مشكل إعراب القرآن

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني

مشكل إعراب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني


المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣

وأيضا فإن حذفه واعتلاله جرى على غير قياس ، فهذا القول خارج في جمعه واعتلاله عن القياس والسماع. وأيضا فإنه يلزمهم أن يصغّروا «أشياء» على «شويّات» أو على «شييئات» ، وذلك لم يقله أحد ، إنما تصغيره : «أشيّاء» ، وإنما يلزمهم (١) ذلك في التصغير ؛ لأن كل جمع ليس من أبنية أقل العدد ، فحكمه في التصغير أن يردّ إلى واحده ، ثم يصغّر الواحد ، ثم يجمع مصغرا بالألف والتاء ، وبالواو والنون ، إن كان ممن يعقل ؛ ف «أفعلاء» ليس من أبنية أقل العدد ، وأبنية الجمع في أقل العدد أربعة أبنية وهي : «أفعال ، وأفعلة ، وأفعل ، وفعلة» فهذه تصغّر على لفظها ، ولا تردّ إلى الواحد. وقال المازني : سألت الأخفش عن تصغير «أشياء» فقال : «أشيّاء» قال المازنيّ : فقلت له : يجب على قولك أنّها «أفعلاء» أن تردّ إلى الواحد فتصغّره ، ثم تجمعه ، فانقطع الأخفش.

وقال أبو حاتم : «أشياء» أفعال ، جمع شيء ، كبيت وأبيات ، وكان يجب أن ينصرف ، إلا أنه سمع غير مصروف ؛ وهذا القول جار على القياس في الجمع ، لأن «فعلاء» يقع جمعه [كثيرا] على «أفعال» ، لكنّه خارج عن القياس في ترك صرفه ؛ لم يقع في كلام العرب «أفعال» غير مصروف ، فيكون هذا نظيره.

[و] قال بعض أهل النظر : «أشياء» أصلها «أشيئاء» على وزن «أفعلاء» كقول الأخفش ؛ إلا أنّ واحدها «فعيل» كصديق وأصدقاء ، فأعلّ على ما تقدّم من تخفيف الهمزة ، وحذف العوض. وحسن الحذف في الجمع لحذفها من الواحد ، وإنما حذفت من الواحد تخفيفا لكثرة الاستعمال ؛ إذ «شيء» يقع (٢) على كل مسمّى من عرض أو جسم أو جوهر ، فلم ينصرف لهمزة التأنيث في الجمع. وهذا قول حسن جار في الجمع ، وترك الصرف على القياس ، لو لا أنّ التصغير يعترضه كما اعترض الأخفش (٣).

__________________

(١) في(ح ، ق) : «لزمهم».

(٢) في الأصل : «وأشياء يقع».

(٣) انظر : إعراب القرآن للنحاس ٥٢١/١ وقد نقل عنه المؤلف بتصرف ؛ والمقتضب ـ

٢٢١

٧٣٥ ـ قوله تعالى : (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) ـ ١٠١ ـ شرط وجوابه ، والجملة في موضع خفض على النعت ل (أَشْياءَ).

٧٣٦ ـ قوله تعالى : (مِنْ بَحِيرَةٍ) ـ ١٠٣ ـ (مِنْ) زائدة للتوكيد ، و (بَحِيرَةٍ) في موضع نصب ب «جعل».

٧٣٧ ـ قوله تعالى : (حَسْبُنا ما وَجَدْنا) ـ ١٠٤ ـ ابتداء ، وخبره (ما وَجَدْنا)(١).

٧٣٨ ـ قوله تعالى : (إِذا حَضَرَ) ـ ١٠٦ ـ العامل في «إِذا» «شَهادَةُ بَيْنِكُمْ» ، ولا تعمل فيها (الْوَصِيَّةِ) ؛ لأنّ المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف ، وأيضا فإنّ (الْوَصِيَّةِ) مصدر ، فلا يتقدّم ما عمل فيه عليه. والعامل في (حِينَ الْوَصِيَّةِ) أسباب الموت ، كما قال : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ)(٢) ، والقول لا يكون منه بعد الموت ، ولكن معناه : حتى إذا جاء أحدهم أسباب الموت [قال]. وقيل : العامل في (حِينَ) : (حَضَرَ). وقيل : هو بدل من (إِذا) ، فيكون العامل في (حِينَ) الشهادة أيضا.

٧٣٩ ـ قوله تعالى : (اثْنانِ) ـ ١٠٦ ـ مرفوع على خبر (شَهادَةُ) على حذف مضاف تقديره : شهادة اثنين ؛ لأنّ الشهادة لا تكون هي «الاثنان» ؛

__________________

ـ ٣٠/١ ؛ والمنصف ٩٤/٢ ـ ١٠١ ؛ وشرح الرضي للشافية ٢٩/١ ؛ والبيان ٣٠٦/١ ؛ والإنصاف ٤٣٤/٢ ؛ المسألة ١١٨ ؛ والعكبري ١٣٢/١ ؛ والصحاح واللسان والتاج (شيأ).

(١) في هامش(ظ) / ٤٢ أ : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) ـ ١٠٥ ـ : هو اسم الفعل هاهنا ، وبه انتصب (أَنْفُسَكُمْ) ، والتقدير : احفظوا أنفسكم. والكاف والميم في (عليكم) في موضع جر ؛ لأن اسم الفعل هو الجار والمجرور ، و (على)وحدها لم تستعمل اسما للفعل ، بخلاف (رويدكم) ، فإن الكاف والميم هناك للخطاب فقط ، ولا موضع لهما ؛ لأن (رويد) قد استعملت اسما للأمر ، للمواجه من غير كاف الخطاب ، وهكذا قوله : مَكٰانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكٰاؤُكُمْ الكاف والميم في موضع جر أيضا ... أبو البقاء» ؛ انظر العكبري ١٣٢/١.

(٢) سورة المؤمنون : الآية ٩٩.

٢٢٢

إذ الجثث لا تكون خبرا عن المصدر ، فأضمرت مصدرا ليكون خبرا عن مصدر. وكذلك : (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) عطف على (اثْنانِ) ، على تقدير حذف مضاف أيضا ، تقديره : أو شهادة آخرين. وقيل : (إِذا حَضَرَ) هو خبر (شَهادَةُ). و (اثْنانِ) ارتفعا (١) بفعلهما وهو (شَهادَةُ).

٧٤٠ ـ قوله تعالى : (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) ـ ١٠٦ ـ صفة ل (آخَرانِ) في موضع رفع.

٧٤١ ـ قوله تعالى : (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ) إلى قوله : (الْمَوْتُ)(٢) ـ ١٠٦ ـ اعتراض بين الموصوف وصفته. واستغنى عن جواب (إِنْ)(٣) ، التي هي شرط بما (٤) تقدم من الكلام ؛ لأنّ معنى (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) معنى الأمر بذلك ، ولفظه لفظ الخبر ، واستغنى عن جواب (إِذا) أيضا بما تقدّم من الكلام وهو قوله : (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) ؛ لأنّ معناه : ينبغي أن تشهدوا إذا حضر أحدكم الموت.

٧٤٢ ـ قوله تعالى : (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ) ـ ١٠٦ ـ الفاء تعطف جملة على جملة. ويجوز أن تكون جواب جزاء ؛ لأن (تَحْبِسُونَهُما) معناه الأمر بذلك ، وهو جواب الأمر الذي دلّ عليه الكلام. كأنّه قال : إذا حبستموهما أقسما. ومعنى : (إِنِ ارْتَبْتُمْ) أي شككتم في قول الآخرين من غيركم.

٧٤٣ ـ قوله تعالى : (لا نَشْتَرِي) ـ ١٠٦ ـ جواب لقوله : (فَيُقْسِمانِ) ، لأنّ «أقسم» يجاوب بما يجاوب به القسم (٥).

٧٤٤ ـ قوله تعالى : (لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً) ـ ١٠٦ ـ الهاء تعود على المعنى ؛ لأن التقدير : لا نشتري بتحريف شهادتنا ثمنا ، ثم حذف

__________________

(١) في الأصل : «ارتفع».

(٢) وتمام الآية : (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصٰابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ....) .

(٣) في(ح ، ظ) : «إذا».

(٤) في الأصل : «لما».

(٥) يجاوب القسم ب‍ «لا» و «ما» في النفي ، و «إنّ» و «اللام» في الإيجاب.

٢٢٣

المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه. وقيل : الهاء تعود على «الشهادة» لكنها ذكّرت ؛ لأنّها قول ؛ كما قال : (فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ)(١) فردّ الهاء على المقسوم لدلالة القسمة على ذلك.

٧٤٥ ـ قوله تعالى : (لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً) ـ ١٠٦ ـ معناه : ذا ثمن ؛ لأنّ الثمن لا يشترى ، وإنما يشترى ذو الثمن ، وهو المثمّن ، وهو كقوله : (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً)(٢) أي : ذا ثمن.

٧٤٦ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) ـ ١٠٦ ـ في (كانَ) اسمها ، أي : ولو كان المشهود له ذا قربى من الشاهد.

٧٤٧ ـ قوله تعالى : (وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) ـ ١٠٦ ـ إنما أضيفت الشهادة إلى الله ؛ لأنه هو أمر بأدائها ونهى عن كتمانها.

٧٤٨ ـ قوله تعالى : (فَآخَرانِ) ـ ١٠٧ ـ رفع بفعل مضمر ، أو بالابتداء ، و (يَقُومانِ) نعت لهما ، و (مِنَ الَّذِينَ) خبره.

٧٤٩ ـ قوله تعالى : (الْأَوْلَيانِ) ـ ١٠٧ ـ من رفعه (٣) وثنّاه جعله بدلا من «آخران» أو من المضمر في (يَقُومانِ). وقيل : هو مفعول لم يسمّ فاعله ل (اسْتَحَقَّ) على قراءة من ضمّ (٤) التاء ، على تقدير حذف مضاف تقديره : من الذين استحقّ عليهم إثم الأوليين ، ويكون (عَلَيْهِمُ) بمعنى «فيهم». ومن قرأ (٥) (الْأَوْلَيانِ) على جمع أوّل فهو في موضع خفض على البدل من

__________________

(١) قرأ بالتاء ابن كثير وحمزة. الإتحاف ، ص ٢١٩.

(٢) في (ح ، ظ ، ق) : «أضمر المأكولة. وقرأ أبو جعفر ...».

(٣) وهي قراءة ابن عامر أيضا. النشر ٢ / ٢٥٧ ؛ والإتحاف ص ٢١٩.

(٤) الكشف ١ / ٤٥٦ ؛ والبيان ١ / ٣٤٧ ؛ والعكبري ١ / ١٥٣.

(٥) انظر : معاني القرآن ، للفراء ١ / ٣٦٣ ؛ وإعراب القرآن ؛ للنحاس ١ / ٥٨٩ ؛ وتفسير القرطبي ٧ / ١٢٥.

٢٢٤

(الَّذِينَ) ، أو من الهاء والميم في (عَلَيْهِمُ)(١).

٧٥٠ ـ قوله تعالى : (لَشَهادَتُنا) ـ ١٠٧ ـ اللام جواب القسم في قوله : (فَيُقْسِمانِ).

٧٥١ ـ قوله تعالى : (أَنْ يَأْتُوا) ـ ١٠٨ ـ (أَنْ) في موضع نصب على حذف حرف الجر تقديره : بأن يأتوا ، ومثله : (أَنْ آمِنُوا) ـ ١١١ ـ

٧٥٢ ـ قوله تعالى : (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) ـ ١١٠ ـ (إِنْ) بمعنى «ما» ، و (هذا) إشارة إلى ما جاء به النبي عيسى عليه‌السلام. ويجوز أن تكون (هذا) إشارة إلى النبي محمد عليه‌السلام ، على تقدير حذف مضاف تقديره : إن هذا إلا ذو سحر. فأمّا من قرأ (٢) «ساحر» بالألف فهذه إشارة إلى النبي عيسى عليه‌السلام ، بغير حذف ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى الإنجيل ، فيكون اسم الفاعل في موضع المصدر ، كما قالوا : عائذا بالله من شرها ، يريدون : عياذا بالله (٣).

٧٥٣ ـ قوله تعالى : (فَتَنْفُخُ فِيها)(٤) ـ ١١٠ ـ الهاء تعود على الهيئة ، و «الهيئة» مصدر في موضع المهيّأ ؛ لأن النفخ لا يكون في الهيئة ، إنما يكون في المهيّأ. ويجوز أن تعود على الطير ؛ لأنّه مؤنث. ومن قرأ «طائرا» جاز أن يكون «طائر» جمعا ، [كالحامل] ، فيؤنث الضمير في (فِيها) لأجل رجوعه إلى الجمع.

٧٥٤ ـ وقوله (٥) تعالى : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ) الآية ـ ١١٢ ـ من قرأ على الياء و «ربّك» بالرفع فمعناه : هل يستطيع يا عيسى أن يعطيك ربّك

__________________

(١) الكشف ٤١٩/١ ، والبيان ٣٠٩/١ ، والعكبري ١٣٣/١ ، وتفسير القرطبي ٣٥٨/٦.

(٢) قرأ بذلك حمزة والكسائي وخلف. النشر ٢٤٧/٢ ، والإتحاف ، ص ٢٠٣.

(٣) الكشف ٤٢١/١ ؛ والعكبري ١٣٤/١.

(٤) في الأصل و (ظ ، د) : «فَأَنْفُخُ» ، وأثبت ما جاء في المصحف وفي(ح ، ق).

(٥) هذه الفقرة وردت بكاملها في هامش الأصل ، وقد سقطت في سائر النسخ(ح ، ظ ، د ، ق).

٢٢٥

وتسأله فيستجيب لك إن سألته ، كما يقول القائل للآخر : هل تستطيع أن تأتينا؟ أو هل تستطيع أن تعاوننا؟.

وقرأه الكسائي على التاء (١) ، «تستطيع ربّك» ، وعلة الكسائيّ في ذلك : الخبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ وعن جماعة من أصحابه أنهم قرءوه على التاء ، وكانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ تقول : كان القوم أعلم بالله من أن يقولوا : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ). فالمعنى في سؤالهم ـ وهم عالمون ـ أنه يستطيع ذلك ويقدر عليه ، وإنما يريدون بذلك : هل تعاوننا؟ هل تأتينا؟ وإنما أرادوا بذلك أن يأتيهم بآية يستدلون بها على صدق تقديره : هل تستطيع مسألة ربك؟ فحذف المسألة لدلالة الكلام عليها ، مثل : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ... وَالْعِيرَ)(٢) ، وقراءة أبي عمرو والجماعة عليها.

٧٥٥ ـ قوله تعالى : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) ـ ١١٧ ـ (أَنِ) مفسرة ، لا موضع لها من الإعراب ، بمعنى «أي». ويجوز أن تكون في موضع نصب على البدل من (ما) ، [وقيل : على البدل من الهاء في (بِهِ)](٣).

٧٥٦ ـ قوله تعالى : (ما دُمْتُ فِيهِمْ) ـ ١١٧ ـ (ما) في موضع نصب على الظرف ، والعامل [فيه](٤) (شَهِيدٌ).

٧٥٧ ـ قوله تعالى : (أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ـ ١١٦ ـ و (أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ـ ١١٨ ـ (أَنْتَ) تأكيد للكاف ، أو مبتدأ ، أو فاصلة لا موضع لها من الإعراب.

٧٥٨ ـ قوله تعالى : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ) ـ ١١٩ ـ من رفع (٥) «يوما» جعله

__________________

(١) وبها قرأ علي وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد ؛ وقرأ الباقون بالياء ، و (ربك) بالرفع. تفسير القرطبي ٣٦٤/٦ ؛ والكشف /١١٧ ب.

(٢) سورة يوسف : الآية ٨٢.

(٣) زيادة في الأصل.

(٤) زيادة من(ق ، ظ).

(٥) قرأ بالرفع غير نافع وابن محيصن ، أما هما فقد قرءا بالنصب. التيسير ص ١٠١ ؛ ـ

٢٢٦

خبرا ل (هذا) ، و (هذا) إشارة إلى يوم القيامة ، والجملة في موضع نصب بالقول.

فأمّا من نصب «يوما» فإنّه جعله ظرفا ل «القول» و «هذا» إشارة إلى القصص والخبر الذي تقدّم ، أي يقول الله هذا الكلام في يوم ينفع ؛ و «هذا» إشارة إلى ما تقدّم من القصص وهو قوله : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى) ـ ١١٦ ـ إلى قوله : (مِنْ دُونِ اللهِ) ، فأخبر الله عمّا لم يقع بلفظ الماضي ؛ لصحة كونه وحدوثه. وجاز أن يقع «يوم» خبرا عن «هذا» ، لأنه إشارة إلى حدث ؛ وظروف الزمان تكون خبرا عن الحدث. ويجوز على قول الكوفيين (١) أن يكون «يوم» مبنيا على الفتح لإضافته إلى الفعل ، فإذا كان كذلك احتمل موضعه النصب والرفع على ما تقدّم من التفسير. وإنما يقع البناء في الظرف إذا أضيف إلى الفعل عند البصريين ، إذا كان الفعل مبنيا ، فأمّا إذا كان معربا فلا يبنى الظرف إذا أضيف إليه عندهم (٢).

٧٥٩ ـ قوله تعالى : (خالِدِينَ) ـ ١١٩ ـ حال من الهاء والميم في (لَهُمْ). و (أَبَداً) ظرف زمان. والياء في «رضي» بدل من واو ، لانكسار ما قبلها ، لأنه من الرضوان ، وأصل رضوا : رضووا ، [على فعلوا](٣) ، فألقيت حركة الواو الأولى على الضاد ، فحذفت لسكونها وسكون الواو التي هي ضمير الجماعة بعدها.

__________________

ـ والنشر ٢٤٧/٢ ؛ والإتحاف ص ٢٠٤.

(١) معاني القرآن للفراء ٣٢٦/١ ـ ٣٢٧.

(٢) الكشف ٤٢٣/١ ؛ والبيان ٣١١/١ ؛ والعكبري ١٣٦/١ ؛ وتفسير القرطبي ٣٧٩/٦.

(٣) زيادة في الأصل.

٢٢٧

مشكل إعراب سورة

«الأنعام»

٧٦٠ ـ قوله تعالى : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ) ـ ٣ ـ إن جعلت (وَفِي الْأَرْضِ) متعلقا بما قبله وقفت على (وَفِي الْأَرْضِ) ورفعت (يَعْلَمُ) على الاستئناف تقديره : وهو الله المعبود في السماوات وفي الأرض. وإن جعلت (وَفِي الْأَرْضِ) متعلقا ب (يَعْلَمُ) وقفت على (السَّماواتِ).

٧٦١ ـ قوله تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ) ـ ٦ ـ (كَمْ) في موضع نصب ب (أَهْلَكْنا) ، ولا بقوله : (يَرَوْا) ؛ لأنّ الاستفهام وما جرى مجراه وما ضارعه ، لا يعمل فيه ما قبله.

٧٦٢ ـ قوله تعالى : (مِدْراراً) ـ ٦ ـ نصب على الحال من (السَّماءَ) ، [أي في حال الإدرار](١).

٧٦٣ ـ قوله تعالى : (ما كانُوا بِهِ) ـ ١٠ ـ (ما) في موضع رفع ب «حاق» ، وتقديره : عقاب ما كانوا ، أي : عقاب استهزائهم.

٧٦٤ ـ قوله تعالى : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) ـ ١١ ـ «عاقبة» اسم (كانَ) ، و (كَيْفَ) خبر (كانَ) ؛ ولم يقل : كانت ؛ لأن عاقبتهم بمعنى : مصيرهم ، ولأن تأنيث «العاقبة» غير حقيقي.

__________________

(١) زيادة في هامش الأصل.

٢٢٨

٧٦٥ ـ قوله تعالى : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ) ـ ١٢ ـ في موضع نصب على البدل من (الرَّحْمَةَ) ، واللام لام القسم ، فهي جواب (كَتَبَ) ؛ لأنّه بمعنى : أوجب ذلك على نفسه ، ففيه معنى القسم (١).

٧٦٦ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) ـ ١٢ ـ (الَّذِينَ) في موضع رفع بالابتداء ، و (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ابتداء وخبره ، في موضع خبر (الَّذِينَ). وأجاز الأخفش (٢) أن تكون (الَّذِينَ) في موضع نصب على البدل من الكاف والميم في (لَيَجْمَعَنَّكُمْ) ، وهو بعيد ، لأن المخاطب لا يبدل منه غير مخاطب ؛ لا تقول : رأيتك زيدا ، على البدل ؛ [للإشكال](٣).

٧٦٧ ـ قوله تعالى : (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ) ـ ١٦ ـ من فتح (٤) الياء وكسر الراء في (يُصْرَفْ) أضمر الفاعل في (يُصْرَفْ) وهو الله جلّ ذكره ، وأضمر مفعولا محذوفا تقديره : من يصرف الله عنه العذاب يومئذ ، [فقد رحمه](٥). ومن ضم الياء وفتح الراء ، أضمر مفعولا لم يسمّ فاعله لا غير ، تقديره : من يصرف عنه العذاب يومئذ ، فهذا أقلّ إضمارا من الأول ؛ وكلما قلّ الإضمار عند سيبويه كان أحسن (٦).

٧٦٨ ـ قوله تعالى : (شَهادَةً) ـ ١٩ ـ نصب على البيان (٧).

__________________

(١) في مغني اللبيب ٤٠٧/٢ : «وخلط مكي فأجاز البدلية مع قوله : إن اللام لام جواب القسم. والصواب أنها لام الجواب ، وأنها منقطعة مما قبلها إن قدر قسم أو متصلة به اتصال الجواب بالقسم ...».

(٢) معاني القرآن ص ٢٦٩.

(٣) زيادة في الأصل.

(٤) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف ويعقوب وأبي عمرو ، وموافقة الحسن والأعمش. وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الراء. والنشر ٢٤٨/٢ ؛ والإتحاف ص ٢٠٦.

(٥) زيادة في الأصل.

(٦) الكشف ٤٢٥/١ ؛ والبيان ٣١٥/١ ؛ والعكبري ١٣٧/١ ؛ وتفسير القرطبي ٣٩٧/٦.

(٧) في هامش الأصل عبارة «بلغت».

٢٢٩

[وقرئت «شهادة» بالجر ، والفرق بين «أكبر شهادة» بالنصب ، و «أكبر شهادة» بالجر ، أنّ الجرّ يوجب أن الموصوف شهادة ؛ وليس كذلك النصب ، ومثله : «أحسن وجها» و «أحسن وجه». وفي الآية دلالة أن «شيئا» من أسماء الله ، لأن قوله «أي شيء أكبر شهادة» جاء جوابه : «قل الله» ، ولا يجوز : أيّ ملك أكبر شهادة؟ قل : الله ، ولا يحمل الكلام على الانقطاع مع إمكان الاتصال](١).

٧٦٩ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ بَلَغَ) ـ ١٩ ـ [«مَنْ»] في موضع نصب عطف على الكاف والميم في (لِأُنْذِرَكُمْ) ، أي : وأنذر من بلغه القرآن ، وقيل : من بلغ الحلم.

٧٧٠ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ) ـ ٢٠ ـ (الَّذِينَ) ابتداء ، وخبره (يَعْرِفُونَهُ).

٧٧١ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ خَسِرُوا) ـ ٢٠ ـ رفع على إضمار مبتدأ ، أي :

هم الذين خسروا.

٧٧٢ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ) ـ ٢١ ـ (مَنْ) في موضع رفع بالابتداء ، وهي استفهام بمعنى التوبيخ ، متضمنة معنى النفي تقديره : لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا. و «أظلم» خبر الابتداء ، إلا أنه يحتاج إلى تمام ؛ لأن (مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) تمام (أَظْلَمُ) ، وكذلك : أفعل من كذا ، حيث وقع ، «من» وما بعدها من تمام أفعل.

٧٧٣ ـ قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا) ـ ٢٣ ـ من قرأ (تَكُنْ) بالتاء ، أنّث لتأنيث لفظ الفتنة ، وجعل «الفتنة» اسم «كان» ، و (أَنْ قالُوا) خبر «كان». [ومن قرأ يكن بالياء ونصب «الفتنة» جعلها خبر كان ، و (أَنْ قالُوا) اسم كان](٢).

__________________

(١) ما بين قوسين مثبت في هامش الأصل ، وساقط في سائر النسخ.

(٢) ما بين قوسين زيادة من(ظ).

٢٣٠

ومن قرأه (تَكُنْ) ، بالتاء ونصب «الفتنة» ؛ جعلها خبر «كان» ، و «أن» اسم «كان» ، وأنّث (تَكُنْ) على المعنى ؛ لأن «أن» وما بعدها هو الفتنة في المعنى ؛ لأن اسم «كان» هو الخبر في المعنى ؛ إذ هي داخلة على الابتداء والخبر ، وجعل «أن» اسم «كان» (١) هو الاختيار عند أهل النظر ؛ لأنها لا تكون إلا معرفة ، ولأنّها لا توصف ، فأشبهت المضمر ؛ والمضمر أعرف المعارف ، فكان الأعرف اسم «كان» أولى مما [هو] دونه في التعريف ؛ إذ الفتنة إنما تعرّفت بإضافتها إلى المضمر ، فهي دون تعريف «أن قالوا» بكثير. ومن قرأ (٢) «يكن» بالياء ، ورفع «الفتنة» ذكّر ؛ لأن تأنيث «الفتنة» غير حقيقي ، ولأنّ الفتنة يراد بها المعذرة ، والمعذرة والعذر سواء ، فحمله على المعنى فذكّر ، ولأنّ «الفتنة» هي القول في المعنى ، فذكّر (٣) حملا على المعنى (٤).

٧٧٤ ـ قوله تعالى : (أَساطِيرُ) ـ ٢٥ ـ واحدها : أسطورة ، وقيل إسطارة ، وقيل : هو جمع الجمع ، واحدها : أسطار ، وأسطار جمع سطر (٥) ، و (أَكِنَّةً) جمع كنان.

__________________

(١) في الأصل و (د) : «وهو» وفي(ق) : «وهذا هو».

(٢) وهي قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر من طريق العليمي ، ويعقوب. وقرأ نافع ، وأبو عمرو ، وأبو بكر(من غير طريق العليمي)وأبو جعفر ، وخلف ، بتأنيث (تكن) ونصب (فتنتهم). وقرأ بتأنيث (لَمْ تَكُنْ) ورفع (فِتْنَتُهُمْ) كل من ابن كثير وابن عامر وحفص. النشر ٢٤٨/٢ ؛ والتيسير ص ١٠١ ـ ١٠٢ ؛ والإتحاف ص ٢٠٦.

(٣) انظر : الكشف ٤٢٦/١ ؛ والبيان ٣١٦/١.

(٤) في هامش(ظ) / ٤٣ ب : «ربنا ـ ٢٣ ـ يقرأ بالجر صفة لاسم اللّه ، وبالنصب على النداء أو على إضمار أعني. وهو معترض بين القسم والمقسم عليه ، والجواب : ما كنّا. أبو البقاء». انظر العكبري ١٣٨/١.

(٥) في المصباح : «والسطر : الصف من الشجر وغيره ، وتفتح الطاء في لغة بني عجل فيجمع على أسطار ، مثل سبب وأسباب. ويسكن في لغة الجمهور فيجمع على أسطر وسطور ، مثل : فلس ، وأفلس ، وفلوس».

٢٣١

٧٧٥ ـ قوله تعالى : (مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) ـ ٢٥ ـ «من» مبتدأ ، وما قبله خبره وهو (وَمِنْهُمْ). ووحّد (يَسْتَمِعُ) ؛ لأنّه حمله على لفظ (مَنْ) ؛ ولو جمع في الكلام على المعنى لحسن ، كما قال في سورة يونس : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ)(١).

٧٧٦ ـ قوله تعالى : (وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ)(٢) ـ ٢٧ ـ من رفع الفعلين عطفهما على (نُرَدُّ) وجعله كله مما تمناه (٣) الكفار يوم القيامة ، تمنوا ثلاثة أشياء : أن يردّوا ، وتمنّوا ألا يكونوا قد كذّبوا بآيات الله في الدنيا ، وتمنوا أن يكونوا من المؤمنين. ويجوز أن يرفع «نُكَذِّبَ و نَكُونَ» على القطع ، فلا يدخلان في التمني ، تقديره : يا ليتنا نردّ ونحن لا نكذّب ، ونحن نكون من المؤمنين ، رددنا أو لم نردّ. كما حكى سيبويه (٤) : دعني ولا أعود ، بالرفع ، أي : وأنا لا أعود ، تركتني أو لم تتركني ، ولم يسأل أن يجمع له الترك والعود. ويؤيد الرفع على القطع على المعنى الذي ذكرنا قوله جلّ ذكره : (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) ، فدل تكذيبهم أنهم إنما أخبروا عن أنفسهم بذلك ولم يتمنّوه ؛ لأن التمني لا يقع جوابه التكذيب ، إنما يكون التكذيب في الخبر. وقال بعض أهل النظر : الكذب لا يجوز وقوعه في الآخرة ؛ إنما يجوز في الدنيا. وتأويل قوله تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) أي كاذبون في الدنيا ، في تكذيبهم الرسل وإنكارهم البعث ، فيكون ذلك حكاية للحال التي كانوا عليها في الدنيا. وقد أجاز أبو عمرو وغيره وقوع التكذيب لهم في الآخرة ؛ لأنهم ادّعوا أنهم لو ردّوا لم يكذبوا بآيات الله ،

__________________

(١) سورة يونس : الآية ٤٢.

(٢) في المصحف : «وَلاٰ نُكَذِّبَ ، وَنَكُونَ» ، بنصب الفعلين ؛ وهي قراءة حمزة ، وحفص عن عاصم ، ويعقوب. وقرأ برفع الفعلين نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي وأبو بكر عن عاصم ، وأبو جعفر وخلف. أما ابن عامر فقرأ برفع فعل (لاٰ نُكَذِّبَ) ونصب فعل (نَكُونَ). النشر ٢٤٨/٢ ؛ والتيسير ص ١٠٢ ؛ والإتحاف ص ٢٠٦.

(٣) في(ح ، د) : «يتمناه».

(٤) الكتاب ، لسيبويه ٤٣٦/١.

٢٣٢

وأنهم يؤمنون ؛ فعلم الله ما لا يكون لو كان كيف كان يكون ، وأنهم لو ردّوا لم يؤمنوا ، ولكذّبوا بآيات الله ، فأكذبهم الله في دعواهم.

فأمّا من نصب الفعلين فعلى جواب التمني بالواو ؛ لأنّ التمني غير واجب ، فيكون الفعلان داخلين (١) في التمني كالأول ؛ من وجهي الرفع والنصب ، بإضمار «أن» حملا على مصدر (نُرَدُّ) ، فأضمرت «أن» لتكون مع الفعل مصدرا ، فتعطف بالواو مصدرا على مصدر تقديره : يا ليت لنا ردا وانتفاء من التكذيب وكونا (٢) من المؤمنين. فأمّا من رفع (نُكَذِّبَ) ونصب (وَنَكُونَ)(٣) فإنه رفع (نُكَذِّبَ) على أحد الوجهين الأولين ؛ إما أن يكون داخلا في التمني فيكون كمعنى النصب ، أو يكون رفع على الثبات والإيجاب ، كما تقدّم ، أي ولا نكذّب رددنا أو لم نردّ ، ونصب (وَنَكُونَ) على جواب التمني ، على ما تقدم ، فيكون داخلا في التمني (٤).

٧٧٧ ـ قوله تعالى : (بَغْتَةً) ـ ٣١ ـ مصدر في موضع الحال ، ولا يقاس عليه عند سيبويه ، ولو قلت : جاء زيد سرعة ، تريد : مسرعا ، لم يجز.

٧٧٨ ـ قوله تعالى : (ساءَ ما يَزِرُونَ) ـ ٣١ ـ (ما) نكرة في موضع نصب (٥) ب (ساءَ) ، وفي (ساءَ) ضمير [مرفوع] يفسره ما بعده ، كنعم وبئس. وقيل : (ما) في موضع رفع ب (ساءَ).

٧٧٩ ـ قوله تعالى : (وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ) ـ ٣٢ ـ «الدار» مبتدأ ، و (الْآخِرَةُ) نعت للدار ، و (خَيْرٌ) خبر الابتداء. وقد اتسع في (الْآخِرَةُ)

__________________

(١) في الأصل : «داخلان» وصححت من(ق ، ظ ، د).

(٢) في الأصل : «رد .... وكون» بالرفع ، والتصحيح من(ق ، ظ ، د)والبيان ٣١٨/١ ، وعبارة الكشف : «يا ليتنا يكون لنا رد وانتفاء من التكذيب ، وكون من المؤمنين».

(٣) وهي قراءة ابن عامر. تفسير القرطبي ٤٠٨/٦.

(٤) الكشف ٤٢٧/١ ؛ والبيان ٣١٧/١ ؛ والعكبري ١٣٩/١ ؛ وتفسير القرطبي ٤٠٨/٦.

(٥) أي : نصب على التمييز.

٢٣٣

فأقيمت مقام الموصوف ، وأصلها الصفة ؛ قال الله تعالى : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى)(١). فأمّا من قرأ (٢) : «ولدار» بلام واحدة ، وأضافها إلى (الْآخِرَةُ) فإنّه لم يجعل «الآخرة» صفة ل «دار» ، إنما الآخرة في هذا صفة لموصوف محذوف تقديره : ولدار السّاعة الآخرة خير ، ثم حذفت الساعة وأقيمت الصفة مقام الموصوف ، فأضيفت «الدار» إليها ، فالآخرة والدنيا أصلهما الصفة ، لكن اتسع فيهما ، فاستعملا استعمال الأسماء ، فأضيف إليهما (٣).

٧٨٠ ـ قوله تعالى : (يُكَذِّبُونَكَ) ـ ٣٣ ـ من شدّده حمله على معنى : لا ينسبونك إلى الكذب ، كما يقال : فسّقت الرجل وخطّأته ، إذا نسبته إلى الفسق والخطأ. فأمّا من خففه (٤) فإنه حمله على معنى : لا يجدونك كاذبا ؛ كما يقال : أحمدت الرجل وأبخلته ، إذا أصبته بخيلا أو محمودا ، [وأكذبته إذا ألفيته كاذبا](٥). وقد يجوز أن يكون معنى التخفيف والتشديد سواء ، كما يقال : قلّلت وأقللت ، وكثّرت وأكثرت ، بمعنى (٦) واحد (٧).

__________________

(١) سورة الضحى : الآية ٤.

(٢) هي قراءة ابن عامر ، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام ، وقرأ الباقون بلامين مع تشديد الدال. النشر ٢٤٨/٢ ؛ والإتحاف ص ٢٠٧.

(٣) الكشف ٤٢٩/١ ؛ والبيان ٣١٩/١ ؛ والعكبري ١٣٩/١ ؛ وتفسير القرطبي ٤١٥/٦.

(٤) قرأ بالتخفيف نافع والكسائي ، وقرأ الجمهور بالتشديد. النشر ٢٤٨/٢ ، والإتحاف ، ص ٢٠٧.

(٥) زيادة مثبتة في هامش الأصل.

(٦) الكشف ٤٣٠/١ ؛ والبيان ٣١٩/١ ؛ والعكبري ١٣٩/١ ؛ وتفسير القرطبي ٤١٦/٦.

(٧) في هامش الأصل كلام غامض يتعلق بإعراب الآية : (وَلَقَدْ جٰاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) ـ ٣٤ ـ قرئ منه ما نصه : «مفعول جاءك الكاف ، وفاعلها مضمر ، التقدير : ولقد جاءك من نبأ المرسلين نبأ. ويجوز أن تكون (مِنْ) زائدة ، كقولك : ما جاءني من أحد ، أي ما جاءني أحد ؛ لأن «مِنْ» لا تزاد في الخبر الواجب ...». ـ وإتماما للفائدة أثبت ما جاء في هامش(ظ) / ٤٤ ب نقلا عن العكبري ١٣٩/١ : «(وَلَقَدْ جٰاءَكَ) فاعل(جاء)مضمر فيه. قيل : المضمر المجيء ، وقيل : المضمر النبأ ، ودل عليه ذكر الرسل ، لأن من ضرورة الرسول الرسالة ، وهي نبأ ؛ وعلى ـ

٢٣٤

٧٨١ ـ قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ) ـ ٤٠ ـ الكاف والميم للخطاب ، لا موضع لهما من الإعراب عند البصريين.

وقال الفرّاء : لفظهما لفظ منصوب ، ومعناهما معنى مرفوع (١) ؛ وهذا محال ؛ لأنّ التاء هي الكاف في «أرأيتك» ، فكان يجب أن تظهر علامة جمع في التاء ، وكان يجب أن يكون فاعلان لفعل واحد ، وهما لشيء واحد ، ويجب أن يكون قولك : أرأيتك زيدا ما صنع ، معناه : أرأيت نفسك زيدا ما صنع ؛ لأن الكاف هو المخاطب ، وهذا الكلام محال في المعنى ، متناقض في الإعراب والمعنى ؛ لأنك تستفهم عن نفسه في صدر السؤال ، ثم ترد السؤال عن غيره في آخر الكلام (٢) ، وتخاطب أوّلا ثم تأتي بغائب آخر ؛ لأنه يصير ثلاثة مفعولين ل «رأيت» ، وهذا كله لا يجوز.

ولو قلت أرأيتك عالما بزيد ، كانت الكاف في موضع نصب ؛ لأنّ تقديره : أرأيت نفسك عالما بزيد ، وهذا كلام صحيح ، وقد تعدّى «أرأيت» إلى مفعولين لا غير (٣).

__________________

ـ كلا الوجهين يكون (مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) حالا من ضمير الفاعل ، والتقدير : من جنس نبأ المرسلين. وأجاز الأخفش أن تكون (مِنْ) زائدة ، والفاعل (نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ). وسيبويه لا يجيز زيادتها في الواجب ، ولا يجوز عند الجميع أن تكون صفة لمحذوف ؛ لأن الفاعل لا يحذف ، وحرف الجر إذا لم يكن زائدا لم يصحّ أن يكون فاعلا ، لأن حرف الجر يعدّى ، وكل فعل يعمل في الفاعل بغير معد. و (نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) بمعنى : أنبائهم ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبٰاءِ الرُّسُلِ) أبو البقاء».

ـ وفي هامش(ظ) : أيضا :

«(وَالْمَوْتىٰ يَبْعَثُهُمُ اللّٰهُ» ـ ٣٦ ـ في(الموتى) وجهان : أحدهما[هو]في موضع نصب بفعل محذوف ، أي ويبعث اللّه الموتى ، وهذا أقوى ؛ لأنه اسم قد عطف على اسم عمل فيه الفعل. والثاني : أن يكون مبتدأ وما بعده الخبر. و (يستجيب) بمعنى[يجيب]. أبو البقاء». انظر : العكبري ١٤٠/١.

(١) في(ظ ، ق) : «لفظها لفظ منصوب ، ومعناها معنى مرفوع».

(٢) في الأصل : «في آخره».

(٣) معاني القرآن ٣٣٣/١ ؛ والبيان ٣٢٠/١ ؛ والعكبري ١٤٠/١ ؛ وتفسير القرطبي ٤٢٢/٦.

٢٣٥

٧٨٢ ـ قوله تعالى : (إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) ـ ٤٨ ـ حالان من (الْمُرْسَلِينَ).

٧٨٣ ـ قوله تعالى : (فَمَنْ آمَنَ) ـ ٤٨ ـ «من» مبتدأ ، والخبر (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ.)

٧٨٤ ـ قوله تعالى : (بِالْغَداةِ) ـ ٥٢ ـ إنما دخلت الألف واللام على «غداة» لأنها نكرة ؛ وأكثر العرب يجعل «غدوة» معرفة فلا ينونها ، وكلّهم يجعل «غداة» نكرة فينونها ، ومنهم من يجعل «غدوة» نكرة ؛ وهم الأقلّ.

٧٨٥ ـ قوله تعالى : (مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) ـ ٥٢ ـ (مِنْ) الأولى للتبعيض ، والثانية زائدة ، و (شَيْءٍ) في موضع رفع اسم (ما) ، و (ما) بمعنى ليس ، ومثله : (وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ.) [قوله :] (فَتَطْرُدَهُمْ) ـ ٥٢ ـ نصب لأنّه جواب النفي ، [و] «فتكون» جواب النهي في قوله : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ.)

٧٨٦ ـ قوله تعالى : (لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ) ـ ٥٣ ـ هذه لام كي ؛ وإنما دخلت على معنى : إن الله ـ جلّ ذكره ـ قد علم ما يقولون قبل أن يقولوا ، فصار إنما فتنوا ليقولوا على ما تقدّم في علم الله ، فهو على سبيل الإنكار منهم ، وقيل : بل على سبيل الاستخبار منهم ؛ قالوا : أهؤلاء الذين منّ الله عليهم من بيننا.

٧٨٧ ـ قوله تعالى : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ)(١) ـ ٥٤ ـ من فتح (٢) «أنّ» في

__________________

(١) في الأصل و (ق) «كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه. فإنه» وقد أثبت ما في (ح ، د).

(٢) الفتح قراءة ابن عامر وعاصم ويعقوب ، وقرأ الباقون بالكسر. كما قرأ نافع ، وأبو جعفر بفتح الهمزة من(أنه)وكسرها من(فإنه). التيسير ص ١٠٢ ؛ والنشر ٢٤٩/٢ ؛ والإتحاف ص ٢٠٨ ـ ٢٠٩.

٢٣٦

الموضعين جعل «أن» الأولى بدلا من (الرَّحْمَةَ) بدل الشيء من الشيء ، وهو هو ، فهي في موضع نصب ب (كَتَبَ) ، وأضمر للثانية خبرا ، وجعلها في موضع رفع بالابتداء ، أو بالظرف ، تقديره : فله أنّ ربّه غفور رحيم له ، أي فله غفران ربّه. ويجوز أن تضمر مبتدأ وتجعل «أن» خبره ، تقديره : فأمره أنّ ربّه غفور له ، أي فأمره غفران ربّه. ومثله في التقدير والحذف والإعراب قوله : (فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ)(١) في سورة التوبة.

وقد قيل : إنّ «أنّ» من «فأنّه» تكرير ، فتكون في موضع نصب ردا على الأولى ؛ كأنّها بدل من الأولى ، وفيه بعد ؛ لأنّ «من» إن كانت موصولة بمعنى الذي ، وجعلت «فإنه» بدلا من «أنّ» الأولى ، بقي الابتداء وهو (مَنْ) بغير خبر. وإن كانت (مَنْ) للشرط ، بقي الشرط بغير جواب ؛ مع أنّ ثبات الفاء يمنع من البدل ، لأنّ البدل لا يحول بينه وبين المبدل منه شيء ، غير الاعتراضات ؛ والفاء ليست من الاعتراضات. وإن جعلت الفاء زائدة لم يجز ؛ لأنّه يبقى الشرط بغير جواب ، إن جعلت «أن» الثانية بدلا من الأولى ، ويبقى المبتدأ بلا خبر ، إن جعلت (مَنْ) موصولة ، و «أن» بدلا من الأولى. فأمّا الكسر فيهما فعلى الاستئناف أو على إضمار «قال» ؛ والكسر فيما بعد الفاء أحسن ؛ لأنّ الفاء يبتدأ بما بعدها في أكثر الكلام ، فالكسر بعدها حسن (٢).

٧٨٨ ـ قوله تعالى : (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ) ـ ٥٥ ـ من قرأه (٣) بالتاء ونصب «السبيل» جعل التاء علامة للخطاب والاستقبال ، وأضمر اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الفعل. ومن قرأ (٤) بالتاء ورفع «السبيل» جعل التاء علامة تأنيث

__________________

(١) سورة التوبة : الآية ٦٣ ، وانظره فقرة(١٠٦٨).

(٢) الكشف ٤٣٣/١ ؛ والبيان ٣٢٢/١ ؛ والعكبري ١٤١/١ ؛ وتفسير القرطبي ٤٣٦/٦.

(٣) وهي قراءة نافع وأبي جعفر ، كما في الإتحاف ص ٢٠٩.

(٤) وهي قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو ، وابن عامر ، وحفص ، ويعقوب. النشر ٢٤٩/٢ ؛ والإتحاف ص ٢٠٩.

٢٣٧

واستقبال (١) ، ولا ضمير في الفعل ، ورفع «السبيل» بفعله. وحكى سيبويه : استبان الشيء واستبنته أنا. فأمّا من قرأ (٢) بالياء ورفع «السبيل» فإنّه ذكّر «السبيل» لأنه يذكّر ويؤنث ، ورفعه بفعله. ومن قرأ بالياء ونصب «السبيل» أضمر اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الفعل ، [و] هو الفاعل ، ونصب «السبيل» [لأنه] مفعول به. واللام في (وَلِتَسْتَبِينَ) متعلقة بفعل محذوف تقديره : ولتستبين سبيل المجرمين فصّلناها ؛ [وخص (سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) للدلالة على «سبيل المؤمنين» مثل : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ)(٣). وقيل : «سبيل المؤمنين» مضمر ، أي لتستبين سبيل هؤلاء من سبيل هؤلاء (٤) ...](٥).

٧٨٩ ـ قوله تعالى : (أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ) ـ ٥٦ ـ (أَنْ) في موضع نصب على حذف الخافض ، تقديره : نهيت عن أن أعبد.

٧٩٠ ـ قوله تعالى : (وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) ـ ٥٧ ـ الهاء تعود على (بَيِّنَةٍ) ، وذكّرها لأنها بمعنى البيان.

٧٩١ ـ قوله تعالى : (لَوْ أَنَّ عِنْدِي) ـ ٥٨ ـ (أَنَّ) في موضع رفع بفعله على إضمار فعل ، وقد تقدّم ذكره (٦).

٧٩٢ ـ قوله تعالى : (مِنْ وَرَقَةٍ) ـ ٥٩ ـ (مِنْ) زائدة للتوكيد ، أفادت

__________________

(١) أمالي ابن الشجري ٤٥٥/٢ : «وأقول : إنه ـ أي مكي ـ غلط في قوله(واستقبال) بعد قوله : (جعل التاء علامة خطاب) ، و (جعل التاء علامة تأنيث) ؛ لأن مثال (تستفعل)لا شبه بينه وبين مثال الماضي ، فتكون التاء علامة للاستقبال. فقولك ؛ تستقيم أنت وتستعين هي ؛ لا يكون إلا للاستقبال ...».

(٢) وهي قراءة أبي بكر وحمزة والكسائي وخلف. النشر ٢٤٩/٢ ؛ والإتحاف ص ٢٠٩.

(٣) سورة النحل : الآية ٨١.

(٤) انظر : الكشف ٤٣٣/١ ؛ والبيان ٣٢٣/١ ؛ والعكبري ١٤٢/١ ؛ وتفسير القرطبي ٤٣٧/٦.

(٥) ما بين قوسين مثبت في هامش الأصل ، وفيه أيضا عبارة «بلغت مقابلة».

(٦) راجع فقرة(٥٥٨)من سورة النساء ، والبيان ٢٥٦/١.

٢٣٨

العموم ، و (وَرَقَةٍ) في موضع رفع ب (تَسْقُطُ) ، وكذلك : (وَلا حَبَّةٍ.) ويجوز رفع (حَبَّةٍ) على الابتداء ، وكذلك : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ.) وقد قرأ (١) الحسن وابن أبي إسحاق بالرفع في «رطب» و «يابس» (٢) على الابتداء ، والخبر : (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.)

٧٩٣ ـ قوله تعالى : (مَوْلاهُمُ الْحَقِ) ـ ٦٢ ـ (مَوْلاهُمُ) بدل من اسم الله ، و (الْحَقِّ) نعت ل (مَوْلاهُمُ). وقرأ الحسن (٣) «الحقّ» بالنصب على المصدر ، أو على «أعني».

٧٩٤ ـ قوله تعالى : (تَضَرُّعاً) ـ ٦٣ ـ مصدر ، وقيل : حال ، بمعنى : ذوي تضرّع.

٧٩٥ ـ قوله تعالى : (شِيَعاً) ـ ٦٥ ـ مصدر ، وقيل : حال.

٧٩٦ ـ قوله تعالى : (وَلكِنْ ذِكْرى) ـ ٦٩ ـ (ذِكْرى) في موضع نصب على المصدر ، أو في موضع رفع بالابتداء ، والخبر محذوف تقديره : ولكن عليهم ذكرى.

٧٩٧ ـ قوله تعالى : (أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ) ـ ٧٠ ـ (أَنْ) في موضع نصب مفعول من أجله ، أي لئلا تبسل نفس ، ومخافة أن تبسل.

٧٩٨ ـ قوله تعالى : (حَيْرانَ) ـ ٧١ ـ نصب على الحال ، ولكن لا ينصرف لأنه كغضبان.

٧٩٩ ـ قوله تعالى : (وَأَنْ أَقِيمُوا) ـ ٧٢ ـ «أن» في موضع نصب بحذف حرف الجر ، تقديره : وبأن أقيموا. وقيل : هو معطوف على معنى «لنسلم» ؛ لأن تقديره : لأن نسلم. وقيل : هو معطوف على معنى : «ائتنا» ؛ لأن معناه : أن ائتنا.

__________________

(١) وقرأ بالرفع أيضا ابن السميقع. البحر المحيط ١٤٦/٤ ، وتفسير القرطبي ٥/٧.

(٢) في الأصل : «الرطب واليابس».

(٣) الإتحاف ص ٢٠٩ ؛ وتفسير القرطبي ٧/٧.

٢٣٩

٨٠٠ ـ قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَقُولُ) ـ ٧٣ ـ انتصب (يَوْمَ) على العطف على الهاء في (اتَّقُوهُ) ، أي : اتقوه واتقوا يوم يقول. ويجوز أن يكون معطوفا على (السَّماواتِ) ، أي خلق السماوات وخلق يوم يقول. وقيل : [هو] منصوب على معنى : واذكر يا محمّد يوم يقول (١).

٨٠١ ـ قوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ) ـ ٧٣ ـ أي : فهو يكون ، فلذلك رفعه ، وفي «يكون» اسمها ، وهي تامّة لا تحتاج إلى خبر. مثله (كُنْ) ، والمضمر هو ضمير (الصُّورِ) الذي أتى ذكره بعده ، يراد به التقديم قبل (فَيَكُونُ). وقيل : تقدير المضمر في (فَيَكُونُ) : فيكون جميع ما أراد. وقيل : (قَوْلُهُ) هو اسم (فَيَكُونُ) و (الْحَقُّ) نعته. وقيل : (قَوْلُهُ) مبتدأ ، و (الْحَقُّ) خبره.

٨٠٢ ـ قوله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) ـ ٧٣ ـ (يَوْمَ) بدل من (يَوْمَ يَقُولُ). وقيل : الناصب له (لَهُ الْمُلْكُ) ، أي : له الملك» ، أي : له ملك في يوم ينفخ في الصور. (عالِمُ الْغَيْبِ) نعت ل «الذي» ، أو رفع على إضمار مبتدأ ، أي :

هو عالم [الغيب]. ويجوز رفعه حملا على المعنى ، أي ينفخ في عالم ، كأنّه لما قال : يوم ينفخ في الصور ، قيل : من ينفخ فيه؟ قيل : ينفخ فيه عالم الغيب ، كما قال :

* ليبك يزيد ضارع لخصومة (٢) *

__________________

(١) البيان ٣٢٦/١ ؛ والعكبري ١٤٤/١ ؛ وتفسير القرطبي ١٩/٧.

(٢) هو صدر بيت للبيد ، وتتمته :

ومختبط ممّا تطيح الطّوائح

والمختبط : الطالب المعروف ، وطوّحته الطوائح : قذفته القواذف هنا وهناك. والبيت من شواهد سيبويه ١٤٥/١ ، ١٨٣ ، وقد نسبه إلى الحارث بن نهيك ، وهو في الشعر والشعراء ص ٩٩ ؛ والمحتسب ٢٣٠/١ ؛ والخصائص ٣٥٣/٢ ؛ وإعراب القرآن المنسوب للزجاج ١٩٨/١ ، ٢٦٦ ؛ والخزانة ١٤٧/١ ؛ وأوضح المسالك ٣٤٢/١ ؛ والعيني ٤٥٤/٢ ؛ وابن يعيش ٨٠/١ ؛ وشرح أبيات المغني للبغدادي ٢٩٥/٧ ؛ وانظر ديوانه بتحقيق إحسان عباس ص ٣٦٢.

٢٤٠