مشكل إعراب القرآن

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني

مشكل إعراب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني


المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣

أن يكون فعلا ماضيا معناه التشديد ، على إظهار (١) التضعيف ؛ لأن إظهار التضعيف في مثل هذا ، لا يجوز إلا في شعر. وكسر السين في «يحسب» وفتحها لغتان مشهورتان ، ويروى أن الكسر لغة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ، وهو جائز في كل فعل مستقبل من «حسب».

٢٦٠١ ـ قوله تعالى : (لَيُنْبَذَنَّ) ـ ٤ ـ هذا الفعل ونظيره مبني على الفتح ، لملاصقة نون التأكيد له ، وفيه ضمير يعود على «الذي». وقرأه (٢) الحسن : «لينبذانّ» على التثنية ، ردّه على المال وصاحبه. وروي عنه : «لَيُنْبَذَنَّ» بضم الذال على الجمع ، ردّه على الهمزة واللّمزة والمال.

٢٦٠٢ ـ قوله تعالى : (وَمٰا أَدْرٰاكَ مَا الْحُطَمَةُ) ـ ٥ ـ. قد تقدم (٣) ذكرها.

٢٦٠٣ ـ قوله تعالى : (نٰارُ اللّٰهِ) ـ ٦ ـ رفع على إضمار : هي[نار اللّه] (٤) ؛ ابتداء وخبر.

٢٦٠٤ ـ قوله تعالى : (مُؤْصَدَةٌ) ـ ٨ ـ من همزه (٥) جعله من : آصدت الباب ، إذا أطبقته ، لغة معروفة. ومن لم يهمزه[ففيه وجهان] (٤) ؛ جعله مخففا من الهمز ، ويجوز أن يكون جعله من : أوصدت ؛ لغة مشهورة أيضا فيه ، وهو مثل قولهم : وكّدت وأكّدت ، [والتأكيد والتوكيد» بمعنى ، وأرّخت الكتاب وورّخته ، لغتان. وقوله تعالى : (بِالْوَصِيدِ) (٦) يدل على أوصدت بالواو ، [ولو كان من «آصدت» كان «بالأصيد»] (٧).

__________________

(١) في الأصل : «إضمار».

(٢) الإتحاف ص ٤٤٣ ؛ وتفسير القرطبي ١٨٤/٢.

(٣) انظر فقرة : (٢٣٢٠).

(٤) زيادة في الأصل.

(٥) وهي قراءة أبي عمرو وحفص وحمزة ويعقوب وخلف ، والباقون بالواو ، كما في الإتحاف ص ٤٤٣.

(٦) سورة الكهف : الآية ١٨.

(٧) زيادة في الأصل.

٨٠١

٢٦٠٥ ـ قوله تعالى : (فِي عَمَدٍ) ـ ٩ ـ من قرأه (١) بفتحتين ، جعله اسما للجمع ، لأنّ باب «فعول وفعيل وفعال» أن يجمع على «فعل» نحو : كتاب وكتب ، ورسول ورسل ، ورغيف ورغف. وقد قالوا : أديم وأدم ، وأفيق وأفق (٢) ، فهذا بمنزلة : عمود وعمد بالفتح.

__________________

(١) قرأ حمزة والكسائي وخلف وأبو بكر بضم العين والميم من «عمد» ، وقرأ الباقون بفتحهما. النشر ٣٨٦/٢ ؛ والإتحاف ص ٤٤٣ ؛ وانظر الكشف ٣٨٩/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٨٥/٢٠.

(٢) الأديم : الجلد المدبوغ. والأفيق : الجلد الذي لم يدبغ. وقيل : هو الذي لم تتم دباغته. انظر : تفسير القرطبي ١٨٦/٢٠ ، وحاشيته.

٨٠٢

مشكل إعراب سورة

«الفيل»

٢٦٠٦ ـ قوله تعالى : (كَيْفَ فَعَلَ) [رَبُّكَ] ـ ١ ـ «كيف» ظرف زمان ، والعامل فيه «فعل» ، ولا يعمل فيه «ألم تر» ؛ لأن فيه معنى الاستفهام [الذي له صدر الكلام] (١) ، ولا يعمل فيه ما قبله ، وإنما بني لمشابهته الألف ، وبني على الفتح لسكون ما قبله ، ولم تكسر الفاء فيه لأن قبله ياء ، والكسرة بعد الياء ثقيلة.

٢٦٠٧ ـ قوله تعالى : (أَبٰابِيلَ) ـ ٣ ـ واحدها «إبّول» كعجّول وعجاجيل. وقيل : واحدها «إبّيل» ، كسكّين وسكاكين. وقيل : واحدها «إبّال» ، كدينار ودنانير ؛ وأصل دينار : دنّار ؛ دليله تكرير النون في الجمع والتصغير. وقيل : هو جمع لا واحد له. وقيل : هو اسم للجمع.

٢٦٠٨ ـ قوله تعالى : (تَرْمِيهِمْ) ـ ٤ ـ في موضع نصب نعت ل‍ «طير» (٢) ، وكذلك «أبابيل» نعت ل‍ «طير» كأنه (٣) [قال] : جماعات متفرّقة.

٢٦٠٩ ـ قوله تعالى : (كَعَصْفٍ) ـ ٥ ـ الكاف في موضع نصب مفعول ثان ل‍ «جعل» ، لأنّه بمعنى «صيّر».

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) في الأصل : «للطير».

(٣) في الأصل : «كأنها».

٨٠٣

مشكل إعراب سورة

«قريش»

٢٦١٠ ـ قوله تعالى : (لِإِيلاٰفِ قُرَيْشٍ) ـ ١ ـ اللام متعلقة عند الأخفش بقوله : فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ) (١) ، أي : فعل ذلك بهم ، لتأتلف قريش ؛ وهذا بعيد بإجماع الجميع على جواز الوقف على آخر (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ) (٢). وقيل : اللام متعلقة بفعل مضمر تقديره : اعجبوا لإيلاف قريش ، رحلة الشتاء والصيف ، وتركهم عبادة ربّ هذا البيت ، وهو مذهب الفراء (٣). وقال الخليل (٤) : اللام متعلقة بقوله : (فَلْيَعْبُدُوا) ، كأنّه قال : لأن ألّف اللّه قريشا إيلافا فليعبدوا ربّ هذا البيت (٥).

٢٦١١ ـ قوله تعالى : (إِيلاٰفِهِمْ) ـ ٢ ـ بدل من الأوّل لزيادة البيان ، كما تقول : سمعت كلامك كلامك زيدا. و «إيلاف» مصدر فعل رباعي. ومن قرأه (٦) «إلفهم» جعله مصدر فعل ثلاثي. وأجاز الفراء (٧)

__________________

(١) سورة الفيل : الآية ٥.

(٢) سورة الفيل : الآية ١.

(٣) معاني القرآن ٢٩٣/٣.

(٤) الكتاب ٤٦٤/١.

(٥) انظر : كتاب اللامات ، للزجاجي ؛ ص ٨٠ ؛ ومغني اللبيب ص ٢٠٩ ؛ والبحر المحيط ٥١٣/٨.

(٦) قرأ أبو جعفر بهمزة مكسورة من غير ياء ، وقرأ الباقون بالهمزة وياء ساكنة بعدها. النشر ٣٨٦/٢ ؛ والإتحاف ص ٤٤٤ ؛ وفي الكشف ٣٨٩/٢ : «قرأه ابن عامر بغير ياء بعد الهمزة في الأول ... وقرأ الباقون بياء بعد الهمزة».

(٧) معاني القرآن ٢٩٣/٣.

٨٠٤

«إيلافهم» بالنصب على المصدر.

٢٦١٢ ـ قوله تعالى : (رِحْلَةَ الشِّتٰاءِ وَالصَّيْفِ) ـ ٢ ـ نصب ب‍ «إيلافهم» ، [وفيه لغتان : حكى (١) أبو عبيد : ألفته ، وآلفته ؛ وعلى ذلك قرئ «لإيلاف». و «لإلف» من ألف وآلف].

__________________

(١) في(ظ) : «حكاهما».

٨٠٥

مشكل إعراب سورة

«أرأيت»

٢٦١٣ ـ قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي) ـ ١ ـ من خفّف الهمزة (١) جعلها بين الهمزة والألف ، وقيل : أبدل منها ألفا ، وجاز إبدال الألف منها ، وبعدها ساكن ، لأنّ الألف يقع بعدها الساكن المشدد ، على مذهب جميع النحويين ، ويقع بعدها الساكن غير المشدد على مذهب يونس وأبي عمرو والكوفيين ، ومنع من ذلك سيبويه والمبرد. ويجوز حذف الهمزة ؛ وبه قرأ الكسائي ، وتكون «أَرَأَيْتَ» من رؤية القلب ، والمفعول الثاني محذوف ؛ وفيه بعد في الإعراب والحذف ، وهو أمكن في المعنى من رؤية العين ، ويكون من رؤية العين ، فلا يحتاج إلى حذف.

__________________

(١) قرأ بتسهيل الهمزة الثانية نافع وأبو جعفر ، وزاد الأزرق إبدالها ألفا مع المد للساكنين ، وحذفها الكسائي. الإتحاف ، ص ٤٤٤.

٨٠٦

مشكل إعراب سورة

«الكوثر»

٢٦١٤ ـ [قوله تعالى : (إِنّٰا أَعْطَيْنٰاكَ) ـ ١ ـ]

أصل «إِنّٰا» إنّنا ، فحذفت إحدى النونات[الثلاث] (١) لاجتماع الأمثال ، والمحذوفة هي الثانية بدلالة جواز حذفها في «إنّ» ، فتقول : إن زيدا (٢) لقائم ، فتحذف الثانية وتبقى الأولى على سكونها ساكنة. ولو كانت المحذوفة هي الأولى ، لبقيت الثانية متحرّكة ؛ لأنها كذلك كانت قبل الحذف. ولا يجوز حذف الثالثة ؛ لأنها هي الاسم (٣).

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) في الأصل : «زيد».

(٣) في(ح ، ظ ، ق ، ك) : «ولا يجوز حذف الثانية لأنها من الاسم».

٨٠٧

مشكل إعراب سورة

«الكافرون» (١)

٢٦١٥ ـ قوله تعالى : (اَلْكٰافِرُونَ) ـ ١ ـ

نعت ل‍ «أي» ، ويجوز حذفه ؛ لأنّه هو المنادى في المعنى. ولا يجوز عند أكثر النحويين نصبه ، كما جاز : يا زيد الظريف ، بالنصب ، [على النعت على موضع «زيد» ؛ لأنه في موضع نصب بالنداء] (٢) ، وقد مضى شرحه. و «ما» في الأربعة المواضع (٣) ، في موضع نصب بالفعل الذي قبل كل واحدة ، وهي بمعنى الذي ، والهاء محذوفة من الفعل الذي بعد كل واحدة ، أي تعبدونه ، وأعبده ، وعبدتموه. وقيل : «ما» والفعل مصدر ، فلا تحتاج على هذا (٤) إلى تقدير حذف.

__________________

(١) في الأصل : «قل يا أيها الكافرون».

(٢) زيادة في الأصل.

(٣) أي في الآيات : (٢ ، ٣ ، ٤ ، (٥).

(٤) في الأصل : «مع».

٨٠٨

مشكل إعراب سورة

«الفتح» (١)

٢٦١٦ ـ قوله تعالى : (إِذٰا جٰاءَ نَصْرُ اللّٰهِ) ـ ١ ـ «العامل في «إِذٰا» «جٰاءَ» ، وقد تقدم شرحه (٢).

٢٦١٧ ـ قوله تعالى : (يَدْخُلُونَ) ـ ٢ ـ حال من «النّٰاسَ» ، لأنّ «رَأَيْتَ» من رؤية العين.

٢٦١٨ ـ قوله تعالى : (أَفْوٰاجاً) ـ ٢ ـ نصب على الحال من المضمر في «يَدْخُلُونَ» ، وهو العامل فيه. و «أفواج» جمع «فوج» ، وقياسه «أفوج» ؛ إلا أنّ الضمة تستثقل في الواو ، فشبّهوا «فعلا» ب‍ «فعل» ، فجمعوه جمعه.

__________________

(١) في(ح ، ظ ، ق) : «النصر».

(٢) انظر فقرة(٢٥٨(٦).

٨٠٩

مشكل إعراب سورة

«تبّت»

٢٦١٩ ـ قوله تعالى : (مٰا أَغْنىٰ عَنْهُ مٰالُهُ وَمٰا كَسَبَ) ـ ٢ ـ «مٰا» في موضع نصب ب‍ «أَغْنىٰ» ، وهي استفهام اسم تام. وقيل : «مٰا» نفي ، ومفعول «أَغْنىٰ» محذوف ، تقديره : ما أغنى عنه ماله وكسبه شيئا.

٢٦٢٠ ـ قوله تعالى : (وَمٰا كَسَبَ) ـ ٢ ـ [«مٰا»] عطف على «ماله» ، وهي بمعنى الذي. أو مع الفعل مصدر ، أي كسبه. ولا بدّ من تقدير هاء محذوفة إذا جعلتها بمعنى الذي ، [أي كسبه].

٢٦٢١ ـ قوله تعالى : (وَامْرَأَتُهُ حَمّٰالَةَ الْحَطَبِ) ـ ٤ ـ «امْرَأَتُهُ» عطف على المضمر في «سَيَصْلىٰ». و «حَمّٰالَةَ». رفع (١) على إضمار «هي» ، ابتداء وخبر. وقيل : «امْرَأَتُهُ» رفع بالابتداء ، و «حَمّٰالَةَ» خبره ، وقيل : الخبر : (فِي جِيدِهٰا حَبْلٌ) ، [ابتداء وخبر ، في موضع الخبر. وكذلك رفع «الحبل» بالاستقرار ، والجملة خبر امرأته] ، و «حَمّٰالَةَ» نعت للمرأة. وإذا جعلت «حمالة» الخبر ، كان قوله تعالى : (فِي جِيدِهٰا حَبْلٌ) ابتداء وخبره ؛ في موضع الحال من المضمر في «حَمّٰالَةَ» ، وكذلك إذا جعلت «وامرأته حمالة» ابتداء وخبرا (٢) ، جاز أن تكون الجملة في موضع الحال من الهاء في «أَغْنىٰ عَنْهُ». وقيل : [إنّ] «في جيدها حبل» خبر ثان ل‍ «امْرَأَتُهُ» (٣).

__________________

(١) الرفع في «حمالة» قراءة العامة ، وقرأ عاصم بالنصب. تفسير القرطبي ٢٤٠/٢٠.

(٢) في الأصل : «وخبر» بالرفع.

(٣) الكشف ٣٩٠/٢ ؛ ومعاني القرآن ٢٩٨/٣ ؛ والبيان ٥٤٤/٢.

٨١٠

مشكل إعراب سورة

«الإخلاص»

٢٦٢٢ ـ قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ) ـ ١ ـ «هُوَ» ابتداء ، وهو إضمار الحديث أو الخبر أو الأمر ، و «اللّٰهُ» ابتداء ، و «أَحَدٌ» خبره ، والجملة خبر عن «هُوَ» ، تقديره : قل يا محمد : الحديث الحقّ اللّه أحد. وقد قرأ (١) أبو عمرو بحذف التنوين من «أَحَدٌ» لالتقاء الساكنين.

٢٦٢٣ ـ قوله تعالى : (اَللّٰهُ الصَّمَدُ) ـ ٢ ـ ابتداء وخبر ، وقيل : «الصَّمَدُ» نعت ل‍ «اللّٰهُ» ، وما بعده خبر. وقيل : «الصَّمَدُ» رفع على إضمار مبتدأ ، والجملة خبر عن «اللّٰهُ» جلّ ذكره. وقيل : هي جملة ، خبر بعد خبر عن «هُوَ». وقيل : «اللّٰهُ» بدل من «أَحَدٌ». وقيل : هو بدل من اسم «اللّٰهُ» الأولى ؛ وإنما وقع هذا التكرير في الصفات ، للتعظيم والتفخيم ، ولذلك أظهر الاسم بعد أن تقدم مظهرا ، وكان حقّه أن يكون الثاني مضمرا لتقدّم ذكره مظهرا ، لكن إظهاره آكد في التعظيم والتفخيم ، وكذلك : (فَأَصْحٰابُ الْمَيْمَنَةِ مٰا أَصْحٰابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحٰابُ الْمَشْئَمَةِ مٰا أَصْحٰابُ الْمَشْئَمَةِ) (٢) مثله ، (واَلْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ) (٣) و (اَلْقٰارِعَةُ (١) مَا الْقٰارِعَةُ) (٤) ، فأعيد الاسم

__________________

(١) وقرأ به أيضا أبان بن عثمان ، وزيد بن علي ، ونصر بن عاصم ، وابن سيرين ، والحسن ، وابن أبي إسحاق ، وأبو السمال. البحر المحيط ٥٢٨/٨.

(٢) سورة الواقعة : الآيتان ٨ ، ٩.

(٣) سورة الحاقة : الآيتان ١ ، ٢.

(٤) سورة القارعة : الآيتان ١ ، ٢.

٨١١

مظهرا ، وقد تقدّم مظهرا ، وذلك للتعظيم والتفخيم ، ولمعنى التعجب الذي فيه. وكذلك قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرُوا اللّٰهَ إِنَّ اللّٰهَ) (١) ، وكان حقّه كلّه أن يعاد مضمرا ، لكن أظهر لما ذكرنا. وإنما وقعت «هو» كناية في أول الكلام ، لأنها بعد كلام جرى على جواب سائل ، لأن اليهود سألت النبيّ ـ عليه السّلام ـ أن يصف لهم ربّه وينسبه لهم ، فأنزل اللّه تعالى : قل يا محمد «قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ» ، أي : الحديث الذي سألتم عنه «اللّه أحد اللّه الصمد» إلى آخر السورة.

وقال الأخفش والفرّاء : هو كناية عن مفرد ، و «اللّٰهُ» خبره ، و «أَحَدٌ» بدل من «اللّٰهُ» تعالى. وأصل «أَحَدٌ» : وحد ، فأبدلوا من الواو همزة ، وهو قليل في الواو المفتوحة. و «أَحَدٌ» بمعنى «واحد». [قال ابن (٢)الأنباري : «أحد» بمعنى «واحد» ، سقطت الألف منه على لغة من يقول : «وحد» في «الواحد» ، وأبدلت الهمزة من الواو المفتوحة (٣) كما أبدلت في قولهم : امرأة أناة ، أصلها : وناة ، من ونى يني ، إذا فتر ، ولم يسمع إبدال الهمزة من الواو المفتوحة ، إلاّ في «أحد» و «أناة»].

وقيل : أصل «أحد» : وأحد ، فأبدلوا من الواو همزة ، فاجتمع همزتان ، فحذفت الواحدة تخفيفا ، فهو «وأحد» في الأصل. وقد قيل : إنّ «أحدا» بمعنى «الأول» ، لا إبدال فيه ولا تغيير ، بمنزلة : اليوم الأحد ، وكقولهم : لا أحد في الدار. وفي «أحد» فائدة ليست في «واحد» ؛ لأنك إذا قلت : لا يقوم لزيد (٤) واحد ، جاز أن يقوم له اثنان فأكثر ، وإذا قلت : لا يقوم له أحد ، نفيت الكلّ ، وهذا إنما يكون في النفي خاصّة ؛ فأما في الإيجاب فلا يكون فيه ذلك المعنى. و «أحد» إذا كان بمعنى «واحد» وقع في الإيجاب ،

__________________

(١) سورة المزمل : الآية ٢٠.

(٢) لفظ «ابن» سقط من : (ح).

(٣) في(ح) : «والمفتوحة».

(٤) في الصفحات التالية بياض شمل بعض أطراف أسطر الأصل ، وقد أكمل النقص من : (ح).

٨١٢

تقول : مرّ بنا أحد ، أي واحد ، فكذا (قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ) ، أي واحد.

٢٦٢٤ ـ قوله تعالى : (لَمْ يَلِدْ) ـ ٣ ـ أصله يولد ، فحذفت الواو كحذفها من «يزن» و «يعد» ، وقد مضى ذكره مكررا.

٢٦٢٥ ـ قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ـ ٤ ـ «أَحَدٌ» اسم «كان» ، و «كُفُواً» خبر «كان» ، و «لَهُ» ملغى. وقيل : «لَهُ» الخبر ، وهو قياس قول سيبويه (١) ، لأنه يقبح عنده إلغاء الظرف إذا تقدّم ، وخالفه المبرد ، وأجازه على غير قبح ، واستشهد بالآية ، ولا شاهد للمبرد (٢) في الآية ، لأنّه يمكن أن تكون «كُفُواً» حالا من «أَحَدٌ» مقدّما ؛ لأن نعت النكرة إذا تقدّم عليها نصب على الحال ؛ [كما قالوا : وقع أمر فجأة] (٣).

__________________

(١) الكتاب ، لسيبويه ٢٧/١.

(٢) في الأصل و (د) : «له».

(٣) زيادة في الأصل ، وانظر : الكشف ٣٩١/٢ ؛ والبيان ٥٤٧/٢ ؛ والعكبري ١٦٠/٢ ؛ والبحر المحيط ٥٢٨/٨.

٨١٣

مشكل إعراب سورة

«الفلق»

٢٦٢٦ ـ قوله تعالى : (مِنْ شَرِّ مٰا خَلَقَ) ـ ٢ ـ «ما» بمعنى الذي ، والضمير محذوف من الصلة ، ودلّ ذلك على أنّ اللّه تعالى خالق كل شيء ؛ [من خير وشر] (١). وكذا إن جعلت «مٰا» والفعل مصدرا ، دلّ على ذلك ، إلاّ أنه لا ضمير محذوف من الكلام.

من قرأ «من شرّ» بالتنوين ، فقد ألحد وغيّر اللفظ والمعنى ؛ لأنه يجعل «ما» نفيا ، ويقدّم «من» ، وهي متعلقة عنده ب‍ «خلق» ، فيقدم ما بعد النفي عليه ؛ وذلك لا يجوز عند جميع النحويين ، لأنّ تقديره عنده : ما خلق من شرّ ، فيخرج الكلام عن حدّه ومعناه ، ويصير إلى النفي (٢) ، فبعد (٣) ما هو دعاء وتعوّذ يصير خبرا[نفيا]معترضا بين تعوّذين ، وذلك إلحاد ظاهر ، وخطأ بيّن.

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) في الأصل : «الخبر».

(٣) في الأصل : «فيعود».

٨١٤

مشكل إعراب سورة

«الناس»

٢٦٢٧ ـ قوله تعالى : (بِرَبِّ النّٰاسِ) ـ ١ ـ أصل «الناس» عند سيبويه (١) «أناس» ، والألف واللام بدل من الهمزة. [قال ابن الأنباري : «الناس» جمع لا واحد له من لفظه ، بمنزلة الإبل (٢) والخيل والنّعم ، والغزاة والقضاة ، لا واحد لهذه الجموع من لفظها ؛ قال : و «الإنسان» ليس بواحد «الناس» ، و «القاضي» ليس بواحد «القضاة» ، قال : ووزن «الناس» من الفعل «فعل» ، وأصله «نسي» من نسيت ، فأخرت العين وقدّمت اللام ، فصارت في الحكم «نيسا» ، فصارت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قال : وقال بعض النحويين : «الناس» أصله «الأناس» ، فسهّلت الهمزة ، وأبدل نون من لام التعريف الساكنة ، وأدغمت في النون التي بعدها ، فصارت نونا مشددة ، كما قال اللّه جلّ ذكره : (لٰكِنَّا هُوَ اللّٰهُ رَبِّي) (٣) ، يريد : لكن أنا ، والفراء يبطل هذا الجواب ، ويقول : وجدنا العرب تقول في التصغير : «نويس» ، قال الفرّاء : ولو كان ما قالوا صحيحا لقيل في التصغير : أنيس وأنيّس].

٢٦٢٨ ـ قوله تعالى : (مَلِكِ النّٰاسِ وإِلٰهِ النّٰاسِ) ـ ٢ ، ٣ ـ بدل من «ربّ» أو نعت له.

__________________

(١) الكتاب ٣٠٩/١ ، ٣١٠.

(٢) في(ح) : «الناس».

(٣) سورة الكهف : الآية ٣٨.

٨١٥

٢٦٢٩ ـ قوله تعالى : مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّٰاسِ ـ ٦ ـ «الناس» خفض عطف على اَلْوَسْوٰاسِ ـ ٤ ـ أي من شرّ الوسواس والناس. ولا يجوز عطفه على «الْجِنَّةِ» لأن الناس لا يوسوسون في صدور الناس ، إنما يوسوس الجنّ ، فلما استحال المعنى حملته على العطف على «الْوَسْوٰاسِ».

تم الكتاب بحمد اللّه ونعمته

وذلك في جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ، وهو حسبنا ونعم

الوكيل ، فصحّ إن شاء اللّه ، والحمد للّه رب العالمين

٨١٦

الفهارس

١ ـ فهرس السور والمقدمة

٢ ـ فهرس الآیات المستشهد بها

٣ ـ فهرس الحدیث

٤ ـ فهرس الشعر

٥ ـ فهرس الاعلام والتراجم

٦ ـ فهرس القبائل والجماعات والاماکن

٧ ـ فهرس المصادر والمراجع

٨١٧

١ ـ فهرس السور والمقدمة

مقدمة التحقيق............................................................. ١ ـ ٢٦

مقدمة المؤلف.................................................................. ٢٧

مشكل إعراب الاستفتاح........................................................ ٢٩

١ ـ مشكل إعراب سورة الحمد................................................... ٣٣

٢ ـ مشكل إعراب سورة البقرة.................................................... ٣٩

٣ ـ مشكل إعراب سورة آل عمران.............................................. ١٢٦

٤ ـ مشكل إعراب سورة النساء................................................. ١٦٧

٥ ـ مشكل إعراب سورة المائدة.................................................. ١٩٧

٦ ـ مشكل إعراب سورة الأنعام................................................. ٢٢٨

٧ ـ مشكل إعراب سورة الأعراف............................................... ٢٦٥

٨ ـ مشكل إعراب سورة الأنفال................................................ ٢٩٥

٩ ـ مشكل إعراب سورة التوبة.................................................. ٣٠٧

١٠ ـ مشكل إعراب سورة يونس................................................ ٣٢٣

١١ ـ مشكل إعراب سورة هود................................................. ٣٣٩

١٢ ـ مشكل إعراب سورة يوسف............................................... ٣٥٨

١٣ ـ مشكل إعراب سورة الرعد................................................ ٣٧٥

٨١٨

١٤ ـ مشكل إعراب سورة إبراهيم............................................... ٣٧٩

١٥ ـ مشكل إعراب سورة الحجر................................................ ٣٨٧

١٦ ـ مشكل إعراب سورة النحل................................................ ٣٩٤

١٧ ـ مشكل إعراب سورة بني إسرائيل........................................... ٤٠٣

١٨ ـ مشكل إعراب سورة الكهف.............................................. ٤١٣

١٩ ـ مشكل إعراب سورة مريم................................................. ٤٢٤

٢٠ ـ مشكل إعراب سورة طه.................................................. ٤٣٦

٢١ ـ مشكل إعراب سورة الأنبياء............................................... ٤٤٨

٢٢ ـ مشكل إعراب سورة الحج................................................. ٤٥٥

٢٣ ـ مشكل إعراب سورة المؤمنين............................................... ٤٦٤

٢٤ ـ مشكل إعراب سورة النور................................................. ٤٧٤

٢٥ ـ مشكل إعراب سورة الفرقان............................................... ٤٨٥

٢٦ ـ مشكل إعراب سورة الشعراء............................................... ٤٩٣

٢٧ ـ مشكل إعراب سورة النمل................................................ ٤٩٧

٢٨ ـ مشكل إعراب سورة القصص............................................. ٥٠٦

٢٩ ـ مشكل إعراب سورة العنكبوت............................................ ٥١٤

٣٠ ـ مشكل إعراب سورة الروم................................................. ٥٢١

٣١ ـ مشكل إعراب سورة لقمان................................................ ٥٢٦

٣٢ ـ مشكل إعراب سورة السجدة.............................................. ٥٢٩

٣٣ ـ مشكل إعراب سورة الأحزاب............................................. ٥٣٣

٣٤ ـ مشكل إعراب سورة سبأ.................................................. ٥٤٢

٣٥ ـ مشكل إعراب سورة فاطر................................................. ٥٥٠

٣٦ ـ مشكل إعراب سورة يس.................................................. ٥٥٥

٣٧ ـ مشكل إعراب سورة الصافات............................................. ٥٦٥

٣٨ ـ مشكل إعراب سورة ص.................................................. ٥٧٥

٣٩ ـ مشكل إعراب سورة الزمر................................................. ٥٨٣

٨١٩

٤٠ ـ مشكل إعراب سورة المؤمن................................................ ٥٨٧

٤١ ـ مشكل إعراب سورة السجدة(فصلت)...................................... ٥٩٢

٤٢ ـ مشكل إعراب سورة الشورى.............................................. ٥٩٧

٤٣ ـ مشكل إعراب سورة الزخرف.............................................. ٦٠٢

٤٤ ـ مشكل إعراب سورة الدخان.............................................. ٦٠٧

٤٥ ـ مشكل إعراب سورة الجاثية................................................ ٦١٢

٤٦ ـ مشكل إعراب سورة الأحقاف............................................. ٦١٧

٤٧ ـ مشكل إعراب سورة محمد................................................ ٦٢٢

٤٨ ـ مشكل إعراب سورة الفتح................................................ ٦٢٦

٤٩ ـ مشكل إعراب سورة الحجرات............................................. ٦٣٠

٥٠ ـ مشكل إعراب سورة ق................................................... ٦٣٣

٥١ ـ مشكل إعراب سورة الذاريات............................................. ٦٣٧

٥٢ ـ مشكل إعراب سورة والطور............................................... ٦٤١

٥٣ ـ مشكل إعراب سورة والنجم............................................... ٦٤٤

٥٤ ـ مشكل إعراب سورة القمر................................................ ٦٤٨

٥٥ ـ مشكل إعراب سورة الرحمن............................................... ٦٥٤

٥٦ ـ مشكل إعراب سورة الواقعة............................................... ٦٥٩

٥٧ ـ مشكل إعراب سورة الحديد............................................... ٦٦٦

٥٨ ـ مشكل إعراب سورة المجادلة............................................... ٦٧٠

٥٩ ـ مشكل إعراب سورة الحشر................................................ ٦٧٤

٦٠ ـ مشكل إعراب سورة الممتحنة.............................................. ٦٧٧

٦١ ـ مشكل إعراب سورة الصف............................................... ٦٧٩

٦٢ ـ مشكل إعراب سورة الجمعة............................................... ٦٨٢

٦٣ ـ مشكل إعراب سورة المنافقون.............................................. ٦٨٤

٦٤ ـ مشكل إعراب سورة التغابن............................................... ٦٨٧

٦٥ ـ مشكل إعراب سورة الطلاق.............................................. ٦٨٩

٦٦ ـ مشكل إعراب سورة التحريم............................................... ٦٩١

٨٢٠