مشكل إعراب القرآن

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني

مشكل إعراب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني


المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣

ويثنّى بالياء لأجل الكسرة التي في أوّله. وكذلك يقولون في ذوات الواو الثلاثية ، إذا انكسر الأوّل أو انضمّ ، نحو «ربا وضحى» ، فإن انفتح الأوّل كتبوه بالألف ، وثنّوه بالواو ، كما قال البصريون ، نحو : «صفا» (١).

٣٢٠ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) ـ ٢٨٠ ـ (كانَ) هاهنا تامة لا تحتاج إلى خبر ، تقديره : وإن وقع ذو عسرة ، فهو شائع في كل الناس. ولو نصب (٢) «ذا» على خبر (كانَ) لكان مخصوصا في قوم بأعيانهم ، فلهذه العلّة أجمع القرّاء المشهورون على رفع (ذُو). فأما قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً) ـ ٢٨٢ ـ فمن رفع (٣) «تجارة» جعل «كان» بمعنى وقع وحدث ، و «تديرونها» نعت للتجارة ، وقيل : هو خبر «كان». ومن نصب (تِجارَةً) أضمر في «كان» اسمها ، تقديره : إلا أن تكون التجارة تجارة مدارة بينكم. و (إِنْ) من (إِلَّا أَنْ) في موضع نصب بالاستثناء المنقطع.

٣٢١ ـ قوله تعالى : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) ـ ٢٨٠ ـ ابتداء وخبر ، وهو من التأخير. ومن قرأ : «ميسره» بالإضافة فهو بعيد ؛ إذ ليس في الكلام «مفعل». فأمّا «مفعلة» (٤) فقد جاء في الكلام ؛ وهو قليل ، ولم يقرأ به غير نافع (٥). و «مفعل» و «مفعلة» في الكلام كثير.

٣٢٢ ـ قوله تعالى : (وَأَنْ تَصَدَّقُوا) ـ ٢٨٠ ـ (إِنْ) في موضع رفع بالابتداء ، و (خَيْرٌ لَكُمْ) خبره.

٣٢٣ ـ قوله تعالى : (تُرْجَعُونَ فِيهِ) ـ ٢٨١ ـ في موضع نصب نعت ل «يوم».

٣٢٤ ـ قوله تعالى : (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) ـ ٢٨٢ ـ ابتداء ، والخبر

__________________

(١) انظر : تفسير القرطبي ٣ / ٣٥٣ ؛ والبيان ١ / ١٨٠ ؛ واللسان ١٩ / ١٧.

(٢) وهي قراءة عبد الله ، وأبيّ. تفسير القرطبي ٣ / ٣٧٣ ؛ والمجيد ورقة ٣٠٦ / أ.

(٣) الرفع قراءة عامة القراء ، وقراءة عاصم بالنصب. التيسير ، ص ٨٥ ، والإتحاف ؛ ص ١٦٦.

(٤) ومثله قولهم : مقبرة ، ومشرفة ، ومشربة.

(٥) وقرأ الباقون بالفتح. التيسير ص ٨٥ ، والنشر ٢ / ٢٢٩ ؛ والكشف ١ / ٣١٩.

١٢١

محذوف ، تقديره : فرجل وامرأتان تقومان مقام الرجلين. وفي (يَكُونا) ضمير الشهيدين ، وهو اسم «كان» ، و (رَجُلَيْنِ) خبرها. وقيل : التقدير : فرجل وامرأتان يشهدون. وهذا الخبر المحذوف هو العامل في (أَنْ تَضِلَّ).

٣٢٥ ـ قوله تعالى : (أَنْ تَضِلَ) ـ ٢٨٢ ـ موضع (أَنْ) نصب ، والعامل فيه الخبر المحذوف وهو «يشهدون» على تقدير «لأن» ؛ كما تقول : أعددت الخشبة ليميل الحائط ، فأدغمه ، وكقول الشاعر (١) :

* فللموت ما تلد الوالده*

فأخبر بعاقبة الأمر وسببه. ومن كسر «إن» ـ وهي قراءة حمزة (٢) ـ جعله شرطا ، وموضع الشرط وجوابه رفع ؛ لأنه نعت لامرأتين.

٣٢٦ ـ وقوله تعالى : (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) ـ ٢٨٢ ـ في موضع رفع صفة لرجل وامرأتين ، ولا يدخل معهم في الصفة قوله تعالى : (شَهِيدَيْنِ) ؛ لاختلاف الإعراب في الموصوفين ، ولا يحسن أن يعمل في (أَنْ تَضِلَّ) و (اسْتَشْهِدُوا) ؛ لأنهم لم يؤمروا بالإشهاد ، لأن تضل إحدى المرأتين.

٣٢٧ ـ قوله تعالى : (صَغِيراً أَوْ كَبِيراً) ـ ٢٨٢ ـ حالان (٣) من الهاء في (تَكْتُبُوهُ) وهي عائدة على «الدين».

__________________

(١) هو شطر بيت وتمامه :

فإن يكن الموت أفناهم

فللموت ما تلد الوالده

من شواهد المغني ١ / ٢١٤ ، وهو لنهيكة بن الحارث المازني ، من مازن فزارة ، وينسب إلى عبد الله بن الزبعرى ، وإلى شتيم بن خويلد الفزاري ، وجاء عجزه أيضا في شعر للسماك بن عمرو العاملي. انظر : الفاخر ، ص ١٠ ، والكامل ، للمبرد ٢ / ٤٣٧ ، وشرح أبيات مغني اللبيب ، للبغدادي ٤ / ٢٦٩ ، ورغبة الآمل ٥ / ٥.

(٢) وقرأ الباقون بالفتح. النشر : ٢ / ٢٢٩ ؛ والتسير ص ٨٥ ؛ والكشف ١ / ٣٢٠.

(٣) في الأصل : «حالا» ، وفي (ق) : «حال».

١٢٢

٣٢٨ ـ قوله تعالى : (أَلَّا تَرْتابُوا) ـ ٢٨٢ ـ «أن» في موضع نصب تقديره : وأدنى من ألّا ترتابوا.

٣٢٩ ـ وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ) ـ ٢٨٢ ـ (أَنْ) في موضع نصب على الاستثناء المنقطع.

٣٣٠ ـ قوله تعالى : (أَلَّا تَكْتُبُوها) ـ ٢٨٢ ـ (أَنْ) في موضع نصب تقديره : فليس عليكم جناح في ألّا تكتبوها.

٣٣١ ـ وقوله تعالى : (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) ـ ٢٨٢ ـ يجوز أن يكونا فاعلين ، ويكون (يُضَارَّ) تفاعل. ويجوز أن يكونا مفعولين ، لم يسمّ فاعلهما ، ويكون (يُضَارَّ) تفاعل. والأحسن أن يكون «تفاعل» ؛ لأنّ بعده : (وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ) يخاطب الشهداء. والهاء في «وليّه» تعود على «الدين». وقيل : [تعود] على صاحب الدّين ، وهو اليتيم والعيي. وقيل : تعود على المطلوب (١).

٣٣٢ ـ قوله تعالى : (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) ـ ٢٨٣ ـ (فَرِهانٌ) مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : فرهان مقبوضة تكفي من ذلك. و «رهان» جمع «رهن» مثل : بغل وبغال (٢). ومن قرأ : «فرهن» [وبه قرأ أبو عمرو وابن كثير](٣) ، فهو جمع «رهان» مثل كتاب وكتب. ومن (٤) أسكن الهاء فعلى الاستخفاف. وقد قيل : إنّ «رهنا» جمع «رهن» مثل سقف وسقف (٥).

__________________

(١) ذهب الطبريّ إلى أن الضمير في «وَلِيُّهُ» عائد على «الْحَقُّ». وقيل : هو عائد على «الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ» ؛ وهو الصحيح. انظر تفسير القرطبي ٣ / ٣٨٨.

(٢) في (ظ ، ق) : «كنعل ونعال».

(٣) ما بين قوسين زيادة في الأصل. وقد قرأ غيرهما «رهان» بكسر الراء وفتح الهاء وألف بعدها. التيسير ، ص ٨٥ ؛ والنشر ٢ / ٢٢٩ ؛ والإتحاف ، ص ١٦٧ ؛ وانظر معاني القرآن ، للفراء ١ / ١٨٨.

(٤) قرأ بالإسكان عاصم بن أبي النجود ، وروي عن أبي عمرو وابن كثير. البحر المحيط ٢ / ٣٥٥ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٤٠٨.

(٥) انظر الكشف ١ / ٣٢٢ ، والبيان ١ / ١٨٤ ؛ والعكبري ١ / ٧١ ؛ وتفسير القرطبي ٣ / ٤٠٨.

١٢٣

٣٣٣ ـ قوله تعالى : (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) ـ ٢٨٣ ـ الياء التي في اللفظ في (الَّذِي) في قراءة ورش (١) بدل من الهمزة الساكنة التي هي فاء الفعل في (اؤْتُمِنَ) ، وياء (الَّذِي) حذفت لالتقاء الساكنين ، كما تحذف (٢) إذا خففت الهمزة.

٣٣٤ ـ قوله تعالى : (فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) ـ ٢٨٣ ـ (آثِمٌ) خبر (إِنْ) ، و (قَلْبُهُ) رفع بفعله ، وهو الآثم. ويجوز أن يرفع (آثِماً) بالابتداء ، و (قَلْبُهُ) بفعله ، ويسدّ مسدّ الخبر ، والجملة خبر (إِنْ). ويجوز أن ترفع القلب بالابتداء ، و (آثِمٌ) خبره ، والجملة خبر (إِنْ). ويجوز أن تجعل (آثِماً) خبر (إِنْ) و (قَلْبُهُ) بدلا من الضمير في (آثِمٌ) ؛ وهو بدل البعض من الكل. وأجاز أبو حاتم نصب «قلبه» ب (آثِمٌ) ، ينصبه على التفسير ، وهو بعيد ؛ لأنّه معرفة (٣).

٣٣٥ ـ قوله تعالى : (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) ـ ٢٨٤ ـ من جزم (٤) من القراء عطفه على (يُحاسِبْكُمْ) الذي هو جواب الشرط. وروي

__________________

(١) قرأ به أيضا أبو جعفر ، وأبو عمرو بخلاف. النشر ٢ / ٢٢٩ ؛ والإتحاف ؛ ص ١٦٧.

(٢) في (ح ، ق) : «حذفت». وانظر : البيان ١ / ١٨٤ ؛ وإملاء ما منّ به الرحمن ، للعكبري ١ / ٧١.

(٣) في مغني اللبيب ٢ / ٥٧٢ : «ومن الوهم .. قول مكي في قراءة ابن أبي عبلة (فإنه آثم قلبه) بالنصب : إن (قلبه) تمييز. والصواب أنه مشبه بالمفعول به كحسن وجهه ، أو بدل من اسم (إنّ)». وهذا تحامل من صاحب المغني ، لأن المؤلّف استبعده أيضا ، ويؤكده ما جاء في المجيد ٣٣٣ / أ ، ب : «... وقرأ ابن أبي عبلة (قلبه) بالنصب ، وخرّجه مكي على التفسير بعين التمييز. وضعّفه بأنه معرفة ..» وجاء في البحر المحيط ٢ / ٣٥٧ أنّ الكوفيين يجيزون مجيء التمييز معرفة. وخرجه بعضهم على أنه منصوب على التشبيه بالمفعول به ، نحو : مررت برجل حسن وجهه ، وهذا التخريج على مذهب الكوفيين جائز ، وعلى مذهب المبرد ممنوع ، ويجيزه سيبويه في الشعر فقط.

(٤) قرأ بجزم (يغفر ويعذب) غير عاصم وابن عامر وأبي جعفر ويعقوب ، وأما هؤلاء

١٢٤

عن ابن عباس والأعرج أنهما قرءاه بالنصب على إضمار «أن» ، وهو عطف على المعنى كما قدمنا (١) في : (فيضاعفه) ، فالفاء تعطف مصدرا على مصدر ، حملا على معنى الأوّل ، وقد فسرناه. وقرأ عاصم وابن عامر بالرفع على القطع من الأوّل (٢).

٣٣٦ ـ قوله تعالى : (كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ) ـ ٢٨٥ ـ ابتداء وخبر. ووحّد (آمَنَ) لأنه محمول على لفظ (كُلٌّ). ولو حمل على المعنى لقال : كلّ آمنوا.

٣٣٧ ـ قوله تعالى : (لا تُؤاخِذْنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا وَلا تُحَمِّلْنا) ـ ٢٨٦ ـ لفظه كله لفظ النهي ، ومعناه الطلب ؛ وهو مجزوم.

٣٣٨ ـ قوله تعالى : (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا) و (فَانْصُرْنا) ـ ٢٨٦ ـ لفظه كلّه لفظ الأمر ، ومعناه الطلب ؛ وهو مبني على الوقف عند البصريين ومجزوم عند الكوفيين. وحكى الأخفش أنّ العرب تقول : أخذه الله بذلك ، وواخذه الله ، لغتان.

٣٣٩ ـ قوله تعالى : (رَبَّنا) ـ ٢٨٦ ـ نداء مضاف منصوب.

٣٤٠ ـ وقوله تعالى : (سَمِعْنا) ـ ٢٨٥ ـ معناه : قبلنا ما أمرتنا به ؛ ومنه قول المصلي : «سمع الله لمن حمده» ، أي : قبل الله حمده منه. ولفظه [لفظ] الخبر ، ومعناه الدعاء والطلب ، مثل قولك : غفر الله لي ، معناه : اللهم اغفر لي ؛ [خبر معناه الطلب](٣).

__________________

فقرءوا بالرفع. التيسير ، ص ٨٥ ؛ والنشر ٢ / ٢٢٩ ؛ والإتحاف ؛ ص ١٦٧.

(١) راجع فقرة (٢٦٩) من هذه السورة.

(٢) انظر الكشف ١ / ٣٢٣ ؛ والبيان ١ / ١٨٦ ؛ والعكبري ١ / ٧١ ؛ وتفسير القرطبي ٣ / ٤٢٣.

(٣) زيادة في الأصل.

١٢٥

مشكل إعراب سورة

«آل عمران»

٣٤١ ـ قوله تعالى : (الم) ـ ١ ـ مثل : (الم* ذلِكَ الْكِتابُ)(١). فأمّا فتحة الميم فيجوز أن تكون فتحت للساكنين ؛ لسكونها وسكون اللام بعدها (٢). ويجوز أن تكون فتحت لسكونها وسكون الياء قبلها ، ولم ينو الوقف عليها. ويجوز أن تكون فتحت لأنه نوى عليها الوقف ، فألقى عليها حركة ألف الوصل المبتدأ بها ، كما قالوا : واحد اثنان ثلاثه أربعة ، فألقوا حركة همزة «أربعة» على الهاء من «ثلاثه». وتركوها هاء على حالها ولم يقلبوها تاء عند تحريكها ؛ إذ النيّة فيها الوقف. وقال ابن كيسان (٣) : ألف «الله» وكل ألف مع لام التعريف ألف قطع ، بمنزلة «قد» ؛ وإنما وصلت لكثرة الاستعمال. فمن حرّك الميم ألقى عليها حركة الهمزة التي هي بمنزلة القاف من «قد» ، من الله ، ففتحها بفتحة الهمزة. وأجاز الأخفش كسر الميم لالتقاء الساكنين ، وهو غلط (٤) ، [لا قياس له لنقله].

__________________

(١) سبق شرحها في فقرة (١٣) من سورة البقرة الآية : ١ ـ ٢.

(٢) في الأصل : «اللام التشديد بعدها».

(٣) إعراب القرآن ، للنحاس ١ / ٣٥٤.

(٤) خطّأه الزجّاج كما في تفسير القرطبي ١٦٤. وانظر : البيان ١ / ١٨٩ ؛ والعكبري ١ / ٧٢ ؛ والبحر المحيط ٢ / ٣٧٤. والمجيد ٣١٩ / ب.

وفي هامش (ظ) : ٢١ / أ : «الم. الله : بكسر الميم ، عبد الوارث عن عمرو بن عبيد عن الحسن ، غرايب القرآن».

١٢٦

٣٤٢ ـ قوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ـ ٢ ـ [«الله»](١) مبتدأ ، وخبره : (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) ـ ٣ ـ و (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ابتداء وخبر في موضع الحال من (اللهُ). وقيل : من المضمر الذي في (نَزَّلَ) ، تقديره : الله نزّل عليك الكتاب متوحّدا بالربوبيّة. وقيل : هو بدل من موضع (لا إِلهَ).

٣٤٣ ـ قوله تعالى : (بِالْحَقِ) ـ ٣ ـ في موضع الحال من (الْكِتابَ) ، فالباء متعلقة بمحذوف ، تقديره : نزّل عليك الكتاب ثابتا بالحق ، ولا تتعلق الباء ب «نزّل» ؛ لأنه قد تعدّى إلى مفعولين ، أحدهما بحرف ، فلا يتعدّى إلى ثالث. وكذلك (مُصَدِّقاً) حال من المضمر في (بِالْحَقِّ) ، تقديره : نزّل عليك الكتاب محققا مصدّقا لما بين يديه ، وهما حالان مؤكّدتان.

٣٤٤ ـ قوله تعالى : (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ـ ٢ ـ نعتان لله تعالى. ووزن القيّوم «فيعول» من قام بالأمر ، وقد ذكر في البقرة (٢).

٣٤٥ ـ قوله تعالى : (التَّوْراةَ) ـ ٣ ـ وزنها «فوعلة» ، أصلها «وورية» مشتقة من : وري الزّند ، فالتاء بدل من واو. ومن وري الزّند قوله : (تُورُونَ)(٣) ، وقوله : (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً)(٤) [تقول : وري الزّند وأوريته](٥). وقلبت الياء من التوراة ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ؛ هذا مذهب البصريين. وقال الكوفيون : وزنها «تفعلة» من «وري الزّند» أيضا ، فالتاء غير منقلبة عندهم من واو ، وأصلها عندهم : «تورية» ، وهذا قليل في الكلام ، و «فوعلة» كثير في الكلام ؛ فحمله على الأكثر أولى. وأيضا فإن التاء لم تكثر زيادتها في أوّل الكلام ، كما كثرت زيادة الواو ثانية (٦).

__________________

(١) تكملة من (ظ).

(٢) ذكره في فقرة (٢٨٥) من سورة البقرة.

(٣) سورة الواقعة : الآية ٧١.

(٤) سورة العاديات : الآية ٢.

(٥) زيادة في الأصل.

(٦) اللسان ٢٠ / ٢٦٧ ؛ والبيان ١ / ١٩٠ ؛ والعكبري ٢ / ٧٢ ؛ وتفسير القرطبي ٤ / ٥.

١٢٧

٣٤٦ ـ قوله تعالى : (ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) ـ ٧ ـ مفعولان من أجلهما (١).

٣٤٧ ـ قوله تعالى : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ـ ٧ ـ معطوف على اسم (اللهُ) تعالى ، فهم يعلمون المتشابه ، فلذلك وصفهم الله عزوجل بالرسوخ في العلم. ولو كانوا جهّالا بمعرفة المتشابه ما وصفهم [الله] بالرّسوخ في العلم. فأمّا ما روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قرأ (٢) : «ويقول الراسخون في العلم آمنّا به» فهي قراءة مخالفة للمصحف ، فإن صحت فتأويلها : ما يعلمه إلا الله والراسخون في العلم ، ويقولون آمنّا به ، ثم أظهر الضمير الذي في «يقولون» فقال : «ويقول الراسخون» ، [والتمام على قول هؤلاء عند قوله : (إِلَّا اللهُ) ، ثم ابتدأ (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ)](٣). وقد أفردنا لهذه المسألة كتابا لسعة الكلام فيها (٤).

٣٤٨ ـ قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ) ـ ٧ ـ الهاء تعود على المتشابه. وقيل : تعود على الكتاب ؛ وهو القرآن كلّه.

٣٤٩ ـ قوله تعالى : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) ـ ١١ ـ الكاف في موضع

__________________

(١) في هامش ظ ٢١ / ب : «(مِنْهُ آياتٌ) ـ ٧ ـ : الجملة في موضع نصب على الحال من (الْكِتابَ) ، ولك أن ترفع (آيات) بالظرف ، لأنه قد اعتمد ، ولك أن ترفعه بالابتداء ، والظرف خبره.

(هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) : في موضع رفع صفة لآيات ، وإنما أفرد أمّا وهو خبر عن جمع ، لأن المعنى أن جميع الآيات بمنزلة آية واحدة ، فأفرد على المعنى.

و (أُخَرُ) : معطوف على (آياتٌ) ، و (مُتَشابِهاتٌ) نعت لأخر.

(ما تَشابَهَ مِنْهُ) : ما بمعنى الذي ، و (مِنْهُ) حال من ضمير الفاعل ، والهاء تعود على الكتاب» أبو البقاء ١ / ٧٣.

(٢) روي هذا أيضا عن ابن مسعود ، وأبيّ بن كعب ، وعائشة. زاد المسير ١ / ٣٥٤ ؛ وتفسير القرطبي ٤ / ١٦ ؛ والبحر المحيط ٢ / ٣٧٤.

(٣) زيادة في الأصل.

(٤) في الأصل : «فيهما». والكتاب هو : «شرح اختلاف العلماء في قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ).

١٢٨

نصب على النعت لمصدر محذوف ، تقديره عند الفراء (١) : كفرت العرب كفرا ككفر (٢) آل فرعون ؛ وفي هذه القول إبهام للتفرقة بين الصلة والموصول (٣).

٣٥٠ ـ قوله تعالى : (فِئَةٌ) ـ ١٣ ـ أي : أحدهما فئة. وقوله تعالى : (تُقاتِلُ) ـ ١٣ ـ في موضع النعت ل (فِئَةٌ) ، ولو خفضت (فِئَةٌ) على البدل من (فِئَتَيْنِ) لجاز ؛ وهي قراءة الحسن ومجاهد (٤). وتكون (أُخْرى) في موضع خفض.

٣٥١ ـ قوله تعالى : (وَأُخْرى) ـ ١٣ ـ في موضع رفع على خبر الابتداء ، وهي صفة قامت مقام الموصوف وهو (فِئَةٌ) ، تقديره : والأخرى فئة أخرى كافرة. ويجوز النصب فيهما على الحال ، أي التقتا مختلفتين.

٣٥٢ ـ قوله تعالى : (يَرَوْنَهُمْ) ـ ١٣ ـ من قرأه (٥) بالتاء فموضعه نصب على الحال من الكاف والميم في (لَكُمْ) ، أو في موضع رفع على النعت ل (أُخْرى) ، أو في موضع خفض على النعت ل : (أُخْرى) إنّ جعلتها في

__________________

(١) معاني القرآن ١ / ١٩١.

(٢) في الأصل «مثل ما كفر».

(٣) أراد أن الكاف في هذا القول قد دخلت في صلة الذين من قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) ـ ١٠ ـ وقد ردّ على مكي ابن الشجري في أماليه ٢ / ٤٤٨ ، بقوله : «كان الواجب على هذا المعرب ـ أي مكي ـ حيث أنكر قول الفراء أن يعتمد على قول غيره ، ولا يقتصر على ذكر قول مناف لقياس العربية ...» ثم ذكر فهم أبي إسحاق الزجاج لقول الفراء ، وفهم علي بن عيسى الرماني له أيضا ، إذ جعلا الكاف في موضع رفع ، لأنها في موضع خبر ابتداء ، والمعنى : دأب هؤلاء كدأب آل فرعون والذين من قبلهم ، أو : عادتهم كدأب آل فرعون ، ولا يجوز أن يعمل في الكاف (كَفَرُوا) لأن صلة (الَّذِينَ) قد انقطعت بالخبر.

(٤) انظر هذه القراءة في البحر المحيط ٢ / ٣٩٣ ؛ وتفسير القرطبي ٤ / ٢٥.

(٥) وهي قراءة نافع ويعقوب ، وقرأ الباقون بالياء. النشر ٢ / ٢٣٠ ؛ والإتحاف ص ١٧١.

١٢٩

موضع خفض على العطف على (فِئَةٌ) ، في قراءة من خفضها على البدل من (فِئَتَيْنِ) ، والخطاب في (لَكُمْ) لليهود ، وقيل : للمسلمين. وفي هذه الآية وجوه من الإعراب والمعاني ، على قدر الاختلاف في رجوع الضمائر في قوله : (ترونهم مثليهم) ، وعلى اختلاف المعاني في قراءة من قرأ بالياء أو بالتاء في (تَرَوْنَهُمْ) ؛ يطول ذكرها (١). وقد رسمنا لشرحها كتابا مفردا.

٣٥٣ ـ قوله تعالى : (مِثْلَيْهِمْ) ـ ١٣ ـ نصب على الحال من الهاء والميم في (تَرَوْنَهُمْ) ؛ لأنّه من رؤية البصر ؛ بدلالة قوله : (رَأْيَ الْعَيْنِ.) والمضمر المنصوب في (تَرَوْنَهُمْ) يعود على الفئة الأخرى الكافرة ، والمرفوع في قراءة من قرأ بالتاء يعود على الكاف والميم في (لَكُمْ) ، وفي قراءة من قرأ بالياء يعود على الفئة المقاتلة في سبيل الله. والهاء والميم في (مِثْلَيْهِمْ) تعودان إلى الفئة المقاتلة في سبيل الله. هذا أبين الأقوال ، وفيه اختلاف كثير (٢).

٣٥٤ ـ قوله تعالى : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) ـ ١٤ ـ (اللهُ) مبتدأ ، و (حُسْنُ) مبتدأ ثان (٣) ، و (عِنْدَهُ) خبر (حُسْنُ) و (حُسْنُ) وخبره (٤) خبر عن الأول (٥). و (الْمَآبِ)(٦) ، وزنه «مفعل» وأصله مأوب ، ثم قلبت (٧) حركة الواو على الهمزة ، وأبدل من الواو ألف ، مثل : مقال ومكان (٨)](٩).

__________________

(١) انظر : معاني القرآن ، للفراء ١ / ١٩٤ ، ١٩٥ ؛ وتفسير القرطبي ٤ / ٢٥ ، ٢٦ ، والبحر المحيط ٢ / ٣٩٢ ؛ والمجيد ٣٢٦ / ب وما بعده ، والعكبري ١ / ٧ ؛ والبيان ١ / ١٩٣ ؛ والكشف ١ / ٣٣٦.

(٢) انظر : الكشف ١ / ٣٣٦ ، والبيان ١ / ١٩٣ ، وتفسير القرطبي ٤ / ٢٥.

(٣) لفظ «ثان» تكملة من (ظ ، ق).

(٤) في (ح) : «خبره» بغير واو ، والتصحيح من (ظ ، ق).

(٥) في (ظ ، ق) : «عن اسم الله».

(٦) في (ح) «المآب» بغير واو ، وأثبت ما في (ظ ، ق).

(٧) في (ق) : «ألقيت».

(٨) انظر البيان ١ / ١٩٣ ؛ والعكبري ١ / ٧٥ ؛ وتفسير القرطبي ٤ / ٣٧ ؛ والتاج (أوب).

(٩) ما بين قوسين ساقط في الأصل ، وسيتكرر بتمامه في فقرة (٤٩٢).

١٣٠

٣٥٥ ـ قوله تعالى : (جَنَّاتٌ) ـ ١٥ ـ ابتداء ، و (لِلَّذِينَ) الخبر ، واللام متعلقة بالخبر المحذوف ، الذي قامت اللام مقامه ، بمنزلة قولك : لله الحمد. ويجوز الخفض في (جَنَّاتٌ) على البدل من «بخير من ذلكم جنات» ، على أن تجعل اللام التي في (لِلَّذِينَ) متعلقة ب (أَأُنَبِّئُكُمْ) ، أو تجعلها صفة ل «خير». ولو جعلت اللام متعلقة بمحذوف قامت مقامه ، لم يجز خفض (جَنَّاتٌ) ؛ لأنّ حروف الجر والظروف إذا تعلقت بمحذوف تقوم مقامه صار فيها ضمير مقدر مرفوع ، واحتاجت إلى ابتداء يعود عليه ذلك الضمير ، كقولك : لزيد مال ، وفي الدار عمرو ، وخلفك خالد ، فلا بدّ من رفع (جَنَّاتٌ) إذا تعلقت اللام بمحذوف. ولو قدرت أن تتعلّق اللام بمحذوف ، على أن لا ضمير فيها ، لرفعت (جَنَّاتٌ) بفعلها ؛ وهو مذهب الأخفش ؛ في رفعه ما بعد الظروف وحروف الخفض بالاستقرار ، وإنما يحسن ذلك عند حذّاق النحويين إذا كانت الظروف أو حروف الخفض صفة لما قبلها ، فحينئذ يتمكّن ويحسن رفع الاسم بالاستقرار. وقد شرحناه بأبين من هذا في موضع آخر في هذا الكتاب ، ومثلناه بأمثلة. وكذلك إن كانت أحوالا مما قبلها.

٣٥٦ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ يَقُولُونَ) ـ ١٦ ـ (الَّذِينَ) في موضع خفض بدل من (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا). وإن شئت في موضع رفع على «هم». وإن شئت في موضع نصب على المدح (١). و (الصَّابِرِينَ) ـ ١٧ ـ بدل من (الَّذِينَ) على اختلاف الوجوه المذكورة.

٣٥٧ ـ قوله تعالى : (قائِماً بِالْقِسْطِ) ـ ١٨ ـ حال من (هُوَ) مؤكّدة.

٣٥٨ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) ـ ١٩ ـ من فتح (إِنَّ) ـ وهي قراءة الكسائي ـ (٢) جعلها بدلا من (إِنَّ) الأولى في قوله : (شَهِدَ

__________________

(١) إعراب القرآن ، للنحاس ١ / ٣٥٣.

(٢) وقرأ غير الكسائي بكسر (إنّ). النشر ٢ / ٢٣١ ؛ والإتحاف ، ص ١٧٢ ، وزاد المسير ١ / ٣٦٢. وانظر : معاني القرآن ، للفراء ١ / ٢٠٠.

١٣١

اللهُ أَنَّهُ) ـ ١٨ ـ وهو بدل من الشيء ، وهو هو. ويجوز أن يكون البدل بدل الاشتمال على تقدير اشتمال الثاني على الأوّل ، لأنّ الإسلام يشتمل على شرائع كثيرة ، منها التوحيد المتقدّم ذكره ، وهو بمنزلة قولك : سلب زيد ثوبه. ويجوز أن تكون (إِنَّ) في موضع خفض بدلا من «القسط» ، بدل الشيء من الشيء ، وهو هو (١).

٣٥٩ ـ قوله تعالى : (بَغْياً بَيْنَهُمْ) ـ ١٩ ـ مفعول من أجله ، وقيل : حال من (الَّذِينَ).

٣٦٠ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ) ـ ١٩ ـ (مِنْ) شرط ، في موضع رفع بالابتداء. وقوله : (فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) خبره ، والفاء جواب الشرط ، والعائد على المبتدأ من خبره محذوف ، تقديره : سريع الحساب له. ويجوز رفع (يَكْفُرْ) على أن تجعل (مِنْ) بمعنى الذي ، وتقدر حذف «لهم» من الخبر.

٣٦١ ـ قوله تعالى : (وَمَنِ اتَّبَعَنِ) ـ ٢٠ ـ «من» في موضع رفع عطف على التاء في (أَسْلَمْتُ). ويجوز أن تكون مبتدأ ، والخبر محذوف ، تقديره : ومن اتّبعن أسلم وجهه لله. [ويجوز أن تكون في موضع خفض عطفا على (اللهُ)(٢)].

٣٦٢ ـ قوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ) ـ ٢١ ـ خبر (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ) ، ودخلت الفاء للإبهام الذي في (الَّذِينَ)(٣) ؛ مع كون الفعل في صلة «الذي» مع أن «الذي» لم يغير معناه العامل ، فلا يتم دخول الفاء في خبر «الذي» حتى يكون الفعل في صلته ، ويكون لم يدخل عليه عامل يغير معناه.

__________________

(١) الكشف ١ / ٣٣٨ ؛ والبيان ١ / ١٩٥ ؛ والعكبري ١ / ٧٥ ؛ وتفسير الطبري ٦ / ٢٨٦.

(٢) ما بين قوسين زيادة من (ظ ، ق). انظر : البيان ١ / ١٩٥ ؛ والعكبري ١ / ٧٦ ؛ وتفسير القرطبي ٤ / ٤٥. وفي حذف الياء من «اتبعن» انظر : معاني القرآن ، للفراء ١ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(٣) في الأصل و (ق) : «الذي».

١٣٢

فبهذين الشرطين تدخل الفاء في خبر «الذي» ؛ فمتى نقصا أو نقص واحد منهما لم تدخل الفاء (١) في خبره ، وقد تقدّم ذكر هذا (٢).

٣٦٣ ـ قوله تعالى : (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) ـ ٢٣ ـ ابتداء وخبر ، في موضع النعت ل (فَرِيقٌ) ، [أو في موضع الحال ؛ لأن النكرة قد نعتت ، ولأنّ الواو واو الحال](٣).

٣٦٤ ـ قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ) ـ ٢٥ ـ «كيف» سؤال عن حال ، وهي هنا تهدّد ووعيد. وموضعها نصب على الظرف ، والعامل فيها المعنى الذي دلّت (٤) عليه «كيف» ، تقديره : فعلى أيّ حال يكونون حين يجمعون ليوم لا شك فيه ؛ والعامل في (إِذا) ما دلت عليه «كيف» ؛ والظروف متّسع فيها ، تعمل فيها المعاني التي (٥) يدلّ عليها الخطاب ، بخلاف المفعولات. فهذا أصل يكثر دوره في القرآن والكلام.

٣٦٥ ـ وقوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ) ـ ٢٥ ـ في موضع خفض ، نعت ل «يوم».

٣٦٦ ـ قوله تعالى : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ـ ٢٥ ـ ابتداء وخبر في موضع الحال من المضمر المرفوع في «كسبت».

٣٦٧ ـ قوله تعالى : (مالِكَ الْمُلْكِ) ـ ٢٦ ـ نصب على النداء المضاف. ولا يجوز عند سيبويه (٦) أن يكون نعتا لقوله : اللهم ، ولا يجوز أن يوصف عنده (اللهُمَّ) ؛ لأنّه قد تغير بما في آخره. وأجاز غيره (٧) من البصريين

__________________

(١) في (ح ، ظ ، ق) : «لم يجز دخول الفاء».

(٢) تقدم في فقرة (٣١٦) من سورة البقرة.

(٣) ما بين قوسين زيادة من (ظ ، ق).

(٤) في الأصل : «دخلت».

(٥) في الأصل : «الذي» وأثبت ما في (ظ ، ق).

(٦) الكتاب ، لسيبويه ١ / ٣١٠.

(٧) أجازه المبرد والزجّاج ، كما في إعراب القرآن ، للنحاس ١ / ٣١٩.

١٣٣

والكوفيين أن يكون «مالك الملك» صفة «اللهم» كما جاز مع «يا لله» (١).

٣٦٨ ـ قوله تعالى : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) ـ ٢٦ ـ في موضع الحال من المضمر في (مالِكَ) ؛ وكذلك (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ) ، وكذلك (وَتُعِزُّ وَتُذِلُّ.) ويجوز أن يكون هذا كلّه خبر ابتداء محذوف ، أي : أنت تؤتي الملك وتنزع الملك.

٣٦٩ ـ قوله تعالى : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) ـ ٢٦ ـ ابتداء وخبر ، في موضع الحال من المضمر في (مالِكَ). ويجوز أن تكون الجملة خبر ابتداء محذوف ، تقديره : أنت بيدك الخير.

٣٧٠ ـ قوله تعالى : (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) ـ ٢٧ ـ مثل (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) في وجهيه (٢) ، وكذلك : (وَتُخْرِجُ) (وَتَرْزُقُ).

٣٧١ ـ قوله تعالى : (تُقاةً) ـ ٢٨ ـ وزنها : «فعلة» ، وأصلها : «وقية» ثم أبدلوا من الواو تاء ، كتجاه ، وتكأة (٣) ، فصارت «تقية» ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فصارت «تقاة».

٣٧٢ ـ قوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ) ـ ٣٠ ـ «يوم» منصوب ب (يُحَذِّرُكُمُ) أي : ويحذركم الله نفسه في يوم تجد ؛ [وفيه نظر (٤). ويجوز أن يكون العامل فيه فعلا مضمرا ، أي اذكر يا محمد يوم تجد](٥). ويجوز أن يكون العامل في (يَوْمَ) «المصير» ، أي : وإليه المصير في يوم تجد.

__________________

(١) في المجيد للسفاقسي ٣٣٦ / أ : «... وردّه بعضهم بأنه لو صحّ فيما بعده الوصف لجاز فيه الرفع والنصب ؛ كسائر المناديات المبنية».

(٢) أي الحال ، وخبر المبتدأ المحذوف.

(٣) التكأة : العصا يتكأ عليها في المشي ، والرجل الكثير الاتكاء ، التاج : (وكأ).

(٤) علق على ذلك ابن هشام في المغني ٢ / ٥٩٥ بقوله : «والصواب الجزم بأنه خطأ ؛ لأن التحذير في الدنيا لا في الآخرة ، ولا يكون مفعولا به ليحذركم». وقد سبقه إلى هذا ابن الشجري في أماليه ٢ / ٤٥٠.

(٥) زيادة في (ظ).

١٣٤

ويجوز أن يكون العامل «قدير» أي : قدير في يوم تجد (١).

٣٧٣ ـ قوله تعالى : (مُحْضَراً) ـ ٣٠ ـ حال من المضمر المحذوف من صلة (ما) ، تقديره : ما عملته من خير محضرا.

٣٧٤ ـ قوله تعالى : (وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) ـ ٣٠ ـ (ما) في موضع نصب عطف على (ما) الأولى ، و (تَوَدُّ) حال من المضمر المرفوع في (عَمِلَتْ) الثاني. فإن قطعتها ممّا قبلها وجعلتها للشرط جزمت (تَوَدُّ) تجعله جوابا للشرط ، وخبرا ل (ما). ويجوز أن تقطعها من الأولى (٢) على أن تكون بمعنى الذي ، في موضع رفع بالابتداء ، و «تود» الخبر.

٣٧٥ ـ وقوله تعالى : (ذُرِّيَّةً) ـ ٣٤ ـ نصب على الحال من الأسماء التي قبلها ، بمعنى متناسبين بعضهم من بعض. [وقيل : هي بدل مما قبلها].

٣٧٦ ـ قوله تعالى : (إِذْ قالَتِ) ـ ٣٥ ـ العامل في «إِذْ» «سَمِيعٌ عَلِيمٌ» ، أي والله سميع عليم حين قالت. وقيل : العامل (اصطفى) ، أي : واصطفى آل عمران إذ قالت ؛ وفيه نظر. وقيل : العامل فعل مضمر تقديره : واذكر يا محمد إذ قالت ؛ فعلى هذا التقدير يحسن الابتداء بها ولا يحسن على غيره (٣).

٣٧٧ ـ قوله تعالى : (مُحَرَّراً) ـ ٣٥ ـ حال من (ما). وقيل تقديره : غلاما

__________________

(١) في البحر المحيط ٢ / ٤٢٦ : «وقال مكي بن أبي طالب : العامل في (قدير) ، وقال أيضا : فيه مضمر تقديره : اذكر. ويضعف نصبه ب (قدير) لأن قدرته على كل شيء لا تختص بيوم دون يوم ... ، وأما نصبه بإضمار فعل ، فالإضمار على خلاف الأصل».

وقد تابعه في ذلك أيضا السفاقسي في المجيد ٣٣٧ / ب. وذكر ابن الشجري ما يشبه هذا القول ، وإن كان أجاز النصب بتقدير : اذكر. الأمالي ٢ / ٤٥٠.

(٢) في (ظ ، ق) : «الأوّل».

(٣) البيان ١ / ٢٠٠ ؛ والعكبري ١ / ٧٧ ؛ وتفسير القرطبي ٤ / ٦٥ ؛ وزاد المسير ١ / ٣٦٧ ؛ والمجيد ٣٤١ /أ.

١٣٥

محررا (١) ، أي : خالصا [لك]. ووقعت (ما) لما يعقل للإبهام ؛ كما قالت العرب : «خذ من عبيدي ما شئت». وحكى سيبويه : «سبحان ما سبح الرعد بحمده». وكما قال تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ)(٢). والهاء في (وَضَعَتْها) ـ ٣٦ ـ تعود على (ما) ومعناها التأنيث.

٣٧٨ ـ قوله تعالى : (وَضَعْتُها أُنْثى) ـ ٣٦ ـ (أُنْثى) حال من المضمر المنصوب في (وَضَعَتْها). ويجوز أن يكون بدلا منه.

٣٧٩ ـ قوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) ـ ٣٦ ـ من ضمّ (٣) التاء وأسكن العين لم يبتدئ بقوله : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) ؛ لأنه من كلام أم مريم. ومن فتح العين وأسكن التاء ابتدأ به ؛ لأنه ليس من كلام أم مريم. ومثله من كسر التاء وأسكن العين ، وهي قراءة (٤) [تروى عن ابن عباس].

٣٨٠ ـ قوله تعالى : (زَكَرِيَّا) ـ ٣٧ ـ همزة «زكرياء» همزة تأنيث ، ولا يجوز أن تكون للإلحاق ؛ لأنه ليس في أصول الأبنية مثال على وزنه فيكون ملحقا به ، ولا يجوز أن تكون منقلبة ؛ لأن الانقلاب لا يخلو أن يكون من حرف من نفس الكلمة ، أو من حرف الإلحاق ، فلا يجوز أن يكون من نفس الكلمة ؛ لأن الياء والواو لا يكونان أصلا فيما كان على أربعة أحرف. ولا يجوز أن يكون من حرف الإلحاق ؛ إذ ليس في أصول الأبنية بناء يكون (٥) هذا ملحقا به ، فلا يجوز أن تكون الهمزة إلا للتأنيث.

__________________

(١) ذكر أبو حيان في البحر ٢ / ٤٣٧ اعتراض ابن عطية على مكي بجعله (مُحَرَّراً) نعتا لمفعول محذوف ، وقال : إن هذا فيه نظر ، لأن (نذر) قد أخذ مفعوله ، وهو (ما فِي بَطْنِي) ، فلا يتعدى إلى آخر.

(٢) سورة النساء : الآية ٣.

(٣) وهي قراءة أبي بكر ؛ وابن عامر ، ويعقوب ، وقرأ الباقون بفتح العين وإسكان التاء. النشر ٢ / ٢٣١ ؛ والإتحاف ؛ ص ١٧٣ ؛ والكشف ١ / ٣٤٠.

(٤) انظر هذه القراءة في تفسير القرطبي ٤ / ٦٧ ؛ والبحر المحيط ٢ / ٤٣٩ ؛ والمجيد للسفاقسي ٣٤٢ / أ.

(٥) في الأصل : «ما يكون» وأثبت ما جاء في (ح ، ق).

١٣٦

وكذلك الكلام على قراءة من قصر الألف (١) ؛ هي للتأنيث لهذه الدلائل (٢).

٣٨١ ـ قوله تعالى : (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها) ـ ٣٧ ـ (كُلَّما) ظرف زمان ، والعامل فيه (وَجَدَ) أي : أيّ وقت دخل عليها يجد عندها رزقا.

٣٨٢ ـ قوله تعالى : (هُنالِكَ) ـ ٣٨ ـ ظرف زمان ، والعامل فيه (دَعا) ، أي : دعا زكريا ربّه في ذلك الحين. وقد تكون (هُنالِكَ) في موضع آخر ظرف مكان ، وهو أصلها. وإنما اتسع فيها فوقعت للزمان ، بدلالة الحال والخطاب. وربما احتملت الوجهين ، نحو قوله (٣) : (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ)(٤). ويدل على أن أصلها المكان أنك تقول : اجلس هنالك ، تريد المكان ، ولا يجوز : سر هنالك ، تريد الزمان. والظرف «هنا» واللام للتأكيد ، والكاف للخطاب لا موضع لها من الإعراب (٥).

٣٨٣ ـ قوله (٦) تعالى : (ذُرِّيَّةً) ـ ٣٨ ـ وزنها : «فعّولة» من ذرأ الله الخلق ، وكان أصلها على هذا : «ذروءة» فأبدلوا من الهمزة ياء ، فاجتمع ياء وواو ، والأوّل ساكن ، فأدغموا الياء في الواو ، على إدغام الثاني في الأول استثقالا للواوات ، وكسرت الراء لتصحّ الياء الساكنة المدغمة. وقيل : ذريّة «فعّيلة» من «الذّرّ» (٧) فكان أصل الذريّة أن تكون اسما لصغار ولد الرجل ، ثم اتّسع فيه فكان أصلها على هذا «ذريرة» ، ثم أبدلوا من

__________________

(١) قرا بالقصر من غير همز حفص وحمزة والكسائي وخلف ، وقرأ الباقون بالمد والهمز. انظر النشر ٢ / ٢٣١ ؛ والإتحاف ، ص ١٧٣.

(٢) البيان ١ / ٢٠١ ؛ والعكبري ١ / ٧٧.

(٣) في الأصل : «قولك» ، وصححت من (ح ، ق).

(٤) سورة الكهف : الآية ٤٤.

(٥) البيان ١ / ٢٠١ ؛ والعكبري ١ / ٧٧ ؛ وتفسير القرطبي ٤ / ٧٢.

(٦) في الأصل : «قوله تعالى قوله» وهو تحريف.

(٧) في تفسير القرطبي : «ذريّة» فعليّة ، من الذّر» وكذا في اللسان والتاج.

١٣٧

الراء الأخيرة (١) ياء ، فأدغمت الأولى فيها ، وذلك لاجتماع الراءات ؛ كما قالوا : «تظنّيت» في «تظنّنت» لاجتماع النونات. وقيل : وزن «ذرّيّة» «فعّولة» من ذروت ، فأصلها على هذا «ذرّورة» ثم فعل بها مثل الوجه المتقدم الذي قبل هذا ، وكسرت الراء المشدّدة لتصح الياء الساكنة (٢).

٣٨٤ ـ قوله تعالى : (وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي) ـ ٣٩ ـ ابتداء وخبر في موضع الحال من الهاء في (فَنادَتْهُ) ، و (يُصَلِّي) في موضع الحال من المضمر في (قائِمٌ).

٣٨٥ ـ قوله تعالى : (عاقِرٌ) ـ ٤٠ ـ إنما جاء بغير هاء على النسبة (٣) ، ولو أتى على الفعل لقال : «عقيرة» (٤) ، بمعنى : معقورة ، أي بها عقر يمنعها من الولد (٥).

٣٨٦ ـ قوله تعالى : (مُصَدِّقاً) ـ ٣٩ ـ حال من «يحيى» ، وهي حال مقدّرة ؛ وكذلك (وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا).

٣٨٧ ـ قوله تعالى : (كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ) ـ ٤٠ ـ الكاف في موضع نصب على تقدير : يفعل الله ما يشاء فعلا مثل ذلك.

٣٨٨ ـ قوله تعالى : (اجْعَلْ لِي آيَةً) ـ ٤١ ـ «اجعل» بمعنى «صيّر» ، فهو يتعدّى إلى مفعولين ؛ أحدهما بحرف ، وهما : (لِي) ، و (آيَةً).

٣٨٩ ـ قوله تعالى : (أَلَّا تُكَلِّمَ) ـ ٤١ ـ «أن لا» في موضع [رفع] خبر (آيَتُكَ). ويجوز رفع (تُكَلِّمَ) على أن تضمر الكاف مع «أن» ، [أي] : آيتك

__________________

(١) في الأصل : «الآخرة».

(٢) ذكر ابن جني أن أصل هذا الحرف يحتمل أربعة ألفاظ هي : ذرأ ، وذرر ، وذرو ، وذري. انظر : تفسير القرطبي : ٢ / ١٠٧ ؛ واللسان (ذرا).

(٣) أي ذات عقر.

(٤) تأتي أسماء الفاعلين من «فعل» ـ بضم العين ـ : فعيلة ، تقول : عظمت فهي عظيمة.

(٥) في المجيد ، للسفاقسي ٢٤٥ / ب : «مقتضى كلام مكي أنه متعد ، وقد تقدّم من كلام الشيخ ـ أي شيخه أبي حيان ـ أنه لازم».

١٣٨

أنّك لا تكلم الناس ، و (ثَلاثَةَ) ظرف.

٣٩٠ ـ قوله تعالى : (إِلَّا رَمْزاً) ـ ٤١ ـ استثناء ليس من الأول. وكلّ استثناء ليس من جنس الأول فالوجه فيه النصب (١).

٣٩١ ـ قوله تعالى : (كَثِيراً) ـ ٤١ ـ نعت لمصدر محذوف ، أي ذكرا كثيرا (٢).

٣٩٢ ـ قوله تعالى : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ) ـ ٤٢ ـ «إذ» معطوفة على (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ) ـ ٣٥ ـ إذا جعلتها في موضع نصب على «اذكر».

٣٩٣ ـ قوله تعالى : (أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) ـ ٤٤ ـ ابتداء وخبر ، والجملة في موضع نصب بفعل دلّ عليه الكلام ، تقديره : إذ يلقون أقلامهم ينظرون أيّهم يكفل مريم ، ولا يعمل في لفظ «أي» ؛ لأنّها استفهام ، ولا يعمل في الاستفهام ما قبله.

٣٩٤ ـ وقوله تعالى : (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ) ـ ٤٥ العامل في «إِذْ» (يَخْتَصِمُونَ) أي يختصمون حين قالت الملائكة. ويجوز أن يعمل فيها (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ) الثاني ؛ كما عمل الأوّل في إذ (إِذْ يُلْقُونَ)(٣).

٣٩٥ ـ قوله تعالى : (وَجِيهاً) وقوله (وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) وقوله تعالى : (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ) وقوله : (وَكَهْلاً) وقوله تعالى : (وَمِنَ الصَّالِحِينَ) ـ ٤٥ ، ٤٦ ـ كل ذلك حال من «عيسى» عليه‌السلام ، وكذلك قوله : (وَيُعَلِّمُهُ) ـ ٤٨ ـ وقوله : (وَرَسُولاً) ـ ٤٩ ـ. وقيل : تقديره : ونجعله

__________________

(١) ابن الشجري ٢ / ٤٥٠ ـ ٤٥١ : «إن (إلّا) في قوله تعالى : (إلّا رمزا) إنما هي لإيجاب النفي ، كقولك : ما لقيت إلا عمرا ، فليس انتصاب (رمزا) على الاستثناء ، ولكنه مفعول به ، منتصب بتقدير حذف الخافض ، فالأصل : ألا تكلم الناس إلا برمز ..». وقد ذكر هذا الاعتراض نقلا عن ابن الشجري السفاقسي في المجيد ٣٤٧ / أ ، وذكر أن شيخه أبا حيان قد جعله استثناء متصلا. انظر : البحر المحيط ٢ / ٤٥٢. ولم يأخذ بإعراب ابن الشجري أحد من علماء العربية.

(٢) في هامش (ح) : عبارة «بلغ ...».

(٣) في الأصل : «كما عمل في الأول إذ يقون».

١٣٩

رسولا ، فهو مفعول به ، وقيل : [هو] حال ، تقديره : ويكلّمهم رسولا. [ومن جعل قوله (بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) ـ ٤٥ ـ اسما لعيسى (١) ، جاز على قوله في غير القرآن «وجيه» بالخفض على النعت ل «كلمة»].

٣٩٦ ـ قوله تعالى : (أَنِّي أَخْلُقُ) ـ ٤٩ ـ «أنّ» بدل من «أنّ» الأولى ، والأولى في موضع نصب على تقدير حذف حرف الخفض ، تقديره : بأني قد جئتكم. ومن كسر (٢) «إني» فعلى القطع والابتداء. ويجوز أن يكون من فتح «أنّي أخلق» جعلها بدلا من «آية» ، فتكون «أنّ» في موضع خفض. ويجوز أن تكون «أنّ» في موضع رفع على تقدير حذف مبتدإ ، تقديره : هي أنّي أخلق (٣).

٣٩٧ ـ قوله تعالى : (وَمُصَدِّقاً) ـ ٥٠ ـ نصب على الحال من التاء في «جئتكم» ، أي وجئتكم مصدقا. ولا يحسن أن يعطف «ومصدقا» على (وَجِيهاً) ـ ٤٥ ـ لأنّه يلزم أن يكون اللفظ : لما بين يديه ، والتلاوة : (لِما بَيْنَ يَدَيَّ.)

٣٩٨ ـ قوله تعالى : (كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ) ـ ٤٩ ـ الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف ، تقديره : خلقا مثل هيئة الطير. والهاء في (فِيهِ) تعود على «المهيّأ» ؛ لأنّ النفخ إنما كان في المهيأ ، وهي الصورة ، والهيئة إنما هي المصدر ، اسم الفعل لأنفخ فيها ، لكن وقع المصدر موقع المفعول ، كما قال : (هذا خَلْقُ اللهِ)(٤) ، أي مخلوقه ، وهذا درهم ضرب الأمير ، أي مضروبه. وقد يجوز أن تعود الهاء على «المخلوق» لأنّ (أَخْلُقُ) يدلّ عليه ، إذ هو دال على الخلق من حيث كان

__________________

(١) في (ح) : «الكلمة اسم لعيسى». وفي (ق) : «الكلمة اسما لعيسى» وأثبت ما جاء في ظ.

(٢) قرأ بالكسر نافع وأبو جعفر ، وقرأ الباقون بالفتح. انظر النشر ٢ / ٢٣٢ ؛ والإتحاف ص ١٧٤.

(٣) الكشف ١ / ٣٤٣ ؛ والبيان ١ / ٢٠٤ ؛ والعكبري ١ / ٧٩.

(٤) سورة لقمان : الآية ١١.

١٤٠