧٠

مثل البصريين ، مع تذليله لمشاكل النحو وصعابه. وربما كان أبو حيان أهم من خلفوه من الأندلسيين ، وهو شديد العصبية لسيبويه والبصريين ، وكان يتأثر ابن مضاء ، فدعا مرارا وتكرارا إلى عدم التعلق بالتعليلات ، وخاصة فى المسائل النظرية ، وهاجم التمارين غير العملية ، مما لم يجر على ألسنة العرب ، وهو يكثر من الرد على ابن مالك ، كما يكثر من اقتراح الآراء.

وانتهيت إلى المدرسة المصرية ، ورأيتها فى أول نشأتها شديدة النزوع إلى المدرسة البصرية ، حتى إذا كان القرن الرابع الهجرى أخذت مسرعة تترسم منهج المدرسة البغدادية وما شرعته من تصويب آراء المدرسة البصرية تارة وتصويب آراء المدرسة الكوفية تارة ثانية ، مع تركهما تارة ثالثة والأخذ بآراء المدرسة البغدادية ، ومع النفوذ إلى آراء اجتهادية تارة رابعة ، على نحو ما يصور ذلك من بعض الوجوه أبو جعفر النحاس وخالفوه من مثل الحوفى وابن بابشاذ وابن برىّ. وتنشط هذه المدرسة نشاطا واسعا منذ العصر الأيوبى ويتكاثر أعلام النحاة فيها من مثل سليمان ابن بنين وابن معط وابن الرماح والسخاوى وبهاء الدين بن النحاس وابن أم قاسم. وقد فصّلت الحديث فى ابن الحاجب وآرائه سواء ما اتفق فيه مع بعض النحاة من المدارس السابقة وما خالف فيه جمهورهم. وأنبه نحاة هذه المدرسة على الإطلاق ابن هشام وآيته الكبرى كتابه «مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب» وقد نهج فى تأليفه نهجا ليس له سابقة ولا لاحقة ، إذ قسمه إلى مبحثين كبيرين : مبحث فى الأدوات ووظائفها وصور استخدامها ، ومبحث فى الجملة وقوانين النحو الكلية. ولم يكد يترك مسألة نحوية فى هذا الكتاب وفى كتابه التوضيح دون أن يحاول الإحاطة فيها بآراء النحاة مع مناقشتها مناقشة بارعة ، ومع نثر كثير من الملاحظات والآراء الطريفة. ومنهجه بعامة هو منهج المدرسة البغدادية على نحو ما كان يتصوره أبو على الفارسى وابن جنى ، ولعل ذلك هو الذى دفعه فى أغلب اختياراته لوقوفه مع سيبويه وجمهور البصريين ، مع فتحه الأبواب دائما للاختيار من آراء الكوفيين والبغداديين والأندلسيين. وظلت الدراسات النحوية بعده ناشطة فى مصر ، إذ يتكاثر فيها الشرّاح وأصحاب الحواشى والمصنفات النحوية المختلفة ، على نحو ما يلقانا عند ابن عقيل شارح الألفية ، وابن الصائغ صاحب التذكرة ،

٣٧١

والدمامينى شارح المغنى ، والكافيجى شارح قواعد الإعراب لابن هشام ، والشيخ خالد الأزهرى شارح التوضيح له أيضا ، والأشمونى شارح الألفية ، والصبان وله حاشية على هذا الشرح. ويستمر نشاط هؤلاء الشراح فى العصر الحديث على نحو ما يلقانا عند الدسوقى وله حاشية مطولة على المغنى وعند الشيخ حسن العطار وله حاشية على شرح الأزهرية للشيخ خالد الأزهرى ، وعند الشيخ محمد الخضرى ، وله حاشية على شرح ابن عقيل السالف. ولا جدال فى أن السيوطى ألمع نحاة مصر بعد ابن هشام ، وله فى النحو مصنفات مختلفة ، منها ما يتناول أصوله مثل كتاب «الاقتراح» وكتاب «الأشباه والنظائر» ومنها ما يتناول قواعده مثل «همع الهوامع» وهو موسوعة جامعة لآراء النحاة فى المدارس السالفة على مر الأجيال والعصور ، ومن حين إلى حين ينتخب لنفسه من آرائهم ما يراه مصيبا ، وقد يشتقّ لنفسه بعض الآراء الجديدة.

٣٧٢

فهرس الموضوعات

مقدمة....................................................................... ٥ ـ ٨

القسم الأول المدرسة البصرية................................................ ٩ ـ ١٥٠

الفصل الأول : البصرة واضعة النحو....................................... ١١ ـ ٢٩

١ ـ أسباب وضع النحو.................................................... ١١

٢ ـ صنيع أبى الأسود الدؤلى وتلاميذه........................................ ١٣

٣ ـ البصرة تضع النحو..................................................... ١٧

٤ ـ أوائل النحاة : ابن أبى إسحق ، عيسى بن عمر الثقفى أبو عمرو بن العلاء ، يونس بن حبيب      ٢٢

الفصل الثانى : الخليل................................................... ٣٠ ـ ٥٦

١ ـ نشاطه العقلى والعلمى................................................. ٣٠

٢ ـ إقامته صرح النحو والتصريف............................................ ٣٣

٣ ـ العوامل والمعمولات..................................................... ٣٨

٤ ـ السماع والتعليل والقياس................................................ ٤٦

الفصل الثالث : سيبويه................................................. ٥٧ ـ ٩٣

١ ـ نشاطه العلمى......................................................... ٥٧

٢ ـ الكتاب.............................................................. ٥٩

٣ ـ التعريفات والعوامل والمعمولات........................................... ٦٣

٤ ـ السماع والتعليل والقياس................................................ ٨٠

الفصل الرابع : الأخفش الأوسط وتلاميذه............................... ٩٤ ـ ١٢٢

١ ـ الأخفش الأوسط...................................................... ٩٤

٣٧٣

٢ ـ قطرب.............................................................. ١٠٨

٣ ـ أبو عمر الجرمى...................................................... ١١١

٤ ـ أبو عثمان المازنى..................................................... ١١٥

الفصل الخامس : المبرد وأصحابه....................................... ١٢٣ ـ ١٥٠

١ ـ المبرد............................................................... ١٢٣

٢ ـ الزجاج.............................................................. ١٣٥

٣ ـ ابن السراج.......................................................... ١٤٠

٤ ـ السيرافى............................................................. ١٤٥

القسم الثانى : المدرسة الكوفية........................................... ١٥١ ـ ٢٤٢

الفصل الأول : نشأة النحو الكوفى وطوابعه............................. ١٥٣ ـ ١٧١

١ ـ النشأة.............................................................. ١٥٣

٢ ـ النحو الكوفى يشكل مدرسة مستقلة.................................... ١٥٥

٣ ـ الاتساع فى الرواية والقياس............................................. ١٥٩

٤ ـ المصطلحات وما يتصل بها من العوامل والمعمولات........................ ١٦٥

الفصل الثانى : الكسائى وتلاميذه..................................... ١٧٢ ـ ١٩١

١ ـ نشاطه العلمى....................................................... ١٧٢

٢ ـ تأسيسه للمدرسة الكوفية............................................. ١٧٥

٣ ـ تلاميذ الكسائى..................................................... ١٨٦

٤ ـ هشام بن معاوية الضرير............................................... ١٨٨

الفصل الثالث : الفراء............................................... ١٩٢ ـ ٢٢٣

١ ـ نشاطه العلمى....................................................... ١٩٢

٢ ـ وضعه النهائى للنحو الكوفى ومصطلحاته................................ ١٩٥

٣ ـ العوامل والمعمولات................................................... ٢٠٥

٤ ـ بسط السماع والقياس وقبضهما حتى فى القراءات......................... ٢١٤

٣٧٤

الفصل الرابع : ثعلب وأصحابه........................................ ٢٢٤ ـ ٢٤٢

١ ـ ثعلب.............................................................. ٢٢٤

٢ ـ أصحاب ثعلب : أبو بكر بن الأنبارى.................................. ٢٣٧

٣ ـ كوفيون متأخرون..................................................... ٢٤٠

القسم الثالث : مدارس مختلفة........................................... ٢٤٣ ـ ٣٦٥

الفصل الأول : المدرسة البغدادية...................................... ٢٤٥ ـ ٢٨٧

١ ـ نشوء المدرسة البغدادية : ابن كيسان ، الزجاجى.......................... ٢٤٥

٢ ـ أبو على الفارسى..................................................... ٢٥٥

٣ ـ ابن جنى............................................................ ٢٦٥

٤ ـ بغداديون متأخرون : الزمخشرى........................................ ٢٧٦

الفصل الثانى : المدرسة الأندلسية...................................... ٢٨٨ ـ ٣٢٦

١ ـ النشاط النحوى فى الأندلس........................................... ٢٨٨

٢ ـ فى اتجاه المدرسة البغدادية وكثرة التعليلات والآراء : ابن مضاء ، ابن عصفور.. ٢٩٢

٣ ـ ابن مالك........................................................... ٣٠٩

٤ ـ أندلسيون متأخرون : أبو حيان........................................ ٣١٧

الفصل الثالث : المدرسة المصرية....................................... ٣٢٧ ـ ٣٦٥

١ ـ النشاط النحوى فى مصر.............................................. ٣٢٧

٢ ـ فى اتجاه المدرسة البغدادية : ابن الحاجب................................. ٣٣١

٣ ـ ابن هشام........................................................... ٣٤٦

٤ ـ نحاة متأخرون : السيوطى............................................. ٣٥٥

خاتمة................................................................. ٣٦٦ ـ ٣٧٢

٣٧٥